بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بيان : قوله : « إلى كل ما أدنى » الظاهر « ألا » (١) ويمكن أن يكون إلى مشددا فخففت لضرورة الشعر ، قوله « خلاف الذي مضى » أي خلفه وبعده ، قوله عليه‌السلام « نسيبك » أي مناسبك وقرابتك من يراك في الطيف.

والحاصل أن بعد الموت لم يبقى من الاسباب والقرابات الظاهرة إلا الرؤية في المنام وفي بعض النسخ « طرفه » أي من لا يراك فكأنه ليس نسيبك.

٣٠ ـ قب : وله عليه‌السلام :

إن لم أمت أسفا عليك فقد

أصبحت مشتاقاً إلى الموت

سليمان بن قبة :

يا كذب الله من نعى حسنا

ليس لتكذيب نعيه حسن

كنت خليلي وكنت خالصتي

لكل حي من أهله سكن

أجول في الدار لا أراك وفي

الدار اناس جوارهم غبن

بدلتهم منك ليت إنهم

أضحوا وبيني وبينهم عدن

الصادق عليه‌السلام : بينا الحسن عليه‌السلام يوما في حجر رسول الله (ص) إذ رفع رأسه فقال : يا أبه! ما لمن زارك بعد موتك؟ قال : يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة ، ومن أتا أباك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة (٢).

٣١ ـ كشف : قال كمال الدين ابن طلحة : توفي عليه‌السلام لخمس خلون من ربيع الاول في سنة تسع وأربعين للهجرة ، وقيل : خمسين ، وكان عمره سبعا وأربعين سنة.

وقال الحافظ الجنابذي : ولد الحسن بن علي عليهما‌السلام [ في ] النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، ومات سنة تسع وأربعين ، وكان قد سقي السم مرارا وكان مرضه أربعين يوما.

____________________

(١) كما في المصدر المطبوع.

(٢) المصدر ص ٤٥ و ٤٦.

١٦١

وقال الدولابي صاحب كتاب الذرية الطاهرة : تزوج علي فاطمة عليهما‌السلام فولدت له حسنا بعد احد بسنتين ، وكان بين وقعة احد ومقدم النبي (ص) المدينة سنتان وستة أشهر ونصف ، فولدته لاربع سنين وستة أشهر من التاريخ.

وروي أيضا أنه ولد في رمضان من سنة ثلاث وتوفي وهو ابن خمس و أربعين سنة ، وولي غسله الحسين ومحمد والعباس إخوته وصلى عليه سعيد بن العاص وكانت وفاته سنة تسع وأربعين.

وقال الكليني رحمة الله عليه : ولد الحسن بن علي عليهما‌السلام في شهر رمضان سنة بدر سنة اثنتين بعد الهجرة ، وروي أنه ولد سنة ثلاث ، ومضى في صفر في آخره من سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين وأشهر.

وقال ابن الخشاب رواية عن الصادق والباقر عليهما‌السلام قالا : مضى أبومحمد الحسن ابن علي عليهما‌السلام وهو ابن سبع وأربعين سنة ، وكان بينه وبين أخيه الحسين مدة الحمل وكان حمل أبي عبدالله ستة أشهر ، ولم يولد مولود لستة أشهر فعاش غير الحسين عليه‌السلام وعيسى بن مريم عليه‌السلام فأقام أبومحمد مع جده رسول الله (ص) سبع سنين ، وأقام مع أبيه بعد وفاة جده ثلاثين سنة ، وأقام بعد وفاة أمير المؤمنين عليه‌السلام عشر سنين ، فكان عمره سبعا وأربعين سنة ، فهذا اختلافهم في عمره (١).

____________________

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ١٦٠ و ١٦١ وقد لفق المصنف صدر كلامه وحذف وأوصل فراجع.

١٦٢

٢٣

( باب )

* « ( ذكر أولاده صلوات الله عليه ، وأزواجه ، وعددهم ) » *

* « ( وأسمائهم وطرف من أخبارهم ) » *

١ ـ شا : أولاد الحسن بن علي عليهما‌السلام خمسة عشر ولدا ذكرا وانثى : زيد بن الحسن ، واختاه ام الحسن وام الحسين ، امهم ام بشير بنت أبي مسعود بن عقبة ابن عمرو بن ثعلبة الخزرجية ، والحسن بن الحسن امه خوله بنت منظور الفزارية وعمرو بن الحسن ، وأخواه القاسم وعبدالله ابنا الحسن امهم ام ولد ، وعبدالرحمن ابن الحسن امه ام ولد ، والحسين بن الحسن الملقب بالاثرم ، وأخوه طلحة بن الحسن واختهما فاطمة بنت الحسن امهم ام إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي وام عبدالله ، وفاطمة ، وام سلمة ، ورقية بنات الحسن عليه‌السلام لامهات شتى (١).

عم : له من الاولاد ستة عشر ، وزاد فيهم أبا بكر وقال : قتل عبدالله مع الحسين عليه‌السلام.

٢ ـ شا : وأما زيد بن الحسن عليه‌السلام فكان يلي صدقات رسول الله (ص) وأسن وكان جليل القدر ، كريم الطبع ، ظريف النفس ، كثير البر ، ومدحه الشعراء وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله ، وذكر أصحاب السيرة أن زيد بن الحسن كان يلي صدقات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما ولي سليمان بن عبدالملك كتب إلى عامله بالمدينة؟ :

« أما بعد فاذا جاءك كتابي هذا فاعزل زيدا عن صدقات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وادفعها إلى فلان بن فلان رجلا من قومه وأعنه على ما استعانك عليه والسلام »

____________________

(١) الارشاد ص ١٧٦.

