بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ابن اليمان : أنه دخل أمير المؤمنين عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مريض ، فإذا رأسه في حجر رجل أحسن الخلق والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نائم ، فقال الرجل : ادن إلى ابن عمك فأنت أحق به مني ، فوضع رأسه في حجره ، فلما استيقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سأله عن الرجل ، قال علي عليه‌السلام : كان كذا وكذا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاك جبرئيل عليه‌السلام كان يحدثني حتى خف عني وجعي وفي خبر : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يملي عليه جبرئيل ، فقام (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره بكتابة الوحي.

محمد بن عمرو بإسناده عن جابر بن عبدالله أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ماعصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم الله ، قيل : وما سهم الله يارسول الله؟ قال : علي بن أبي طالب عليه‌السلام ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرئيل عليه‌السلام عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت [ عن ] أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر.

وروي مشاهدته لجبرئيل عليه‌السلام على صورة دحية الكلبي حين سماه بتلك الاسامي ، وحين وضع رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجره ، وقال : « أنت أحق به مني » وحين كان يملي الوحي ونعس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحين اشترى الناقة من الاعرابي بمائة درهم وباعها من آخر بمائة وستين ، وحين غسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغير ذلك ، وروى نحوا منه أحمد في الفضائل.

وقد خدمه جبرئيل عليه‌السلام في عدة مواضع روى علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : « تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام (٢) » قال : لقد صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع رمضانات وصام علي ابن أبي طالب معه ، فكان كل ليلة القدر ينزل فيها جبرئيل عليه‌السلام على علي فيسلم عليه من ربه.

وروي عن الباقر عليه‌السلام في خبر يذكر فيه وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه أتاهم آت لايرونه

____________________

(١) في المصدر : فنام صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) سورة القدر : ٤.

١٠١

ويسمعون كلامه ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الله عزاء من كل مصيبة ، ونجاة من كل هلكة ، وردك لما فات « كل نفس ذائقة الموت (١) » الآية إن الله عزوجل اصطفاكم وفضلكم وطهركم ، وجعلكم أهل بيت نبيه ، وأودعكم رحكمه وأورثكم كتابه ، وجعلكم تابوت علمه ، وعصا عزه ، وضرب لكم مثلا من نوره (٢) وعصمكم من الذنوب ، وآمنكم من الفتنة ، فتعزوا بعزاء الله فإن الله عزوجل لاينزع عنكم نعمته ، ولا يزيل عنكم بركته في كلام طويل فقيل للباقر عليه‌السلام : ممن كانت التعزية؟ فقال : من الله تعالى على لسان جبرئيل عليه‌السلام. وقد روى نحوا من ذلك سفيان بن عيينة عن الصادق عليه‌السلام ، وقد احتج أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الشورى فقال : هل فيكم من غسل رسول الله غيري وجبرئيل يناجيني وأجد حس يده معي؟.

حدث أبوعوانة ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن محمد بن الصلت ، عن مندل بن علي ، عن إسماعيل بن زياد ، عن إبراهيم بن شمر (٣) ، عن أبي الضحاك الانصاري قال : كان على مقدمة [ جيش ] النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين علي عليه‌السلام فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وددت أن عليا قال : من دخل الرجل (٤) فهو آمن ، قال : فقال علي : من دخل الرجل فهو آمن ، قال : فضحك جبرئيل ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال أبوعوانة وذلك حديثا لم أحفظه ثم قال : قال علي عليه‌السلام : وقد بلغ من أمري ما يجيبني جبرئيل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم وهو جبرئيل يجيبك من الله تبارك وتعالى.

خلقة الملائكة على صورته ، ومجيئهم إلى زيارته ونصرته ، وإذنهم في مكالمته ، وكونهم في خدمته يدل على أنه أكرم خليقته بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

____________________

(١) سورة آل عمران : ١٨٥. سورة الانبياء : ٣٥. سورة العنكبوت : ٥٧.

(٢) في المصدر : من دونه.

(٣) إبراهيم بن شهر خ ل.

(٤) في المصدر « الرحل » في الموضعين. وهو المنزل والمأوى.

(٥) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٠ ٤٠٩.

١٠٢

١١ ـ شى : عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي بالقربة يستقي وهو على القليب ، إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت ، فلبث مابدا له ، ثم جاءت ريح أخرى ثم مضت ، ثم جاءته أخرى كادت أن تشغله وهو على القليب ، ثم جلس حتى مضى ، فلما رجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بذلك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما الريح الاولى فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة ، والثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة ، والثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة ، وقد سلموا عليك ، وهم مدد لنا ، وهم الذين رآهم إبليس فنكص (١) على عقبيه يمشي القهقرى حين يقول : « إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (٢) ».

١٢ ـ م : قال الامام عليه‌السلام : قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام (٣) : إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون وذمهم أيضا وذم النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل وملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب عليه‌السلام على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم ، فقال : « قل من كان عدوا لجبريل (٤) » من اليهود ، لرفعه (٥) من بخت نصر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت نصر ، حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله ، وحل بهم ماجرى في سابق علمه ، ومن كان أيضا عدوا لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمد وعلي الناصبين (٦) ، لان الله تعالى بعث جبرئيل لعلي عليه‌السلام مؤيدا وله على أعدائه ناصرا ، ومن كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا وعليا ومعاونته لهما وانقياده (٧) لقضاء

____________________

(١) نكص عن الامر : أحجم عنه.

