بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٢٩

( باب )

* « ( ما عوضه الله صلوات الله عليه بشهادته ) » *

١ ـ ما : ابن حشيش ، عن أبي المفضل الشيباني ، ، عن محمد بن محمد بن معقل القرميسيني ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن البزنطي ، عن كرام بن عمرو ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد عليهما‌السلام يقولاون : إن الله تعالى عوض الحسين عليه‌السلام من قتله أن جعل الامامة في ذريته ، والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، ولا تعد أيام زائريه جائيا وراجعا من عمره.

قال محمد بن مسلم : فقلت لابي عبدالله عليه‌السلام : هذه الخلال تنال بالحسين عليه‌السلام فماله في نفسه؟ قال : إن الله تعالى ألحقه بالنبي ، فكان معه في درجته ومنزلته ، ثم تلا أبوعبدالله عليه‌السلام : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم » الآية (١).

٢ ـ ك : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما ولدت فاطمة الحسين عليه‌السلام أخبرها أبوها (ص) أن امته ستقتله من بعده ، قالت : فلا حاجة لي فيه فقال : إن الله عزوجل قد أخبرني أنه يجعل الائمة من ولده ، قالت : قد رضيت يا رسول الله (٢).

٣ ـ ك : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن ابن رئاب قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لما أن علقت فاطمة بالحسين عليه‌السلام قال

____________________

(١) الطور : ٢١ ، والحديث في الامالى ص ٢٠١.

(٢) كمال الدين : ج ٢ ص ٨٧ د

٢٢١

لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل وهب لك غلاما اسمه الحسين يقتله امتي قالت : لا حاجة لي فيه ، فقال : إن الله عزوجل قد وعدني فيه عدة قالت : وما وعدك؟ قال : وعدني أن يجعل الامامة من بعده في ولده ، فقالت : رضيت (١).

أقول : الاخبار في ذلك موردة في غير هذا الباب ، لا سيما باب ولادته عليه الصلواة والسلام (٢).

____________________

(١) المصدر : ج ٢ ص ٨٨.

(٢) راجع ج ٤٣ ص ٢٣٧ ٢٦٠.

٢٢٢

٣٠

* ( باب ) *

* « ( اخبار الله تعالى أنبياءه ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادته ) » *

١ ـ ج : سعد بن عبدالله قال : سألت القائم عليه‌السلام عن تأويل كهيعص قال عليه‌السلام : هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد عليه وآله السلام ، وذلك أن زكريا سأل الله ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل عليه‌السلام فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن عليهم‌السلام سري عنه همه ، وانجلى كربه ، وإذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة ، فقال عليه‌السلام ذات يوم : إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته فقال : كهيعص ، فالكاف اسم كربلا ، والهآء هلاك العترة الطاهرة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره.

فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه : إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما.

ثم كان يقول : إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني على اكبر ، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ، ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده ، فرزقه الله يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة أشهر ، وحمل الحسين عليه‌السلام كذلك الخبر (١).

بيان : سري عنه همه بضم السين وكسر الراء المشددة : انكشف والبهرة بالضم تتابع النفس ، وزفر : أخرج نفسه بعد مده إياه ، والزفرة ويضم

____________________

(١) الاحتجاج ص ٢٣٩.

٢٢٣

التنفس كذلك.

٢ ـ لى : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عمر بن حفص ، عن زياد بن المنذر ، عن سالم بن أبي جعدة قال : سمعت كعب الاحبار يقول : إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ولا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلوا الجنة فيعانقوا الحور العين ، فمر بنا الحسن عليه‌السلام فقلنا : هو هذا؟ قال : لا ، فمر بنا الحسين فقلنا : هو هذا؟ قال : نعم (١).

٣ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن أبي شعيب التغلبي ، عن يحيى بن يمان ، عن إمام لبني سليم ، عن أشياخ لهم قالوا : غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا :

أيرجو معشر قتلوا حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

قالوا : فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاث مائة عام (٢).

