بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وكان عليه‌السلام يقول في دعائه : اللهم من أناحتى تغضب علي ، فوعزتك ما يزين ملك إحساني ، ولايقبحه إساءتي ، ولا ينقص من خزائنك غناي ، ولا يزيد فيها فقري.

وقال ابن الاعرابي : لما وجه يزيد بن معاوية عسكره لاستباحة أهل المدينة ضم علي بن الحسين عليه‌السلام إلى نفسه أربعمائة منا يعولهن إلى أن انقرض جيش مسلم بن عقبة ، وقد حكي عنه مثل ذلك عند إخراج ابن الزبير بني امية من الحجاز (١) ، وقال عليه‌السلام وقد قيل له : مالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟ فقال : أكره أن آخذ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مالا اعطي مثله ، وقال رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع فيه فأعرض الزبيري عنه ، ثم دار الكلام فسب الزبيري علي بن الحسين فأعرض عنه ولم يجبه ، فقال له الزبيري : ما يمنعك من جوابي؟ قال : ما يمنعك من جواب الرجل ، ومات له ابن فلم ير منه جزع ، فسئل عن ذلك فقال : أمر كنا نتوقعه ، فلما وقع لم ننكره (٢).

بيان : قال الفيروز آبادي (٣) قذعه كمنعه رماه بالفحش وسوء القول كأقذعه.

٨٩ ـ كشف : قال طاوس : رأيت رجلا يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من الصلاة ، فإذا هو علي بن الحسين عليه‌السلام فقلت له : يا ابن رسول الله رأيتك على حالة كذا ، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك من الخوف ، أحدها : أنك ابن رسول الله ، والثاني : شفاعة جدك ، والثالث : رحمة الله فقال : يا طاوس أما أني ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يؤمنني ، وقد سمعت الله تعالى يقول « فلا أنساب بينهم يومئذ ولايتساءلون » (٤) وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني لان الله

____________________

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٠٤.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٠٥.

(٣) القاموس ج ٣ ص ٦٥.

(٤) سورة المؤمنون الاية : ١٠١.

١٠١

تعالى يقول : « ولايشفعون إلا لمن ارتضى » (١) وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول « إنها قريبة من المحسنين » (٢) ولا أعلم أني محسن (٣).

٩٠ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار عن فضالة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول : إني لاحب أن اقدم على العمل وإن قل (٤).

وبهذا الاسناد عن فضالة. عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : إني لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (٥).

٩١ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن خلاد ، عن الثمالي عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : قال : ما احب أن لي بذل نفسي حمر النعم وما تجرعت من جرعة أحب إلي من جرعة غيط لا اكافئ بها صاحبها (٦).

بيان : أي [ لا ] احب ذل نفسي وإن حصلت لي به حمر النعم ، أولا احب ذل نفسي ولا أرضى بدله حمر النعم ، فيكون تمهيدا لما بعده ، فإن شفاء الغيظ مورث للذل.

٩٢ ـ من كتاب عيون المعجزات المنسوب إلى السيد المرتضى ره : روي عن أبي خالد كنكر الكابلي أنه قال : لقيني يحيى بن ام الطويل رفع الله درجته وهو ابن داية زين العابدين عليه‌السلام فأخذ بيدي وصرت معه إليه عليه‌السلام فرأيته جالسا في بيت مفروش بالمعصفر مكلس الحيطان ، عليه ثياب مصبغة ، فلم أطل عليه الجلوس ، فلما أن نهضت قال لي : صر إلي في غد إن شاء الله تعالى ، فخرجت من عنده ، وقلت ليحيى أدخلتني على رجل يلبس المصبغات ، وعزمت على أن لا أرجع

____________________

(١) سورة الانبياء الاية : ٢٨.

(٢) سورة الاعراف الاية : ٥٦ ، والاية هكذا « ان رحمة الله قريب من المحسنين ».

(٣) كشف الغمة ج ٢ ص ٣٠٥.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٨٢.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٨٣.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ١٠٩.

١٠٢

إليه ، ثم إني فكرت في أن رجوعي إليه غير ضائر ، فصرت إليه في غد ، فوجدت الباب مفتوحا ولم أر أحدا ، فهممت بالرجوع ، فناداني من داخل الدار ، فظننت أنه يريد غيري ، حتى صاح بي : يا كنكر ادخل ، وهذا اسم كانت امي سمتني به ولا علم أحد به غيري ، فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت مطين على حصيرمن البردي ، وعليه قميص كرابيس ، وعنده يحيى ، فقال لي : يا أبا خالد إني قريب العهد بعروس ، وإن الذي رأيت بالامس من رأي المرأة ، ولم ارد مخالفتها ، ثم قام عليه‌السلام وأخذ بيدي وبيد يحيى بن ام الطويل ومضى بنا إلى بعض الغدران وقال : قفا ، فوقفنا ننظر إليه فقال : « بسم الله الرحمن الرحيم » ومشى على الماء حتى رأينا كعبه تلوح فوق الماء ، فقلت : الله أكبر الله أكبر ، أنت الكلمة الكبرى والحجة العظمى ، صلوات الله عليك ، ثم التفت إلينا عليه‌السلام وقال : ثلاثة لاينظر الله إليهم يوم القيامة ولايزكيهم ولهم عذاب أليم : المدخل فينا من ليس منا ، والمخرج منا من هو منا ، والقائل إن لهما في الاسلام نصيبا أعني هذين الصنفين (١).

