بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وفتية فرغوا لله أنفسهم

وفارقوا المال والأحباب والدورا (١)

١١ ـ مل : حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن أبي زياد القندي قال : كان الجصاصون يسمعون نوح الجن حين قتل الحسين بن علي عليه السلام في السحر بالجبانة وهم يقولون :

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود

أبواه في عليا قريش جده خير الجدود

أقول : روي في المناقب القديم عن أبي العلا الحسن بن أحمد الهمداني عن محمود بن إسماعيل عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أبي القاسم اللخمي عن محمد بن عثمان عن جندل بن والق عن عبد الله بن الطفيل عن أبي زيد الفقيمي عن أبي حباب الكلبي عن الجصاصين مثله.

١٢ ـ مل : بالإسناد عن عمر بن سعد عن الوليد بن غسان عمن حدثه قال : كانت الجن تنوح على الحسين بن علي صلوات الله عليهما فتقول :

لمن الأبيات بالطف على كره بنينه

تلك أبيات حسين يتجاوبن الرنينة

١٣ ـ مل : حكيم بن داود عن سلمة عن أيوب بن سليمان عن علي بن الحزور قال سمعت ليلى وهي تقول سمعت نوح الجن على الحسين بن علي عليه السلام وهي تقول :

يا عين جودي بالدموع فإنما

يبكي الحزين بحرقة وتوجع

يا عين ألهاك الرقاد بطيبه

من ذكر آل محمد وتوجع

باتت ثلاثا بالصعيد جسومهم

بين الوحوش وكلهم في مصرع

أقول : قد أوردنا بعض الأخبار في باب شهادته صلوات الله عليه.

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٩٣ ، وهكذا ما بعده على الترتيب.

٢٤١

٤٤

باب

ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه

١ ـ جا ، ما : المفيد عن محمد بن عمران عن محمد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي سعد عن مسعود بن عمرو عن إبراهيم بن داحة قال أول شعر رثي به الحسين بن علي عليه السلام قول عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب :

إذا العين قرت في الحياة وأنتم

تخافون في الدنيا فأظلم نورها

مررت على قبر الحسين بكربلاء

ففاض عليه من دموعي غزيرها

فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه

ويسعد عيني دمعها وزفيرها

وبكيت من بعد الحسين عصائب

أطافت به من جانبيها قبورها

سلام على أهل القبور بكربلاء

وقل لها مني سلام يزورها

سلام بآصال العشي وبالضحى

تؤديه نكباء الرياح ومورها

ولا برح الوفاد زوار قبره

يفوح عليهم مسكها وعبيرها

قب : مرسلا مثله (١).

بيان : النكباء الريح الناكبة التي تنكب عن مهاب الرياح القوم ذكره الجوهري وقال الفيروزآبادي ريح انحرفت ووقعت بين ريحين أو بين الصبا والشمال والمور بالضم الغبار بالريح (٢).

٢ ـ قب : الكميت :

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة بالطف قد غودروا

صاروا جميعا رهن أكفان

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ١٢٣ ، وفيه « عقبة بن عميق » وفي تذكرة الخواص : ص ١٥٣ عقبة بن عمرو العبسى.

(٢) وفي المناقب « تؤديه نكباء الصبا ودبورها ».

٢٤٢

وستة لا يتجازى بهم

بنو عقيل خير فرسان

ثم علي الخير مولاهم

ذكرهم هيج أحزاني (١)

بيان : التجازي التقاضي.

٣ ـ قب : السري الرفاء (٢)

أقام روح وريحان على جدث

ثوى الحسين به ظمآن آمينا

كأن أحشاءنا من ذكره أبدا

تطوى على الجمر أو تحشي السكاكينا

مهلا فما نقضوا أوتار والده

وإنما نقضوا في قتله الدينا

بيان : لعل الأوتار جمع وتر القوس كناية عن العهود والمواثيق (٣).

٤ ـ قب : دعبل :

هلا بكيت على الحسين وأهله

هلا بكيت لمن بكاه محمد

فلقد بكته في السماء ملائك

زهر كرام راكعون وسجد

لم يحفظوا حب النبي محمد

إذ جرعوه حرارة ما تبرد

قتلوا الحسين فأثكلوه بسبطه

فالثكل من بعد الحسين مبدد

هذا حسين بالسيوف مبضع

متخضب بدمائه مستشهد

عار بلا ثوب صريع في الثرى

بين الحوافر والسنابك يقصد

كيف القرار وفي السبايا زينب

تدعو بفرط حرارة يا أحمد

يا جد إن الكلب يشرب آمنا

ريا ونحن عن الفرات نطرد

يا جد من ثكلي وطول مصيبتي

ولما أعاينه أقوم وأقعد

بيان : قوله : فالثكل من بعد الحسين مبدد أي تفرق وكثر القتل والثكل بعد قتله عليه السلام في أولاد الرسول صلى الله عليه واله أو سائر الخلق أيضا ولا يبعد أن يكون فالكل فصحف.

