أصول الفقه - ج ١٠

آية الله الشيخ حسين الحلّي

أصول الفقه - ج ١٠

المؤلف:

آية الله الشيخ حسين الحلّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الفقه والأصول المختصّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-83-6
ISBN الدورة:
978-600-5213-23-2

الصفحات: ٤٩٤

الساتر ، وعلى الأوّل يكون التمكّن من ذلك الجزء شرطاً في التكليف بالكل ، فإن كان في أوّل الوقت متمكّناً منه ثمّ طرأ عدم التمكّن ، كان للاستصحاب مجال ، وإلاّ بأن كان عند دخول الوقت غير متمكّن منه ، لم يكن الوجوب حينئذ ثابتاً ومحقّقاً حتّى نستصحبه ، بل كان وجوده من أوّل الأمر مشكوكاً.

وبالجملة : أنّ التمكّن من الجزء المذكور يكون من جملة الشرائط التي قال عنها إنّه لابدّ من فرض دخول الوقت مع اجتماع شرائط التكليف ، وحينئذ فلابدّ من فرضه متمكّناً من ذلك الجزء ، ولا يكفي مجرّد فرض دخول الوقت ، فتأمّل.

ثمّ لا يخفى أنّ الحكم الكلّي إنّما يجري فيه الاستصحاب في مورد الشكّ في النسخ ، لأنّه حينئذ يكون الحكم الكلّي مشكوك البقاء فيستصحب نفس ذلك الحكم الكلّي ، أمّا إذا كان منشأ الشكّ في البقاء هو اختلال بعض القيود والحالات فلا يكون المستصحب فيها إلاّ الحكم الفعلي المترتّب على ذلك الموضوع ، فإنّ المستصحب في الماء المتغيّر الذي زال تغيّره ليس هو الحكم الكلّي ، لأنّ ذلك الحكم الكلّي لا شكّ لنا في بقائه ، وإنّما المستصحب هو النجاسة الفعلية الخارجية المفروضة الوجود بفرض وجود موضوعها وهو الماء المتغيّر ، ولا فرق بين هذا الاستصحاب والاستصحاب الذي يعمله المقلّد فيما لو ابتلي بالماء المتغيّر الزائل تغيّره سوى أنّ المستصحب في مسألة المقلّد هو الصغرى المحقّقة وفي مسألة المجتهد هو الصغرى المفروضة ، بل إنّ المقلّد بنفسه لا يستصحب ولا يعرف ما الاستصحاب ، وأقصى ما فيه هو أنّ المجتهد ينقّح له الكبرى ويعطيها بيده والمقلّد يعمل بها في مواردها ، من دون فرق في ذلك بين كون مأخذ تلك الكبرى هو الدليل الاجتهادي الذي يكون مصحّحاً للمجتهد أن يخبر المقلّد بما هو الواقع الذي يراه ، أو يكون مأخذها هو الاستصحاب الجاري في

٤٨١

الشبهات الحكمية ، فإنّه يصحّ للمجتهد الإخبار عن الحكم الواقعي اعتماداً على ذلك الاستصحاب ، بل إنّ الأمر كذلك في الاستصحاب الجاري في الشبهات الموضوعية مثل من تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث ، فإنّ اليقين والشكّ وإن كان هو يقين المقلّد وشكّه ، لكن المجتهد يخبره عن حكمه بواسطة ذلك الشكّ واليقين ، على إشكال في ذلك وفي الأُصول العملية الأُخرى مثل أصالة البراءة ونحوها.

وحاصل الإشكال في الأوّل : أنّ المقلّد وإن كان هو المتيقّن وهو الشاكّ إلاّ أنّه لا يمكن أن يتوصّل من يقينه وشكّه إلى حكمه وهو البناء على ذلك المتيقّن ، بل الذي يوصله إليه هو المجتهد ، مع أنّ ذلك المجتهد ليس له ذلك اليقين ولا ذلك الشكّ.

