الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٧
الجب الآخر ، ثم جعل يناديهم مرة بعد مرة : ما تقولون؟ فيجيبون : فاقض (١) ما أنت قاض ، حتى ماتوا.
قال : ثم انصرف فسار بفعله الركبان (٢) وتحدث به الناس ، فبينما هو ذات يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب ، قد أقر له من في يثرب من اليهود أنه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل ، قال : وقدم على أميرالمؤمنين عليهالسلام في عدة من أهل بيته ، فلما انتهوا إلى المسجد الاعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام : إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون (٣) باليمين ، فما حاجتكم؟ (٤) فقال له عظيمهم : يا ابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد؟ فقال له : وأية بدعة؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن محمدا رسوله فقتلتهم بالدخان ، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام : فنشدتك بالتسع الآيات التي انزلت على موسى عليهالسلام بطور سيناء وبحق الكنائس الخمس القدس وبحق السمت (٥) الديان هل تعلم أن يوشع بن نون أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهودي : نعم أشهد أنك ناموس موسى (٦) ، قال ، ثم أخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام ففضه ونظر فيه وبكى ، فقال له اليهودي : ما يبكيك يا ابن أبي طالب؟ إنما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل عربي فهل تدري ما هو؟ فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام : نعم هذا اسمي مثبت ، فقال له اليهودي
____________________
(١) في المصدر : اقض.
(٢) أى حمل الركبان والقوافل هذا الخبر إلى اطراف الارض.
(٣) يتسابقون خ ل. أى يبتدرن بأيمانهم البيعة أو يستأنفون الاسلام لليمين التى اقسم بها عليهم والاول أظهر.
(٤) أى قال : فما حاجتكم؟
(٥) قد سبق معناه ولا يناسب المقام ، والظاهر أنه كان في لغتهم بمعنى الصمد.
(٦) أى صاحب سره المطلع على باطن أمره وعلومه وأسراره.
فأرني اسمك في هذا الكتاب وأخبرني ما اسمك بالسريانية ، قال : فأراه أميرالمؤمنين اسمه في الصحيفة وقال : اسمى إليا ، فقال اليهودي : أشهدأن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أنك وصي محمد وأشهد أنك أولى الناس بالناس بعد محمد صلىاللهعليهوآله (١) ، و بايعوا أميرالمؤمنين عليهالسلام ودخل المسجد فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : الحمدلله الذي لم أكن عنده منسيا ، الحمدلله الذي أثبتني عنده في صحيفة الابرار (٢).
٥٩
( باب )
* ( طهارته وعصمته صلىاللهعليهوآله ) *
١ ـ قب : نزلت فيه بالاجماع « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا (٣) ».
الفردوس قال علي عليهالسلام : قال النبي صلىاللهعليهوآله : إنا [ أول ] أهل بيت قد أذهب الله عنا الفواحش ماظهر منها وما بطن.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : « واجنبني وبني أن نعبد الاصنام (٤) » : فانتهت الدعوة إلي وإلى علي.
وفي خبر « أنا دعوة إبراهيم » وإنما عنى بذلك الطاهرين لقوله : نقلت من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات لم يمسسني سفاح الجاهلية (٥) ، وأهل الجاهلية كانوا يسافحون وأنسابهم غير صحيحة وامورهم مشهورة عند أهل المعرفة.
يزيد بن هارون ، عن جريربن عثمان ، عن عوف بن مالك قال : جاء رجل إلى
____________________
(١) في المصدر : من بعد محمدصلىاللهعليهوآله.
(٢) فروع الكافى (الجزء الرابع من الكافى) : ١٨١ ١٨٣.
(٣) سورة الاحزاب : ٣٣.
(٤) سورة إبراهيم : ٣٥.
(٥) السفاح : الزنى.
عمر بن الخطاب فقال له : إن على نذرا أن اعتق نسمة (١) من ولدإسماعيل ، فقال : والله ما أصبحت أثق إلا ماكان من حسن وحسين وبني عبدالمطلب (٢) ، فإنهم من شجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسمعته يقول : هم بنو أبي.