٤ ـ أقول : قال عفر بن نما في مثير الاحزان : روى النطنزي ، عن جماعة ، عن سليمان الاعمش قال : بينا أنا في الطواف أيام الموسم إذا رجل يقول : اللهم اغفر لي وأنا أعلم أنك لا تغفر ، فسألته عن السبب فقال : كنت أحد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلى يزيد على طريق الشام ، فنزلنا أول مرحلة رحلنا من كربلا على دير للنصارى والرأس مركوز على رمح ، فوضعنا الطعام ونحن نأكل إذا بكف على حائط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم.

أترجوا امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

فجزعنا جزعا شديدا وأهوى بعضنا إلى الكف ليأخذه فغابت ، فعاد أصحابي. وحدث عبدالرحمان بن مسلم ، عن أبيه أنه قال : غزونا بلاد الروم فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من القسطنطينية وعليها شئ مكتوب فسألنا اناسا من أهل الشام يقرؤن بالرومية فاذا هو مكتوب هذا البيت.

____________________

(١) أمالى الصدوق المجلس ٢٩ الرقم ٤.

(٢) المصدر المجلس ٢٧ تحت الرقم ٦.

٢٢٤

وذكر أبوعمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال : قال عبدالله بن الصفار صاحب أبي حمزة الصوفي : غزونا غزاة وسبينا سبيا وكان فيهم شيخ من عقلاء النصارى فأكرمناه وأحسنا إليه فقال لنا : أخبرني أبي ، عن آبائه أنهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل أن يبعث [ محمد ] العربي بثلاث مائة سنة فأصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت :

أترجو عصبة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

والسند كلام أولاد شيث عليه‌السلام.

٥ ـ لى : أبي ، عن حبيب بن الحسين التغلبي ، عن عباد بن يعقوب ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام (١) قال : كان النبي (ص) في بيت ام سلمة فقال لها : لا يدخل علي أحد فجاء الحسين عليه‌السلام وهو طفل فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي فدخلت ام سلمة على أثره فاذا الحسين على صدره وإذا النبي يبكي وإذا في يده شئ يقلبه.

فقال النبي : يا ام سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول وهذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك ، فاذا صارت دما فقد قتل حبيبي ، فقالت ام سلمة : يا رسول الله سل الله أن يدفع ذلك عنه؟ قال : قد فعلت فأوحى الله عزوجل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين ، وأن له شيعة يشفعون فيشفعون ، وأن المهدي من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين وشيعته هم والله الفائزون يوم القيامة (٢).

٦ ـ ن ، لى : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل قال : سمت الرضا عليه‌السلام يقول : لما أمر الله عزوجل إبراهيم عليه‌السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده ، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

_________________

(١) في المصدر : عن أبى جعفر عليه‌السلام.

(٢) المصدر المجلس ٢٩ تحت الرقم ٣.

٢٢٥

فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال : يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد ، فأوحى الله إليه : أفهو أحب إليك أم نفسك؟ قال : بل هو أحب إلي من نفسي ، قال : فولده أحب إليك أم ولدك؟ قال : بل ولده ، قال : بذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال : يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال : يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من امة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ، ويستوجبون بذلك سخطي ، فجزع إبراهيم لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي ، فأوحى الله عزوجل : يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله ، وأو جبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب وذلك قول الله عزوجل « وفديناه بذبح عظيم » (١).

بيان : أقول : قد اورد على هذا الخبر إعضال وهو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه‌السلام لا يكون المفدى عنه أجل رتبة من المفدى به فان أئمتنا صلوات الله عليهم أشرف من اولي العزم عليهم‌السلام فكيف من غيرهم؟ مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء ، التعويض عن الشئ بما دونه في الخطر والشرف.

واجيب بأن الحسين عليه‌السلام لما كان من أولاد إسماعيل فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا وكذا سائر الائمة وسائر الانبياء عليهم‌السلام من ولد إسماعيل عليه‌السلام فإذا عوض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين عليه‌السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الاجزاء بخصوصه ولا شك في أن مرتبة كل السلسة أعظم وأجل من مرتبة الجزء بخصوصه.

وأقول : ليس في الخبر أنه فدى إسماعيل بالحسين ، بل فيه أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل ، بجزعه على الحسين عليه‌السلام ، وظاهر أن الفداء على

____________________

(١) الصافات : ١٠٧ والحديث في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام باب ١٧ ج ١ ص ٢٠٩.

