بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١٣ ـ ما : المفيد ، عن الحسين بن محمد النحوي ، عن أحمد بن مازن ، عن القاسم بن سليمان ، عن بكر بن هشام ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الاصم ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله يقول : إن الحسين بن علي عند ربه عزوجل ينظر إلى معسكره ومن حله من الشهداء معه ، وينظر إلى زواره ، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله عزوجل من أحدكم بولده وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه عليهم‌السلام أن يستغفروا له ، ويقول : لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه ، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب (١).

١٤ ـ فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا ، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خده لاذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله مبوأ صدق في الجنة ، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما اوذي فينا صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار (٢).

مل : الحسن بن عبدالله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن محبوب مثله (٣).

ثو : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى عن ابن محبوب مثله (٤).

أقول : روى السيد بن طاوس هذا الخبر مرسلا وفيه مكان دمعت أولا « ذرفت » وفيه : أيما مؤمن مسه أذى فينا صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار (٥).

____________________

(١) امالى الشيخ ص : ٣٤.

(٢ و ٤) تفسير القمى ص ٦١٦ ، ثواب الاعمال ص ٤٧ ، كامل الزيارات ص ١٠٠. (٥) رواه في مقدمة كتابه الملهوف تراه في ص ٣٠٢ من طبع الكمبانى في ذيل البحار المجلد العاشر.

٢٨١

بيان : المضاضة بالفتح وجع المصيبة وذرفت عينه سال دمعها.

١٤ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لفضيل : تجلسون وتحدثون؟ قال : نعم جعلت فداك قال : إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل! فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر (١).

١٥ ـ لى : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن اللؤلؤي ، عن ابن أبي عثمان عن علي بن المغيرة ، عن أبي عمارة المنشد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لي : يا أبا عمارة أنشدني ، في الحسين بن علي قال : فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى قال : فو الله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار.

قال : فقال : يا باعمارة من أنشد في الحسين بن علي شعرا فأبكى خمسين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأكبى عشرين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى عشرة فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى واحدا فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنة (٢).

ثو : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشرعي مثله (٣).

مل : محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عثمان مثله (٤).

١٦ ـ كش : نصر بن الصباح ، عن ابن عيسى ، عن يحيى بن عمران ، عن ممد بن سنان ، عن زيد الشحام ، قال : كنا عند أبي عبدالله ونحن جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان (٥) على أبي عبدالله عليه‌السلام فقر به وأدناه ثم قال : يا جعفر

____________________

(١) قرب الاسناد : ص ٢٦.

(٢ و ٤) أمالى الصدوق : المجلس ٢٩ الرقم ٦ ثواب الاعمال : ص ٤٧ ، كامل الزيارات ص ١٠٥.

(٥) عنونه ابن داود في رجاله وقال : جعفر بن عثمان الطائى شاعر أهل البيت : ثم أشار إلى هذا الحديث المروى في الكشى ص ١٨٧ وقال : ممدوح. وعنونه في قاموس

٢٨٢

قال : لبيك! جعلني الله فداك قال : بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيد ، فقال له : نعم جعلني الله فداك ، قال : قل! فأنشده صلى الله عليه فبكى ومن حوله ، حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته.

ثم قال : يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين عليه‌السلام ولقد بكوا كما بكينا وأكثر ، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعته (١) الجنة بأسرها ، وغفر الله لك.

فقال : يا جعفر ألا أزيدك؟ قال : نعم يا سيدي قال : ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له (٢).

١٧ ـ لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليه‌السلام : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، واضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا.