١٦٣

فلما استخلف عمر بن عبدالعزيز إذا كتاب جاء منه : أما بعد فان زيد بن الحسن شريف بني هاشم وذوسنهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فاردد عليه صدقات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعنه على ما استعانك عليه والسلام.

وفي زيد بن الحسن يقول محمد بن بشير الخارجي :

إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة

نفى جدبها واخضر بالنبت عودها

وزيد ربيع الناس في كل شتوة

إذا أخلفت أنواؤها ورعودها

حمول لاشناق الديات كأنه

سراج الدجى إذ قارنته سعودها

ومات زيد بن الحسن وله تسعون سنة فرثاه جماعة من الشعرا وذكروا مآثره وتلوا فضله ، فممن رثاه قدامة بن موسى الجمحي فقال :

فان يك زيد غالت الارض شخصه

فقد بان معروف هناك وجود

وإن يك أمسى رهن رمس فقد ثوى

به ، وهو محمود الفعال فقيد

سميع إلى المعتر يعلم أنه

سيطلبه المعروف ثم يعود

وليس بقوال وقد حط رحله

لملتمس المعروف أين تريد

إذا قصر الوغد الدني نمى

به إلى المجد آباء له وجدود

مباذيل للمولى محاشيد للقرى

وفي الروع عند النائبات اسود

إذا انتحل العز الطريف فانهم

لهم إرث مجد ما يرام تليد

إذا مات منهم سيد قام سيد

كريم يبني بعده ويشيد

وفي أمثال هذا يطول منها الكتاب (١).

بيان : قوله : « واخضر بالنبت » النبت إما مصدر أو الباء بمعنى مع ، أو مبالغة في كثرة النبات. حتى أنه نبت في ساق الشجر ، ويمكن أن يقرأ « العود » بالفتح وهو الطريق القديم ، وإنما قيد كونه ربيعا بالشتوة لانها آخر السنة وهي مظنة الغلاء وفقد النبات ، وقيد أيضا بشتاء أخلفت أنواؤها التي تنسب العرب الامطار إليها الوعد بالمطر ، وكذا الرعود.

____________________

(١) ارشاد المفيد : ص ١٧٦ و ١٧٧.

١٦٤

وقال الجوهري « الشفق » مادون الدية وذلك أن يسوق ذو الحمالة الدية كاملة فإذا كانت معها ديات جراحات فتلك هي الاشناق كأنها متعلقة بالدية العظمى وغاله الشئ أي أخذه من حيث لم يدر ، و « المعتر » الذي يتعرض للمسألة ولا يسأل والمراد هنا السائل والضمير في « يعلم » راجع إلى المعتر ويمكن إرجاعه إلى زيد بتكلف.

قوله « ليس بقوال » أي إنه لا يقول لمن يحط رحله بفنائه ملتمسا معروفه أين تريد؟ لانه معلوم أن الناس لا يطلبون المعروف إلا منه ، و « الوغد » الرجل الدني الذي يخدم بطعام بطنه ، وحاصل البيت أن الاداني إذا قصروا عن المعالي والمفاخر فهو ليس كذلك بل هو منتسب إلى المجد بسبب آباء وجدود ، قوله : « إذا انتحل » على البناء للمجهول ، قوله « ما يرام » أى لا يقصد بسوء ، و « التليد » القديم ضد الطريف.

٣ ـ شا : وخرج زيد بن الحسن رحمة الله عليه من الدنيا ولم يدع الامامة ولا ادعاه له مدع من الشيعة ولا غيرهم ، وذلك أن الشيعة رجلان إمامي وزيدي فالامامي يعتمد في الامامة على النصوص ، وهي معدومة في ولد الحسن عليه‌السلام باتفاق ولم يدع ذلك أحد منهم لنفسه فيقع فيه ارتياب ، والزيدي يراعي في الامامة بعد علي والحسن والحسين عليهم‌السلام الدعوة والجهاد ، وزيد بن الحسن رحمة الله عليه كان مسالما لبني امية ، ومتقلدا من قبلهم الاعمال ، وكان رأيه التقية لاعدائه ، والتألف لهم والمداراة ، وهذا يضاد عند الزيدية علامات الامامة كما حكيناه.

وأما الحشوية فانها تدين بامامة بني امية ولا ترى لولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامة على حال ، والمعتزلة لا ترى الامامة إلا فيمن كان على رأيها في الاعتزال ومن تولوهم العقد بالشورى والاختيار ، وزيد على ما قدمنا ذكره خارج عن هذه الاحوال ، والخوارج لا ترى إمامة من تولى أمير المؤمنين عليه‌السلام وزيد كان متواليا أباه وجده بلا خلاف.

١٦٥

وأما الحسن بن الحسن عليه‌السلام فكان جليلا رئيسا فاضلا ورعا ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في وقته ، و [ كان ] له مع الحجاج بن يوسف خبر رواه الزبير بن بكار قال : كان الحسن بن الحسن واليا صدقات أمير المؤمنين عليه‌السلام في عصره فسار يوما الحجاج بن يوسف في موكبه وهو إذ ذاك أمير المدينة فقال له الحجاج : أدخل عمر بن علي معك في صدقة أبيه فانه عمك وبقية أهلك فقال له الحسن : لا اغير شرط علي عليه‌السلام ولا ادخل فيه من لم يدخل ، فقال الحجاج : إذا ادخله معك.