وحاصل الإشكال في الثاني هو عكس الإشكال في الأوّل ، فإنّ منشأ الإشكال فيه هو أنّ الشاكّ في حرمة شرب التتن مثلاً هو المجتهد ، فإنّه هو الذي يصدق عليه أنّه غير عالم ، أمّا العامي فليس له نصيب في العلم بذلك ولا بعدم العلم ، فكيف يكون الحكم المنطبق على المجتهد الذي استفاده من حديث الرفع مثلاً الذي يكون موضوعه مختصّاً به منطبقاً على العامي المقلّد له ، ولتحقيق ذلك مقام آخر.

قول الشيخ قدس‌سره : ثمّ إنّه لا فرق بناءً على جريان الاستصحاب بين تعذّر الجزء بعد تنجّز التكليف كما إذا زالت الشمس متمكّناً من جميع الأجزاء ففقد بعضها ، وبين ما إذا فقده قبل الزوال ، لأنّ المستصحب هو الوجوب النوعي المنجّز على تقدير اجتماع شرائطه ، لا الشخصي المتوقّف على تحقّق الشرائط

٤٨٢

فعلاً ، نعم هنا أوضح (١).

الظاهر أنّه يومئ في القسم الثاني إلى استصحاب الحكم التعليقي ، فيجعل الأربعة بمنزلة العصير ، ويجعل دخول الوقت بمنزلة الغليان ، ويجعل الوجوب بمنزلة الحرمة ، ويجعل التحوّل من القدرة على الخامس إلى عدم القدرة عليه من قبيل التحوّل من العنبية إلى الزبيبية ، فكما يقال للعصير بعد أن تحوّل إلى الزبيبية هذا كان حينما كان عنباً لو غلى يحرم فالآن هو كذلك ، فكذلك يقال للأربعة بعد أن تعذّر الخامس هذه كانت عندما كان الخامس مقدوراً لو دخل الوقت لوجبت ، والآن عندما تعذّر الخامس كذلك باقية على ما كانت عليه من الحكم ، وهو أنّها لو دخل الوقت لوجبت ، وحيث قد دخل الوقت فهي الآن واجبة بحكم ذلك الاستصحاب التعليقي. ولا يلتفت إلى ذلك التحوّل ، لكونه من الحالات نظير التحوّل من العنبية إلى الزبيبية ، فلا يتوجّه الإشكال بأنّها قبل الوقت حينما كان الخامس مقدوراً وإن صدق عليه أنّها لو دخل الوقت لوجبت ، إلاّ أنّ المراد هو أنّها وجبت مع الخامس والآن بعد التعذّر ودخول الوقت لا يكون وجوبها مع الخامس ، لما عرفت (٢) من دفع هذا الإشكال بالتسامح ، نعم لابدّ من أن يمرّ زمان على المكلّف يكون فيه قادراً على الخامس ثمّ لا يضرّه التعذّر الواقع قبل الوقت كما هو الظاهر من فرض المصنّف قدس‌سره بقوله : وبين ما إذا فقده قبل الزوال ، هذا.

ولكن الإنصاف وضوح الفرق بين التحوّل من العنبية والتحوّل من القدرة على الخامس ، فإنّ القدرة على الخامس هي القوام في قولنا هذه الأربعة لو دخل الوقت كانت واجبة ، بخلاف العنبية لإمكان دعوى كونها من حالات الموضوع لا

__________________

(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٢.

(٢) راجع الحاشيتين المتقدّمتين في الصفحة : ٤٤٩ و ٤٥٢.

٤٨٣

من مقوّماته.

وبالجملة : أنّ العنبية بحسب النظر العرفي تعدّ من الحالات الأجنبية عن المدخلية في الحكم ، بخلاف القدرة على الخامس بالنسبة إلى وجوب الأربعة في ضمن وجوب الخمسة ، فإنّها لا ريب في كونها لها المدخلية في ذلك الوجوب غايته هل أنّها بنحو العلّية أو بنحو الموضوعية ، والمصحّح لاستصحاب وجوب الأربعة هو دعوى كون القدرة على الخامس لو كان لها المدخلية فمدخليتها بنحو العلّية لا بنحو الموضوعية ، فلا يكون الشكّ في مدخليتها من قبيل الشكّ في الموضوع. وعلى أيّ حال ، ليست القدرة من قبيل العنبية التي تعدّ بالنظر العرفي من الحالات الأجنبية عن المدخلية في الحكم بالمرّة ، فلا يرد الإشكال علينا بأنّكم إذا اعترفتم بمدخلية القدرة كيف يصحّ لكم استصحاب وجوب الأربعة فيما لو دخل وكان متمكّناً من الخامس ثمّ طرأه تعذّر الخامس.

