بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا هو أعظم منه ، فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت علي منها حوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور ، فقلت : لمن أنت؟ فبكت وقال : لابنك المقتول ظلما الحسين بن علي بن أبي طالب.

ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد ، وأحلى من العسل ، فأخذت رطبة فأكلتها وأنا أشتهيها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فاذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (١).

أقول : قد مضى كثير من الاخبار في ذلك في باب ولادته صلوات الله عليه (٢).

٣٥ ـ وروي في بعض كتب المناقب المعتبرة ، عن الحسن بن أحمد الهمداني عن أبي علي الحداد ، عن محمد بن أحمد الكاتب ، عن عبدالله بن محمد ، عن أحمد بن عمرو ، عن إبراهيم بن سعيد ، عن محمد بن جعفر بن محمد ، عن عبدالرحمن بن محمد ابن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن جده ، عن ام سلمة قالت : جاء جبرئيل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إن امتك تقتله يعني الحسين بعدك ثم قال : ألا اريك من تربته؟ قالت : فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله في قارورة فلما كان ليلة قتل الحسين قالت ام سلمة : سمعت قائلا يقول :

أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل

قد لعنتم على لسان داود

وموسى وصاحب الانجيل

قالت : فبكيت ففتحت القارورة فاذا قد حدث فيها دم.

٣٦ ـ وروي في مؤلفات بعض الاصحاب عن ام سلمة قالت : دخل رسول الله ذات يوم ودخل في أثره الحسن والحسين عليهما‌السلام وجلسا إلى جانبيه فأخذ الحسن على ركبته اليمني ، والحسين على ركبته اليسرى ، وجعل يقبل هذا تارة وهذا اخرى

____________________

(١) تفسير فرات ص ١٠ والحديث مختصر

(٢) راج ج ٤٣ ص ٢٣٥ ٢٦٠.

٢٤١

وإذا بجبرئيل قد نزل وقال : يا رسول الله إنك لتحب الحسن والحسين؟ فقال : وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي من الدنيا وقرتا عيني.

فقال جبرئيل : يا نبي الله إن الله قد حكم عليهما بأمر فاصبر له ، فقال : وما هو يا أخي؟ فقال : قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموما ، وعلى هذا الحسين أن يموت مذبوحا وإن لكل نبي دعوة مستجابة ، فان شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين فادع الله أن يسلمهما من السم والقتل ، وإن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من امتك يوم القيامة.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا اريد إلا ما يريده ، وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من امتي ويقضي الله في ولدي ما يشاء.

٣٧ ـ وروي أن رسول الله كان يوما مع جماعة من أصحابه مارا في بعض الطريق ، وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق ، فجلس النبي (ص) عند صبي منهم وجعل يقبل ما بين عينيه ويلاطفه ، ثم أقعده على حجره وكان يكثر تقبيله ، فسئل عن علة ذلك ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين ورأيته يرفع التراب من تحت قدميه ، ويمسح به وجهه وعينيه ، فأنا احبه لحبه لولدي الحسين ، ولقد أخبرني جبرئيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلا.

٣٨ ـ وروي مرسلا أن آدم لما هبط إلى الارض لم يرحوا فصار يطوف الارض في طلبها فمر بكربلا فاغتم ، وضاق صدره من غير سبب ، وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين ، حتى سال الدم من رجله ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به؟ فاني طفت جميع الارض ، وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الارض.

فأوحى الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب ، ولكن يقتل في هذه الارض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه ، فقال آدم : يا رب أيكون الحسين نبيا قال : لا ، ولكنه سبط النبي محمد ، فقال : ومن القاتل له؟ قال : قاتله يزيد لعين



٢٤٢

أهل السماوات والارض ، فقال آدم : فأي شئ أصنع يا جبرئيل؟ فقال : العنه يا آدم فلعنه أربع مرات ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حوا هناك.

٣٩ ـ وروي أن نوحا لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلما مرت بكربلا أخذته الارض ، وخاف نوح الغرق فدعا ربه وقال : إلهي طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الارض فنزل جبرئيل وقال : يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الانبياء ، وإبن خاتم الاوصياء فقال : ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال : قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين ، فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرت عليه.

٤٠ ـ وروي أن إبراهيم عليه‌السلام مر في أرض كربلا وهو راكب فرسا فعثرت به وسقط إبراهيم وشج رأسه وسال دمه ، فأخذ في الاستغفار وقال : إلهي أي شئ حدث مني؟ فنزل إليه جبرئيل وقال : يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الانبياء ، وابن خاتم الاوصياء ، فسال دمك موافقة لدمه.