____________________

الرجال : جعفر بن عفان الطائى ، ثم بعد ما روى هذا الحديث عن الكشى قال : وروى الاغانى عن محمد بن يحيى بن أبى مرة التغلبى قال : مررت بجعفر بن عثمان الطائى يوما وهو على باب منزله ، فسلمت عليه فقال لى : مرحبا يا أخا تغلب اجلس! فجلست فقال لى : أما تعجب من ابن ابى حفصة لعنه الله حيث يقول :

أنى يكون وليس ذاك بكائن

لبنى البنات وراثة الاعمام

فقلت : بلى والله انى لا تعجب منه وأكثر اللعن عليه فهل قلت في ذلك شيئا فقال : نعم قلت :

لم لا يكون وان ذاك لكائن

لبنى البنات وراثة الاعمام

للبنت نصف كامل من ماله

والعم متروك بغير سهام

ما للطليق وللتراث وانما

صلى الطليق مخافة الصمصام

(١) في ساعتك خ ظ. كما في الوسائل ب ١٠٤ من أبواب المزار تحت الرقم ١.

(٢) رجال الكشى ص ١٨٧.

٢٨٣

إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام.

ثم قال عليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فاذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول : هو اليوم الي قتل فيه الحسين صلى الله عليه (١).

١٨ ـ لى : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه ، عن الرضا عليه‌السلام قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشورا قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل الله عزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرت بنا في الجنان عينه ، ومن سمى يوم عاشورا يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله إلى أسفل درك من النار.

١٩ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين [ الثقفي ] عن أبي بصير ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أبوعبدالله الحسين بن علي عليهما‌السلام : أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر (٢).

مل : محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين مثله (٣).

مل : أبي عن سعد ، عن الخشاب ، عن إسماعيل بن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير مثله (٤).

٢٠ ـ مل : حكيم بن داود ، عن سلمة ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن

____________________

(١) أمالى الصدوق المجلس ٢٧ الرقم ٢ والذى يأتى بعده تحت الرقم ٤.

(٢) أمالى الصدوق المجلس ٢٨ الرقم ٧.

(٣) المصدر ص ١٠٨ : ب ٣٦ تحت الرقم ٤ إلى قوله « أنا قتيل العبرة ».

(٤) المصدر تحت الرقم ٣.

٢٨٤

بكر بن محمد ، عن فضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر (١).

مل : محمد بن عبدالله ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٢١ ـ مل : حكيم بن داود ، عن سلمة ، عن الحسن بن علي ، عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا (٢).

٢٢ ـ مل : حكيم بن داود ، عن سلم ، عن علي بن سيف ، عن بكر بن محمد عن فضيل بن فضالة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه حرم الله وجهه على النار (٣).

٢٣ ـ ن ، لى : ما جيلويه ، عن علي ، عن أبيه ، عن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه‌السلام في أول يوم من المحرم فقال لي : يا ابن شبيب أصائم أنت فقلت : لا ، فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عزوجل فقال : « رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء » (٤) فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى ، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه‌السلام.

ثم قال : يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقلة ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا.

____________________

(١) المصدر ص ١٠٣ و ١٠٤.

(٢) كامل الزيارات : ص ١٠٤.

(٣) المصدر : ص ١٠٤.

(٤) آل عمران : ٣٨.

٢٨٥

يا ابن شبيب إن كنت باكيا لشئ فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام فانه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، مالهم في الارض شبيهون ، ولقد بكت السماوات السبع والارضن لقتله ، ولقد نزل إلى الارض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم « يا لثارات الحسين ».

يا ابن شبيب لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده أنه لما قتل جدي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر ، يا ابن شبيب إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا.

يا ابن شبيب إن سرك أن تلقى الله عزوجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسين عليه‌السلام ، يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فالعن قتلة الحسين.

يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ما ذكرته « يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ».

يا ابن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة (١).

٢٤ ـ مل : محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن حسان ، عن [ ابن ] أبي شعبة ، عن عبدالله بن غالب قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فأنشدته مرثية الحسين بن علي عليهما‌السلام فلما انتهيت إلى هذا الموضع :

لبلية تسقو حسينا

بمسقاة الثرى غير التراب

صاحت باكية من وراء الستر : يا أبتاه (٢).

