مطارح الأنظار - المقدمة

مطارح الأنظار - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٥

١
٢

٣
٤

تم تأسيس اكاديمية الامام الخميني (ره) والثورة الاسلامية التي تعد احدي المراكز العلمية ـ البحثية ، على اساس ضرورة البحث في الابعاد المختلفة للثورة الاسلامية وتنظيم الدراسات البحثية الاساسية والعملية حول آراء وافكار سماحة الامام الخميني (ره).

تاسست الاكاديمية ودشنت بفضل حنكة ودراية ويقظة نجل الامام ، الفقيد الراحل المفغور له آية الله الحاج السيد احمد الخميني طاب ثراه باعتبارها احدى المراكز التابعة لمؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (ره) وهي اليوم تواصل مسيرتها العلمية والبحثية تحت اشراف سامي من قبل سماحة العالم المحقق الفقيه والفاضل المتظلع النبيه ، قرّة عين الامام العبقري وبهجة قلب ولده الألمعي ، السيد حسن الخميني مد الله له في العمر السعيد ومتّعه بالعيش الرغيد.

منذ العام الاول لبدء العمل في الاكاديمية وانطلاق المسيرة العلمية المباركة اي في عام ١٩٩٦م / ١٤١٧ هـ. وحتى الان بادرت هذه المؤسسة العلمية الى تربية العشرات من الباحثين في مضمار الامام والثورة الاسلامية ، والى جانب تجميع وتصينف آلاف الوثائق والمستمسكات العلمية وتأسيس مكتبة تخصصية قيمة تحتوي على عشرات الالاف من الكتب والمجلات العلمية ، قامت بتأليف وترجمة وطبع الكثير من الكتب العلمية القيمة.

واليوم تعلن الاكاديمية بكل فخر واعتزاز عن طبعها لهذا السفر القيم الذي يعد نتيجة للبحوث والمساعي العلمية لاحد حاملي نبراس النور لموكب العلماء ، والمدافع عن حوزة الايمان ، من شجرة طيبة ودوحة مثمرة تفرغت منها كريمة الامام الخميني (ره) ونتجت عليها ابناء سماحة ونحن نضع هذا المنشور المبروك تحت تصرف اصحاب الرأي والعلماء والباحثين الاكارم ونحمد الله سبحانه على ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عباسعلي روحاني

رئيس اكاديمية الامام الخميني (ره) والثورة الاسلامية

٥
٦

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدّمة التحقيق

ترجمة المؤلّف (١)

ونذكر أوّلا ما ذكره ابنه الميرزا أبو الفضل ( م ١٣١٦ ) في حقّه في كتاب صدح الحمامة في ترجمة الوالد العلاّمة موزّعا ، ثمّ نتبعه بكلمات الآخرين في حقّه.

وكلّ ما ننقله عن ابنه هنا مأخوذ بألفاظه ، إلاّ أنّا راعينا جانب التلخيص ، ذلك أنّ المصنّف يتحكّم عليه الأسلوب الأدبي بحيث إنّه كأنّما حاول أن يقدّم نصّا أدبيا دون أن يذكر ترجمة لأبيه ، فحاولنا تجميع وترتيب كافّة المعلومات الواردة وبألفاظها ، ولم نزد شيئا سوى ما وضعناه بين المعقوفين فإنّه زيادة منّا لانتظام الكلام أو توضيحه ، قال :

أبو القاسم الثقفي النوري الطهراني ، الحكيم المتكلّم ، الفقيه ، الأصولي ، الأديب ، المفسّر ، الخطيب ، المؤلّف.

ولد ثالث ربيع الثاني سنة ١٢٣٦ ق بطهران.

وكان أبوه الحاج محمد علي أحد من ادّثر بالزهد والتقى ، من أبرّ الأخيار ، وأعظم التجّار ، دأبه الترحّم على الأطفال ، والتفضّل على الأيتام.

وكذلك جدّه الحاج محمد هادي كان كابنه من تجّار دار الخلافة [ طهران ] ،

__________________

(١) اقتبسنا أكثر ترجمة المؤلّف من مقدّمة صدح الحمامة لصديقنا المحقّق الشيخ محمّد كاظم المحمودي.

٧

وأحد من اتّسم بالعزّ والشرافة ، وكان في عنفوان عمره وإبّان أمره من أهل [ نور ] مازندران ، وكان هو وقومه نور تلك البلدان ، فظعن منها إلى طهران ، وعزم فيها على الاستيطان ، تأهّل فيها وتزوّج ، وارتقى في مراقي العزّ والمجد والزهد ، فولد له أبناء هم للخير غيوم وأنواء ، منهم جدّي من والدي العلاّمة ، ومنهم جدّي من أمّي أدام الله لها إكرامه.