قال : يا جبرئيل ومن يكون قاتله؟ قال : لعين أهل السماوات والارضين والقلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه ، فأوحى الله تعالى إلى القلم إنك استحققت الثناء بهذا اللعن.

فرفع إبراهيم عليه‌السلام يديه ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه : أي شئ عرفت حتى تؤمن على دعائي؟ فقال : يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله تعالى.

٤١ ـ وروي أن إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات ، فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن سبب ذلك فنزل جبرئيل وقال : يا إسماعيل سل غنمك فانها تجيبك عن سبب ذلك؟ فقال لها : لم لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصيح؟ قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه‌السلام سبط محمد يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه ، فسألها عن قاتله



٢٤٣

فقالت يقتله لعين أهل السماوات والارضين والخلائق أجمعين ، فقال إسماعيل : اللهم العن قاتل الحسين عليه‌السلام.

٤٢ ـ وروي أن موسى كان ذات يوم سائرا ومعه يوشع بن نون ، فلما جاء إلى أرض كربلا انخرق نعله ، وانقطع شراكه ، ودخل الخسك في رجليه ، وسال ممه ، فقال : إلهي أي شئ حدث مني؟ فأوحى إليه أن هنا يقتل الحسين عليه‌السلام وهنا يسفك دمه ، فسال دمك موافقة لدمه فقال : رب ومن يكون الحسين؟ فقيل له : هو سبط محمد المصطفى ، وابن علي المرتضى ، فقال : ومن يكون قاتله؟ فقييل : هو لعين السمك في البحار ، والوحوش في القفار ، والطيرفي الهواء ، فرفع موسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمن يوشع بن نون على دعائه ومضى لشأنه.

٤٣ ـ وروي أن سليمان كان يجلس على بساطه ويسير في الهواء ، فمر ذات يوم وهو سائر في أرض كربلا فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف السقوط فسكنت الريح ، ونزل البساط في أرض كربلا.

فقال سليمان للريح : لم سكنتي؟ فقالت : إن هنا يقتل الحسين عليه‌السلام فقال ومن يكون الحسين؟ فقالت : هو سبط محمد المختار ، وابن علي الكرار ، فقال : ومن قاتله؟ قالت : لعين أهل السماوات والارض يزيد ، فرفع سليمان يديه ولعنه ودعا عليه وأمن على دعائه الانس والجن ، فهبت الريح وسار البساط.

٤٤ ـ وروي أن عيسى كان سائحا في البراري ، ومعه الحواريون ، فمروا بكربلا فرأوا أسدا كاسرا (١) قد أخذ الطريق فتقدم عيسى إلى الاسد ، فقال له : لم جلست في هذا الطريق؟ وقال : لا تدعنا نمر فيه؟ فقال الاسد بلسان فصيح : إني لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه‌السلام فقال عيسى عليه‌السلام : ومن يكون الحسين؟ قال : هو سبط محمد النبي الامي وابن علي الولي قال : ومن قاتله؟ قال : قاتله لعين الوحوش والذباب والسباع أجمع خصوصا أيام عاشورا فرفع عيسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمن الحواريون على دعائه فتنحى الاسد

____________________

(١) أسد كاسر : اى قوى يكسر فريسته.

٢٤٤

عن طريقهم ومضوا لشأنهم.

٤٥ ـ وروى صاحب الدر الثمين في تفسير قوله تعالى : « فتلقى آدم من ربه كلمات » (١) أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي والائمة عليهم‌السلام فلقنه جبرئيل قل : يا حميد بحق محمد ، يا عالي بحق علي ، يا فاطر بحق فاطمة ، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الاحسان.

فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه ، وقال : يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل : ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب ، فقال : يا أخي وما هي؟ قال : يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر ولا معين ، ولو تراه يا آدم وهو يقول : واعطشاه واقلة ناصراه ، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان ، فلم يجبه أحد إلا بالسيوف ، وشرب الحتوف ، فيذبح ذبح الشاة من قفاه ، وينهب رحله أعداؤه وتشهر رؤسهم هو وأنصاره في البلدان ، ومعهم النسوان ، كذلك سبق في علم الواحد المنان ، فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثكلى.

٤٦ ـ وروي عن بعض الثقات الاخيار أن الحسن والحسين عليهما‌السلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالا : يا جداه ، اليوم يوم العيد ، وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس ، ولبسوا جديد الثياب ، وليس لنا ثوب جديد وقد توجهنا لذلك إليك ، فتأمل النبي حالهما وبكى ، ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهما ، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما ، فدعا ربه وقال : إلهي اجبر قلبهما وقلب امهما.

