بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

[ و ] قال ابن الخشاب : حدثنا حرب باسناده عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : مضى أبوعبدالله الحسين بن علي امه فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وهو ابن سبع وخمسين سنة ، في عام الستين من الهجرة ، في يوم عاشورا ، كان مقامه مع جده رسول الله (ص) سبع سنين إلا ما كان بينه وبين أبي محمد ، وهو سبعة أشهر وعشرة أيام ، وأقام مع أبيه عليه‌السلام ثلاثين سنة ، وأقام مع أبي محمد عشر سنين وأقام بعد مضي أخيه الحسن عليه‌السلام عشر سنين ، فكان عمره سبعا وخمسين سنة إلا ما كان بينه وبين أخيه من الحمل ، وقبض في يوم عاشورا في يوم الجمعة في سنة إحدى وستين ، ويقال : في يوم عاشورا يوم الاثنين ، وكان بقاؤه بعد أخيه الحسن عليه‌السلام أحد عشر سنة.

وقال الحافظ عبدالعزيز : الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام وامه فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولد في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، وقتل بالطف يوم عاشورا سنة إحدى وستين ، وهو ابن خمس وخمسين سنة وستة أشهر (١).

أقول : الاشهر في ولادته صلوات الله عليه ، أنه ولد لثلاث خلون من شعبان لما رواه الشيخ في المصباح : أنه خرج إلى القاسم بن العلا الهمداني وكيل أبي محمد عليه‌السلام أن مولانا الحسين عليه‌السلام ولد يوم الخميس ، لثلاث خلون من شعبان فصم وادع فيه بهذا الدعاء وذكر الدعاء.

ثم قال رحمه‌الله بعد الدعاء الثاني المروي عن الحسين : قال ابن عياش : سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري يقول : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يدعو به في هذا اليوم وقال : هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان وهو مولد الحسين عليه‌السلام.

وقيل : إنه عليه‌السلام ولد لخمس ليال خلون من شعبان ، لما رواه الشيخ أيضا في المصباح عن الحسين بن زيد ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : ولد الحسين بن علي عليهما‌السلام لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع خلون من الهجرة.

____________________

(١) المصدر : ج ٢ ص ٢١٦ و ٢١٧.

٢٠١

وقال رحمه‌الله في التهذيب : ولد عليه‌السلام آخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة.

وقال الكليني قدس الله روحه : ولد عليه‌السلام سنة ثلاث.

وقال الشهيد رحمه‌الله في الدروس : ولد عليه‌السلام بالمدينة آخرشهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل : يوم الخميس ثلاث عشر شهر رمضان.

وقال المفيد : لخمس خلون من شعبان سنة أربع.

وقال الشيخ ابن نما في مثير الاحزان : ولد عليه‌السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، وقيل الثالث منه ، وقيل : أواخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث وقيل : لخمس خلون من جمادى الاولى سنة أربع من الهجرة ، وكانت مدة حمله ستة أشهر ، ولم يولد لستة سواه وعيسى وقيل يحيى عليهم‌السلام.

وأقول : إنما اختار الشيخ رحمه‌الله كون ولادته عليه‌السلام في آخر شهر ربيع الاول مع مخالفته لما رواه من الروايتين السالفتين اللتين تدلان على الثالث والرواية الاخرى التي تدل على الخامس من شعبان ، ليوافق ما ثبت عنده ، واشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن عليه‌السلام في منتصف شهر رمضان ، وما مر في الرواية الصحيحة في باب ولادتهما عليهما‌السلام من أن بين ولادتيهما لم يكن إلا ستة أشهر وعشرا ، لكن مع ورود هذه الاخبار ، يمكن عدم القول بكون ولادة الحسن عليه‌السلام في شهر رمضان ، لعدم استناده إلى خبر على ما عثرنا عليه ، والله يعلم.

٢٠ ـ كا : العدة عن سهل ، وعلي ، عن أبيه ، جميعا عن ابن محبوب ، عن زياد بن عيسى ، عن عامر بن السمط ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن علي عليهما‌السلام يمشي معه ، فلقيه مولى له ، فقال له الحسين : أين تذهب يا فلان؟ قال : فقال له مولاه ، أفر من جنازة هذا المنافق أن اصلي عليها ، فقال له الحسين عليه‌السلام : انظر أن تقوم على يميني فما تسمعني أقول فقل مثله.