كان [ والدي ] مذ مشت قدمه علقا بارتقاء مصاعد المعالم والمكارم ، وكان له عمّ ينخرط في سلك المحصّلين ، فاشتغل عليه بقراءة بعض المقدّمات ، واتّسم من الاطّلاع عليها بسمات ، حتّى بلغ عشر سنين وعزم عمّه على الرحيل إلى أصبهان ، فاصطحبه مكتنفا إيّاه في حجره ، فلبث فيها سنة ، وكان عمّه يشجّيه بقوارع الضرب وضرائب اللسان بخيال أمر التأديب ، فسأم تكاليفه ، وأصبح يترقّب الفرج منه ، حتّى عزم عمّه على شدّ الرحال إلى محطّ الشرف والمجد والإقبال مشهد السبط الرضي الشهيد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فطوى الفدافد وهو في عصبة من الأماجد حتّى أتت به المهاوي إلى قرية شهرابان وبينها وبين الزوراء [ بغداد ] مرحلتان ، فصادفوا رهطا من أهل دار الخلافة [ طهران ] ، وفيهم عصبة من قومه وقرنائه ، يعودون من تلك القباب السوامي إلى [ طهران ] ، فرأى أنّ مقاساة شدائد تكليفات عمّه ممّا تفنى به الأطواد ، وهو بصغر سنّه لا يستطيع تحمّلها ، فعزم على الأوب مع العصبة إلى أهل داره وقراره.

واشتغل في دار الخلافة [ طهران ] بتحصيل العلوم وتكميل الرسوم حتّى اصطعد ذروة منبر التكليف ، فشدّ ضبع العزيمة والداه على التشرّف بزيارة المفروض [ حج بيت الله الحرام ] حتّى أناخوا بكربلاء المعظّمة فتركوه فيها لاكتساب المعالي ، وصرف أمره إلى بعض من يثق به والده من أودّائه وإخوانه ، وهو يقرأ على بعض وجوه العلم وأعيانه ، حتّى أفضت النوبة إلى عود الحجيج ، وهو ينتظر إياب والديه ، لكنّهما عادا من طريق الشام إلى طهران ، فغالبه التوق إلى وطنه فامتطى أقتب النهوض حتّى حلّ عند أهله.

٨

واستأنف ما كان وجهه قلب همّته من تنشّق عرار الفضائل والعلوم ، حتّى مضى قريب من أربع سنين ، وتعلّم في تلك المدّة ولم يذرّف بعد على العشرين ، أمّهات المعاني والأصول والفقه والمعقول ودقائق علم الكلام والحكمة.

وكان جلّ تحصيله في تلك المدّة عند صدر الفلاسفة وبدر المتألّهين أبي محمد عبد الله الزنوزي مدرّس المدرسة الفخريّة بدار الخلافة [ طهران ].

ثمّ أزمع على التشرّف بكربلاء فصاهى هوج اليعملات حتّى أبركت ركائبه لديها فحضر عالي حضرة السيّد المنيف والعلم المرصوص الأساس ، العلاّمة العليم ، السيّد محمد إبراهيم القزويني صاحب ضوابط الأصول ، فاشتغل عليه برهة من زمانه حتّى حاز من فضله نصيبا.

ثمّ اتفق إياب موكب الشيخ الأكبر الأشهم الأحشم الشيخ مرتضى الأنصاري الذي في حجر تربيته نشأ ومنه جلّ ما لديه تعلّم إلى النجف الأشرف ، فلمّا أتته البشارة بوروده قلقل بقوده الشماليل حتّى أناخ بحضرته العليّة ، وأقام بروضته الندية ، ففاز من علمه بمعلّى القداح ، وشمّر في خدمته ذيله ، وصرف إلى الاستفادة منه يومه وليله ، فصار إمام الفقه المجلّل ، وإكليل الكمال وتاجه المكلّل ، لم يكن في أكفائه من يباريه ، ومن أشهر تلامذة الشيخ الأنصاري العلاّمة السيّد محمد حسين [ الكوهكمري ] والعلاّمة السيّد الميرزا محمد حسن الشيرازي والعلاّمة حبيب الله الرشتي والعلاّمة عبد الرحيم النهاوندي ، وبالجملة فهؤلاء الأربعة إذا انضمّ شملهم بوجود [ شيخنا الوالد ] صاروا في كساء الفضل خمسة ، يتحيّر اللبيب من فضلهم ، تجمّلت بهم المحافل ، سارت تصانيفهم في الآفاق ، وأذعن لهم بالتسليم أهل الخلاف والوفاق ، بهم ينكشف ظلم الأيّام وترتفع أعلام الإسلام.

وبالجملة فقد أطبق أرباب الفضل أنّه لم يجتمع في عصر من الأعصار مثل ما اتفق في حوزة الشيخ الأنصاري من الفضلاء ، حتى مضى القضاء بوفاة الشيخ العلاّمة في سنة ١٢٨١ ق ، إلاّ أنّ الأربعة المذكورين قد نظمهم النجف الأشرف ، وجيده بهم تقلّد وأذنه بهم تشنّف ، لكن الوالد الماجد قد لفظته أدوار الزمان

٩

إلى خطّة طهران ، لا يذكر بها للعلم اسم ولا يعرف للفضل رسم.

