أصول الفقه - ج ٧

آية الله الشيخ حسين الحلّي

أصول الفقه - ج ٧

المؤلف:

آية الله الشيخ حسين الحلّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الفقه والأصول المختصّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-72-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-23-2

الصفحات: ٥٩٢

وإن كان في نفسه معلوماً ، إلاّ أنّ انطباقه على ذلك المورد مجهول غير معلوم ، لأنّ ذلك التكليف مجهول من هذه الناحية أعني ناحية كونه وجوب صلاة الجمعة.

ولكن هذا تكلّف لا داعي له بعد أن كان وجوب صلاة الجمعة في حدّ نفسه مشكوكاً ، ولو كان هذا الشكّ مسبّباً عن الشكّ في انطباق المعلوم الاجمالي عليه ، إذ لا مانع من الرجوع إلى الأصل في الشكّ المسبّبي بعد أن كان الشكّ السببي لا مورد للأصل فيه. وليس الترخيص في الشكّ المسببي من باب عدم الاقتضاء حتّى يكون اجتماعه مع العلم الاجمالي من اجتماع المقتضي واللاّ مقتضي ، بل هو ترخيص فعلي مانع من تأثير المقتضي وهو العلم الاجمالي أثره ، وهو تنجّز التكليف في هذا الطرف واستحقاق العقوبة عليه ، لما عرفت من أنّ اقتضاء العلم الاجمالي التنجّز ولزوم الموافقة القطعية معلّق على عدم الترخيص الشرعي في بعض الأطراف ، فإنّ محصّل الترخيص هو في مخالفة التكليف الواقعي لو كان موجوداً هنا ، ولا يضرّنا القول بأنّ الشارع رخّص في مخالفة ذلك التكليف المعلوم لو كان موجوداً في هذا الطرف ، لما عرفت من أنّ العلم به لا يسري إلى هذا الطرف ، فتأمّل.

ولا يخفى أنّ هذه الجملة ليست من منفردات هذا التحرير ، بل حرّرت عنه قدس‌سره نظير ذلك ، فإنّه قدس‌سره اختار في مسألة الاناءين المسبوق أحدهما بالطهارة والآخر بقاعدتها ، أنّ استصحاب الطهارة وقاعدتها في الأوّل يسقطان معاً في قبال قاعدة الطهارة في الثاني ، ثمّ أفاد أنّه مع قطع النظر عن ذلك ، بأن سلّمنا أنّ الساقط هو الاستصحاب وحده ، وتبقى في مورده قاعدة الطهارة بلا معارض لها في الطرف الآخر ، نقول : إنّ سقوط قاعدة الطهارة في الطرف الآخر إنّما هو لأجل العلم الاجمالي ، فلا يؤثّر في جريان الأصل النافي في هذا الطرف ، لأنّ هذا

٤٢١

السقوط بمنزلة العدم ، لعدم تأثيره في انحلال العلم ، بل يبقى العلم الاجمالي بحاله ، ومن الواضح أنّه ما دام العلم بالتكليف موجوداً لا يمكن الرجوع إلى الأصل النافي ، لعدم حصول المؤمّن من مخالفة ذلك التكليف لو اتّفق في الواقع انطباقه على ما هو مجرى الأصل النافي ، إلاّ إذا كان الأصل النافي جارياً في وادي الفراغ ، لأنّه حينئذ مؤمّن شرعي ـ إلى أن قال ـ فتلخّص : أنّه لا فرق بين كون الضابط هو تعارض الأُصول ، وبين كون الضابط هو العلم بوجود التكليف. وتلخّص أيضاً : أنّ انحلال العلم الاجمالي بالأصل منحصر بما إذا كان أحد الأطراف مجرى للأصل المثبت ، إلى آخر ما حرّرته عنه.

وقال قبل ذلك في هذا المقام أيضاً ما ملخّصه : إنّ التعارض في الأُصول لا معنى له أصلاً ، وأقصى ما فيه أنّهما لا يجتمعان ـ إلى أن قال ـ وغرضنا من قولنا لا يمكن ترجيح أحد الأصلين بلا مرجّح ، أنّه لا يمكن إجراء الأصل النافي في أحد الطرفين وإبقاء الطرف الآخر وتعيينه للتكليف المعلوم ، والبناء على أنّ ذلك هو المكلّف به ، وهذا المعنى لا يفرق فيه بين كون كلّ واحد مورداً للأصل النافي وبين كون أحدهما مورداً للأصل النافي والآخر لا أصل له كما في مثل المثال. نعم لو كان الطرف الآخر مورداً للأصل المثبت ، لما كان تعيينه لما هو المعلوم من التكليف بلا معيّن ومرجّح ، انتهى.

ولكن الظاهر أنّ هذا كلّه هدم لما أسّسه قدس‌سره من المعارضة ، فراجع وتأمّل. وينبغي مراجعة ما تقدّم في مبحث دوران الأمر بين التعيين والتخيير ومسألة دوران الأمر بين الخاص والعام ، وما شرحناه هناك (١) من عدم إمكان الرجوع إلى البراءة في طرف العام ، والرجوع إليها في طرف الخاصّ ، ومن جملة ذلك ما

__________________

(١) راجع الصفحة : ٣٠٠ ـ ٣٠١ وما بعدها.

٤٢٢

لو علم بحدوث الأُختية من الرضاع إمّا بينه وبين هند ، وإمّا بين هند وعاتكة.