أقول : روى ابن أبي الحديد (٢) عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة عن أبي البختري ، قال : أثنى رجل على علي بن الحسين في وجهه وكان يبغضه أنا دون ما تقول ، وفوق ما في نفسك.

٩٣ ـ قل : بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري رضي‌الله‌عنه ، بإسناده إلى محمد بن عجلان ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة ، وكان إذا أذنب العبد والامة يكتب عنده : أذنب فلان ، أذنبت فلانة يوم كذا وكذا ، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب ، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله

____________________

(١) أخرج الحديث محمد بن جرير الطبرى في دلائل الامامة ص ٩١ بدون ذكر المعجزات.

(٢) وردت هذه الكلمة في شرح نهج البلاغه ج ١٧ ص ٤٦ طبع مصر سنة ١٣٧٨ منسوبة للامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام قالها جوا بالمن أثنى عليه في وجهه ، وكان عنده متهما.

١٠٣

ثم أظهر الكتاب ثم قال : يا فلان فعلت كذا وكذا ، ولم اؤدبك أتذكر ذلك؟ فيقول : بلى يا ابن رسول الله ، حتى يأتي على آخرهم ، ويقررهم جميعا ، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم ، وقولوا : يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا ، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق ، لايغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها ، وتجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضرا ، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو ، وكما تحب أن يعفو المليك عنك فاعف عنا تجده عفوا ، وبك رحيما ، ولك غفورا ولايظلم ربك أحدا ، كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لايغادر صغيرة ولاكبيرة مما أتيناها إلا أحصاها ، فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل ، الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل ، ويأتي بها يوم القيامة وكفى بالله حسيبا وشهيدا ، فاعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح ، فانه يقول : « وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفرالله لكم » وهو ينادي بذلك على نفسك ويلقنهم ، وهم ينادون معه وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول : رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا ، وقد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت فاعف عنا ، فانك أولى بذلك منا ومن المأمورين وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا ، وقد أتيناك سؤالا ومساكين وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك ، فامنن بذلك علينا ولا تخيبنا فانك أولى بذلك منا ومن المأمورين ، إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك وجدت بالمعروف فأخلطني بأهل نوالك يا كريم ، ثم يقبل عليهم فيقول : قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني ومما كان مني إليكم من سوء ملكة؟ فاني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل؟ فيقولون : قد عفونا عنك يا سيدنا ، وما أسأت ، فيقول لهم قولوا : اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا ، فاعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق ، فيقولون ذلك ، فيقول : اللهم آمين رب العالمين اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي فيعتقهم ، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما

١٠٤

في أيدي الناس ، وما من سنة إلا وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقل أو أكثر ، وكان يقول : إن لله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه ، وإني لاحب أن يراني الله وقد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار.

وما استخدم خادما فوق حول ، كان إذا ملك عبدا في أول السنة أو في وسط السنة إذا كان ليلة الفطر أعتق ، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق ، كذلك كان يفعل حتى لحق بالله تعالى ، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم من حاجة يأتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج والخلال ، فاذا أفاض أمر بعتق رقابهم وجوائز لهم من المال (١).

٩٤ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون عمن يروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن علي بن الحسين صلوات الله عليهما تزوج سرية كانت للحسن بن علي عليهما‌السلام ، فبلغ ذلك عبدالملك بن مروان فكتب إليه في ذلك كتابا إنك صرت بعل الاماء ، فكتب إليه علي بن الحسين عليهما‌السلام : إن الله رفع بالاسلام الخسيسة ، وأتم به الناقصة ، وأكرم به من اللؤم ، فلا لؤم على مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنكح عبده ونكح أمته ، فلما انتهى الكتاب إلى عبدالملك قال لمن عنده : أحبروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلا شرفا؟ قالوا : ذاك أميرالمؤمنين قال : لا والله ما هو ذاك؟ قالوا : ما نعرف إلا أميرالمؤمنين قال : فلا والله ما هو بأمير المؤمنين ولكنه علي بن الحسين (٢).

٩٥ ـ يب : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، قال : سألته عن لبس الخز فقال : لابأس به إن علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء ، فاذا جاء الصيف باعه وتصدق

____________________

(١) الاقبال ص ٤٧٧.