ثمّ إنّه اتفق في تلك السنين [ في كربلاء المقدّسة في سنة ١٢٥٨ ق ] أنّه وقعت في تلك الديار العليّة والرياض البهية غائلة هائلة وهي تغلّب الظالم الغشوم المدعوّ بنجيب پاشا ، أحسى أهل الحقّ غصصا مبيرة ، قتل أبناءهم وسبى نساءهم واستباح حريمهم حتّى فاضت الدماء من الطرق والشوارع ، فوقع في بال علماء الغري بلبال ، فتفرّقوا وخافوا القتل والحرق ، فعزم جنابه على العود إلى وطنه. فأتى إلى طهران ثمّ إلى أصبهان فرأى نار العلم بها خابية وأعلام الجهل عالية ، لما وقع في تلك السنة من موت سيّد السادات ومعدن الإفادات السيّد محمّد باقر [ الشفتي ] ، إلاّ أنّه اشتغل فيها على بعض أجلّة العلماء والحكماء ، واكتسب لديه شيئا من أصول المعقول والحكمة والكلام ، فأصبح بذهنه الوقّاد مشرق شموس المعرفة.

فلمّا قضى [ من أصبهان ] بعض الوطر ، وكان فراق شيخه الأجلّ [ الشيخ الأنصاري ] يمرّ عليه العيش ، عزم على الخروج منها ، حيث رأى أنّ الكدرة التي وقعت في كربلاء عادت إلى الصفاء ، وتغيّرت الأزمنة وانقضى ذلك البلاء ، وكان يرى في نفسه داء لا يشفى بل نار لا تطفى لاشتياقه إلى التشرّف بحضرة شيخه النبيل.

فشدّ أزر عزمه في التشرّف بمشهد المرتضى ، والحضور في طيب نادي شيخه المرتضى ، فأوجف وسار حتّى نال من حضرته مناه ، فما مضى شهران حتّى أتاه خبر موت والده عليه الرحمة والغفران ، فاضطرب باله حتّى ظنّ أنّ موته حليف موته وأنّ الفقر سيقلع أصله ، وكاد يحصل له القنوط عن الرحمة بالكلّية ، فدخل الحرم الطيّب والبقعة المباركة وهو متبتّل مأيوس فتفؤّل بكتاب الله فرأى فيه : ( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ )(١) فلمّا رأى هذه الآية بزغ

__________________

(١) الحج : ١٥.

١٠

في قلبه نور الهداية وبدا له أنّ الناصر والرازق والمؤثّر هو الله وأنّه الفعّال لما يريد ، فساق إليه الآمال وقصر عليه الاتكال ، واستغفر من ذلك الوهم الفاسد. وبالجملة فلمّا وصل إليه نبأ [ وفاة والده ] ، استأذن الشيخ العلاّمة في العود إلى البلد ، لمعالجة الأود ، ورفع الكرب والكمد ، فأذنه فيه.

فوصل إلى مضرب خبائه ، وسكن عند سكن فنائه ، ونظم أموره ، وواسى جرحه ، وكاد أن يفرغ عن أشغاله ، وأخذ في أداء ديون أبيه ، وردّ ما اؤتمن لديه إلى صاحبيه ، وسائر ما أوصى به ، وقلّده أمره ، فشغل تلك الأشغال عن العلم دهره ، وأصبح نائيا عن التدريس والتدرّس ، ورمي بسهام البلايا ولم يعمر بعد إلاّ عشرين وخمسا.

ثمّ اختار الأهل والعيال ، وتزوّج كريمة من الأهل والآل ، فما مضى من ذلك إلاّ شهران أو ثلاثة حتّى أنسر الشوق فيه بغاثه ، فركب الأسفار واقتحم الأخطار ، تاركا لذّة العيش في حرّ الهواجر ، إلى مأنسه النجف.

فسوّى [ في النجف الأشرف ] تسع سنين ، والدهر عليه بيسير الخير والعلم ضنين وغير ضنين ، يعاني لوعة الفاقة ، يصل النهار بالليل ، وهو على الاشتغال [ بالعلم ] هامر السيل ، لا يلتفت إلى نصب ودعة ، أو ضيق وسعة ، لكثرة اهتمامه بالعلوم ولتشرّفه بظاهر لقيا الشيخ الأعظم وزاهر محيّاه ، فإنّ كلّ الخير كان مستودعا في لقياه.

وفي أوائل تلك السنين التسعة ، شدّ بعزم زور بيت الله ، وحيث كان بحسب الشرع مستطيعا ، ولكن لم يك بيده ما يكون للغلّ نقيعا ، باع أكثر كتبه التي كان يدور من تحصيله عليها الأمور ، وفي جملتها كانت نسخة من الفصول الغروية ، علّق عليها حواشي يعجز عنها كلّ ذي رويّة ، فباعها لكثرة الاضطرار ، إلاّ أنّه قد يخفّ مثلها على الهميم ، أن كان ذلك لتحصيل مقام كريم.