واجتمع أهل البيت بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة بأنه معصوم واجتمع الناس أنه لم يشرك قط ، وأنه بايع النبي صلىاللهعليهوآله في صغره ، وترك أبويه.
تاريخ الخطيب أنه قال جابر : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل يس وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون.
تفسير وكيع حدثنا سفيان بن مرة الهمداني عن عبدخير قال : سألت علي بن أبي طالب عليهالسلام عن قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا اتقوالله حق تقاته (٣) قال : والله ما عمل بهذاغير أهل بيت رسول الله ، نحن ذكرنا الله فال ننساه ، ونحن شكرناه فلا نكفره ، ونحن أطعناه فلا نعصيه ، فلما نزلت هذه الآية قالت الصحابة : لانطيق ذلك ، فأنزل الله « فاتقوالله ما استطعتم (٤) » قال وكيع : يعني ما أطقتم ثم قال : « واسمعوا » ما تؤمرون به « وأطيعوا » يعني أطيعوالله ورسوله وأهل بيته فيما يأمرونكم به.
ووجدنا العامة إذا ذكروا عليا في كتبهم أو أجروا ذكره على ألسنتهم قالوا : « كرم الله وجهه » يعنون بذلك عن عبادة الاصنام.
وروي أنه اعترف عنده رجل محصن أنه قد زنى مرة بعد مرة ، وهو يتجاهل حتى اعترف الرابعة ، فأمر بحبسه ، ثم نادى في الناس ، ثم أخرجه بالغلس (٥) ، ثم حفرله حفيرة ووضعه فيها ، ثم نادى : أيها الناس إن هذه حقوق الله لايطلبها من كان عليه مثله ، فانصرفوا ما خلا علي بن أبي طالب وابنيه! فرجمه ثم صلى عليه. وفي التهذيب :
____________________
(١) النسمة : المملوك ذكرا كان أو انثى.
(٢) في المصدرو (م) : وعبدالمطلب.
(٣) سورة آل عمران : ١٠٢.
(٤) سورة التغابن : ١٦.
(٥) الغس : ظلمة آخر الليل.
إن محمد بن الحنفية كان ممن رجع (١).
وعلي بن أبي طالب عليهالسلام كان ممن وصفه الله تعالى في قوله : « واجنبني وبني أن نعبد الاصنام (٢) » ثم قال : « ومن ذريتنا امة مسلمة لك (٣) » فنظرنا في أمر الظالم فإذا الامة قد فسروه أنه عابد الاصنام وأن من عبدها فقد لزمه الذل ، وقد نفى الله أن يكون الظالم خليفة بقوله : « لاينال عهدي الظالمين (٤) » ثم إنه لم يشرب الخمر قط ولم يأكل ماذبح على النصب وغير ذلك من الفسوق ، وقريش ملوثون بها و كذلك يقول القصاص : أبوفلان فلان! ، والطاهر علي.
تفسيرالقطان عن عمرو بن حمران ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن البصري قال : اجتمع عثمان بن مظعون وأبوطلحة وأبوعبيدة ومعاذبن جبل وسهيل بن بيضا وأبودجانة في منزل سعد بن أبي وقاص فأكلوا شيئا ، ثم قدم إليهم شيئا من الفضيخ (٥) ، فقام علي وخرج من بينهم ، فقال عثمان في ذلك ، فقال علي : لعن اله الخمر والله لا أشرب شيئا يذهب بعقلي ويضحك بي من رآني وازوج كريمتي من لا اريد! وخرج من بينهم فأتى المسجد ، وهبط جبرئيل بهذه الآية « يا أيها الذين آمنوا » يعني هؤلاء الذين اجتمعوا في منزل سعد « إنما الخمر والميسر (٦) » الآية ، فقال علي : تبالها ، والله يا رسول الله لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا ، قال الحسن : والله الذي لا إله إلا هو ما شربها قبل تحريمها ولا ساعة قط.
ثم إنه عليهالسلام لم يأت بفاحشة قط ، ونزلت فيه « قدأفلح المؤمنون (٧) » الآيات.
في التاريخ من ثلاثة طرق عن عمار بن ياسر وذكره جماعة بطرق كثيرة عن بريدة
____________________
(١) راجع التهذيب ٢ : ٣٩١.