(٢) الكافى ج ٥ ص ٣٤٥.

١٠٥

بثمنه ، وكان يقول : إني لاستحيي من ربي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه (١).

٩٦ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن سليمان بن راشد ، عن أبيه قال : رأيت علي بن الحسين عليهما‌السلام وعليه دراعة (٢) سوداء وطيلسان (٣) أزرق (٤).

٩٧ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يلبس الجبة الخز بخمسين دينارا والمطرف الخز بخمسين دينارا (٤).

٩٨ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يلبس في الشتاء الجبة الخز ، والمطرف الخز ، والقلنسوة الخز ، فيشتو فيه ويبيع المطرف في الصيف ويتصدق بثمنه ، ثم يقول : من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق (٥).

٩٩ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كانت لعلي بن الحسين عليه‌السلام وسائد وأنماط (٦)

____________________

(١) تهذيب الاحكام ج ٢ ص ٣٦٩.

(٢) الدراعة : جبة مشقوقة المقدم « تاج العروس ».

(٣) الطيلسان : معرب مثلثة اللام ثوب يحيط بالبدن ينسج للبس ، خال عن التفضيل والخياطة ، وفسره أدى شير بأنه : كساء مدور أخضر لا أسفل له ، لحمته أو سداه من صوف يليسه الخواص من العلماء والمشايخ ، وهو من لباس العجم. « المعرب للجواليقى »

(٤) الكافى ج ٦ ص ٤٤٩.

(٥) الكافى ج ٦ ص ٤٥٠.

(٦) الكافى : ج ٦ ص ٤٥١ والاية في سورة الاعراف : ٣٢.

(٧) الانماط : جمع نمط : ضرب من البسط.

١٠٦

فيها تماثيل ، يجلس عليها (١).

١٠٠ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : رأيت علي بن الحسين عليهما‌السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى ، ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك : يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي ، أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طالما عاديتهم فيك (٢).

١٠١ ـ كا : علي ، عن أبيه والقاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان ابن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : لومات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي ، وكان عليه‌السلام إذا قرأ « مالك يوم الدين » يكررها ، حتى كان أن يموت (٣).

١٠٢ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عمن ذكره ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : إنه يسخي نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله : « أو لم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها » (٤) هو ذهاب العلماء (٥).

١٠٣ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب عن عبدالله بن غالب الاسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب قال : حضرت علي ابن الحسين عليه‌السلام يوما حين صلى الغداة فإذا سائل بالباب ، فقال علي بن الحسين : أعطوا السائل ، ولاتردوا سائلا (٦).

____________________

(١) الكافى : ج ٦ ص ٤٧٧.

(٢) الكافى : ج ٢ ص ٥٧٩.

(٣) الكافى : ج ٢ ص ٦٠٢.

(٤) سورة الرعد ، الاية : ٤١.

(٥) الكافى : ج ١ ص ٣٨.

(٦) الكافى : ج ٤ ص ١٥.

١٠٧

١٠٤ ـ دعوات الراوندى : عن محمد بن الحسين الخزاز ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يلبس الصوت وأغلظ ثيابه إذا قام إلى الصلاة ، وكان عليه‌السلام إذا صلى يبرز إلى موضع خشن فيصلي فيه ، ويسجد على الارض فأتى الجبان وهو جبل بالمدينة ، يوما ثم قام على حجارة خشنة محرقة ، فأقبل يصلي ، وكان كثير البكاء ، فرفع رأسه من السجود وكأنما غمس في الماء من كثرة دموعه.

٦

* ( باب ) *

* ( حزنه وبكائه على شهادة أبيه ) *

* ( صلوات الله عليهما ) *

١ ـ قب : الصادق عليه‌السلام : بكى علي بن الحسين عليه‌السلام عشرين سنة ، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف أن تكون من الهاكين ، قال : إنما أشكوبثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لاتعلمون ، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة.

وفي رواية : أما آن لحزنك أن ينقضي؟! فقال له : ويحك إن يعقوب النبي عليه‌السلام كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم ، فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه ، واحد ودب ظهره من الغم ، وكان ابنه حيا في الدنيا ، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي ، فكيف ينقضي حزني؟

وقد ذكر في الحلية (١) نحوه ، وقيل : إنه بكى حتى خيف على عينيه.

____________________

(١) حلية الاولياء : ج ٣ ص ١٣٨.

١٠٨

وكان إذا أخذ إناء يشرب ماء بكى حتى يملاها دمعا ، فقيل له في ذلك فقال : وكيف لا أبكي؟ وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش. وقيل له : إنك لتبكي دهرك فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا؟ فقال : نفسي قتلها وعليها أبكي (١).