ولمّا عاد من سفره [ حج بيت الله الحرام ] ، واستضاء من ندى شيخه بغرره ، ومضى من ثوائه خمس سنين ، اقتضى بعض مصالح الدنيا والدين أن يبعث إلى أهله ، فأقبلوا إليه موجفين ، فهو وإن انفتح عليه باب من الراحة ، إلاّ أنّه ضاق عليه

١١

لضيق ذات يده ، وانسدّت عليه طرق المعاش ، فهو وإن كان يشتغل بتحصيل العلم على هذا الحال إلاّ أنّه كان بمعرض أن يصدّه عن الاشتغال.

فلو لا ألثّ عليه هتّان من نوال شيخه الذي كان إليه ملاذ كلّ سميح ومستميح لأفناه العدم والافتياق ، فلم يزل يكابد أهوال الفقر ، ويسلّي نفسه بتملّك أزمّة الفضائل ، وهو عند ذلك يحضر عالي مجلس شيخه العلاّمة ويستفيض من فضله وإفضاله ، ويدرس أهل العلم اللاجئين إليه.

وكان كذلك يمضي ملواه حتّى مضى أربع سنين من ذلك ، وهو سالك مسالك التهالك ، إلى أن سنح له أرب جرّه من أرض إلى أرض ، ومن رفع إلى خفض حتّى ساقه إلى مقطع سرّته ومجمع أسرته ، فلمّا عزم على العود عرض على شيخه العلاّمة السبب ، وترخّص من الحضرة العليّة وذهب ، وجاء مع أهله وولده إلى بلده.

ثمّ ما مضى شيء من ثوائه بفنائه [ بطهران ] حتّى عزم على التشرّف بذرى طوس ، فركب العيس حتّى ألمّ لديه.

واجتمع حين تشرّفه بتلك القبّة السامية ، بالشيخ المعظّم عبد الحسين المتوفى سنة ١٢٨٦ ، وكان بينهما من مراسم الوداد والاتحاد ما يغار به الفرقدان ، وما كانت هذه الشيمة حديثة بل قديمة ولقد كان معه أنيسا ولجنابه جليسا ، وهو مسافر من أصفهان في سفره [ الثاني ] ، ولم يزالا كذلك حتّى سلك الردى بجنابه في مسالك.

ثمّ لمّا قضى من زوره الوطر ، قدم في صحبة [ الشيخ عبد الحسين ] وذهبا إلى مسقط رأسهما ومورد استئناسهما.

ثمّ نبت فيه غصن الشوق ونشا ، وظمأ إلى لقيا شيخه [ الأنصاري ] ، وعزم الشيخ [ عبد الحسين ] أيضا إلى التشرّف بزور من في الغري ، وسافرا إلى مشهد أمير المؤمنين ، فوقف ثلاث سنين ، ثمّ بعث بمجيء الأهل والبنين.

وفي تلك السنة التي سافر فيها [ والدي ] إلى الروضة الغروية والبقعة العلوية وهي سنة ثلاث وسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية ، برزت أنا من

١٢

كتم العدم إلى منصّة الوجود ، وكان لمّا عزم على الرحيل أوصى إلى سكنه والأهل أنّ هذا الجنين إن كان من البنين فسمّوه أبا الفضل ، وتفأّل بذلك لنجاتي إن شاء الله من ظلمة الجهل.

وبالجملة فلمّا استكمل السنين الثلاث ، أتاه الأهل والأثاث ، فما مضي واحدة حتّى نمّ رقيب الدهر بينه وبين أحبّائه ، واعترت مصلحة أمره بها الشيخ العلاّمة بالعود إلى [ طهران ] ، فشمّر الذيل إلى دوره ، وأقبل مع الشيخ [ عبد الحسين ] حتّى وصل إلى دياره ، وهو يومئذ من يدعى أنّه أفضل أهل العصر المتقنين ، وسنّه الشريف لم يتجاوز عن أربعين.

وهو عند ذلك شمس الفضل وربيع المرتاد ومرجع الأفاضل والأعلام ، وأبو الأرامل والأيتام ... ويكفي في فضله وشأنه ما قاله شيخه بين قوم يدّعون أنّهم من أقرانه ـ مع أنّ دأب الشيخ عدم تبجيل تلميذ له وإن جلّ مقداره ـ ، مع ذلك فكم نشر له [ من ] الفضائل في غواص النوادي وخواص المحافل.

فلمّا حلّ بديار العجم ، وأرجع الليث منه إلى الأجم ، رمي بدره بالمحاق ، وشمله بالافتراق ، وضحاه بالبهم ، يصبح وهو مجنّ المحن وغرض البلايا ، ويمسي وهو منتحا الشدائد.