(٢) تفسير العياشي مخطوط. وأورده في البرهان ٢ : ٩٠. والاية في سورة الانفال : ٤٨.

(٣) في المصدر : قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

(٤) سورة البقرة : ٩٧.

(٥) في المصدر : لدفعه.

(٦) في المصدر : المنافقين.

(٧) في المصدر : وإنفاذه.

١٠٣

ربه عزوجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده « فإنه » يعني جبرئيل « نزله » يعني نزل هذا القرآن « على قلبك » يامحمد « بإذن الله » بأمر الله وهو كقوله : « نزل به الروح الامين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين (١) » « مصدقا لما بين يديه » نزل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يامحمد مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الانبياء (٢).

ثم قال : « من كان عدوا لله (٣) » لانعامه على محمد وعلي وآلهما الطيبين وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا : نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا وعليا بما يدعيان « وجبريل » : من كان عدوا لجبريل ، لانه جعله ظهيرا (٤) لمحمد وعلي على أعداء الله وظهيرا لسائر الانبياء والمرسلين ، وكذلك « وملائكته » يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله وتأييد أولياء الله ، وذلك قول بعض النصاب والمعاندين : برئت من جبريل الناصر لعلي وهو قوله : « ورسله » : ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى وسائر الانبياء الذين دعوا إلى إمامة علي عليه‌السلام (٥).

ثم قال : « وجبريل وميكال » : ومن كان (٦) عدوا لجبرئيل وميكائيل ، و ذلك كقول من قال من النواصب (٧) لما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي عليه‌السلام : جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل خلفه وملك الموت أمامه والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره قال بعض النواصب : فأنا أبرأ من الله ومن جبرئيل

____________________

(١) سورة الشعراء : ١٩٣ ١٩٥.

(٢) قد أسقط المصنف هنا قطعة من الحديث لاتناسب المقام.

(٣) سورة البقرة : ٩٨.

(٤) في المصدر : لان جعله الله ظهيرا.

(٥) في المصدر : الذين دعوا إلى نبوة محمد وامامة علي ، وذلك قول النواصب : برئنا من هؤلاء الرسل الذين دعوا إلى إمامة علي.

(٦) في المصدر : أي من كان.

(٧) في المصدر : من النصاب.

١٠٤

وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي عليه‌السلام ما قاله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب « فإن الله عدو للكافرين » فاعل بهم مايفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات وتشديد العقوبات ، وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيئ في جبرئيل وميكائيل. وكان (١) من أعداء الله النصاب من قول أسوأ منه في الله وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله : أما ما كان من النصاب فهو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان لايزال يقول في علي عليه‌السلام الفضائل التي خصه الله عزوجل بها والشرف الذي أهله الله تعالى له وكان في ذلك (٢) يقول : أخبرني به جبرئيل عن الله ، ويقول في بعض ذلك : جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، يفتخر (٣) جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي الذي هو أفضل من اليسار ، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة ، وملك الموت الذي أمامه بالخدمة ، وأن اليمين والشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك (٤) على زيادة قرب محلهم من ملكهم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في بعض أحاديثه : إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي ابن أبي طالب حبا ، وإنه (٥) قسم الملائكة فيما بينها « والذي شرف عليا على جميع الورى بعد محمد المصطفى » ويقول مرة : إن ملائكة السماوات والحجب يشتاقون (٦) إلى رؤية علي بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق الآخر من بقي عليها (٧) بعد عشرة دفنتهم ، فكان هؤلاء النصاب يقولون :

____________________

(١) في المصدر : وميكائيل وسائر ملائكة الله وما كان اه.

(٢) في المصدر : كان في كل ذلك.

(٣) في المصدر : ويفتخر.

(٤) في المصدر : خاصة الملك.

(٥) الضمير للشأن. وفي المصدر : وإن قسم الملائكة فيما بينهم اه.

(٦) في المصدر : إن ملائكة السماوات ليشتاقون.

(٧) في المصدر : آخر من يبقى عليها.

١٠٥

إلى متى يقول محمد : جبرئيل وميكائيل والملائكة؟ كل ذلك تفخيم لعلي وتعظيم لشأنه ، ويقول : الله تعالى لعلي خاص من دون سائر الخلق! برئنا من رب ومن ملائكة ومن جبرئيل وميكائيل هم لعلي بعد محمد مفضلون! وبرئنا من رسل الله الذين هم لعلي بعد محمد مفضلون! وأما ماقاله اليهود.