ثّم إنّ هذا التحرير بعد فراغه من الجملة الأُولى قال ما هذا لفظه : فتلخّص ممّا ذكرناه : أنّ الأصل المحكوم في بعض الأطراف إذا لم يكن موضوعه مغايراً لموضوع الأصل الحاكم كما في باب الملاقي ، فلابدّ من سقوطه في عرض الأصل الحاكم عليه. نعم اذا كان في الطرف الآخر أيضاً أصل محكوم مثبت للتكليف ، فلا مانع من الرجوع إليه ، فينحلّ العلم الاجمالي ، ويرجع إلى الأصل المحكوم في هذا الطرف أيضاً. وهذا نظير ما إذا علم إجمالاً بزيادة ركعة أو الاتيان بما يوجب سجدتي السهو ، فإنّه بعد تعارض قاعدة الفراغ مع استصحاب عدم الاتيان بموجب سجدتي السهو يرجع إلى أصالة الاشتغال بالنسبة إلى أصل الصلاة ، وأصالة البراءة عن وجوب السجدتين ، فينحلّ العلم الاجمالي ، فكلّ مورد لم ينحل العلم فيه لا مجال للرجوع فيه إلى الأصل أبداً (١).

وفيه تأمّل ، فإنّ الأصل المحكوم في طرف احتمال زيادة ما يوجب سجود السهو الذي هو السلام الزائد مثلاً ، إنّما هو أصالة البراءة عن وجوب سجود السهو ، وإذا فرضنا سقوطه بسقوط الأصل الحاكم عليه وهو أصالة عدم الاتيان بالسلام الزائد ، كيف يعود ويجري إلى جنب أصالة الاشتغال بالصلاة.

ثمّ إنّ الظاهر أنّ طريق المسألة ليس هو التعارض بين قاعدة الفراغ وأصالة عدم الاتيان بالسلام الزائد الذي هو موجب سجود السهو ، بل إنّ قاعدة الفراغ في حدّ نفسها ساقطة ، لكونها بنفسها مضادّة لنفس المعلوم بالاجمال كما أفاده قدس‌سره في تحرير الشيخ رحمه‌الله في آخر ص ١٤ (٢) فراجعه. هذا إن أجرينا في الصلاة المذكورة

__________________

(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٤ ـ ٤٢٥.

(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٤ ـ ٤٥.

٤٢٣

قاعدة الفراغ مرّة واحدة.

ولو أُريد إجراؤها مرّتين ، إحداهما بالنسبة إلى زيادة الركعة والأُخرى بالنظر إلى زيادة السلام ، كانت متعارضة وساقطة بالتعارض. مضافاً إلى أنّ هذا لا يتأتّى في قاعدة الفراغ ، وإنّما يتأتّى في قاعدة التجاوز في الفرع الذي ذكره في تحرير الشيخ رحمه‌الله وهو ما لو فاتته سجدتان ولم يعلم أنّهما من ركعة واحدة أو من ركعتين ، فراجعه في الصفحة المذكورة وما بعدها.

ثمّ بعد انسداد باب قاعدة الفراغ في الفرع المذكور ، يكون المرجع هو أصالة عدم زيادة الركعة وأصالة عدم زيادة السلام ، وبعد التساقط بالتعارض ينتهي الأمر إلى أصالة البراءة من سجود السهو وأصالة الاشتغال بالصلاة. ولعلّ في العبارة سقطاً أو تحريفاً.

نعم ، من قال في مسألة دوران الأمر بين كون المتروك ركناً أو غيره ممّا له أثر من القضاء أو سجود السهو بالطولية بين القاعدتين ، يلزمه هنا أن يقول إنّ قاعدة الفراغ لا تجري في ناحية احتمال زيادة السلام الموجب لسجود السهو ، في قبال قاعدة الفراغ في ناحية احتمال زيادة الركعة ، لأنّ ترتّب الأثر على زيادة السلام إنّما يكون بعد الفراغ عن الحكم بصحّة الصلاة الحاصل من إجراء قاعدة الفراغ في احتمال زيادة الركعة.

وحينئذ فالذي يكون في قبال قاعدة الفراغ في ناحية الركعة هو أصالة عدم زيادة السلام ، لكن بعد تساقطهما يكون المرجع في ناحية الركعة هو أصالة عدمها ، وفي ناحية زيادة السلام أصالة البراءة من وجوب سجود السهو ، وبعد التساقط يلزمه الاعادة وسجود السهو لأجل العلم الاجمالي بلزوم أحدهما.

ويمكن أن يقال : إنّه على هذا القول تكون جميع الأُصول الجارية في

٤٢٤

طرف احتمال زيادة السلام هي في طول قاعدة الفراغ في طرف احتمال زيادة الركعة ، فيحكم لأجلها بصحّة الصلاة مع لزوم سجود السهو لعدم المؤمّن من ناحيته ، ولو تمّ ذلك لكان هذا المورد أحد الموارد التي يكون الأصل النافي فيها جارياً في أحد طرفي العلم الاجمالي ، فمن يقول إنّ ذلك ممنوع ينبغي له أن يقول هنا بالمنع ، ويكون حاصل ذلك أنّ هذه المسألة لا يكون شيء من أطرافها مجرى لأصل من الأُصول ، ولم يبق إلاّ أصالة الاشتغال بالصلاة وعدم المؤمّن من وجوب سجود السهو. وإن شئت فقل : يكون العلم الاجمالي فيها مؤثّراً ابتداءً بلا تعارض بين الأُصول ولا تساقط ، وقد تقدّمت الاشارة (١) إلى نظير هذا الفرع فيما مرّ من مسألة دوران الأمر بين الركن وغيره ، فراجع.

قوله : مع الإذن الشرعي في ارتكاب البعض الآخر ولو بمثل أصالة الاباحة والبراءة ، إذا فرض جريانهما في بعض الأطراف بالخصوص ... الخ (٢).

