بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بنائه ومساكنه وأهله ، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الاول والثاني ، حتى وردنا خمسة عوالم ، قال ثم قال : هذه ملكوت الارض ولم يرها إبراهيم ، وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثنا عشر عالما ، كل عالم كيهئة ما رأيت ، كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم ، حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه ، قال : ثم قال لي : غض بصرك فغضضت بصري ، ثم أخذ بيدي فاذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب ولبس الثياب التي كانت عليه وعدنا إلى مجلسنا ، فقلت : جعلت فداك كم مضى من النهار؟ قال عليه‌السلام : ثلاث ساعات (١).

بيان : قوله عليه‌السلام : ولم يرها إبراهيم ، لعل المعنى أن إبراهيم لم ير ملكوت جميع الارضين وإنما رأى ملكوت أرض واحدة ، ولذا أتى الله تعالى الارض بصيغة المفرد ، ويحتمل أن يكون في قرائتهم عليهم‌السلام الارض بالنصب.

٨٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأبوعلي الاشعري عن محمد بن عبدالجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال : كان أبوجعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام فذكر بني امية ودولتهم ، وقال له بعض أصحابه : إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عزوجل هذا الامر على يدك ، فقال : ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم ، إن أصحابهم أولاد الزنا إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والارض سنين ولا أياما أقصر من سنيهم وأيامهم ، إن الله عزوجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا (٢).

٨٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنا عنده وذكروا سلطان بني امية ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : لا يخرج على هشام أحد إلا قتله ، قال :

____________________

(١) بصائر الدرجات ج ٨ ص ١٣ باب ١١٩.

(٢) الكافى ج ٨ ص ٣٤١.

٢٨١

وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا ، فقال : مالكم؟ إذا أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بالسير الفلك فقدر على ما يريد ، قال : فقلنا لزيد هذه المقالة ، فقال : إني شهدت هشاما ورسول الله يسب عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره ، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه (١).

بيان : يمكن أن يكون طي الفلك وسرعته في السير كناية عن تسبيب أسباب زوال ملكهم ، وأن يكون لكل ملك ودولة فلك غير الافلاك المعروفة السير ، ويكون الاسراع والابطاء في حركة ذلك الفلك ليوافق ما قدر لهم من عدد دوراته.

٨٥ ـ كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن النضر ، عن النعمان بن بشير ، قال : كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي فلما أن كنا بالمدينة ، دخل على أبي جعفر عليه‌السلام فودعه وخرج من عنده وهو مسرور ، حتى وردنا الاخيرجة (٢) أول منزل تعدل من فيه إلى المدينة يوم جمعة فصلينا الزوال ، فلما نض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم (٣) معه كتاب فناوله فقبله ووضعه على عينيه ، وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك بسيدي؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال : بعد الصلاة ، قال : ففك الخاتم وأقبل يقرأه و يقبض وجهه حتى أتى على آخره ، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة.

فلما وفينا الكوفة ليلا بت ليلتي ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له ، فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب (٤) قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أحد منصور

____________________

(١) الكافى ج ٨ ص ٣٩٤.

(٢) الاخيرجة : في مراصد الاطلاع ج ١ ص ٤٥٨ والخرجان ، تثنيه الخرج : من نواحى المدينة أقول : لعله هو المقصود في الرواية.

(٣) الادم : الاسمر.

(٤) الكعاب : جمع كب وهو كل مفصل للعظام ، والعظم الناشز فوق القدم. والناشزان من جانبيها ، والجمع اكعب وكعوب وكعاب « القاموس ».

٢٨٢

ابن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو هذا ، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته ، واجتمع علي وعليه الصبيان والناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جن جابر ابن يزيد ، فوالله ما مضت الايام حتى ورد كتاب هشام عبدالملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم : من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا : أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل وحديث وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم ، قال : فأشرف عليه فاذا هو مع الصبيان يلعب على القصب ، فقال : الحمدلله الذي عافاني من قتله ، قال : ولم تمض الايام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر (١).

بيان : فيد : منزل بطريق مكة ، والمعنى أنك إذا توجهت من فيد إلى المدينة فهو أول منازلك ، والحاصل : أن الطريق من الكوفة إلى مكة وإلى المدينة مشتركان إلى فيد ثم يفترق الطريقان ، فاذا ذهبت إلى المدينة عادلا عن طريق مكة فأول منزل تنزله الاخيرجة.

وقيل : أراد به أن المسافة بين الاخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد والمدينة.

وقيل : المعنى أن المسافة بينها وبين الكوفة كانت مثل ما بين فيد والمدينة وما ذكرنا أظهر.

ومنصور بن جمهور كان واليا بالكوفة ولاه يزيد بن الوليد من خلفاء بني امية بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة ، وكان بعد وفات الباقر عليه‌السلام باثنتي عشرة سنة ، ولعل جابرا رحمه‌الله أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع الكوفة.