٢ ـ ل (٢) لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف عن محمد بن سهيل البحراني رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : البكاؤن خمسة : آدم ويعقوب ، ويوسف ، وفاطمة بنت محمد ، وعلي بن الحسين عليه‌السلام فأما آدم : فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية ، وأما يعقوب : فبكى على يوسف حتى ذهب بصره ، وحتى قيل له : « تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين » (٣) وأما يوسف : فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا : إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل ، وإما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار ، فصالحهم على واحد منهما ، وأما فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : فكبت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تأذى بها أهل المدينة ، وقالوا لها : قد آذيتنا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف ، وأما علي بن الحسين عليهما‌السلام : فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لاتعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة (٤).

٣ ـ مل : أبي وجماعة مشايخي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن

____________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٣٠٣ طبع النجف الاشرف.

(٢) الخصال للصدوق ص ١٣١ أبواب الخمسة.

(٣) سورة يوسف ، الاية : ٨٥.

(٤) أمالى الشيخ الصدوق ص ١٤٠.

١٠٩

أبي داود المسترق ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بكى علي بن الحسين بن علي صلى الله عليهم عشرين سنة أو أربعين سنة إلى آخر ما مر (١).

٤ ـ مل : محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن إسماعيل ابن منصور ، عن بعض أصحابنا قال : أشرف مولى لعلي بن الحسين عليهما‌السلام وهو في سقيفة له ساجد يبكي ، فقال له : يا علي بن الحسين أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسه إليه فقال : ويلك أو ثكلتك امك ، والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل مما رأيت حين قال : يا أسفى على يوسف ، وإنه فقد ابنا واحدا ، وأنا رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي ، قال : وكان علي بن الحسين عليه‌السلام يميل إلى ولد عقيل ، فقيل له : ما بالك تميل إلى بني عمك هؤلاء دون آل جعفر! فقال : إني أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن علي عليه‌السلام فأرق لهم (٢).

أقول : قدمضى بعض الاخبار في ذلك في باب مكارمه وقد أوردنا تحقيقا في سبب حزنهم وبكائهم عليهم‌السلام في باب قصص يعقوب عليه‌السلام ينفع تذكره في هذا المقام.

____________________

(١) كامل الزيارة لابن قولويه ص ١٠٧ طبع النجف الاشرف.

(٢) كامل الزيارة ص ١٠٧.

١١٠

٧

* ( باب ) *

* ( ( ماجرى بينه عليه‌السلام وبين محمد ابن الحنفية ) ) *

* ( وسائر أقربائه وعشائره ) *

١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يوسف بن السخت ، عن علي ابن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عيسى بن عبدالله قال : احتضر عبدالله ، فاجتمع إليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم ، فقال : لا مال عندي ما أعطيكم ، ولكن ارضوا بمن شئتم من ابني عمي على بن الحسين وعبدالله بن جعفر ، فقال الغرماء : عبدالله بن جعفر ملئ مطول (١) وعلي بن الحسين عليه‌السلام رجل لامال له صدوق ، وهو أحبهما إلينا ، فأرسل إليه فأخبره الخبر ، فقال : أضمن لكم المال إلى غلة ولم يكن له غلة تجملا فقال القوم : قد رضينا ، وضمنه ، فلما أتت الغلة أتاح الله عزوجل له المال فأداه (٢).

٢ ـ ج : روي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : لما قتل الحسين بن علي عليهما‌السلام أرسل محمد ابن الحنفية إلى علي بن الحسين عليه‌السلام ، وخلابه ، ثم قال : يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان جعل الوصية والامامة من بعده لعلي ابن أبي طالب عليه‌السلام ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين وقد قتل أبوك رضي‌الله‌عنه وصلى الله عليه ولم يوص ، وأنا عمك ، وصنو أبيك ، وأنا في سني وقد متي أحق بها منك في حداثتك ، فلا تنازعني الوصية والامامة ، ولا تخالفني ، فقال له على ابن الحسين عليه‌السلام : يا عم اتق الله ولاتدع ما ليس لك بحق ، إني أعظك أن تكون من الجاهلين ، يا عم إن أبي صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى

____________________

(١) المطول : الكثير المطل وهو التسويف بالعدة والدين.

(٢) الكافى ج ٥ ص ٩٧.

١١١

العراق ، وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عندي ، فلا تعرض لهذا فإني أخاف عليك نقص العمر ، وتشتت الحال ، وإن الله تبارك وتعالى آلى أن لايجعل الوصية والامامة إلا في عقب الحسين عليه‌السلام فان أردت أن تعلم فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال الباقر عليه‌السلام : وكان الكلام بينهما ، وهما يومئذ بمكة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود ، فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام لمحمد : ابدء فابتهل إلى الله واسأله أن ينطق لك الحجر ثم أسأله ، فابتهل محمد في الدعاء ، وسأل الله ثم دعا الحجر ، فلم يجبه ، فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام : أما إنك يا عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك فقال له محمد : فادع أنت يا ابن أخي واسأله ، فدعا الله علي بن الحسين عليه‌السلام بما أراد ثم قال : أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا بلسان عربي مبين : من الوصي والامام بعد الحسين بن علي؟ فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، ثم أنطقه الله بلسان عربي مبين فقال : اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين بن علي إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانصرف محمد وهو يتولى علي بن الحسين عليه‌السلام (١).

