بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

احدث في أمرها شيئا حتى اعلمك خبرها ، فقال الحسين عليه‌السلام : قوموا حتى نصير إلى هذه الحرة ، فقمنا معه حتى انتهينا إلى باب البيت الذي توفيت فيه المرأة مسجاة.

فأشرف على البيت ، ودعا الله ليحييها حتى توصي بما تحب من وصيتها فأحياها الله وإذا المرأة جلست وهي تتشهد ، ثم نظرت إلى الحسين عليه‌السلام فقالت : ادخل البيت يا مولاي ومرني بأمرك ، فدخل وجلس على مخدة ثم قال لها : وصي يرحمك الله ، فقالت : يا ابن رسول الله لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا فقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك ، والثلثان لا بني هذا إن علمت أنه من مواليك وأوليائك ، وإن كان مخالفا فخذه إليك فلا حق في المخالفين في أموال المؤمنين ، ثم سألته أن يصلي عليها وأن يتولى أمرها ، ثم صارت لمرأة ميتة كما كانت.

٤ ـ يج : روي عن جابر الجعفي ، عن زين العابدين عليه‌السلام قال : أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبر الحسين عليه‌السلام لما ذكر له من دلائله ، فلما صار بقرب المدينة خضخض ودخل المدينة ، فدخل على الحسين ، فقال له أبوعبدالله الحسين عليه‌السلام : أما تستحيي يا أعرابي أن تدخل إلى إمامك وأنت جنب؟ فقال : أنتم معاشر العرب إذا دخلتم خضخضتم؟ فقال الاعرابي : قد بلغت حاجتي مما جئت فيه ، فخرج من عنده فاغتسل ورجع إليه فسأله عما كان في قلبه.

بيان : قال الجزري : الخضخضة : الاستمناء ، وهو استنزال المني في غير الفرج وأصل الخضخضة التحريك.

٥ ـ يج : روي عن مندل بن هارون بن صدقة ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : إذا أراد الحسين عليه‌السلام أن ينفذ غلمانه في بعض اموره قال لهم : لا تخرجوا يوم كذا ، اخرجوا يوم كذا ، فانكم إن خالفتموني قطع عليكم فخالفوه مرة وخرجوا فقتلهم اللصوص وأخذوا ما معهم ، واتصل الخبر إلى الحسين عليه‌السلام فقال : لقد حذرتهم ، فلم يقبلوا مني.

١٨١

ثم قام من ساعته ودخل على الوالي ، فقال الوالي : بلغني قتل غلمانك فآجرك الله فيهم ، فقال الحسين عليه‌السلام : فاني أدلك على من قتلهم فاشدد يدك بهم ، قال : أو تعرفهم يا ابن رسول الله ، قال : نعم كما أعرفك ، وهذا منهم فأشار بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي.

فقال الرجل : ومن أين قصدتني بهذا ومن أين تعرف أني منهم؟ فقال له الحسين عليه‌السلام : إن أنا صدقتك تصدقني؟ قال : نعم ، والله لاصدقنك ، فقال : خرجت ومعك فلان وفلان وذكرهم كلهم فمنهم أربعة من موالي المدينة ، والباقون من جيشان المدينة ، فقال الوالي : ورب القبر والمنبر ، لتصدقني أو لاهرقن لحمك بالسياط ، فقال الرجل : والله ما كذب الحسين ولصدق ، وكأنه كان معنا فجمعهم الوالي جميعا ، فأقروا جميعا فضرب أعناقهم.

٦ ـ يج : روي أن رجلا صار إلى الحسين عليه‌السلام فقال : جئتك أستشيرك في تزويجي فلانة ، فقال : لا احب ذلك وكانت كثيرة المال ، وكان الرجل أيضا مكثرا فخالف الحسين فتزوج بها ، فلم يلبث الرجل حتى افتقر ، فقال له الحسين عليه‌السلام : قد أشرت إليك ، فخل سبيلها فان الله يعوضك خيرا منها ، ثم قال : وعليك بفلانة فتزوجها فما مضت سنة حتى كثر ماله ، وولدت له ذكرا وانثى : ورأى منها ما أحب.

٧ ـ يج : روي أنه لما ولد الحسين عليه‌السلام أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط في ملاء من الملائكة فيهنئ محمدا ، فهبط فمر بجزيرة فيها ملك يقال له فطرس ، بعثه الله في شئ فأبطأ فكسر جناحه فألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله سبعمائة عام ، فقال فطرس لجبرئيل : إلى أين؟ فقال : إلى محمد ، قال : احملني معك لعله يدعو لي.

فلما دخل جبرئيل وأخبر محمدا بحال فطرس ، قال له النبي : قل يتمسح بهذا المولود ، فتمسح فطرس بمهد الحسين عليه‌السلام ، فأعاد الله عليه في الحال جناحه ثم ارتفع مع جبرئيل إلى السماء.

١٨٢

٨ ـ قب : زرارة بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يحدث عن آبائه عليهم‌السلام أن مريضا شديد الحمى عاده الحسين عليه‌السلام فلما دخل من باب الدار طارت الحمى عن الرجل ، فقال له : رضيت بما اوتيتم به حقا حقا والحمى تهرب عنكم ، فقال له الحسين عليه‌السلام : والله ما خلق الله شيئا إلا وقد أمره بالطاعة لنا ، قال : فاذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص ، يقول : لبيك ، قال : أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربي إلا عدوا ، أو مذنبا لكي تكوني كفارة لذنوبه ، فما بال هذا؟ فكان المريض عبدالله بن شداد بن الهاد الليثي (١).