____________________

(١) أمالى الصدوق المجلس ٢٧ الرقم ٥ ، عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٢٩٩.

(٢) كامل الزيارات ص ١٠٥

٢٨٦

٢٥ ـ مل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال لي : أنشدني ، فأنشدته فقال : لا ، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره ، فأنشدته امرر على جدث الحسين فقل لاعظمه الزكيه.

قال : فلما بكى أمسكت أنا فقال : مر فمررت ، قال : ثم قال : زدني [ زدني ] قال : فأنشدته :

يا مريم قومي واندبي مولاك

وعلى الحسين فأسعدي ببكاك

قال : فبكى وتهايج النساء قال : فلما أن سكتن قال لي : يا با هارون من أنشد في الحسين فأبكى عشرة [ فله الجنة ] ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال : من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة ثم قال : من ذكره فبكى فله الجنة.

وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لكل سر ثواب إلا الدمعة فينا (١).

بيان : لعل المعنى أن أسرار كل مصيبة والصبر عليها موجب للثواب إلا البكاء عليهم ، ويحتمل أن يكون تصحيف شئ (٢) أي لكل شئ من الطاعة ثواب مقدر إلا الدمعة فيهم فانه لا تقدير لثوابها.

٢٦ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الارض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، اولئك منا وإلينا.

٢٧ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الفزاري ، عن محمد بن الحسين بن زيد عن محمد بن زياد ، عن أبي الجارود ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس قال : قال علي لرسول الله (ص) : يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟ قال : إي والله إني لا حبه حبين :

____________________

(١) كامل الزيارات ص ١٠٦.

(٢) كما هو مثبت في المصدر وقد نقله في الوسائل ب ١٠٤ من أبواب المزار تحت الرقم ٦ كذلك.

٢٨٧

حبا له وحبا لحب أبي طالب له وإن ولده لمقتول في محبة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلي عليه الملائكة المقربون ، ثم بكى رسول الله حتى جرت دموعه على صدره ثم قال : إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي (١).

قال ابن طاوس : روي عن آل الرسول عليهم‌السلام أنهم قالوا : من بكى وأبكى فينا مائة فله الجنة ، ومن بكى وأبكى خمسين فله الجنة ، ومن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنة ، ومن بكى وأبكى عشرين فله الجنة ، ومن بكى وأبكى عشرة فله الجنة ، ومن بكى وأبكى واحدا فله الجنة ، ومن تباكى فله الجنة (٢).

٢٨ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : يا با هارون أنشدني في الحسين عليه‌السلام قال : فأنشدته قال : فقال لي : أنشدني كما تنشدون يعني بالرقة ، قال : فأنشدته [ شعر ] :

امرر على جدث الحسين فقل لاعظمه الزكيه.

قال : فبكى ثم قال : زدني ، فأنشدته القصيدة الاخرى ، قال : فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر.

قال : فلما فرغت قال : يا با هارون من أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى عشرة كتبت له الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى خمسة كتبت لهم الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى واحدا كتبت لهما الجنة ومن ذكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدمع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله عزوجل ، ولم يرض له بدون الجنة (٣).

مل : محمد بن جعفر ، عن ابن أبي الخطاب مثله.

____________________

(١) المصدر المجلس ٢٧ تحت الرقم ٣.

(٢) كتاب الملهوف طبع الكمبانى بذيل العاشر من البحار ص ٣٠٢.

(٣) ثواب الاعمال ص ٤٧. كامل الزيارات ص ١٠٠ و ١٠٤.

٢٨٨

بيان : الرقة بالفتح بلدة على الفرات واسطة ديار ربيعة وآخر غربي بغداد وقرية أسفل منها بفرسخ ذكره الفيروز آبادي (١).