فلما أن كبر عليه وليه ، قال الحسين عليه‌السلام : الله أكبر اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة ، اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك ، وأصله

٢٠٢

حر نارك ، وأذقه أشد عذابك ، فانه كان يتولى أعداءك ، ويعادى أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك (١).

٢١ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان الحسين بن علي عليهما‌السلام جالسا فمرت عليه جنازة ، فقام الناس حين طلعت الجنازة (٢) فقال الحسين عليه‌السلام : مرت جنازة يهودي فكان رسول الله (ص) على طريقها جالسا فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام لذلك (٣)

٢٢ ـ كا : علي ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل ، جميعا عن ابن أبي عمير وصفوان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الحسين ابن علي صلوات الله عليه خرج معتمرا فمرض في الطريق ، فبلغ عليا عليه‌السلام ذلك وهو في المدينة ، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا (٤) وهو مريض بها ، فقال : يا بني ما تشتكي؟ فقال : أشتكي رأسي ، فدعا علي عليه‌السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة فلما برأ من وجعه اعتمر (٥).

٢٣ ـ كا : أبوالعباس ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي شيبة الاسدي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خضب الحسين عليه‌السلام بالحناء والكتم (٦).

____________________

(١) الكافى : ج ٣ ص ١٨٩ باب الصلاة على الناصب الرقم ٢ ، ومثله تحت الرقم ٣. (٢) يعنى ولم يقم الحسين عليه‌السلام.

(٣) الكافى : ج ٣ ص ١٩٢.

(٤) بالضم : موضع بين المدينة ووادى الصفراء.

(٥) الكافى : ج ٤ ص ٣٦٩ باب المحصور والمصدود الرقم ٣ والحديث مختصر. (٦) الكافى : كتاب الزى والتجمل باب الخضاب الرقم ٩ راجع ج ٦ ص ٤٨١. والحناء كقثاء نبات يزرع ويكبر حتى يقارب الشجر الكبار ، ورقه كورق الرمان وعيدانه كعيدانه ، له زهر أبيض كالعناقيد يتخذ من ورقه الخضاب الاحمر ، والكتم بالتحريك نبت قوهى ورقه كورق الاس يخضب به مدقوقا.

٢٠٣

٢٤ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن عدة من أصحابه ، عن ابن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : قتل الحسين عليه‌السلام وهو مختضب بالوسمة.

وعنه ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحضرمي عنه عليه‌السلام مثله (١).

____________________

(١) الكافى : ج ٦ ص ٤٨٣.

٢٠٤

٢٧

* ( باب ) *

* « ( احتجاجه صلوات الله عليه على معاوية ، وأوليائه لعنهم الله ) » *

* « ( وما جرى بينه وبينهم ) » *

١ ـ قب ، ج : عن موسى بن عقبة أنه قال : لقد قيل لمعاوية إن الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين ، فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فان فيه حصرا وفي لسانه كلالة ، فقال لهم معاوية : قد ظننا ذلك بالحسن فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا ، فلم يزالوا به حتى قال للحسين عليه‌السلام يابا عبدالله لو صعدت المنبر ، فخطبت.

فصعد الحسين عليه‌السلام المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمع رجلا يقول : من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين عليه‌السلام :

نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسول الله الاقربون ، وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، والمعول علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله ، بل نتبع حقائقه.

قأطيعونا فان طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة ، قال الله عزوجل : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم ، فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول » (١) وقال : « ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا » (٢).

واحذركم الاصغاء إلى هتوف الشيطان بكم ، فانه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم : « لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم

__________________

(١) النساء : ٥٩.

(٢) النساء : ٨٣.

٢٠٥

فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم » (١) فتلقون للسيوف ضربا ، وللرماح وردا ، وللعمد حطما ، وللسهام غرضا ، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، قال معاوية : حسبك يا با عبدالله فقد أبلغت (٢).

بيان : الضرب بالتحريك : المضروب والورد بالتحريك أي ما ترد عليه الرماح ، وقد مر مثله في خطبة الحسن عليه‌السلام.