(٢) سورة ابراهيم : ٣٥.
(٣) سورة البقرة : ١٢٨.
(٤) سورة البقرة : ١٢٤.
(٥) الفضيخ : عصير العنب. شراب يتخذ من التمر.
(٦) سورة المائدة : ٩٠.
(٧) سورة المؤمنون : ١.
الاسلمي في حديثه أنه قال النبي صلىاللهعليهوآله : قال لي جبرئيل : يا محمد إن حفظة علي بن أبي طالب تفتخر على الملائكة أنها لم تكتب على علي خطيئة منذ صحبته (١).
٢ ـ فس : أبي ، عن النضر ، عن محمد بن قيس ، عن أبي سيار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أقبل رسول الله (ص) يوما واضعا يده على كتف العباس ، فاستقبله أميرالمؤمنين عليهالسلام فعانقه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقبل بين عينيه ، ثم سلم العباس على علي فرد عليه ردا خفيفا ، فغضب العباس فقال : يا رسول الله لا يدع علي زهوه (٢) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عباس لاتقل ذلك في علي فإني لقيت جبرئيل آنفا فقال لي : لقيني الملكان الموكلان بعلي الساعة فقالا : ما كتبنا عليه ذنبا منذ يوم ولد إلى هذا اليوم (٣).
٣ ـ ع : عبدالواحد بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن الفضل ، عن منصوربن عبدالله ، عن محمد بن عبدالله ، عن الحسن بن مهزيار ، عن أحمد بن إبراهيم العوفي ، عن أحمد بن الحكم البراجمي ، عن شريك بن عبدالله ، عن أبي وقاص العامري ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال. سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول : إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة ، لكينونتهما مع علي ، وذلك انهما لم يصعدا إلى الله عزوجل بشئ منه يسخط الله تبارك وتعالى (٤).
يف : ابن المغازلي عن عدة طرق بأسانيدها عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله (٥).
[ ٤ ـ كنزالكراجكى : عن اسيد بن إبراهيم السلمي ، عن عمر بن علي العتكي ، عن سعيد بن محمد الحضرمي ، عن الحسن بن محمد بن عبدالرحمان ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسن بن علي ، عن امه فاطمة ، عن أبيها صلوات الله عليهم قال : أخبرني جبرئيل عن كاتبي علي أنهما لم يكتبا على علي ذنبا مذصحباه (٦). ]
____________________
(١) مناقب آل ابى طالب ١ : ٣٦٠ ٣٦٢.
(٢) الزهو : الكبر.
(٣) تفسير القمى : ٣٤١.
(٤) علل الشرائع : ١٤.
(٥) الطرائف ٢٠.
(٦) كنزالكراجكى : ١٦٢ ، وقد وقع الخلط في سند الرواية والموجود في المصدر روايتان
٥ ـ ل : عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن الفضل ، عن منصور بن عبدالله الاصبهاني : عن علي بن عبدالله ، عن محمد بن هارون بن حميد ، عن محمد بن المغيرة الشهرزوري عن يحيى بن الحسين المدائني ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية المرأة فرعون (١).
٦ ـ م : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن النطفة تثبت في الرحم (٢) أربعين يوما ، نطفة ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ثم بعده عظما (٣) ، ثم يكسى لحما ، ثم يلبس الله فوقه جلدا ، ثم ينبت عليه شعرا ، ثم يبعث الله عزوجل إليه ملك الارحام ويقال له : اكتب أجله وعمله ورزقه وشقيا يكون أو سعيدا ، فيقول الملك : يارب أنى لي بعلم ذلك؟ فقال (٤) : استمل ذلك من قراء اللوح المحفوظ ، فيستمليه منهم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وإن من كتب أجله وعمله ورزقه وسعادة خاتمته علي بن أبي طالب (٥) كتبوا [ كتب ] من عمله أنه لا يعمل ذنبا أبدا إلى أن يموت ، قال : وذلك قول رسول الله (ص) يوم شكاه بريدة (٦) ، وذاك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث جيشا ذات يوم لغزاة أمر عليهم عليا صلوات الله عليه ، وما بعث جيشا قط فيهم علي إلا جعله أميرهم ، فلما
____________________
احداهما ما نقله المصنف عن العلل بعينه ، وسندها هكذا : السلمى ، عن العتكى ، عن سعيدبن محمد الحضرمى ، عن الحسن بن محمدبن عبدالرحمن ، عن احمدبن ابراهيم العوفي ، عن البراجمى ، عن شريك بن عبدالله ، عن أبى الوفاء (عن ابى وقاص ظ) عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه عمار.