أقول : أوردنا تتمة الخبر في باب احتجاج الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله على اليهود ، ولنذكر ههنا ما يناسب الباب.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا سلمان إن الله عزوجل صدق قولك ووفقك رأيك ، وإن جبرئيل (١) عن الله تعالى يقول : يامحمد سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد علي أخيك ووصيك وصفيك ، وهما في أصحابك كجبرئيل و ميكائيل في الملائكة ، عدوان لمن أبغض أحدهما وليان (٢) لمن والاهما ووالى محمدا وعليا ، عدوان لمن عادى محمدا وعليا وأولياءهما ، ولو أحب أهل الارض سلمان والمقداد كما يحبهما ملائكة السماوات والحجب والكرسي والعرش لمحض ودادهما لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وموالاتهما لاوليائهما ومعاداتهما لاعدائهما لما عذب الله أحدا منهم بعذاب البتة.

قال الحسين بن علي عليه‌السلام : فلما قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سلمان والمقداد سر به المؤمنون وانقادوا ، وساء ذلك المنافقين فعاندوا وعابوا وقالوا : يمدح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الاباعد ويترك الادنين من أهله لايمدحهم ولايذكرهم ، فاتصل ذلك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : مالهم لحاهم الله يبغون للمسلمين السوء؟ وهل نال أصحابي مانالوه من درجات الفضل إلا بحبهم لي ولاهل بيتي؟ والذي بعثني (٣) بالحق نبيا إنكم لم تؤمنوا حتى يكون محمد وآله أحب إليكم من أنفسكم وأهاليكم (٤) وأموالكم ومن في الارض

____________________

(١) في المصدر : صدق قيلك ووثق رأيك فان جبرئيل اه.

(٢) في المصدر : ووليان.

(٣) في المصدر : والذي بعث محمدا.

(٤) في المصدر : وأهليكم.

١٠٦

جميعا ، ثم دعا بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فعمهم بعبايته القطوانية ثم قال : هؤلاء خمسة لا سادس لهم من البشر ، ثم قال : أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم ، فقامت أم سلمة فرفعت جانب العباء لتدخل (١) فكفها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : لست هناك وأنت في خير (٢) وإلى خير ، فانقطع عنها طمع البشر ، وكان جبرئيل معهم ، فقال : يارسول الله وأنا سادسكم؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم [ و ] أنت سادسنا ، فارتقى السماوات وقد كساه الله من زيادة الانوار ما كادت الملائكة لاتثبته (٣) حتى قال : بخ بخ من مثلي؟ أنا جبرئيل سادس محمد وعلي وفاطمة و الحسن والحسين عليهم‌السلام فذلك مافضل الله به جبرئيل على سائر الملائكة في الارضين والسماوات.

قال : ثم تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن بيمينه والحسين بشماله فوضع هذا على كاهله (٤) الايمن وهذا على كاهله الايسر ثم وضعهما في الارض ، فمشى بعضهما إلى بعض يتجاذبان ، ثم اصطرعا ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول للحسن : « أيها أبا محمد » (٥) فيقوي الحسن فيكاد (٦) يغلب الحسين ، ثم يقوي الحسين فيقاومه ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : يا رسول الله أتشجع الكبير على الصغير؟ فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة أما إن جبرئيل وميكائيل كلما قلت للحسن : « أيها أبا محمد » قالا للحسين : « أيها أبا عبدالله » فلذلك قاما وتساويا ، أما إن الحسن والحسين لما كان (٧) يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيها أبا محمد » ويقول جبرئيل : « أيها أبا عبدالله » لورام كل واحد

____________________

(١) في المصدر : لتدخله.

(٢) في المصدر : وإن كنت في خير.

(٣) في المصدر : لاتبينه.

(٤) الكاهل : أعلى الظهر مما يلي العنق.

(٥) في النهاية ١ : ٥٤ : ايه كلمة يراد بها الاستزادة.

(٦) في المصدر : ويكاد.

(٧) في المصدر : حين كان.

١٠٧

منهما حمل الارض بما عليها من جبالها وبحارها وتلالها وسائر ما على ظهرها لكان أخف عليهما من شعرة على أبدانهما ، وإنما تقاوما لان كل واحد منهما نظير الآخر ، هذان قرتا عيني وثمرتا فؤادي ، هذان سندا ظهري ، هذان سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والآخرين ، وأبوهما خير منهما ، وجدهما رسول الله خيرهم أجمعين.

قال عليه‌السلام : فلما قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قالت اليهود والنواصب : إلى الآن كنا نبغض جبرئيل وحده والآن قد صرنا أيضا نبغض ميكائيل (١) لادعائهما لمحمد وعلي إياهما ولولديه ، فقال تعالى : « من كان عدوا لله وملائكته ورسله و جبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين (٢) ».

بيان : لحاهم الله أي قبحهم ولعنهم. وقال الجزري : القطوانية : عباءة بيضاء قصيرة الخمل ، والنون زائدة (٣).

١٣ ـ يل : روي أنه عليه‌السلام كان ذات يوم على منبر البصرة إذ قال : « أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن طرق السماوات فإني أعرف بها من طرق الارض » فقام إليه رجل من وسط القوم وقال له : أين جبرئيل في هذه الساعة؟ فرمق (٤) بطرفه إلى السماء ثم رمق بطرفه إلى المشرق ثم رمق بطرفه إلى المغرب فلم يجد موطنا ، فالتفت إليه فقال : ياذا الشيخ أنت جبرائيل ، قال : فصفق طائرا من بين الناس ، فضج الحاضرون (٥) وقالوا : نشهد أنك خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله حقا (٦).

