بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤٠

باب

ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء والأرض عليه

صلى الله عليه واله وانكساف الشمس والقمر وغيرها

١ ـ فس : تفسير القمي أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (١)

ثم مر عليه الحسين بن علي عليهما السلام فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض وقال وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي صلوات الله عليهما.

٢ ـ ب : عنهما (٢) عن حنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : زوروا الحسين عليه السلام ولا تجفوه فإنه سيد شباب الشهداء أو سيد شباب أهل الجنة وشبيه يحيى بن زكريا وعليهما بكت السماء والأرض.

أقول : في خبر ابن شبيب عن الرضا عليه السلام أنه بكت السماوات السبع والأرضون لقتله (٣).

٣ ـ ما : المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسين بن أبي فاختة قال : كنت أنا وأبو سلمة السراج

__________________

(١) الدخان : ٢٩.

(٢) يعني محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمد ، وصدر الحديث هكذا : قال : حنان ـ قلت لابى عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسين ٧ فانه بلغنا عن بعضكم أنه قال : تعدل حجة وعمرة ، قال فقال ما أصعب هذا الحديث ما تعدل هذا كله لكن زوروه الحديث ، راجع المصدر ص ٦٦.

(٣) راجع ج ٤٤ ص ٢٨٦.

٢٠١

ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له جعلت فداك إني أحضر مجالس هؤلاء القوم فأذكركم في نفسي فأي شيء أقول فقال يا حسين إذا حضرت مجالس هؤلاء فقل اللهم أرنا الرخاء والسرور فإنك تأتي على ما تريد قال فقلت جعلت فداك إني أذكر الحسين بن علي عليهما السلام فأي شيء أقول إذا ذكرته فقال قل صلى الله عليك يا با عبد الله تكررها ثلاثا.

ثم أقبل علينا وقال إن أبا عبد الله لما قتل بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار وما يرى وما لا يرى إلا ثلاثة أشياء فإنها لم تبك عليه فقلت جعلت فداك وما هذه الثلاثة الأشياء التي لم تبك عليه فقال البصرة ودمشق وآل الحكم بن أبي العاص.

٤ ـ لي ، ع : ابن إدريس عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن أرطاة بن حبيب عن فضيل الرسان عن جبلة المكية قال سمعت ميثم التمار قدس الله روحه يقول والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وإن ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك لعهد عهده إلي مولاي ـ أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء ويبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات والأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش وتمطر السماء دما ورمادا.

ثم قال وجبت لعنة الله على قتلة الحسين كما وجبت على المشركين ( الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

قال جبلة فقلت له يا ميثم فكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين يوم بركة فبكى ميثم رضي الله عنه ثم قال :

يزعمون لحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود

٢٠٢

وإنما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه ـ يونس من بطن الحوت وإنما أخرج الله عز وجل يونس من بطن الحوت في ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وإنما ( اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ ) في يوم الثامن عشر من ذي الحجة ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله عز وجل فيه البحر لبني إسرائيل وإنما كان ذلك في ربيع الأول.

ثم قال ميثم يا جبلة اعلمي أن الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على سائر الشهداء درجة يا جبلة إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيد الشهداء الحسين قد قتل.

قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي عليه السلام (١).

بيان : العبيط الطري.

٥ ـ مل : أبي وجماعة مشايخي عن سعد عن ابن عيسى عن الأهوازي عن رجل عن يحيى بن بشير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي فأشخصه إلى الشام فلما دخل عليه قال له يا با جعفر أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ولا أعلم في الأرض خلقا ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلا واحد فقال أبي ليسألني أمير المؤمنين عما أحب فإن علمت أجبت ذلك وإن لم أعلم قلت لا أدري وكان الصدق أولى بي.

فقال هشام أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب بما استدل به الغائب عن المصر الذي قتل فيه على قتله وما العلامة فيه للناس فإن علمت ذلك وأحببت فأخبرني هل كان تلك العلامة لغير علي عليه السلام في قتله فقال له أبي يا أمير المؤمنين إنه لما كان تلك الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

__________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢١٧ أمالي الصدوق المجلس ٢٧ تحت الرقم : ١.

٢٠٣

عليه السلام لم يرفع حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها هارون أخو موسى عليه السلام وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون وكذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مريم وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها شمعون بن حمون الصفا وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه السلام وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها الحسين بن علي عليهما السلام.