__________________

(١) المصدر ج ٤ ص ١١٦ ، وهكذا ما بعده على الترتيب.

(٢) المصدر : الوفى السرى.

(٣) ولعله كناية عن السداة : مامد من خيوط الثوب ونسج عليه اللحمة ، فإذا انتقض انتقض اللحمة.

٢٤٣

٥ ـ قب : كشاجم :

إذا تفكرت في مصابهم

أثقب زند الهموم قادحة

فبعضهم قربت مصارعه

وبعضهم بعدت مطارحه

أظلم في كربلاء يومهم

ثم تجلى وهم ذبائحه

ذل حماه وقل ناصره

ونال أقوى مناه كاشحة

خالد بن معدان :

جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد

مترملا بدمائه ترميلا

قتلوك عطشانا ولم يترقبوا

في قتلك التنزيل والتأويلا

وكأنما بك يا ابن بنت محمد

قتلوا جهارا عامدين رسولا

ويكبرون بأن قتلت وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا

سليمان بن قتة (١) الهاشمي :

مررت على أبيات آل محمد

فلم أرها أمثالها يوم حلت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرت

وإن قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقاب المسلمين فذلت

وكانوا رجاء ثم عادوا رزية

لقد عظمت تلك الرزايا وجلت

السوسي :

لهفي على السبط وما ناله

قد مات عطشانا بكرب الظما

لهفي لمن نكس عن سرجه

ليس من الناس له من حما

__________________

(١) هذا هو الصحيح كما نص عليه الفيروزآبادي قال : وقته كضبة : أم سليمان وعنونه ابن قتيبة في التابعين وقال : منسوب الى أمه وهو مولى لتيم قريش ، وكان مع روايته شاعرا ، وهكذا قال المبرد في الكامل : سليمان بن قتة رجل من تيم بن مرة وكان منقطعا الى بنى هاشم.

أقول ولعل ابن شهرآشوب أراد من وصفه بالهاشمى انقطاعه ذلك ، والا فهو تيمى ولاء ، ولعله تصحيف القرشي ، وقد يقال أنه خزاعى كما في أسد الغابة ج ٢ ص ٢١ ، وهكذا في الاستيعاب بذيل الإصابة ج ١ ص ٣٧٨.

٢٤٤

لهفي على بدر الهدى إذ علا

في رمحه يحكيه بدر الدجى

لهفي على النسوة إذ برزت

تساق سوقا بالعنا والجفا

لهفي على تلك الوجوه التي

أبرزن بعد الصون بين الملا

لهفي على ذاك العذار الذي

علاه بالطف تراب العرا

لهفي على ذاك القوام الذي

حناه بالطف سيوف العدا

وله :

كم دموع ممزوجة بدماء

سكبتها العيون في كربلاء

لست أنساه بالطفوف غريبا

مفردا بين صحبه بالعراء

وكأني به وقد خر في الترب

صريعا مخضبا بالدماء

وكأني به وقد لحظ النسوان

يهتكن مثل هتك الإماء

وله :

جودي على حسين يا عين بانغزار

جودي على الغريب إذا الجار لا يجار

جودي على النساء مع الصبية الصغار

جودي على القتيل مطروح في القفار

وله :

ألا يا بني الرسول لقد قل الاصطبار

ألا يا بني الرسول خلت منكم الديار

ألا يا بني الرسول فلا قر لي قرار

وله :

لا عذر للشيعي يرقأ دمعه

ودم الحسين بكربلاء أريقا

يا يوم عاشوراء لقد خلفتني

ما عشت في بحر الهموم غريقا

فيك استبيح حريم آل محمد

وتمزقت أسبابهم تمزيقا

أأذوق ري الماء وابن محمد

لم يرو حتى للمنون أذيقا

وله :

وكل جفني بالسهاد

مذ عرس الحزن في فؤادي

ناع نعى بالطفوف بدرا

أكرم به رائحا وغادي

٢٤٥

نعى حسينا فدته روحي

لما أحاطت به الأعادي

في فتية ساعدوا وواسوا

وجاهدوا أعظم الجهاد

حتى تفانوا وظل فردا

ونكسوه عن الجواد

وجاء شمر إليه حتى

جرعه الموت وهو صاد

وركب الرأس في سنان

كالبدر يجلو دجى السواد

واحتملوا أهله سبايا

على مطايا بلا مهاد

وله أيضا :

أأنسى حسينا بالطفوف مجدلا

ومن حوله الأطهار كالأنجم الزهر

أأنسى حسينا يوم سير برأسه

على الرمح مثل البدر في ليلة البدر

أأنسى السبايا من بنات محمد

يهتكن من بعد الصيانة والخدر

بيان : وهو صاد أي عطشان.