لا يخفى أنّه بعد فرض كون العلم بالتكليف ولو إجمالاً موجباً لاشتغال الذمّة به ، وبعد فرض حكم العقل بلزوم الفراغ اليقيني عمّا اشتغلت به الذمّة ولو تعبّداً ، لا يمكن الرجوع في بعض أطراف ذلك العلم إلى الأُصول النافية الجارية في مقام شغل الذمّة. نعم تجري الأُصول النافية الجارية في وادي الفراغ مثل أصالة الصحّة أو قاعدة التجاوز أو الفراغ ، ولو مع العلم التفصيلي بالاشتغال ، لأنّها حاكمة بالفراغ ، والفراغ الذي يحكم به العقل بعد إحراز الاشتغال هو الأعمّ من الفراغ الواقعي أو الفراغ التعبّدي ، وهكذا الحال في الأُصول النافية المحقّقة

__________________

(١) لعلّ المقصود به ما في الصفحة : ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٥.

٤٢٥

للشرط مثل أصالة الطهارة في لباس المصلّي ، فإنّها أيضاً محقّقة للامتثال والفراغ التعبّدي.

أمّا الترخيص لأجل الاضطرار فهو أجنبي عن مفاد الأُصول النافية ، لأنّه ترخيص واقعي يجتمع حتّى مع العلم التفصيلي بحرمة ما اضطرّ إليه المكلّف.

وأمّا الأصل النافي في بعض الأطراف مع كون الطرف الآخر مجرى للأصل المثبت للتكليف ، فلا دخل له بما نحن فيه ، لما سيأتي إن شاء الله من أنّ كون بعض الأطراف مجرى للأصل المثبت للتكليف يكون موجباً لانحلال العلم ، ومع انحلال العلم لا يبقى مانع من إجراء الأصل النافي في الطرف الآخر ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ الفرض فيه هو عدم الانحلال ، وليس مفاد الأصل النافي تعيّن التكليف في الطرف الآخر كي يكون اجتناب ذلك الطرف الآخر محقّقاً للفراغ التعبّدي ، إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، فما أُفيد من كون مرجع الأصل النافي إلى جعل البدل لا يخلو عن تأمّل. كما أنّ ما أُفيد من كون الأصل النافي في بعض الأطراف موجباً لتحقّق الفراغ التعبّدي بالاجتناب عن الطرف الآخر لا يخلو أيضاً عن تأمّل.

ومن ذلك يظهر امتناع الترخيص في بعض الأطراف باجراء الأُصول النافية ، وحينئذ فيكون العلم الاجمالي بذلك القدر الجامع هو الموجب لسقوط الأصل النافي في بعض الأطراف لا تعارضها.

ومن ذلك كلّه يظهر لك عدم انحفاظ مرتبة الحكم الظاهري النافي للتكليف الناشئ من الأُصول النافية ولو في بعض الأطراف.

ومن ذلك أيضاً يظهر أنّ ما أفاده (١) في التقرير من الوجه الثاني لتقريب

__________________

(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨.

٤٢٦

جريان الأصل النافي للتكليف فيما لو كان التكليف ثابتاً في بعض الأطراف ، لعدم المعارض حينئذ للأصل النافي ، ليس بخال عن التأمّل ، بل المعتمد هو الوجه الأوّل المبني على أنّ ثبوت التكليف في بعض الأطراف يكون موجباً لعدم تأثير العلم الاجمالي ، وفي الحقيقة أنّه لو كان التكليف ثابتاً في بعض الأطراف لا يكون لنا علم إجمالي بحدوث تكليف ، لا أنّ العلم الاجمالي موجود ولا أثر له لكون بعض الأطراف يجري فيه الأصل النافي بلا معارض في الطرف الآخر كما هو ظاهر الوجه الثاني (١).

ثمّ لا يخفى أنّه ليس المدار في تحقّق الانحلال على تقدّم العلم بثبوت التكليف في بعض الأطراف ، بل المدار فيه على كون ذلك التكليف الثابت في بعض الأطراف متقدّماً على التكليف المعلوم بالاجمال ، فإنّه لو وقعت نجاسة في إناء معيّن ، وعلم إجمالاً بوقوع نجاسة أُخرى مردّدة بينه وبين إناء آخر ، تارةً تكون النجاسة في المعيّن متقدّمة على النجاسة في المردّد ، وأُخرى تكون متأخّرة عنها ، وثالثة تكون مقارنة لها ، والعلم التفصيلي بتلك النجاسة المعيّنة تارة يكون متقدّماً على العلم الاجمالي بالنجاسة المردّدة ، وأُخرى يكون متأخّراً عنه ، وثالثة يكون مقارناً له ، فتكون الصور تسعاً ، يختلف حالها في انحلال العلم وعدم انحلاله ، فراجع ما حرّرناه في شرح الوسيلة (٢). وهكذا الحال فيما لو كان كلّ من

__________________

(١) ينبغي أن يتأمّل في هذا المبحث في فرع ، وهو ما لو علم إجمالاً بأنّه قد صدر منه أحد الأمرين من تطهير ثوبه من الخبث أو الوضوء ، فإنّه بعد تساقط استصحاب الحدث والخبث هل يمكن الرجوع في الوضوء إلى قاعدة لزوم إحراز الشرط ، وفي الثوب إلى قاعدة الطهارة [ منه قدس‌سره ].

(٢) مخطوط لم يطبع بعدُ.

٤٢٧

النجاستين معلوماً بالاجمال.