قال فتربد وجه هشام حتى انتقع لونه وهم أن يبطش بأبي فقال له أبي يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم والصدق له بالنصيحة وإن الذي دعاني إلى أن أجبت أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي له بما يجب له علي من الطاعة فليحسن أمير المؤمنين الظن فقال له هشام انصرف إلى أهلك إذا شئت قال فخرج فقال له هشام عند خروجه أعطني عهد الله وميثاقه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحد حتى أموت فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه وذكر الحديث بطوله (١).

بيان : قال الجوهري تربد وجه فلان أي تغير من الغضب وانتقع لونه على بناء المجهول أي تغير من حزن أو سرور.

٦ ـ مل : أحمد بن عبد الله بن علي عن عبد الرحمن السلمي وقال أحمد وأخبرني عمي عن أبيه عن أبي نضرة عن رجل من أهل بيت المقدس أنه قال : والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها ـ عشية قتل الحسين بن علي قلت وكيف ذلك قال ما رفعنا حجرا ولا مدرا وصخرا إلا ورأينا تحتها دما يغلي واحمرت الحيطان كالعلق ومطرنا ثلاثة أيام دما عبيطا وسمعنا مناديا ينادي في جوف الليل يقول

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

معاذ الله لا نلتم يقينا

شفاعة أحمد وأبي تراب

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٧٥ و ٧٦.

٢٠٤

قتلتم خير من ركب المطايا

وخير الشيب طرا والشباب

وانكسفت الشمس ثلاثا ثم تجلت عنها وانشبكت النجوم فلما كان من الغد أرجفنا بقتله فلم يأت علينا كثير شيء حتى نعي إلينا الحسين عليه السلام (١).

٧ ـ مل : أحمد بن عبد الله بن علي الناقد بإسناده قال قال عمر بن سعد حدثني أبو معشر عن الزهري قال : لما قتل الحسين بن علي لم يبق ببيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط.

مل : كامل الزيارات محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد مثله (٢).

٨ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز عن خاله محمد بن الحسين عن ابن بزيع عن أبي إسماعيل السراج عن يحيى بن معمر عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن علي عليهما السلام حتى ذرفت دموعها (٣)

مل : أبي وجماعة مشايخي عن سعد ومحمد العطار معا عن محمد بن الحسين مثله.

بيان : ذرفت أي سالت.

٩ ـ مل : أبي وعلي بن الحسين معا عن سعد عن ابن عيسى عن أحمد بن أبي داود عن سعيد بن أبي عمرو الجلاب عن الحارث الأعور قال : قال علي عليه السلام بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة والله كأني أنظر إلى الوحش مادة أعناقها على قبره من أنواع الوحش يبكونه ويرثونه ليلا حتى الصباح فإذا كان كذلك فإياكم والجفاء.

١٠ ـ مل : محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن أبي

__________________

(١) المصدر ص ٧٧ وهكذا ما يأتي بعده.

(٢) المصدر ص ٩٣.

(٣) كامل الزيارات الباب ٢٦ ص ٧٩ وهكذا ما بعده على الترتيب إلى آخر الباب.

٢٠٥

عثمان عن عبد الجبار النهاوندي عن أبي سعيد عن الحسين بن ثوير وابن ظبيان وأبي سلمة السراج والمفضل كلهم قالوا سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول إن أبا عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب عليهن والجنة والنار ومن خلق ربنا وما يرى وما لا يرى.

مل : أبي عن سعد عن محمد بن الحسين مثله.

١١ ـ مل : أبي عن سعد عن الحسين بن عبيد الله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الجبار عن أبي سعيد عن الحسين بن ثوير عن يونس وأبي سلمة السراج والمفضل قالوا سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول لما مضى أبو عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة أشياء ـ البصرة ودمشق وآل عثمان.

١٢ ـ مل : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن الحسين بن ثوير قال : كنت أنا وابن ظبيان والمفضل وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد الله عليه السلام فكان المتكلم يونس وكان أكبرنا سنا وذكر حديثا طويلا يقول ثم قال أبو عبد الله إن أبا عبد الله عليه السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع وما فيهن والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن وما ينقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى بكى على أبي عبد الله عليه السلام إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه قلت جعلت فداك ما هذه الثلاثة الأشياء قال لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان بن عفان عليهم لعنة الله وذكر الحديث.