فمن عظائم آلامه ، أنّه وقع في قوم لا يريحونه في ليل ولا يوم ، لا يزالون يهدون إلى جنابه كاسات الآلام والخطوب الفوادح ، وهو دام ظلّه يحلم عنهم ويقاسي أفعالهم ويبلّغهم من فضله آمالهم ، فهو كالجبل لا تضعضعه العواصف.

وبالجملة فقد جرى عند حلوله [ طهران ] بينه وبين علمائها الكبار قصص وحكايات ، ومعارضات ومخاصمات ، ولا ينبغي تفصيل هذه القصص ، لما جرى فيها بينه وبين خلاّنه وأصحابه ورفقائه من كدرة لم يكن عليها خفاء ، وإن تبدّلت في هذه الأواخر بعضها بالصفاء ، إلاّ أنّها تحوي على عجائب إذا رآها البصير ووعاها الخبير ذهب عقله.

ثمّ إنّه في أيّام إقامته في تلك الربوع الندية والمشاهد الزكية ، وفي أوقات إناخته في محطّ رحله ومحلّ أهله ، صنّف زبرا ودفاتر ، فحقّق ونقّح وشرح وصرّح

١٣

غالب ما أفاده شيخه العلاّمة ، وأوضح رموزه ، وبحث عن إشارات ما أفاده بعد ما ضمّ إليها من فوائد فأتقن وبيّن غالب مسائل الأصول ، وشرح في الفقه على طريقة الشيخ العلاّم كتاب شرائع الإسلام. ولم يتيسّر إتمام كتبه ، وإن أودع فيما شرح من كواعب فكره وعربه ، فجعل للفقهاء علما يهتدون بناره في الظلم.

وقد ضمّن تلك الدفاتر تحقيقات دقيقة وتدقيقات رشيقة.

وبعض تلك الدفاتر موجود بأيدي الناس ، يذعن له المعاصر ، ويتداوله الأكابر. ثمّ إنّ ممّا مني به في نظم تلك الطرائف أنّه شنّ الإغارة عليها بعض اللصوص ، ولا أدري اسمه بالخصوص ، فإنّه أدام الله ظلّه الظليل يعنون غالب ما صنّفه في الأصول بقوله : « هداية » ، فلمّا اطّلع عليها ذلك الرجل أغار عليها فجعل تبديل لفظ الهداية بالذريعة إلى حصول مقصوده وسيلة وذريعة ، ونسبها إلى نفسه ، وعثر [ الوالد ] على هذا العمل الشنيع ، [ لكنّه ] لم يصرّح لأحد باسمه حتّى لي. وقد أوتر دهره له قسيّ الأسقام ، فرماه في هذه السنين برمد شديد ، بلي به جسده ، وقوّض به عمده ، وشغله عن كلّ ما فيه من الأشغال ، وأضناه حتّى صار أضنى من الغزال ، وهو اليوم مبتلى بذلك الكرب العضال ، ويعاني منه أشدّ عنى وأعنى بلبال.

ومن أنكى الخطوب المتفرّعة على امتداد الكروب أن أخذ في التعيير عليه عداه ، وهجره أحبّاؤه وأودّاؤه.

ولمّا أتاه الدهر بهذا البلاء أخذ في معالجات مشجية ، ومداويات مؤذية ، وجعل يداوي مرضه قريبا من سنتين أو ثلاثة ، حتّى نهب السقم من بيت جسده أثاثه ، وزاد في مرضه ونحوله ، بل صار الدواء ممدّا للبلاء ، كلّما أصرّ في العلاج كثر سوء المزاج ، فعزم على الاعتزال عن معاشرة الناس بعد ما ظهرت علامات اليأس ، فهو اليوم وإن كان فضله كالشمس عند الفحول ، إلاّ أنّه اختار لنفسه زاوية الخمول ، ومع ذلك فأهل العلم يؤمّون نجاره ، ويردون إليه ورود الهيم العطاش ، وهو اليوم بحمد الله شيخ مشايخ العراق ، والمفيض أنواء سحابه المرعاد المبراق ، وكان يحضر أهل العلم أنديته البهيّة السميّة ، ما كان في الديار العربية

١٤

والبلاد العجمية ، ومنه استمطروا واستفاضوا.

وبرز من تلامذته من هو نزهة ومهجة الأعصار ، وعين الفضل ووجهه ، وفي كلّ قطر من تلامذه قطر.

وقد مضى من أوبته من ربع النجف المخضرّ من السنين ستّة عشر ، وله اليوم من العمر خمسة وخمسون (١) ، وفي ظلاله الوريفة يصبح أهل الفضل ويمسون. انتهى ما ذكره ابنه في صدح الحمامة.