وممّا ذكرناه من الفرق بين الأُصول النافية في مقام الفراغ والأُصول النافية في مقام الاشتغال ، تعرف أنّ العلم الاجمالي بفوات سجدة من هذه الركعة أو التشهّد مثلاً ، ليس من قبيل العلم الاجمالي بأنّه قد توجّه إليه أمر بأحد الأمرين السجدة والتشهّد ولا يعلمها بعينها ، بل إنّه في مثل ذلك يعلم تفصيلاً بأنّه قد أُمر بكلّ من السجدة والتشهّد ، وقد اشتغلت ذمّته بكلّ منهما أيضاً تفصيلاً أيضاً ، لكن علمه الاجمالي إنّما وقع في مقام الفراغ ، فإنّه يعلم بأنّه قد فرغت ذمّته من أحد الفعلين أعني السجدة والتشهّد ، وبقيت ذمّته مشغولة بالآخر ، فالشكّ بالنسبة إلى كلّ منهما يكون شكّاً في الفراغ بعد أن أحرز اشتغال ذمّته به بالخصوص. وهذا بخلاف العلم الاجمالي المتعارف ، أعني ما كان متعلّقاً باشتغال الذمّة بالتكليف بأحد الأمرين ، فإنّه لا يكون بالنسبة إلى كلّ واحد منهما بخصوصه إلاّ شكّاً في الاشتغال. نعم بعد الاتيان بأحدهما يكون شكّاً في الفراغ بالنسبة إلى القدر المشترك بينهما ، لا بالنسبة إلى الباقي بخصوصه.

وحينئذ فلو كان في البين أصل مثبت في أحد طرفي العلم الاجمالي الذي هو واقع في مقام الاشتغال ، كان موجباً لانحلال العلم الاجمالي ومسوّغاً للرجوع في الطرف الآخر إلى الأصل النافي ، بخلاف العلم الاجمالي الواقع في مقام الفراغ فإنّ وجود الأصل المثبت في أحد طرفي العلم الاجمالي ، مثل أصالة الاشتغال ومثل قاعدة الشكّ في المحل ومثل أصالة عدم الاتيان ، لم يكن موجباً لجواز الرجوع في الطرف الآخر إلى الأُصول النافية مثل أصالة البراءة ، لما عرفت من أنّ الشكّ في كلّ من طرفي هذا العلم راجع إلى العلم بأنّه بنفسه قد اشتغلت به الذمّة ، وأنّ الشكّ إنّما وقع في امتثاله والخروج عن عهدة الأمر.

٤٢٨

نعم ، لو كان ذلك الأصل النافي مثل قاعدة التجاوز أو قاعدة الفراغ أو أصالة الصحّة ونحوها ممّا يكون مرجعه إلى الحكم التعبّدي بالفراغ ، كان ذلك الأصل جارياً.

والحاصل : أنّه في مثل ذلك العلم الاجمالي لابدّ من الاتيان بكلّ واحد من طرفيه إمّا حقيقة ، وإمّا تعبّداً بالركون إلى مثل هذه القواعد ، ولكن لا يمكن أن يكون كلّ واحد من طرفيه مجرى لهذه القواعد ، للعلم بخطأ إحدى القاعدتين الموجب للمخالفة القطعية ، بل إنّما يسوغ الرجوع في بعض الأطراف إلى تلك القواعد إذا لم يكن الطرف الآخر مجرى لتلك القواعد ، بل كان ذلك الطرف الآخر مجرى لأصالة عدم الاتيان ، أو بقي على حاله من مقتضى أصالة الاشتغال ، ومنه قاعدة الشكّ في المحل ، فإنّها ليست قاعدة مستقلّة ، وإنّما هي عبارة عن نفس أصالة الاشتغال بذلك الجزء الذي قد اشتغلت به الذمّة مع الشكّ في امتثاله والخروج عن عهدته.

وبالجملة : لا يتصوّر الرجوع في بعض أطراف ذلك العلم الاجمالي إلى مثل أصالة البراءة ، لأنّها إنّما تجري في مقام الشكّ في الاشتغال لا في مقام الشكّ في الامتثال.

نعم لو رجع الشكّ في تحقّق امتثال الجزء إلى الشكّ في الاشتغال ، كما لو كان الشكّ فيه بعد تجاوز محلّه والدخول في ركن آخر ، بحيث إنّه لا يبقى له أثر إلاّ قضاءه بعد الصلاة أو سجود السهو له ، كان مورداً للبراءة بالقياس إلى الأثر المزبور. والسرّ في ذلك : هو أنّ تجاوز محلّ ذلك الجزء على وجه لا يمكن تلافيه لدخوله في ركن آخر يوجب سقوط الأمر به ، فلا يكون من قبيل الشكّ في بقاء ذلك الأمر ، بل إنّما يكون الشكّ حينئذ شكّاً في الاشتغال ، نظراً إلى الأثر

٤٢٩

المترتّب على ترك ذلك الجزء وعدم التمكّن من تلافيه ، وذلك الأثر هو قضاؤه بعد الصلاة أو سجود السهو له ، فلو كان له طرف آخر مثل ما لو كان الأمر دائراً بين ترك سجدة من الركعة السابقة التي قد فات محلّها للدخول في ركن آخر ، أو ترك سجدة من هذه الركعة التي بقي محلّها أو تجاوزه إلى ما لا يمنع من الرجوع إليها ، كان من قبيل العلم الاجمالي المردّد بين بقاء الأمر بالسجدة اللاحقة ، وبين توجّه الأمر بقضاء السجدة السابقة ، وكانت السجدة السابقة مورداً للبراءة من لزوم قضائها ، ولكن لا يجتمع الرجوع إلى البراءة من قضاء السجدة السابقة مع القواعد النافية في السجدة اللاحقة ، وإنّما يمكن الرجوع إلى البراءة من قضاء السجدة السابقة إذا كانت السجدة اللاحقة مورداً للأُصول المثبتة مثل أصالة عدم الاتيان أو أصالة الاشتغال.