٣ ـ خص (٢) ير : أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين معا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبدالله ، وزرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٣).

٤ ـ عم (٤) قب : نوادر الحكمة ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بالاسناد ، عن جابر ، وعن الباقر عليه‌السلام مثله.

____________________

(١) الاحتجاج للطبرسى ص ١٧٢ وأخرجه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٣٤٨.

(٢) مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان ص ١٤ طبع النجف الاشرف.

(٣) بصائر الدرجات ج ١٠ ص ١٧.

(٤) اعلام الورى ص ٢٥٣ طبع ايران سنة ١٣٣٨ ش.

١١٢

المبرد في الكامل (١) قال : أبوخالد الكابلي لمحمد ابن الحنفية : أتخاطب ابن أخيك بما لايخاطبك بمثله؟ فقال : إنه حاكمني إلى الحجر الاسود وزعم أنه ينطقه فصرت معه إلى الحجر فسمعت الحجر يقول : سلم الامر إلى ابن أخيك فانه أحق به؟ تنك ، فصار أبوخالد إماميا (٢).

ويروى أن عمر بن علي خاصم علي بن الحسين عليه‌السلام إلى عبدالملك في صدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أميرالمؤمنين أنا ابن المصدق وهذا ابن ابن فأنا أولى بها منه ، فتمثل عبدالملك بقول ابن أبي الحقيق :

لاتجعل الباطل حقا ولا

تلط دون الحق بالباطل (٣)

قم يا علي بن الحسين فقد وليتكها ، فقاما ، فلما خرجا تناوله عمر وآذاه فسكت عليه‌السلام عنه ولم يرد عليه شيئا ، فلما كان بعد ذلك دخل محمد بن عمر على علي ابن الحسين عليه‌السلام فسلم عليه وأكب عليه يقبله فقال علي : يا ابن عم لا تمنعني قطيعة أبيك أن أصل رحمك فقد زوجتك ابنتي خديجة ابنة علي (٤).

بيان : اللوط : اللصوق يقال : لاط به أي لصق به ، أي لاتلزم الباطل عند ظهور الحق ، ويحتمل أن يكون من قولهم : لاط حوضه أي لاتجعل الباطل فوق الحق لتخفيه ، وفيما سيأتي في الباب الآتي في بعض نسخ الارشاد بالظاء المعجمة وهو من اللظ : اللزوم والالحاح يقال : ألظ أي لازم ودام وأقام ، وهذا يدل على ذم عمر بن علي ، وأنه لم يشتهد مع الحسين عليه‌السلام وقد مر الكلام فيه.

____________________

(١) لم نعثر عليه في الكامل رغب البحث عنه وقد راجعنا فهارس الاعلام للطبعة التى أشرف عليها أبوالاشبال أحمد محمد شاكر فلم نجد ذكرا لابى خالد الكابلى.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٨٨.

(٣) هذا البيت من أبيات للربيع بن أبى الحقيق من بنى قريظة ، وقد ذكره ابن عبد ربه الاندلسى في العقد الفريد ج ٤ ص ٤٠١ طبعة التأليف والترجمة والنشر سنة ١٣٦٣ قال أبوالحسن المدائني قال : قدم عمر بن على الخ.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٣٠٨.

١١٣

٥ ـ الفصول المهمة : قال سفيان : أراد علي بن الحسين عليه‌السلام الحج فأنفذت إليه اخته سكينة بنت الحسين عليه‌السلام ألف درهم فلحقوه بها بظهر الحرة (١) فلما نزل فرقها على المساكين (٢).

٦ ـ مهج : نقل من مجموع عتيق قال : كتب الوليد بن عبدالملك إلى صالح ابن عبدالله المري عامله على المدينة : أبرز الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان محبوسا في حبسه واضربه في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسمائة سوط ، فأخرجه صالح إلى المسجد واجتمع الناس ، وصعد صالح المنبر يقرأ عليهم الكتاب ، ثم ينزل فيأمر بضرب الحسن ، فبينما هو يقرأ الكتاب إذ دخل علي بن الحسين عليه‌السلام فأفرج الناس عنه ، حتى انتهى إلى الحسن ، فقال له : يا ابن عم ادع الله بدعاء الكرب يفرج عنك ، فقال : ما هو يا ابن عم فقال : قل وذكر الدعاء ، قال : وانصرف علي بن الحسين عليه‌السلام وأقبل الحسن يكررها ، فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل قال : أرى سجية رجل مظلوم أخروا أمره وأنا اراجع أميرالمؤمنين فيه ، وكتب صالح إلى الوليد في ذلك ، فكتب إليه : أطلقه (٣).