فنكص الحسن بن الحسن عليه‌السلام عنه ، حين غفل الحجاج ، ثم توجه إلى عبدالملك حتى قدم عليه فوقف ببابه يطلب الاذن ، فمر به يحيى بن ام الحكم فلما رآه يحيى علدل إليه وسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره ، ثم قال له : سأنفعك عند أمير المؤمنين يعني عبدالملك.

فلما دخل الحسن بن الحسن على عبدالملك رحب به وأحسن مساءلته ، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ويحيى بن ام الحكم في المجلس ، فقال له عبدالملك : لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد؟ فقال له يحيى : وما يمنعه لابي محمد؟ شيبه أماني أهل العراق ، تفد عليه الركب يمنونه الخلافة ، فأقبل عليه الحسن بن الحسن وقال له : بئس والله الرفد رفدت ، ليس كما قلت ، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب وعبدالملك يسمع.

فأقبل عبدالملك فقال : هلم بما قدمت له! قأخبره بقول الحجاج فقال : ليس ذلك له أكتب كتابا إليه لا يجاوزه ، فكتب إليه ، ووصل الحسن بن الحسن وأحسن صلته.

فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن ام الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره وقال له : ما هذا الذي وعدتني به؟ فقال له يحيى : إيها عنك ، فو الله لا يزال يهابك ولولا هيبتك ما قضى لك حاجة ، وما ألوتك رفدا.

١٦٦

وكان الحسن بن الحسن حضر مع عمه الحسين عليه‌السلام يوم الطف فلما قتل الحسين عليه‌السلام واسر الباقون من أهله جاءه أسماء بنت خارجة فانتزعه من بين الاسارى ، وقال : والله لا يوصل إلى ابن خولة أبدا فقال عمر بن سعد : دعوا لابي حسان ابن اخته ، ويقال إنه اسر وكان به جراح قد أشفى منه.

وروي أن الحسن بن الحسن عليه‌السلام خطب إلى عمه الحسين عليه‌السلام إحدى ابنتيه فقال له الحسين عليه‌السلام : اختر يا بني أحبهما إليك فاستحيى الحسن ولم يحر جوابا فقال له الحسين عليه‌السلام : فاني قد اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما شبها بفاطمة امي بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة رحمه‌الله وأخوه زيد بن الحسن حي ، ووصى إلى أخيه من امه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، ولما مات الحسن ابن الحسن ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين بن علي عليهما‌السلام على قبره فسطاطا وكانت تقوم الليل وتصوم النهار ، وكانت تشبه بالحور العين لجمالها ، فلما كان رأس السنة قالت لمواليها : إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط ، فلما أظلم الليل سمعت صوتا يقول : « هل وجدوا ما فقدوا » فأجابه آخر يقول : « بل يئسوا فانقلبوا ».

ومضى الحسن بن الحسن ولم يدع الامامة ولا ادعاها له مدع كما وصفناه من حال أخيه رحمه‌الله ، وأما عمرو والقاسم وعبدالله بنو الحسن بن علي عليهما‌السلام فانهم استشهدوا بين يدي عمهم الحسين بن علي عليهما‌السلام بالطف رضي‌الله‌عنهم وأرضاهم وأحسن عن الدين والاسلام وأهله جزاءهم ، وعبدالرحمن بن الحسن رضي‌الله‌عنه خرج مع عمه الحسين عليه‌السلام إلى الحج فتوفي بالابواء وهو محرم رحمة الله عليه والحسين بن الحسن المعروف بالاثرم كان له فضل ولم يكن له ذكر في ذلك ، وطلحة ابن الحسن كان جوادا.

بيان : قوله « وما يمنعه » أي المشيب (١) قوله ، « ما ألوتك ، رفدا » أي

____________________

(١) وفى المصدر ص ١٧٨ : وما يمنعه؟ يا أمير المؤمنين ، شيبه.

١٦٧

ما قصرت في رفدك ، قوله : « قد أشفى عنه » أي أشرف على الهلاك ، وقوضت البناء نقضته (١).

٤ ـ قب : أولاده عليه‌السلام ثلاثة عشر ذكرا ، وابنة واحدة : عبدالله ، وعمر والقاسم ، أمهم ام ولد ، والحسين الاثرم ، والحسن ، امهما خولة بنت منظور الفزارية ، والعقيل ، والحسن ، امهما ام بشير بنت أبي مسعود الخزرجية ، وزيد وعمر ، من الثقفية ، وعبدالرحمن من ام ولد ، وطلحة ، وأبوبكر ، امهما ام إسحاق بنت طلحة التيمي ، وأحمد ، وإسماعيل ، والحسن الاصغر : ابنته ام الحسن فقط عند عبدالله ، ويقال وام الحسين وكانتا من ام بشير الخزاعية وفاطمة من ام إسحاق بنت طلحة ، وام عبدالله ، وام سلمة ، ورقية لامهات أولادها (٢).

____________________

(١) ارشاد المفيد : ص ١٧٧ ١٧٩.

(٢) اختلف في عدد أولاده عليه‌السلام وأسمائهم وامهات أولاده وترتيبهم فقد نقل الاربلى في كشف الغمة ج ٢ ص ١٥٢ عن كمال الدين ابن طلحة : أن عدد أولاده الذكور خمسة عشر وسرد أسماءهم وله بنت واحدة تسمى ام الحسن ، ونقل عن ابن الخشاب : أن له عليه السلام أحد عشر ولدا وبنتا.