٢٩ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أنشد في الحسين بيتا من شعر فبكى وأبكى عشرة فله ، ولهم الجنة ومن أنشد في الحسين بيتا فبكى وأبكى تسعة فله ولهم الجنة ، فلم يزل حتى قال : [ و ] من أنشد في الحسين بيتا فبكى وأظنه قال أو تباكى فله الجنة (٢).

مل : محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل مثله.

مل : محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ، عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن إسماعيل مثله.

٣٠ ـ سن : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بكر بن محمد ، عن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كان مثل زبد البحر (٣).

٣١ ـ مل : محمد الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبدالله بن حماد ، عن عبدالله الاصم ، عن مسمع كردين قال : قال لي أبوعبدالله : يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين؟ قلت : لا ، أنا رجل مشهور من أهل البصرة ، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة ، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم ، ولست آمنهم أن يرفعوا علي [ حالي ] عند ولد سليمان فيمثلون علي (٤).

قال لي : أفما تذكر ما صنع به؟ قلت : بلى ، قال : فتجزع؟ قلت : إي والله وأستعبر لذلك ، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي ، فأمتنع من الطعام حتى

____________________

(١) ولعل المراد : رقة القلب وحالة الرثاء.

(٢) ثواب الاعمال ص ٤٨ كامل الزيارات ١٠٥ و ١٠٦.

(٣) المحاسن ص ٦٣ ،

(٤) فيميلون على خ ل.

٢٨٩

يستبين ذلك في وجهي.

قال : رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون في أهل الجذع لنا والذين يفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ، ويأمنون إذا أمنا أما إنما سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك به من البشارة : ما تقربه عينك قبل الموت ، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الام الشفيقة على ولدها.

قال : ثم استعبر واستعبرت معه ، فقال : الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة ، يا مسمع إن الارض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا وما بكى لنا من الملائكة أكثر ، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا ، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه‌الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه ، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لاطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر.

وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض ، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه ، حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يشق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري على رضراض الدر والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر ، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة ، يقول الشارب منه : ليتني تركت ههنا لا أبغى بهذا بدلا ، ولا عنه تحويلا.

أما إنك يا كردين ممن تروى منه ، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقيت منه ، من أحبنا فان الشارب (١) منه ليعطى من اللدة و

____________________

(١) وان الشارب منه ممن أحبنا خ ل.

٢٩٠

الطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا.

وإن على الكوثر أمير المؤمنين عليه‌السلام وفي يده عصا من عوسج ، يحطم بها أعداءنا ، فيقول الرجل منهم : إني أشهد الشهادتين! فيقول : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك ، فيقول : يتبرأ مني إمامي الذي تذكره ، فيقول : إرجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله إذ كان عندك خير الخلق أن يشفع لك ، فان خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع ، فيقول : إني أهلك عطشا : فيقول : زادك الله ظمأ ، وزادك الله عطشا.

قلت : جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره؟ قال : ورع عن أشياء قبيحة ، وكف عن شتمنا إذا ذكرنا ، وترك أشياء اجترئ عليها غيره ، وليس ذلك لحبنا ، ولا لهوى منه ، ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه ، ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس ، فأما قلبه فمنافق ، ودينه النصب باتباع أهل النصب وولاية الماضين ، وتقدمة لهما على كل أحد (١).

بيان : « الرضراض » الحصا أو صغارها ، قوله عليه‌السلام « وسقيت » : إسناد السقي إليها مجازي لسببيتها لذلك.

٣٢ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء على الحسين بن علي عليهما‌السلام فانه فيه مأجور (٢).

٣٣ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن خاله محمد بن الحسين الزيات ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام في حديث طويل : ومن ذكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله عزوجل ، ولم يرض له بدون الجنة (٣).

____________________

(١) المصدر ص ١٠١ ، وهكذا مايليه.

(٢) كامل الزيارات ١٠٠.

(٣) المصدر ص ١٠٠ و ١٠١.