وفي الحقيقة أنّ هذا النحو من العلم الاجمالي لا يحلّه الأصل المثبت الجاري في بعض أطرافه ، كما لا يحلّه الأصل النافي في بعض أطرافه ، بل كلّ طرف من أطرافه يحتاج إلى الخروج عن العهدة إمّا حقيقة أو تعبّداً ، لكن لا يمكن الجمع بين الطرفين في الحكم التعبّدي بالخروج عن العهدة ، لما عرفت من لزوم المخالفة القطعية.

وإن شئت قلت : إنّ هذا العلم الاجمالي لا يمنع من إجراء القواعد النافية في بعض أطرافه إذا كانت جارية في وادي الامتثال ، مثل قاعدة التجاوز والفراغ ، ويكون الموجب لسقوطها في أطرافه هو تعارضها ، وهذا بخلاف العلم الاجمالي المتعلّق بالاشتغال ، فإنّه بنفسه يمنع من جريان الأُصول النافية في بعض أطرافه إذا كانت جارية في أصل الاشتغال ، كما في مثل أصالة البراءة واستصحاب عدم التكليف.

٤٣٠

[ تنبيه ] في مسألة دوران الأمر في الفائت بين كونه ركناً أو غير ركن ممّا يقضى بعد الصلاة أو كان ممّا له سجود السهو.

تقدّم الكلام فيما لو حصل العلم المذكور بعد الفراغ من الصلاة ، فقد عرفت أنّ بعضهم يعارض بين قاعدتي التجاوز أو الفراغ في كلّ من الطرفين ويعارض أيضاً بين أصالتي عدم الاتيان في كلّ من الطرفين ، ويرجع بعد التساقط إلى الأُصول الأُخر ، وهي في مثل ذلك أصالة الاشتغال بالصلاة ، وأصالة البراءة من قضاء غير الركن ومن سجود السهو ، فيحكم بالاعادة فقط.

وبعضهم يقول : إنّه وإن تعارضت القاعدتان ، إلاّ أنّ أصالتي العدم غير متعارضة ، فيحكم بعدم الاتيان بكلّ من الطرفين ، فيلزم بالقضاء لغير الركن وسجود السهو وإعادة الصلاة.

وبعضهم يقول : إنّ قاعدة الفراغ في غير الركن لا تصلح لمعارضة نفس القاعدة في الركن ، إمّا لأنّها في طولها ، وإمّا لأنّ المكلّف يعلم بأنّه لم يمتثل الأمر بغير الركن ، فلا تجري فيه القاعدة ، وأنّ المرجع حينئذ هو قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الركن وأصالة عدم الاتيان بغير الركن ، فيحكم بقضاء غير الركن وسجود السهو من دون إعادة الصلاة ، هذا بناءً على الطولية.

وأمّا بناءً على الوجه الآخر وهو كون غير الركن غير مأتيّ به على وجهه فيكون المرجع الوحيد هو قاعدة التجاوز في الركن ، وهي كما تنفي وجوب الاعادة تكون مثبتة لوجوب قضاء غير الركن.

كما أنّك قد عرفت ممّا حرّرناه (١) أنّه بناءً على تعارض القاعدتين يكون المرجع الوحيد هو أصالة عدم الاتيان بالركن ، لأنّه بواسطة اقتضائه الفساد يكون

__________________

(١) في الحاشية السابقة.

٤٣١

حاكماً على أصالة عدم الاتيان بغير الركن.

ولك أن تشرح العملية في الفروع الآتية على كلّ من هذه المسالك.

وقد جعلنا هذه الفروع أصنافاً بالنظر إلى حصول العلم المردّد بين فوات الركن وغيره ، في المحلّ العمدي أو المحل السهوي ، أو بعد تجاوز المحل السهوي. والضابط في هذه الأصناف هو أن يقال : إنّ العلم المردّد بين كون المتروك ركناً أو غيره ، تارةً يكون حصوله في حال كون المكلّف في المحلّ العمدي بالنسبة إليهما معاً ، بأن يكون الشكّ بالنسبة إلى كلّ من الطرفين شكّاً في المحل. وأُخرى يكون بالنسبة إلى أحدهما شكّاً في المحل ، وبالنسبة إلى الآخر شكّاً بعد تجاوز المحل ، وثالثة يكون الشكّ بالنسبة إلى كلّ منهما من قبيل الشكّ بعد تجاوز المحل.

والأوّل صنف واحد ، وإن اختلف الحال فيه بين ما لو كان الركن سابقاً على غير الركن ، كما لو كان جالساً وتردّد بين ترك التشهّد أو ترك السجود ، وما لو كان الركن متأخّراً كما لو كان في حال القيام وتردّد بين كون المتروك هو الركوع أو كون المتروك هو القراءة كما سيأتي في شرحه.

والثاني أربعة أصناف ، لأنّ ما كان الشكّ بالنسبة إليه من قبيل الشكّ بعد تجاوز المحل ، إمّا أن يكون هو الركن وإمّا أن يكون هو غير الركن. وكلّ منهما إمّا أن يكون بحيث لا يمكنه تلافيه لو كان هو المتروك لكونه قد دخل بعده في ركن آخر ، وإمّا أن يكون بحيث يمكنه تلافيه بأن لم يدخل بعده في ركن آخر.

والثالث ـ وهو ما كان الشكّ فيه بالنسبة إلى كلّ منهما من قبيل الشكّ بعد تجاوز المحل ـ أربعة أصناف أيضاً ، لأنّهما إمّا أن لا يمكن التلافي بالنسبة إلى كلّ منهما ، وإمّا أن يمكن التلافي بالنسبة إلى كلّ منهما ، وإمّا أن يمكن التلافي بالنسبة

٤٣٢

إلى الركن دون غير الركن ، وإمّا أن يكون الأمر بالعكس.