٦ ـ قب : العوني :

فيا بضعة من فؤاد النبي

بالطف أضحت ( كَثِيباً مَهِيلاً )

( ويا كبدا من فؤاد البتول )

( بالطف شلت فأضحت أكيلا ) (١)

قتلت فأبكيت عين الرسول

وأبكيت من رحمة جبرئيلا

وله :

يا قمرا غاب حين لاحا

أورثني فقدك المنايا

يا نوب الدهر لم يدع لي

صرفك من حادث صلاحا

أبعد يوم الحسين ويحي

استعذب اللهو والمزاحا

يا بأبي أنفس ظلماء

ماتوا ولم يشربوا المباحا

يا بأبي غرة هداة

باكرها حتفها صباحا

يا سادتي يا بني علي

بكى الهدى فقدكم وناحا (٢)

__________________

(١) في المناقب ج ٤ ص ١١٩ « ثلت » والثل : الهدم والهلاك.

(٢) في المصدر : بعدكم وناحا.

٢٤٦

يا سادتي يا بني إمامي

أقولها عنوة صراحا

أوحشتم الحجر والمساعي

آنستم القفر والبطاحا

أوحشتم الذكر والمثاني

والسور النول الفصاحا (١)

بيان : النول كركع جمع النائل أي العطاء.

٧ ـ قب : وله

لم أنس يوما للحسين وقد ثوى

بالطف مسلوب الرداء خليعا

ظمآن من ماء الفرات معطشا

ريان من غصص الحتوف نقيعا

يرنو إلى ماء الفرات بطرفه

فيراه عنه محرما ممنوعا

بيان : نقيعا أي كأنه نقع له سم الحتوف أو من قولهم سم ناقع أي بالغ وسم منقع أي مربى ورنا إليه يرنو رنوا أدام النظر.

٨ ـ قب : الزاهي :

أعاتب عيني إذا أقصرت

وأفني دموعي إذا ما جرت

لذكراكم يا بني المصطفى

دموعي على الخد قد سطرت

لكم وعليكم جفت غمضها

جفوني عن النوم واستشعرت

أمثل أجسادكم بالعراق

وفيها الأسنة قد كسرت

أمثلكم في عراق الطفوف

بدورا تكسف إذ أقمرت

غدت أرض يثرب من جمعكم

كخط الصحيفة إذ أقفرت

وأضحى بكم كربلاء مغربا

لزهر النجوم إذا غورت (٢)

كأني بزينب حول الحسين

ومنها الذوائب قد نشرت

تمرغ في نحره شعرها

وتبدي من الوجد ما أضمرت

وفاطمة عقلها طائر

إذا السوط في جنبها أبصرت

__________________

(١) كذا في الأصل وهو سهو والصحيح كما في المصدر : والسور الطول الفصاحا.

(٢) في الأصل وهكذا نسخة الكمباني « كزهر النجوم ».

٢٤٧

وللسبط فوق الثرى شيبة

يفيض دم النحر قد عفرت

ورأس الحسين أمام الرفاق

كغرة صبح إذا أسفرت

وله أيضا :

لست أنسى النساء في كربلاء

وحسين ظام فريد وحيد

ساجد يلثم الثرى وعليه

قضب الهند ركع وسجود

يطلب الماء والفرات قريب

ويرى الماء وهو عنه بعيد

بيان : جفت أي أبعدت وقوله جفوني فاعله وقوله عن النوم متعلق به بتضمين معنى الفرار ونحوه أي أبعدت وتركت جفوني غمضها وضمها فرارا عن النوم واستشعرت أي أضمرت حزنا يقال استشعر فلان خوفا أي أضمره قوله إذ أقمرت أي قبل أن تصل إلى البدرية والكمال تكسفت قوله إذ أقفرت أي خلت أرض يثرب منكم فبقي منكم فيها آثار خربة كخط الصحيفة يقال سيف قاضب وقضيب أي قطاع والجمع قواضب وقضب.