____________________

(١) « « : قد صرنا نبغض ميكائيل أيضا.

(٢) تفسير الامام : ١٨٢ ١٨٧.

(٣) النهاية ٢ : ٢٦٥.

(٤) رمقه : لحظه لحظا خفيفا. أطال النظر إليه.

(٥) في المصدر : فضج عند ذلك الحاضرون.

(٦) الفضائل : ١٠٢.

١٠٨

١٤ ـ ن : محمد بن أحمد بن الحسين البغدادي ، عن أحمد بن الفضل ، عن بكر بن أحمد القصري ، عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : سمعت جدي رسول الله عليه‌السلام يقول : ليلة أسرى بي ربي عزوجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب عليه‌السلام بذي الفقار ، وإن الملائكة إذا اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب (١) عليه‌السلام نظروا إلى وجه ذلك الملك ، فقلت يارب هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمي؟ فقال : يامحمد هذا ملك خلقته على صورة علي عليه‌السلام يعبدني في بطنان عرشي ، تكتب حسناته وتسبيحه و تقديسه لعلي بن أبي طالب إلى يوم القيامة (٢).

١٥ ـ كشف : من كفاية الطالب عن أنس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مررت ليلة أسري بي إلى السماء ، فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به ، فقلت : يا جبرئيل من هذا الملك؟ قال : ادن منه وسلم عليه ، فدنوت منه و سلمت عليه ، فإذا أنا بأخي وابن عمي علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة؟ فقال لي : يا محمد لا ولكن الملائكة شكت حبها لعلي عليه‌السلام فخلق الله هذا الملك من نور على صورة علي فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة ، ويسبحون الله ويقدسونه ويهدون ثوابه لمحب علي عليه‌السلام (٣).

١٦ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن الباقر عليهم‌السلام ، عن جابر قال : كنت أماشي (٤) أمير المؤمنين عليه‌السلام على الفرات إذ خرجت موجة عظيمة فغطته حتى استتر عني ، ثم انحسرت عنه (٥) ولا رطوبة

____________________

(١) في المصدر : إلى وجه علي بن أبي طالب.

(٢) عيون الاخبار : ٢٧٢.

(٣) كشف الغمة : ٤٠.

(٤) ماشاه مماشاة : مشى معه.

(٥) حسر عنه : انكشف.

١٠٩

عليه ، فوجمت لذلك وتعجبت وسألته عنه ، فقال : ورأيت ذلك؟ قال : قلت : نعم قال : إنما الملك الموكل بالماء فرح (١) فسلم علي واعتنقني (٢).

توضيح : قال الفيروزآبادي : وجم كوعد وجما ووجوما : سكت على غيظ ، والشئ : كرهه ، ولم أجم عنه : لم أسكت فزعا (٣). قوله عليه‌السلام « فرح » أي بقدومه إلى شاطئ النهر.

١٧ ـ كشف : من مناقب الخوارزمي ، عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أول من اتخذ علي بن أبي طالب عليه‌السلام أخا من أهل السماء إسرافيل ثم ميكائيل (٤) ثم جبرائيل ، وأول من أحبه من أهل السماء حملة العرش ثم رضوان خازن الجنان ثم ملك الموت ، وإن ملك الموت يترحم على محبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام كما يترحم على الانبياء عليهم‌السلام (٥).

ومن كتاب كفاية الطالب عن وهب بن منبه ، عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بعثت عليا في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره والسحابة تظله حتى يرزقه الله الظفر (٦).

١٨ ـ بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن إصباهان بن اسبوزن الديلمي ، عن محمد بن عيسى الكابي ، عن القعنبي (٧) ، عن موسى بن وردان عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ليلة أسري بي إلى السماء الرابع (٨)

____________________

(١) في المصدر : خرج.

(٢) أمالي الشيخ : ١٨٧.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ١٨٥.

(٤) المصدر : وميكائيل.

(٥) كشف الغمة : ٣٠.

(٦) كشف الغمة : ١١٣.

(٧) في المصدر : عن محمد بن عيسى البكاي : عن العقيني.

(٨) في المصدر : إلى السماء الرابعة.

١١٠

رأيت صورة علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : يا جبرئيل هذا علي (١)؟ فأوحي إلي بأن هذا ملك خلقه الله في صورة (٢) علي بن أبي طالب عليه‌السلام يزوره كل يوم سبعون ألف ملك ، يسبحون ويكبرن وثوابهم لمحبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٣).

١٩ ـ فر : جعفر بن أحمد بن يوسف معنعنا عن الحسن قال : سمعت عبدالله بن عباس يقول في قوله تعالى : « إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم (٤) » : انجفل الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد ولم يبق معه غير علي بن أبي طالب عليه‌السلام ورجل من الانصار ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي قد صنع الناس ماترى (٥) ، فقال : لا والله يارسول الله ، لاسأل (٦) عنك الخبر من وراء؟ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما لا فاحمل على هذه الكتيبة (٧) ، فحمل عليها ففضها (٨) ، فقال جبرئيل عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذه لهي المواساة (٩) ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني منه وهو مني ، فقال جبرئيل : وأنا منكما.