وحينئذ تكون الأصناف تسعة ، أدخلنا أربعة منها في صنف واحد وهو الصنف المرقّم عليه برقم ٣ ، وهي أصناف النحو الثاني ، وإنّما أدخلناها في صنف واحد لتساويها في كيفية العملية ، فينبغي أن تكون الأصناف ستّة ، لكن زدنا عليها الصنف السابع والثامن وإن لم يكونا داخلين في عنوان المسألة ، لأجل الاستطراد وتكميلاً للفائدة ، إذ لا يخلوان من علاقة بكيفية العملية في هذه الأصناف.

ثمّ إنّ ما كان من هذه الفروع مذكوراً في العروة قد أشرنا في مقابله إلى رقم المسألة المذكور فيها ، وما لم نجده في العروة بقي بلا إشارة.

وينبغي أن أُنبّهك على مطلب تحتاج إليه في حلّ بعض هذه الفروع ، وذلك المطلب يتّضح بفرع أجنبي عن هذه الفروع ، وهو أنّه لو نسي التشهّد على الثانية وقام إلى الثالثة ، وعندما تلبّس بالقيام شكّ في أنّه هل أتى بالسجود للركعة التي قام عنها أو لا ، ومع ذلك التفت إلى أنّه لم يأت بالتشهّد ، فلا ريب في أنّه يجب عليه هدم ذلك القيام لتلافي التشهّد ، ولكن بالنسبة إلى الشكّ في السجود هل تجري في حقّه قاعدة التجاوز لدخوله في غيره وهو القيام ، أو أنّه لا تجري في حقّه قاعدة التجاوز لكون ذلك القيام لغواً؟

كان مختار شيخنا الأُستاذ قدس‌سره هو الوجه الثاني. وبعضهم اختار الأوّل. فلو قلنا بما اختاره الأُستاذ قدس‌سره ، وفرضنا أنّ المكلّف كان في حال القيام وعلم بأنّه قد ترك أحد الأمرين السجود أو التشهّد ، هل يمكن قياسه على الفرع المذكور ، بأن نقول إنّ قيامه كان لغواً ، فلا يمكن جريان قاعدة التجاوز في حقّه بالنسبة إلى كلّ من السجود والتشهّد.

أو نقول بالفرق بين مثل هذا الفرع والفرع السابق ، فإنّ ذلك الفرع السابق

٤٣٣

كان مقروناً بالعلم التفصيلي بلغوية القيام ، فلا تجري في حقّه قاعدة التجاوز بالنسبة إلى السجود ، بخلاف هذا الفرع فإنّه لا يعلم تفصيلاً بأنّ التشهّد هو المتروك ، وليس له إلاّ العلم الاجمالي بترك أحدهما ، ومن الواضح أنّه مع العلم بترك أحدهما لا بعينه يكون ترك كلّ منهما مشكوكاً ، وكلّ واحد من هذين الشكّين يكون واقعاً بعد تجاوز محلّ المشكوك.

وحاصله : أنّه إنّما يكون القيام معلوم اللغوية بالنسبة إلى مجموع الطرفين أعني القدر الجامع بينهما ، والمفروض أنّ قاعدة التجاوز لا تجري في القدر الجامع ، وإنّما تجري في كلّ واحد بخصوصه مع قطع النظر عن الآخر ، ومن الواضح أنّ كلّ واحد منهما في حدّ نفسه مع قطع النظر عن الآخر يكون مشكوكاً بعد أن تجاوز محلّه ، وبناءً عليه تجري قاعدة التجاوز في مثل ذلك في كلّ من الطرفين فتسقط فيهما بالتعارض ، كما أنّه تسقط أصالة العدم في كلّ منهما بالتعارض أيضاً لكونها من الأُصول الاحرازية ، ويتعيّن حينئذ أن يكون المرجع هو أصالة الاشتغال ، وهذا المطلب يلزم الالتفات إليه لكونه نافعاً في أغلب الفروع الداخلة تحت الصنف المرقّم عليه برقم ٤.

وهناك مطلب ثانٍ تحتاج إليه في بعض هذه الفروع ، ولعلّه فرع واحد وهو المرقّم عليه برقم ٧ ، وذلك المطلب هو أنّه لو دخل المكلّف في جزء غير ركن وقد سها عمّا قبله ، فلا إشكال في أنّه يجب عليه ترك ذلك الجزء الذي دخل فيه وتلافي الجزء السابق ، وقد دلّت عليه جملة من النصوص (١)

__________________

(١) هذه النصوص مذكورة في أبواب متفرّقة فراجع وسائل الشيعة ٦ : ٣٦٤ / أبواب السجود ب ١٤ ، وص ٤٠٤ / أبواب التشهّد ب ٨ ، وكذا راجع وسائل الشيعة ٨ : ٢٤٤ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٦.

٤٣٤

ولو دخل في ذلك الجزء وقد شكّ فيما قبله ، فهو مورد قاعدة التجاوز ، ولكن لو لم تجر فيه قاعدة التجاوز لجهة من الجهات ، فالمرجع هو أصالة عدم الاتيان بذلك الجزء المشكوك ، وهي محرزة لموضوع جواز هدم ذلك الجزء الذي دخل فيه ، ووجوب تلافي الجزء المشكوك. ولو لم تجر أيضاً في حقّه أصالة عدم الاتيان بذلك الجزء المشكوك ، ولم يكن في البين إلاّ أصالة الاشتغال ، فهل تكفي أصالة الاشتغال في جواز هدم ذلك الجزء الذي بيده والرجوع لتلافي ذلك المشكوك ، ليكون ذلك الجزء الذي كان قد دخل فيه داخلاً في الزيادة.