ثم نقل في ص ١٥٨ عن الحافظ عبدالعزيز بن الاخضر الجنابذى : أن له عليه‌السلام اثنى عشر ولدا ذكرا وخمس بنات ، وبعد ما ذكر أسماءهم قال : والذى أراه أن في هذه الاسماء تكريرا ، وأظنه من الناسخ ، وأهل مكة أخبر بشعابها ، فما ذكره الشيخ المفيد ( وقد نقله من ص ١٥٣ ١٥٨ ) هو الذى يعتمد عليه في هذا الباب ، لانه أشد حرصا ، وأكثر تنقيبا وكشفا وطلبا لهذه الامور.

أقول : ونقل سبط ابن الجوزى عن الواقدى وابن هشام : أن له عليه‌السلام خمس عشرة ذكرا وثمان بنات ، فمن الذكور : على الاكبر ، على الاصغر ، جعفر ، فاطمة ، سكينة ام الحسن ، عبدالله ، القاسم ، زيد ، عبدالرحمن ، أحمد ، اسماعيل ، الحسين ، عقيل الحسن ، وهو أبوعبدالله حسن بن حسن بن على عليهم‌السلام ولم يسم الباقين.

١٦٨

وقتل مع الحسين عليه‌السلام من أولاده عبدالله والقاسم وأبوبكر ، والمعقبون من أولاده اثنان : زيد بن الحسن ، والحسن بن الحسن.

أبوطالب المكي في قوت القلوب إنه عليه‌السلام تزوج مائتين وخمسين امرأة ، وقد قيل ثلاث مائة وكان علي عليه‌السلام يضجر من ذلك ، فكان يقول في خطبته : إن الحسن مطلاق فلا تنكحوه.

أبوعبدالله المحدث في رامش أفزاي : إن هذه النساء كلهن خرجن في خلف جنازته حافيات (١).

____________________

وهذا المذكور انما هو ترتيب الواقدى وهشام بن محمد ، وأما محمد بن سعد فقد رتبهم في الطبقات على غير هذا الترتيب ، وزاد ، فقال :

كان للحسن عليه‌السلام من الولد : محمد الاصغر ، جعفر ، حمزة ، فاطمة ، درجوا كلهم وامهم ام كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبدالمطلب ، محمد الاكبر : وبه كان يكنى والحسن : امهما خولة بنت منظور الغطفانية. زيد ، ام الحسن ، ام الخير : امهم ام بشر بنت ابى مسعود الانصارى واسمه عقبة بن عمرو. اسماعيل ، يعقوب : امهما جعدة بنت الاشعث ابن قيس التى سمته. القاسم ، أبوبكر ، عبدالله : قتلوا مع الحسين يوم الطفوف وامهم ام ولد ، ولا بقية لهم. حسين الاثرم ، عبدالرحمن ، ام سلمة : لام ولد تسمى ظمياء. عمر : لام ولد لا بقية له. ام عبدالرحمن [ عبدالله ] وهى ام أبى جعفر محمد بن على بن الحسين عليه‌السلام وامها ام ولد تدعى صافية. طلحة : لا بقية له وامه ام اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمى ، عبدالله الاصغر : امه زينب بنت سبيع بن عبدالله أخى جرير بن عبدالله البجلى وهذا أصح. انتهى.

أقول : فعلى هذا كان له عليه‌السلام ستة عشر ذكرا وخمس بنات ، وكيف كان ما ذكره ابن شهر آشوب هناك مختلط عليه من حيث الاسماء وعدد أولاده الذكور كما لا يخفى.

(١) اشتهر عنه عليه‌السلام أنه تزوج ثلاث مائة امرأة ، والاصل في ذلك ما ذكره أبو طالب المكى في قوت القلوب كما نقله ابن شهر آشوب فأرسله المؤرخون ارسال المسلمات ونقلوا ذلك في كتبهم بلا تثبت وتحقيق ، مع كون الرجل ضعيف الرواية ، ليس بثبت ولا ثقة وأن ما ذكره لا يصح في العقول بوجه من الوجوه :

١٦٩

البخاري : لما مات الحسن بن الحسن بن علي عليهما‌السلام ضربت امرأته القبة على قبره سنة ثم رفعت فسمعوا صائحا يقول : « هل وجدوا ما فقدوا »؟ فأجابه آخر : « بل يئسوا فانقلبوا » وفي رواية غيرها أنها ، أنشدت بيت لبيد :

___________________

وذلك لان أولاده المذكورين بأسمائهم على اختلاف في عددهم ( بين ١٥ ٢١ ) انماهم من عشرة من أزواجه عليه‌السلام ، قد سماهن أهل السير كما سمعت من ابن سعد في الطبقات وهذه النسبة بين عدد الازواج والاولاد ، هو المتعارف المعتاد فلو كان تزوج مائتين وخمسين امرأة أو ثلاث مائة امرأة ، كان لابد وأن يتولد منهن أكثر من مائتين ولد : ذكر وانثى على الاقل بعد فرض العقم في جمع منهن.

ولا يحتمل العزل منهن ، لانه عليه‌السلام انما كان يتزوج الشابة من النساء والابكار رغبة في مباضعتهن ، والالتذاذ من المباضعة لا يتحقق مع العزل كما لا يخفى.

على ان الرجل انما يعزل عن المرأة مخافة أن يولدها ، وذلك اما لنقص في حسبها أو مخافة العيلة ، اما ناقصة الحسب فلم يكن ليرغب فيها مثل الحسن السبط عليه‌السلام مع شرفه الباذخ ولم يذكر في شئ من كتب السير أنه رغب إلى خضراء الدمن ، وانما كان يخطب الاشراف من النساء أبا واما.