فنزل جبرئيل ومعه حلتان بيضاوان من حلل الجنة ، فسر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لهما : يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة على قدر طولكما ، فلما رأيا الخلع بيضا قالا : يا جداه كيف هذا وجميع صبيان العرب لا بسون ألوان الثياب ، فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما.

____________________

(١) البقرة : ٣٧.

٢٤٥

فقال جبرئيل : يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عزوجل يقضي لهما هذا الامر ويفرح قلوبهما بأي لون شاءا ، فأمر يا محمد باحضار الطست والابريق فاحضرا فقال جبرئيل : يا رسول الله أنا أصب الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا.

فوضع النبي حلة الحسن في الطست فأخذ جبرئيل يب الماء ثم أقبل النبي على الحسن وقال له : يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟ فقال : اريدها خضراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء ، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا كالزبرجد الاخضر ، فأخرجها النبي وأعطاها الحسن ، فلبسها.

ثم وضع حلة الحسين في الطست وأخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي إلى نحو الحسين ، وكان له من العمر خمس سنين وقال له : يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟ فقال الحسين : يا جدا اريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الاحمر فلبسها الحسين فسر النبي بذلك وتوجه الحسن والحسين إلى امهما فرحين مسرورين.

فبكى جبرئيل عليه‌السلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي : يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن؟ فبالله عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل : اعلم يا رسول الله أن اختيار ابنيك على اختلاف اللون ، فلا بد للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم ولابد للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه ، فبكى النبي وزاد حزنه لذلك.

٤٧ ـ أقول : وروى الشيخ جعفر بن نما في مثير الاحزان بإسناده عن زوجة العباس بن عبدالمطلب وهي ام الفضل لبابة بنت الحارث قالت : رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه‌السلام كأن قطع من لحم رسول الله قطعت ووضعت في حجري ، فقصصت الرؤيا على رسول الله ، فقال : إن صدقت رؤياك فان فاطمة ستلد غلاما وأدفعه إليك لترضعيه ، فجرى الامر على ذلك ، فجئت به يوما فوضعته في حجري فبال ، فقطرت منه قطرة على ثوبه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرصته فبكى.

٢٤٦

فقال كالمغضب : مهلا يا ام الفضل فهذا ثوبي يغسل وقد أوجعت ابني ، قالت : فتركته ومضيت لآتيه بماء ، فجئت فوجدته (ص) يبكي فقلت : مم بكاؤك يا رسول الله فقال : إن جبرئيل أتاني وأخبرني أن امتي تقتل ولدي هذا (١).

قال : وقال أصحاب الحديث فلما أتت على الحسين سنة كاملة ، هبط على النبي اثنا عشر ملكا على صور مختلفة أحدهم على صورة بني آدم يعزونه ويقولون إنه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل ، وسيعطى مثل أجر هابيل ، ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل ، ولم يبق ملك إلا نزل إلى النبي يعزونه والنبي يقول : اللهم اخذل خاذله ، واقتل قاتله ، ولا تمتعه بما طلبه.

وعن أشعث بن عثمان ، عن أبيه ، عن أنس بن أبي سحيم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن ابني هذا يقتل بأرض العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره فحضر أنس مع الحسين كربلا وقتل معه.

ورويت عن عبدالصمد بن أحمد بن أبي الجيش ، عن شيخه أبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي ، عن رجاله ، عن عائشة قالت : دخل الحسين على النبي وهو غلام يدرج فقال : أي عائشة ألا اعجبك لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط فقال : إن ابنك هذا مقتول ، وإن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته ام سلمة فخزنته في قارورة فأخرجته يوم قتل وهو دم.

وروي مثل هذا عن زينب بنت جحش.

وعن عبدالله بن يحيى قال : دخلنا مع علي إلى صفين فلما حاذى نينوى نادى صبرا يا عبدالله ، فقال : دخلت على رسول الله وعيناه تفيضان فقلت : بأبي أنت وامي يا رسول الله ما لعينيك تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال : لا ، بل كان عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطئ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت : نعم فمد يده فأخذ قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن

____________________

(١) ترى الحديث في تذكرة خواص الامة ص ١٣٣ نقلا عن ابن سعد في الطبقات وقد ترك ذيل الخبر.