٢ ـ قب ، ج : عن محمد بن السائب أنه قال : قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهما‌السلام ، لولا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين عليه‌السلام وكان عليه‌السلام شديد القبضة ، فقبض على حلقه فعصره ولوى عمامته على عنقه ، حتى غشي عليه ثم تركه ، وأقبل الحسين عليه‌السلام على جماعة من قريش فقال : أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت ، أتعلمون أن في الارض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله مني ومن أخي؟ أو على ظهر الارض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟ قالوا : لا ، قال : وإني لا أعلم أن في الارض ملعون بن ملعون غير هذا وأبيه طريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والله ما بين جابرس وجابلق أحدهما بباب المشرق ، والآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الاسلام أعدى لله ولرسوله ولاهل بيته منك ومن أبيك إذ كان وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك ، قال : فو الله ما قام مروان من مجلسه حتى غضب فانتقض ، وسقط رداؤه عن عاتقه (٣)

٣ ـ شى : عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخل مروان بن الحكم المدينة قال : فاستلقى على السرير ، وثم مولى للحسين عليه‌السلام ، فقال : « ردوا إلى الله موليهم الحق [ ألا له الحكم ] وهو أسرع الحاسبين » فقال : فقال الحسين لمولاه :

____________________

(١) الانفال : ٤٨.

(٢) الاحتجاج : ص ١٥٣ واللفظ له ، مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٦٧.

(٣) الاحتجاج : ص ١٥٣ واللفظ له ، مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٥١.

٢٠٦

ماذا قال هذا حين دخل؟ قال : استلقى على السرير ، فقرأ « ردوا إلى الله [ موليهم ] إلى وله الحاسبين ».

قال : فقال الحسين عليه‌السلام : نعم والله رددت أنا وأصحابي إلى الجنة ، ورد هو وأصحابه إلى النار (١).

٤ ـ قب : عبدالملك بن عمير ، والحاكم ، والعباس قالوا : خطب الحسن عليه‌السلام عائشة بنت عثمان فقال مروان : ازوجها عبدالله بن الزبير.

ثم إن معاوية كتب إلى مروان ، وهو عامله على الحجاز يأمره أن يخطب ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر لابنه يزيد ، فأتى عبدالله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبدالله : إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين عليه‌السلام وهو خالها ، فأخبر الحسين بذلك فقال : أستخير الله تعالى اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد.

فلما اجتع الناس في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل مروان حتى جلس إلى الحسين عليه‌السلام وعنده من الجلة ، وقال : إن أمير المؤمنين أمرني بذلك وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين ، مع قضاء دينه وأعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم ، والعجب كيف يستمهر يزيد؟ وهو كفو من لا كفو له ، وبوجهه يستسقي الغمام ، فرد خيرا يا أبا عبدالله!

فقال الحسين عليه‌السلام : الحمد لله الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه إلى آخر كلامه ثم قال : يا مروان قد قلت فسمعنا.

أما قولك : مهرها حكم ابيها بالغا ما بلغ ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله (ص) في بناته ونسائه وأهل بيته ، وهو ثنتا عشرة اوقية يكون أربعمائة وثمانين درهما.

وأما قولك : مع قضاء دين أبيها ، فمتى كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا وأما صلح ما بين هذين الحيين ، فانا قوم عاديناكم في الله ، ولم نكن نصالحكم للدنيا ، فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب.

____________________

(١) تفسير العياشى : ج ١ ص ٣٦٢ والاية في الانعام : ٦٢.

٢٠٧

وأما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد ، ومن أبي يزيد ومن جد يزيد ، وأما قولك : إن يزيد كفو من لا كفو له ، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ، مازادته إمارته في الكفاءة شيئا.

وأما قولك : بوجهه يستسقي الغمام ، فانما كان ذلك بوجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأما قولك : من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا ، فانما يغبطنا به أهل الجهل ، ويغبطه بنا أهل العقل.

ثم قال بعد كلام : فاشهدوا جميعا أني قد زوجت ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة وثمانين درهما وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة أو قال أرضي بالعقيق ، وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لهما غني إنشاء الله.