٩ ـ قب : الناشي :

مصائب نسل فاطمة البتول

نكت حسراتها كبد الرسول

ألا بأبي البدور لقين كسفا

وأسلمها الطلوع إلى الأفول

ألا يا يوم عاشوراء رماني

مصابي منك بالداء الدخيل

كأني بابن فاطمة جديلا

يلاقي الترب بالوجه الجميل

يجرن في الثرى قدا ونحرا

على الحصباء بالخد التليل

صريعا ظل فوق الأرض أرضا

فوا أسفا على الجسم النحيل

أعاديه توطأه ولكن

تخطاه العتاق من الخيول

وقد قطع العداة الرأس منه

وعلوه على رمح طويل

وقد برز النساء مهتكات

يجززن الشعور من الأصول

يسرن مع اليتامى من قتيل

يخضب بالدماء إلى قتيل

فطورا يلتثمن بني علي

وطورا يلتثمن بني عقيل

٢٤٨

وفاطمة الصغيرة بعد عز

كساها الحزن أثواب الذليل

تنادي جدها يا جد إنا

طلبنا بعد فقدك بالذحول

بيان : قال الفيروزآبادي داء وحب دخيل أي داخل والجديل الصريع وجرن الحب طحنه وجرن الثوب جرونا انسحق والقد القامة ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) أي صرعه والذحول جمع الذحل يقال طلب بذحله أي بثأره.

١٠ ـ قب : المرتضى :

إن يوم الطف يوما كان للدين عصيبا

لم يدع للقلب مني في المسرات نصيبا

لعن الله رجالا أترعوا الدنيا غصوبا

سالموا عجزا فلما قدروا شنوا الحروبا

طلبوا أوتار بدر عندنا ظلما وحوبا

وله لقد كسرت للدين في يوم كربلاء

كسائر لا تؤسى ولا هي تجبر

فإما سبي بالرماح مسوق

وإما قتيل بالتراب معفر

وجرحى كما اختارت رماح وأنصل

وصرعى كما شاءت ضباع وأنسر

بيان : يوم عصيب أي شديد وأترعه أي ملأه والترع محركة الإسراع إلى الشر وترع فلان كفرح اقتحم الأمور مرحا ونشاطا والحوب بالضم الإثم والهلاك والبلاء قوله لا تؤسى من أسوت الجرح أي داويته.

الرضي :

كربلاء لا زلت كربا وبلا

ما لقي عندك آل المصطفى (١)

كم على تربك لما صرعوا

من دم سال ومن دمع جرى

وضيوف لفلاة قفرة

نزلوا فيها على غير قرى

لم يذوقوا الماء حتى اجتمعوا

بحدى السيف على ورد الردى

تكسف الشمس شموس منهم

لا تدانيها علوا وضيا

__________________

(١) لقاه ، يلقاه مثل لقيه لغة طائية قال شاعرهم :

لم تلق خيل قبلها ما قد لقت

من غب هاجرة وسير مساد

٢٤٩

وتنوش الوحش من أجسادهم

أرجل السبق وأيمان الندا

ووجوها كالمصابيح فمن

قمر غاب ومن نجم هوى

غيرتهن الليالي وغدا

جائر الحكم عليهن البلى

يا رسول الله لو عاينتهم

وهم ما بين قتل وسبا

من رميض يمنع الظل ومن

عاطش يسقي أنابيب القنا

ومسوق عاثر يسعى به

خلف محمول على غير وطا

جزروا جزر الأضاحي نسله

ثم ساقوا أهله سوق الإما

قتلوه بعد علم منهم

إنه خامس أصحاب الكسا

ميت تبكي له فاطمة

وأبوها وعلي ذو العلا

وله أيضا :

شغل الدموع عن الديار بكاؤها

لبكاء فاطمة على أولادها

لم يخلفوها في الشهيد وقد رأى

دفع الفرات يذاد عن ورادها

أترى درت أن الحسين طريده

لقنا بني الطرداء عند ولادها

كانت مآتم بالعراق تعدها

أموية بالشام من أعيادها

ما راقبت غضب النبي وقد غدا

زرع النبي مظنة لحصادها

جعلت رسول الله من خصمائها

فلبئس ما ادخرت ليوم معادها

نسل النبي على صعاب مطيها

ودم الحسين على رءوس صعادها

وا لهفتاه لعصبة علوية

تبعت أمية بعد ذل قيادها

جعلت عران الذل في آنافها

وغلاظ وسم الضيم في أجيادها

واستأثرت بالأمر عن غيابها

وقضت بما شاءت على أشهادها

طلبت تراث الجاهلية عندها

وشفت قديم الغل من أحقادها

يا يوم عاشوراء كم لك لوعة

تترقص الأشياء من إيقادها

أقول : وفي بعض الكتب فيه زيادة :