ثم أقبل وقال : ماضيعت (١٠) من الحديث ، ما حدثت بهذا الحديث منذ سمعته عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه مع حديث آخر سمعتهما من علي بن أبي طالب عليه‌السلام (١١)

____________________

(١) في المصدر : هذا أخي علي؟

(٢) في المصدر : على صورة.

(٣) بشارة المصطفى : ١٩٦.

(٤) سورة آل عمران : ١٥٣.

(٥) أي اصنع أنت أيضا ما صنعه الناس.

(٦) كذا في ( ك ) وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : لا أسأل.

(٧) الكتيبة : القطعة من الجيش.

(٨) فض القوم : فرقهم.

(٩) في المصدر : إن هذه المواساة.

(١٠) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : ماصنعت. والجملة لا تخلو عن اضطراب وإجمال.

(١١) في المصدر : في علي بن أبي طالب.

١١١

وما حدثت بهذين الحديثين منذ سمعتهما ، وما أقر لاحد من الناس أن يكون أشد حبا لعلي مني ، ولا أعرف بفضله مني ، ولكني أكره أن يسمع هذا مني هؤلاء الذين يغلون ويفرطون فيزدادوا شرا ، فلم أزل به أنا وأبوخليفة صاحب منزله نطلب إليه حتى أخذ علينا أن لانحدث به مادام حيا ، فأقبل فقال : حدثني عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليا فقال : يا علي احفظ علي الباب فلا يدخلن أحد اليوم (١) ، فإن ملائكة من ملائكة الله استأذنوا ربهم أن يتحدثوا لي اليوم إلى الليل ، فاقعد ، فقعد علي بن أبي طالب عليه‌السلام على الباب فجاء عمر بن الخطاب فرده ، ثم جاء وسط النهار فرده ، ثم جاء عند العصر فرده ، وأخبره أنه قد استأذن على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ستون وثلاث مائة ملك ، فلما أصبح عمر غدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره بما قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام فقال : وماعلمك أنه قد استأذن علي ثلاث مائة وستون ملك؟ فقال : والذي بعثك بالحق ما منهم ملك استأذن عليك إلا وأنا أسمع صوته بأذني وأعقد بيدي حتى عقدت ثلاث مائة وستين ، قال : صدقت يرحمك الله ، حتى أعادها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

بيان : انجفل القوم أي انقلعوا كلهم ومضوا. قوله عليه‌السلام : « لاسأل عنك الخبر » أي لادعك في هذا الموضع وأرجع فلا أعلم حالك وما نابك فأسأل خبرك عن الناس وراءك؟

٢٠ ـ فر : محمد بن عيسى بن زكريا الدهقان معنعنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرء سورة المائدة ، فقال : اكتب ، فكتبت حتى انتهى (٣) إلى هذه الآية « إنما وليكم الله ورسوله والذين

____________________

(١) في المصدر : فلا يدخلن اليوم أحد.

(٢) تفسير فرات : ٢٢ و ٢٣.

(٣) في المصدر : حتى انتهيت.

١١٢

آمنوا (١) » ثم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خفق برأسه (٢) كأنه نائم وهو يملي بلسانه حتى فرغ من آخر السورة (٣) ، ثم انتبه فقال لي : اكتب ، فأملى علي من الموضع التي خفق عندها ، فقلت : ألم تملئ علي حتى ختمتها؟ فقال : الله أكبر ذلك الذي أملى عليك جبرئيل عليه‌السلام ، ثم قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : فأملى علي (٤) رسول الله (ص) ستين آية ، وأملى علي جبرئيل أربعا وستين آية (٥).

بيان : هذا الخبر يخالف المشهور بوجهين : الاول أنه على المشهور عدد الآيات مائة وعشرون ، وفي الخبر زيد أربع ، والثاني أن آية الولاية هي الخامسة والخمسون لا الستون ، لكن لا اعتماد على ما هو المشهور في ذلك وأمثاله.

٢١ ـ يف : أحمد بن حنبل في مسنده في حديث ليلة بدر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس ، فقام علي عليه‌السلام فاحتضن قربة ، ثم أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة ، فانحدر فيها ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل تأهبوا (٦) لنصرة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وحزبه ، فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من سمعه ، فلما حاذوا البئر سلموا على علي عليه‌السلام من عند ربهم عن آخرهم إكراما و تبجيلا (٧).

توضيح : أحجم عن الامر : كف. واحتضن الشئ : جعله في حضنه ، وهو بالكسر ما دون الابط إلى الكشح. واللغط بالتحريك : الصوت والجلبة.

٢٢ ـ كنز : روى الشيخ أبوجعفر الطوسي في مصباح الانوار بإسناده عن جابر بن عبدالله قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حفر الخندق وقد حفر الناس وحفر علي عليه‌السلام ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأبي من يحفر وجبرئيل يكنس التراب

____________________

(١) سورة المائدة : ٥٥.

(٢) خفق برأسه : حركه وهو ناعس. وفي المصدر : ثم أتى رسول الله خفق برأسه.