٢٢٦

هذا ليس على معناه بل المراد التعويض ، ولما كان أسفه على مافات منه من ثواب الجزع على ابنه ، عوضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثوابا ، وهو الجزع على الحسين عليه‌السلام.

والحاصل أن شهادة الحسين عليه‌السلام كان أمرا مقررا ولم يكن لرفع قتل إسماعيل حتى يرد الاشكال ، وعلى ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين : الاول أن يقدر مضاف ، أي « فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن » والثاني أن يكون الباء سببية أي « فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه » وعلى التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز في إسناد في قوله « فديناه » والله يعلم.

٧ ـ ع : ابن الوليد : عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن إسماعيل الذي قال الله عزوجل في كتابه « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا » (١) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الانبياء ، بعثه الله عزوجل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه ، فأتاه ملك فقال : إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت ، فقال : لي اسوة بما يصنع بالحسين عليه‌السلام.

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا عن محمد بن سنان مثله.

٨ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن إسماعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه ، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له : ربك يقرئك السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك ، وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت ، فقال : يكون لي بالحسين بن علي اسوة (٢).

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا ، عن

____________________

(١) مريم : ٥٤ ، والحديث في المصدر ج ١ ص ٧٣.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٧٣ و ٧٤.

٢٢٧

محمد بن سنان مثله.

مل : محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد ابن سنان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٩ ـ ما : ابن حشيش ، عن أبي المفضل الشيباني ، عن محمد بن علي بن معمر عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : بينا الحسين عند رسول الله (ص) إذ أتاه جبرئيل فقال : يا محمد أتحبه؟ قال : نعم ، قال : أما إن امتك ستقتله فحزن رسول الله لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل : أيسرك أن اريك التربة التي يقتل فيها؟ قال : نعم ، قال : فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول الله إلى كربلا حتى التقت القطعتان هكذا وجمع بين السبابتين فتناول بجناحيه من التربة فناولها رسول الله (ص) ثم دحيت الارض اسرع من طرف العين ، فقال رسول الله : طوبى لك من تربة ، وطوبى لمن يقتل فيك.

مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان مثله (١). بيان : أقول قد بينت معنى التقاء القطعتين في باب أحوال بلقيس في كتاب النبوة (٢).

١٠ ـ ما : عنه ، عن أبي المفضل ، عن ابن عقدة ، عن إبراهيم بن عبدالله النحوي

____________________

(١) راجع المصدر ص ٦٠.

(٢) قال قدس‌سره في باب قصة سليمان مع بلقيس تحت الرقم ١١ ، ج ١٤ ص ١١٥ من الطبعة الحديثة : ظاهر اكثر تلك الاخبار ان الارض التى كانت بينه وبين السرير انخسفت وتحركت الارض التى كان السرير عليها ، حتى أحضرته عنده.

فان قيل : كيف انخسفت الابنية التى كانت عليها؟ قلنا : يحتمل أن تكون تلك الابنية تحرك بأمره تعالى يمينا وشمالا ، وكذا ما عليها من الحيوانات والاشجار وغيرها.

ويمكن أن يكون حركة السرير من تحت الارض بأن غار في الارض وطويت وتكاثفت الطبقة التحتانية حتى خرج من تحت سريره ثم دحيت تلك الطبقة من تحت الارض.

٢٢٨

عن محمد بن مسلمة ، عن يونس بن أرقم ، عن الاعمش ، عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك أن عظيما من عظاماء الملائكة استأذن ربه عزوجل في زيارة النبي فأذن له فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين فقبله النبي وأجلسه في حجره فقال له الملك : أتحبه؟ قال : أجل أشد الحب إنه ابني ، قال له : إن امتك ستقتله قال : امتي تقتل ولدي؟ قال : نعم ، وإن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها قال : نعم ، فأراه تربة حمراء طيبة الريح ، فقال : إذا صارت هذه التربة دما عبيطا فهو علامة قتل ابنك هذا.

قال سالم بن أبي الجعد : اخبرت أن الملك كان ميكائيل عليه‌السلام.