قال : فتغير وجه مروان وقال : غدرا يا بني هاشم؟ تأبون إلا العداوة فذكره الحسين عليه‌السلام خطبة الحسن عاشة وفعله ، ثم قال : فأين موضع الغدر يا مروان فقال مروان :

أردنا صهركم لنجد ودا

قد أخلقه به حدث الزمان

فلما جئتكم فجبهتموني

وبحتم بالضمير من الشنان

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :

أماط الله منهم كل رجس

وطهرهم بذلك في المثاني

فمالهم سواهم من نظير

ولا كفو هناك ولا مداني

أتجعل كل جبار عنيد

إلى الاخيار من أهل الجنان

ثم إنه كان الحسين عليه‌السلام تزوج بعائشة بنت عثمان (١).

بيان : قال الجوهري : مشيخة جلة أي مسان ، وقال : باح بسره أظهره والشنآن بفتح النون وسكونها العداوة.

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٨ ٤١ ، وقد مر في ب ٢١ تحت الرقم ١٣ أن المتكلم في ذلك هو الحسن بن على عليهما‌السلام فراجع.

٢٠٨

٥ ـ قب : محاسن البرقي : قال عمرو بن العاص للحسين عليه‌السلام : ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال عليه‌السلام :

بغاث الطير أكثرها فراخا

وام الصقر مقلات نزور (١)

فقال : ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقال عليه‌السلام : إن نساءكم نساء بخرة ، فإذا دنا أحدكم من امرأته نهكنه في وجهه ، فشاب منه شاربه ، فقال : ما بال لحائكم أوفر من لحائنا؟ فقال عليه‌السلام : « والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا » (٢) فقال معاوية : بحقي عليك إلا سكت فانه ابن علي بن أبي طالب ، فقال عليه‌السلام :

إن عادت العقرب عدنا لها

وكانت النعل لها حاضرة

قد علم العقرب واستيقنت

أن لا لها دنيا ولا آخرة (٣)

ايضاح : قال الجوهري : ابن السكيت : البغاث طائر أبغث إلى الغبرة دوين الرخمة بطئ الطيران وقال الفراء : بغاث الطير شرارها ومالا يصيد منها وبغاث وبغاث وبغاث ثلاث لغات.

قوله : مقلات لعله من القلى (٤) بمعنى البغض أي لا تحب الولد ، ولا تحب زوجها لتكثر الولد ، أو من قولهم : قلا العير اتنه يقولها قلوا إذا طردها ، والصواب أنه من قلت قال الجوهري : المقلات من النوق التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها والمقلات من النساء التي لا يعيش لها ولد.

وقال : النزور : المرأة القليلة الولد ثم استشهد بهذا الشعر.

ويقال نهكته الحمى إذا جهدته وأضنته ونهكه أي بالغ في عقوبته والاصوب نكهته قال الجوهري : استنكهت الرجل فنكه في وجهي ينكه وينكه نكها إذا

____________________

(١) القائل هو عباس بن مرداس السلمى.

(٢) الاعراف : ٥٨.

(٣) المناقب ج ٤ ص ٦٧ ، وقد مر في ب ٢٠ الرقم ١٣ ما يشبه ذلك في أخيه الحسن السبط عليه‌السلام.

(٤) فيجب أن يكتب هكذا : مقلاة.

٢٠٩

أمرته بأن ينكه لتعلم أشارب هو أم غير شارب.

٦ ـ قب : يقال : دخل الحسين عليه‌السلام على معاوية وعنده أعرابي يسأله حاجة فأمسك وتشاغل بالحسين عليه‌السلام ، فقال الاعرابي لبعض من حضر : من هذا الذي دخل؟ قالوا : الحسين بن علي فقال الاعرابي للحسين عليه‌السلام : أسألك يا ابن بنت رسول الله لما كلمته في حاجتي ، فكلمه الحسين عليه‌السلام في ذلك فقضى حاجته ، فقال الاعرابي :

أتيت العبشمي فلم يجد لي

إلى أن هزه ابن الرسول

هو ابن المصطفى كرما وجودا

ومن بطن المطهرة البتول

وإن لهاشم فضلا عليكم

كما فضل الربيع على المحول

فقال معاوية؟ يا أعرابي اعطيك وتمدحه؟ فقال الاعرابي : يا معاوية أعطيتني من حقه ، وقضيت حاجتي بقوله.