وأما خوف العيلة فهو الذى كان يبارى بجوده وفضله السحاب ، وقد روى عن ابن سيرين ( كما في الحلية للحافظ أبى نعيم راجع ج ٢ ص ١٤٢ كشف الغمة ) أنه قال : تزوج الحسن بن على عليهما‌السلام امرأة فأرسل اليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم وعن الحسن بن سعيد ، عن أبيه قال : متع الحسن بن على عليهما‌السلام امرأتين ( يعنى حين طلقهما ) بعشرين ألفا وزقاق من عسل فقالت احداهما : متاع قليل من حبيب مفارق ونقل ابن شهر آشوب ( ج ٤ ص ١٧ من مناقبه ) أنه تزوج جعدة بنت الاشعث وأرسل اليها ألف دينار.

فهذا الرجل الذى ينفق كيف يشاء ، لا يخاف العيلة وكثرة الاولاد ، كيف وقد قال جده صلى‌الله‌عليه‌وآله : تناكحوا تناسلوا تكثروا فانى اباهي بكم الامم يوم القيامة ولو بالسقط ، أو كيف يعزل وانه يعلم بشرى القرآن المجيد بكوثر من نسل رسول الله منه ومن أخيه الحسين ، أكان يعزل نطفته رغما لتلك البشارة؟ كلا وكلا.

١٧٠

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر (١)

٥ ـ قب : في الاحياء : إنه خطب الحسن بن علي عليهما‌السلام إلى عبدالرحمن ابن الحارث بنته ، فأطرق عبدالرحمن ثم رفع رأسه فقال : والله ما على وجه الارض من يمشي عليها أعز علي منك ، ولكنك تعلم أن ابنتي بضعة مني وأنت مطلاق ، فأخاف أن تطلقها ، وإن فعلت خشيت أن يتغير قلبي عليك لانك بضعة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فان شرطت [ أن ] لا تطلقها زوجتك.

فسكت الحسن عليه‌السلام ، وقام وخرج ، فسمع منه يقول : ما أراد عبدالرحمن إلا أن يجعل ابنته طوقا في عنقي.

وروى محمد بن سيرين : أنه خطب الحسن بن علي عليهما‌السلام إلى منظور بن ريان ابنته خولة ، فقال : والله إني لانكحك وإني لاعلم أنك غلق طلق ملق غير أنك أكرم العرب بيتا وأكرمهم نفسا ، فولد منها الحسن بن الحسن.

ورأى يزيد امرأة عبدالله بن عامر ام خالد بنت أبي جندل فهام بها وشكا ذلك إلى أبيه ، فلما حضر عبدالله عند معاوية قال له : لقد عقدت لك علي ولاية البصرة ، ولولا أن لك زوجة لزوجتك رملة ، فمضى عبدالله وطلق زوجته طمعا في رملة ، فأرسل معاوية أبا هريرة ليخطب ام خالد ليزيد ابنه ، وبذل لها ما أرادت من الصداق ، فاطلع عليها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر عليهم‌السلام فاختارت

____________________

والحاصل أنه لا يصح في حكم العقول أن يتزوج ثلاثمائة امرأة ولا تولد منها الا عشرة. فالصحيح ما يظهر من كتب السير المعتبرة بعد السير فيها أنه تزوج ما بين ٢٠ إلى ٣٠ امرأة غير ما ملكت يمينه عليه‌السلام ، وحيثما لا تكون تحته أكثر من أربعة حرائر كان عليه أن يطلق زوجة وينكح اخرى ، ولذلك اشتهر بكونه مطلاقا ، لما لم يكن يعهد ذلك من غيره ، فزاد العامة من الناس على سيرتهم في سرد القضايا ( يك كلاغ جهل كلاغ ) فقالوا انه تزوج كذا وكذا من غير روية ولا دراية.

(١) مناقب آل أبى طالب : ج ٤ ص ٢٩ و ٣٠.

١٧١

الحسن فتزوجها (١).

توضيح : رجل غلق بكسر اللام سيئ الخلق ، ورجل ملق بكسر اللام يعطي بلسانه ما ليس في قلبه ، وقال الجزري في حديث الحسن : إنك رجل طلق أي كثير طلاق النساء.

٦ ـ كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد بن عيسى ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عليا صلوات الله عليه قال وهو على المنبر : لا تزوجوا الحسن فانه رجل مطلاق ، فقام رجل من همدان فقال : بلى والله لنزوجنه ، وهو ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وابن أمير المؤمنين فان شاء أمسك وإن شاء طلق (٢).

٧ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن جعفر ابن بشير ، عن يحيى بن أبي العلا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الحسن بن علي عليهما‌السلام طلق خمسين امرأة ، فقال علي عليه‌السلام بالكوفة فقال : يا معشر أهل الكوفة

لا تنكحوا الحسن فانه رجل مطلاق ، فقام إليه رجل فقال : بلى والله لننكحنه إنه ابن رسول الله (ص) وابن فاطمة عليها‌السلام فان أعجبه أمسك وإن كره طلق (٣).

٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : توفي عبدالرحمن بن الحسن ابن علي بالابواء وهو محرم ، ومعه الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر وعبدالله وعبيد الله ابنا العباس ، فكفنوه وخمروا وجهه ورأسه ولم يحنطوه ، وقال : هكذا في كتاب علي (٤).

____________________

(١) المناقب : ج ٤ ص ٣٨.

(٢) الكافى : ج ٦ ص ٥٦.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) الكافى : ج ٤ ص ٣٦٨.