ثمّ لا يخفى أنّ الذي يظهر من هذا التحرير هو شرح ما أفاده الشيخ قدس‌سره وأنّه لا يبتني على استصحاب الحكم التعليقي ، لكن الذي يظهر من تحرير السيّد ( سلّمه الله ) هو ابتناء ما أفاده على مسلكه قدس‌سره من جريان الاستصحاب في الحكم التعليقي. ولكن يمكن توجيه ما رامه من عدم الفرق بما لا يتوقّف على صحّة الاستصحاب التعليقي ، فإنّه بعد أن وجّه الاستصحاب فيما نحن فيه من صورة كون التعذّر ابتدائياً ، أفاد ما هذا نصّه : ومنه يظهر أنّ جريان الاستصحاب في فرض التعذّر الابتدائي لا يتوقّف على القول بحجّية الاستصحاب التعليقي كما لعلّه يظهر من كلام العلاّمة الأنصاري قدس‌سره في المقام ، فراجع (١).

__________________

(١) أجود التقريرات ٤ : ١٧٩.

٤٨٤

قوله : التنبيه الرابع عشر : المراد من « الشكّ » الذي أُخذ موضوعاً في باب الأُصول العملية ومورداً في باب الأمارات ... الخ (١).

حيث قد حرّرت عنه قدس‌سره في هذا التنبيه ما هو أبسط من ذلك ، وفيه تعرّض لما أفاده الشيخ قدس‌سره فلا بأس بنقله برمّته ، قال : إنّ ما أفاده الشيخ قدس‌سره في الكتاب (٢) من أنّ الظنّ غير المعتبر تارةً يكون قد قام الدليل الخاصّ على عدم اعتباره كالقياس ، وأُخرى لا يكون كذلك بل أقصى ما فيه أنّه لم يقم على اعتباره دليل ، فما كان من قبيل الأوّل لا شبهة في عدم مزاحمته للاستصحاب إذا كان على خلافه ، لحكم الشارع بالغائه وعدم الاعتناء به ورفع اليد لأجله عمّا يقتضيه الأصل اعتناءٌ به ، وما كان من قبيل الثاني يكون مشكوك الاعتبار ، فلو قدّمناه على الاستصحاب رجع الأمر إلى رفع اليد عن اليقين السابق بالشكّ ، فيكون مشمولاً لأخبار الاستصحاب. هذه خلاصة ما أفاده الشيخ قدس‌سره.

وفيه : أنّ ما أفاده في الأوّل إنّما يتمّ إذا كان رفع اليد عمّا يقتضيه الاستصحاب لأجل الظنّ الحاصل من القياس ركوناً إليه وعملاً به ، والمفروض أنّ الأمر ليس كذلك ، بل إنّ دليل الاستصحاب لمّا كان مقيّداً بالشكّ فبعد الجمود على ما هو حقيقة الشكّ الذي هو تساوي الطرفين يكون الظنّ الحاصل من القياس القائم على خلاف مقتضى الاستصحاب رافعاً لموضوع الاستصحاب رفعاً وجدانياً تكوينياً ، وحينئذ فلا تكون الأدلّة الدالّة على إلغاء القياس دالّة على عدم الاعتناء بالظنّ الوجداني الحاصل منه في قبال الاستصحاب ، وإنّما أقصى ما فيها هو أنّ القياس لا يعمل به في الشريعة ، ومن الواضح أنّ ارتفاع الشكّ الذي

__________________

(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٣.

(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٦.