٨٦ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير الصيرفي

____________________

(١) الكافى ج ١ ص ٣٩٦.

٢٨٣

قال : أوصاني أبوجعفر عليه‌السلام بحوائج له بالمدينة قال : فبينا أنا في فخ الروحاء (١) على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه ، قال : فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الاداوة ، قال : فقال : لاحاجة لي بها ، ثم ناولني كتابا طينه رطب ، قال : فلما نظرت إلى ختمه إذا هو خاتم أبي جعفر عليه‌السلام ، فقلت له : متى عهدك بصاحب الكتاب؟ قال : الساعة ، قال : فاذا فيه أشياء يأمرني بها ، قال : ثم التفت فاذا ليس عندي أحد ، قال : فقدم أبوجعفر فلقيته ، فقلت له : جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب ، قال : إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن.

وزاد فيه محمد بن الحسين بهذا الاسناد : يا سدير إن لنا خدما من الجن فاذا أردنا السرعة بعثناهم (٢).

٨٧ ـ عيون المعجزات : روي أن حبابة الوالبية رحمها الله ، بقيت إلى إمامة أبي جعفر عليه‌السلام فدخلت عليه ، فقال : ما الذي أبطأبك يا حبابة؟ قالت : كبر سني وابيض رأسي وكثرت همومي ، فقال عليه‌السلام : ادني مني ، فدنت منه فوضع يده عليه‌السلام في مفرق رأسها ودعالها بكلام لم نفهمه ، فاسود شعر رأسها وعاد حالكا (٣) وصارت شابة ، فسرت بذلك وسر أبوجعفر عليه‌السلام لسرورها ، فقالت : بالذي أخذ ميقاك على النبين أي شئ كنتم في الاظلة؟ فقال : يا حبابة نورا قبل أن خلق الله آدم عليه‌السلام نسبح الله سبحانه فسبحت الملائكة بتسبيحنا ، ولم تكن قبل ذلك ، فلما خلق الله تعالى آدم عليه‌السلام أجرى ذلك النور فيه (٤).

٨٨ ـ خص : عن أبي سليمان بن داود ، بإسناده عن سهل بن زياد ، عن

____________________

(١) فخ الروحاء : من الفرع عن نحو أربعين ميلا من المدينة وقيل ستة وثلاثين ميلا ، وقيل ثلاثين ميلا ، وهو الموضع الذى نزل به تبع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة فأقام به وأرواح فسماه الروحاء « باقتضاب عن مراصد الاطلاع ».

(٢) بصائر الدرجات ج ٢ باب ١٨ ص ٢٦.

(٣) الحلك محركة شدة السواد ، والحلكة بالضم ومنها الحالك.

(٤) عيون المعجزات ص ٦٨ طبع النجف الاشرف.

٢٨٤

عثمان بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف ضرير فاضمن لي الجنة ، قال : أولا اعطيك علامة الائمة؟ قلت : وما عليك أن تجمعها لي ، قال : وتحب ذلك؟ قلت : وكيف لا احب ، فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع الائمة عنده في السقيفة التي كان فيها جالسا ، قال : يا أبا محمد مد بصرك فانظر ماذا ترى بعينك؟ قال : فوالله ما أبصرت إلا كلبا أو خنزيرا أو قردا قلت : ما هذا الخلق الممسوخ؟ قال : هذا الذي ترى هو السواد الاعظم ، ولو كشف للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلا في هذه الصورة ، ثم قال : يا أبا محمد إن أحببت تركتك على حالك هذا وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك إلى حالك الاول ، قلت : لاحاجة لي في النظر إلى هذا الخلق المنكوس ردني ردني إلى حالتي فما للجنة عوض ، فمسح يده على عيني فرجعت كما كنت (١).

أقول : قد مضى أخبار ظهور الملائكة والجن له عليه‌السلام في كتاب الامامة وسيأتي كثير من معجزاته عليه‌السلام في الابواب الآتية.

٨٩ ـ ق : عبدالله بن محمد المروزي عن عمارة بن زيد ، عن عبدالله بن العلا عن الصادق عليه‌السلام قال : كنت مع أبي وبيننا قوم من الانصار إذ أتاه آت ، فقال له : الحق فقد احترقت دارك ، فقال : يا بني ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد فقال : قد والله احترقت دارك ، فقال : يا بني والله ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا يبكون ويقولون قد احترقت دارك ، فقال : كلا والله ما احترقت ولا كذبت ولا كذبت وأنا أوثق بما في يدي منكم ومما أبصرت أعينكم ، وقام أبي وقمت معه حتى انتهوا إلى منازلنا والنار مشتعلة عن أيمان منازلنا ، وعن شمائلها ومن كل جانب منها ، ثم عدل إلى المسجد فخر ساجدا ، وقال في سجوده : وعزتك وجلالك لارفعت رأسي من سجودي أو تطفيها

____________________

(١) مختصر بصائر الدرجات ص ١١٢.