٢٤٧

فاضتا ، واسم الارض كربلا.

فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفر فوقف في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال : هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها ، وكأني أنظر على السبايا على أقتاب المطايا وقد اهدي رأس ولدي الحسين إلى يزد لعنه الله ، فوالله ما ينظر أحد إلى رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه ، وعذبه الله عذابا أليما.

ثم رجع النبي من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر وأصعد معه الحسن والحسين وخطب ووعظ الناس فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس الحسين ، وقال : اللهم إن محمدا عبدك ورسولك وهذان أطائب عترتي ، وخيار ارومتي ، وأفضل ذريتي ومن اخلفهما في امتي وقد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مقتول بالسم والآخر شهيد مضرج بالدم اللهم فبارك له في قتله ، واجعله من سادات الشهداء اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله وأصله حر نارك ، واحشره في أسفل درك الجحيم.

قال : فضج الناس بالبكاء والعويل ، فقال لهم النبي : أيها الناس أتبكونه ولا تنصرونه ، اللهم فكن أنت له وليا وناصرا ، ثم قال : ياقوم إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي وارومتي ومزاج مائي ، وثمرة فؤادي ، ومهجتي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه ، أسألكم عن المودة في القربى ، واحذروا أن تلقوني غدا على الحوض وقد آذيتم عترتي ، وقتلتم أهل بيتي وظلمتموهم.

ألا إنه سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة : الاولى راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة فتقف علي فأقول لهم : من أنتم؟ فينسون ذكري ، ويقولون : نحن أهل التوحيد من العرب ، فأقول لهم : أنا أحمد نبي العرب والعجم ، فيقولون :



٢٤٨

نحن من امتك ، فأقول : كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون : أما الكتاب فضيعناه ، وأما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الارض فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي ، فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية اخرى أشد سوادا من الاولى ، فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين كتاب الله وعترتي؟ فيقولون : أما الاكبر فخالفناه ، وأما الاصغر فمزقناهم كل ممزق ، فأقول : إليكم عني فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى من امة محمد المصطفى ، ونحن بقية أهل الحق ، حملنا كتاب ربنا وحللنا حلاله وحرمنا حرامه وأحببنا ذرية نبينا محمد ، ونصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم من ناواهم ، فأقول لهم : أبشروا فأنا نبيكم محمد ولقد كنتم في الدنيا كما قلتم ، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين.

٢٤٩

٣١

( باب )

* « ( ما أخبر به الرسول وأمير المؤمنين والحسين صلوات الله عليهم ) » *

* « ( بشهادته صلوات الله عليه ) » *

١ ـ ما : بإسناد أخي دعبل ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : حدثني أسماء بنت عميس الخثعمية قالت : قبلت (١) جدتك فاطمة بنت رسول الله بالحسن والحسين ، قالت : فلما ولدت الحسن جاء النبي (ص) فقال : يا أسماء هاتي ابني ، قالت فدفعته إليه في خرقة صفراء ، فرمى بها وقال : ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء ، ودعا بخرقة بيضاء فلفه بها ، ثم اذن في اذنه اليمني ، وأقام في اذنه اليسرى ، وقال لعلي عليه‌السلام : بما سميت ابني هذا؟ قال : ما كنت لاسبقك باسمه يا رسول الله قال : وأنا ما كنت لاسبق ربي عزوجل قال : فهبط جبرئيل قال : إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك : يا محمد علي منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا بني بعدك فسم ابنك باسم ابن هارون ، قال : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وما اسم ابن هارون؟ قال جبرئيل : شبر ، قال : وما شبر؟ قال : الحسن قالت أسماء : فسماه الحسن.

قالت أسماء : فلما ولدت فاطمة الحسين عليه‌السلام نفستها به فجاءني النبي فقال : هلم ابني يا أسماء ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، ففعل به كما فعل بالحسن قالت : وبكى رسول الله ثم قال : إنه سيكون لك حديث! اللهم العن قاتله ، لا تعلمي فاطمة بذلك.

قالت أسماء : فلما كان في يوم سابعه جاءني النبي فقال : هلمي ابني فأتيته

____________________

(١) قبل المرأة كعلم قبالة بالكسر كانت قابلة وهى المرأة التى تأخذ الولد عند الولادة.

٢٥٠

به : ففعل به كما فعل بالحسن وعق عنه كما عق عن الحسن كبشا أملح (١) وأعطى القابلة الورك ورجلا وحلق رأسه وتصدق بوزن الشعر ورقا ، وخلق رأسه بالخلوق وقال : إن الدم من فعل الجاهلية (٢) قالت : ثم وضعه في حجره ثم قال : يا أبا عبدالله عزيز علي ثم بكى.