وقال النائيني المتخلّص بـ « عبرت » ( م ١٣٢١ ش؟ ) في كتابه تذكره مدينة الأدب ١ / ١٠٣ ضمن ترجمة ابنه الحاج ميرزا أبي الفضل ما ترجمته ، ونحوه فيما ذكره مؤلّفوا نامه دانشوران ١ / ٤٧٢ وعنهما غير واحد من المصادر :

ولد في الثالث من الربيع الثاني سنة ١٢٣٦ ق ولمّا آنس رشده بادر إلى تحصيل العلوم الدينية ، فظهرت عليه يوما فيوما آيات القدس وآثار الفضل ، بحيث كان في العاشرة من عمره كان يفهم ويعرف بسهولة كتب المقدّمات العلمية ، فصحب بعض أعمامه وهو كان أيضا في زمرة طلاّب العلوم إلى أصفهان ، ومكث هناك ثلاثة أعوام تابع فيها دراساته ، ثمّ عاد إلى طهران وبقي فيها سنتين ، ثمّ سافر إلى العتبات ، ومكث هناك [ في كربلاء ] سنتين ، ثم اضطرّ [ وبسبب ضيق العيش ] في العودة [ إلى موطنه ] وقد تفرّغ من العلوم الأدبية.

فتلمذ في [ طهران في ] مدرسة خان مروي عند الآخوند ملاّ عبد الله الزنوزي في تحصيل العلوم العقلية ، وعند غيره في الفقه والأصول ، حتّى بلغ عشرين عاما. فعاد ثانية إلى العتبات [ إلى كربلاء المقدّسة وبإيصاء وإيعاز من أساتذته ] وحضر درس الأستاذ السيّد إبراهيم القزويني في العلوم الشرعية ، وفي أواسط حكومة ناصر الدين شاه القاجاري وقعت فتنة في كربلاء من قتل ونهب ، اضطرّه

__________________

(١) كان عمر والد المؤلّف عند الوفاة ستة وخمسون دون زيادة ونقيصة لأنّه ولد في ٣ / ربيع الثاني / ١٢٣٦ وتوفي في ٣ / ربيع الثاني ١٢٩٢ ، فعليه تكون هذه الكتابة قبل وفاته بقليل.

١٥

إلى ترك تلك الديار والرجوع إلى أصفهان.

وبعد ما خمدت الفتنة في كربلاء عاد ثالثة إلى تلك الديار [ النجف الأشرف ] وحضر درس الشيخ مرتضى [ الأنصاري ](١) وأكمل عنده دراساته في العلوم الشرعية.

وفي سنة ١٢٧٧ عاد إلى طهران واشتغل في مدرسة حاج محمد حسين خان فخر الدولة بالتدريس سبع سنين (٢).

وفي أخريات أيّامه عرض له رمد شديد فذهب ببصره ، ووافاه الأجل في سنة ١٢٩٢ ق في اليوم الذي ولد فيه وهو الثالث من ربيع الثاني ، ودفن في جوار السيّد عبد العظيم خلف مقبرة السيّد حمزة بن موسى الكاظم.

وفي أحسن الوديعة للسيّد محمّد مهدي الموسوي الأصفهاني الكاظمي ( م ١٣٩٠ ) في ترجمة تلميذه المحقّق الجليل ملاّ علي النهاوندي : ج ١ ، ص ١٦٤ :

وكان هذا الشيخ [ يعني الميرزا أبا القاسم ] من أعاظم العلماء المشاهير ، وأفاضل الفقهاء النحارير ، مقرّرا درس أستاذه الأعظم المرتضى الأنصاري. وكان له ولد عالم نبيه وإن لم يبلغ مرتبة أبيه أعني الحاج الميرزا أبا الفضل ...

وقال السيّد محسن الأمين العاملي ( م ١٣٧١ ) في أعيان الشيعة ٢ / ٤١٣ ـ ٤١٤ :

الميرزا أبو القاسم ... النوري الطهراني الشهير بـ « كلانتري » صاحب تقريرات

__________________

(١) في نامه دانشوران ١ / ٤٧٢ : أنّه صار معتمدا للشيخ الأنصاري بعد فترة وجيزة من تلمذه لديه ، وأنّ دراسته عند الشيخ كانت مدة (٢٠) عاما وأنّ الشيخ أكّد كرارا ومرارا على بلوغه مرتبة الاجتهاد.

(٢) وفي نامه دانشوران : وصار مرجعا للخواص والعوام ، وكان الفقهاء ، والعلماء ينتابون مجلس درسه كلّ يوم ويستفيدون من إفاضاته وبياناته ، ولمّا ولّى عمدة المجتهدين الحاج ملاّ على مدرسة الحاج محمد حسين خان فخر الدولة اختاره مدرّسا لتلك المدرسة ، فدرّس فيها سبع سنين في الفقه والأصول.

وفي المآثر والآثار ١ / ٢١٦ وفي ط : ص ١٦٠ : الحاج ميرزا أبو القاسم الكلانتري مدرّس المدرسة الفخرية في دار الخلافة طهران.