١٣ ـ مل : محمد الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن أبي يعقوب عن أبان بن عثمان عن زرارة قال قال أبو عبد الله عليه السلام يا زرارة إن السماء بكت على الحسين أربعين صباحا بالدم وإن الأرض بكت أربعين

٢٠٦

صباحا بالسواد وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة وإن الجبال تقطعت وانتثرت وإن البحار تفجرت وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين وما اختضبت منا امرأة ولا ادهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد لعنه الله وما زلنا في عبرة بعده.

وكان جدي إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته وحتى يبكي لبكائه رحمة له من رآه وإن الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كل من في الهواء والسماء من الملائكة ولقد خرجت نفسه عليه السلام فزفرت جهنم زفرة كادت الأرض تنشق لزفرتها ولقد خرجت نفس عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية لعنهم الله فشهقت جهنم شهقة لو لا أن الله حبسها بخزانها لأحرقت من على ظهر الأرض من فورها ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلا ابتلعته ولكنها مأمورة مصفودة ولقد عتت على الخزان غير مرة حتى أتاها جبرئيل فضربها بجناحه فسكنت وإنها لتبكيه وتندبه وإنها لتتلظى على قاتله ولو لا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض وأكفأت ما عليها وما تكثر الزلازل إلا عند اقتراب الساعة.

وما عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه ووصل رسول الله صلى الله عليه واله وأدى حقنا وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي فإنه يحشر وعينه قريرة والبشارة تلقاه والسرور على وجهه والخلق في الفزع وهم آمنون والخلق يعرضون وهم حداث الحسين عليه السلام تحت العرش وفي ظل العرش ـ لا يخافون سوء الحساب يقال لهم ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه وإن الحور لترسل إليهم إنا قد اشتقناكم مع الولدان المخلدين فما يرفعون رءوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور والكرامة وإن أعداءهم من بين مسحوب بناصيته إلى النار ومن قائل ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ).

وإنهم ليرون منزلهم وما يقدرون أن يدنوا إليهم ولا يصلون إليهم وإن الملائكة لتأتيهم بالرسالة من أزواجهم ومن خزانهم (١) على ما أعطوا من الكرامة

__________________

(١) في المصدر : وخدامهم.

٢٠٧

فيقولون نأتيكم إن شاء الله فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم فيزدادون إليهم شوقا إذا هم خبروهم بما هم فيه من الكرامة وقربهم من الحسين عليه السلام فيقولون الحمد لله الذي كفانا الفزع الأكبر وأهوال القيامة ونجانا مما كنا نخاف ويؤتون بالمراكب والرحال على النجائب فيستوون عليها وهم في الثناء على الله والحمد لله والصلاة على محمد وعلى آله حتى ينتهوا إلى منازلهم.

١٤ ـ مل : محمد بن عبد الله عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وأحدثه فدخل عليه ابنه فقال له مرحبا وضمه وقبله وقال حقر الله من حقركم وانتقم ممن وتركم وخذل الله من خذلكم ولعن الله من قتلكم وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء.

ثم بكى وقال يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم وإليهم يا أبا بصير إن فاطمة لتبكيه وتشهق فتزفر جهنم زفرة لو لا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة وإن البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها على بعض وما منها قطرة إلا بها ملك موكل فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها (١) بأجنحته وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا ومن فيها ومن على الأرض فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها ويدعون الله ويتضرعون إليه ويتضرع أهل العرش ومن حوله وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض ولو أن صوتا من أصواتهم يصل

__________________

(١) يقال : نأرت النائرة نارا : هاجت ، والمراد ثوران الماء وغليانها ، ولذلك عبر بقوله « أطفأ ».

٢٠٨

إلى الأرض لصعق أهل الأرض وتقلعت الجبال وزلزلت الأرض بأهلها.

قلت جعلت فداك إن هذا الأمر عظيم قال غيره أعظم منه ما لم تسمعه ثم قال يا با بصير أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق وما قدرت على كلامي من البكاء ثم قام إلى المصلى يدعو وخرجت من عنده على تلك الحال فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم وأصبحت صائما وجلا حتى أتيته فلما رأيته قد سكن سكنت وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة.