١١ ـ ما عنه : عن أبي المفضل ، عن هاشم بن نقية الموصلي ، عن جعفر ابن محمد بن جعفر المدائني ، عن زياد بن عبدالله المكاري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن حدير أوحد مر بن عبدالله المازني ، عن زيد مولى زينب بنت جحش قالت : كان رسول الله ذات يوم عندي نائما فجاء الحسين فجعلت اعلله مخافة أن يوقظ النبي فغفلت عنه فدخل وأتبعته فوجدته قد قعد على بطن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع زبيته في سرة النبي فجعل يبول عليه.

فأردت أن آخذه عنه فقال رسول الله : دعي ابني يا زينب حتى يفرغ من بوله ، فلما فرغ توضأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقام يصلي فلما سجد ارتحله الحسين فلبث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نزل فلما قام عاد الحسين فحمله حتى فرغ من صلاته.

فبسط النبي يده وجعل يقول : أرني أرني يا جبرئيل ، فقلت : يا رسول الله لقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك صنعته قط قال : نعم ، جاءني جبرئيل فعزاني في ابني الحسين وأخبرني أن امتي تقتله وأتاني بتربة حمراء.

قال زياد بن عبدالله : أنا شككت في اسم الشيخ حدير أوحد مر بن عبدالله (١) وقد أثنى عليه ليث خيرا وذكر من فضله.

____________________

(١) لم نر في كتب الرجال من يسمى حدمر نعم في القاموس : الحذمر بالكسر القصير ، ولعل الصواب هو الاول حدير بالتصغير كما في الاصابة ، ولعله أبوفوزة السلمى فراجع.

٢٢٩

١٢ ـ يج : من تاريخ محمد النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية باسناد مرفوع إلى أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لما أراد الله أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج ، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها.

فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت بها مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده ، وأضاء كما يضيئ الكوكب الدري في افق السماء فتحير نوح ، فأنطق الله المسمار بلسان طلق ذلق : أنا على اسم خير الانبياء محمد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فهبط جبرئيل فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟ فقال : هذا باسم سيد الانبياء محمد بن عبدالله اسمره على أولها على جانب السفينة الايمن ، ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح : وما هذا المسمار؟ فقال : هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الاوصياء علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة الايسر في أولها ، ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال جبرئيل : هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسمار أبيها ، ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال جبرئيل : هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر وأنار وأظهر النداوة فقال جبرئيل : هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ، فقال نوح : يا جبرئيل ما هذه النداوة؟ فقال : هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه‌السلام وما تعمل الامة به ، فلعن الله قاتله وظالمه وخاذله.

١٣ ـ ما : عنه عن أبي المفضل ، عن العباس بن خليل ، عن محمد بن هاشم ، عن سويدف بن عبدالعزيز ، عن داود بن عيسى الكوفي ، عن عمارة بن عرية ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أن رسول الله (ص) أجلس حسينا على فخذه وجعل يقبله ، فقال جبرئيل : أتحب ابنك هذا؟ قال : نعم ، قال : فان امتك ستقتله بعدك ، فدمعت عينا رسول الله فقال له : إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها؟ قال : نعم ، فأراه جبرئيل ترابا من تراب الارض التي يقتل عليها

٢٣٠

وقال : تدعى الطف.

١٤ ـ ما : عنه ، عن الحسين بن الحسن بن عامر ، عن محمد بن دليل بن بشر عن علي بن سهل ، عن مؤمل ، عن عمارة بن زاذان ، عن ثابت ، عن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول الله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لام سلمة : املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب حتى دخل فجعل يثب على منكبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقعد عليهما.

فقال له الملك : أتحبه؟ قال : نعم ، قال ، فان امتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ، فمد يده فاذا طين حمراء. فأخذتها ام سلمة فصيرتها إلى طرف خمارها قال ثابت : فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلا.

١٥ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان عن سعيد بن يسار أو غيره قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام : يقول : لما أن هبط جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتل الحسين ، أخذ بيد علي فخلابه مليا من النهار فغلبتهما عبرة فلم يتفرقا حتى هبط عليهما جبرئيل أو قال : رسول الله رب العالمين ، فقال لهما : ربكما يقرئكما السلام ويقول : قد عزمت عليكما لما صبرتما قال : فصبرا (١).