٤٨٥

هو موضوع الاستصحاب بالظنّ الوجداني الحاصل من القياس لا يكون عملاً بالقياس ، بل يكون الارتفاع قهرياً وجدانياً.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ تلك الأدلّة يستفاد منها أنّ الظنّ الحاصل منه وجوده كعدمه وأنّه بمنزلة الشكّ ، إلاّ أنّه مع ذلك لا يكون هذا المعنى مصحّحاً لجريان الاستصحاب بعد فرض كون الظنّ الوجداني القائم على خلافه رافعاً لموضوعه وجداناً رفعاً قهرياً ، وحينئذ فلا فرق فيما نحن فيه بين كون الظنّ ممّا قام الدليل على عدم اعتباره أو كونه ممّا لم يقم.

وأمّا ما أفاده قدس‌سره في الثاني ففيه : أنّ المدافعة والمزاحمة إنّما وقعت بين نفس الظنّ الذي قام على موت زيد مثلاً وبين الاستصحاب الذي قام على بقاء حياته ، ولا ريب أنّ موت زيد يكون مظنوناً بالوجدان ، ومقتضاه ارتفاع موضوع الاستصحاب الذي هو الشكّ في بقاء الحياة ، ومجرّد كون الظنّ مشكوك الاعتبار لا يوجب كون نفس الموت مشكوكاً ، وإنّما أقصى ما فيه أن يكون الحكم التعبّدي بالبناء على موته مشكوكاً ، وأين هذا من كون نفس الموت مشكوكاً كي يكون مشمولاً لأخبار الباب.

وحينئذ فعمدة الجواب هو ما ذكره قدس‌سره ثانياً (١) من كون المراد من الشكّ ليس هو خصوص تساوي الطرفين ، بل هو عبارة عن عدم العلم ، ولو سلّم كونه عبارة عن تساوي الطرفين لكنّه لمّا كان مأخوذاً كاليقين من حيث الطريقية ، فيقوم مقامه كلّ ظنّ لم يكن معتبراً ، لا أنّا نقول إنّ اليقين الناقض والمنقوض أعمّ من اليقين الوجداني والتعبّدي ، والشكّ عبارة عن عدم العلم الأعمّ من الوجداني والتعبّدي كي يكون تقديم الأمارات عليه من باب التخصّص والورود لا الحكومة ، بل إنّا

__________________

(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٥.

٤٨٦

نقول إنّ الغرض من اليقين ناقضاً ومنقوضاً هو اليقين الوجداني ، والغرض من الشكّ هو خصوص تساوي الطرفين ، ولكن لمّا كان اليقين في هذا الباب معتبراً من باب الطريقية قامت مقامه الأمارات ، وكان محصّل ذلك أنّ الشكّ الذي هو عبارة عن تساوي الطرفين معتبر من حيث عدم الطريق ، فيقوم مقامه الظنّ غير المعتبر.

ثمّ إنّ هذا الذي تقدّم من جريان الاستصحاب في مورد الظنّ غير المعتبر على خلافه لا يفرق فيه بين كون الاستصحاب معتبراً من باب التعبّد أو أنّه من باب الظنّ ، أمّا الأوّل فواضح كما تقدّم ، وأمّا الثاني فلأنّ الغرض من كونه معتبراً من باب الظنّ ليس هو الظنّ الفعلي ، وإلاّ فلا ريب في كون مجرّد الحدوث فيما تقدّم قد لا يكون موجباً للظنّ الفعلي بالبقاء ، بل الغرض منه الظنّ النوعي كسائر الأمارات التي يقال إنّها معتبرة من باب الظنّ النوعي ، وحينئذ فلا مانع من قيام الظنّ الفعلي على خلافها.