فقلت : بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الاول فما هو؟ قال : أبكي على ابني هذا تقتله فئة باغية كافرة من بني امية لعنهم الله لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم.

ثم قال : اللهم إني أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريته اللهم أحبهما وأحب من يحبهما ، والعن من يبغضهما ملء السماء والارض (٣).

____________________

(١) الملحة بياض يخالطه سواد ، يقال : كبش أملح وتيس أملح : اذا كان شعره خليسا ، وقد املح الكبش املحاحا : صار أملح ذكره الجوهرى ، والخلوق ، طيب معروف مركب من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الصفرة والحمرة.

(٢) روى ابوداود في سننه ج ٢ ص ٩٦ باسناده عن أبى بريدة يقول : كنا في الجاهلية اذا ولد لا حدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالاسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران.

نعم قد روى أبوداود عن حفص بن عمر النمرى عن همام عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « قال : كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويدمى » قال : فكان قتادة اذا سئل عن الدم كيف يصنع به؟ قال : اذا ذبحت رأسه أخذت منها صوفة واستقبلت به أو داجها ثم توضع على يا فوخ الصبى حتى يسيل على العقيقة مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.

لكهنم وهموا هماما في روايته ذلك وقالوا : ان الصحيح من الحديث « يسمى » بدل « يدمى ».

(٣) قد مر مثله في ج ٤٣ ص ٢٣٨ ٢٤٠ ب ١١ تحت الرقم ٤ عن الصدوق في عيون أخبار الرضا وعن ابن شهر آشوب في المناقب ، فراجع.

٢٥١

بيان : نفستها به : لعل المعنى كنت قابلتها وإن لم يرد بهذا المعنى فيما عندنا من اللغة ، يحتمل أن يكون من نفس به بالكسر بمعنى ضن ، أي ضننت به وأخذته منها ، وخلقه تخليقا طيبه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « عزيز علي » أي قتلك قال الجزري : عز علي يعز أن أراك بحال سيئة أي يشتد ويشق علي.

٢ ـ لى : السناني ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن علي بن عاصم ، عن الحصين بن عبدالرحمان ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام في خرجته إلى صفين فلما نزل بنينوى وهو بشط الفرات قال بأعلا صوته : يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال عليه‌السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تكبي كبكائي.

قال : فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته ، وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معا وهو يقول : أوه أوه مالي ولآل أبي سفيان؟ مالي ولآل حرب حزب الشيطان؟ وأولياء الكفر؟ صبرا يا أبا عبدالله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم.

ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم ذكر نحو كلامه الاول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ثم انتبه فقال : يا ابن عباس فقلت : ها أنا ذا ، فقال : ألا احدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت : نامت عيناك ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين.

قال : رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيفوهم وهي بيض تلمع ، وقد خطوا حول هذه الارض خطة ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الارض تضطرب بدم عبيط وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث ، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من المساء ينادونه ويقولون : صبرا آل الرسول ، فانكم تقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبدالله إليك مشتاقة ، ثم يعزونني ويقولون : يا أبا الحسن أبشر ، فقد أقر الله به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين.

٢٥٢

ثم انتبهت هكذا ، والذي نفس علي بيده ، لقد حدثنى الصادق المصدق أبوالقاسم صلى‌الله‌عليه‌وآله أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا ، وهذه أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها الحسين عليه‌السلام وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمة وإنها لفي السماوات معروفة ، تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين ، وبقعة بيت المقدس.

ثم قال لي : يا ابن عباس اطلب في حولها بعر الظباء فو الله ما كذبت ولا كذبت وهي مصفرة لونها لون الزعفران ، قال ابن عباس فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديتة يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي ، فقال علي عليه‌السلام : صدق الله ورسوله.

ثم قام عليه‌السلام يهرول إليها فحملها وشمها ، وقال : هي هي بعينها ، أتعلم يا ابن عباس ما هذه الابعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم ، وذلك أنه مربها ومعه الحواريون فرأى ههنا الظباء مجتمعة وهي تبكي فجلس عيسي ، وجلس الحواريون معه ، فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى.

فقالوا : يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا : لا ، قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرخ الحرة الطاهرة البتول ، شبيهة امي ، ويلحد فيها طينة أطيب من المسك لانها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا يكون طينة الانبياء وأولاد الانبياء ، فهذه الظباء تكلمني و تفول : إنها ترعى في هذه الارض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك وزعمت أنها آمنة في هذه الارض.

ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران (١) فشمها وقال : هذه بعر الظباء على هذه الطيب لمكان حشيشها اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء وسلوة

____________________

(١) الصيران : جمع صوار كغراب وكتاب ومن معانيها وعاء المسك ، كأنه أراد تشبيه البعر بنافجة المسك لطيبها ، ويحتمل أن يكون جمع صور بالفتح وأراد به الحشيش الملتف النابت في تلك الارض.

٢٥٣

قال ، فبقت إلى يوم الناس هذا وقد اصفرت لطول زمنها وهذه أرض كرب وبلاء. ثم قال بأعلا صوته : يا رب عيسى بن مريم! لا تبارك في قتلته ، والمعين عليه والخاذل له.

ثم بكى بكاء طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا ثم أفاق فأخذ البعر فصره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك ثم قال : يا ابن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا ، ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبدالله قد قتل بها ، ودفن.

قال ابن عباس : فو الله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض الله عزوجل علي وأنا لا احلها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذا انتبهت فاذا هي تسيل دما عبيطا ، وكان كمي قد امتلا دما عبيطا ، فجلست وأنا باك وقلت قد قتل والله الحسين ، والله ما كذبني علي قط في حديث حدثني ولا أخبرني بشئ قط أنه يكون إلا كان كذلك لان رسول الله كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره.

ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثم طلعت الشمس ورأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باك فقلت : قد قتل والله الحسين ، وسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول :

اصبروا آل الرسول

قتل الفرخ النحول (١)

نزل الروح الامين

ببكاء وعويل

ثم بكى بأعلا صوته وبكيت فأثبت عندي تلك الساعة وكان شهر المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك فحدثت هذا الحديث اولئك الذين كانوا معه ، فقالوا : والله لقد سمعنا ما سمعت

____________________

(١) كذا في النسخ كلها والصواب « النحيل » صفة من النحول وهو الانسب بقافية النظم.

٢٥٤

ونحن في المعركة ولاندري ما هو ، فكنا نرى أنه الخضر عليه‌السلام (١).

٣ ـ ك : أحمد بن محمد بن الحسن القطان ، وكان شيخا لاصحاب الحديث ببلد الري ، يعرف بأبي علي بن عبد ربه ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا بالاسناد المتقدم مثله سواء (٢).

بيان : قال الجوهري : قولهم عند الشكاية أوه من كذا ساكنة الواو إنما هو توجع ، وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا : آه من كذا ، وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء ، فقالوا : أوه من كذا وقال : « المضغة » قطعة لحم ، وقلب الانسان مضغة من جسده.

قوله عليه‌السلام : « ولا كذبت » على بناء المجهول ، من قولهم كذب الرجل أي أخبر بالكذب أي ما أخبرني رسول الله بكذب قط ويحتمل أن يكون على بناء التفعيل أي ما أظهر أحد كذبي والاول أظهر ، والضباب بالفتح ندى كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان. قوله « أثر عين » أي من الاعيان الموجودة في الخارج والنحول من النحل بالضم (٣) بمعنى الهزال.

٤ ـ لى : القفطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن قيس بن حفص الدارمي ، عن حسين الاشقر ، عن منصور بن الاسود ، أن أبي حسان التيمي ، عن نشيط بن عبيد ، عن رجل منهم ، عن جرداء بنت سمين ، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم قال : غزونا مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام صفين فلما انصرفنا نزل بكربلا فصلى بها الغداة ثم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال : واها لك أيتها التربة

____________________

(١) أمالى الصدوق المجلس ٨٧ تحت الرقم : ٥.

(٢) كمال الدين ج ٢ ص ٢١٤ ٢١٧ ب ٥١ الرقم ٤.

(٣) النحل بالضم : الاسم من النحلة بالضم وهى الدقة والهزال ، وفى حديث معبد « لم تعبه نحلة » نقله الشرتونى في ذيل أقرب الموارد عن التاج. ولكن في سائر المعاجم النحل بالضم : مصدر نحل ينحل كقطع يقطع بمعنى اعطاء الشئ من غير عوض بطيب نفس وأما الذى بمعنى الهزال فهو النحول ، وأظن ما ذكره التاج من كلام المولدين.

٢٥٥

ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب.