٢٨٥

قال : فوالله ما رفع رأسه حتى طفئت واحترق ما حولها وسلمت منازلنا ، ثم ذكر عليه‌السلام أن ذلك لدعاء كان قرأه عليه‌السلام.

أقول : سيأتي ذكر الدعاء في موضعه انشاء الله.

٦.

* ( باب ) *

* ( ( مكارم أخلاقه وسيره وسننه وعلمه وفضله ) ) *

* ( واقرار المخالف والمؤالف بجلالته صلوات الله عليه ) *

١ ـ سن : محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن أبا جعفر عليه‌السلام مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم عند موته (١)

٢ ـ شا : أبومحمد الحسن بن محمد ، عن جده ، عن محمد بن القاسم ، عن عبدالرحمن ابن صالح الازدي ، عن عبدالله بن عطاء المكي قال : ما رأيت العلماء عند أحط قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه ، وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمد بن علي شيئا قال : حدثني وصي الاوصياء ، ووارث علم الانبياء ، محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام (٢).

٣ ـ قب : حلية الاولياء (٣) عن عبدالله بن عطا مثله إلى قوله وكان جابر (٤).

٤ ـ شا : مخول بن إبراهيم ، عن قيس بن الربيع ، قال : سألت أبا إسحاق عن

____________________

(١) المحاسن للبرقى ص ٦٢٤.

(٢) الارشاد للمفيد ص ٢٨٠.

(٣) حلية الاولياء ج ٣ ص ١٨٦.

(٤) المناقب ج ٣ ص ٣٣٤.

٢٨٦

المسح فقال : أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام فسألته عن المسح على الخفين فنهاني عنه وقال : لم يكن أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام يمسح عليها ، وكان يقول : سبق الكتاب المسح على الخفين ، قال أبوإسحاق : فما مسحت مذنهاني عنه ، قال قيس بن الربيع : وما مسحت أنا مذ سمعت أبا إسحاق (١).

٥ ـ شا : أبومحمد الحسن بن محمد ، عن جده ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن محمد بن المنكدر كان يقول : ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي ، فأردت أن أعظه فوعظني ، فقال له أصحابه : بأي شئ وعظك؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي وكان رجلا بدينا وهو متك على غلامين له أسودين أو موليين ، فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ، اشهد لاعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي ببهر (٢) وفد تصبب عرقا ، فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ، قال فخلى عن الغلامين من يده ، ثم تساند وقال : لوجاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله تعالى أكف بها نفسي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصى الله ، فقلت : يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني (٣).

٦ ـ شا : أبومحمد الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن محمد بن الحسين عن أسود بن عامر ، عن حبان بن علي ، عن الحسن بن كثير ، قال : شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام الحاجة وجفاء الاخوان فقال : بئس الاخ أخ يرعاك

____________________

(١) الارشاد ص ٢٨١.

(٢) البهر : بالضم انقطاع النفس من الاعياء « القاموس ».

(٣) الارشاد ص ٢٨٤.

٢٨٧

غنيا ويقطعك فقيرا ، ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم فقال : استنفق هذه فاذا نفدت فأعلمني (١).

بيان : حبان بكسر الحاء وتشديد الباء ، أقول : رواه في كتاب مطالب السؤول (٢) وكشف الغمة (٣) عن الاسود بن كثير.

٧ ـ شا : روى محمد بن الحسين ، عن عبيدالله بن الزبير ، عن عمرو بن دينار وعبيدالله بن عبيد بن عمير أنهما قالا : ما لقينا أنا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام إلا وحمل إلينا النفقة والصلة الكسوة ويقول : هذا معدة لكم قبل أن تلقوني (٤).

٨ ـ قب : عن عمرو ، وعبدالله مثله (٥).

٩ ـ شا : روى أبونعيم النخعي ، عن معاوية بن هشام ، عن سليمان بن قرم قال : كان أبوجعفر محمد بن علي عليهما‌السلام يجيزنا بالخمسائة إلى الستمائة إلى الالف درهم ، وكان لايمل من صلة إخوانه وقاصديه ومؤمليه وراجيه (٦).

١٠ ـ قب : عن سليمان ، إلى قوله إلى الالف درهم (٧).

١١ ـ شا : وروى عنه عليه‌السلام أنه سئل عن الحديث ترسله ولاتسنده ، فقال : إذا حدثت الحديث فلم اسنده فسندي فيه أبي عن جدي عن أبيه ، عن جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل ، عن الله عزوجل ، وكان عليه‌السلام يقول : بلية الناس علينا عظيمة إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا ، وكان عليه‌السلام يقول : ما ينقم الناس منا؟ نحن أهل بيت الرحمة ، وشجرة النبوة ، ومعدن الحكمة ، وموضع الملائكة ، ومهبط الوحي (٨).