٩ ـ كش : وجدت في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطه روى عن حمران بن أعين أنه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يحدث عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام : أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام مريضا شديد الحمى فعاده الحسين بن علي عليهما‌السلام إلى آخر الخبر (٢).

١٠ ـ يب : محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن أيوب بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن امرأة كانت تطوف وخلفها رجل فأخرجت ذراعها فقال بيده حتى وضعه على ذراعها ، فأثبت الله يد الرجل في ذراعها حتى قطع الطواف وارسل إلى الامير واجتمع الناس وأرسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون : اقطعع يده فهو الذي جنى الجناية ، فقال : ههنا أحد من ولد محمد رسول الله (ص)؟ فقالوا : نعم الحسين بن علي عليهما‌السلام قدم الليلة ، فأرسل إليه فدعاه فقال : انظر مالقي ذان؟ فاستقبل الكعبة ورفع يديه فمكث طويلا يدعو ثم جاء إليهما حتى خلص يده من يدها ، فقال الامير : ألا تعاقبه بما صنع؟ قال : لا (٣).

١١ ـ قب : روى عبدالعزيز بن كثير أن قوما أتوا إلى الحسين عليه‌السلام وقالوا : حدثنا بفضائلكم ، قال : لا تطيقون وانحازوا عني لا شير إلى بعضكم فان أطاق

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب : ج ٤ ص ٥١.

(٢) تراه في رجال الكشى ص ٥٨. وفى نسخة الكمبانى كشف وهو تصحيف.

(٣) ورواه في المناقب مرسلا راجع ج ٤ ص ٥١.

١٨٣

سأحدثكم ، فتباعدوا عنه فكان يتكلم مع أحدهم حتى دهش ووله وجعل يهيم ، ولا يجيب أحدا وانصرفوا عنه.

صفوان بن مهران قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : رجلان اختصما في زمن الحسين عليه‌السلام في امرأة وولدها ، فقال هذا : لي ، وقال هذا : لي ، فمر بهما الحسين عليه‌السلام فقال لهما : فيما تمرجان؟ قال أحدهما : إن الامرأة لي ، وقال الآخر : إن الولد لي ، فقال للمدعي الاول : اقعد فقعد وكان الغلام رضيعا فقال الحسين عليه‌السلام : يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك الله نسترك ، فقالت : هذا زوجي والولد له ، ولا أعرف هذا.

فقال عليه‌السلام : يا غلام ما تقول هذه؟ انطق باذن الله تعالى ، فقال له : ما أنا لهذا ولا لهذا ، وما أبي إلا راعي لآل فلان ، فأمر عليه‌السلام برجمها.

قال جعفر عليه‌السلام : فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها.

الاصبغ بن نباتة قال : سألت الحسين عليه‌السلام فقلت : سيدي أسألك عن شئ أنا به موقن وإنه من سر الله وأنت المسرور إليه ذلك السر ، فقال : يا أصبغ أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله لابي دون يوم مسجد قبا؟ قال : هذا الذي أردت قال : قم ، فإذا أنا وهو بالكوفة ، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتد إلي بصري ، فتبسم في وجهي ، ثم قال : يا أصبغ إن سليمان بن داود اعطي الريح « غدوها شهر ورواحها شهر » وأنا قد اعطيت أكثر مما اعطى سليمان ، فقلت : صدقت والله يا ابن رسول الله.

فقال : نحن الذين عندنا علم الكتاب ، وبيان ما فيه ، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا ، لانا أهل سر الله ، فتبسم في وجهي ثم قال : نحن آل الله وورثة رسوله ، فقلت : الحمد لله على ذلك قال لي : ادخل فدخلت فإذا أنا برسول الله (ص) محتبئ في المحراب بردائه فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه‌السلام قابض على تلابيب الاعسر فرأيت رسول الله يعض على الانامل وهو يقول : بئس الخلف خلفتني أنت

١٨٤

وأصحابك ، عليكم لعنة الله ولعنتي الخبر (١).

بيان : لابي دون أي لابي بكر عبر به عنه تقية والدون الخسيس ، والاعسر الشديد أو الشؤم والمراد به إما أبوبكر أو عمر.

١٢ ـ قب : كتاب الابانة قال بشر بن عاصم : سمعت ابن الزبير يقول : قلت للحسين بن علي عليهما‌السلام : إنك تذهب إلى قوم قتلوا أباك وخذلوا أخاك ، فقال : لان اقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن يستحل بي مكة ، عرض به.

كتاب التخريج عن العامري بالاسناد عن هبيرة بن مريم (٢) عن ابن عباس قال : رأيت الحسين عليه‌السلام قبل أن يتوجه إلى العراق على باب الكعبة وكف جبرئيل في كفه وجبرئيل ينادي : هلموا إلى بيعة الله عزوجل.

وعنف ابن عباس على تركه الحسين عليه‌السلام فقال : إن أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا ولم يزيدوا رجلا نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم.