إن قوضت تلك القباب فإنها

خرت عماد الدين قبل عمادها

٢٥٠

هي صفوة الله التي أوحي بها

وقضى أوامره إلى أمجادها

يروي مناقب فضلها أعداؤها

أبدا فيسندها إلى أضدادها

يا فرقة ضاعت دماء محمد

وبنيه بين يزيدها وزيادها

صغرا بمال الله ملء أكفها

وأكف آل الله في أصفادها

ضربوا بسيف محمد أبناءه

ضرب الغرائب عدن بعد ذيادها

يا يوم عاشوراء كم لك لوعة

تترقص الأحشاء من إيقادها

ما عدت إلا عاد قلبي علة

حزني ولو بالغت في إيرادها

بيان : قوله بحدى السيف أي حداهم السيف حتى اجتمعوا على نوبة هلاكهم أو على ما يورد عليه من الهلاك ويمكن أن يكون بحد السيف على التخفيف لضرورة الشعر وفي بعض النسخ بحذا السيف أي قبال السيف قوله تكسف الشمس أي هم شموس كل منهم يغلب نوره نور الشمس ويكسفها والنوش التناول قوله جائر الحكم حال عن البلى أي بلى كثير كأنه جار في الحكم ولعل مراده غير المعصوم فإنه لا يتطرق إليه البلى مع أنه في الشعر قد لا يراعى تلك الأمور.

قوله : شغل الدموع أي شغل البكاء على تلك المصيبة الدموع عن انصبابها لذكر ديار المحبوبين ومنازلهم فالضمير في بكاؤها راجع إلى العيون بقرينة المقام والأصوب شغل العيون أي عن النظر إلى الديار قوله لم يخلفوها أي لم يرعوا حرمة فاطمة في الشهيد والدفع بضم الدال وفتح الفاء جمع الدفعة أي دفعات الفرات وانصباباتها والدفاع طحمة الموج والسيل.

قوله : درت أي علمت فاطمة عليها السلام قوله بني الطرداء أي أبناء الذين كانوا مطرودين ملعونين حين تلد فاطمة تلك الأولاد والزرع الولد وهنا معناه الآخر مرعى والسعدة القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف والصعاد جمعها والعران العود الذي يجعل في وتره أنف البختي.

٢٥١

١١ ـ قب : آخر :

تبيت النشاوى من أمية نوما

وبالطف قتلى ما ينام حميمها

وما قتل الإسلام إلا عصابة

تأمر نوكاها ونام زعيمها

فأضحت قناة الدين في كف ظالم

إذا اعوج منها جانب لا يقيمها

غيره :

وا خجلة الإسلام من أضداده

ظفروا له بمعايب ومعاير

آل العزير يعظمون حماره

ويرون فوزا لثمهم للحافر

وسيوفكم بدم ابن بنت نبيكم

مخضوبة لرضى يزيد الفاجر

وفي رواية :

وا خجلة الإسلام من أضداده

ظفروا له بمعايب ومعاير (١)

رأس ابن بنت محمد ووصيه

تهدى جهارا للشقي الفاجر

الصنوبري :

يا خير من لبس النبوة من جميع الأنبياء

وجدي على سبطيك وجد ليس يؤذن بانقضاء

هذا قتيل الأشقياء وذا قتيل الأدعياء

يوم الحسين هرقت دمع الأرض بل دمع السماء

يوم الحسين تركت باب العز مهجور الفناء

يا كربلاء خلفت من كرب علي ومن بلاء

كم فيك من وجه تشرب ماؤه ماء البهاء

نفسي فداء المصطلي نار الوغى أي اصطلاء

حيثالأسنة في الجواشن كالكواكب في السماء

فاختار درع الصبر حيث الصبر من لبس السناء

__________________

(١) هذا البيت ساقط من المصدر ، راجع ج ٤ ص ١٢٤.

٢٥٢

وأبا إباء الأسد إن الأسد صادقة الإباء

وقضى كريما إذ قضى ظمآن في نفر ظماء

منعوه طعم الماء لا وجدوا لما طعم ماء

من ذا لمعفور الجواد ممال أعواد الخباء

من للطريح الشلو عريانا مخلى بالعراء

من للمحنط بالتراب وللمغسل بالدماء

من لابن فاطمة المغيب عن عيون الأولياء

بيان : الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم وأشلاء الإنسان أعضاؤه بعد التفرق.

١٢ ـ قب : للشافعي :

تأوه قلبي والفؤاد كئيب

وأرق نومي فالسهاد عجيب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

ذبيح بلا جرم كأن قميصه

صبيغ بماء الأرجوان خضيب

فللسيف إعوال وللرمح رنة

وللخيل من بعد الصهيل نحيب

تزلزلت الدنيا لآل محمد

وكادت لهم صم الجبال تذوب

وغارت نجوم واقشعرت كواكب

وهتك أستار وشق جيوب

يصلى على المبعوث من آل هاشم

ويغزي بنوه إن ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حب آل محمد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري وموقفي

إذا ما بدت للناظرين خطوب

الجوهري :

