الكافي - ج ٤

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٤

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-388-2
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٨٨

يَدْخُلُهَا (١) إِلاَّ كَافِرٌ؟ قَالَ : « لَا ، إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ ». (٢) فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ مِرَاراً ، قَالَ لِي : « أَيْ زُرَارَةُ ، إِنِّي أَقُولُ : لَا ، وَأَقُولُ : إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ (٣) ، وَأَنْتَ تَقُولُ : لَا ، وَلَاتَقُولُ : إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ ».

قَالَ (٤) : فَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٌ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ : قُلْتُ (٥) فِي نَفْسِي : شَيْخٌ لَاعِلْمَ لَهُ بِالْخُصُومَةِ (٦) ، قَالَ : فَقَالَ لِي : « يَا زُرَارَةُ ، مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَقَرَّ لَكَ بِالْحُكْمِ؟

__________________

بعض عقائده ، إمّا في التوحيد ، أو في النبوّة ، أو في الإمامة ، أو في المعاد ، أو في غيرها من اصول الدين ، مع تعصّبه في ذلك وإتمام الحجّة عليه لكمال عقله وبلوغ الدعوة إليه ، فحصلت هنا واسطة هي أصحاب الكبائر من الإماميّة والمستضعفين من العامّة ومن لم تتمّ عليهم الحجّة من سائر الفرق ، فهم يحتمل دخولهم النار وعدمه ، فهم وسائط بين المؤمن والكافر.

أو المراد بالمؤمن الإماميّ الصحيح العقيدة ، والكافر ما مرّ بناءً على ما مرّ في كثير من الأخبار أنّ الشيعة لاتدخل النار وأنّما عذابهم عند الموت وفي البرزخ وفي القيامة ، فالواسطة من تقدّم ذكره سوى أصحاب الكبائر ، وزرارة كان ينكر الواسطة بإدخال الوسائط في الكافر ، أو بعضهم في المؤمن وبعضهم في الكافر ، وكان لايجوّز دخول المؤمن النار وغير المؤمن الجنّة ، ولذا لم يتزوّج بعد تشيّعه ؛ لأنّه كان يعتقد أنّ المخالفين كفّار لايجوز التزوّج منهم ، وكأنّه تمسّك بقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) [ التغابن (٦٤) : ٢ ] وبقوله تعالى : ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) [ الشورى (٤٢) : ٧ ] والمنع عليهما ظاهر ».

(١) في « ج ، د ، ز ، ص ، بس ، بف » وشرح المازندراني : « فيدخلها ». ولكن يأباه لفظة « إلاّ ». وفي حاشية « بر » : « فلم يدخلها ».

(٢) في « ج ، د ، ص ، بر ، بف » والوافي : + / « قال ».

(٣) في « ص » : ـ / « الله ».

(٤) الضمير المستتر في « قال » راجع إلى ابن أبي عمير.

(٥) في « ص ، بر » : « فقلت ».

(٦) في الوافي : « شيخ » يعني به الإمام عليه‌السلام ؛ يعني لايعلم طريق المجادلة. « فيمن أقرّ لك بالحكم » يعني قال لك : أناعلى مذهبك ، كلّ ما حكمت عليّ أن أعتقده ، أعتقده وأدين الله به. « أتقبله » يعني تحكم عليه بالإيمان بمجرّد تقليده إيّاك ، وكذا القول في الخدم والأهلين ، فعجز زرارة عن الجواب ، فعلم أنّه الذي لاعلم له بالخصومة دون الإمام عليه‌السلام. وانّما عجز عن الجواب لأنّه كيف يحكم عليهم بالإيمان بمجرّد التقليد المحض من دون بصيرة؟ وكيف يحكم عليهم بالكفر وهم يقولون : إنّا ندين بدينك ونقرّ لك بكلّ ما تحكم علينا؟ فثبت المنزلة بين المنزلتين قطعاً ». وللمزيد راجع : شرح المازندراني ، ج ١٠ ، ص ٤٩ ـ ٥٠ ؛ مرآة العقول ، ج ١٠ ، ص ١١٥ ـ ١١٦.

١٤١

أَتَقْتُلُهُ (١)؟ مَا تَقُولُ فِي خَدَمِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ؟ أَتَقْتُلُهُمْ (٢)؟ » قَالَ : فَقُلْتُ : أَنَا ـ وَاللهِ ـ الَّذِي (٣) لَا عِلْمَ لِي بِالْخُصُومَةِ. (٤)

٢٨٥١ / ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ـ وَسُئِلَ عَنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ : أَيُّهُمَا أَقْدَمُ؟ ـ فَقَالَ : « الْكُفْرُ أَقْدَمُ ، وَذلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ ، وَكَانَ كُفْرُهُ (٥) غَيْرَ شِرْكٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ إِلى عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ ، وَإِنَّمَا دَعَا إِلى ذلِكَ بَعْدُ ، فَأَشْرَكَ ». (٦)

٢٨٥٢ / ٩. هَارُونُ (٧) ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ـ وَسُئِلَ : مَا بَالُ الزَّانِي لَاتُسَمِّيهِ كَافِراً وَتَارِكُ الصَّلَاةِ قَدْ سَمَّيْتَهُ (٨) كَافِراً؟ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذلِكَ؟ ـ فَقَالَ : « لِأَنَّ (٩) الزَّانِيَ وَمَا أَشْبَهَهُ (١٠) إِنَّمَا يَفْعَلُ ذلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَغْلِبُهُ ، وَتَارِكُ الصَّلَاةِ لَايَتْرُكُهَا إِلاَّ اسْتِخْفَافاً (١١) بِهَا (١٢) ؛ وَذلِكَ لِأَنَّكَ لَاتَجِدُ الزَّانِيَ يَأْتِي الْمَرْأَةَ (١٣) إِلاَّ وَهُوَ مُسْتَلِذٌّ (١٤) لِإِتْيَانِهِ إِيَّاهَا ، قَاصِداً إِلَيْهَا ، وَكُلُّ‌

__________________

(١) في الوافي : « أتقبله ». وكذا في مرآة العقول نقلاً عن بعض النسخ.

(٢) في مرآة العقول والوافي : « أتقبلهم ».

(٣) في الوافي : ـ / « الذي ».

(٤) الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٨٢٣.

(٥) في الوافي وقرب الإسناد : + / « من ».

(٦) قرب الإسناد ، ص ٤٨ ، ح ١٥٦ ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩٧ ، ح ١٨١١ ؛ البحار ، ج ٦٣ ، ص ١٩٨ ، ح ٩.

(٧) في « ج » : « عليّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ». هذا ، ووقوع التعليق في السند بناءً على سائر النسخ واضح.

(٨) في « ص ، بر » : « نسمّيه ». وفي قرب الإسناد والفقيه والعلل : « تسمّيه ».

(٩) في الوافي : « إنّ ».

(١٠) في « ز » : « ما أشبه ». وفي « بر » والوافي : ـ / « وما أشبهه ». وفي « بف » : « ما تشبهه ».

(١١) في « بر » : « يتركها للاستخفاف » بدون « لا » و « إلاّ ».

(١٢) في « ب » : ـ / « بها ».

(١٣) في « بر » والوافي : « أنّ الزاني لايأتى المرأة » بدل « لأنّك لاتجد الزاني يأتي المرأة ».

(١٤) في « ب ، ج » : « يستلذّ ».

١٤٢

مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَيْهَا (١) ، فَلَيْسَ يَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا (٢) اللَّذَّةَ (٣) فَإِذَا (٤) نُفِيَتِ (٥) اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ ، وَإِذَا (٦) وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ ».