____________________

(١) الارشاد ص ٢٨٤ (٢) مطالب السؤول ص ٨١.

(٣) كشف الغمة ج ٢ ص ٣٣٢.

(٤) الارشاد ص ٢٨٤.

(٥) المناقب ج ٣ ص ٣٣٧.

(٦) الارشاد ص ٢٨٤.

(٧) المناقب ج ٣ ص ٣٣٧.

(٨) الارشاد ص ٢٨٤.

٢٨٨

بيان : ما ينقم الناس منا أي ما يكرهون ويعيبون منا.

١٢ ـ قب : مسند أبي حنيفة قال الراوي : ما سألت جابر الجعفي قط مسألة إلا أتاني فيها بحديث وكان جابر الجعفي إذا روى عنه عليه‌السلام قال : حدثني وصي الاوصياء ووارث علم الانبياء.

أبونعيم في الحلية (١) أنه عليه‌السلام الحاضر الذاكر الخاشع الصابر أبوجعفر محمد بن علي الباقر.

وقالوا : الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وكذلك السيد بن السيد بن السيد بن السيد محمد بن علي ابن الحسين بن علي عليهم‌السلام (٢).

وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر بما يجيبه فقال : اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك ، وأشار به إلى محمد بن علي الباقر ، فأتاه فسأله فأجابه فرجع إلى ابن عمر فأخبره ، فقال ابن عمر : إنهم أهل بيت مفهمون (٣).

الجاحظ في كتاب البيان والتبيين (٤) قال : قد جمع محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال : صلاح جميع المعايش والتعاشر ملء مكيال : ثلثان فطنة وثلث تغافل.

وقال له نصراني : أنت بقر؟ قال : لا أنا باقر ، قال : أنت ابن الطباخة؟ قال : ذاك حرفتها قال : أنت ابن السوداء الزنجية البذية؟ قال : إن كنت صدقت غفر الله لها وإن كنت كذبت غفر الله لك ، قال فأسلم النصراني (٥).

١٣ ـ مكا : عن عبدالله بن عطا قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فرأيته وفي

____________________

(١) حلية الاولياء ج ٣ ص ١٨٠.

(٢) المناقب ج ١ ص ٣١٥.

(٣) نفس المصدر ج ٣ ص ٣٢٩.

(٤) البيان والتبيين ج ١ ص ٨٤ طبع مصر تحقيق عبدالسلام محمد هارون.

(٥) المناقب ج ٣ ص ٣٣٧.

٢٨٩

منزله نضد وبسائط وأنماط ومرافق فقلت : ما هذا؟ فقال متاع المرأة (١).

١٤ ـ كشف : عن أفلح مولى أبي جعفر عليه‌السلام قال : خرجت مع محمد بن علي حاجا ، فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته ، فقلت : بأبي أنت وامي إن الناس ينظرون إليك فلو رفعت بصوتك قليلا ، فقال لي : ويحك يا أفلح ولم لا أبكي لعل الله تعالى أن ينظر إلي منه برحمة فأفوز بها عنده غدا ، قال : ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فاذا موضع سجوده مبتل من كثرة دموع عينيه ، وكان إذا ضحك قال : اللهم لا تمقتني.

وروى عنه ولده جعفر عليهما‌السلام قال : كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه : أمرتني فلم أئتمر ، ونهيتني فلم أنزجر ، فها أناذا عبدك بين يديك ولا أعتذر (٢).

بيان : روي الخبران في الفصول المهمة (٣) ومطالب السؤول (٤) وفيهما : لم لا أرفع صوتي بالبكاء.

١٥ ـ كشف : قال جعفر : فقد أبي بغلة له فقال : لئن ردها الله تعالى لاحمدنه بمحامد يرضاها ، فما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها ، فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال : الحمدلله ، فلم يزد ، ثم قال : ما تركت ولا بقيت شيئا جعلت كل أنواع المحامد لله عزوجل ، فما من حمد إلا هو داخل فيما قلت (٥).

وقالت سلمى مولاة أبي جعفر : كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ١٤٩.

(٢) كشف الغمة ج ٢ ص ٣١٩.

(٣) الفصول المهمة ص ١٩٨ وأخرجه أبونعيم في الحلية ج ٣ ص ١٨٦ وابن الجوزى في صفة الصفوة ج ٢ ص ٦٢.

(٤) مطالب السؤول ص ٨٠.

(٥) كشف الغمة ج ٢ ص ٣١٩ وأخرج ذلك ابن طلحة في مطالب السؤول ص ٨٠ وأبونعيم في الحلية ج ٣ ص ١٨٦ بتفاوت.