مل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن سعيد مثله.

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن سنان ، عن سعيد مثله.

١٦ ـ مل أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما حملت فاطمة بالحسين عليه‌السلام جاء جبرئيل إلى رسول الله فقال : إن فاطمة ستلد ولدا تقتله امتك من بعدك ، فلما حملت فاطمة الحسين كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثم قال أبوعبدالله عله السلام : هل رأيتم في الدنيا اما تلد غلاما فتكرهه ولكنها كرهته لانها علمت أنه سيقتل قال : وفيه نزلت هذه الآية « ووصينا الانسان بوالديه حسنا حملته امه كرها و

____________________

(١) المصدر ص ٥٥ وهكذا ما يليه.

٢٣١

وضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا » (١).

بيان : قوله عليه‌السلام « لما حلمت » لعل المعنى قرب حملها أو المراد بقوله « جاء جبرئيل » مجيئه قبل ذلك أو بقوله حملت ثانيا شعرت به ولعله على هذا التأويل الباء في قوله بوالديه للسببية ، وحسنا مفعول وصينا وفي بعض القراءات حسنا بالتحريك فهو صفة لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا ، فعلى هذا يحتمل أن يكون المراد بقوله « وصينا » جعلناه وصيا قال في مجمع البيان : قرأ أهل الكوفة إحسانا والباقون حسنا وروى عن علي عليه‌السلام وأبي عبدالرحمان السلمي حسنا بفتح الحاء والسين انتهى. والوالدان رسول الله وأمير المؤمنين كما في سائر الاخبار ويحتمل الظاهر أيضا.

١٧ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن عمرو ابن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن جبرئيل نزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام ، ويبشرك بمولود يولد من فاطمة عليها‌السلام تقتله امتك من بعدك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله امتي من بعدي ، قال : فعرج جبرئيل ثم هبط فقال له مثل ذلك فقال : يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله امتي من بعدي فعرج جبرئيل إلى السماء ثم هبط فقال له : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك أنه جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية فقال : قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة : أن الله يبشرني بمولود يولد منك تقتله امتي من بعدي فأرسلت إليه : أن لا حاجة لي في مولود يولد مني تقتله امتك من بعدك فأرسل إليها أن الله جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية فأرسلت إليه أني قد رضيت « فحملته كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أو زعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي

____________________

(١) الاحقاف : ١٥ والحديث في كامل الزيارات ص ٥٥ و ٥٦.

٢٣٢

وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي » (١) فلو أنه قال : أصلح لي ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.

ولم يرضع الحسين عليه‌السلام من فاطمة ولا من انثى ولكنه كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاثة ، فينبت لحم الحسين من لحم رسول الله ، ودمه ، ولم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسى بن مريم والحسين ابن علي عليهم‌السلام.

مل : أبي ، عن سعد ، عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو بن سعيد بإسناده مثله.

١٨ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن حماد ، عن أخيه أحمد ، عن محمد بن عبدالله ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : أتى جبرئيل رسول الله فقال له : السلام عليك يا محمد ألا أبشرك بغلام تقتله امتك من بعدك؟ فقال : لا حاجة لي فيه [ قال : فانقض إلى السماء ثم عاد إليه الثانية فقال مثل ذلك فقال : لا حاجة لي فيه فانعرج إلى السماء ثم انقض عليه الثالثة فقال له مثل ذلك فقال : لا حاجة لي فيه ] (٢) فقال : إن ربك جاعل الوصية في عقبه فقال : نعم.

ثم قام رسول الله فدخل على فاطمة فقال لها : إن جبرئيل أتاني فبشرني بغلام تقتله امتي من بعدي فقالت : لا حاجة لي فيه ، فقال لها : إن ربي جاعل الوصية في عقبه فقالت : نعم ، إذن.

قال : فأنزل الله تبارك وتعالى عند ذلك هذه الآية فيه « حملته امه كرها ووضعته كرها » لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله ، فحملته كرها بأنه مقتول ، و وضعته كرها لانه مقتول.

١٩ ـ مل : أبي وابن الوليد معا ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخلت فاطمة على

____________________

(١) الاحقاف : ١٥ والحديث في المصدر ص ٥٧.