فرجع هرثمة إلى زوجته وكانت شيعة لعلي عليه‌السلام فقال : ألا احدثك عن وليك أبي الحسن نزل بكربلا فصلى ثم رفع إليه من تربتها فقال : واها لك أيتها التربة ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب قالت : أيها الرجل فان أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يقل إلا حقا.

فلما قدم الحسين عليه‌السلام قال هرثمة : كنت في البعث الذين بعثهم عبيد الله بن زياد لعنهم الله ، فلما رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث فجلست على بعيري ثم صرت إلى الحسين عليه‌السلام فسلمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين ، فقال : معنا أنت أم علينا؟ فقلت : لا معك ولا عليك ، خلفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد قال : فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ولا تسمع لنا صوتا فوا الذي نفس حسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا كبه الله لوجهه في [ نار ] جهنم (١).

بيان : قال الجوهري : إذا تعجبت من طيب الشئ قلت : واها له ما أطيبه.

أقول : لعل المراد أن مع سماع الواعية وترك النصرة العذاب أشد وإلا فالظاهر وجوب نصرتهم على أي حال.

٥ ـ لى : أبي ، عن الكميداني ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن عبيد السمين ، عن ابن طريف ، عن أصبغ بن نباته قال : بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام يخطب الناس وهو يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن شئ مضى ولا عن شئ يكون إلا نبأتكم به » فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة؟ فقال له : أما والله لقد سألني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنك ستسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس ، وإن في

____________________

(١) المصدر : المجلس ٢٨ ، الرقم : ٦. وترى مثله في شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١ ص ٣٥٠ و ٣٥١ نقلا عن كتاب صفين لنصر بن مزاحم.

٢٥٦

بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني ، وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (١).

مل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن أبي نجران ، عن جعفر ابن محمد بن حكيم ، عن عبيد السمين يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يخطب الناس وذكر مثله (٢).

٦ ـ لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن الازدي ، عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : من سره أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل جنة عدن منزلي ، ويمسك قضيبا غرسه ربي عزوجل ثم قال له : كن فكان ، فليتول علي بن أبي طالب وليأتم بالاوصياء من ولده ، فانهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، إلى الله أشكوا أعداءهم من امتي المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، وأيم الله ليقتلن ابني بعدي الحسين

____________________

(١) المصدر المجلس ٢٨ ، تحت الرقم : ١ ، ولا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبى وقاص ، حيث ان سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة وامتنع عن بيعة أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام فاشترى أرضا واشتغل بها فلم يكن ليجئ إلى الكوفة ويجلس إلى خطبة على عليه‌السلام.

على أن عمر بن سعد قد ولد في السنة التى مات فيها عمر بن الخطاب وهى سنة ثلاث وعشرين كما نص عليه ابن معين فكان عمر بن سعد حين يخطب على عليه‌السلام هذه الخطبة بالكوفة غللاما بالغا أشرف على عشرين لا انه سخل في بيته.

ولما كان أصل القصة مسلمة مشهورة ، عدل الشيخ المفيد في الارشاد على ما سيأتى تحت الرقم ٧ عن تسمية الرجل ، وتبعه الطبرسى في اعلام الورى ١٨٦ ، ولعل الصحيح ما ذكره ابن أبى الحديد حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ج ١ ص ٢٥٣ عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفى عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن على عليهما‌السلام وقال في آخره : والرجل هو سنان بن أنس النخعى.

(٢) راجع كامل الزيارات ص ٧٤. وقال فيه المحشى في عبيد السين : الظاهر انه هو عبدالحميد بن أبى العلاء الكوفى الشهير بالسمين.

٢٥٧

لا أنا لهم الله شفاعتي (١).

٧ ـ شا ، ج : جاء في الآثار أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يخطب فقال في خطبته « سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة ».

فقام إليه رجل فقال : أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر؟ فقال أمير المؤمنين : والله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) بما سألت عنه وإن على كل طاقة شعر في رأسك ملك يعلنك ، وعلى كل طاقة شعر في لحيتك شيطان يستفزك وإن في بيتك لسخلا يقتل ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآية ذلك مصداق ما خبرتك به ولولا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لاخبرتك به ولكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك وسخلك الملعون ، وكان ابنه في ذلك الوقت صبيا صغيرا يحبوا.

فلما كان من أمر الحسين ما كان تولى قتله كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (٢)

بيان : استنفره أي استخفه وأزعجه.

٨ ـ ب : محمد بن عيسى ، عن القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : مر علي بكربلا في اثنين من أصحابه قال : فلما مر بها ترقرقت عيناه للبكاء ثم قال : هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم ، وههنا تهراق دماؤهم ، طوبى لك من تربة عليك تهراق دماء الاحبة (٣).