قلت : لا يخفى أنّ الشيخ قدس‌سره (١) ذكر لعدم رفع اليد عن الاستصحاب بالظنّ غير المعتبر وجوهاً ثلاثة : أوّلها الإجماع. ثانيها : أنّ المراد بالشكّ في باب الأُصول هو عدم اليقين. الثالث : أنّ الظنّ غير المعتبر إن علم بعدم اعتباره بالدليل فمعناه أنّ وجوده كعدمه عند الشارع ، وأنّ كلّ ما يترتّب شرعاً على تقدير عدمه فهو المترتّب على تقدير وجوده ، وإن كان ممّا شكّ في اعتباره فمرجع رفع اليد عن اليقين بالحكم الفعلي السابق بسببه إلى نقض اليقين بالشكّ. واستند الشيخ قدس‌سره إلى ما أفاده في الثاني من كون المراد بالشكّ هو عدم اليقين إلى النقل عن

__________________

(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٥ وما بعدها.

٤٨٧

الصحاح (١). ثمّ ذكر أنّ دعوى انصرافه إلى خصوص تساوي الطرفين لا شاهد لها وأنّ الشاهد على خلافها ، وذكر شواهد تدلّ على أنّ المراد بالشكّ هو خلاف اليقين منها : قوله : « لا ، حتّى يستيقن » الخ (٢) ، ومنها قوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر » (٣) فإنّ ظاهره حصر ناقض اليقين باليقين. ومنها قوله : « فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم » (٤) فإنّ ظاهره فرض ما يوجب الظنّ بالنوم. ومنها قوله : « لعلّه شيء أُوقع عليك » (٥) فإنّه لمجرّد إبداء الاحتمال وإن كان موهوماً. ومنها قوله : « صم للرؤية وأفطر للرؤية » (٦) إلى غير ذلك من الشواهد التي ذكرها لما هو المطلوب من كون المراد من الشكّ هو عدم اليقين لا خصوص تساوي الطرفين.

إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ قوله : مضافاً إلى ما تقدّم في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي من أنّ الشكّ إنّما أُخذ موضوعاً في الأُصول العملية من جهة كونه موجباً للحيرة وعدم كونه محرزاً وموصلاً للواقع ، لا من جهة كونه صفة قائمة في النفس في مقابل الظنّ والعلم ، فكلّ ما لا يكون موصلاً ومحرزاً للواقع ملحق بالشكّ حكماً وإن لم يكن ملحقاً به موضوعاً ، كما أنّ كلّ ما يكون موصلاً للواقع ومحرزاً له ملحق بالعلم حكماً وإن لم يكن ملحقاً به موضوعاً الخ (٧) إن كان هذا راجعاً إلى ما استفاده الشيخ قدس‌سره من قوله عليه‌السلام : « ولكن تنقضه بيقين آخر » من

__________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٩٤ مادّة « شكك ».

(٢، ٣، ٤) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).

(٥) وسائل الشيعة ٣ : ٤٨٢ ـ ٤٨٣ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ١.

(٦) وسائل الشيعة ١٠ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١٣.

(٧) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٣.

٤٨٨

حصر ناقض اليقين باليقين ، وأنّ الظنّ لا ينقض اليقين السابق ، لم يكن ذلك وجهاً آخر في قبال ما نقله من الصحاح ، بل أقصى ما فيه أنّه مؤيّد له ، بل هو من جملة الشواهد على ردّ دعوى الانصراف.

وإن كان راجعاً إلى دعوى أنّ المراد بالشكّ هو عدم الإحراز ، وأنّ المراد من اليقين الناقض لليقين السابق هو مجرّد الاحراز ، توجّه عليه أنّ مقتضاه كون الأمارات الشرعية واردة على الأُصول لا حاكمة ، وأنّ الظنّ غير المعتبر ملحق موضوعاً بالشكّ ، كما أنّ الظنّ المعتبر ملحق موضوعاً باليقين ، لا أنّهما ملحقان بهما حكماً.