وقال محمد بن الحنفية : وإن أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم (٣).

١٣ ـ نجم : من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري بإسناده إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خرج الحسين بن علي إلى مكة سنة ماشيا فورمت قدماه فقال له بعض مواليه : لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم ، فقال : كلا إذا أتينا هذا المنزل فانه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتره منه ولا تماكسه ، فقال له مولاه : بأبي أنت وامي ما قدامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء؟ فقال : بلى أمامك دون المنزل.

فسار ميلا فإذا هو بالاسود ، فقال الحسين لمولاه دونك الرجل فخذ منه الدهن ، فأخذ منه الدهن وأعطاه الثمن فقال له الغلام لمن أردت هذا الدهن؟

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٥٢.

(٢) في المصدر : هبيرة بن بريم. وبريم وزان عظيم كما في تهذيب التهذيب.

(٣) المصدر ج ٤ ص ٥٢ و ٥٣.

١٨٥

فقال : للحسين بن علي عليهما‌السلام فقال : انطلق به إليه فصار الاسود نحوه فقال : يا ابن رسول الله إني مولاك لا آخذ له ثمنا ولكن ادع الله أن يرزقني ولدا ذكرا سويا يحبكم أهل البيت فاني خلفت امر أتي تمخض ، فقال : انطلق إلى منزلك فان الله قد وهب لك ولدا ذكرا سويا.

فولدت غلاما سويا ثم رجع الاسود إلى الحسين ودعا له بالخير بولادة الغلام له وإن الحسين عليه‌السلام قد مسح رجليه فما قام من موضعه حتى زال ذلك الورم (١). بيان : قد مر هذا في معجزات الحسن عليه‌السلام وفي الكافي أيضا كذلك وصدوره عنهما واتفاق القصتين من جميع الوجوه لا يخلو من بعد ، والظاهر أن ماهنا من تصحيف النساخ.

١٤ ـ نجم : روينا باسنادنا إلى محمد بن جرير الطبري في كتاب دلائل الامامة بإسناده عن حذيفة قال : سمعت الحسين بن علي عليهما‌السلام يقول : والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني امية ، ويقدمهم عمر بن سعد ، وذلك في حياة النبي (ص) ، فقلت له : أنبأك بهذا رسول الله؟ فقال : لا ، فقال : أتيت النبي فأخبرته فقال : علمي علمه وعلمه علمي لانا نعلم بالكائن قبل كينونته.

١٥ ـ كش : حمدويه ، عن ممد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن إسحاق ابن سويد الفراء ، عن إسحاق بن عمار ، عن صالح بن ميثم قال : دخلت أنا وعباية الاسدي على حبابة الوالبية فقال لها : هذا ابن أخيك ميثم ، قالت ابن أخي والله حقا ألا احدثكم بحديث عن الحسين بن علي عليهما‌السلام؟ فقلت : بلى ، قالت : دخلت عليه وسلمت فرد السلام ورحب ، ثم قال : ما بطأ بك عن زيارتنا والتسليم علينا يا حبابة؟ قلت : ما بطأني عنك إلا علة عرضت ، قال : وما هي؟ قالت : فكشفت خماري عن برص ، قالت : فوضع يده على البرص ودعا ، فلم يزل يدعو حتى رفع يده وقد كشف الله ذلك البرص.

____________________

(١) قد مر في ج ٤٣ ص ٣٢٤ فراجع.

١٨٦

ثم قال : يا حبابة إنه ليس أحد على ملة إبراهيم في هذه الامة غيرنا وغير شيعتنا ومن سواهم منها براء.

١٦ ـ عيون المعجزات للمرتضى رحمه‌الله : جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهما‌السلام قال:جاء أهل الكوفة إلى علي عليه‌السلام فشكوا إليه إمساك المطر ، وقالوا له : استسق لنا ، فقال للحسين عليه‌السلام : قم واستسق فقام وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال : اللهم معطي الخيرات ، ومنزل البركات ، أرسل السماء علينا مدرارا ، واسقنا غيثا مغزارا ، واسعا ، غدقا ، مجللا سحا ، سفوحا ، فجاجا (١) تنفس به الضعف من عبادك ، وتحيي به الميت من بلادك آمين رب العالمين.

فما فرغ عليه‌السلام من دعائه حتى غاث الله تعالى غيثا بغتة وأقبل أعرابي من بعض نواحي الكوفة فقال : تركت الاودية والآكام يموج بعضها في بعض.

حدث جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن أخيه قال : شهدت يوم الحسين صلوات الله عليه فأقبل رجل من تيم يقال له : عبدالله بن جويرة ، فقال : يا حسين فقال صلوات الله عليه : ما تشاء؟ فقال : أبشر بالنار ، فقال عليه‌السلام : كلا إني أقدم على رب غفور ، وشفيع مطاع ، وأنا من خير إلى خير من أنت؟ قال : أنا ابن جويرة فرفع يده الحسين حتى رأينا بياض إبطيه وقال : اللهم جره إلى النار ، فغضب ابن جويرة فحمل عليه فاضطرب به فرسه في جدول وتعلق رجله بالركاب ووقع رأسه في الارض ونفر الفرس فأخذ يعدو به ويضرب رأسه بكل حجر وشجر وانقطعت قدمه وساقه وفخذه ، وبقي جانبه الآخر متعلقا في الركاب فصار لعنه الله إلى نار الجحيم.