(٣) في المصدر : من آخر المائدة.

(٤) في المصدر : فأملى علي منها اه.

(٥) تفسير فرات : ٣٧.

(٦) أهب للامر : تهيأ واستعد.

(٧) الطرائف : ١٩.

١١٣

بين يديه ويعينه ميكائيل ولم يكن يعين قبله أحدا من الخلق ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعثمان بن عفان : احفر ، فغضب عثمان وقال : لايرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى أمرنا بالكد! فأنزل الله على نبيه « يمنون عليك أن أسلموا » الآية (١).

٧٧

باب

* ( نزول الماء لغسله عليه‌السلام من السماء ) *

١ ـ لى : صالح بن عيسى العجلي ، عن محمد بن علي بن علي ، عن محمد بن منده الاصبهاني ، عن محمد بن حميد ، عن جرير ، عن الاعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورجلان من أصحابه في ليلة ظلماء مكفهرة (٢) إذ قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوا باب علي ، فأتينا باب علي عليه‌السلام فنقر أحدنا الباب نقرا خفيا ، إذ خرج علينا علي بن أبي طالب عليه‌السلام مستزر (٣) بإزار من صوف مرتد بمثله ، في كفه سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لنا : أحدث حدث؟ فقلنا : خير أمرنا رسول الله أن نأتي بابك وهو بالاثر ، إذ أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ياعلي ، قال : لبيك ، قال : أخبر أصحابي بما أصابك البارحة ، قال علي عليه‌السلام : يارسول الله إني لاستحيي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله لايستحيي من الحق ، قال علي عليه‌السلام يارسول الله أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء ، فبعثت الحسن كذا والحسين كذا ، فأبطآ علي ، فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواد البيت : قم ياعلي وخذ السطل واغتسل ، فإذا أنا بسطل من ماء مملوء ، عليه منديل من سندس ، فأخذت السطل واغتسلت ومسحت بدني بالمنديل ،

____________________

(١) كنز جامع الفوائد مخطوط ، وأورده في البرهان ٤ : ٢١٥ والاية في سورة الحجرات : ١٧.

(٢) اكفهر الليل : اشتد ظلامه.

(٣) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ « متزر » وفي المصدر : متزرا.

١١٤

ورددت المنديل على رأس السطل ، فقام السطل في الهواء ، فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي ، فوجدت بردها على فؤادي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت وخادمك جبرئيل ، أما الماء فمن نهر الكوثر ، وأما السطل و المنديل فمن الجنة ، كذا أخبرني جبرئيل ، كذا أخبرني جبرئيل ، كذا أخبرني جبرئيل (١).

يج : روي عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبدالله بن داهر ، عن الاعمش عن أبي سفيان قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبو بكر وعمر في ليلة مكفهرة ، فقال لهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قوما فأتيا باب حجرة علي ، فذهبا فنقرا الباب نقرا خفيا ، و ساق الحديث نحوا مما مر (٢).

٢ ـ قب : عبدالله بن عباس وحميد الطويل عن أنس قالا : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ركع أبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه نزل عليه وحي ، فلما سلم واستند إلى المحراب نادى : أين علي بن أبي طالب؟ وكان في آخر الصف يصلي فأتاه ، فقال : يا علي لحقت الجماعة؟ فقال : يا نبي الله عجل بلال الاقامة ، فناديت الحسن بوضوء (٣) فلم أر أحدا ، فإذا أنا بهاتف يهتف : يا أبا الحسن أقبل عن يمينك ، فالتفت فإذا أنا بقدس من ذهب مغطى بمنديل أخضر معلقا ، فرأيت ماء أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأطيب ريحا من المسك فتوضأت و شربت ، وقطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي ، ومسحت وجهي بالمنديل بعد ما كان الماء يصب على يدي وما أرى شخصا ، ثم جئت يانبي الله ولحقت الجماعة ، فقال

____________________

(١) أمالي الصدوق : ١٣٦ و ١٣٧.

(٢) لم نجده في الخرائج المطبوع ، والظاهر أن نسخة المصنف كانت أكمل منها ، لعدم وجود اكثر مارواها عن الخرائج في المطبوع منه ، وقال العلامة الطهراني في كتاب » الذريعة » ورأيت نسخة بعنوان الخرائج في مكتبة ( سلطان العلماء ) لكنها تخالف المطبوع ، وذكر كاتبها أنه كتبها عن نسخة خط السيد مهنا ابن سنان بن عبدالوهاب الحسيني الذي فرغ من كتابة نسخته ( ٧٤٨ ) راجع المجلد السابع : ١٤٦ ١٤٨.

(٣) بفتح الواو : الماء الذي يتوضأ به.

١١٥

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : القدس من أقداس الجنة ، والماء من الكوثر ، والقطرة من تحت العرش ، والمنديل من الوسيلة ، والذي جاء به جبرئيل ، والذي ناولك المنديل ميكائيل ، ومازال جبرئيل واضعا يده على ركبتي يقول : يا محمد قف قليلا حتى يجيئ علي فيدرك معك الجماعة (١).

بيان : قال الفيروزآبادي : القدس كصردو كتب : قدح نحو الغمر ، وكجبل : السطل (٢).