قَالَ (٧) : وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، وَقِيلَ لَهُ : مَا فَرْقٌ (٨) بَيْنَ مَنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَزَنى بِهَا (٩) ، أَوْ خَمْرٍ فَشَرِبَهَا ، وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ، حَتّى لَايَكُونَ الزَّانِي وَشَارِبُ الْخَمْرِ مُسْتَخِفّاً ، كَمَا يَسْتَخِفُّ (١٠) تَارِكُ الصَّلَاةِ؟ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذلِكَ؟ وَمَا الْعِلَّةُ الَّتِي تَفْرُقُ (١١) بَيْنَهُمَا؟

قَالَ : « الْحُجَّةُ أَنَّ كُلَّ مَا أَدْخَلْتَ أَنْتَ نَفْسَكَ فِيهِ لَمْ يَدْعُكَ إِلَيْهِ دَاعٍ ، وَلَمْ يَغْلِبْكَ (١٢) غَالِبُ شَهْوَةٍ مِثْلَ الزِّنى وَشُرْبِ الْخَمْرِ (١٣) ، وَأَنْتَ دَعَوْتَ نَفْسَكَ إِلى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ ثَمَّ شَهْوَةٌ ، فَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِعَيْنِهِ ، وَهذَا فَرْقُ (١٤) مَا بَيْنَهُمَا ». (١٥)

__________________

(١) أي قاصداً إلى تركها. والمراد هو ترك الصلاة عمداً. وفي الفقيه والعلل : « لتركها » بدل « إليها ».

(٢) في الوافي : « بتركها ».

(٣) في « ج ، د ، ص ، بر » : « للّذّة ».

(٤) في « ب ، ج ، د ، ص ، بس » : « وإذا ».

(٥) في « بر » : « نفينا ». وفي قرب الإسناد والعلل : « انتفت ».

(٦) في « بر ، بف » والوافي : « فإذا ».

(٧) الضمير المستتر في « قال » راجع إلى مسعدة بن صدقة.

(٨) هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بر ، بس ، بف » والوافي ومرآة العقول. وفي المطبوع : « الفرق ». وقال في مرآة العقول : « قوله عليه‌السلام : ما فرق ، يمكن أن يقرأ على صيغة الفعل والاسم. وعلى التقديرين هو خبر « ما » الاستفهاميّة. وعلى الأوّل « بين » منصوب بالمفعوليّة. وعلى الثاني مجرور بالإضافة ».

(٩) في « ب » : ـ / « بها ».

(١٠) في « بر » والوافي : « كما استخفّ ». وفي « بس » : « كما مستخفّ ».

(١١) يجوز على بناء التفعيل أيضاً.

(١٢) في « ج ، د ، ص ، بر ، بف » وشرح المازندراني والوافي : + / « عليه ».

(١٣) في الوافي : « مثل الزاني وشارب الخمر ».

(١٤) في مرآة العقول : « فرق ، يحتمل الوجهين السابقين ـ أي الفعل والاسم ـ وثالثاً ، وهو أن يقرأ : فرق ، بالتنوين ، فتكون « ما » للإبهام ».

(١٥) قرب الإسناد ، ص ٤٧ ، ح ١٥٤ ـ ١٥٥ ، عن هارون بن مسلم. الفقيه ، ج ١ ، ص ٢٠٦ ، ح ٦١٦ ، معلّقاً عن مسعدة بن صدقة ، إلى قوله : « وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر » ؛ علل الشرائع ، ص ٣٣٩ ، ح ١ ، بسنده عن هارون بن مسلم الوافي ، ج ٤ ، ص ١٨٩ ، ح ١٧٩٦ ؛ الوسائل ، ج ٤ ، ص ٤٢ ، ح ٤٤٦٤.

١٤٣

٢٨٥٣ / ١٠. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ شَكَّ فِي اللهِ وَ (١) فِي رَسُولِهِ (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فَهُوَ كَافِرٌ ». (٣)

٢٨٥٤ / ١١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : مَنْ شَكَّ فِي رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قَالَ : « كَافِرٌ » (٤) قُلْتُ : فَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ الشَّاكِّ ، فَهُوَ كَافِرٌ؟ فَأَمْسَكَ عَنِّي ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَاسْتَبَنْتُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ. (٥)

٢٨٥٥ / ١٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) (٦) فَقَالَ (٧) : « مَنْ (٨) تَرَكَ الْعَمَلَ (٩) الَّذِي أَقَرَّ بِهِ » قُلْتُ : فَمَا مَوْضِعُ (١٠) تَرْكِ الْعَمَلِ حَتّى (١١) يَدَعَهُ أَجْمَعَ؟ قَالَ (١٢) : « مِنْهُ الَّذِي يَدَعُ (١٣) الصَّلَاةَ مُتَعَمِّداً ، لَامِنْ سُكْرٍ وَلَامِنْ عِلَّةٍ ». (١٤)

__________________

(١) في الوسائل : « أو ».

(٢) في حاشية « ص » : « رسول الله ».

(٣) المحاسن ، ص ٨٩ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ٣٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب. وفي الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الشكّ ، ح ٢٨٨٣ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٨٧١ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٥ ، ح ٣٤٩٥٥.

(٤) في « ج ، بر ، بف » والوافي : + / « قال ».

(٥) الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٨٧٢ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٥ ، ح ٣٤٩٥٦.

(٦) المائدة (٥) : ٥.

(٧) في « بف » والوافي والمحاسن : « قال ».

(٨) في « ب ، ج ، د ، ز ، بس » والوسائل والمحاسن : ـ / « من ».

(٩) في المحاسن : « الصلاة ».

(١٠) في « بف » : « وضع ».

(١١) في المحاسن : « حين ».

(١٢) في الوسائل : ـ / « قلت : فما ـ إلى ـ أجمع ، قال ».

(١٣) في « بس » : « يترك ».

(١٤) المحاسن ، ص ٧٩ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ٤ ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال. تفسير

١٤٤

٢٨٥٦ / ١٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ وَحَمَّادٍ (١) ، عَنْ أَبِي مَسْرُوقٍ ، قَالَ :

سَأَلَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ (٢) عليه‌السلام عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَقَالَ لِي (٣) : « مَا هُمْ؟ » قُلْتُ (٤) : مُرْجِئَةٌ (٥) ، وَقَدَرِيَّةٌ (٦) ، وَحَرُورِيَّةٌ (٧) ، فَقَالَ : « لَعَنَ اللهُ تِلْكَ الْمِلَلَ الْكَافِرَةَ الْمُشْرِكَةَ ، الَّتِي لَاتَعْبُدُ اللهَ عَلى شَيْ‌ءٍ ». (٨)

٢٨٥٧ / ١٤. عَنْهُ (٩) ، عَنِ الْخَطَّابِ بْنِ مَسْلَمَةَ (١٠) وَأَبَانٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام وَعِنْدَهُ رَجُلٌ ، فَلَمَّا قَعَدْتُ قَامَ الرَّجُلُ ، فَخَرَجَ ، فَقَالَ لِي : « يَا فُضَيْلُ ، مَا هذَا عِنْدَكَ؟ » قُلْتُ : وَمَا هُوَ؟ قَالَ : « حَرُورِيٌّ » قُلْتُ : كَافِرٌ؟ قَالَ : « إِي (١١) وَاللهِ‌

__________________

العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٩٧ ، ح ٤٣ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، مع اختلاف الوافي ، ج ٤ ، ص ١٨٩ ، ح ١٧٩٥ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٣١ ، ح ٤٥ ؛ البحار ، ج ٨٢ ، ص ٢١٩ ، ح ٣٨.

(١) في الكافي ، ح ٢٩٠٩ : « حمّاد بن عثمان ».

(٢) في حاشية « ج » : « سألت أبا عبدالله ».

(٣) في الكافي ، ح ٢٩٠٩ والوافي : ـ / « فقال لي ».

(٤) في « ب » : « فقال ». وفي الكافي ، ح ٢٩٠٩ : « فقلت ».

(٥) اختلف في المرجئة ، فقيل : هم فرقة من فِرَق الإسلام يعتقدون أنّه لايضرّ مع الإيمان معصية ، كما لاينفع مع الكفر طاعة. وعن ابن قتيبة أنّه قال : هم الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل. وقال بعض أهل المعرفة بالملل : إنّ المرجئة هم الفرقة الجبريّة الذين يقولون : إنّ العبدَ لافِعْل له. مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٧٦ ( رجأ ).

(٦) « القدريّة » : هم المنسوبون إلى القَدَر ، ويزعمون أنّ كلّ عبد خالقُ فعله ، ولايرون المعاصي والكفر بتقدير الله‌ومشيئته ، فنسبوا إلى القَدَر ؛ لأنّه بدعتهم وضلالتهم. وفي شرح المواقف : قيل : القدريّة هم المعتزلة. مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٤٥١ ( قدر ).

(٧) « الحروريّة » : طائفة من الخوارج نُسبوا إلى‌حروراء ـ بالمدّ والقصر ـ وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أوّل مجتمعهم وتحكيمهم فيها ، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم عليّ عليه‌السلام. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٦ ( حرر ).