أقول : روي في بعض الكتب المعتبرة عن الطبري ، عن طاووس اليماني أن الحسين بن علي عليهما‌السلام كان إذا جلس في المكان المظلم يهتدي إليه الناس ببياض

____________________

(١) كذا في النسخ كلها ، والظاهر : ثجاجا. كما في قوله تعالى : « وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ».

١٨٧

جبينه ونحره ، فان رسول الله (ص) كان كثيرا ما يقبل جبينه ونحره ، وإن جبرئيل عليه‌السلام نزل يوما فوجد الزهراء عليها‌السلام نائمة ، والحسين في مهده يبكي ، فجعل يناغيه ويسليه حتى استيقظت ، فسمعت صوت من يناغيه فالتفتت فلم تر أحدا فأخبرها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان جبرئيل عليه‌السلام.

وقد مضى بعض معجزاته في الابواب السابقة وسيأتي كثير منها في الابواب الآتية لا سيما باب شهادته ، وباب ما وقع بعد شهادته صلوات الله عليه.



١٨٨

٢٦

* ( باب ) *

« ( مكارم أخلاقه ، وجمل أحواله ، وتاريخه وأحوال ) »

« ( أصحابه صلوات الله عليه ) »

١ ـ شى : عن مسعدة قال : مر الحسين بن علي عليهما‌السلام بمساكين قد بسطوا كساء لهم وألقوا عليه كسرا فقالوا : هلم يا ابن رسول الله! فثنى وركه فأكل معهم ثم تلا « إن الله لا يحب المستكبرين » ثم قال : قد أجبتكم فأجيبوني ، قالوا : نعم يا ابن رسول الله ، فقاموا معه حتى أتوا منزله ، فقال للجارية : أخرجي ما كنت تدخرين (١).

٢ ـ قب : عمرو بن دينار قال : دخل الحسين عليه‌السلام على اسامة بن زيد وهو مريض ، وهو يقول : واغماه ، فقال له الحسين عليه‌السلام : واما غمك يا أخي؟ قال : دينى وهو ستون ألف درهم فقال الحسين : هو علي قال : إني أخشى أن أموت ، فقال الحسين لن تموت حتى أقضيها عنك ، قال : فقضاها قبل موته.

وكان عليه‌السلام يقول : شر خصال الملوك : الجبن من الاعداء ، والقسوة على الضعفاء والبخل عند الاعطاء.

وفي كتاب أنس المجالس أن الفرزدق أتى الحسين عليه‌السلام لما أخرجه مروان من المدينة فأعطاه عليه‌السلام أربعمائة دينار ، فقيل له : إنه شاعر فاسق منتهر (٢) فقال عليه‌السلام إن خير مالك ما وقيت به عرضك ، وقد أثاب رسول الله (ص) كعب بن زهير ، وقال

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٥٧ ، والاية في النحل : ٢٢ ولفظها « إنه لايحب المستكبرين ».

(٢) يقال : انتهره : استقبله بكلام يزجره به وفى المصدر : « مشهر » فلو صح كان معناه أنه يشهر الناس بالفضائح ويهجوهم ، ويحتمل أن يكون تصحيف « متهتر » أى مولع في تمزيق أعراض الناس بالفضائح والقبائح.

١٨٩

في عباس بن مرداس : اقطعوا لسانه عني.

وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدل على الحسين عليه‌السلام فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وأنشأ :

لم يخب الآن من رجاك ومن

حرك من دون بابك الحلقه

أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقه

لولا الذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقه

قال : فسلم الحسين وقال : يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شئ؟ قال : نعم أربعة آلاف دينار ، فقال : هاتها قد جاء من هو أحق بها منا ، ثم نزع برديه ولف الدنانير فيها وأخرج يده من شق الباب حياء من الاعرابي وأنشأ :

خذها فاني إليك معتذر

واعلم بأني عليك ذو شفقه

لو كان في سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقه

لكن ريب الزمان ذو غير

والكف مني قليلة النفقه

قال : فأخذها الاعرابي وبكا فقال له : لعلك استقللت ما أعطيناك ، قال : لا ، ولكن كيف يأكل التراب جودك ، وهو المروي عن الحسن بن علي عليهما‌السلام (١)

بيان : قوله : « عصا »؟ لعل العصا كناية عن الامارة والحكم ، قال الجوهري قولهم : لا ترفع عصاك عن أهلك ، يراد به الادب وإنه لضعيف العصا أي الترعية ويقال أيضا : إنه للين العصا ، أي رفيق حسن السياسة لما ولي انتهي ، أي لو كان لنا في سيرنا في هذه الغداة ولاية وحكم أو قوة لامست يد عطائنا عليك صابة ، والسماء كناية عن يد الجود والعطاء ، والاندفاق الانصباب ، وريب الزمان حوادثه ، وغير الدهر كعنب أحداثه ، أي حوادث الزمان تغير الامور ، قوله : كيف يأكل التراب جودك أي كيف تموت وتبيت تحت التراب فتمحى وتذهب جودك.

٣ ـ قب : شعيب بن عبدالرحمن الخزاعي قال : وجد على ظهر الحسين بن علي يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين عليه‌السلام عن ذلك فقال : هذا مما كان ينقل

__________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٦٥ و ٦٦.

١٩٠

الجراب على ظهره إلى منازل الارامل واليتامى والمساكين.