٢٩٠

حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم فأقول له في ذلك ليقل منه ، فيقول : يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الاخوان والمعارف وكان يجيز بالخمسمائة والستمائة إلى الالف ، وكان لا يمل من مجالسته إخوانه وقال : اعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك ، وكان لايسمع من داره : يا سائل بورك فيك ولا : يا سائل خذ هذا ، وكان يقول : سموهم بأحسن أسمائهم (١).

١٦ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن عيسى بن هشام ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن الحكم بن محمد بن القاسم أنه سمع عبدالله بن عطا يقول : قال لي أبوجعفر عليه‌السلام قم فأسرج دابتين حمارا وبغلا فأسرجت حمارا وبغلا فقدمت إليه البغل ورأيت أنه أحبهما إليه ، فقال : من أمرك أن تقدم إلي هذا البغل؟ قلت : اخترته لك قال : وأمرتك أنت تختار لي؟! ثم قال : إن أحب المطايا إلي الحمر ، فقال فقدمت إليه الحمار وأمسكت له بالركاب فركب فقال : الحمدلله الذي هدانا بالاسلام ، وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحمدلله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، والحمدلله رب العالمين ، وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له : الصلاة جعلت فداك فقال : هذا وادي النمل لا يصلى فيه ، حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له مثل ذلك فقال : هذه الارض مالحة لا يصلى فيها ، قال : حتى نزل هو من قبل نفسه ، فقال لي : صليت أو تصلي سبحتك ، قلت هذه صلاة يسميها أهل العراق الزوال ، فقال : أما هؤلاء الذين يصلون هم شيعة علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهي صلاة الاوابين ، فصلى وصليت ، ثم أمسكت له بالركاب ، ثم قال : مثل ما قال في بدايته ، ثم قال : اللهم العن المرجئة فانهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة فقلت له ما ذكرك جعلت فداك المرجئة؟ فقال : خطروا على بالي (٢).

____________________

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ٣٢٠ و ٣٢١ وأخرج ذلك ابن الصباغ في الفصول المهمة ص ٢٠١.

(٢) الكافى : ج ٨ ص ٢٧٦.

٢٩١

بيان : قوله : مقرنين أي مطيقين ، قوله : أو تصلي ، الترديد من الراوي والسبحة النافلة ، قوله : الزوال أي صلاة الزوال ، ولعله قال ذلك استخفافا فعظمها عليه‌السلام و بين فضلها ، أو المراد أن هذه صلاة يصليها أهل العراق قريبا من الزوال قبله يعني صلاة الضحى ، فالمراد بالجواب أن من يصليها بعد الزوال كما نقول ، فهم شيعة علي عليه‌السلام ، ولعل المراد بالمرجئة كل من أخر عليا عليه‌السلام من درجته إلى الرابع.

١٧ ـ كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن ياسين الضرير ، عن حريز عن محمد بن مسلم ، قال : ما شجر في رأيي شي ء قط إلا سألت عنه أبا جعفر عليه‌السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث ، وسألت أبا عبدالله عن ستة عشر ألف حديث (١).

١٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية ابن ميسرة ، عن الحكم بن عتيبة قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو في بيت منجد وعليه قميص رطب وملحفة مصبوغة قد أثر الصبغ على عاتقه ، فجلت أنظر إلى البيت وأنظر في هيئته فقال لي : يا حكم وما تقول في هذا؟ فقلت : ما عسيت أن أقول وأنا أراه عليك ، فأما عندنا فإنما يفعله الشاب المرهق ، فقال : يا حكم من حرم زينة الله التي أخرج لعباده؟ فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة ، وأنا قريب العهد بالعرس ، وبيتي البيت الذي تعرف (٢).

بيان : التنجيد : التزيين ، والمرهق كمعظم من يغشى المحارم ، ويظن به السوء.

١٩ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن بريد عن مالك بن أعين ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ، وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة ، فتبسمت حين دخلت فقال : كأني أعلم لم ضحكت ، ضحكت من هذا الثوب الذي هو علي إن الثقفية أكرهتني عليه وأنا احبها فأكرهتني على لبسها

____________________

(١) رجال الكشى ص ١٠٩ وأخرجه المفيد في الاختصاص ص ٢٠١.

(٢) الكافى ج ٦ ص ٤٤٦.

٢٩٢

ثم قال : إنا لا نصلي في هذا ، ولا تصلوا في المشبع المضرج قال : ثم دخلت عليه وقد طلقها ، وقال : سمعتها تبرأ من علي عليه‌السلام فلم يسعني أن أمسكها وهي تبرأ منه (١).

بيان : المشبع الذي أشبع من اللون ، وضرج الثوب : صبغه بالحمرة.