٢٩١

مل : أبي ، وجماعة مشايخنا ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن حمزة بن علي الاشعري ، عن الحسن بن معاوية بن وهب ، عمن حدثة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : وذكر مثله.

٣٤ ـ مل : حكيم بن داود بن حكيم ، عن سلمة ، عن بكار بن أحمد القسام والحسن بن عبدالواحد ، عن مخول بن إبراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه قال : سمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : من قطرت عيناه فينا قطرة ، ودمعت عيناه فينا دمعة بوأه الله بها في الجنة حقبا (١).

٣٥ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن عبدالله بن عبدالرحمان الاصم ، عن عبدالله بن بكير قال : حججت مع أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث طويل فقلت : يا ابن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام هل كان يصاب في قبره شئ؟ فقال : يا ابن بكير ما أعظم مسائلك إن الحسين بن علي عليه‌السلام مع أبيه وامه وأخيه في منزل رسول الله (ص) ومعه يرزقون ويحبرون ، وإنه لعن يمين العرش متعلق به ، يقول : يا رب أنجز لي ما وعدتني وإنه لينظر إلى زوراه فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده ، وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ويقلو : أيها الباكي لو علمت ما أعد الله لك لفرحت أكثر مما حزنت وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة (٢).

٣٦ ـ مل : أبي ، عن ابن أبان ، عن الاهوازي ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن الاصم مثله.

٣٧ ـ أقول : رأيت في بعض تأليفات بعض الثقات من المعاصرين : روي أنه لما أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن

____________________

(١) كامل الزيارات ص ١٠١.

(٢) المصدر ص ١٠٣. وترى الحديث بطوله في ص ٣٢٦ ٣٢٩ باب النوادر الرقم ٢.

٢٩٢

بكت فاطمة بكاء شديدا ، وقالت : يا أبت متى يكون ذلك؟ قال : في زمان خال مني ومنك ومن علي ، فاشتد بكاؤها وقالت : يا أبت فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له؟.

فقال النبي : يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ، رجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا ، بعد جيل ، في كل سنة فإذا كان القيامة تسفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.

يا فاطمة! كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.

أقول : سيأتي بعض الاخبار في ذلك في باب بكاء السماء والارض عليه عليه‌السلام.

٣٨ ـ ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه حكي عن السيد علي الحسيني قال : كنت مجاورا في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليها‌السلام مع جماعة من المؤمنين ، فلما كان اليوم العاشر من شهر عاشورا ابتدأ رجل من أصحابنا يقرء مقتل الحسين عليه‌السلام فوردت رواية عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : من ذرفت عيناه على مصاب الحسين ولو مثل جناح البعوضة غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر.

وكان في المجلس معنا جاهل مركب يدعي العلم ، ولا يعرفه ، فقال : ليس هذا بصحيح والعقل لا يعتقده (١) وكثر البحث بيننا وافترقنا عن ذلك المجلس ، وهو

____________________

(١) توهم الجهال أن لهذه الاحاديث اطلاقا يشمل كل ظرف وزمان ، فأنكرها بعض أشد الانكار ، وقال لو صوح هذه الاحاديث لاتى على بنيان المذهب وقواعده ، ولا دى إلى تعطيل الفرائض والاحكام ، وترك الصلاة والصيام كما نرى الفساق والفجار يتكلون في ارتكاب السيئات والاقتحام في جرائمهم الشنيعة على ولاء الحسين ومحبته ، والبكاء عليه من دون أن ينتهوا عن ظلمهم وغيهم واعتسافهم.

٢٩٣

مصر على العناد في تكذيب الحديث ، فنام ذلك الرجل تلك الليلة فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت ، وحشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقد نصبت الموازين ، وامتد الصراط ، ووضع الحساب ، ونشرت الكتب ، واسعرت النيران ، وزخرفت الجنان ، واشتد الحر عليه ، وإذا هو قد عطش عطشا شديدا وبقي يطلب الماء ، فلا يجده ،

____________________

فليس هذه الاحاديث الا موضوعة من قبل الغلاة ، ودسهم في أخبار أهل البيت ، ترويجا لمرامهم الفاسد ، ومسلكهم في أن ولاء أهل البيت انما هو محبتهم ، لا الدخول تحت سلطانهم وأمرهم ونهيهم على ما هو الصحيح من معنى الولاية.