(٨) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في صنوف أهل الخلاف .... ، ح ٢٩٠٩ الوافي ، ج ٤ ، ص ٢١٩ ، ح ١٨٤٠ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٥ ، ح ٣٤٩٥٧.

(٩) الضمير راجع إلى ابن أبي عمير المذكور في السند السابق ؛ فقد روى هو كتاب خطّاب بن مسلمة. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٥٤ ، الرقم ٤٠٧.

(١٠) في « ز » : « سلمة ». والمذكور في رجال البرقي ، ص ٤٥ : خطّاب بن سلمة. والظاهر اتّحادهما ووقوع التحريف في أحد العنوانين.

(١١) في « بس » : « وإي ».

١٤٥

مُشْرِكٌ (١) ». (٢)

٢٨٥٨ / ١٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام يَقُولُ : « كُلُّ شَيْ‌ءٍ يَجُرُّهُ (٣) الْإِقْرَارُ وَالتَّسْلِيمُ ، فَهُوَ الْإِيمَانُ ؛ وَكُلُّ شَيْ‌ءٍ يَجُرُّهُ (٤) الْإِنْكَارُ وَالْجُحُودُ ، فَهُوَ الْكُفْرُ ». (٥)

٢٨٥٩ / ١٦. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ عَلِيّاً (٦) ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ بَابٌ فَتَحَهُ اللهُ ، مَنْ (٧) دَخَلَهُ كَانَ مُؤْمِناً ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُ كَانَ كَافِراً ». (٨)

٢٨٦٠ / ١٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَابْنِ سِنَانٍ وَسَمَاعَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طَاعَةُ عَلِيٍّ عليه‌السلام ذُلٌّ (٩) ، وَمَعْصِيَتُهُ كُفْرٌ‌

__________________

(١) في مرآة العقول : « في بعض النسخ : ومشرك ، وهو أظهر ».

(٢) الوافي ، ج ٤ ، ص ٢١٩ ، ح ١٨٤١ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٦ ، ح ٣٤٩٥٨.

(٣) في « ز » : « يجبره ».

(٤) في « ز » : « يجبره ».

(٥) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩١ ، ح ١٨٠٢ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٣٠ ، ح ٤٠.

(٦) في « ز » : « عليّ بن أبي طالب ».

(٧) في الكافي ، ح ١١٨٧ : « فمن ».

(٨) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ، ح ١١٨٧ ، مع زيادة في آخره. تفسير فرات ، ص ٧٩ ، ضمن ح ٥٤ ، وفيه : « حدّثني أحمد بن القاسم معنعناً عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، عن الحسن عليهما‌السلام » ؛ وفيه ، ضمن ح ٥٥ : « حدّثني أبوجعفر الحسني والحسن بن حبّاش معنعناً عن جعفربن محمّد ، عن الحسن عليهما‌السلام » ، وفيهما مع اختلاف يسير. كتاب سليم بن قيس ، ص ٨٦١ ، ح ٤٧ ، عن سلمان الفارسي ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام. الجمل ، ص ٢٥٣ ، مرسلاً عن الحسن عليه‌السلام ، مع اختلاف وزيادة في أوّله. راجع : الأمالي للصدوق ، ص ٣١ ، المجلس ٨ ، ح ٤ الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩٠ ، ح ١٨٠٠.

(٩) في مرآة العقول : « الظاهر أنّ المراد به الذلّ في الدنيا وعند الناس ؛ لأنّ طاعته توجب ترك الدنيا وزينتها ،

١٤٦

بِاللهِ (١) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ (٢) ، وَ (٣) كَيْفَ يَكُونُ (٤) طَاعَةُ عَلِيٍّ عليه‌السلام (٥) ذُلًّا ، وَمَعْصِيَتُهُ كُفْراً بِاللهِ (٦)؟ قَالَ (٧) : إِنَّ عَلِيّاً عليه‌السلام يَحْمِلُكُمْ عَلَى الْحَقِّ ، فَإِنْ أَطَعْتُمُوهُ ذَلَلْتُمْ ، وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُ كَفَرْتُمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ». (٨)

٢٨٦١ / ١٨. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسى (٩) عليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ عَلِيّاً عليه‌السلام بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْهُدى ، فَمَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ عَلِيٍّ كَانَ مُؤْمِناً ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُ (١٠) كَانَ (١١) كَافِراً ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ كَانَ فِي الطَّبَقَةِ الَّذِينَ لِلّهِ فِيهِمُ الْمَشِيئَةُ ». (١٢)

٢٨٦٢ / ١٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « لَوْ أَنَّ الْعِبَادَ إِذَا جَهِلُوا وَقَفُوا وَلَمْ يَجْحَدُوا ، لَمْ‌

__________________

والحكم للضعفاء على الأقوياء ، والرضا بتسوية القسمة بين الشريف والوضيع ، والقناعة بالقليل من الحلال ، والتواضع وترك التكبّر والترفّع ؛ وكلّ ذلك ممّا يوجب الذلّ عند الناس ، كما روي أنّه لمّا قسّم بيت المال بين أكابر الصحابة والضعفاء بالسويّة ، غضب لذلك طلحة والزبير ، وأسّسا أساس الفتنة والبغي والجور ».

(١) في « بس » : ـ / « بالله ».

(٢) في « ب » : ـ / « يا رسول الله ».

(٣) في « بس » والكافي ، ح ١٤٩٩٧ : ـ / « و ».

(٤) في « د ، ص » والوافي والكافي ، ح ١٤٩٩٧ : « تكون ».

(٥) في الوافي : « طاعته » بدل « طاعة عليّ عليه‌السلام ».

(٦) في الوافي : ـ / « بالله ».

(٧) في الكافي ، ح ١٤٩٩٧ : « فقال ».

(٨) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٤٩٩٧ الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩١ ، ح ١٨٠١.

(٩) في « بف » والوافي : ـ / « موسى ».

(١٠) في « ج » : « عنه ».

(١١) في « بس » : ـ / « كان ».

(١٢) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ، ح ١١٨٧ ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩٠ ، ح ١٧٩٩.

١٤٧

يَكْفُرُوا (١) ». (٢)

٢٨٦٣ / ٢٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ (٣) :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ نَصَبَ عَلِيّاً عليه‌السلام عَلَماً (٤) بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ ، فَمَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَافِراً ، وَمَنْ جَهِلَهُ كَانَ ضَالًّا ، وَمَنْ نَصَبَ مَعَهُ شَيْئاً كَانَ مُشْرِكاً ، وَمَنْ جَاءَ بِوَلَايَتِهِ (٥) دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ جَاءَ بِعَدَاوَتِهِ دَخَلَ النَّارَ (٦) ». (٧)

__________________

(١) في « بس » : « لم يكفر ». أي لم يتحقّق كفر.

(٢) المحاسن ، ص ٢١٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٠٣ ، عن أبيه عن محمّد بن سنان ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٨٢٥ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٣٢ ، ح ٤٧ ؛ وج ٢٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٣٣٤٧٤.

(٣) تقدّم الخبر في الكافي ، ح ١١٨٦ ، بسند آخر عن يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار ، وهو الظاهر ؛ فإنّ المراد من يونس في كلا الموضعين هو يونس بن عبدالرحمن ، ولم يدرك يونس ، الفضيل بن يسار الذي كان من كباد أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام ومات في أيّامه. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣٠٩ ، الرقم ٨٤٦ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٦٩ ، الرقم ٣٨٦٨.

فعليه ، الظاهر سقوط الواسطة بين يونس وبين فضيل بن يسار في سندنا هذا وفي ما يأتي في الكافي ، ح ٦٨٣٢ ، من رواية إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن فضيل بن يسار.

يؤكّد ذلك أنّ عمدة رواة الفضيل بن يسار هم : عمر بن اذينة ، وحريز بن عبدالله ، وربعي بن عبدالله ، وجميل بن صالح ، وأبان بن عثمان ، وعليّ بن رئاب ، وموسى بن بكر ، وحمّاد بن عثمان ، وهؤلاء كلّهم في طبقة مشايخ يونس بن عبدالرحمن.