١٧٢

٩ ـ أقول : قال ابن أبي الحديد ، قال أبو جعفر محمد بن حبيب : كان الحسن عليه‌السلام إذا أراد أن يطلق امرأة جلس إليها فقال : أيسرك أن أهب لك كذا وكذا ، فتقول له : ما شئت أو نعم ، فيقول : هولك ، فاذا قام أرسل إليها بالطلاق وبما سمى لها.

وروى أبوالحسن المدائني قال : تزوج الحسن عليه‌السلام هندا بنت سهيل بن عمرو وكانت عند عبدالله بن عامر بن كريز فطلقها فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية ، قال الحسن عليه‌السلام فاذكرني لها ، فأتاها أبوهريرة فأخبرها الخبر ، فقالت : اختر لي؟ فقال : أختار لك الحسن ، فزوجته.

وروى أيضا أنه عليه‌السلام تزوج حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر وكان المنذر بن الزبير يهواها فابلغ الحسن عنها شيئا فطلقا فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني.

وقال أبوالحسن المدائني : كان الحسن عليه‌السلام كثير التزويج : تزوج خولة بنت منظور بن زياد الفزارية ، فولدت له الحسن بن الحسن وام إسحاق بنت طلحة ابن عبيد الله فولدت له ابنا سماه طلحة ، وام بشر بنت أبي مسعود الانصاري فولدت له زيدا ، وجعدة بنت الاشعث ، وهي التي سمته ، وهندا بنت سهيل بن عمرو وحفصة ابنة عبدالرحمن بن أبي بكر ، وامرأة من كلب ، وامرأة من بنات عمرو ابن الاهيم المنقري ، وامرأة من ثقيف فولدت له عمر ، وامرأة من بنات علقمة ابن زرارة ، وامرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة فقيل له : إنها ترى رأي الخوارج فطلقها ، وقال : إني أكره أن أضم إلى نحري جمرة من جمر جهنم.

قال المدائني : وخطب إلى رجل فزوجه وقال له : إني مزوجك وأعلم أنك ملق طلق غلق ، ولكنك خير الناس نسبا وأرفعهم جدا وأبا.

وقال : احصى زوجات الحسن عليه‌السلام فكن سبعين امرأة.

١٠ ـ د : تزوج عليه‌السلام سبعين حرة ، وملك مائة وستين أمة في سائر عمره وكان أولاده خمسة عشر.

١٧٣

* « ( أبواب ) » *

* « ( ما يختص بتاريخ الحسين بن على ) » *

« ( صلوات الله عليهما ) »

٢٤

( باب )

* « ( النص عليه بخصوصه ، ووصية الحسن اليه صلوات الله عليهما ) » *

١ _ عم : الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن هارون بن الجهم قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام يقول : لما احتضر الحسن عليه‌السلام قال للحسين : يا أخي إني اوصيك بوصية إذا أنا مت فهيئني ووجهني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاحدث به عهدا ، ثم اصرفني إلى امي فاطمة عليها‌السلام ثم ردني فادفني بالبقيع إلى آخر الخبر (١).

٢ ـ عم : الكليني بإسناده ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما حضرت الحسن الوفاة قال : يا قنبر انظر هل ترى وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد ، فقال : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، قال : امض فادع لي محمد بن علي ، قال : فأتيته فلما دخلت عليه قال : هل حدث إلا خير؟ قلت : أجب أبا محمد ، فعجل عن شسع نعله فلم يسوه ، فخرج معي يعدو.

____________________

(١) رواه في الكافى ج ١ ص ٣٠٠.

١٧٤

فلما قام بين يديه سلم فقال له الحسن : اجلس فليس يغيب مثلك عن سماع كلام يحيى به الاموات ، ويموت به الاحياء كونوا أوعية العلم ، ومصابيح الدجى فان ضوء النهار بعضه أضوء من بعض أما علمت أن الله عزوجل جعل ولد إبراهيم أئمة وفضل بعضهم على بعض ، وآتى داود زبورا ، وقد علمت بما استأثر الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله.

يا محمد بن علي إني لا أخاف عليك الحسد ، وإنما وصف الله تعالى به الكافرين فقال : « كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق » (١) ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطانا ، يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك عليه‌السلام فيك؟ قال : بلى ، قال : سمعت أباك يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمدا ، يا محمد بن علي لو شئت أن اخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لاخبرتك يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله في الكتاب الماضي وراثة النبي أصابها في وراثة أبيه وامه علم الله أنكم خير خلقه ، فاصطفى منكم محمدا واختار محمد عليا واختارني علي للامامة واخترت أنا الحسين.

فقال له محمد بن علي : أنت إمامي [ وسيدي ] (٢) وأنت وسيلتي إلى محمد والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ، ولا تغيره بعد الرياح (٣) كالكتاب المعجم ، في الرق المنمنم ، أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل ، وما جاءت به الرسل وإنه لكلام يكل به لسان الناطق ، ويد الكاتب (٤) ولا يبلغ فضلك ، وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله.

___________________

(١) البقرة : ١٠٩.

(٢) كذا في نسخة الاصل نسخة المصنف قدس‌سره وفى الكافى وأنت امام وأنت وسيلتى.

(٣) في المصدر : نغمة الرياح.

(٤) زاد في المصدر : حتى لا يجد قلما ويؤتوا بالقرطاس حمما.

١٧٥

الحسين أعلمنا علما ، وأثقلنا حلما ، وأقربنا من رسول الله رحما ، كان إماما قبل أن يخلق ، وقرأ الوحي قبل أن ينطق ، ولو علم الله أن أحدا خير منا (١) ما اصطفى محمدا (ص) فلما اختار محمدا واختار محمد عليا إماما ، واختارك علي بعده واخترت الحسين بعدك ، سلمنا ورضينا بمن هو الرضا ، وبمن نسلم به من المشكلات (٢).