بيان : تقول كبحت الدابة إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري.

١٥ ـ مل : أبي وجماعة مشايخي علي بن الحسين ومحمد بن الحسن عن سعد عن ابن يزيد عن أحمد بن الحسن الميثمي عن علي الأزرق عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال : سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو يقول في الرحبة وهو يتلو هذه الآية ـ ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (١) وخرج عليه الحسين عليه السلام من بعض أبواب المسجد فقال أما إن هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض (٢).

١٦ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن يزداد بن عيسى الأنصاري عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن إبراهيم النخعي قال : خرج أمير المؤمنين صلوات الله عليه فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله وجاء الحسين عليه السلام حتى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال يا بني إن الله عير أقواما في القرآن فقال ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) وايم الله ليقتلنك ثم تبكيك السماء والأرض.

مل : أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب بإسناده مثله.

١٧ ـ مل : محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الحسين صلوات الله عليه بكى لقتله السماء

__________________

(١) الدخان : ٢٩.

(٢) كامل الزيارات الباب ٢٨ ص ٨٨ وهكذا ما بعده على الترتيب إلى آخر الباب.

٢٠٩

والأرض واحمرتا ولم تبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي صلوات الله عليهم.

مل : أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب بإسناده مثله.

١٨ ـ مل : علي بن الحسين وغيره عن سعد عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله بن هلال قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن السماء بكت على الحسين بن علي عليه السلام ويحيى بن زكريا ولم تبك على أحد غيرهما قلت وما بكاؤها قال مكثوا أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة قلت فذلك بكاؤها قال نعم.

مل : أبي وعلي بن الحسين معا عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن حماد بن عثمان مثله (١).

١٩ ـ مل : أبي عن سعد عن عبد الله بن أحمد عن عمرو بن سهل عن علي بن مسهر القرشي قال حدثتني جدتي أنها أدركت الحسين بن علي حين قتل صلوات الله عليه قالت فمكثنا سنة وتسعة أشهر والسماء مثل العلقة مثل الدم ما ترى الشمس.

٢٠ ـ مل : علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) قال لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتى قتل الحسين عليه السلام فبكت عليه.

ص : بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي بن إبراهيم مثله.

٢١ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب عن صفوان عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : احمرت السماء حين قتل الحسين بن علي سنة ثم قال بكت السماء والأرض على الحسين بن علي سنة وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها.

__________________

(١) ترى هذا الحديث بالسند المذكور في الباب ٢٨ من المصدر تحت الرقم ١٥.

٢١٠

٢٢ ـ مل : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن عبد الخالق بن عبد ربه قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) (١) ـ الحسين بن علي لم يكن له من قبل سميا ويحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميا ولم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا قال قلت ما بكاؤها قال كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء.

٢٣ ـ مل : علي بن الحسين عن علي بن إبراهيم وسعد معا عن إبراهيم بن هاشم عن ابن فضال عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما بكت السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي صلوات الله عليهما فإنها بكت عليه أربعين يوما.

٢٤ ـ مل ، كامل الزيارات محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن كليب بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لم تبك السماء إلا على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا عليهما السلام.

٢٥ ـ مل : محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن محمد بن سلمة عمن حدثه قال : لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أمطرت السماء ترابا أحمر.

٢٦ ـ مل : حكيم بن داود عن سلمة عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عيسى عن أسلم بن القاسم عن عمرو بن ثبيت عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام قال : إن السماء لم تبك منذ وضعت إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي عليهما السلام قلت أي شيء بكاؤها قال كانت إذا استقبلت بالثوب وقع على الثوب شبه أثر البراغيث من الدم.

٢٧ ـ مل : أبي وعلي بن الحسين عن سعد عن ابن عيسى عن موسى بن الفضل عن حنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في زيارة قبر الحسين بن علي عليه السلام فإنه بلغنا عن بعضهم أنها تعدل حجة وعمرة قال لا تعجب

__________________

(١) مريم : ٧.