أقول : قد مضى بعض الاخبار المناسبة لهذا الباب في باب مكارمه عليه‌السلام وباب معجزاته ، وبعضها في باب أحوال أولاد أميرالمؤمنين صلوات الله عليه.

____________________

(١) الحرة : الحرار في بلادالعرب كثيرة ، والحرة : كل أرض ذات حجار سود نخرة كأنما احرقت بالنار قد ألبستها ، وأكثر الحرار حول المدينة وتسمى مضافة إلى أماكنها ، وقد ذكر صفى الدين البغدادى في مراصد الاطلاع « ٢٦ » حرة ، منها حرة واقم الشرقية ، وهى التى كانت بها وقعة الحرة الشهيرة أيام يزيد بن معاوية سند ٦٢ ه.

(٢) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص ١٨٩ طبع النجف وفيه سقط.

(٣) مهج الدعوات ص ٣٣١.

١١٤

٨

* ( باب ) *

* ( أحوال أهل زمانه من الخلفاء وغيرهم ، وما جرى بينه ) *

* ( عليه‌السلام وبينهم ، وأحوال أصحابه وخدمه ) *

* ( ومواليه ومداحيه صلوات الله عليه ) *

١ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي علي صاحب الانماط ، عن أبان بن تغلب قال : لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها ، خرجت عليهم حية ، فمنعت الناس البناء حتى هربوا فأتوا الحجاج ، فخاف أن يكون قد منع بناها ، فصعد المنبر ثم نشد الناس وقال : رحم الله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به ، قال : فقام إليه شيخ فقال : إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى ، فقال الحجاج : من هو؟ فقال علي بن الحسين عليه‌السلام فقال : معدن ذلك فبعث إلى علي بن الحسين عليه‌السلام فأتاه فأخبره بما كان من منع الله إياه البناء ، فقال له علي بن الحسين عليهما‌السلام : يا حجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق وانتهبته كأنك ترى أنه تراث لك ، اصعد المنبر وأنشد الناس أن لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا إلا رده ، قال : ففعل وأنشد الناس أن لايبقى منهم أحد عنده شئ إلا رده قال : فردوه.

فلما رأى جمع التراب أتى علي بن الحسين صلوات الله عليه فوضع الاساس وأمرهم أن يحفروا ، قال : فتغيبت عنهم الحية ، فحفروا حتى انتهوا إلى موضع القواعد ، قال لهم علي بن الحسين عليه‌السلام : تنحوا ، فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكى ثم غطاها بالتراب بيد نفسه ، ثم دعا الفعلة فقال : ضعوا بناءكم قال : فوضعوا البناء ، فلما ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فالقي في جوفه فلذلك صار البيت

١١٥

مرتفعا يصعد إليه بالدرج (١).

٢ ـ ج : روي أن زين العابدين عليه‌السلام مر بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمنى ، فوقف عليه ، ثم قال : أمسك أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم أترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله للموت إذا نزل بك غدا؟ قال : لا قال : أفتحدث نفسك بالتحول والانتقال عن الحال التي لاترضاها لنفسك إلى الحال التي ترضاها؟ قال : فأطرق مليا ، ثم قال : إني أقول ذلك بلا حقيقة قال : أفترجو نبيا بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يكون لك معه سابقة؟ قال : لا ، قال : أفترجوا دارا غير الدار التي أنت فيها ترد إليها فتعمل فيها؟ قال : لا ، قال : أفرأيت أحدا به مسكة عقل رضي لنفسه من نفسه بهذا ، إنك على حال لاترضاها ولاتحدث نفسك بالانتقال إلى حال ترضاها على حقيقة ولاترجو نبيا بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا دارا غير الدار التي أنت فيها فترد إليها فتعمل فهيا ، وأنت تعظ الناس؟ قال : فلما ولى عليه‌السلام قال الحسن البصري : من هذا؟ قالوا : علي بن الحسين قال : أهل بيت علم ، فما رؤي الحسين البصري بعد ذلك يعظ الناس (٢).

٢ ـ قب (٣) ج : لقي عباد البصري علي بن الحسين عليه‌السلام في طريق مكة فقال له : يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته ، وأقبلت على الحج ولينه ، وإن الله عزوجل يقول : « إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون إلى قوله : وبشر المؤمنين » (٤) فقال علي ابن الحسين : إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (٥)

____________________

(١) الكافى ج ٤ ص ٢٢٢ وأخرجه الصدوق في علل الشرائع ص ٤٤٨ طبع النجف وابن شهر آشوب في المناقب ج ٣ ص ٢٨١ طبع النجف الاشرف.

(٢) احتجاج الطبرسى ص ١٧١.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٩٨.

(٤) سورة التوبة ، الاية : ١١١.