عاشورنا ذا ألا لهفي على الدين

خذوا حدادكم يا آل ياسين

اليوم شقق جيب الدين وانتهبت

بنات أحمد نهب الروم والصين

اليوم قام بأعلا الطف نادبهم

يقول من ليتيم أو لمسكين

اليوم خضب جيب المصطفى بدم

أمسى عبير نحور الحور والعين

٢٥٣

اليوم خر نجوم الفخر من مضر

على مناخر تذليل وتوهين

اليوم أطفئ نور الله متقدا

وجزرت لهم التقوى على الظين (١)

اليوم هتك أسباب الهدى مزقا

وبرقعت عزة الإسلام بالهون

اليوم زعزع قدس من جوانبه

وطاح بالخيل ساحات الميادين

اليوم نال بنو حرب طوائلها

مما صلوه ببدر ثم صفين

اليوم جدك سبط المصطفى شرقا

من نفسه بنجيع غير مسنون

إيضاح الحداد بالكسر ثياب المأتم السود وطاح أي هلك وسقط والطوائل جمع طائلة وهي العداوة والترة والنجيع من الدم ما كان إلى السواد وقيل هو دم الجوف خاصة والمسنون المتغير المنتن وقوله شرقا فعل والألف للإشباع أي شرق بسبب مصيبة من هو بمنزلة نفسه بدم طري من الحزن.

١٣ ـ قب : شاعر :

يا كربلاء يا كربتي وزفرتي

كم فيك من ساق ومن جمجمة

ومن يمين بالحسام بينت

للفاطميات العظام الحرمة

قد خر أركان العلي وانهدت

وغلقت أبوابه وسدت

تلك الرزايا عظمت وجلت

آخر :

كم سيد لي بكربلاء فديته السيد الغريب

كم سيد لي بكربلاء للموت في صدره وجيب

كم سيد لي بكربلاء عسكره بالعرا نهيب

كم سيد لي بكربلاء ليس لما يشتهي طبيب

كم سيد لي بكربلاء خاتمه والرداء سليب

كم سيد لي بكربلاء خضب من نحره المشيب

__________________

(١) وجررت لمم التقوى على الطين. خ ل.

٢٥٤

كم سيد لي بكربلاء ملثمه والردا خضيب

كم سيد لي بكربلاء يسمع صوتي ولا يجيب

كم سيد لي بكربلاء ينقر في ثغرة القضيب

آخر :

رأس ابن بنت محمد ووصيه

للناظرين على قناة يرفع

والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا منكر منهم ولا متفجع

كحلت بمنظرك العيون عماية

وأصم رزءك كل أذن يسمع

أيقظت أجفانا وكنت لها كرى

وأنمت عينا لم تكن بك تهجع

ما روضة إلا تمنت أنها

لك منزل ولخط قبرك مضجع

آخر :

إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتي

لآل رسول الله وانهل عبرتي

هو اليوم فيه اغبرت الأرض كلها

وجوما عليها والسماء اقشعرت

أريقت دماء الفاطميين بالملإ

فلو عقلت شمس النهار لخرت

بنفسي خدود في التراب تعفرت

بنفسي جسوم بالعراء تعرت

بنفسي رءوس معليات على القنا

إلى الشام تهدى بازفات الأسنة (١)

بنفسي شفاه ذابلات من الظمإ

ولم تحظ من ماء الفرات بقطرة

بنفسي عيون غائرات سواهر

إلى الماء منها قطرة بعد قطرة

بنفسي من آل النبي خرائد

حواسر لم تعرف عليهم بسترة

إيضاح : قال الجوهري وجم من الأمر وجوما والواجم الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام ويوم وجيم أي شديد الحر وقال الفيروزآبادي الزفت الملء والغيظ والطرد والسوق والدفع والمنع وبالكسر القار والمزفت المطلي به والظاهر بارقات كما ستجيء والخريدة من النساء الحيية والجمع خرائد قوله لم تعرف من العرف والمعروف بمعنى الإحسان.

__________________

(١) في المصدر ج ٤ ص ١٢٦ « بارقات » ويمكن أن يقرأ « بازقات ».