وبعضهم الاخر الذين يروون الحديث ولا يعقلون فيه ولا يتدبرون أخذ بالاطلاق ، وادعى أن « من بكى على الحسين أو أبكى أوتباكى فله الجنة » حتى في زماننا هذا وعصرنا كائنا من كان ، ثم شد على المنكرين بأنهم كفرا وخرجوا عن المذهب ولم يعرفوا الائمة حق معرفتهم و ... ثم اذا الزم بالاشكال أخذ في تأويل الاحاديث وأخرجها عن معانيها ومغزاها ، أو سرد في الجواب بعض الاقاصيص والرؤى.

والحق ان هذه الاحاديث بين صحاح وحسان وضعاف مستفيضة بل متواترة لا تتطرق اليها يد الجرح والتأويل ، لكنها صدرت حينما كان ذكر الحسين ، والبكاء عليه وزيارته ، ورثاؤه ، وانشاد الشعر فيه ، انكارا للمنكر ، ومجاهدة في ذات الله ، ومحاربة مع أعداء الله : بنى أمية الظالمة الغشوم ، وهدما لاساسهم ، وتقبيحا وتنفيرا من سيرتهم الكافرة بالقرآن والرسول.

ولذلك كانت الائمة عليهم‌السلام يرغبون الشيعة في تلك الجهاد المقدس باعلاء كلمة الحسين واحياء أمره بأى نحو كان بالرثاء والمديح والزيارة والبكاء عليه ، وفى مقابلهم بنو أمية تعرج على اماتة ذكر الحسين ، ويمنع من زيارته ورثائه والبكاء عليه فمن وجدوه يفعل شيئا من ذلك أخذوه وشردهوه وقتلوه وهدموا داره ولا جل تلك المحاربة القائمة بين الفريقين : أنصار الدين ، وأنصار الكفر ، أباد المتوكل قبر الحسين وسواه مع الارض وأجرى الماء عليه ليطفئ نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون.

٢٩٤

فالتفت يمينا وشمالا وإذا هو بحوض عظيم الطول والعرض ، قال : قلت في نفسي : هذا هو الكوثر فإذا فيه ماء أبرد من الثلج وأحلى من العذب ، وإذا عند الحوض رجلان وامرأة أنوارهم تشرق على الخلائق ، ومع ذلك لبسهم السواد وهم باكون محزونون فقلت : من هؤلاء؟ فقيل لي : هذا محمد المصطفى ، وهذا الامام علي المرتضى ، وهذه الطاهرة فاطمة الزهراء فقلت : ما لي أراهم لا بسين السواد وباكين ومحزونين؟ فقيل لي : أليس هذا يوم عاشورا ، يوم مقتل الحسين؟ فهم محزونون لاجل ذلك.

___________________

فمن كان يبكى على الحسين أو يرثيه أو يزوره في ذاك الظرف لم يكن فعله ذلك حسرة وعزاء وتسلية فقط ، بل محاربة لاعداء الدين وجهادا في سبيل الله مع ما يقاسونه من الجهد والبلاء والتشريد والتنكيل فحق على الله ان يثيب المجاهد في سبيله ويرزقه الجنة بغير حساب.

ذلك بأنهم يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ، ولا يطأون موطئا بغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الاكتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع أجر المحسنين.

ففى مثل ذاك الزمان كما رأينا قبل عشرين سنة في ايران لم يكن ليبكى على الحسين وينشد فيه الرثاء الا كل مؤمن وفى ، أهل التقوى واليقين ، لما في ذلك من العذاب والتنكيل ، لا كل فاسق وشارب حتى يستشكل في الاحاديث.