(٤) « العَلَم » : الرايةُ ، والجبلُ الذي يُعلم به الطريق ، والمنارُ المرتفع الذي يُوقَد في أعلاه النار لهداية الضالّ‌ونحوه. مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ١٢٣ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٩٢ ( علم ).

(٥) في « ز » : « لولايته ».

(٦) في الكافي ، ح ١١٨٦ : ـ / « ومن جاء بعداوته دخل النار ».

(٧) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ، ح ١١٨٦ ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام. وفي المحاسن ، ص ٨٩ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ٣٤ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٤٩ ، ح ١١ ، بسند آخر عن أبي عبدالله ، عن أبي جعفر عليهما‌السلام إلى قوله : « ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً » مع اختلاف يسير ؛ كمال الدين ، ص ٤١٢ ، ح ٩ ، بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وتمام الرواية فيه : « الإمام علم فيما بين الله عزّوجلّ وبين خلقه ،

١٤٨

٢٨٦٤ / ٢١. يُونُسُ (١) ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ (٢) :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ عَلِيّاً عليه‌السلام بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَمَنْ دَخَلَ بَابَهُ كَانَ مُؤْمِناً ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَابِهِ كَانَ كَافِراً ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ (٣) كَانَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي (٤) لِلّهِ فِيهِمُ الْمَشِيئَةُ ». (٥)

١٦٦ ـ بَابُ وُجُوهِ الْكُفْرِ‌

٢٨٦٥ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ (٦) ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنْ وُجُوهِ الْكُفْرِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

قَالَ : « الْكُفْرُ فِي كِتَابِ اللهِ عَلى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ : فَمِنْهَا كُفْرُ الْجُحُودِ ـ وَالْجُحُودُ (٧) عَلى‌

__________________

فمن عرفه كان مؤمناً ، ومن أنكره كان كافراً » ؛ الأمالي للطوسي ، ص ٤١٠ ، المجلس ١٤ ، ح ٧٠ ، بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ؛ وفيه ، ص ٤٨٧ ، المجلس ١٧ ، ح ٣٦ ، بسند آخر عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيهما مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩٠ ، ح ١٧٩٧.

(١) السند معلّق على سابقه. ويروي عن يونس ، عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى.

(٢) هكذا في « ب ، ج ، ز ، بر ، بس » والطبعة القديمة. وفي « د ، بف ، جر » والمطبوع : « بكير ». والصواب ما أثبتناه ، كما تقدّم ذيل ح ٦ من نفس الباب.

(٣) في « ج ، د ، ز ، ص ، بس » : ـ / « منه ».

(٤) في « ب » : + / « كان ».

(٥) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٩٠ ، ح ١٧٩٨ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٤ ، ح ٣٤٩٥٢.

(٦) هكذا في « بر ، بس » وظاهر « د » والوسائل والبحار. وفي « ب ، ج ، ز ، بف ، جر » والمطبوع : « يزيد ».

والقاسم هذا ، هو القاسم بن بُرَيْد بن معاوية العجلي ، وقد تقدّمت في الكافي ، ح ١٥٢١ و ١٥٢٩ ، وتأتي في الكافي ، ح ٨٢٢٠ ، رواية بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري. والظاهر أنّ الجميع قطعات من خبرٍ واحدٍ ، فلاحظ. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣١٣ ، الرقم ٨٥٧ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٧٣ ، الرقم ٣٩٤٧ وص ٣٤٢ ، الرقم ٥٠٩٦.

(٧) في « ب ، بس » والوسائل : ـ / « والجحود ». و « الجحود » : الإنكار مع العلم. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٥١ ( جحد ).

١٤٩

وَجْهَيْنِ ـ وَالْكُفْرُ (١) بِتَرْكِ (٢) مَا أَمَرَ اللهُ (٣) ، وَكُفْرُ الْبَرَاءَةِ ، وَكُفْرُ النِّعَمِ. (٤)

فَأَمَّا (٥) كُفْرُ الْجُحُودِ ، فَهُوَ الْجُحُودُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : لَارَبَّ ، وَلَاجَنَّةَ ، وَلَانَارَ ، وَهُوَ قَوْلُ صِنْفَيْنِ مِنَ الزَّنَادِقَةِ يُقَالُ لَهُمُ : الدَّهْرِيَّةُ ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : ( وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ ) (٦) وَهُوَ دِينٌ وَضَعُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ بِالِاسْتِحْسَانِ مِنْهُمْ (٧) عَلى غَيْرِ تَثَبُّتٍ (٨) مِنْهُمْ وَلَاتَحْقِيقٍ لِشَيْ‌ءٍ (٩) مِمَّا يَقُولُونَ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ ) (١٠) أَنَّ ذلِكَ كَمَا يَقُولُونَ ، وَقَالَ : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) (١١) يَعْنِي بِتَوْحِيدِ اللهِ تَعَالى (١٢) ، فَهذَا أَحَدُ وُجُوهِ الْكُفْرِ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ مِنَ (١٣) الْجُحُودِ عَلى مَعْرِفَةٍ (١٤) ، فَهُوَ (١٥) أَنْ يَجْحَدَ الْجَاحِدُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ قَدِ اسْتَقَرَّ (١٦) عِنْدَهُ ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا ) (١٧) وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ ) (١٨) فَهذَا تَفْسِيرُ وَجْهَيِ الْجُحُودِ.

__________________

(١) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بر ، بف » : « فالكفر ».

(٢) في « بف » : « ترك ».

(٣) في « ز » والوسائل : + / « به ».

(٤) في « بر » والوافي : « النعمة ».

(٥) في « بر » : « وأمّا ».

(٦) الجاثية (٤٥) : ٢٤.

(٧) هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : ـ / « منهم ».

(٨) في « ج » : « تثبيت ». وتثبّت في الأمر واستثبت فيه : إذا تأنّى. أساس البلاغة ، ص ٤٢ ( ثبت ).

(٩) في « ج ، ص » : « بشي‌ء ».

(١٠) البقرة (٢) : ٧٨ ؛ الجاثية (٤٥) : ٢٤.

(١١) البقرة (٢) : ٦.

(١٢) وفي الوافي : « وخصّ نفي الإيمان في الآية بتوحيد الله لأنّ سائر ما يكفرون به من توابع التوحيد ».

(١٣) في الوسائل : ـ / « وهو قول من ـ إلى ـ الوجه الآخر من ».

(١٤) في الوافي : « هكذا في النسخ التي رأيناها. والصواب : « وأمّا الوجه الآخر من الجحود ، فهو الجحود على معرفة ». ولعلّه سقط من قلم النسّاخ. وهذا الكفر هو كفر التهوّد ».

(١٥) هكذا في « د ، بح ، بف ، جس ، جل ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « وهو ».

(١٦) في « بر ، بف » والوافي : « قد استيقن ».

(١٧) النمل (٢٧) : ١٤.

(١٨) البقرة (٢) : ٨٩.

١٥٠

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْكُفْرِ كُفْرُ النِّعَمِ (١) ، وَذلِكَ (٢) قَوْلُهُ (٣) تَعَالى يَحْكِي قَوْلَ سُلَيْمَانَ عليه‌السلام : ( هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) (٤) وَقَالَ : ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) (٥) وَقَالَ : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ) (٦).

وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ الْكُفْرِ تَرْكُ مَا أَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ (٧) ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ ) (٨) فَكَفَّرَهُمْ (٩) بِتَرْكِ مَا أَمَرَ (١٠) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ (١١) ، وَنَسَبَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُمْ ، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ عِنْدَهُ ، فَقَالَ (١٢) : ( فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ ) (١٣).

وَالْوَجْهُ (١٤) الْخَامِسُ مِنَ الْكُفْرِ كُفْرُ الْبَرَاءَةِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَحْكِي قَوْلَ‌

__________________

(١) في « ز ، بر ، بف » والوافي : « النعمة ».

(٢) في « ب » : « وهذا ».

(٣) في الوافي : « قول الله ».

(٤) النمل (٢٧) : ٤٠.

(٥) إبراهيم (١٤) : ٧.

(٦) البقرة (٢) : ١٥٢.

(٧) في « ب » : « به عزّ وجلّ ».

(٨) البقرة (٢) : ٨٤ ـ ٨٥. وفي « بر » والوافي والوسائل : ـ / « فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَ لِكَ مِنكُمْ ».

(٩) في « ز » : « وكفّرهم ».