والاخرى ما أوردها في المتن ، وسندها هكذا : اسد بن ابراهيم السلمى. عن عمربن على العتكى ، عن أحمد بن محمد بن صفوة ، عن الحسن بن على بن محمد العلوى ، عن النوفلى ، عن عمه عن أبيه عن جده ، عن الحسن بن على ، عن فاطمة ، عن أبيها صلوات الله عليهم.
(١) الخصال ١ : ٨٢.
(٢) في المصدر : في قرار الرحم.
(٣) في المصدر : ثم تجعل بعده عظما.
(٤) في المصدر : فيقال له.
(٥) في المصدر : على حب على بن أبى طالب.
(٦) في المصدر : يوم شكاة بريدة عليا.
غنموا رغب علي في أن يشتري من جملة الغنائم جارية فجعل (١) ثمنها في جملة الغنائم ، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الاسلمي وزايداه ، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر إليها (٢) إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها ، فأخذها بذلك فلما رجعا (٣) إلى رسول الله (ص) تواطئا على أن يقول ذلك بريدة لرسول الله صلىاللهعليهوآله : فوقف بريده قدام رسول الله (٤) فقال : يا رسول الله ألم ترإلى ابن أبي طالب (٥) أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم جاء عن يمينه فقالها فأعرض عنه رسول الله فجاء عن يساره فقالها فأعرض عنه رسول الله ، وجاء من خلفه فقالها فأعرض عنه ، ثم عاد إلى بين يديه فقالها فغضب رسول الله غضبا لم يرقبله ولا بعده غضب مثله ، وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت فرائصه وقال : يا بريدة مالك آذيت رسول الله منذ اليوم؟ إني سمعت الله (٦) عزوجل يقول : « إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدلهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبيبا (٧) » قال بريدة : يا رسول الله ما علمتني (٨) قصدتك بأذي ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أو تظن يا بريدة أنه لايؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه وأن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟
يا بريدة أنت أعلم أم الله؟ أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم أم ملك الارحام قال بريدة؟ بل الله أعلم وقراء اللوح المحفوظ أعلم وملك الارحام أعلم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) في المصدر : فيجعل.
(٢) في المصدر : نظر اليهما.
(٣) في المصدر : فلما رجعوا.
(٤) في المصدر : أمام رسول الله.
(٥) في المصدر : أن ابن ابى طالب.
(٦) في المصدر : أما سمعت الله.
(٧) سورة الاحزاب : ٥٧ و ٥٨.
(٨) ماعلمت أننى.
فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال : بل حفظة علي بن أبي طالب ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذولد ، وهذاملك الارحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن يولد حين استحكم في بطن امه أنه لايكون منه خطيئة أبدا ، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة اسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ « علي المعصوم من كل خطأ وزلة » فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة المقربون؟ يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه أميرالمؤمنين وسيد الوصيين وسيد الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم الجنة والنار يقول (١) : هذالي وهذا لك.
ثم قال : يا بريدة أترى لعلي (٢) من الحق عليكم معاشر المسلمين ألا تكايدوه ولا تعاندوه ولا تزايدوه؟ هيهات إن قدر علي عندالله أعظم من قدره عندكم ، أولا اخبركم قالوا بلى يا رسول الله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فإن الله يبعث يوم القيامة أقواما يمتلئ من جهة السيئات موازينهم فيقال لهم : هذه السيئات فأين الحسنات؟ وإلا فقد عصيتم؟ فيقولون : يا ربنا ما نعرف لنا حسنات ، فإذا النداء من قبل الله عزوجل « لئن لم تعرفوا لانفسكم عبادي حسنات فإني أعرفها لكم واوفرها عليكم » ثم يأتي برقعة صغيرة يطرحها (٣) في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء إلى الارض (٤) ، فيقال لاحدهم : خذ بيد أبيك وامك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدامك ومعارفيك (٥) فأدخلهم الجنة ، فيقول أهل المحشر : يارب (٦) أما الذنوب فقد عرفناها فماذا كانت حسناتهم؟ فيقول الله عزوجل : يا عبادي مشى أحدهم ببقية دين لاخيه إلى
____________________
(١) في المصدر : يقول يوم القيامة للنار.