وقيل : إن عبدالرحمن السلمي علم ولد الحسين عليه‌السلام « الحمد » فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار ، وألف حلة ، وحشافاه درا ، فقيل له في ذلك فقال : وأين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه وأنشد الحسين عليه‌السلام :

إذا جادت الدنيا عليك فجد بها

على الناس طرا قبل أن تتفلت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت

ولا البخل يبقيها إذا ما تولت

ومن تواضعه عليه‌السلام أنه مر بمساكين وهم يأكلون كسرا لهم على كساء فسلم عليهم ، فدعوه إلى طعامم فجلس معهم ، وقال : لولا أنه صدقة لاكلت معكم ، ثم قال : قوموا إلى منزلي ، فأطمعهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

وحدث الصولي عن الصادق عليه‌السلام في خبر أنه جرى بينه وبين محمد بن الحنفية كلام فكتب ابن الحنفية إلى الحسين عليه‌السلام : أما بعد يا أخي فان أبي وأباك علي : لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وامك فاطمة بنت رسول الله (ص) ، ولو كان ملء الارض ذهبا ملك أمي ما وفت بامك ، فاذا قرأت كتابي هذا فصر إلي حتى تترضاني فانك أحق بالفضل مني والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ، ففعل الحسين عليه‌السلام ذلك فلم يجر بعد ذلك بينهما شئ (١).

بيان : بامك أي بفضلها.

٤ ـ قب : ومن شجاعته عليه‌السلام أنه كان بين الحسين عليه‌السلام وبين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعة فتناول الحسين عليه‌السلام عمامة الوليد عن رأسه وشدها في عنقه وهو يومئذ وال على المدينة ، فقال مروان : بالله ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره ، فقال الوليد : والله ما قلت هذا غضبا لي ولكنك حسدتني ، على حملي عنه ، وإنما كانت الضيعة له ، فقال الحسين : الضيعة لك يا وليد وقام.

وقيل له يوم الطف : انزل على حكم بني عمك ، قال : لا والله لا اعطيكم [ ب ] يدي إعطاء الذليل ، ولا أفر فرار العبيد ، ثم نادى يا عباد الله! إني عذت بربي

____________________

(١) المصدر ص ٦٦.

١٩١

وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.

وقال عليه‌السلام : موت في عز خير من حياة في ذل ، وأنشأ عليه‌السلام يوم قتل :

الموت خير من ركوب العار

والعار أولى من دخول النار

والله ما هذا وهذا جاري

ابن نباته :

الحسين الذي رأى القتل في العز

حياة والعيش في الذل قتلا

الحلية روى محمد بن الحسن أنه لما نزل القوم بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه قال لاصحابه : قد نزل ما ترون من الامر وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت ، وأدبر معروفها واستمرت (١) حتى لم يبق منها إلا كصبابة الاناء ، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون الحق لا يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما وأنشأ متمثلا لما قصد الطف :

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى خيرا وجاهد مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مذموما وخالف مجرما

اقدم نفسي لا اريد بقاءها

لنلقى خميسا في الهياج عرمرما

فان عشت لم اذمم وإن مت لم الم

كفى بك ذلا أن تعيش فترغما (٢)

توضيح : الصبابة بالضم البقية من الماء في الاناء ، والوبلة بالتحريك الثقل والوخامة ، وقد وبل المرتع بالضم وبلا ووبالا فهو وبيل أي وخيم ذكره الجوهري والبرم بالتحريك السأمة والملال والخميس الجيش لانهم خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساق ويوم الهياج يوم القتال والعرمرم : الجيش الكثير ، وعرام الجيش : كثرته.

٥ ـ قب : ومن زهده عليه‌السلام أنه قيل له ما أعظم خوفك من ربك؟ قال : لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا.

____________________

(١) ولعله من المرارة أي صارت مرة ضد الحلوة.

(٢) المصدر ج ٤ ص ٦٨.

١٩٢

إبانة ابن بطة قال عبدالله بن عبيد أبوعمير : لقد حج الحسين بن علي عليهما‌السلام خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.

عيون المحاسن : إنه ساير أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى ثم قال : اذهب عني قال أنس : فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا :

يا رب يا رب أنت مولاه

فارحم عبيدا إليك ملجاه

يا ذا المعالي عليك معتمدي

طوبى لمن كنت أنت مولاه

طوبى لمن كان خادما أرقا

يشكو إلى ذي الجلال بلواه

وما به علة ولا سقم

أكثر من حبه لمولاه

إذا اشتكى بثه وغصته

أجابه الله ثم لباه

إذا ابتلا بالظلام مبتهلا

أكرمه الله ثم أدناه

فنودي :

لبيك عبدي وأنت في كنفي

وكلما قلت قد علمناه

صوتك تشتاقه ملائكتي

فحسبك الصوت قد سمعناه

دعاك عندي يجول في حجب

فحسبك الستر قد سفرناه

لو هبت الريح من جوانبه

خر صريعا لما تغشاه

سلني بلا رغبة ولا رهب

ولا حساب إني أنا الله (١)

بيان : الارق بكسر الراء من يسهر بالليل ، قوله : « قد سفرناه » أي حسبك أنا كشفنا الستر عنك ، قوله : « لو هبت الريح من جوانبه » الضمير إما راجع إلى الدعاء كناية عن أنه يجول في مقام لو كان مكانه رجل لغشي عليه مما يغشاه من أنوار الجلال ، ويحتمل إرجاعه إليه عليه‌السلام على سبيل الالتفات ، لبيان غاية خضوعه وولهه في العبادة بحيث لو تحركت ريح لاسقطته.