٢٠ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى عن عبدالله بن مسكان ، عن الحسن الزيات البصري ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام أنا وصاحب لي فإذا هو في بيت منجد ، وعليه ملحفة وردية ، وقد حف لحيته واكتحل ، فسألنا عن مسائل ، فلما قمنا ، قال لي : يا حسن ، قلت : لبيك قال : إذا كان غدا فأتني أنت وصاحبك ، فقلت : نعم جعلت فداك ، فلما كان من الغد دخلت عليه وإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصير وإذا عليه قميص غليظ ، ثم أقبل على صاحبي ، فقال : يا أخا البصرة إنك دخلت علي أمس وأنا في بيت المرأة وكان أمس يومها ، والبيت بيتها ، والمتاع متاعها ، فتزينت لي ، علي أن أتزين لها كما تزينت لي ، فلا يدخل قلبك شئ ، فقال له صاحبي : جعلت فداك قد كان والله دخل في قلبي فأما الآن فقد والله أذهب الله ما كان ، وعلمت أن الحق فيما قلت. (٢).

بيان : قال الفيروز آبادي : (٣) حف رأسه يحف حفوفا بعد عهده بالدهن وشاربه ورأسه أحفاهما.

أقول : لعل الاخير هنا أنسب.

٢١ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : خرج أبوجعفر عليه‌السلام يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء ومطرف خز أصفر (٤).

____________________

(١) نفس المصدر ج ٦ ص ٤٤٧.

(٢) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٤٨.

(٣) القاموس ج ٣ ص ١٢٨.

(٤) الكافى ج ٦ ص ٤٥٠.

٢٩٣

بيان : المطرف : كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

٢٢ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبيه قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : أتصلي النوافل وأنت قاعد؟ فقال : ما اصليها إلا وأنا قاعد منذ حملت هذا اللحم وبلغت هذا السن (١).

٢٣ ـ ثو : أبي ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي وابن بكير وغيره رووه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أبي عليه‌السلام أقل أهل بيته مالا ، وأعظمهم مؤنة ، قال : وكان يتصدق كل جمعة بدينار ، وكان يقول : الصدقة يوم الجمعة تضاعف لفضل يوم الجمعة على غيره من الايام (٢).

٢٤ ـ سن : ابن فضال ، عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : الصدقة يوم الجمعة تضاعف ، وكان أبوجعفر عليه‌السلام يتصدق بدينار (٣).

٢٥ ـ قب : محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سمعته يقول : إنا علمنا منطق الطيرو اوتينا من كل شئ.

سماعة من مهران ، عن شيخ من أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جئنا نريد الدخول عليه فلما صرنا في الدهليز سمعنا قراءة سريانية بصوت حزين يقرأ ويبكي حتى أبكى بعضنا.

موسى بن أكيل النميري قال : جئنا إلى باب دار أبي جعفر عليه‌السلام نستأذن عليه ، فسمعنا صوتا حزينا يقرأ بالعبرانية ، فدخلنا عليه وسألنا عن قارئه فقال : ذكرت مناجاة إيليا فبكيت من ذلك ، ويقال : لم يظهرعن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام من العلوم ما ظهر منه من التفسير والكلام والفتيا والاحكام والحلال والحرام.

قال محمد بن مسلم : سألته عن ثلاثين ألف حديث ، وقد روى عنه معالم الدين

____________________

(١) نفس المصدر ج ٦ ص ٤١٠.

(٢) ثواب الاعمال ص ١٦٨.

(٣) المحاسن ص ٥٩.

٢٩٤

بقايا الصحابة ، ووجوه التابعين ، ورؤساء فقهاء المسلمين.

فمن الصحابة نحو جابر بن عبدالله الانصاري ، ومن التابعين نحو جابر بن يزيد الجعفي ، وكيسان السختياني صاحب الصوفية.

ومن الفقهاء نحو : ابن المبارك ، والزهري ، والاوزاعي ، وأبي حنيفة ، ومالك والشافعي ، وزياد بن المنذر النهدي.

ومن المصنفين نحو الطبري ، والبلاذري ، والسلامي والخطيب في تواريخهم وفي الموطأ ، وشرف المصطفى ، والابانة ، وحلية الاولياء ، وسنن أبي داود ، و الالكاني ، ومسندي أبي حنيفة والمروزي ، وترغيب الاصفهاني ، ، وبسيط الواحدي وتفسير النقاش والزمخشري ، ومعرفة اصول الحديث ، ورسالة السمعاني فيقولون : قال محمد بن علي ، وربما قالوا : قال محمد الباقر ، ولذلك لقبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بباقر العلم ، وحديث جابر مشهور معروف رواه فقهاء المدينة والعراف كلهم.