العقد عن الاندلسي دعا معاوية مروان بن الحكم فقال له : أشر علي في الحسين فقال : أرى أن تخرجه معك إلى الشام ، وتقطعه عن أهل العراق ، وتقطعهم عنه فقال : أردت والله أن تستريح منه ، وتبتليني به ، فان صبرت عليه صبرت على ما أكره ، وإن أسأت إليه قطعت رحمه ، فأقامه وبعث إلى سعيد بن العاص فقال له : يا أبا عثمان أشر علي في الحسين ، فقال : إنك والله ما تخاف الحسين إلا على من بعدك وإنك لتخلف له قرنا إن صارعه ليصرعنه ، وإن سابقه ليسبقنه ، فذر الحسين بمنبت النخلة ، يشرب الماء ، ويصعد في الهواء ، ولا يبلغ إلى السماء (١).

بيان : قوله : « يشرب الماء » الظاهر أنه صفة النخلة ، أي كما أن النخلة في تلك البلاد تشرب الماء وتصعد في الهواء وكلما صعدت لا تبلغ السماء ، فكذلك هو كلما تمنى طلب والرفعة ، لا يصل إلى شئ ، ويحتمل أن يكون الضمائر راجعة إليه صلوات الله عليه.

٧ ـ فر : علي بن حمدون معنعنا ، عن أبي الجارية والاصبغ بن نباتة الحنظلي

____________________

(١) المصدر ج ٤ ص ٨١ و ٨٢.

٢١٠

قالا : لما كان مروان على المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : فلما نزل عن المنبر أتى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام فقيل له : إن مروان قد وقع في علي قال : فما كان في المسجد الحسن؟ قالوا : بلى ، قال : فما قال له شيئا؟ قالوا : لا.

قال : فقام الحسين مغضبا حتى دخل على مروان فقال له : يا ابن الزرقاء ويا ابن آكلة القمل أنت الواقع في علي؟ قال له مروان : إنك صبي لا عقل لك ، قال : فقال له الحسين : ألا اخبرك بما فيك وفي أصحابك وفي علي فان الله تعالى يقول : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا » (١) فذلك لعلي وشيعته ، « فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين » (٢) فبشر بذلك النبي العربي لعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن ابن محمد العرزمي قال : استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش ، ففرض لهم ، فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام فأتيته فقال : ما اسمك؟ فقلت : علي بن الحسين ، فقال : ما اسم أخيك؟ فقلت : علي ، فقال علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا.

ثم فرض لي فرجعت إلى أبي عليه‌السلام فأخبرته ، فقال : ويلي على ابن الزرقاء دباغة الادم ، لو ولد لي مائة لاحببت أن لا اسمي أحدا منهم إلا عليا (٣).

بيان : « ويلي على ابن الزرقاء » أي ويل وعذاب وشدة مني عليه ، قال الجوهري : ويل كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب يقال : ويله وويلك وويلي وفي الندبة ويلاه قال الاعشى :

ويلي عليك وويلي منك يا رجل (٤)

____________________

(١) مريم : ٩٦.

(٢) مريم : ٩٧. والحديث في تفسير فرات ص ٩٠.

(٣) الكافى ج ٦ ص ١٩ باب الاسماء والكنى الرقم ٧.

(٤) وفى بعض نسخ الصحاح صدره : قالت هريرة لما جئت زائرها.

٢١١

٩ ـ كش : روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة :

أما بعد فان عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق ، ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي ، وذكر أنه لا يأمن وثوبه ، وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا ، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا والسلام.

فكتب إليه معاوية : أما بعد فقد بلغني وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فاياك أن تعرض للحسين في شئ ، واترك حسينا ما تركك ، فانا لا نريد أن نعرض له في شئ ما وفى بيعتنا ، ولم ينازعنا سلطاننا ، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته والسلام.

وكتب معاوية إلى الحسين بن علي عليهما‌السلام : أما بعد فقد انتهت إلي امور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ، ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، فان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعزل الناس لذلك ، وعظ نفسك ، فاذكر ، وبعهد الله أوف فانك متى ما تنكرني انكرك ، ومتى ما تكدني أكدك ، فاتق شق عصا هذه الامة وأن يردهم الله على يديك في فتنة ، فقد عرفت الناس وبلوتهم ، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد ، ولا يستخفنك السفهاء والذين لا يعلمون.

فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه كتب إليه : أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني امور أنت لي عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير فان الحسنات لا يهدي لها ، ولا يسدد إليها إلا الله.

وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني ، فانه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنميم ، وما اريد لك حربا ولا عليك خلافا ، وأيم الله إني لخائف لله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك ، ولا عاذرا بدون الاعذار فيه إليك ، وفي اولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة ، وأولياء الشياطين.

ألست القاتل حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم

٢١٢

ويستعظمون البدع ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة ، والمواثيق المؤكدة ، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، ولا بإحنة تجدها في نفسك.

أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه ، وصفرت لونه ، بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ، ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا بذلك العهد.

أولست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف ، فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد للفراش وللعاهر الحجر » فتركت سنة رسول الله تعمدا وتبعت هواك بغير هدى من الله ، ثم سلطته على العراقين : يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ، ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنك لست من هذه الامة ، وليسوا منك.

أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه أن : اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم ومثل بهم بأمرك ، ودين علي عليه‌السلام والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك ، به جلست مجلسك الذي جلست ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين (١).

وقلت فيما قلت : « انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد ، واتق شق عصا هذه الامة وأن تردهم إلى فتنة » وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الامة من ولايتك عليها ، ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد (ص) علينا أفضل من أن اجاهدك فان فعلت فانه قربة إلى الله ، وإن تركته فاني أستغفر الله لذنبي ، وأسأله توفيقه لارشاد أمري.

وقلت فيما قلت « إنى إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني » فكدني ما بدا لك ، فاني أرجو أن لا يضرني كيدك في ، وأن لا يكون على أحد أضر منه

____________________

(١) يعنى ما في قوله تعالى « لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف ».

٢١٣

على نفسك ، لانك قد ركبت جهلك ، وتحرصت على نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقنا ، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص ، واستيقن بالحساب ، واعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وليس الله بناس لاخذك بالظنة ، وقتلك أولياءه على التهم ، ونفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث : يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وبترت دينك وغششت رعيتك وأخزيت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لاجلهم والسلام.

فلما قرأ معاوية الكتاب قال : لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به فقال يزيد : يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه وتذكر فيه أباه بشر فعله ، قال : ودخل عبدالله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية : أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال : وما هو؟ قال : فأقرأه الكتاب ، فقال : وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه ، وإنما قال ذلك في هوى معاوية ، فقال يزيد : كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي؟ فضحك معاوية فقال : أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك ، قال عبدالله : فقد أصاب يزيد فقال معاوية : أخطأتما أريأتما لو أني ذهبت لعيب علي (١) محقا ما عسيت أن أقول فيه ، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل ، وما لا يعرف ، ومتى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه ، ولا يراه الناس شيئا وكذبوه ، وما عسيت أن أعيب حسينا ووالله ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده أتهدده ، ثم رأيت ان لا أفعل ولا أمحكه.

____________________

(١) في الاحتجاج ص ١٥٣ أردت أن أعيب عليا.

٢١٤

١٠ـ ج : أما بعد فقد بلغني كتابك أنه قد بلغك عني امور أن بي عنها غنى وزعمت أني راغب فيها ، وأنا بغيرها عنك جدير ، وساق الحديث نحوا مما مر إلى قوله : وما أرى فيه للعيب موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه وأتوعده وأتهدده واسفهه واجهله ، ثم رأيت أن لا أفعل.

قال : فما كتب إليه بشئ يسوؤه ولا قطع عنه شيئا كان يصله به كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم ، سوى عروض وهدايا من كل ضرب.

بيان : قوله « فقد أظنك تركتها » أي الظن بك أن تتركها رغبة في ثواب الله أو في بقاء المودة ، أو أظنك تركتها لرغبتي عن فعلك ذلك ، وعدم رضائي بذلك شفقة عليك ، ويمكن أن يكون تركبها بالباء الموحدة أي أظنك ركبت هذه الامور للرغبة في الدنيا وملكها ورئاستها ، ويؤيد الاخير ما في نسخة الاحتجاج في جواب ذلك ، ويؤيد الوسط ما في رواية الكشي « أنت لي عنها راغب ».