٦ ـ قب : وله عليه‌السلام :

يا أهل لذة دنيا لا بقاء لها

إن اغترارا بظل زائل حمق

____________________

(١) المصدر : ج ٤ ص ٦٩.

١٩٣

ويروى للحسين عليه‌السلام :

سقت العالمين إلى المعالى

بحسن خليقة وعلو همة

ولاح بحكمتي نور الهدى

في ليال في الضلالة مدلهمة

يريد الجاحدون ليطفؤه

ويأبى الله إلا أن يتمه (١)

٧ ـ قب : حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن رسول الله (ص) كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين فكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يحر الحسين التكبير ثم كبر رسول الله فلم يحر الحسين التكبير ، ولم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكبر ويعالج الحسين التكبير ، فلم يحر حتى أكمل رسول الله (ص) سبع تكبيرات فأحار الحسين عليه‌السلام التكبير في السابعة.

فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : فصارت سنة.

وروي عن الحسين بن علي عليهما‌السلام أنه قال : صح عندي قول النبي (ص) : أفضل الاعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه ، فاني رأيت غلاما يواكل كلبا فقلت له في ذلك ، فقال يا ابن رسول الله إني مغموم أطلب سرورا بسروره لان صاحبي يهودي اريد افارقه ، فأتى الحسين إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له ، فقال اليهودي : الغلام فداء لخطاك ، وهذا البستان له ، ورددت عليك المال ، فقال عليه‌السلام : وأنا قد وهبت لك المال ، قال : قبلت المال ووهبته للغلام ، فقال الحسين عليه‌السلام : أعتقت الغلام ووهبته له جميعا ، فقالت امرأته قد أسلمت ووهبت زوجي مهري ، فقال اليهودي : وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار.

الترمذي في الجامع : كان ابن زياد يدخل قضيبا في أنف الحسين عليه‌السلام ويقول : ما رأيت مثل هذا الرأس حسنا فقال أنس : إنه أشبههم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وروي أن الحسين عليه‌السلام كان يقعد في المكان المظلم فيهتدى إليه ببياض جبينه ونحره ( ظ ).

____________________

(١) المصدر : ج ٤ ص ٦٩ وص ٧٢.

(٢) مناقب آل أبى طالب : ج ٤ ص ٧٣ وص ٧٥.

١٩٤

٨ ـ كشف : قال أنس : كنت عند الحسين عليه‌السلام ، فدخلت عليه جارية فحيته بطاقة ريحان ، فقال لها : أنت حرة لوجه الله ، فقلت : تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال : كذا أدبنا الله ، قال الله « وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها » (١) وكان أحسن منها عتقها.

وقال يوما لاخيه عليهما‌السلام : يا حسن وددت أن لسانك لي وقلبي لك.

وكتب إليه الحسن عليه‌السلام يلومه على إعطاء الشعراء فكتب إليه : أنت أعلم مني بأن خير المال ما وقي العرض (٢).

بيان : لعل لومه عليه‌السلام ليظهر عذره للناس.

٩ ـ كشف : ودعاه عبدالله بن الزبير وأصحابه فأكلوا ولم يأكل الحسين عليه‌السلام فقيل له : ألا تأكل؟ قال : إني صائم ولكن تحفة الصائم ، قيل : وما هي؟ قال : الدهن والمجمر.

وحنى غلام له جناية توجب العقاب عليه فأمر به أن يضرب ، فقال : يا مولاي « والكاظمين الغيظ » قال : خلوا عنه ، فقال : يا مولاي « والعافين عن الناس » قال : قد عفوت عنك ، قال : يا مولاي « والله يحب المحسنين » (٣) قال : أنت حر لوجه الله ، ولك ضعف ما كنت اعطيك.

وقال الفرزدق : لقيني الحسين عليه‌السلام في منصرفي من الكوفة فقال : ما وراك يا بافراس؟ قلت : أصدقك؟ قال : الصدق اريد ، قلت : أما القلوب فمعك ، وأما السيوف فمع بني امية والنصر من عند الله ، قال : ما أراك إلا صدقت ، الناس عبيد المال والدين لغو (٤) على ألسنتهم ، يحوطونه ما درت به معايشهم ، فإذا محصوا للابتلاء قل الديانون.

وقال عليه‌السلام : من أتانا لم يعدم خصلة من أربع : آية محكمة ، وقضية عادلة وأخا مستفادا ، ومجالسة العلماء.

____________________

(١) النساء : ٨٦.

(٢) كشف الغمة : ج ٢ ص ٢٠٦.

(٣) آل عمران : ١٣٤.

(٤) لعق ظ.

١٩٥

وكان عليه‌السلام يرتجز يوم قتل عليه‌السلام ويقول :

الموت خير من ركوب العار

والعار خير من دخول النار

والله من هذا وهذا جاري

وقال عليه‌السلام : صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك ، فأكرم وجهك عن رده (١).