(١٠) في الوسائل : « أمرهم ».

(١١) في « ب ، بس » : ـ / « به ».

(١٢) في شرح المازندراني : ـ / « « فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ » ـ إلى ـ عنده فقال ».

(١٣) البقرة (٢) : ٨٥. وفي « ج ، د ، ز » ومرآة العقول : « يعملون ». وقال في المرآة نقلاً عن تفسير الإمام عليه‌السلام : « أي يعمل هؤلاء اليهود ».

(١٤) في « بس » : « فالوجه ».

١٥١

إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلام : ( كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ ) (١) يَعْنِي تَبَرَّأْنَا مِنْكُمْ ، وَقَالَ : يَذْكُرُ إِبْلِيسَ وَتَبْرِئَتَهُ (٢) مِنْ أَوْلِيَائِهِ مِنَ الْإِنْسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ ) (٣) مِنْ قَبْلُ ) (٤) وَقَالَ : ( إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ) (٥) ( وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (٦) يَعْنِي (٧) يَتَبَرَّأُ (٨) بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ». (٩)

١٦٧ ـ بَابُ دَعَائِمِ الْكُفْرِ وَشُعَبِهِ‌

٢٨٦٦ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ (١٠) ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ :

__________________

(١) الممتحنة (٦٠) : ٤.

(٢) في « ب ، د ، ز ، ص ، بر » والوافي : « تبرّيه » على بناء التفعّل.

(٣) هكذا في القرآن و « ج ، بر ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « أشركتموني ».

(٤) إبراهيم (١٤) : ٢٢.

(٥) في « بر » والوافي : « إلى قوله » بدل ( مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ ـ إلى ـ بِبَعْضٍ ).

(٦) العنكبوت (٢٩) : ٢٥.

(٧) في « ب » : ـ / « يعني ».

(٨) في « ز ، بر » : « تبرأ ». وفي « ص » : « تبرّأ » بحذف إحدى التاءين.

(٩) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٣٢ ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن أبي عمر الزبيدي ، إلى قوله : ( فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ). تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٤٨ ، ح ٦٧ ، عن أبي عمرو الزبيري ، من قوله : « والوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله » إلى قوله : ( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ ). وفيه ، ص ٦٧ ، ح ١٢١ ، عن أبي عمرو الزبيري هكذا : « الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه فمنها كفر النعم ... » إلى قوله : ( وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ) ، وفي كلّها مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٨٥ ، ح ١٧٩١ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٣٢ ، ح ٤٨ ، إلى قوله : ( فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ ) إلى آخر الآية ؛ البحار ، ج ٨ ، ص ٣٠٨ ، ح ٧٣ ، إلى قوله : « وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم : الدهريّة ».

(١٠) إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن اذينة ، كلاهما من مشايخ حمّاد بن عيسى ، وقد وردت في الكافي ، ح ٧٧٥ ، والخصال ، ص ٢٥٥ ، ح ١٣١ ، رواية حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن اذينة ، عن أبان [ بن

١٥٢

عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ ، قَالَ : « بُنِيَ الْكُفْرُ عَلى أَرْبَعِ دَعَائِمَ (١) : الْفِسْقِ (٢) ، وَالْغُلُوِّ (٣) ، وَالشَّكِّ ، وَالشُّبْهَةِ. (٤)

وَالْفِسْقُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْجَفَاءِ (٥) ، وَالْعَمى ، وَالْغَفْلَةِ ، وَالْعُتُوِّ (٦) ؛ فَمَنْ جَفَا احْتَقَرَ الْحَقَّ (٧) ، وَمَقَتَ (٨) الْفُقَهَاءَ ، وَأَصَرَّ عَلَى الْحِنْثِ (٩) الْعَظِيمِ ؛ وَمَنْ عَمِيَ نَسِيَ الذِّكْرَ ، وَاتَّبَعَ الظَّنَّ ، وَبَارَزَ خَالِقَهُ ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ ، وَطَلَبَ الْمَغْفِرَةَ بِلَا تَوْبَةٍ وَلَااسْتِكَانَةٍ (١٠) وَلَاغَفْلَةٍ (١١) ؛ وَمَنْ غَفَلَ جَنى عَلى نَفْسِهِ ، وَانْقَلَبَ عَلى ظَهْرِهِ ، وَحَسِبَ‌

__________________

أبي عيّاش ] ، عن سليم بن قيس [ الهلالي ]. فلايبعد وقوع التحريف في ما نحن فيه ، وأنّ الصواب « وعمر بن اذينة ».

ويؤيّد ذلك ما ورد في الكافي ، ح ١٩٣ و ١٣٩١ و ١٤٢١ و ١٥٣٥٦ ؛ والخصال ، ص ٤٧٧ ، ح ٢ ، من رواية حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس.

ويؤيّد أيضاً ما ورد في الكافي ، ح ١١٨ ؛ الخصال ، ص ٥١ ، ح ٦٣ ؛ وص ١٣٩ ، ح ١٥٨ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٦٢٢ ، المجلس ٢٩ ، ح ١٢٨٣ ، من رواية حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس. لاحظ أيضاً ما قدّمناه في الكافي ، ذيل ح ٥٠٤.

(١) دعائم الامور : ما كان قوامها. ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٥٧٧ ( دعم ).

(٢) « الفِسْق » : العصيان والترك لأمر الله عزّوجلّ والخروج عن طريق الحقّ. لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣٠٨ ( فسق ).

(٣) « الغلوّ » : التشدّد ومجاوزة الحدّ. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٢ ( غلا ).

(٤) في الوافي : « الشكّ ، يعني في الدين. والشبهة : ما يشبه الحقّ وليس به ».

(٥) « الجفاء » : ترك الصِّلة والبرّ ، وغِلَظ الطبع. وجَفَوْتُ الرجلَ أجفوه : أعرضت عنه أو طردتُه ، وقد يكون مع‌بغض. وجفا الثوبُ يجفو : إذا غَلُظَ ، فهو جافٍ. ومنه جفا البَدْو ، وهو غِلْظَتهم وفظاظتُهم. النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨١ ؛ المصباح المنير ، ص ١٠٤ ( جفا ). وفي الوافي : « العمى : ذهاب بصر القلب ».

(٦) « العتوّ ». التجبّر والتكبّر. النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨١ ( عتا ).

(٧) في « ب ، ج ، د ، بر ، بس ، بف » : « الخلق ». وفي تحف العقول : « حقّر المؤمن » بدل « احتقر الحقّ ».

(٨) « المقت » في الأصل : أشدّ البُغض. النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٤٦ ( مقت ).

(٩) « الحِنْث » : الذَّنب ، والميل من الحقّ إلى الباطل. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٤٣٣ ( حنث ).

(١٠) « الاستكانة » : الخضوع والتواضع ؛ أي بلا تواضع لله. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٣٦٣ ( كون ).

(١١) في الوافي : ـ / « ولاغفلة ».

١٥٣

غَيَّهُ (١) رُشْداً (٢) ، وَغَرَّتْهُ الْأَمَانِيُّ ، وَأَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ إِذَا قُضِيَ الْأَمْرُ ، وَانْكَشَفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ ، وَبَدَا لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ ؛ وَمَنْ عَتَا عَنْ (٣) أَمْرِ اللهِ شَكَّ ؛ وَمَنْ شَكَّ ، تَعَالَى اللهُ عَلَيْهِ ، فَأَذَلَّهُ بِسُلْطَانِهِ ، وَصَغَّرَهُ بِجَلَالِهِ ، كَمَا اغْتَرَّ بِرَبِّهِ الْكَرِيمِ ، وَفَرَّطَ (٤) فِي أَمْرِهِ.

وَالْغُلُوُّ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى (٥) التَّعَمُّقِ (٦) بِالرَّأْيِ (٧) ، وَالتَّنَازُعِ فِيهِ ، وَالزَّيْغِ (٨) ، وَالشِّقَاقِ (٩) ؛ فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ (١٠) إِلَى الْحَقِّ ، وَلَمْ يَزْدَدْ إِلاَّ غَرَقاً فِي الْغَمَرَاتِ (١١) ، وَلَمْ تَنْحَسِرْ (١٢) عَنْهُ فِتْنَةٌ إِلاَّ غَشِيَتْهُ أُخْرى ، وَانْخَرَقَ (١٣) دِينُهُ ، فَهُوَ يَهْوِي فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (١٤) ؛ وَمَنْ نَازَعَ فِي الرَّأْيِ (١٥) وَخَاصَمَ ، شُهِرَ بِالْعَثَلِ (١٦) مِنْ طُولِ اللَّجَاجِ ؛ وَمَنْ زَاغَ قَبُحَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ ، وَ‌

__________________

(١) غوي غيّاً : انهمك في الجهل ، وهو خلاف الرشد. والاسم : الغَواية. المصباح المنير ، ص ٤٥٧ ( غوي ).