٣ ـ يل ، فض : من فضائله عليه‌السلام أنه كان في بعض غزواته وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء (٣) ، فرمق السماء بطرفه والخلق قيام (٤) ينظرون فنزل جبرئيل وميكائيل عليهما‌السلام ومع جبرئيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل ، فوضع السطل والمنديل (٥) بين يدي أمير المؤمنين عليه‌السلام فأسبغ الوضوء (٦) ومسح وجهه الكريم بالمنديل ، فعند ذلك عرجا إلى السماء والخلق ينظرون إليهما (٧).

٤ ـ يف : أخطب خوارزم في المناقب ، عن أحمد بن محمد الدقاق ، عن أبي المظفر وابن إبراهيم السيفي ، عن علي بن يوسف بن محمد بن حجاج ، عن الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني ، عن إسماعيل بن إسحاق بن سليمان ، عن محمد بن علي الكفرتؤتي ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر و أبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه قد سها وغفل ، ثم رفع رأسه وقال : « سمع الله لمن حمده » ثم أوجز في صلاته وسلم ، ثم أقبل علينا بوجهه كأنه القمر ليلة البدر في وسط

____________________

(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٧.

(٢) القاموس ٢ : ٢٣٩.

(٣) في الروضة : يسبغ منه الوضوء.

(٤) في المصدرين : والناس قيام.

(٥) في الروضة : فوضعا السطل والمنديل.

(٦) في الفضائل ، فأسبغ الوضوء من ذلك الماء.

(٧) الفضائل : ١١٦ ، وفيه : والخلق ينظر إليهما. الروضة : ٨.

١١٦

النجوم ، ثم جثا على ركبتيه (١) وبسط قامته حتى تلالا المسجد بنور وجهه ، ثم رمى بطرفه إلى الصف الاول يتفقد أصحابه رجلا رجلا ثم رمى نظره إلى الصف الثاني ، ثم رمى نظره إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلا رجلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم كثرت الصفوف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : ما لي لا أرى ابن عمي علي بن أبي طالب؟ فأجابه علي عليه‌السلام من آخر الصفوف وهو يقول : لبيك لبيك يارسول الله فنادى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأعلى صوته : ادن مني يا علي ، فما زال يتخطى (٢) رقاب المهاجرين والانصار حتى دنا المرتضى من المصطفى ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما الذي خلفك عن الصف الاول؟ قال : شككت أنني على غير طهر ، فأتيت منزل فاطمة عليها‌السلام فناديت : ياحسن ياحسين يافضة ، فلم يجبني أحد ، فإذا بهاتف يهتف من ورائي وهو ينادي : يا أبا الحسن يا ابن عم النبي التفت ، فالتفت فإذا أنا بسطل من ذهب وفيه ماء وعليه منديل ، فأخذت المنديل فوضعته على منكبي الايمن ، وأومأت إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفي ، فتطهرت وأسبغت الطهر ، ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ، ثم التفت ولا أدري من أخذه ، فتبسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجهه وضمه إلى صدره وقبل مابين عينيه ثم قال : يا أبا الحسن ألا أبشرك؟ إن السطل من الجنة ، والماء والمنديل من الفردوس الاعلى ، والذي هيأك للصلاة جبرئيل عليه‌السلام ، والذي مندلك ميكائيل عليه‌السلام ، والذي نفس محمد بيده مازال إسرافيل قابضا بيدي على ركبتي حتى لحقت معي الصلاة وأدركت ثواب ذلك ، أفيلومني الناس على حبك والله تعالى وملائكته يحبونك من فوق السماء؟ (٣).

٥ ـ مد : ابن المغازلي في مناقبه ، عن أحمد بن المظفر العطار ، عن عبدالله ابن محمد بن عثمان ، عن أبي الحسن الراوي بالبصرة ، عن محمد بن منده الاصفهاني ،

____________________

(١) أي جلس على ركبتيه. وفي المصدر « حثا » وهو تصحيف.

(٢) في المصدر : فجعل يتخطى.

(٣) الطرائف : ٢٢.

١١٧

عن محمد بن عبد الحميد (١) عن الاعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لابي بكر وعمر : امضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان منه في ليلته وأنا على أثركما ، قال أنس : فمضيا ومضيت معهما ، فاستأذن أبوبكر وعمر على علي فخرج إليهما فقال : يا أبا بكر حدث شئ؟ قال : لا وما يحدث إلا خير ، قال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعمر أيضا : امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته ، فجاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا علي حدثهما ماكان منك في الليل ، فقال : أستحيي يارسول الله فقال : حدثهما إن الله لايستحيي من الحق ، فقال علي : أردت الماء للطهارة وأصبحت وخفت أن تفوتني الصلاة ، فوجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطآ علي ، فأحزنني ذلك ، فرأيت السقف قد انشق ونزل علي منه سطل مغطى بمنديل ، فلما صار في الارض نحيت المنديل عنه ، وإذا فيه ماء ، فتطهرت للصلاة واغتسلت وصليت ، ثم ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما السطل فمن الجنة ، وأما الماء فمن نهر الكوثر ، وأما المنديل فمن استبرق الجنة من مثلك يا علي في ليلتك وجبرئيل يخدمك؟ (٢).