(٥) احتجاج الطبرسى ص ١٧١.

١١٦

أقول : قد مر في باب استجابة دعائه عليه‌السلام حال كثير من صوفية زمانه.

٤ ـ ختص : روى محمد بن جعفر المؤدب أن أبا إسحاق عمرو بن عبدالله السبيعي صلى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة ، وكان يختم القرآن في كل ليلة ، ولم يكن في زمانه أعبد منه ، ولا أوثق في الحديث عند الخاص والعام ، وكان من ثقات علي بن الحسين عليه‌السلام ، ولد في الليلة التي قتل فيها أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقبض وله تسعون سنة ، وهومن همدان ، اسمه عمرو بن عبدالله بن علي بن ذي حمير ابن السبيع بن يبلغ الهمداني ، ونسب إلى السبيع لانه نزل فيهم (١).

٥ ـ ب : ابن عيسى ، عن البزنطي قال : ذكر عند الرضا عليه‌السلام القاسم بن محمد خال أبيه وسعيد بن المسيب فقال : كانا على هذا الامر وقال : خطب أبي إلى القاسم بن محمد يعني أبا جعفر عليهما‌السلام فقال القاسم لابي جعفر عليه‌السلام : إنما كان ينبغي لك أن تذهب إلى أبيك حتى يزوجك (٢).

٦ ـ ما : المفيد عن محمد بن الحسين البصير ، عن العباس بن السري ، عن شداد بن عبدالمخزومي ، عن عامر بن حفص قال : قدم عروة بن الزبير على الوليد ابن عبدالملك ومعه محمد بن عروة ، فدخل محمد دار الدواب فضربته دابة فخر ميتا ووقعت في رجل عروة الآكلة ولم تدع وركه تلك الليلة فقال له الوليد : اقطعها فقال : لا ، فترقت إلى ساقه فقال له : اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك ، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد ، وقال : « لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ».

وقدم على الوليد تلك السنة قوم من بني عبس ، فيهم رجل ضرير ، فسأله عن عينيه وسبب ذهابهما فقال : يا أميرالمؤمنين بت ليلة من بطن واد ولا أعلم عبسيا يزيد حاله على حالي ، فطرقنا سيل ، فذهب ما كان لي من أهل وولد ومال ، غير بعير وصبي مولود ، وكان البعير صعبا فند (٣) فوضعت الصبي واتبعت البعير ، فلم

____________________

(١) الاختصاص للشيخ المفيد ص ٨٣.

(٢) قرب الاسناد ص ٢١٠ طبع النجف الاشرف.

(٣) ندالبعير ، نفروذهب شاردا.

١١٧

أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني ، فرجعت إليه ورأس الذئب في بطنه يأكله ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني (١) برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني ، فأصبحت لامال ولا أهل ولا ولد ولا بصر ، فقال الوليد : انطلقوا إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاءا ، وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والانصار فقال له عيسى بن طلحة بن عبيدالله : ابشر يا أبا عبدالله! فقد صنع الله بك خيرا والله ما بك حاجة إلى المشي فقال : ما أحسن ما صنع الله بي ، وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء ، ثم أخذ واحدا وترك ستة ، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ، ثم أخذ واحدة وترك خمسا : يدين ورجلا وسمعا وبصرا ثم قال : إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت ، وإن كنت ابتليت لقد عافيت (٢).

٧ ـ نبه : روي أنه لما نزع معاوية بن يزيد بن معاوية نفسه من الخلافة ، قام خطيبا فقال : أيها الناس ما أنا بالراغب في التأمر عليكم ، ولا بالآمن لكراهتكم بل بلينابكم وبليتم بنا ، إلا أن جدي معاوية نازع الامر من كان أولى بالامر منه في قدمه وسابقته علي بن أبي طالب ، فركب جدي منه ما تعلمون ، وركبتم معه ما لاتجهلون ، حتى صار رهين عمله ، وضجيع حفرته ، تجاوز الله عنه ، ثم صار الامر إلى أبي ، ولقد كان خليقا أن لا يركب سننه ، إذ كان غير خليق بالخلافة فركب ردعه (٣) واستحسن خطأه فقلت مدته وانقطعت آثاره ، وخمدت ناره ، ولقد أنسانا الحزن به الحزن عليه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم أخفت (٤) يترحم على أبيه.

ثم قال : وصرت أنا الثالث من القوم الزاهد فيما لدي أكثر من الراغب وما كنت لاتحمل آثامكم ، شأنكم وأمركم خذوه ، من شئتم ولايته فولوه قال :

____________________

(١) النفح : من نفحت الدابة الرجل ضربته بحد حافرها.

(٢) أمالى الشيخ الطوسى ٩٣.

(٣) يقال : ركب فلان ردعه : اذا ردع فلم يرتدع.

(٤) الخفت : ضد الجهر ، والمخافتة مفاعلة منه ، والتخافت تكلفه.