١٦

بحث الشيخ مرتضى الأنصاري المشهورة.

وكان من عباد الله الصالحين ، وفي أيّام قراءته على الشيخ مرتضى كان من وجوه تلاميذه ، وكان بعد فراغ أستاذه من الدرس في علمي الأصول والفقه يعيده ويقرّره لجماعة من حاضري الدرس ، وتوجد كتاباته فيهما بخطّ ولده الميرزا أبي الفضل ، وطبع المجلد الأوّل منها في الأصول مرارا ، وسمّي مطارح الأنظار ، ولاقى رواجا عظيما لأنّه من أحسن ما قرّر فيه مطالب الشيخ مرتضى.

وقال الشيخ عباس القمي المحدّث ( م ١٣٥٩ ) في الكنى والألقاب ١ / ١٣٨ :

أبو القاسم كلانتر الطهراني ... عالم فاضل محقّق مدقّق فقيه أصولي ، صاحب التقريرات في الأصول ...

وقال آغا بزرگ الطهراني ( م ١٣٨٩ ) في طبقات أعلام الشيعة ( الكرام البررة ) ١ / ٥٨ ما ملخّصه :

الميرزا أبو القاسم النوري الطهراني الكلانتري.

لقب بالكلانتري لاشتهار خاله محمود خان كلانتر الذي صلبه السلطان ناصر الدين شاه القاجاري عام المجاعة.

من أعاظم علماء عصره ، نشأ نشأة صالحة ، ومال إلى طلب العلم ، وكان يمتاز بذكاء مفرط واستعداد كثير ، كما كانت تلوح عليه أمارات النبوغ ... أخذ بطهران الفقه والأصول عن الشيخ جعفر بن محمد الكرمانشاهي وقد كتب تقريراته في سنة ١٢٦٦ (١) ... وحضر درس شيخ الطائفة المرتضى الأنصاري مدّة طويلة وأخذ بالتقدّم يوما فيوما حتّى نبغ في وسطه ، وأصبح أحد أركان حوزته ، ومن عمد ذلك المعهد الشريف ، وصار معتمد أستاذه ومقرّر بحثه ، وقد كتب تقريراته وطبع بعضها باسم مطارح الأنظار بإشراف نجله العلاّمة الميرزا أبي الفضل ، وقد بقي على ملازمته للأنصاري ... حتّى صرّح أستاذه باجتهاده في

__________________

(١) فرغ المؤلّف من مبحث الاستصحاب من المطارح في سنة ١٢٦٤ ، ولعلّ في نقل التاريخ وقع سهو.

١٧

عدّة من مجالسه ، وكان بعد فراغ أستاذه من الدرس يقرّر درسه في الفقه والأصول لجماعة من تلاميذ أستاذه ، وفي سنة ١٢٧٧ عاد إلى طهران للقيام بوظائف الشرع الشريف ، فكان بها من رؤساء الدين والزعماء الروحانيين ، مرجعا في الفتيا والتدريس وسائر الأحكام ، وكان يحضر درسه جمع من العلماء والفقهاء ...

فقد ولي التدريس في مدرسة المروي فكان يدرّس بها الفقه والأصول سبع سنوات ، وكان من الصلحاء الأتقياء المتورّعين ، لم يأل جهدا في إعلاء كلمة الحقّ وتأييد المذهب والدين إلى أن توفّي ... فعمره ست وخمسون سنة دون زيادة أو نقصان ، دفن في مقبرة الشيخ أبي الفتوح الرازي المفسّر ...

وقال حفيده الميرزا محمّد الثقفي ( م ١٣٦٤ ش ) كما في مقدّمة ديوان ابن المصنّف ص ٨٥ :

وكان جنابه معروفا بين أهل العلم بأنّ من تلمذ عنده بلغ رتبة الاجتهاد بل الإفتاء.

وقال الملاّ محمد باقر الواعظ ( م ١٣١٣ ) في كتاب جنّة النعيم ٣ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، وفي ط الحجري ص ٥٢٩ ضمن تعداده العلماء المنسوبين إلى « الري » أو « طهران » :

الثامنة ـ المرحوم علاّمة العلماء العاملين ، وفحل الفضلاء المحققين ، مقرّر الفروع والأصول ، جامع المعقول والمنقول ، الأديب الأريب المحقّق المدقّق الورع العالم ، وأستاد أساتيد الأعاظم ، الحاج ميرزا أبو القاسم الرازي الطهراني ، أفاض الله عليه شآبيب الغفران ، وأسكنه في أعلى مساكن الجنان.