وشق العصا : كناية عن تفريق الجمع ، قوله عليه‌السلام : وما أظن الله راضيا بترك ذلك ، أي بعد حصول شرائطه ، والاحنة بالكسر الحقد والعداوة.

قوله عليه‌السلام الرحلتين أي رحلة الشتاء والصيف وفي الاحتجاج ولولا ذلك لكان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليكم فوضعهما عنكم ، وفيه بعد قوله « وإن أكدك تكدني » وهل رأيك إلا كيد الصالحين منذ خلقت ، فكدني ما بدالك إن شئت فاني أرجو أن لا يضرني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك ، على أنك تكيد فتوقظ عدوك ، وتوبق نفسك كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم ومثلت بهم بعد الصلح والعهد والميثاق. وفيه « غلام من الغلمان يشرب الشراب ويلعب بالكعاب ».

قوله لعنه الله « لقد كان في نفسه صب » في أكثر النسخ بالصاد المهملة ولعله بالضم ، قال الجزري : (١) وفيه لتعودن فيها أساود صبا؟ الاساود الحيات

____________________

(١) في جميع النسخ حتى نسخة الاصل للمصنف بخط يده الشريفة : قال الفيروز آبادى وهو من طغيان القلم ، والصحيح ما في الصلب راجع النهاية مادة ص ب ب.

٢١٥

والصب جمع صبوب على أن أصله صبب كرسول ورسل ، ثم خفف كرسل فادغم وهو غريب من حيث الادغام قال النضر : إن الاسود إذا أراد أن ينهش ارتفع ثم انصب على الملدوغ انتهى.

أقول : الاظهر أنه بالضاد المعجمة ، قال الجوهري : الضب الحقد تقول : أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره انتهى. ويقال : لم يحفل بكذا : أي لم يبال به ، وفي الاحتجاج لم يحفل به صاحبه ولعله أظهر ، قوله « ولا أمحكه » من المحك اللجاج والمماحكة الملاجة ، وفي بعض النسخ باللام ولعله من المحل بمعنى الكيد والاول أظهر.

٢١٦

٢٨

* ( باب ) *

* « ( الايات المأولة لشهادته صلوات الله عليه ) » *

* « ( وأنه يطلب الله بثأره ) » *

١ ـ شى : عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في تفسير هذه الآية « ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم » مع الحسن « وأقيموا الصلاة فلما كتب عليهم القتال » مع الحسين « قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب » إلى خروج القائم عليه‌السلام فان معه النصر والظفر ، قال الله : « قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى » الآية (١).

٢ ـ شى : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : والله الذي صنعه الحسن ابن علي عليهما‌السلام كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس ، والله لفيه نزلت هذه الآية : « ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة » إنما هي طاعة الامام فطلبوا القتال « فلما كتب عليهم » مع الحسين « قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب » وقوله : « ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل » أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه‌السلام (٢).

٤ ـ شى : الحلبي ، عنه عليه‌السلام « كفوا أيديكم » قال : يعني ألسنتكم وفي رواية الحسن بن زياد العطار عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة » قال : نزلت في الحسن بن علي عليها‌السلام أمره الله بالكف [ قال : قلت ] (٣) « فلما

____________________

(١) النساء : ٧٧ ، والحديث في المصدر ج ١ ص ٢٥٧.

(٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٥٨ ، وقد مر الحديث عن الكافى ص ٢٥ من هذا المجلد الذى بين يديك باب ١٨ تحت الرقم ٩ فراجع.

(٣) هذا هو الظاهر كما سيجئ من كتاب النوادر تحت الرقم ١٤ ، فراجع.

٢١٧

كتب عليهم القتال » قال : نزلت في الحسين بن علي كتب الله عليه وعلى أهل الارض أن يقاتلوا معه (١).

٤ ـ شى : علي بن أسباط يرفعه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو قاتل معه أهل الارض لقتلوا كلهم.

٥ ـ شى : عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قتل النفس التي حرم الله ، فقد قتلوا الحسين في أهل بيته (٢).

٦ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية في الحسين « ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف [ في القتل ] » قاتل الحسين « إنه كان منصورا » قال : الحسين عليه‌السلام (٣).