بيان : قوله : « فقال : الله » أي لا تحتاج إلى أن أذهب وأرى فانك بعلومك الربانية أعلم بما اخبرك بعد النظر ، ويحتمل أن يكون المراد بالنظر النظر بالقلب ، بما علموه من ذلك ، فانه كان من أصحاب الاسرار فلذا قال : أنت أعلم به مني من هذه الجهة ، ولعل السؤال لانه كان يريد أولا أن يبعث غير قنبر لطلب ابن الحنفية فلما لم يجد غيره بعثه.

ويحتمل أن يكون أراد بقوله « مؤمنا » ملك الموت عليه‌السلام ، فانه كان يقف ويستأذن للدخول عليهم فلعله أتاه بصورة بشر فسأل قنبرا عن ذلك ليعلم أنه يراه أم لا ، فجوابه حينئذ أني لا أرى أحدا وأن أعلم بما تقول ، وترى مالا أرى فلما علم أنه الملك بعث إلى أخيه.

« فعجل عن شسع نعله » أي صار تعجيله مانعا عن عقد شسع النعل ، قوله : « عن سماع كلام » أي النص على الخليفة ، فان السامع إذا أقر فهو حي بعد وفاته ، وإذا أنكر فهو ميت في حياته ، أو المعنى أنه سبب لحياة الاموات بالجهل والضلالة بحياة العلم والايمان ، وسبب لموت الاحياء بالحياة الظاهرية أو بالحياة المعنوية إن لم يقبلوه ، وقيل يموت به الاحياء أي بالموت الارادي عن لذات هذه النشأة الذي هو حياة اخروية في دار الدنيا وهو بعيد.

« كونوا أوعية العلم » تحريص على استماع الوصية ، وقبولها ونشرها ، أو

____________________

(١) في هامش نسخة المصنف نقلا عن الكافى : ولو علم الله في احد غير محمد خيرا لما اصطفى.

(٢) الكافى ج ١ ص ٣٠١ و ٣٠٢ مع اختلاف يسير.

١٧٦

على متابعة الامام والتعلم منه ، وتعليم الغير ، قوله عليه‌السلام « فان ضوء النهار » أي لا تستنكفوا عن التعلم وإن كنتم علماء فان فوق كل ذي علم عليم ، أو عن تفضيل بعض الاخوة على بعض.

والحاصل أنه قد استقر في نفوس الجهلة بسبب الحسد أن المتشعبين من أصل واحد في الفضل سواء ، ولذا يستنكف بعض الاخوة والاقارب عن متابعة بعضهم وكان الكفار يقولوه للانبياء : « ما أنتم إلا بشر مثلنا » (١) فأزال عليه‌السلام تلك الشبهة بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة فان كله من الشمس ، لكن بعضه أضوء من بعض كأول الفجر ، وبعد طلوع الشمس ، وبعد الزوال وهكذا ، فباختلاف الاستعداد والقابليات تختلف إفاضة الانوار على المواد.

وقوله : « أما علمت أن الله » تمثيل لما ذكر سابقا وتأكيد له ، وقوله : « فجعل ولد إبراهيم أئمة » إشارة إلى قوله تعالى : « ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا » (٢) وقوله « وفضل » الخ إشارة إلى قوله سبحانه « وفضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا » (٣).

« وقد علمت بما استأثر » أي علمت بأي جهة استأثر الله محمدا أي فضله ، إنما كان لوفور علمه ، ومكارم أخلاقه ، لا بنسبه وحسبه ، وأنت تعلم أن الحسين أفضل منك بجميع هذه الجهات ، ويحتمل أن تكون « ما » مصدرية والباء لتقوية التعدية أي علمت استيثار الله إياه. قوله « إني لا أخاف » فيما عندنا من نسخ الكافي « إني أخاف » ولعل ما هنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « ولم يجعل الله » الظاهر أن المراد قطع عذره في ترك ذلك ، أي ليس للشيطان عليك سلطان يجبرك على الانكار ، ولا ينافي ذلك قوله تعالى « إنما سلطانه على الذين يتولونه » (٤) لان ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل الله ، أو السلطان في الآية محمول على ما لا يتحقق معه الجبر ، أو المعنى أنك من عباد الله الصالحين

____________________

(١) يس : ١٥.

(٢) الانبياء : ٧٣.

(٣) اسرى : ٥٥.

(٤) النحل : ١٠٠.

١٧٧

وقد قال تعالى « إن عبادي ليس لك عليهم سلطان » (١) ويحتمل أن تكون جملة دعائية.

قوله عليه‌السلام « وعندالله » في الكافي : « وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وامه صلى الله عليهما ، فعلم الله » أي كونه إماما مثبت عند الله في اللوح أو في القرآن ، وقد ذكر الله وراثته مع وراثة أبيه وامه كما سبق في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون « في » بمعنى « إلى » أو « مع » ويحتمل أن تكون « في » سببية كما أن الظاهر مما في فضائلك ومناقبك « لا تنزفه الدلاء » أي لا تفنيه كثرة البيان ، من قولك نزفت ماء البئر ، إذا نزحت كله ، « ولا تغيره بعد الرياح » كناية عن عذوبته وعدم تكدره بقلة ذكره ، فان ما لم تهب عليه الرياح تتغير ، وفي الكافي « نغمة الرياح » وإن ذلك أيضا قد يصير سببا للتغير أي لا يتكرر ولا يتكدر بكثرة الذكر ومرور الازمان ، أو كنى بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحق كما قال تعالى « يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم » (٢).