يف : ابن المغازلي بإسناده إلى أنس مثله. (٣)

٧٨

( باب )

* ( تحف الله تعالى وهداياه وتحياته إلى رسول الله وأمير المؤمنين ) *

* ( صلوات الله عليهما وعلى آلهما ) *

١ ـ قب : ثابت عن أنس : لما خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزوة الطائف فبينما نحن بغمامة ، فأدخل يده تحتها فأخرج رمانا ، فجعل يأكل ويطعم عليا ، ثم قال

____________________

(١) في المصدر : عن محمد بن حميد الداني ، عن جرير بن عبد الحميد.

(٢) العمدة : ١٩٥ و ١٩٦.

(٣) الطرائف : ٢٢.

١١٨

لقوم رمقوه بأبصارهم : هكذا يفعل كل نبي بوصيه ، وفي رواية الباقر عليه‌السلام : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مصها ثم دفعها إلى علي فمصها حتى لم يترك منها شيئا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه لايذوقها إلا نبي أو وصي نبي.

محمد بن أبي عمير ومحمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله برمانتين من الجنة فأعطاهما إياه ، فأكل واحدة وكسر الاخرى وأعطى عليا نصفها فأكله ، ثم قال : الرمانة التي أكلتها فهي النبوة ليس لك فيها شئ ، وأما الاخرى فهي العلم فأنت شريكي فيها.

عيسى بن الصلت عن الصادق عليه‌السلام في خبر : فأتوا جبل ذباب (١) فجلسوا عليه فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه فإذا رمانة مدلاة ، فتناولها رسول الله (ص) ففلقها فأكل وأطعم عليا منها ، ثم قال : يا أبا بكر هذه رمانة من رمان الجنة ، لا يأكلها في الدنيا إلا نبي أو وصي نبي.

أبان بن تغلب عن أبي الحمراء أنه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فلان ما أنا منعتك من هذه الرمانة ولكن الله أتحفني بها ووصيي ، وحرمها على غير نبي أو وصي في دار الدنيا فسلم لامر ربك ، تطعم في الآخرة إن قبلت وصدقت ، وإن كذبت وجحدت فويل يومئذ للمكذبين ، إن عليا وشيعته « في ظلال وعيون (٢) » إلى قوله : « ويل يومئذ للمكذبين » بهذا.

وقد روينا من حديث الزمان عند الخروج إلى العقيق ، فإن نزول المنديل من السماء فيه رمان معجز ، ثم فقد الرمان من كمه عند مشاهدة الثاني (٣) معجز ثان ، ثم وجدانه بعد ذلك معجز ثالث.

أم فروة : كانت ليلتي من أمير المؤمنين عليه‌السلام فرأيته يلقط من الحجرة حب

____________________

(١) بكسر أوله جبل بالمدينة.

(٢) سورة المرسلات : ٤١.

(٣) أي الخليفة الثاني.

١١٩

طعام من طعام قد نثر ويقول : يا آل علي قد سبقتم (١).

أحمد بن يحيى الازدي عن إبراهيم النخعي أنه قال : لما أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هتف به هاتف في السماوات : يا محمد إن الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول لك : اقرأ على علي بن أبي طالب مني السلام (٢).

الخركوشي في شرف المصطفى عن زينب بنت حصين في خبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على فاطمة عليها‌السلام غداة من الغدوات ، فقالت : يا أبتاه قد أصبحنا وليس عندنا شئ ، فقال : هاتي ذينك الطيرين ، فالتفتت فإذا طيران خلفها ، فوضعتهما عنده ، فقال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام : « كلوا باسم الله » فبينماهم يأكلون إذ جاءهم سائل فقام على الباب فقال : السلام عليكم أهل البيت أطعمونا مما رزقكم الله ، فرد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يطعمك الله يا عبدالله ، فمكث غير بعيد ثم رجع فقال مثل ذلك ، ثم ذهب ثم رجع ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : يا أبتاه سائل ، فقال : يا بنتاه هذا هو الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام ولم يكن الله ليطعمه ، هذا من طعام الجنة (٣).

أقول : أوردنا بعض الاخبار في ذلك في باب نزول « هل أتى ».

٢ ـ فض : حضرت الجامع بواسط وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على أعواده ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه (٤) وذكر الخلفاء بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال في حق علي عليه‌السلام : إن جبرئيل عليه‌السلام نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبيده أترجة فقال له : يارسول الله الحق يقرؤك السلام ويقول لك : قد أتحفت ابن عمك علي ابن أبي طالب عليه‌السلام بهذه التحفة فسلمها إليه ، فسلمها إلى علي عليه‌السلام ، فأخذها بيده وشقها نصفين ، فطلع في نصف منها حريرة من سندس الجنة مكتوب عليها « تحفة من الطالب الغالب لعلي بن أبي طالب » (٥).

____________________

(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٩٨.

(٢) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٩٧.

(٣) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٢٥ و ١٢٦.

(٤) في المصدر : والشكر له.

(٥) الروضة : ١. وتوجد الرواية في الفضائل ايضا : ٩٦.

١٢٠