١٠ ـ تم : ذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد أنه قيل لعلي بن الحسين عليهما‌السلام ما أقل ولد أبيك؟ فقال : العجب كيف ولد [ ت ] كان يصلى في اليوم والليلة ألف ركعة.

١١ ـ جع : في أسانيد أخطب خوارزم أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول أن أعرابيا جاء إلى الحسين بن علي عليهما‌السلام فقال : يا ابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائه ، فقلت في نفسي : أسأل أكرم الناس ، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فقال الحسين : يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل ، فان أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال ، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال ، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.

فقال الاعرابي : يا ابن رسول الله أمثلك يسأل عن مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين عليه‌السلام : بلى سمعت جدي رسول الله (ص) [ يقول ظ ] المعروف بقدر المعرفة ، فقال الاعرابي : سل عما بدا لك ، فان أجبت وإلا تعلمت منك ، ولا قوة إلا بالله.

فقال الحسين عليه‌السلام : أي الاعمال أفضل؟ فقال الاعرابي : الايمان بالله ، فقال الحسين عليه‌السلام : فما النجاة من المهلكة؟ فقال الاعرابي : الثقة بالله ، فقال الحسين عليه‌السلام : فما يزين الرجل؟ فقال الاعرابي : علم معه حلم ، فقال : فإن أخطأه ذلك؟ فقال : مال معه مروءة ، فقال : فإن أخطأه ذلك؟ فقال : فقر معه صبر ، فقال

____________________

(١) كشف الغمة : ج ٢ ص ٢٠٧ و ٢٠٨.

١٩٦

الحسين عليه‌السلام : فان أخطأه ذلك؟ فقال الاعرابي : فصاعقة تنزل من السماء و تحرقه فانه أهل لذلك.

فضحك الحسين عليه‌السلام ورمى بصرة إليه فيه ألف دينار ، وأعطاه خاتمه ، وفيه فص قيمته ما ئتا درهم وقال : يا أعرابي أعط الذهب إلى غرمائك ، واصرف الخاتم في نفقتك ، فأخذ الاعرابي وقال : « الله أعلم حيث يجعل رسالاته » الآية (١).

١٢ ـ أقول : روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن أبي سلمة قال : حججت مع عمر ابن الخطاب ، فلما صرنا بالابطح فاذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال : يا أمير المؤمنين إني خرجت وأنا حاج محرم ، فأصبت بيض النعام ، فاجتنيت وشويت وأكلت ، فما يجب علي؟ قال : ما يحضرني في ذلك شئ ، فاجلس لعل الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فإذا أمير المؤمنين عليه‌السلام قد أقبل والحسين عليه‌السلام يتلوه ، فقال عمر : يا أعرابي هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام فدونك ومسألتك ، فقام الاعرابي وسأله فقال علي عليه‌السلام : يا أعرابي سل هذا الغلام عندك يعني الحسين عليه‌السلام.

فقال الاعرابي : إنما يحيلني كل واحد منكم على الآخر ، فأشار الناس إليه : ويحك هذا ابن رسول الله فاسأله ، فقال الاعرابي : يا ابن رسول الله إني خرجت منى بيتي حاجا وقص عليه القصة فقال له الحسين : ألك إبل؟ قال : نعم قال : خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا فاضربها بالفحولة ، فما فصلت فاهدها إلى بيت الله الحرام.

فقال عمر : يا حسين النوق يزلقن ، فقال الحسين : يا عمر إن البيض يمرقن فقال : صدقت وبررت ، فقام علي عليه‌السلام وضمه إلى صدره وقال : « ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » (٢).

____________________

(١) الانعام : ١٢٤.

(٢) قد مر نظيرها في اخيه الحسن عليه‌السلام ج ٤٣ ص ٣٥٤ عن كتاب المناقب نقلا عن القاضى النعمان في شرح الاخبار وفيه : فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سل أى الغلامين شئت فقال الحسن الخ ، راجع مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ١٠.

١٩٧

١٣ـ كنز : محمد بن العباس ، عن ابي الازهر ، عن الزبير بن بكار ، عن بعض أصحابه قال : قال رجل للحسين عليه‌السلام : إن فيك كبرا فقال : كل الكبر لله وحده ولا يكون في غيره ، قال الله تعالى : « فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين » (١).

١٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لم يرضع الحسين عليه‌السلام من فاطمة عليها‌السلام ولا من انثى ، كان يؤتى به النبي (ص) فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث ، فنبت لحما للحسين عليه‌السلام(٢) من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم ، والحسين بن علي عليهم‌السلام.

وفي رواية اخرى عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أن النبي كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجترئ به ولم يرضع من انثى.

١٥ ـ قب : ولد الحسين عليه‌السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلثا لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوما.

وروي أنه لم يكن بينه وبين أخيه إلا الحمل ، والحمل ستة أشهر.

عاش مع جده ستة سنين وأشهرا وقد كمل عمره خمسين ، ويقال : كان عمره سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر ويقال : ستة وخمسون سنة ، وخمسة أشهر ، ويقال : ثمان وخمسون.

ومدة خلافته خمس سنين وأشهر في آخر ملك معاوية وأول ملك يزيد.