٢١١

ما أصاب من يقول هذا كله (١) ولكن زره ولا تجفه فإنه سيد شباب الشهداء وسيد شباب أهل الجنة وشبيه يحيى بن زكريا وعليهما بكت السماء والأرض.

مل : أبي وأبي الوليد عن الصفار عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.

مل : أبي وجماعة مشايخي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن حنان مثله.

بيان : قوله عليه السلام ما أصاب محمول على التقية (٢).

٢٨ ـ مل : بهذا الإسناد عن ابن عيسى عن غير واحد عن جعفر بن بشير عن حماد عن عامر بن معقل عن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا ولم تبك السماء على أحد إلا عليهما قال قلت وكيف تبكي قال تطلع الشمس في حمرة وتغيب في حمرة.

مل : محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير مثله.

٢٩ ـ مل : أبي وعلي بن الحسين عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن عبد العظيم الحسني عن الحسن بن الحكم النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال : بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السلام في الرحبة إذا طلع الحسين عليه فضحك علي حتى بدت نواجذه ثم قال إن الله ذكر قوما فقال ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض.

مل : أبي عن سعد والحميري معا عن ابن عيسى مثله.

__________________

(١) لا تعجب بالقول هذا كله خ ل.

(٢) هذا إذا كانت « ما » نافية ، لكنها ما التعجبية دخلت على أفعل التعجب ، وقد مر في ذيل الحديث المرقم ٢ عن قرب الإسناد بلفظ آخر فراجع.

٢١٢

٣٠ ـ مل : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن عبد العظيم الحسني عن الحسن عن أبي سلمة قال قال جعفر بن محمد عليه السلام ما بكت السماء إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي عليهما السلام.

٣١ ـ مل : أبي عن محمد بن الحسن عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن داود بن فرقد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان الذي قتل الحسين عليه السلام ولد زنا والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقال احمرت السماء حين قتل الحسين صلوات الله عليه سنة ثم قال بكت السماوات والأرض على الحسين وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها (١).

٣٢ ـ مل : أبي وعلي بن الحسين عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فإنها تلعن قتلة الحسين عليه السلام.

٣٣ ـ مل : أبي وأخي وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن جميعا عن أحمد بن إدريس عن الجاموراني عن ابن البطائني عن صندل عن داود بن فرقد قال : كنت جالسا في بيت أبي عبد الله عليه السلام فنظرت إلى الحمام الراعبي يقرقر طويلا فنظر إلي أبو عبد الله عليه السلام طويلا فقال يا داود تدري ما يقول هذا الطير قلت لا والله جعلت فداك قال تدعو على قتلة الحسين صلوات الله عليه فاتخذوه في منازلكم.

مل : أبي وجماعة مشايخي عن سعد عن الجاموراني بإسناده مثله.

٣٤ ـ مل : ابن الوليد وجماعة مشايخي عن سعد عن اليقطيني عن صفوان عن الحسين بن أبي غندر عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول في البومة فقال هل أحد منكم رآها بالنهار قيل له لا تكاد تظهر بالنهار ولا تظهر إلا ليلا قال أما إنها لم تزل تأوي العمران أبدا فلما أن قتل الحسين عليه السلام

__________________

(١) كامل الزيارات الباب ٣٠ وما بعده على الترتيب ، والحمام الراعبية مر تفسيرها في ج ٤٤ ص ٣٠٥.

٢١٣

آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبدا ولا تأوي إلا الخراب فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتى يجنها الليل فإذا جنها الليل فلا تزال ترن على الحسين صلوات الله عليه حتى تصبح (١).

٣٥ ـ مل : حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن الحسين بن علي بن صاعد البربري قيما لقبر الرضا عليه السلام قال حدثني أبي قال : دخلت على الرضا عليه السلام فقال لي ما يقول الناس قال قلت جعلت فداك جئنا نسألك قال فقال لي ترى هذه البومة كانت على عهد جدي رسول الله صلى الله عليه واله تأوي المنازل والقصور والدور وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم فيرمى إليها بالطعام وتسقى ثم ترجع إلى مكانها ولما قتل الحسين بن علي خرجت من العمران إلى الخراب والجبال والبراري وقالت بئس الأمة أنتم قتلتم ابن نبيكم ولا آمنكم على نفسي.

٣٦ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب عن ابن فضال عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن البومة لتصوم النهار فإذا أفطرت تدلهت (٢) على الحسين عليه السلام حتى تصبح.