٢٥٥

١٤ ـ قب : لأبي الفرج بن الجوزي (١)

أحسين والمبعوث جدك بالهدى

قسما يكون الحق فيه مسائلي

لو كنت شاهد كربلاء لبذلت في

تنفيس كربك جهد بذل الباذل

وسقيت حد السيف من أعدائكم

جللا وحد السمهري الذابل (٢)

لكنني أخرت عنك لشقوتي

فبلابلي بين الغري وبابل

إذ لم أفز بالنصر من أعدائكم

فأقل من حزن ودمع سائل

آخر :

يا حر صدري يا لهيب الحشا

انهد ركني يا أخي والقوا

كنت أخي ركني ولم يبق لي

ذخر ولا ركن ولا ملتجا

وكنت أرجوك فقد خانني

ما كنت أرجوه فخاب الرجا

أيا ابن أمي لو تأملتني

رأيت مني ما يسر العدا

حل بأعدائك ما حل بي

من ألم السير وذل السبا

ويا شقيقي أنا أفديك من

يومك هذا وأكون الفدا

ولا هنأني العيش يا سيدي

ما عشت من بعدك أو أدفنا

آخر :

يا من رأى حسينا شلوا لدى الفلاة

والرأس منه عال في ذروة القناة

وزينب تنادي قد قتلوا حماتي

يا جد لو ترانا أسرى مهتكات

توضيح الجلل بالتحريك العظيم والسمهري الرمح الصلب والبلابل شدة الهموم والوساوس.

__________________

(١) قال سبطه في التذكرة ص ١٥٤ : وأنشدنا أبو عبد الله محمد ابن البنديجى البغدادي قال : أنشدنا بعض مشايخنا أن ابن الهبارية الشاعر اجتاز بكربلاء فجلس يبكى على الحسين وأهله وقال بديها : « أحسين والمبعوث جدك بالهدى » الأبيات ، ثم نام مكانه فرأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فقال له : يا فلان! جزاك الله عنى خيرا ، أبشر فان الله قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين.

(٢) في التذكرة : « عللا » والعل : الشرب الثاني ، يقال « علل بعد نهل ».

٢٥٦

١٥ ـ أقول : رأيت في بعض مؤلفات المتأخرين أنه قال حكى دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله فلما رآني مقبلا قال لي مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه ثم إنه وسع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه ثم قال لي يا دعبل أحب أن تنشدني شعرا فإن هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة.

ثم إنه عليه السلام نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين عليه السلام ثم التفت إلي وقال لي يا دعبل ارث الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت قال دعبل فاستعبرت وسالت عبرتي وأنشأت أقول :

أفاطم لو خلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشانا بشط فرات

إذا للطمت الخد فاطم عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأرض فلاة

قبور بكوفان وأخرى بطيبة

وأخرى بفخ نالها صلواتي

قبور ببطن النهر من جنب كربلا

معرسهم فيها بشط فرات

توافوا [ توفوا ] عطاشا بالعراء فليتني

توفيت فيهم قبل حين وفاتي

إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم (١)

سقتني بكأس الثكل والفضعات [الفظعات]

إذا فخروا يوما أتوا بمحمد

وجبريل والقرآن والسورات

وعدوا عليا ذا المناقب والعلا

وفاطمة الزهراء خير بنات

وحمزة والعباس ذا الدين والتقى

وجعفرها الطيار في الحجبات

__________________

(١) اللوعة : حرقة الحزن والهوى والوجد.

٢٥٧

أولئك مشئومون هندا وحربها

سمية من نوكى ومن قذرات

هم منعوا الآباء من أخذ حقهم

وهم تركوا الأبناء رهن شتات

سأبكيهم ما حج لله راكب

وما ناح قمري على الشجرات

فيا عين بكيهم وجودي بعبرة

فقد آن للتسكاب والهملات

بنات زياد في القصور مصونة

وآل رسول الله منهتكات

وآل زياد في الحصون منيعة

وآل رسول الله في الفلوات

ديار رسول الله أصبحن بلقعا

وآل زياد تسكن الحجرات

وآل رسول الله نحف جسومهم

وآل زياد غلظ القصرات (١)

وآل رسول الله تدمى نحورهم

وآل زياد ربة الحجلات

وآل رسول الله تسبى حريمهم

وآل زياد آمنوا السربات

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم

أكفا من الأوتار منقبضات

سأبكيهم ما ذر في الأرض شارق

ونادى منادي الخير للصلوات

وما طلعت شمس وحان غروبها

وبالليل أبكيهم والغدوات

أقول : سيأتي تمام القصيدة وشرحها في أبواب تاريخ الرضا عليه السلام.

١٦ ـ ورأيت في بعض مؤلفات بعض ثقات المعاصرين بعض المراثي فأحببت إيرادها للشيخ الخليعي :

لم أبك ربعا للأحبة قد خلا

وعفا وغيره الجديد وأمحلا

كلا ولا كلفت صحبي وقفة

في الدار إن لم اشف ضبا عللا

ومطارح النادي وغزلان النقا

والجزع لم أحفل بها متغزلا

وبواكر الأظعان لم أسكب لها

دمعا ولا خل نأى وترحلا

لكن بكيت لفاطم ولمنعها

فدكا وقد أتت الخئون الأولا

إذ طالبته بإرثها فروى لها

خبرا ينافي المحكم المتنزلا

لهفي لها وجفونها قرحى وقد

حملت من الأحزان عبئا مثقلا

__________________

(١) جمع قصرة : أصل العنق إذا غلظت.