(٢) في « بر ، بف » : « غيب عنه رشده ». وفي الوافي : « رشده ».

(٣) في مرآة العقول : « من ».

(٤) في « بر » والوافي : « ففرّط ». و « فرّط في أمره » أي قصر في طاعته.

(٥) في شرح المازندراني : ـ / « على ».

(٦) « التعمّق » : المبالغة في الأمر والتشدّد فيه ، الذي يطلب أقصى غايته. والمراد التعمّق والغور في الامور بالآراء والمقاييس الباطلة. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٩٩ ( عمق ).

(٧) في « بر » والوافي : « في الرأي ».

(٨) يقال : زاغ عن الطريق يَزيغ : إذا عدل عنه. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٤ ( زيغ ). والمراد : الزيغ عن الحقّ.

(٩) « الشِّقاق » : المُخالفة ، وكونُك في شقٍّ غير شقّ صاحِبك. المفردات للراغب ، ص ٤٥٩ ( شقق ).

(١٠) في « د ، بر » : « لم يتب ». وأناب يُنيب إنابة : راجع. مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٧٧ ( نوب ).

(١١) « إلاّ غرقاً في الغمرات » ، أي الشبه القويّة الشديدة ، والآراء الفاسدة المتراكمة بعضها فوق بعض ، التي لم يمكنه التخلّص منها. و « الغمرات » : واحدتها غَمْرَة. وهي الماء الكثير. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٠ ، ص ٦٧ ؛ مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ١٤٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٤ ( غمر ).

(١٢)« تنحسر » : تنكشف. يقال : حَسَرت العمامة عن رأسي والثوب عن بدني ، أي كشفتها. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٨٣ ( حسر ).

(١٣) في « بف » : « وانحرف ».

(١٤) مَرِجَ الدين والأمر : اختلط واضطرب. الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤١ ( مرج ).

(١٥) في « بف » : « الدين ».

(١٦) في « ج ، د ، ص ، بر ، بف » والوافي : « بالفشل ». أي الضعف والجبن. وفي الشروح : العثل ، بالعين والثاء

١٥٤

حَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ ؛ وَمَنْ شَاقَّ (١) اعْوَرَّتْ (٢) عَلَيْهِ طُرُقُهُ ، وَاعْتَرَضَ (٣) عَلَيْهِ أَمْرُهُ ، فَضَاقَ عَلَيْهِ (٤) مَخْرَجُهُ إِذَا لَمْ يَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَالشَّكُّ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْمِرْيَةِ (٥) ، وَالْهَوى ، وَالتَّرَدُّدِ ، وَالِاسْتِسْلَامِ (٦) ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ (٧) عَزَّ وَجَلَّ : ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى ) (٨) ».

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى : « عَلَى الْمِرْيَةِ ، وَالْهَوْلِ (٩) مِنَ (١٠) الْحَقِّ ، وَالتَّرَدُّدِ (١١) ، وَالِاسْتِسْلَامِ لِلْجَهْلِ وَأَهْلِهِ ».

« فَمَنْ هَالَهُ مَا (١٢) بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ (١٣) ؛ وَمَنِ امْتَرى فِي الدِّينِ‌

__________________

المثلّثة : الحمق. والعثول ـ كصبور ـ : الأحمق. وفي القاموس : العثل ، ككتف ويحرّك : الغليظ الضخم. والجمع : عُثُل ، ككتُب. وقد يقرأ : بالعتل ، بالتاء المثنّاة من قولهم : عَتِل إلى الشرّ كفرح ، فهو عَتِل : أسرع. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٠ ( عثل ).

(١) المشاقّة والشِّقاق : الخلاف والعداوة. والمراد العداوة لأهل الدين والإمام المبين. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٠٣ ( شقق ).

(٢) في الوافي : « أوعرت » أي صعبت. وفي مرآة العقول : « أعورت عليه طرقُه ـ على بناء الإفعال أو الافعلال ـ : أي صار أيّ طريق سلك فيه أعور ، أي بلا عَلَم يهتدى به فيتحيّر فيها. في القاموس : الأعور من الطرق : الذي لا علم فيه. وفي بعض النسخ : أوعرت ، أي صعبت ».

(٣) في « بف » : « أعرض ». وفي مرآة العقول : « واعترض عليه أمره ، أي يحول بينه وبين الوصول إلى مقصوده ، أو يصعب عليه ولا يتأتّى له بسهولة. أو على بناء المجهول ، أي تعترض له الشبهات ، فتحول بينه وبين الوصول إلى أمره الذي يريده ».

(٤) في « ب ، ز ، ص ، بس » : ـ / « عليه ».

(٥) « المرية » : التردّد في الأمر ، وهو أخصّ من الشكّ. المفردات للراغب ، ص ٧٦٦ ( مرى ).

(٦) في مرآة العقول : « الاستلام : الانقياد ؛ لأنّ الشاكّ واقف على الجهل مستسلم له ، أو لما يوجب هلاك الدنيا والآخرة ».

(٧) في « ج ، ز ، بس » : « قوله ».

(٨) النجم (٥٣) : ٥٥.

(٩) « الهَوْل » : المخافة من أمر لاتدري على ما تهجم عليه منه ، كهول الليل ، وهول البحر. تقول : هالني هذا الأمريهولني ، وأمر هائل. ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٩٠٨ ( هول ).

(١٠) في « بس » : « على ».

(١١) في « ج » : ـ / « التردّد ».

(١٢) في مرآة العقول : « من ».

(١٣) « نكص على عقبيه » ، أي رجع. من النُكوص ، وهو الرجوع إلى وراء ، وهو القهقرى. والمعنى : رجع

١٥٥

تَرَدَّدَ (١) فِي الرَّيْبِ ، وَسَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَدْرَكَهُ الْآخِرُونَ ، وَوَطِئَتْهُ سَنَابِكُ (٢) الشَّيْطَانِ ؛ وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هَلَكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا (٣) ، وَمَنْ نَجَا مِنْ (٤) ذلِكَ ، فَمِنْ فَضْلِ الْيَقِينِ ، وَلَمْ يَخْلُقِ اللهُ خَلْقاً أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ.

وَالشُّبْهَةُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : إِعْجَابٍ بِالزِّينَةِ ، وَتَسْوِيلِ (٥) النَّفْسِ ، وَتَأَوُّلِ الْعِوَجِ (٦) ، وَلَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ ؛ وَذلِكَ بِأَنَّ الزِّينَةَ تَصْدِفُ (٧) عَنِ (٨) الْبَيِّنَةِ ، وَأَنَّ تَسْوِيلَ النَّفْسِ يُقَحِّمُ (٩) عَلَى الشَّهْوَةِ ، وَأَنَّ الْعِوَجَ يَمِيلُ بِصَاحِبِهِ مَيْلاً عَظِيماً ، وَأَنَّ اللَّبْسَ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، فَذلِكَ (١٠) الْكُفْرُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ ». (١١)

__________________

القهقرى عمّا كان عليه من خير إلى الباطل والدنيا ، أو إلى الباطل والشرّ. قال المازندراني : « إذ لا واسطة بينهما ، فإذا هاله أحدهما رجع إلى الآخر ». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٦٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٦ ( نكص ).

(١) في « ب ، بس » : « تردّى » وفي مرآة العقول : « تردّد في الريب ، بالفتح أو بكسر الراء وفتح الباء : جمع ريبة ، كسدرة وسدر ، وهو أظهر. أي انتقل من حال إلى حال ، ومن شكّ إلى شكّ من غير ثقة بشي‌ء أو استمرار على أمر ، كما هو دأب المعتادين بالتشكيك في الامور ».