بيان : قال الفيروزآبادي الدلة محركة (٣) والدلوة ذهاب الفؤاد من هم ونحوه ودلهه العشق تدليها فتدله.

٣٧ ـ مل : علي بن الحسين عن سعد عن موسى بن عمر عن الحسن بن علي الميثمي قال قال أبو عبد الله عليه السلام يا يعقوب (٤) رأيت بومة قط تنفس بالنهار فقال لا قال وتدري لم ذلك قال لا قال لأنها تظل يومها صائمة فإذا جنها الليل أفطرت على ما رزقت ثم لم تزل ترنم على الحسين حتى تصبح.

__________________

(١) كامل الزيارات الباب ٣١ وما بعده إلى آخر الباب.

(٢) تولهت خ ل ، وفي المصدر « اندبت » وهو تصحيف.

(٣) في القاموس : الدله ، ويحرك إلخ.

(٤) الظاهر أنه كان يعقوب بن شعيب الميثمى حاضرا في المجلس ، وخطاب الامام معه.

٢١٤

بيان : لعل التنفس كناية عن التصويت أو عن الأكل والشرب قال الفيروزآبادي تنفس في الإناء شرب من غير أن يبينه عن فيه انتهى أو عن التفرج والتوسع يقال أنت في نفس من عمرك أي في سعة وفسحة وقال الجزري فيه فلو كنت تنفست أي أطلت الكلام.

٣٨ ـ قب : أبو نعيم في دلائل النبوة والنسوي في المعرفة قالت نصرة الأزدية لما قتل الحسين عليه السلام أمطرت السماء دما وحبابنا وجرارنا صارت مملوة دما (١).

وقال قرظة بن عبيد الله مطرت السماء يوما نصف النهار على شملة بيضاء فنظرت فإذا هو دم وذهبت الإبل إلى الوادي لتشرب فإذا هو دم وإذا هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام.

وقال الصادق عليه السلام بكت السماء على الحسين عليه السلام أربعين يوما بالدم.

زرارة بن أعين عن الصادق عليه السلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي عليهم السلام أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما قلت فما بكاؤها قال كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.

أسامة بن شبيب بإسناده عن أم سليم قالت لما قتل الحسين مطرت السماء مطرا كالدم احمرت منه البيوت والحيطان. وروى قريبا من ذلك في الإبانة.

تفسير القشيري والفتال : قال السدي لما قتل الحسين بكت عليه السماء وعلامتها حمرة أطرافها.

محمد بن سيرين قال : أخبرنا أن حمرة أطراف السماء لم تكن قبل قتل الحسين عليه السلام.

تاريخ النسوي روى حماد بن زيد عن هشام عن محمد قال : تعلم هذه الحمرة في الأفق مم هي ثم قال من يوم قتل الحسين عليه السلام (٢).

__________________

(١) جمع الحب والجرة : اناء للماء من خزف والثاني أصغر من الأول.

(٢) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٥٤.

٢١٥

أقول : قال صاحب المناقب وروى هذا الحديث أبو عيسى الترمذي.

٣٩ ـ قب : المناقب لابن شهرآشوب الأسود بن قيس لما قتل الحسين ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب فكادتا يلتقيان في كبد السماء ستة أشهر.

تاريخ النسوي قال أبو قبيل لما قتل الحسين بن علي عليه السلام كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.

بيان : أنها هي أي القيامة.

أقول : روي هذا الخبر في بعض كتب المناقب المعتبرة عن علي بن أحمد العاصمي عن إسماعيل بن أحمد البيهقي عن والده عن محمد بن الحسين القطان عن عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي عن يعقوب بن سفيان عن النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل مثله.

وبهذا الإسناد عن يعقوب عن إسماعيل عن علي بن مسهر عن جدته قالت كنت أيام الحسين جارية شابة فكانت السماء أياما علقة.

وبهذا الإسناد عن يعقوب عن مسلم بن إبراهيم عن أم سرق العبدية عن نضرة الأزدية قالت لما أن قتل الحسين عليه السلام مطرت السماء دما فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دما.