بل كان هؤلاء الفساق في ذاك الظرف مستظهرين بسلطان بنى أمية ، منحازين إلى الفئة الباغية يتجسسون خلال الديار ليأخذوا على أيدى الشيعة ، ويمنعوهم من احياء ذكر الحسين ، كما اقتحموا دار أبى عبدالله الصداق بعد ما سمعوا صراخ الويل والبكاء من داره عليه‌السلام.

وأما في زمان لامحاربة بين أهل البيت وأعدائهم كزماننا هذا فلا يصدق على ذكر الحسين والبكاء عليه عنوان الجهاد ، كما أنه لا يلقى ذاكر الحسين الا الذكر الجميل والثناء الحسن. بل يأخذ بذلك اجرة ، والباكى على الحسين يشرف ويكرم ويقال له قدمت خير مقدم ويقدم اليه ما يشرب ويتفكه.

٢٩٥

قال : فدنوت إلى سيدة النساء فاطمة وقلت لها : يا بنت رسول الله إني عطشان ، فنظرت إلي شزرا وقالت لي : أنت الذي تنكر فضل البكاء على مصاب ولدي الحسين ومهجة قلبي وقرة عيني الشهيد المقتول ظلما وعدوانا؟ لعن الله قاتليه وظالميه ومانيعه من شرب الماء؟ قال الرجل : فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا واستغفرت الله كثيرا ، وندمت على ما كان مني وأتيت إلى أصحابي الذين كنت معهم ، وخبرت برؤياي ، وتبت إلى الله عزوجل.

____________________

فحيث لا جهاد في البكاء عليه ، فلا وعد بالجنة ، وحيث لا عذاب ولا نكال ولا خوف نفس فلا ثواب كذا وكذا. فليبك الفسقة الفجرة ، انهم مأخوذون بسيئ أعمالهم. ان الله لا يخدع من جنته ، وليميز الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون.

٢٩٦

٣٥

* ( باب ) *

* « ( فضل الشهداء معه ، وعلة عدم مبالاتهم بالقتل ) » *

* « ( وبيان أنه صلوات الله عليه كان فرحا لا يبالى بما يجرى عليه ) » *

١ ـ ع : الطالقان ، عن الجلودي ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسين وإقدامهم على الموت ، فقال : إنهم كشف لهم الغطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها وإلى مكانه من الجنة (١).

٢ ـ مع : المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصري ، عن أبيه ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام ، لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن أبي طالب نظر إليه من كان معه فاذا هو بخلافهم ، لانهم كلما اشتد الامر تغيرت ألوانهم ، وإرتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين عليه‌السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدئ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم.

فقال بعضهم لبعض : انظروا لا يبالي بالموت ، فقال لهم الحسين عليه‌السلام : صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ ، وما هو لاعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب.

إن أبي حدثني ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت (٢)

____________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢١٨ باب ١٦٣ الرقم : ١.

(٢) معانى الاخبار ص ٢٨٨ باب معنى الموت.

٢٩٧

٣ ـ يج : سعد ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن النصر ، عن عاصم بن حميد ، عن الثمالي قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : كنت مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها ، فقال لاصحابه : هذا الليل فاتخذوه جنة فان القوم إنما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم وأنتم في حل وسعة ، فقالوا : والله لا يكون هذا أبدا فقال : إنكم تقتلون غدا كلكم ولا يفلت منكم رجل ، قالوا : الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك.

ثم دعا فقال لهم : ارفعوا رؤسكم وانظروا ، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ، وهو يقول لهم : هذا منزلك يا فلان ، فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل إلى منزلته من الجنة.

٤ ـ ل ، لى : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني ، عن يونس [ ابن عبدالرحمان ] ، عن ابن أسباط ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن [ ثابت ابن أبي صفية ] الثمالي قال : نظر علي بن الحسين سيد العابدين إلى عبيد الله ابن العباس بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام فاستعبر ثم قال : ما من يوم أشد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يوم احد ، قتل فيه عمه حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبيطالب.