(٢) السُّنْبُك : ضرب من العَدْو ، وطرف الحافر وجانباه من قُدُم. وهو كناية عن استيلاء الشيطان وجنوده من الجنّ والإنس عليه. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٤٤ ( سنبك ).

(٣) في « بر » والوافي : « فيهما ».

(٤) في « ب » : « فيما بين » بدل « من ».

(٥) « التسويل » : تحسين الشي‌ء وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٥ ( سول ).

(٦) في « بر » والوافي : « المعوّج ».

(٧) في « ب » : « تصدّى ». وفي « ج » : « تصدّف » بحذف إحدى التاءين. وصدف عنه يَصدِف : أعرض ، وفلاناً : صرفه ، كأصدفه. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٠١ ( صدف ).

(٨) في حاشية « بر » والوافي : « على ».

(٩) هكذا في « ج ، د ، ص ، بر ، بس ». وفي « ب ، ز ، بف » والمطبوع وشرح المازندراني ومرآة العقول والبحار : « تقحم ». وقحم في الأمر قُحوماً : رمى بنفسه فيه فجأة بلا رويّة. وقحّمه تقحيماً وأقحمته فانقحم. وقَحّمتْه الفَرَسُ تقحيماً : رَمَته على وجهه ، كتقحَّمتْ به. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠٩ ( قحم ).

(١٠) في « ز » : « ذلك ».

(١١) الغارات ، ج ١ ، ص ٨٢ ، ضمن الحديث الطويل ؛ والخصال ، ص ٢٣١ ، باب الأربعة ، ضمن الحديث الطويل ٧٤ ، بسند آخر عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام. تحف العقول ، ص ١٦٦ ، ضمن الحديث الطويل ، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام ،

١٥٦

١٦٨ ـ بَابُ (١) صِفَةِ النِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِ‌

٢٨٦٧ / ١. قَالَ (٢) عليه‌السلام : « وَالنِّفَاقُ عَلى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى (٣) الْهَوى ، وَالْهُوَيْنَا (٤) ، وَالْحَفِيظَةِ (٥) ، وَالطَّمَعِ.

فَالْهَوى (٦) عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْبَغْيِ ، وَالْعُدْوَانِ ، وَالشَّهْوَةِ ، وَالطُّغْيَانِ ؛ فَمَنْ بَغى كَثُرَتْ غَوَائِلُهُ (٧) ، وَتُخُلِّيَ مِنْهُ ، وَقُصِرَ (٨) عَلَيْهِ ؛ وَمَنِ اعْتَدَى لَمْ يُؤْمَنْ (٩) بَوَائِقُهُ (١٠) ، وَلَمْ يَسْلَمْ قَلْبُهُ ، وَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ ؛ وَمَنْ لَمْ يَعْذِلْ (١١) نَفْسَهُ فِي الشَّهَوَاتِ خَاضَ فِي‌

__________________

وفي كلّها مع اختلاف يسير. راجع : نهج البلاغة ، ص ٤٧٣ ، الحكمة ٣١ الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٨٥٧ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٣٤١ ، ح ٢٠٦٩٣ ، ملخّصاً ؛ البحار ، ج ٧٢ ، ص ١١٦ ، ح ١٥.

(١) في « بف » : ـ / « باب ».

(٢) الضمير المستتر في « قال » راجع إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام المذكور في الحديث السابق ، فيكون الخبر مرويّاً بذاك‌السند. وهذا الحديث من تتمّة الحديث السابق ، أفرده المصنّف عنه وجعله جزءَ هذاالباب ، كما أنّه جعل سائر أجزائه أجزاءً لأبواب اخر مرّت في أوّل الكتاب. راجع : المصادر التي ذكرنا ذيل هذا الحديث ؛ وشرح المازندراني ، ج ١٠ ، ص ٧٠ ؛ ومرآة العقول ، ج ١١ ، ص ١٥٥.

(٣) في « بف » والوافي : ـ / « على ».

(٤) الهَوْن » : الرِّفق واللِّين والتثبّت. والهُوَينا : تصغير الهُونَى ، تأنيث الأهون ، وهو من الأوّل. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨٤ ( هون ). وفي شرح المازندراني ، ج ١٠ ، ص ٧١ : « هي الفتنة الصغرى التي تجري إلى الكبرى والفتن تترتّب كبراها على صغراها ، والمؤمن يترك الصغرى فضلاً عن الكبرى ». وفي مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ١٥٦ : « والمراد هنا : التهاون في أمر الدين وترك الاهتمام فيه كما هو طريقة المتّقين ».

(٥) « الحفيظة » : الغضب. النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠٨ ( حفظ ).

(٦) في الوسائل : « والهوى ».

(٧) « الغائلة » : صفة لخصلة مهلكة. والغائلة : الفساد والشرّ. والجمع الغوائل. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٩٧ ؛ المصباح‌المنير ، ص ٤٥٧ ( غول ).

(٨) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص » وشرح المازندراني والوافي والبحار : « نصر ». وفي شرح المازندراني على بناء المجهول.

(٩) في « د ، ز » : « لم تؤمن ».

(١٠) « بوائقه » : غوائله وشروره. واحدها بائقة ، وهي الداهية. النهاية ، ج ١ ، ص ١٦٢ ( بوق ).

(١١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي « د » ومرآة العقول : « لم يعدّل » بالمهملة وبناء التفعيل. وفي

١٥٧

الْخَبِيثَاتِ ؛ وَمَنْ طَغى ضَلَّ عَلى عَمْدٍ (١) بِلَا حُجَّةٍ.

وَالْهُوَيْنَا عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْغِرَّةِ (٢) ، وَالْأَمَلِ ، وَالْهَيْبَةِ ، وَالْمُمَاطَلَةِ ؛ وَذلِكَ بِأَنَّ (٣) الْهَيْبَةَ تَرُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، وَالْمُمَاطَلَةَ تُفَرِّطُ فِي الْعَمَلِ حَتّى يَقْدَمَ عَلَيْهِ الْأَجَلُ ؛ وَلَوْ لَا الْأَمَلُ عَلِمَ الْإِنْسَانُ حَسَبَ (٤) مَا هُوَ فِيهِ ، وَلَوْ عَلِمَ حَسَبَ مَا هُوَ فِيهِ ، مَاتَ خُفَاتاً (٥) مِنَ الْهَوْلِ وَالْوَجَلِ ؛ وَالْغِرَّةَ تَقْصُرُ (٦) بِالْمَرْءِ عَنِ الْعَمَلِ.

وَالْحَفِيظَةُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الْكِبْرِ ، وَالْفَخْرِ ، وَالْحَمِيَّةِ (٧) ، وَالْعَصَبِيَّةِ ؛ فَمَنِ اسْتَكْبَرَ أَدْبَرَ عَنِ الْحَقِّ ؛ وَمَنْ فَخَرَ فَجَرَ ؛ وَمَنْ حَمِيَ أَصَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ (٨) ؛ وَمَنْ أَخَذَتْهُ الْعَصَبِيَّةُ جَارَ (٩) ، فَبِئْسَ (١٠) الْأَمْرُ أَمْرٌ (١١) بَيْنَ إِدْبَارٍ وَفُجُورٍ ، وَإِصْرَارٍ (١٢) وَجَوْرٍ (١٣) عَلَى الصِّرَاطِ.

وَالطَّمَعُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : الْفَرَحِ ، وَالْمَرَحِ (١٤) ، وَاللَّجَاجَةِ ، وَالتَّكَاثُرِ ؛

__________________

المطبوع وشرح المازندراني : « لم يعدل » بالمهملة وبناء المجرّد. وعَذَل يعذِل عَذْلاً وعَذَلاً : هو اللوم. ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١١٦٣ ( عذل ).

(١) في البحار : « العمل ».

(٢) « الغِرَّة » : الغفلة. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٥٤ ( غرر ).

(٣) في الوسائل : « لأنّ ».

(٤) حَسَبتُه أحسَبُه حَسْباً وحِساباً وحُسْباناً وحِسابةً : إذا عَدَدتَه. والمعدود : محسوب ، وحَسَب أيضاً ، وهو فَعَل‌بمعنى مفعول. الصحاح ، ج ١ ص ١١٠ ( حسب ).

(٥) خفت الصَّوت خُفُوتاً : سكن. وخَفَت خُفاتاً ، أي مات فجأةً. الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٤٨ ( خفت ).