(٢) ما بين العلامتين ساقط عن نسخة الكمبانى. راجع المصدر ص ٥٦.

٢٣٣

رسول الله (ص) وعيناه تدمع فسألته مالك؟ فقال : إن جبرئيل أخبرني أن امتي تقتل حسينا ، فجزعت وشق عليها ، فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت.

٢٠ ـ مل : ابن الوليد ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن صفوان ، عن الحسين ابن أبي غندر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : زارنا رسول الله (ص) وقد أهدت لنا ام أيمن لبنا وزبدا وتمرا [ فـ ] قدمنا منه فأكل ثم قام إلى زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا وإعظاما له.

فقام الحسين في حجره وقال له : يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا فما أبكاك؟ فقال : يا بني أتاني جبرئيل عليه‌السلام آنفا فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى فقال : يا أبه فما لمن يزور قبورنا ، على تشتتها؟ فقال : يا بني اولئك طوائف من امتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة ، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى اخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة (١).

ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن حبيش عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان مثله.

٢١ ـ مل : ابن الوليد ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القرشي ، عن عبيد بن يحيى الثوري ، عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : زارنا رسول الله ذات يوم فقدمنا إليه طعاما وأهدت إلينا ام أيمن صحفة من تمر وقعبا من لبن وزبد ، فقدمنا إليه فأكل منه فلما فرغ قمت فسكبت على يده ماء فلما غسل يده مسح وجهه ولحيته ببلة يديه ثم قام إلى مسجد في جانب البيت فخر ساجدا فبكى فأطال البكاء ثم رفع رأسه

____________________

(١) المصدر ص ٥٨

٢٣٤

فما اجترئ منا أهل البيت أحد يسأله عن شئ.

فقام الحسين يدرج حتى يصعد على فخذي رسول الله فأخذ برأسه إلى صدره ووضع ذقنه على رأس رسول الله (ص) ثم قال : يا أبه ما يبكيك؟ فقال : يا بني إني نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم مثله قط ، فهبط إلي جبرئيل فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فحمدت الله على ذلك ، وسألته لكم الخيرة.

فقال له : يا أبه! فمن يزور قبورنا ويتعاهدها على تشتتها؟ قال : طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي ، أتعاهدهم في الموقف وآخذ بأعضادهم فانجيهم من أهواله وشدائده (١).

٢٢ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن جبرئيل أتى رسول الله والحسين يلعب بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره أن امته ستقتله ، قال : فجزع رسول الله (ص) فقال : ألا اريك التربة التي يقتل فيها؟ قال : فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الذي قتل فيه حتى التقت القطعتان فأخذ منها ودحيت في أسرع من طرفة العين فخرج (٢) وهو يقول : طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل حولك.

قال : وكذلك صنع صاحب سليمان تكلم باسم الله الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الارض وحزونتها حتى التقت القطعتان فاجتر العرش قال سليمان : يخيل إلي أنه خرج من تحت سريري قال : ودحيت في أسرع من طرفة العين (٣).

____________________

(١) كامل الزيارات ص ٥٨.

(٢) كذا في نسخة الاصل نسخة المصنف وهكذا المصدر ص ٥٩ وفى نسخة كمباني : فجزع وهو تصحيف.

(٣) راجع الاحاديث التالية في المصدر ص ٦٠ الباب ١٧ تحت الرقم ١ ٩.

٢٣٥

٢٣ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : نعى جبرئيل عليه‌السلام الحسين عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت ام سلمة فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده ، فقال : إن هذا تقتله امتك فقال رسول الله : أرني من التربة التي يسفك فيها دمه ، فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فاذا هي تربة حمراء.

٢٤ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن علي بن إسماعيل وابن أبي الخطاب وابن هاشم جميعا ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله وزاد فيه : فلم تزل عند ام سلمة حتى ماتت رحمها الله.