وبهذا الإسناد عن يعقوب عن أيوب بن محمد الرقي عن سلام بن سليمان الثقفي عن زيد بن عمرو الكندي عن أم حيان قالت يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثا ولم يمس أحد من زعفرانهم (١) شيئا فجعله على وجهه إلا احترق ولم يقلب حجر ببيت المقدس إلا أصبح تحته دما عبيطا.

وبهذا الإسناد عن يعقوب عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن معمر قال : أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

__________________

(١) تريد بالزعفران : الخلوق المتخذة من الزعفران.

٢١٦

٤٠ ـ يف : الطرائف روي في أول الجزء الخامس من صحيح مسلم في تفسير قوله تعالى ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) (١) قال لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام بكت السماء وبكاؤها حمرتها.

وروى الثعلبي في تفسير هذه الآية أن الحمرة التي مع الشفق لم يكن قبل قتل الحسين عليه السلام وروى الثعلبي أيضا يرفعه قال : مطرنا دما بأيام قتل الحسين عليه السلام.

٤١ ـ ما : ابن حشيش عن الحسين بن الحسن عن محمد بن دليل عن علي بن سهل عن مؤمل عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار قال : أمطرت السماء يوم قتل الحسين عليه السلام دما عبيطا.

٤٢ ـ لي : ابن الوليد عن ابن متيل عن ابن يزيد عن ابن فضال عن سليمان الديلمي عن عبد الله بن لطيف التفليسي قال قال الصادق عليه السلام لما ضرب الحسين بن علي عليه السلام بالسيف ثم ابتدر ليقطع رأسه نادى مناد من قبل رب العزة تبارك وتعالى من بطنان العرش فقال ألا أيتها الأمة المتحيرة الظالمة بعد نبيها ـ لا وفقكم الله لأضحى ولا فطر.

قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون أبدا حتى يقوم ثائر الحسين عليه السلام (٢).

ع : علي بن أحمد عن الكليني عن علي بن محمد عمن ذكره عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن لطيف عن رزين عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (٣).

بيان : عدم توفيقهم للفطر والأضحى إما لاشتباه الهلال في كثير من الأزمان في هذين الشهرين كما فهمه الأكثر أو لأنهم لعدم ظهور أئمة الحق وعدم استيلائهم

__________________

(١) الدخان : ٢٩.

(٢) أمالي الصدوق المجلس ٣١ تحت الرقم ٥ ، ورواه في الفقيه ج ١ ص ٦٢.

(٣) علل الشرائع ج ٢ ص ٧٦ وتراه في الكافي ج ٤ ص ١٧٠ ، وفيه حتى يثأر ثائر الحسين عليه‌السلام.

٢١٧

لا يوفقون للصلاتين إما كاملة أو مطلقا بناء على اشتراط الإمام أو يخص الحكم بالعامة كما هو الظاهر والأخير عندي أظهر والله يعلم.

٤٣ ـ ع : ابن الوليد عن محمد العطار عن الأشعري عن السياري عن محمد بن إسماعيل الرازي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قلت جعلت فداك ما تقول في العامة فإنه قد روي أنهم لا يوفقون لصوم فقال لي أما إنهم قد أجيبت دعوة الملك فيهم قال قلت وكيف ذلك جعلت فداك قال إن الناس لما قتلوا الحسين بن علي عليه السلام أمر الله عز وجل ملكا ينادي أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها ـ لا وفقكم الله لصوم ولا فطر وفي حديث آخر لفطر ولا أضحى (١).

٤٤ ـ لي : الفامي عن محمد الحميري عن أبيه عن أحمد بن محمد بن يحيى عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن الحسين بن علي عليهما السلام دخل يوما إلى الحسن عليه السلام فلما نظر إليه بكى فقال له ما يبكيك يا أبا عبد الله قال أبكي لما يصنع بك فقال له الحسن عليه السلام إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه واله وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك فعندها تحل ببني أمية اللعنة وتمطر السماء رمادا ودما ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار (٢).

٤٥ ـ ص : عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) (٣) قال يحيى بن زكريا لم يكن له سمي قبله والحسين بن علي لم يكن له سمي قبله وبكت السماء عليهما أربعين صباحا وكذلك بكت الشمس

__________________

(١) المصدر ج ٢ ص ٧٦ وتراه في الكافي ج ٤ ص ١٦٩.

(٢) أمالي الصدوق المجلس ٢٤ تحت الرقم ٣.