(٦) يجوز فيه بناء التفعيل والمجرّد ، والثاني أنسب بالباء المعدّية.

(٧) « الحميّة » : الأنَفَة والغَيْرَة. النهاية ، ج ١ ، ص ٤٤٧ ( حما ). وفي مرآة العقول : « التعصّب : المحاماة والمدافعة ، وهي والحميّة من توابع الكبر ، وكان الفرق بينهما بأنّ الحميّة للنفس والعصبيّة للأقارب ، أو الحميّة للأهل والعصبيّة للأقارب ».

(٨) في « بر ، بف » والوافي : « الذنب ». وفي مرآة العقول : ـ / « على الذنوب ».

(٩) في « بر ، بف » وحاشية د ، » : « حاد عن الصراط ». وفي الوافي : « جار عن الصراط ».

(١٠) في « بر ، بف » : « فشرّ ».

(١١) في « بف » : + / « من ». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : « فبئس الامرء امرء ».

(١٢) في « بس » : « إفراد ».

(١٣) في مرآة العقول : « الجور ».

(١٤) « المَرَح » : شدّة الفَرَح والنشاط. وقد مَرِحَ فهو مَرِح ومِرّيح ، وأمْرَحه غيره. والاسم : المِراح. الصحاح ،

١٥٨

فَالْفَرَحُ (١) مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللهِ ، وَالْمَرَحُ خُيَلَاءُ ، وَاللَّجَاجَةُ بَلَاءٌ لِمَنِ اضْطَرَّتْهُ إِلى حَمْلِ الْآثَامِ ، وَالتَّكَاثُرُ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَشُغُلٌ وَاسْتِبْدَالُ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ.

فَذلِكَ النِّفَاقُ وَدَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ ، وَاللهُ قَاهِرٌ فَوْقَ عِبَادِهِ ، تَعَالى ذِكْرُهُ ، وَجَلَّ وَجْهُهُ ، وَأَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‌ءٍ خَلَقَهُ (٢) ، وَانْبَسَطَتْ يَدَاهُ ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‌ءٍ رَحْمَتُهُ ، وَظَهَرَ (٣) أَمْرُهُ ، وَأَشْرَقَ نُورُهُ ، وَفَاضَتْ بَرَكَتُهُ ، وَاسْتَضَاءَتْ حِكْمَتُهُ ، وَهَيْمَنَ (٤) كِتَابُهُ ، وَفَلَجَتْ (٥) حُجَّتُهُ ، وَخَلَصَ دِينُهُ ، وَاسْتَظْهَرَ (٦) سُلْطَانُهُ ، وَحَقَّتْ كَلِمَتُهُ ، وَأَقْسَطَتْ (٧) مَوَازِينُهُ ، وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ ، فَجَعَلَ السَّيِّئَةَ (٨) ذَنْباً ، وَالذَّنْبَ (٩) فِتْنَةً ، وَالْفِتْنَةَ دَنَساً ؛ وَجَعَلَ الْحُسْنى عُتْبى (١٠) ، وَالْعُتْبى تَوْبَةً ، وَالتَّوْبَةَ طَهُوراً ؛ فَمَنْ تَابَ اهْتَدى ؛ وَمَنِ افْتُتِنَ غَوى مَا لَمْ يَتُبْ إِلَى اللهِ ، وَيَعْتَرِفْ بِذَنْبِهِ ، وَلَايَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ.

اللهَ اللهَ ؛ فَمَا أَوْسَعَ مَا لَدَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْبُشْرى وَالْحِلْمِ الْعَظِيمِ!

__________________

ج ١ ، ص ٤٠٤ ( مرح ).

(١) في « ص » : « والفرح ».

(٢) قرأ « خلقه » بسكون اللام أيضاً في مرآة العقول حيث قال فيه : « قوله : خلقه ، بدل اشتمال لـ « كلّ شي‌ء » أي‌أحسن خلق كلّ شي‌ء. أو هو بفتح اللام على صيغة الفعل ».

(٣) في البحار : « فظهر ».

(٤) الظاهر من الوافي كون « هيمن » متعدّياً ؛ حيث قال فيه : « هيمن كتابه ، أي جعله شاهداً ورقيباً ومؤتمناً ».

(٥) « الفُلْج » : الظَّفر بمن تخاصمه. وفَلَجتْ حجّتك وفَلَجتَ على صاحبك بحقّك. ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٤١٣ ( فلج ).

(٦) ظَهَرتُ على الرجل : غلبتُه. وظَهَرتُ البيتَ : علوتُه. ويستظهر بحجج الله على خلقه ، أي يطلب الغلبة عليهم‌بما عرّفه الله من الحجج. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٢ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٣٩٠ ( ظهر ).

(٧) يقال : أقسط يُقسِط فهو مُقسِط : إذا عدل. النهاية ، ج ٤ ، ص ٦٠ ( قسط ).

(٨) في « بس » وحاشية « بف » : « للسيّئة ».

(٩) في « بس » وحاشية « بف » : « وللذنب ».

(١٠) « الحسنى » : الأعمال الحسنة ، أو الكلمة الحسنى ، وهي العقائد الحقّة. و « العتبى » : الرضا ، أي سبباً لرضا الخالق ؛ أو « العتبى » : الرجوع من الذنب والإساءة والعصيان إلى التوبة والطاعة والإحسان. وفي الوافي : « وجعل الحسنى عتبى ، ناظرٌ إلى قوله سبحانه : ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) [ هود (١١) : ١١٤ ] ». راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٥٧٦ ( عتب ).

١٥٩

وَمَا أَنْكَلَ (١) مَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَنْكَالِ وَالْجَحِيمِ وَالْبَطْشِ (٢) الشَّدِيدِ! فَمَنْ ظَفِرَ بِطَاعَتِهِ اجْتَلَبَ (٣) كَرَامَتَهُ ؛ وَمَنْ دَخَلَ فِي مَعْصِيَتِهِ ذَاقَ وَبَالَ نَقِمَتِهِ ، وَعَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ». (٤)

٢٨٦٨ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالْحُسَيْنِ (٥) بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعاً ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ (٦) ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام أَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَكَتَبَ عليه‌السلام إِلَيَّ : « ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) (٧) لَيْسُوا مِنَ الْكَافِرِينَ (٨) ، وَلَيْسُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ (٩) ، وَيَصِيرُونَ إِلَى الْكُفْرِ (١٠) وَالتَّكْذِيبِ ؛ لَعَنَهُمُ اللهُ ». (١١)

__________________

(١) « نكلتُه » : قيّدته. والنَّكل : قيد الدابّة وحديدة اللجام ؛ لكونهما مانِعَين. والجمع : الأنكال. ونكَّلتُ به : إذافعلت به ما يُنكِّل به غيره. واسم ذلك الفعل : نكال. المفردات للراغب ، ص ٨٢٥ ( نكل ).

(٢) « البَطْش » : الأخذ بسُرعة ، والأخذ بعُنف وسَطْوة. مجمع البحرين ، ج ٤ ، ص ١٣٠ ( بطش ).

(٣) هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بر ، بس ، بف » والوافي ومرآة العقول. وفي المطبوع : « اجتنب ».

(٤) الغارات ، ج ١ ، ص ٨٦ ، ذيل الحديث الطويل ؛ والخصال ، ص ٢٣٤ ، باب الأربعة ، ذيل الحديث الطويل ٧٤ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٨٥٧ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٣٤١ ، ح ٢٠٦٩٣ ، ملخّصاً ؛ البحار ، ج ٧٢ ، ص ١١٦ ، ح ١٥.

(٥) في « بس » : « الحسن ».

(٦) ورد الخبر ـ مع اختلاف يسير ـ في الزهد للحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضل. والمتكرّر في أسناد عديدة رواية الحسين بن سعيد عن محمّد بن الفضيل. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٤٨٤ ـ ٤٨٥.

(٧) النساء (٤) : ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٨) في الزهد : « ليسوا من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ». وفي تفسير العيّاشي : « ليسوا من عترة ».

(٩) في « ص » : « الإسلام ».

(١٠) في الزهد وتفسير العيّاشي : « يسرّون الكفر » بدل « يصيرون إلى الكفر ».

(١١) الزهد ، ص ١٣٥ ، ح ١٧٩ ، عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٨٢ ، ح ٢٩٤ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٨٧٣.

١٦٠