وقدأخبرني جدي شهر آشوب والمنتهي ابن كيابكي الحسيني بطرق كثيرة عن سعيد بن المسيب ، وسليمان الاعمش ، وأبان بن تغلب ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ابن أعين ، وأبي خالد الكابلي ، أن جابر بن عبدالله الانصاري كان يقعد في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ينادي يا باقر يا باقر العلم ، فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر ، وكان يقول : والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي ، وشمائله شمائلي ، يبقر العلم بقرأ ، فذاك الذى دعاني إلى ما أقول ، قال : فلقي يوما كتابا فيه الباقر عليه‌السلام فقال : يا غلام أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : شمائل رسول الله والذي نفس جابر بيده ، يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي محمد ، قال : ابن من؟ قال : ابن علي بن الحسين فقال : يا بني فدتك نفسي فإذا أنت الباقر؟ قال : نعم فأبلغني ما حملك رسول الله فأقبل إليه يقبل رأسه وقال : بأبي أنت وامي أبوك رسول الله يقرئك السلام قال : يا جابر على رسول الله [ السلام ] ما قامت السماوات والارض وعليك السلام يا جابر بما بلغت السلام.

٢٩٥

قال : فرجع الباقر إلى أبيه وهو ذعر فأخبره بالخبر ، فقال له : يا بني قد فعلها جابر؟ قال : نعم ، قال : يا بني الزم بيتك ، فكان جابر يأتيه طرفي النهار وأهل المدينة يلومونه ، فكان الباقر يأتيه على وجه الكرامة لصحبته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فجلس يحدثهم عن أبيه عن رسول الله ، فلم يقبلوه فحدثهم عن جابر فصدقوه وكان جابر والله يأتيه ويتعلم منه.

الخطيب صاحب التاريخ (١) قال جابر الانصاري للباقر عليه‌السلام : رسول الله أمرني أن اقرئك السلام.

أبوالسعادات في فضائل الصحابة أن جابر الانصاري بلغ سلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى محمد الباقر ، فقال له محمد بن علي : أثبت وصيتك فإنك راحل إلى ربك ، فبكى جابر وقال له : يا سيدي وما علمك بذلك؟ فهذا عهد عهده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : والله يا جابر لقد أعطاني الله علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وأوصى جابر وصيته وأدركته الوفاة.

وفي رواية غيره أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جابر يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدا لي من الحسين يقال له محمد يبقر علم النبيين بقرا ، فإذا لقيته فاقرأة مني السلام.

القتيبي في عيون الاخبار (٢) أن هشاما قال لزيد بن علي : ما فعل أخوك البقرة؟ فقال زيد : سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باقر العلم وأنت تسميه بقرة لقد اختلفتما إذا ، قال زيد بن علي :

ثوى باقر العلم في ملحد

إمام الورى طيب المولد

فمن لي سوى جعفر بعده

إمام الورى الاوحد الامجد

أبا جعفر الخير أنت الامام

وأنت المرجى لبلوى غد (٣)

____________________

(١) لقد ورد في تاريخ بغداد فيما أحصيت أكثر من خمسين حديثا رواها جابر بن عبدالله عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وراجعتها كلها فلم يكن بينها هذا الحديث.

(٢) عيون الاخبار لابن قتيبة ج ٢ ص ٢١٢.

(٣) المناقب ج ٣ ص ٣٢٧.

٢٩٦

٢٦ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن القاسم ابن محمد الجوهري ، عن الحارث بن حريز ، عن منذر الصيرفي ، عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فدعا بالغداء فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه ولا أطيب ، فلما فرغنا من الطعام ، قال : يا أبا خالد كيف رأيت طعامك أو قال : طعامنا. قلت : جعلت فداك ما رأيت أطيب منه قط ولا أنظف ولكني ذكرت الآية في كتاب الله عزوجل « ثم لتسألن يومئذ عن النعيم » (١) فقال أبوجعفر عليه‌السلام : إنما تسألون عما أنتم عليه من الحق (٢).

٢٧ ـ كا : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن يحيى ابن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن بزيع أبي عمر بن بزيع ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو يأكل خلا وزيتا في قصعة سوداء مكتوب في وسطها بصفرة « قل هو الله أحد » فقال لي : ادن يا بزيع ، فدنوت فأكلت معه ثم حسا من الماء ثلاث حسيات حين لم يبق من الخبز شئ ، ثم ناولني فحسوت البقية (٣).

٢٨ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ثعلبة عن علي بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أبي عليه‌السلام إذا أحزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعاو أمنوا (٤).

٢٩ ـ كا : العدة : عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أبي عليه‌السلام كثير الذكر ، لقد كنت أمشي معه و إنه ليذكر الله ، وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله ، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكرالله وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول : لا إله إلا الله ، وكان

____________________

(١) سورة التكاثر ، الاية : ٨.

(٢) الكافى ج ٦ ص ٢٨٠.

(٣) نفس المصدر ج ٦ ص ٢٩٨ والحسوة : بالضم والفتح الجرعة من الشراب ملء الفم مما يحسى مرة واحدة ، وحسا المرق شرب منه شيئا بعد شئ « النهاية ».

(٤) الكافى ج ٢ ص ٤٨٧.