١١٨

فقام إليه مروان بن الحكم فقال : يا أبا ليلى سنة عمرية ، فقال له : يا مروان تخدعني عن ديني ، ائتني برجال كرجال عمر أجعلها بينهم شورى ، ثم قال : والله إن كانت الخلافة مغنما فقد أصبنا منها حظا ، ولئن كانت شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها ، ثم نزل فقالت له أمه : ليتك كنت حيضة فقال : وأنا وددت ذلك ، ولم أعلم أن لله نارا يعذب بها من عصاه وأخذ غير حقه (١).

٨ ـ ختص : هلك يزيد لعنه الله وهوابن ثلاثة وستين سنة ، وولي الامر أربع سنين ، وهلك معاوية بن يزيد وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، وولي الامر أربعين ليلة (٢).

٩ ـ ختص (٣) ير : عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن على بن معبد ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن أبيه ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لما ولي عبدالملك بن مروان واستقامت له الاشياء ، كتب إلى الحجاج كتابا وخطه بيده : بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله عبدالملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف أما بعد فجنبني دماء بني عبدالمطلب فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلا قليلا والسلام ، وكتب الكتاب سرا لم يعلم به أحد وبعث به مع البريد إلى الحجاج ، وورد خبر ذلك من ساعته على علي بن الحسين عليه‌السلام ، واخبر أن عبدالملك قد زيد في ملكه برهة من دهره لكفه عن بني هاشم وأمر أن يكتب ذلك إلى عبدالملك ويخبره بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه في منامه وأخبره بذلك ، فكتب علي بن الحسين عليه‌السلام بذلك إلى عبدالملك بن مروان (٤).

١٠ ـ حه : روى هشام [ بن ] الكلبي ، عن أبيه قال : أدركت بني أود (٥) وهم

____________________

(١) تنبيه الخواطر ص ٥١٨.

(٢) الاختصاص ص ١٣١.

(٣) نفس المصدر ص ٣١٤.

(٤) بصائر الدرجات ج ٨ ص ١١.

(٥) بنو أود بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة حى من بنى سعد



١١٩

يعلمون أبناءهم وحرمهم سب علي بن أبي طالب عليه‌السلام وفيهم رجل من رهط عبدالله بن إدريس بن هانئ ، فدخل على الحجاج بن يوسف يوما فكلمه بكلام فأغلظ له الحجاج في الجواب ، فقال له : لاتقل هذا أيها الامير فلا لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها إلا ونحن نعتد بمثلها ، قال له : وما مناقبكم؟ قال : ما ينقص عثمان ولا يذكر بسوء في نادينا قط قال : هذه منقبة قال : وما رؤي منا خارجي قط قال : ومنقبة قال : وما شهد منامع أبي تراب مشاهده إلا رجل واحد ، فأسقطه ذلك عندنا وأخمله ، فماله عندنا قدرو لاقيمة قال : ومنقبة ، قال : وما أراد منا رجل قط أن يتزوج امرأة إلا سأل عنها هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير فإن قيل إنها تفعل ذلك اجتنبها فلم يتزوجها قال : ومنقبة ، قال : وما ولد فينا ذكر فسمي عليا ولاحسنا ولا حسينا ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة قال : ومنقبة ، قال : ونذرت امرأة مناحين أقبل الحسين إلى العراق إن قتله الله أن تنحر عشر جزر (١) فلما قتل وفت بنذرها قال : ومنقبة ، قال : ودعي رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه فقال : نعم وأزيدكم حسنا وحسينا قال : ومنقبة والله ، قال : وقال لنا أميرالمؤمنين عبدالملك أنتم الشعار دون الدثار وأنتم الانصار بعد الانصار ، قال : ومنقبة ، قال : وما بالكوفة ملاحة إلا ملاحة بني أود ، فضحك الحجاج قال هشام بن الكلبي : قال لي أبي : فسلبهم الله ملاحتهم ، آخر الحكاية (٢).

١١ ـ يج : روى عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : كان عبدالملك يطوف بالبيت وعلي بن الحسين يطوف بين يديه ولا يلتفت إليه ولم يكن عبدالملك يعرفه بوجهه فقال : من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل : هذا علي بن الحسين

____________________

العشيرة من كهلان من القحطانية ، وهم بنو أود بن صعب بن سعد العشيرة ، وأيضا حى من همدان من كهلان من القحطانية ، وهم بنو أود بن عبدالله بن قادم بن زيد بن عريب بن حشم ابن حاشد بن حبران ابن نوف بن همدان « نهاية الارب للقلقشندى » ص ٨٣.

(١) الجزر : جمع جزور ، وهو ما يجز من النوق أو الغنم.

(٢) فرحة الغرى ص ٧ طبع ايران سنة ١٣١١ ملحقا بمكارم الاخلاق



١٢٠