وبعبارة أُخرى : هل أنّ أصالة الاشتغال بالجزء السابق مصحّحة للحكم على الجزء الذي بيده بأنّه واقع في غير محلّه ، وأنّه لم يكن على وفق الترتيب المأمور به في أجزاء الصلاة ، كي يصحّ لنا بذلك هدم ذلك الجزء ، أو أنّ أصالة الاشتغال لا تكون كافية في ذلك الحكم ، بل يكون ذلك الجزء الذي بيده مردّداً بين كونه في غير محلّه كي يلزمنا هدمه ، أو أنّه واقع في محلّه كي يلزمنا المضي فيه ، وحينئذ نقع في محذورين. ولعلّ ذلك التردّد بين المحذورين موجب لعدم التمكّن من اتمام الصلاة.

ومن هذا الإشكال ينقدح إشكال آخر ، وهو أنّه لو لم يكن لنا في الجزء المشكوك إلاّ أصالة الاشتغال ، فهل يمكن الاعتماد عليها في جواز الاتيان به مع احتمال كونه زائداً ، سيما إذا كان ركناً ، وهل من حيلة نصحّح بها الصلاة من الركون إلى مثل أصالة الصحّة ، أو ليس لنا حيلة في ذلك ، وهذه الجهة ملحوظة في بعض فروض الصنف الثاني وبعض فروض الصنف الرابع وفي السادس والسابع.

وأمّا الكلام في الفرع المرقّم عليه برقم ٨ ، فعمدته النظر إلى حديث

٤٣٥

الحيلولة ، وأصالة البراءة من وجوب قضاء الصلاة للشكّ في الفوت ، وهل قاعدة الحيلولة حاكمة على الأُصول المقرّرة فيما لو كان الوقت باقياً؟ وهل تجري هذه القاعدة في مورد الشكّ في الأجزاء التي يكون لها قضاء بعد الصلاة على تقدير أنّها هي المنسية؟

١ ـ لو كان في الركوع وعلم أنّه قد فاتته سجدة واحدة أو ركوع. نظيره في العروة مسألة ١٥ (١).

لو كان في الركوع وعلم أنّه قد فاته من ركعة واحدة إمّا سجدة واحدة ، أو سجدتان.

لو كان في الركوع وعلم بفوات سجدتين إمّا من ركعة واحدة ، أو من ركعتين كلّ واحدة من ركعة. في ١٤.

٢ ـ لو كان جالساً وعلم أنّه قد ترك إمّا التشهّد أو السجدتين من هذه الركعة ١٦.

لو كان جالساً وعلم بأنّه إمّا لم يسجد بعد ، أو أنّه قد سجد سجدة واحدة فقط.

أو كان قائماً وعلم بأنّه قد أتى بأحد الأمرين ولم يأت بالآخر ، وهما القراءة والركوع.

٣ ـ لو كان جالساً في الركعة الثانية وعلم بأنّه قد أتمّ السجود ، ولكنّه علم بأنّه إمّا لم يتشهّد بعدُ أو أنّه قد فاته الركوع.

أو كان قائماً وعلم بأنّه إمّا لم يقرأ بعدُ ، أو أنّه قد فاته السجود بتمامه من

__________________

(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٣ : ٣٤٠ ، وبه تتّضح مصادر بعض الفروع الآتية المذكورة في العروة.

٤٣٦

هذه الركعة التي قام عنها. ١٦.

أو كان قائماً وقد فرغ من القراءة وعلم بأنّه إما لم يركع بعدُ ، أو أنّه قد ركع لكنّه قد ترك سجدة واحدة من الركعة التي قام عنها.

أو كان قائماً للثالثة وقد فرغ من التسبيح ، وعلم بأنّه إمّا لم يركع بعدُ ، أو أنّه قد ركع ولكنّه قد ترك سجدة واحدة من الركعة الأُولى.

أو كان جالساً وعلم بترك سجدتين إمّا من هذه الركعة ، أو من الركعة السابقة ، أو موزّعتين عليهما. ١٤.

٤ ـ لو كان في أثناء القيام للثالثة وعلم بأنّه قد ترك أحد الأمرين : التشهّد ، أو السجود بتمامه من هذه الركعة التي قام عنها. ١٦.

أو كان في حال القنوت وعلم بأنّه قد ترك إمّا القراءة من هذه الركعة ، أو السجدتين من الركعة التي قام عنها. ١٦.

أو كان في حال التشهّد وعلم بأنّه قد فاتته من هذه الركعة إمّا سجدة واحدة أو سجدتان.

٥ ـ لو كان في حال القيام وعلم بأنّه قد ترك إمّا السجدة الواحدة من هذه الركعة التي قام عنها ، أو الركوع منها.

لو كان في حال القيام وعلم بأنّه قد ترك سجدتين إمّا من هذه الركعة التي قام عنها ، أو من السابقة ، أو موزّعتين. ١٤.

أو كان في حال القنوت وعلم بأنّه قد ترك إمّا الفاتحة من هذه الركعة ، أو الركوع من الركعة التي قام عنها.

٦ ـ لو كان في حال القيام وعلم أنّه قد ترك إمّا تمام السجود من هذه الركعة التي قام عنها ، أو سجدة واحدة من الركعة السابقة.

٤٣٧

٧ ـ لو كان في حال القيام أو التشهّد وعلم بفوات سجدة واحدة ، إمّا من هذه الركعة التي قام عنها أو من الركعة السابقة ٢٠ ، ونظيره في ١٩.

٨ ـ لو كان قد خرج الوقت وعلم بأنّه قد فاته من صلاته أحد الأمرين ، الركن أو أحد الأجزاء التي تقضى بعد الصلاة.