٢٩٧

يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ، ومن كان لايقرأ منا أمره بالذكر (١).

٣٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمدبن محمد ، عن العباس بن موسى الوراق عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : دخل قوم على أبي جعفر صلوات الله عليه فرأوه مختضا فسألوه فقال : إني رجل احب النساء فأنا أتصبغ لهن (٢).

٣١ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خضب أبوجعفر عليه‌السلام بالكتم (٣).

٣٢ ـ كا : أبوالعباس ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي شيبة الاسدي ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن خضاب الشعر فقال : خضب الحسين ، وأبوجعفر صلوات الله عليهما بالحناء والكتم (٤).

٣٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال : كنت مع أبي علقمة ، والحارث بن المغيرة وأبي حسان ، عند أبي عبدالله عليه‌السلام وعلقمة مختضب بالحناء ، والحارث مختضب بالوسمة وأبوحسان لايختضب فقال كل رجل منهم : ما ترى في هذا رحمك الله؟ وأشار إلى لحيته فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما أحسنه ، قالوا : كان أبوجعفر مختضبا بالوسمة؟ قال : نعم ذلك حين تزوج الثقفية أخذته جواريها فخضبنه (٥).

٣٤ ـ كا : ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام يمضغ علكا فقال : يا محمد نقضت الوسمة أضراسي فمضغت هذا العلك لاشدها ، قال : وكانت استرخت فشدها بالذهب (٦).

____________________

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٤٩٨ ضمن حديث.

(٢) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٠.

(٣) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨١ والكتم : بالتحريك نبت يخلط بالوسمة ويختضب به.

(٤) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨١.

(٥ و ٦) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٢.

٢٩٨

٣٥ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام مخضوبا بالحناء (١).

وعنهما عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن المثنى ، عن سدير الصيرفي ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام يأخذ عارضيه ويبطن لحيته (٢).

٣٦ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الزيات ، قال : رأيت ابا جعفر عليه‌السلام وقد خفف لحيته (٣).

وعن البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن بعض أصحابه ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام والحجام يأخذ من لحيته فقال : دورها (٤).

٣٧ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا ، عن عبدالله بن سليمان قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن العاج ، فقال : لابأس به وإن لي منه لمشطا (٥).

٣٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم عن معاوية بن ميسرة ، عن الحكم بن عتيبة ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره فقال : يا حكم ما تقول في هذا؟ فقلت : ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله ، وإن عندنا يفعله الشبان ، فقال : يا حكم إن الاظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى ، فغيرها بالحناء (٦).

٣٩ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن حمادبن عيسى عن حسين بن المختار ، عن أبي عبيدة ، قال : زاملت أبا جعفر عليه‌السلام فيما بين مكة و

____________________

(١) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٣.

(٢) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٦ وتبطين اللحية هو أن يؤخذ الشعر من تحت الذقن.

(٣) لمصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٧.

(٤) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٧.

(٥) المصدر السابق ج ٦ ص ٤٨٩.

(٦) الكافى ج ٦ ص ٥٠٩.

٢٩٩

المدينة ، فلما انتهى إلى الحرم اغتسل وأخذ نعليه بيديه ، ثم مشى في الحرم ساعة (١).

٤٠ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل عن الكناني ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن لحوم الاضاحي فقال : كان علي بن الحسين وأبوجعفر عليهما‌السلام لم يتصدقان بثلث على جيرانهما ، وثلث على السؤال ، و ثلث يمسكانه لاهل البيت (٢).

٤١ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كانت في دار أبي جعفر عليه‌السلام فاختة فسمعها يوما وهي تصيح فقال لهم : أتدرون ما تقول هذه الفاختة؟ فقالوا : لا قال : تقول : فقدتكم فقدتكم ، ثم قال : لنفقدنها قبل أن تفقدنا ثم أمربها فذبحت (٣).

٤٢ ـ كا : عبيد بن زياد ، عن عبدالله بن جبلة وغيره ، عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أعتق أبوجعفر عليه‌السلام من غلمانه عند موته شرارهم وأمسك خيارهم ، فقلت : يا أبت تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء؟ فقال : إنهم قد أصابوا مني ضربا فيكون هذا بهذا (٤).

٤٣ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة قال : حضر أبوجعفر عليه‌السلام جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء : لتسكتن أو لنرجعن قال : فلم تسكت ، فرجع عطاء قال : فقلت لابي جعفر عليه‌السلام إن عطاء قد رجع قال : ولم؟ قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها : لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال : امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق ، لم نقض حق مسلم ، قال : فلما صلى على

____________________

(١) نفس المصدر ج ٤ ص ٣٩٨.

(٢) المصدر السابق ج ٤ ص ٤٩٩.

(٣) المصدر السابق ج ٦ ص ٥٥١.

(٤) المصدر السابق ج ٧ ص ٥٥.

٣٠٠