٧ ـ شى : عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله « ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا » قال : هو الحسين بن علي عليهما‌السلام قتل مظلوما ونحن أولياؤه والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه‌السلام : فيقتل حتى يقال فقد أسرف في القتل وقال : المقتول الحسين ، ووليه القائم والاسراف في القتل أن يقتل غير قاتله « إنه كان منصورا » فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله عليهم الصلاة والسلام يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

٨ ـ كنز : روى محمد بن العباس بإسناده عن الحسن بن محبوب بإسناده عن صندل ، عن دارم بن فرقد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم ، فانها سورة الحسين بن علي عليهما‌السلام وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى ، فقال له أبواسامة وكان حاضر المجلس : وكيف صارت هذه السورة للحسين عليه‌السلام خاصة؟

____________________

(١) تفسير العياشى سورة النساء الرقم ١٩٧ و ١٩٨ ، وما بعده تحت الرقم ١٩٩. (٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٩٠ الرقم ٦٤ من تفسير سورة الاسراء الاية ٣٣ : « ولا تقتلوا النفس التى حرم الله ».

(٣) المصدر ج ٢ ص ٢٩٠ ، وهكذا مايليه.

٢١٨

فقال : ألا تسمع إلى قوله تعالى : « يا أيتها النفس المطمئنة » الآية إنما يعني الحسين بن علي عليهما‌السلام فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية ، وأصحابه من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هم الراضون عن الله يوم القيامة ، وهو راض عنهم.

وهذه السورة في الحسين بن علي عليهما‌السلام وشيعته وشيعة آل محمد خاصة ، من أدمن قراءة « والفجر » كان مع الحسين بن علي عليهما‌السلام في درجته في الجنة ، إن الله عزيز حكيم.

٩ ـ فر : محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إل أن يقولوا ربنا الله » قال : نزل في علي وجعفر وحمزة وجرت في الحسين بن علي عليهم‌السلام والتحية والاكرام (١).

١٠ ـ كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحجال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل « ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل » قال : نزلت في الحسين عليه‌السلام لو قتل أهل الارض به ما كان سرفا (٢).

بيان : فيه إيماء إلى أنه كان في قراءتهم عليهم‌السلام « فلا يسرف » بالضم ويحتمل أن يكون المعنى أن السرف ليس من جهة الكثرة ، فلو شرك جميع أهل الارض في دمه أو رضوا به لم يكن قتلهم سرفا ، وإنما السرف أن يقتل من لم يكن كذلك وإنما نهي عن ذلك.

١١ ـ فس : جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، ن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي » (٣) يعني الحسين بن علي عليهما‌السلام.

____________________

(١) تفسير فرات ابن ابراهيم الكوفى ص ٩٩ ، والاية في سورة الحج ٤٠ ، وروى مثله الكلينى في روضة الكافى ص ٣٣٧ باسناده إلى سلام بن المستنير عن أبى جعفر عليه‌السلام (٢) روضة الكافى ص ٢٥٥. والاية في سورة الاسراء : ٣٣.

(٣) الفجر : ٢٧ ٣٠.

٢١٩

١٣ ـ كا : علي بن محمد رفعه عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل « فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم » قال : حسب فرأى ما يحل بالحسين عليه‌السلام فقال : إني سقيم لما يحل بالحسين عليه‌السلام (١).

١٣ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، وابن هاشم ، عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت » قال : نزلت في الحسين بن علي عليهما‌السلام.

١٤ ـ كتاب النوادر لعلي بن أسباط ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن الحسن بن زياد العطار قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل « ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة » (٢) قال : نزلت في الحسن بن علي عليهما‌السلام أمره الله بالكف قال : قلت : « فلما كتب عليهم القتال » قال : نزلت في الحسين بن علي عليهما‌السلام كتب الله عليه وعلى أهل الارض أن يقاتلوا معه.

قال علي بن أسباط : ورواه بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وقال ، لو قاتل معه أهل الارض كلهم لقتلوا كلهم.

أقول : سيأتي الاخبار المناسبة للباب في باب علة تأخير العذاب عن قتلته عليه‌السلام.

____________________

(١) الكافى ج ١ ص ٤٦٥ ، باب مولده عليه‌السلام الرقم ٥ ، والاية في الصافات : ٨٨ و ٨٩.

(٢) النساء ، ٧٧ وقد مر مثله عن العياشى الرقم ٦.

٢٢٠