٩ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبدالرحمان ، عن سعد الاسكاف ، عن محمد بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله : من سره أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل جنة ربي التي وعدني : جنة عدن منزلي : قضيب من قضبانه غرسه ربي تبارك وتعالى بيده فقال له. كن! فكان ، فليتول علي بن أبي طالب والاوصياء من

____________________

(١) أمالى الصدوق المجلس ٩ تحت الرقم ١١.

(٢) الارشاد : ص ١٥٦ ، الاحتجاج : ص ١٣٢ واللفظ له.

(٣) المصدر ص ٢٠.

٢٥٨

ذريته ، إنهم الائمة من بعدي ، هم عترتي من لحمي ودمي ، رزقهم الله فضلي وعلمي وويل للمنكرين فضلهم من امتي ، القاطعين صلتي ، والله ليقتلن ابني لا أنا لهم الله شفاعتي.

مل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن زكريا المؤمن ، عن أيوب بن عبدالرحمان وزيد أبي الحسن وعباد جميعا ، عن سعد الاسكاف ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (١).

بيان : قوله قضيب أي فيها قضيب.

١٠ ـ ير : سلام بن أبي عمرة الخراساني ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عن أبيه عليهما‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل جنة ربي : جنة عدن غرسه ربي ، فليتول عليا وليعاد عدوه ، وليأتم بالاوصياء من بعده ، فانهم أئمة الهدى من بعدي أعطاهم الله فهمي وعلمي ، وهم عترتي من لحمي ودمي ، إلى الله أشكو من امتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي ، وأيم الله ليقتلن ابني يعني الحسين لا أنا لهم الله شفاعتي.

١١ ـ ير : عبدالله بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن سويد بن غفلة قال : أنا عند أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى ، وقد مات خالد بن عرفطة فقال له أمير المؤمنين : إنه لم يمت فأعادها عليه ، فقال له علي عليه‌السلام : لم يمت والذي نفسي بيده لا يموت ، فأعادها عليه الثالثة فقال : سبحان الله اخبرك أنه مات ، وتقول لم يمت؟ فقال له علي عليه‌السلام : لم يمت والذي نفسي بيده ، لا يموت حتى يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جماز (٢).

قال : فسمع بذلك حبيب فأتى أمير المؤمنين فقال له : اناشدك في وإني لك شيعة ، وقد ذكرتني بأمر لا والله ما أعرفه من نفسي ، فقال له علي عليه‌السلام : إن كنت حبيب بن جماز فتحملنها [ فولى حبيب بن جماز وقال : إن كنت حبيب

____________________

(١) كامل الزيارات ص ٦٩ وفيه : عن أبى جعفر عليه‌السلام.

(٢) ضبطه في الاصابة : حبيب بن حمار.

٢٥٩

ابن جماز لتحملنها ] (١).

قال أبوحمزة : فوالله مامات حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليه‌السلام وجعل خالد بن عرفطة على مقدمته ، وحبيب صاحب رايته (٢).

١٢ ـ شا : الحسن بن محبوب ، عن ثابت الثمالي ، عن أبي إسحاق السبيعي عن سويد بن غفلة عنه عليه‌السلام مثله وزاد في آخره : وسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل (٣).

مل : أبي ، وابن الوليد معا ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن صفوان وجعفر ابن عيسى ، عن الحسين بن ابي غندر ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان الحسين بن علي ذات يوم في حجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يلاعبه ويضاحكه ، فقالت عائشة : يا رسول الله ما أشد إعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها : ويلك وكيف لا احبه ولا اعجب به ، وهو ثمرة فؤادي ، وقرة عيني؟ أما إن امتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي.

قالت : يا رسول الله حجة من حججك؟ قال : نعم ، وحجتين من حججي قالت : يا رسول الله حجتين من حججك؟ قال : نعم ، وأربعة قال : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (ص) بأعمارها (٤).

ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن جيش عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين مثله (٥).

١٣ ـ مل : محمد الحميري ، عن أبيه ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن حماد

____________________

(١) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٨٥.

(٣) الارشاد : ص ١٥٥ ومثله في الاختصاص : ص ٢٨٠ ، اعلام الورى : ص ١٧٧ ، شرح النهج لابن أبى الحديد : ج ١ ص ٢٥٣.

(٤) المصدر ص ٦٨.

(٥) أمالى الشيخ ص ٦٢.

٢٦٠