ولعلّه يريد بهذه الاضافة ما تقدّم ذكره وحاصله : أنّ الشكّ وإن كان هو عبارة عن تساوي الطرفين إلاّ أنّه أخذ من حيث لازمه الأعمّ الذي هو التحيّر و [ عدم ] الإحراز ، و [ لمّا ] كان الظنّ غير المعتبر غير رافع لذلك التحيّر لم يكن موجباً لسقوط الاستصحاب ، وحينئذ فتكون هذه الاضافة مغايرة لما أفاده أوّلاً من النقل عن الصحاح ، لأنّ تلك دعوى مرجعها إلى الاستعمال ، ولأجل ذلك استدلّ الشيخ عليها واستشهد لها بموارد الاستعمال ، وهذه دعوى مرجعها إلى أنّ الشكّ لم يستعمل إلاّفي معناه الذي هو نفس تساوي الطرفين ، ولكن أخذه موضوعاً للاستصحاب لا من حيث ذاته وكونه صفة خاصّة قائمة بنفس الشاكّ ، بل من حيث كونه موجباً للتحيّر وعدم إحراز الواقع به ، وحينئذ يكون قيام الأمارة الشرعية مقام الاستصحاب من باب الحكومة لا من باب الورود ، فتأمّل.

ولعلّ المنشأ في كونه من باب الحكومة هو أنّ الاحراز في الأمارات الشرعية لمّا لم يكن وجدانياً كاليقين بل كان بجعل الشارع ، كان تقدّمها على الاستصحاب من باب الحكومة ، لأنّ المايز بين الحكومة والورود هو الاحتياج

٤٨٩

إلى الحكم الشرعي وعدمه ، فتأمّل.

تنبيه : لا يخفى أنّه لو قلنا إنّ الظنّ غير المعتبر مسقط للاستصحاب ، فليس معناه أنّا نعمل بذلك الظنّ ، بل إنّ المراد هو مجرّد إسقاط الاستصحاب ، فلابدّ من الرجوع إلى أصل آخر غير مقيّد بالشكّ مثل حديث الرفع الذي يكون المدار فيه على عدم العلم ، ولو لم يكن في المسألة مثل هذا الأصل كانت المسألة ممّا سقط فيه جميع الأُصول ، ويتعيّن الاحتياط إن أمكن وإلاّ فالتخيير.

٤٩٠

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

التنبيه السادس : الاستصحاب التعليقي........................................... ٣

اختلاف الأسماء والعناوين المأخوذة في الدليل من حيث دخلها في الموضوع وعدمه..... ٣

الشكّ في بقاء الحكم الجزئي وصور الشكّ في بقاء الحكم الكلّي.................... ٥

ما يبتني عليه منع جريان الاستصحاب التعليقي.................................... ٧

نقل كلام صاحب المقالات في المقام............................................ ١٠

نقل كلام العلاّمة الأصفهاني في المقام........................................... ١٦

نقل كلام السيّد الحكيم قدس‌سره ودفع ما أورده على المحقّق النائيني قدس‌سره.......... ٢٢

نقل كلام العلاّمة الخراساني في حاشية الرسائل وما يمكن أن يفسّر به.............. ٢٣

وجوه تقرير المستصحب في المقام.............................................. ٢٥

تنبيه : لو كان الشرط أمراً تكوينياً غير الغليان.................................. ٣٢

الكلام في حكومة الاستصحاب التعليقي على الاستصحاب التنجيزي.............. ٣٣

تنبيه : الإشكال على استصحاب الحلّية المنجّزة بأنّه من القسم الثالث من استصحاب الكلّي ٤٠

٤٩١

الكلام في كون الحلّية محدودة شرعاً بالغليان وعدمه............................. ٤٨

تنبيه : التعرّض لكلام صاحب حقائق الأُصول في المقام........................... ٥٢

حول التمسّك بالاستصحاب التعليقي في مسألة الصلاة في اللباس المشكوك........ ٥٦

تنبيه : في حكومة الاستصحاب التعليقي على الاباحة الفعلية...................... ٦٠

تكميل : فيما اشتهر من أنّ استصحاب عدم الضدّ لا يثبت وجود الضدّ الآخر والمناقشة فيه ٧٢

التنبيه السابع : استصحاب بقاء أحكام الشرائع السابقة.......................... ٧٧

التنبيه الثامن : الكلام في حجّية الأصل المثبت.................................... ٨٤

الاشارة إلى أنّ المجعول في باب الأمارات هي الحجّية لا الطريقية................... ٨٤