ثمّ قال بالفارسية :

الحق اين بزرگوار نظير وشبيهى نداشت بعد از مراجعت از عتبات تدريس مدرسه فخريه مشهوره به مدرسه خان به ايشان تفويض يافت ومطالب غامضه فقهيه را مبتكر ودر انحاء علوم وفنون متبحر گرديد ليكن به قدرى كه از صحبت عوام گريزان بود تدارك وتلافى آن را به مجالست علماء وخواص

١٨

مى فرمود وانس بالله را بر انس ناس به مضمون اين بيت ترجيح مى داد ... وعاقبت به واسطه كثرت فكر ونظر مرمود البصر گرديد ، واز خانقاه ومعبد خويش حركت نمى نمود واكنون در جوار حضرت عبد العظيم مجاور مقبره مرحوم شيخ أبو الفتوح رازي مدفون است.

وهذه ترجمته : لم يكن لهذا الشيخ نظير وشبيه ، وبعد عودته من العتبات فوّض إليه تدريس المدرسة الفخرية المشهورة بـ « مدرسه خان » وكان في حلّ غوامض المطالب الفقهية مبتكرا ، وفي أنواع العلوم متبحّرا ، إلاّ أنّه كان يتجنّب معاشرة العوام ويرغب في مجالسة العلماء والخواص ، ويفضّل الأنس بالله على الأنس بالناس :

تركت الأنس بالإنس

فما في الإنس من أنس

فأمليت على القرآ

ن درسا أيّما درس

عسى يؤنسني ذاك

إذا استوحشت من رمسي

وكان عاقبة أمره لكثرة فكره ومطالعته أن أصيب بالرمد ولازم محرابه ودفن بمشهد عبد العظيم بجوار مقبرة المرحوم الشيخ أبي الفتوح الرازي.

وقال جلال الدين المحدّث الأرموي ( م ١٣٥٨ ش ) في مقدّمته القيّمة على ديوان ابن المؤلّف ص ٨٧ :

للناظم رسالة في ترجمة حال أبيه سمّاها صدح الحمامة فمن أراد ترجمته المبسوطة فعليه بتلك الرسالة ، فإنّ فيها شفاء لعلّة الطالب ، على أنّ في هذا الديوان ما يغني عن ذلك ، لأنّه كثيرا ما يتخلّص ممّا فيه من بيان مقصد إلى مدح والده وطلب الشفاء من الله تعالى لرمده ... ويعلم أيضا ممّا وصفه به في الصدح بقوله : «حكيم الفقهاء الربانيين ، وفقيه الحكماء الإلهيين ، وحيد عصره وزمانه ، وفريد دهره وأوانه ، علاّمة العلماء والمجتهدين ، وكشّاف حقائق العلوم بالبراهين ...».

ثمّ قال :

١٩

ومن أمعن نظره في كتابه مطارح الأنظار علم أنّ ما ذكره ابنه في حقّه ليس بجزاف ، فكيف لا وقد سمعت من بعض جهابذة فنّ الأصول أنّه لم يصنّف في أصول الفقه مثله.

وقال عنه تلميذه الملاّ حبيب الله الشريف الكاشاني ( م ١٣٤٠ ) في لباب الألقاب ص ١١١ :

كان من أكابر تلامذة الشيخ المرتضى ، فاضلا كاملا ، ومجتهدا فقيها أصوليا حكيما عارفا ، ذا سليقة مستقيمة ، وفطانة قويمة وقريحة ، وكان حاذقا ماهرا أستادا في الفقه والأصول ، مسلّما عند الفحول وقد قرأت عليه شطرا من الأصول ، عمي في أواخر عمره الشريف من كثرة المطالعة والتأليف.

وعبّر عنه الآخوند الخراساني ( م ١٣٢٩ ) في كتابه القيّم كفاية الأصول في مواضع منه بـ « بعض الأفاضل المقرّر لبحثه » أو « بعض الأجلّة ».

وقال عنه الميرزا محمّد مهدي اللكهنوي الكشميري ( م ١٣٠٩ ) :

كان من أعاظم المجتهدين ، وأكابر العلماء العاملين ، المقدّس المتورّع ، صاحب المراتب الجليلة والمناقب الفخيمة (١).

وترجم له محمّد أمين الخوئي ( م ١٣٦٧ ) في مرآة الشرق ( مخطوط ) بقوله :

العلاّمة الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني المازندراني : هو أبو القاسم بن محمّد علي بن محمّد هادي الدرزي الكمري النوري الطبرسي أصلا ثمّ الطهراني موطنا وانتسابا والكلانتري شهرة ، وهو نسبة إلى خاله المنصوب لهذا المنصب والشغل في طهران في دولة جلالة الملك ناصر الدين القاجار.

ومنصب « كلانتر » سابقا كان بمنزلة أمين المالية في العصر الحاضر ، وعرّف المترجم بذلك لما كان عليه خاله المذكور من الشهرة والمعروفية في عهده.

وكان المترجم من مشاهير علماء وقته في طهران وعمدهم وأجلّتهم ، وكان فاضلا ، جامعا لأنواع الفنون ، أديبا ، متكلّما ، محدّثا ، فقيها أصوليا ، وكان كاتبا

__________________

(١) تكملة نجوم السماء ١ / ٤٦٩.

٢٠