٢٥٨

وقد اغتدت منفية وحميها

متطيرا ببكائها متثقلا

تخفي تفجعها وتخفض صوتها

وتظل نادبة أباها المرسلا

تبكي على تكدير دهر ما صفا

من بعده وقرير عيش ما حلا

لم أنسها إذ أقبلت في نسوة

من قومها تروي مدامعها الملا

وتنفست صعدا ونادت أيها

الأنصار يا أهل الحماية والكلا

أترون يا نجب الرجال وأنتم

أنصارنا وحماتنا أن نخذلا

ما لي وما لدعي تيم ادعى

إرثي وضل مكذبا ومبدلا

أعليه قد نزل الكتاب مبينا

حكم الفرائض أم علينا نزلا

أم خصه المبعوث منه بعلم ما

أخفاه عنا كي نضل ونجهلا

أم أنزلت آي بمنعي إرثه

قد كان يخفيها النبي إذا تلا

أم كان في حكم النبي وشرعه

نقص فتممه الغوي وكملا

أم كان ديني غير دين أبي فلا

ميراث لي منه وليس له ولا

قوموا بنصري إنها لغنيمة

لمن اغتدى لي ناصرا متكفلا

واستعطفوه وخوفوه واشهدوا

ذلي له وجفاه لي بين الملا

إن لج في سخطي فقد عدم الرضي

من ذي الجلال وللعقاب تعجلا

أو دام في طغيانه فقد اقتنى

لعنا على مر الزمان مطولا

أين المودة والقرابة يا ذوي

الأيمان ما هذا القطيعة والقلا

أفَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ بأن

تمضوا على سنن الجبابرة الأولى

وتنكبوا نهج السبيل بقطع ما

أمر الإله عباده أن يوصلا

ولقد أزالكم الهوى وأحلكم

دار البوار من الجحيم وأدخلا

ولسوف يعقب ظلمكم أن تتركوا

ولدي برمضاء الطفوف مجدلا

في فتية مثل البدور كواملا

عرض المحاق بها فاضحت آفلا

وأقوم من خلل اللحود حزينة

والقوم قد نزلت بهم غير البلاء

ويروعني نقط القنا بجسومهم

ويسوؤني شكل السيوف على الطلى

٢٥٩

فأقبل النحر الخضيب وأمسح

الوجه التريب مضمخا ومرملا

ويقوم سيدنا النبي ورهطه

متلهفا متأسفا متقلقلا

فيرى الغريب المستضام النازح

الأوطان ملقى في الثرى ما غسلا

وتقوم آسية وتأتي مريم

يبكين من كربي بعرصة كربلاء

ويطفن حولي نادبات الجن إشفاقا

علي يفضن دمعا مسبلا

وتضج أملاك السماء لعبرتي

وتعج بالشكوى إلى رب العلى

وأرى بناتي يشتكين حواسرا

نهب المعاجر والهات ثكلا

وأرى إمام العصر بعد أبيه في

صفد الحديد مغللا ومعللا

وأرى كريم مؤملي في ذابل

كالبدر في ظلم الدياجي يجتلي

يهدى إلى الرجس اللعين فيشتفي

منه فؤاد بالحقود قد امتلأ

ويظل يقرع منه ثغرا طال ما

قدما ترشفه النبي وقبلا

ومضلل أضحى يوطئ عذرة

ويقول وهو من البصيرة قد خلا

لو لم يحرم أحمد ميراثه

لم يمنعوه أهله وتأولا

فأجبته إصر بقلبك أم قذا

في العين منك عدتك تبصرة الجلا

أوليس أعطاها ابن خطاب لحيدرة

الرضا مستعتبا متنصلا

أتراه حلل ما رآه محرما

أم ذاك حرم ما رآه محللا

يا راكبا تطوي المهامة عيسه

طي الردا وتجوب أجواز الفلا

عرج بأكناف الغري مبلغا

شوقي وناد بها الإمام الأفضلا

ومن العجيب تشوقي لمزار من

لم يتخذ إلا فؤادي منزلا

فاحبس وقل يا خير من وطئ الثرى

وأعزهم جارا وأعذب منهلا

لو شئت قمت بنصر بضعة أحمد

الهادي بعقد عزيمة لن تحللا

ورميت أعداء الرسول بجمرة

من حد سيفك حرها لا يصطلى

لكن صبرت لأن تقام عليهم

حجج الإله ولن ترى أن تعجلا

كيلا يقولوا إن عجلت عليهم

كنا نراجع أمرنا لو أمهلا

٢٦٠