٢٥ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن حماد بن عثمان عن عبدالملك بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن رسول الله كان في بيت ام سلمة وعنده جبرئيل فدخل عليه الحسين فقال له جبرئيل : إن امتك تقتل ابنك هذا ، ألا اريك من تربة الارض التي يقتل فيها؟ فقال رسول الله : نعم ، فأهوى جبرئيل بيده وقبض قبضة منها فأراها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٦ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله فقال له : إن امتك تقتل الحسين من بعدك ، ثم قال : ألا اريك من تربتها؟ فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إياه ثم قال : هذه التربة التي يقتل عليها.

٢٧ ـ مل : أحمد بن عبدالله بن علي ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالرحمان الغنوي ، عن سليمان قال : وهل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول الله يعزيه في ولده الحسين؟ ويخبره بثواب الله إياه ، ويحمل إليه تربته مصروعا عليها ، مذبوحا مقتولا ، طريحا مخذولا ، فقال رسول الله : اللهم اخذل من خذله ، واقتل ، واذبح من ذبحه ، ولا تمتعه بما طلب.

قال عبدالرحمان : فوالله لقد عوجل الملعون يزيد ، ولم يتمتع بعد قتله

٢٣٦

ولقد اخذ مغافصة بات سكرانا وأصبح ميتا متغيرا ، كأنه مطلي بقار ، اخذ على أسف وما بقي أحد ممن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلا أصابه جنون أو جذام أو برص وصار ذلك وراثة في نسلهم لعنهم الله.

مل : عبيدالله بن الفضل ، عن جعفر بن سليمان مثله.

٢٨ ـ مل : الحسين بن علي الزعفراني ، عن محمد بن عمرو الاسلمي ، عن عمرو بن عبدالله بن عنبسة ، عن محمد بن عبدالله بن عمرو ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الملك الذي جاء إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره بقتل الحسين كان جبرئيل الروح الامين منشور الاجنحة ، باكيا صارخا قد حمل من تربته ، وهو يفوح كالمسك فقال رسول الله : وتفلح ام تقتل فرخي؟ أو قال : فرخ ابنتي؟ قال جبرئيل : يضربها الله بالاختلاف فيختلف قلوبهم.

مل : عبيد الله بن الفضل بن هلال ، عن محمد بن عمرة الاسلمي ، عن عمر بن عبدالله بن عنبسة مثله.

٢٩ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، وأحمد بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : « واذكر في الكتاب إسمعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا » (١) أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام فان الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم.

فقال عليه‌السلام : إن إسماعيل مات قبل إبراهيم وإن إبراهيم كان حجة لله قائدا صاحب شريعة فالى من ارسل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان جعلت فداك؟ قال ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه الله إلى قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا وجهه فغضب الله عليهم [ له ] فوجه إليه سطاطائيل ملك العذاب فقال له : يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب وجهني رب العزة إليك لاعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت فقال له إسماعيل : لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل.

____________________

(١) مريم : ٥٤.

٢٣٧

فأوحى الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال إسماعيل : يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ، ولمحمد بالنبوة ، ولاوصيائه بالولاية ، وأخبرت خلقك بما تفعل امته بالحسين بن علي عليهما‌السلام من بعد نبيها ، وإنك وعدت الحسين أن تكره إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل ، كما تكر الحسين فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك ، فهو يكر مع الحسين بن علي عليهما‌السلام (١)

٣٠ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سعيد القماط ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بينا رسول الله (ص) في منزل فاطمة والحسين في حجره إذ بكى وخر ساجدا ثم قال : يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي الاعلى تراء الي في بيتك هذا ساعتي هذه في أحسن صورة وأهيأ هيئة وقال لي : يا محمد أتحب الحسين؟ فقلت : نعم قرة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمد ووضع يده على رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله وناصبه وناواه ونازعه ، أما إنه سيد الشهداء من الاولين والآخرين في الدنيا والآخرة وسيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين وأبوه أفضل منه وخير فأقرئه السلام وبشره بأنه راية الهدى ، ومنار أوليائي وحفيظي وشهيدي على خلقي وخازن علمي وحجتي على أهل السماوات وأهل الارضين والثقلين الجن والانس (٢).

بيان : « إن العلي الاعلى » أي رسوله جبرئيل أو يكون الترائي كناية عن غاية الظهور العلمي ، وحسن الصورة كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له ، ووضع اليد كناية عن إفاضة الرحمة.