ثم قال عليه‌السلام : ولا يوم كيوم الحسين ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الامة كل يتقرب إلى الله عزوجل بدمه وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون ، حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا.

ثم قال عليه‌السلام : رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدل الله عزوجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب عليه‌السلام وإن للعباس عند الله عزوجل منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة (١).

٥ ـ مل : محمد بن جعفر ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عمن

_____________________

(١) أمالى الصدوق : المجلس ٧٠ الرقم ١٠.

٢٩٨

حدثه ، عن علي بن حمزة ، عن الحسين بن أبي العلا وأبي المغرا وعاصم بن حميد جميعا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما من شهيد إلا وهو يحب لو أن الحسين بن علي عليهما‌السلام حي حتى يدخلون الجنة معه (١).

٣٦

* ( باب ) *

* « ( كفر قتلته عليه‌السلام ، وثواب اللعن عليهم ، وشدة ) » *

* « ( عذابهم ، وما ينبغى أن يقال عند ذكره صلوات الله عليه ) » *

١ ـ ن ، لى : ما جيلويه ، عن علي ، عن أبيه ، عن الريان بن شبيب ، عن الرضا عليه‌السلام قال : يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله ، فالعن قتلة الحسين عليه‌السلام ، يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه‌السلام فقال متى ما ذكرته « يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما » الخبر (٢).

٢ ـ أقول : قد أوردنا في باب ما وقع في الشام عن ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة عن الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسين عليه‌السلام وليلعن يزيد وآل زياد ، يمحوا الله عزوجل بذلك ذنوبه ، ولو كانت كعدد النجوم (٣).

____________________

(١) اى حتى ينصرونه ويقتلون معه فيدخلون الجنة ، وفى بعض النسخ كما في المصدر الا ويحب أن يكون مع الحسين عليه الصلاة والسلام حتى يدخلون الجنة معه راجع كامل الزيارات ص ١١١.

(٢) أمالى الصدوق المجلس ٢٧ الرقم ٥ ، وقد مر في باب ٣٤ تحت الرقم ٢٣. وراجع عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٣٠٠.

(٣) راجع عيون أخبار الرضا ج ٦ ص ٢٢ باب ٣٠ الرقم ٥٠ في حديث.

٢٩٩

٣ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إن قاتل الحسين بن علي عليهما‌السلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شد يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنه ، وهو فيها خالد ذائق العذاب الاليم ، مع جميع من شايع على قتله ، كلما نضجت جلودهم بدل الله عز وجل عليهم الجلود [ غيرها ] حتى يذوقوا العذاب الاليم لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من حميم جهنم ، فالويل لهم من عذاب النار (١).

صح : عنه عليه‌السلام مثله.

٤ ـ ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله (ص) : إن موسى بن عمران عليه‌السلام سأل ربه عزوجل فقال : يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى لو سألتني في الاولين والآخرين لاجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي فاني أنتقم له من قاتله (٢).

صح : عنه عليه‌السلام مثله.

٥ ـ ن : باسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي (ص) يقتل الحسين شر الامة ويتبرأ من ولده من يكفر بي.

٦ ـ ل : حمزة العلوي ، عن أحمد الهمداني ، عن يحى بن الحسن ، عن محمد بن ميمون ، عن عبدالله بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ويعز من أذله الله ، والمستأثر بفئ المسلمين المستحل له.

أقول : قد مضى مثل هذا الخبر بأسانيد متعددة في باب القضاء والقدر (٣).

____________________

(١ و ٢) المصدر : ج ٢ ص ٤٧ باب ٣١ الرقم ١٧٨ و ١٧٩.

(٣) راجع ج ٥ ص ٨٧ و ٨٨ من الطبعة الحديثة.

٣٠٠