وهناك فروع أُخر تتعلّق بالمقام لا بأس بالتعرّض لبعضها ، وذلك :

١ ـ لو كان في حال الركوع وعلم بأنّه قد فاته من الركعة السابقة أحد الأُمور الثلاثة : الركوع ، أو السجدة الواحدة ، أو التشهّد. وكذا لو كان ذلك بعد الفراغ ، كيف تكون العملية على القول بالطولية وعلى القول الآخر ، أعني عدم جريان القاعدة لعدم امتثال الأمر؟

٢ ـ لو كانت الثلاثة المعلوم فوت أحدها هي الركوع والسجدتين والتشهّد.

٣ ـ لو كان كلّ واحد من هذه الثلاثة ـ أعني الركوع والسجدتين والتشهّد ـ محتملاً على نحو الشبهة البدوية ، ماذا تكون النتيجة على القول بالطولية وعلى القول الآخر؟

٤ ـ لو علم بعد الفراغ بأنّه قد فاته التشهّد ، ولكن إمّا وحده أو هو مع الركوع ، كيف تكون العملية على جميع الأقوال؟

٥ ـ لو علم بعد الفراغ أنّه إمّا زاد ركوعاً أو سجدة واحدة ، ومثله ما لو كان بدل الركوع الركعة ، وهو الفرع الذي ذكره في التحريرات المطبوعة في صيدا ص ٢٤٧ (١).

٦ ـ لو علم بعد الفراغ بعروض أحد الأمرين ، من زيادة الركن أو نقص السجدة الواحدة.

__________________

(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٥.

٤٣٨

٧ ـ لو انعكس الفرض في الصورة المزبورة ، بأن علم بعد الفراغ بنقص الركن أو زيادة السجدة الواحدة.

٨ ـ لو اغتسل من الجنابة ثمّ أحدث بالأصغر ثمّ توضّأ ، ثمّ علم بخلل في غسله أو وضوئه.

٩ ـ لو كان في هذا الفرض قد صلّى بعد كلّ من الطهارتين صلاة.

١٠ ـ لو توضّأ وصلّى وعلم بخلل مبطل إمّا في وضوئه ، أو في صلاته كترك الركن.

١١ ـ لو علم بخلل مبطل في وضوئه أو بما له أثر في صلاته ، كترك السجدة الواحدة.

١٢ ـ لو كان في حال القيام وعلم بترك سجدتين ، إمّا من هذه الركعة التي قام عنها وإمّا من الركعة السابقة.

فرع ينبغي إلحاقه بما تقدّم : وهو ما لو كان في حال القيام إلى الثالثة ، وعلم أنّه قد فاته إمّا التشهّد على الثانية أو سجدة من الركعة الأُولى ، كان من قبيل تعارض قاعدة التجاوز في الطرفين على جميع الأقوال السابقة ، وبعد سقوطها فيهما يكون المرجع في كلّ منهما أصالة العدم ، وهي قاضية في السجدة بلزوم قضائها بعد الفراغ ، ولزوم تدارك التشهّد بهدم القيام. ولكن بناءً على مسلك شيخنا قدس‌سره من تعارض الأُصول الاحرازية ولو كانت مثبتة للتكليف في كلّ من الطرفين كما مرّ شرحه في مسألة دوران الأمر بين الركن وغيره ، ينبغي أن يكون المرجع في السجدة هو أصالة البراءة من وجوب قضائها ، وفي التشهّد هو أصالة الاشتغال ، ومقتضاه لزوم الهدم وتدارك التشهّد وسجود السهو بعد الصلاة لزيادة القيام ، وليس عليه قضاء السجدة ، وحينئذ يكون ذلك أحد ما أشرنا إليه فيما تقدّم

٤٣٩

من الإشكال في هدم الجزء الذي بيده استناداً إلى أصالة الاشتغال. ولو منعنا عن هدمه أشكل الأمر في هذا الفرع ، وكان اللازم هو بطلان الصلاة لعدم إمكان إتمامها ، فتأمّل.

وينبغي مراجعة ما ذكرناه في الصورة الرابعة من الصور التي حرّرناها في هذه الرسالة. قال السيّد قدس‌سره في ختام العروة : التاسعة عشرة : إذا علم أنّه إمّا ترك السجدة من الركعة السابقة ، أو التشهّد من هذه الركعة ، فإن كان جالساً ولم يدخل في القيام أتى بالتشهّد وأتمّ الصلاة ، وليس عليه شيء ، وإن كان حال النهوض إلى القيام أو بعد الدخول فيه مضى وأتمّ الصلاة وأتى بقضاء كلّ منهما مع سجدتي السهو ، والأحوط إعادة الصلاة أيضاً. ويحتمل وجوب العود لتدارك التشهّد والاتمام وقضاء السجدة فقط مع سجود السهو ، وعليه الأحوط الاعادة أيضاً (١).

وكتب شيخنا قدس‌سره على قوله « حال النهوض » : الأقوى لحوقه بحال الجلوس كما تقدّم. وكتب على قوله « ويحتمل » ما هذا لفظه : لو كان بعد القيام تعيّن ذلك ، بل لم يظهر وجه للمضي في صلاته.

وفي مسألة ٢٠ فيما لو علم بترك سجدة إمّا من الركعة السابقة أو من هذه الركعة ، قال السيّد قدس‌سره : وإن كان بعد الدخول في التشهّد أو في القيام مضى وأتمّ الصلاة ، وأتى بقضاء السجدة وسجدتي السهو ، ويحتمل وجوب العود لتدارك السجدة من هذه الركعة والاتمام وقضاء السجدة مع سجود السهو ، والأحوط على التقديرين إعادة الصلاة أيضاً (٢). وكتب شيخنا قدس‌سره أيضاً على قوله « ويحتمل » ، ما هذا لفظه : هذا الاحتمال هو المتعيّن هنا أيضاً ، ولم يظهر وجه للمضي ،

__________________

(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٣ : ٣٤٨ ـ ٣٤٩.

(٢) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٣ : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

٤٤٠