٣١ ـ شا : روى الاوزاعي ، عن عبدالله بن شداد ، عن ام الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله (ص) فقالت : يارسول الله رأيت الليلة حلما منكرا

____________________

(١) المصدر ص ٦٤. المصدرص ٦٧.

٢٣٨

قال : وما هو؟ قالت : إنه شديد ، قال : وما هو؟ قالت : رأيت كأن قطعة من جسدك قد قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله : خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة عليها‌السلام الحسين عليه‌السلام قالت : وكان في حجري كما قال رسول الله فدخلت به يوما على النبي فوضعته في حجر رسول الله (ص) ثم حانت مني التفاتة ، فاذا عينا رسول الله تهرقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وامي يا رسول الله مالك؟ قال : أتاني جبرئيل فأخبرني أن امتي يقتل ابني هذا وأتاني بتربة حمراء من تربته (١).

٣٢ ـ شا : روى سماك ، عن ابن المخارق ، عن ام سلمة قالت : بينا رسول الله ذات يوم جالسا والحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع ، فقلت [ له ] يا رسول الله ما لي أراك تبكي جعلت فداك؟ قال : جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين وأخبرني أن طائفة من امتي تقتله ، لا أنا لها الله شفاعتي.

وروي بإسناد آخر عن ام سلمة رضي‌الله‌عنها أنها قالت : خرج رسول الله من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا ، ثم جاءنا وهو أشعث أغبر ، ويده مضمومة فقلت له : يا رسول الله ما لي أراك شعثا مغبرا؟ فقال : اسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا فاريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي فلم أزل ألقط دماءهم فها هو في يدي وبسطها إلي فقال : خذيها فاحفظي بها فأخذتها فاذا هي شبه تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها.

فلما خرج الحسين عليه‌السلام من مكة متوجها نحو العراق كنت اخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة وأشمها وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه ، فلما كان [ في ] اليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذي قتل فيه عليه‌السلام أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فاذا هي دم عبيط فصحت في بيتي وبكيت وكظمت

____________________

(١) ارشاد المفيد ص ٢٣٤.

٢٣٩

غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت (١).

٣٣ ـ قب : قال سعد بن أبي وقاص : إن قس بن ساعدة الايادي (٢) قال قبل مبعث النبي :

تخلف المقدار منهم عصبة

ثاروا بصفين وفي يوم الجمل

والتزم الثار الحسين بعده

واحتشدوا على ابنه حتى قتل (٣)

بيان : « تخلف المقدار » أي جازوا قدرهم وتعدوا طورهم ، أو كثروا حتى لا يحيط بهم مقدار وعدد ، قوله : ثاروا من الثوران أو من الثأر من قولهم ثأرت القتيل أي قتلت قاتله ، فانهم كانوا يدعون طلب دم عثمان ومن قتل منهم في غزوات الرسول (ص) ويؤيده قوله : والتزم الثار أي طلبوا الثأر بعد ذلك من الحسين عليه‌السلام لاجل من قتل منهم في الجمل وصفين وغير ذلك ، أو المعنى أنهم قتلوه حتى لزم ثأره.

٣٤ ـ فر : باسناده عن حذيفة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما اسري بي أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة ، وأنا مسرور فاذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور ، في أصلها

____________________

(١) المصدر ص ٢٣٤ و ٢٣٥.

(٢) هو قس بن ساعدة بن جذامة بن زفر بن اياد بن نزار الايادي ، البليغ الخطيب المشهور ، مات قبل البعثة وذكره أبو حاتم السجستانى في المعمرين وقال انه عاش ثلاث مائة وثمانين سنة ، وقيل انه عاش ستمائة سنة

وهو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية ، وأول من كتب من فلان إلى فلان وأول من توكأ على عصا في الخطبة ، وأول من قال أما بعد ، وفي رواية ابن الكلبى انه قال في خطبة له : لو على الارض دين افضل من دين قد أظلكم زمانه وأدرككم أوانه ، فطوبى لمن أدركه فاتبعه ، وويل لمن خالفه ، وفيه قال رسول الله « يرحم الله قسا انى لارجو يوم القيامة أن يبعث أمة وحده ».

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٦٢.

٢٤٠