الاشارة إلى ما هو المجعول في باب الأُصول العملية............................... ٨٧

الاستدلال بقياس المساواة على ترتّب آثار المستصحب وموارد جريانه.............. ٩١

دعوى دلالة إطلاق أدلّة اعتبار الأمارات على إثبات اللوازم والملزومات........... ٩٩

الكلام في التفصيل بين الواسطة الجلية والخفية والبحث في فروع فقهية ذكرت كأمثلة لخفاء الواسطة ١٠١

التعليق على كلمات أجود التقريرات في المقام................................. ١٢٨

تحقيق معنى « أوّل الشهر » ومثبتية استصحاب بقاء رمضان أو عدم هلال شوال.. ١٣٩

ذكر بعض الفروع التي توهم ابتناؤها على الأصل المثبت....................... ١٤٨

التنبيه التاسع : مقتضى الأصل عند الشكّ في تقدّم الحادث وتأخّره.............. ١٥٨

الكلام في الشكّ في التقدّم والتأخّر بالاضافة إلى أجزاء الزمان................... ١٥٨

التعليق على ما ذكره النائيني قدس‌سره في الموضوعات المركّبة........................ ١٥٨

٤٩٢

الكلام في منع جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ........................... ١٦٠

تحقيق جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ.................................. ١٦٩

تحقيق جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ.................................. ١٧٥

القول بعدم جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين فيه ١٧٨

ما ذكره صاحب الكفاية في المقام والتعليق عليه................................ ١٩٤

تفصيل الكلام في معلوم التاريخ ومجهوله...................................... ٢٠٩

تفصيل الكلام في صور الشكّ بين الكرّية والملاقاة............................. ٢٤٢

فائدة : ما إذا اتّفقا على الرجوع وانقضاء العدّة واختلفا في المتقدّم منهما......... ٢٥٥

تنبيه : التعرّض لمسألة في العروة حول الماء المشكوك كرّيته...................... ٢٦٦

تكميل : في غسل الثوب النجس في الماء المشكوك الكرّية....................... ٢٧٢

استطراد : فيما لو علم بتحقّق الذبح والموت وشكّ في المتقدّم والمتأخّر منهما...... ٢٧٤

عود إلى مسألة الشكّ بين الكرّية والملاقاة.................................... ٢٨٠

التنبيه الثاني عشر : استصحاب حكم المخصّص................................ ٢٨٤

التأمّل في كون الأصل في باب الزمان الظرفية................................. ٢٨٤

أنحاء لحاظ الزمان قيداً للحكم أو المتعلّق والتأمّل في دخله في المطلب............. ٢٨٥

ما يدلّ على اعتبار العموم الزماني في الحكم أو متعلّقه.......................... ٢٨٦

الكلام في مصب العموم الزماني من حيث إنّه متعلّق الحكم أو نفس الحكم....... ٢٨٩

الكلام في العموم الزماني المأخوذ في ناحية المتعلّق............................... ٢٩٥

كلام مفصّل حول ضابط جريان الاستصحاب وضابط التمسّك بالعموم......... ٣١١

٤٩٣

ذكر جهات مختلفة مرتبطة بالبحث.......................................... ٣٤٧

التعرّض لما أفاده المحقّق الحائري قدس‌سره في المقام ونقده............................. ٣٥٦

تأسيس الأصل عند الشكّ في أصل العموم الزماني أو في مصبّه بعد العلم به....... ٣٦٢

مصبّ العموم الزماني في الأحكام الوضعية.................................... ٣٧٢

مصبّ العموم الزماني في التكاليف........................................... ٣٩٢

إلحاق وتكميل : ذكر كلام للسيّد اليزدي قدس‌سره في حاشية المكاسب والتعليق عليه. ٤٢٩

التنبيه الثالث عشر : استصحاب وجوب الباقي عند تعذّر بعض أجزاء المركّب... ٤٤٢

التنبيه الرابع عشر : المراد بالشكّ في موضوع الأُصول والأمارات............... ٤٨٥

فهرس الموضوعات.......................................................... ٤٩١

٤٩٤