قوله كالكتاب المعجم : من الاعجام بمعنى الاغلاق يقال : أعجمت الكتاب خلاف أعربته ، وباب معجم كمكرم مقفل ، كناية عن أنه من الرموز والاسرار ، أومن التعجيم ، أو الاعجام بمعنى إزالة العمجمة بالنقط والاعراب ، أشار به إلى إبانته عن المكنونات « والرق » ويكسر جلد رقيق يكتب فيه ، والصحيفة البيضاء ، ويقال : نمنه أي زخرفه ، ورقشه ، والنبت المنمنم الملتف المجتمع ، وفي بعض نسخ الكافي المنهم من النهمة بلوغ الهمة في الشئ كناية عن كونه ممتلئا أو من قولهم : انهم البرد والشحم ، أي ذابا كناية عن إغلاقه كأنه قد ذاب ومحي.

قوله : فأجدني : أي كلما أهم أن أذكر من فضائلك شيئا أجده مذكورا في كتاب الله وكتب الانبياء ، وقيل : أي سبقتني إليه أنت وأخوك لذكره في القرآن

___________________

(١) الحجر : ٤٢.

(٢) الصف : ٨.

١٧٨

وكتب الانبياء ، وعلمها عندكما ، والظاهر أن « سبق » مصدر ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا على الاسيتناف ، وعلى التقديرين سبقت على صيغة المجهول و « إنه » أي ما في رأسي.

وفي بعض نسخ الكافي بعد قوله ويد الكاتب : « حتى لا يجد قلما ويؤتي بالقرطاس حمما » وضمير يجد للكاتب وكذا ضمير يؤتى أي يكتب حتى تفني الاقلام وتسود جميع القراطيس ، والحمم بضم الحاء وفتح الميم جمع الحممة كذلك أي الفحمة يشبه بها الشئ الكثير السواد ، وضمير يبلغ للكاتب.

أعلمنا علما : علما تميز للنسبة على المبالغة والتأكيد. كان إماما ، وفي الكافي كان فقيها قبل أن يخلق : أي بدنه الشريف كما مر أن أرواحهم المقدسة قبل تعلقا بأجسادهم المطهرة كانت عالمة بالعلوم اللدنية ومعلمة للملائكة. قبل أن ينطق : أي بين الناس كما ورد أنه عليه‌السلام أبطأ عن الكلام أو مطلقا إشارة إلى علمه في عالم الارواح وفي الرحم.

وفي الكافي في آخر الخبر « من بغيره يرضى ومن كنا نسلم به من مشكلات أمرنا » فقوله « من بغيره يرضى » الاستفهام للانكار ، والظرف متعلق بما بعده وضمير يرضى راجع إلى من ، وفي بعض النسخ بالنون وهو لا يستقيم إلا بتقدير الباء في أول الكلام أي بمن بغيره نرضى ، وفي بعضها من بعزه نرضى أي هو من بعزه وغلبته نرضى ، أو الموصول مفعول رضينا « ومن كنا نسلم به » أيضا إما استفهام إنكار بتقدير غيره ، ونسلم إما بالتشديد فكلمة من تعليلية أو بالتخفيف أي نصير به سالما من الابتلاء بالمشكلات ، وعلى الاحتمال الاخير في الفقرة السابقة معطوف على الخبر أو على المفعول ويؤيد الاخير فيهما ما هنا.

١٧٩

٢٥

* ( باب ) *

* « ( معجزاته صلوات الله عليه ) » *

١ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن صباح المزني ، عن صالح بن ميثم الاسدي قال : دخلت أنا وعباية بن ربعي على امرأة في بني والية قد احتزق وجهها من السجود ، فقال لها عباية : يا حبابة هذا ابن أخيك ، قالت : وأي أخ؟ قال : صالح بن ميثم ، قالت : ابن أخي والله حقا يا ابن أخي ألا احدثك حديثا سمعته من الحسين بن علي؟ قال : قلت : بلى يا عمة قالت : كنت زوارة الحسين بن علي عليهما‌السلام قالت : فحدث بين عيني وضح فشق ذلك علي واحتبست عليه أياما فسأل عني ما فعلت حبابة الوالبية؟ فقالوا : إنها حدث بها حدث بين عينيها ، فقال لاصحابه : قوموا إليها.

فجاء مع أصحابه حتى دخل علي وأنا في مسجدي هذا فقال : يا حبابة ما أبطأ بك علي؟ قلت : يا ابن رسول الله حدث هذا بي ، قالت : فكشفت القناع فتفل عليه الحسين بن علي عليهما‌السلام فقال : يا حبابة أحدثي لله شكرا فان الله قد درءه عنك قالت : فخررت ساجدة ، قالت : فقال : يا حبابة ارفعي رأسك وانظري في مرءاتك قالت : فرفعت رأسي فلم أحس منه شيئا قالت : فحمدت الله.

٢ ـ دعوات الراوندى : قال : روى ابن بابويه باسناده عن صالح بن ميثم وذكر مثله ، وزاد في آخره فنظر إلي فقال : يا حبابة نحن وشيعتنا على الفطرة وسائر الناس منها براء.

٣ ـ يج : روي عن أبي خالد الكابلي ، عن يحيى بن ام الطويل قال : كنا عند الحسين عليه‌السلام إذ دخل عليه شاب يبكي ، فقال له الحسين : ما يبكيك؟ قال : إن والدتي توفيت في هذه الساعة ولم توص ، ولها مال وكانت قد أمرتني أن لا

١٨٠