قتله عمر بن سعد بن أبي وقاص وخولي بن يزيد الاصبحي واجتز رأسه سنان ابن أنس النخعي وشمر بن ذي الجوشن ، وسلب جميع ما كان عليه إسحاق بن حيوة الحضرمي وأمير الجيش عبيد الله بن زياد ، وجه به يزيد بن معاوية.

ومضى قتيلا يوم عاشورا ، وهو يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال

____________________

(١) الجمعة ٨.

(٢) كذا في الاصل نسخة المصنف وفى الكافى ج ١ ص ٤٦٥ وهكذا نسخة الكمبانى « فنبت لحم الحسين عليه‌السلام ».

١٩٨

ويقال : يوم الجمعة بعد صلاة الظهر ، وقيل : يوم الاثنين بطف كربلا ، بين نينوى والغاضرية من قرى النهرين بالعراق ، سنة ستين من الهجرة ، ويقال : سنة إحدى وستين ودفن بكربلا من غربي الفرات.

قال الشيخ المفيد : فأما أصحاب الحسين عليه‌السلام فانهم مدفونون حوله ، ولسنا نحصل لهم أجداثا والحائر محيط بهم.

وذكر المرتضى في بعض مسائله : أن رأس الحسين عليه‌السلام رد إلى بدنه بكربلا من الشام وضم إليه ، وقال الطوسي : ومنه زيارة الاربعين.

وروى الكليني (١) في ذلك روايتين إحداهما عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه‌السلام أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين ، والاخرى عن يزيد بن عمرو بن طلحة عن الصادق عليه‌السلام أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

ومن أصحابه عبدالله بن يقطر رضيعه ، وكان رسوله رمي به من فوق القصر بالكوفة ، وأنس بن الحارث الكاهلي ، وأسعد الشامي ، عمرو بن ضبيعة ، رميث بن عمرو زيد بن معقل ، عبدالله بن عبد ربه الخزرجي ، سيف بن مالك ، شبيب بن عبدالله النهشلي ، ضرغامة بن مالك ، عقبة بن سمعان ، عبدالله بن سليمان ، المنهال بن عمرو الاسدي ، الحجاج بن مالك ، بشر بن غالب ، عمران بن عبدالله الخزاعي (٣).

١٦ ـ أقول : قال أبوالفرج في المقاتل : كان مولده عليه‌السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، وقتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم ، سنة إحدى وستين ، وله ست وخمسون سنة وشهور ، وقيل : قتل يوم السبت. روي ذلك عن أبي نعيم الفضل بن دكين والذي ذكرناه أولا أصح.

فأما ما تقوله العامة من أنه قتل يوم الاثنين فباطل ، هو شئ قالوه بلا رواية وكان أول المحرم الذي قتل فيه يوم الاربعاء أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من

____________________

(١) في المصدر : وروى الكلبى ، وهو تصحيف.

(٢) ترى الحديثين في الكافى : ج ٤ ص ٥٧١ و ٥٧٢ باب موضع رأس الحسين.

(٣) مناقب آل أبى طالب : ج ٤ ص ٧٧ و ٧٨.

١٩٩

سائر الزيجات ، وإذا كان ذلك كذلك ، فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين.

قال أبوالفرج : وهذا دليل صحيح واضح تنضاف إليه الرواية.

وروى سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عليه‌السلام : أن الحسين بن علي عليهما‌السلام قتل وله ثمان وخمسون سنة (١).

١٧ ـ ختص : أصحاب الحسين عليه‌السلام : جميع من استشهد معه ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام حبيب بن مظهر ، ميثم التمار ، رشيد الهجري ، سليم بن قيس الهلالي : أبوصادق ، أبوسعيد عقيصا (٢).

١٨ ـ عم : ولد عليه‌السلام بالمدينة يوم الثلاثا ، وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، وقيل : لخمس خلون منه سنة أربع من الهجرة ، وقيل : ولد آخر شهر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة ، وعاش سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر ، كان مع رسول الله (ص) سبع سنين ، ومع أمير المؤمنين عليه‌السلام سبعا وثلاثين سنة ، ومع أخيه الحسن عليه‌السلام سبعا وأربعين سنة ، وكانت مدة خلافته عشر سنين وأشهرا.

١٩ ـ كشف : قال كمال الدين ابن طلحة : ولد عليه‌السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، علقت البتول عليها‌السلام به بعد أن ولدت أخاه الحسن عليه‌السلام بخمسين ليلة ، وكذلك قال الحافظ الجنابذي (٣).

وقال كمال الدين : كان انتقاله إلى دار الآخرة في سنة إحدى وستين من الهجرة ، فتكون مدة عمره ستا وخمسين سنة وأشهرا ، كان منها مع جده رسول الله (ص) ست سنين وشهورا ، وكان مع أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثلاثين سنة بعد وفاة النبي (ص) ، وكان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عليهم‌السلام عشر سنين ، وبقي بعد وفاة أخيه الحسن عليه‌السلام إلى وقت مقتله عشر سنين.

____________________

(١) مقاتل الطالبيين : ص ٥٤.

(٢) الاختصاص : ص ٧.

(٣) كشف الغمة : ج ٢ ص ١٧٠ مع اختلاف.

٢٠٠