(٣) مريم : ٧.

٢١٨

عليهما وبكاؤها أن تطلع حمراء وتغيب حمراء وقيل أي بكى أهل السماء وهم الملائكة.

٤٦ ـ ص : عن أبي عبد الله عليه السلام أن الحسين بن علي بكى لقتله السماء والأرض واحمرتا ولم يبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا.

٤٧ ـ مل : محمد بن عبد الله بن علي الناقد عن عبد الرحمن الأسلمي عن عبد الله بن الحسين عن عروة بن الزبير قال : سمعت أبا ذر وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة فقال له الناس يا أبا ذر أبشر فهذا قليل في الله فقال ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن علي قتلا أو قال ذبح ذبحا والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الخليفة أعظم (١) قتيلا منه وإن الله سيسل سيفه على هذه الأمة لا يغمده أبدا ويبعث ناقما من ذريته فينتقم من الناس وإنكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكان الجبال في الغياض والآكام وأهل السماء من قتله لبكيتم والله حتى تزهق أنفسكم وما من سماء يمر به روح الحسين عليه السلام إلا فزع له سبعون ألف ملك يقومون قياما ترعد مفاصلهم إلى يوم القيامة وما من سحابة تمر وترعد وتبرق إلا لعنت قاتله وما من يوم إلا وتعرض روحه على رسول الله فيلتقيان (٢).

٤٨ ـ شا : روى يوسف بن عبدة قال سمعت محمد بن سيرين يقول لم تر هذه الحمرة في السماء إلا بعد قتل الحسين صلوات الله عليه (٣).

بيان : يمكن أن يكون المراد كثرة الحمرة وزيادتها.

__________________

(١) يريد بالخليفة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وفي بعض النسخ : « بعد قتل الحسين عليه‌السلام أعظم قتيلا منه ».

(٢) كامل الزيارات ص ٧٤.

(٣) الإرشاد ص ٢٣٦.

أقول : ان اختلاف الجو والكائنات بانظلام الدنيا ثلاثة أيام وبكاء الشمس بحمرتها غدوا وعشيا وغير ذلك مما مر عليك في هذا الباب مما تواتر عند المؤرخين فلا ريب في وقوعها كما اعترف به المخالفون ، قال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٣١ : أخرج ابن أبي حاتم.

٢١٩

٤١

باب

ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره وأن الله بعثهم لنصره

وبكائهم وبكاء الأنبياء وفاطمة عليهم السلام عليه

صلوات الله عليه

١ ـ أقول : قد أثبتنا خبر ابن شبيب في باب البكاء عليه (١) صلى الله عليه.

٢ ـ لي : ابن الوليد عن ابن متيل عن ابن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن عمر بن أبان الكلبي عن أبان بن تغلب قال قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام إن أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي عليه السلام فلم يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستئذان وهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور (٢).

__________________

عن عبيد المكتب ، عن إبراهيم رضي‌الله‌عنه قال : ما بكت السماء منذ كانت الدنيا الا على اثنين ( قيل لعبيد أليس السماء والأرض تبكى على المؤمن؟ قال ذاك مقامه وحيث يصعد عمله قال وتدرى ما بكاء السماء قال : لا قال : تحمر وتصير وردة كالدهان ) ان يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وان حسين بن على يوم قتل احمرت السماء.

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زيد بن زياد ، عنه قال : لما قتل الحسين احمرت آفاق السماء أربعة أشهر.

فترى أمثال ما أخرجه المصنف رحمه‌الله من كتب الشيعة ، في تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٣٣٩ ، الخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ، الخطط المقريزية ج ٢ ص ٢٨٩ تذكرة الخواص ص ١٥٥ ، المقتل للخوارزمي ج ٢ ص ٩٠ ، الاتحاف بحب الاشراف ص ٢٤ تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٣٥٤ ، الصواعق المحرقة ص ١١٦ ، تاريخ الخلفاء ص ١٣٨ الكواكب الدرية ج ١ ص ٥٦ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٩٧ ، عقد الفريد ج ٢ ص ٣١٥ وغير ذلك فراجع.

(١) راجع ج ٤٤ ص ٢٨٥.

(٢) أمالي الصدوق المجلس ٩٢ تحت الرقم ٧.

٢٢٠