(٢) في المصدر : اترى ليس لعلى اه.
(٣) في المصدر : ثم تأتى الريح برقعة صغيرة بطرحها اه.
(٤) في المصدر : والارض.
(٥) في المصدر : وأخدانك ومعارفك. والخدن : الحبيب والصاحب.
(٦) في المصدر : ياربنا.
أخيه (١) فقال : خذها فإني احبك بحبك علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال له الآخر : قدتركتها لك بحبك لعلي ولك من مالي ما شئت ، فشكر الله تعالى ذلك لهما فحط به خطاياهما وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما وأوجب لهما ولوالديهما الجنة (٢).
ثم قال : يا بريدة إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف (٣) الذي يرمى عندالجمرات ، فإياك أن تكون منهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : « اعبدوا ربكم الذي خلقكم (٤) » اعبدوه بتعظيم محمد وعلي بن أبي طالب الذي خلقكم نسما وسواكم من بعد ذلك وصوركم فأحسن صوركم ثم قال عزوجل : « والذين من قبلكم » قال : وخلق الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس « لعلكم تتقون (٥). »
٧ ـ يب : محمد بن علي بن محبوب ، عن اليقطيني ، عن الحسن بن علي ، عن إبراهيم ابن عبدالحميد قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن أميرالمؤمنين عليهالسلام كان إذا أراد قضاء الحاجة وقف على باب المذهب ثم التفت يمينا وشمالا إلى ملكيه فيقول : أميطا عني (٦) فلكما الله علي أن لا احدث حدثا حتى أخرج إليكما (٧).
أقول : قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : نص أبومحمد بن متويه في كتاب الكفاية على أن عليا عليهالسلام معصوم وإن لم يكن واجب العصمة ولا العصمة شرط في الامامة ، لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه ، وأن ذلك أمر اختص هو به دون غيره من الصحابة ، والفرق ظاهر بين قولنا :
____________________
(١) متعلق بقوله مشى.
(٢) في المصدر : ولوالديهما ولذريتهما الجنة.
(٣) خذف بالحصاة ونحوها : رمى بها من بين سبابتيه.
(٤) سورة البقرة : ٢١ وما بعدها ذيلها.
(٥) تفسير الامام : ٥٢ ٥٥
(٦) أى تنحى عنى.
(٧) التهذيب ١ : ١٠٠.
« زيد معصوم » وقولنا (١) : « زيد واجب العصمة لانه إمام ومن شرط الامام أن يكون معصوما » فالاعتبار الاول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الامامية (٢).
أقول : قد مر أكثر أخبار الباب مع سائر القول في ذلك مما يناسب الكتاب في باب وجوب عصمة الامام ، وقد مضى وسيأتي ما يدل على ذلك في أخبار كثيرة لايمكن جمعها في باب واحد ، ومن أراد الدلائل العقلية على ذلك فليرجع إلى الكتب الكلامية لا سيما الشافي.
٦٠
( باب )
* ( الاستدلال بولايته واستنابته في الامور على امامته خلافته ) *
* ( وفيه أخبار كثيرة من الابواب السابقة واللاحقة وفيه ذكر ) *
* ( صعوده على ظهر الرسول لحط الاصنام وجعل ) *
* ( أمر نسائه اليه في حياته وبعد وفاته ) *
* ( صلىاللهعليهوآله ) *
١ ـ قب : ولاه رسول الله صلىاللهعليهوآله في أداء سورة براءة وعزل به أبابكر باجماع المفسرين ونقلة الاخبار (٣).
أقول : قد مضى شرحه مستوفى ، ثم قال ابن شهر آشوب : (٤)
____________________
(١) في المصدر : وبين قولنا.
(٢) شرح النهج ٢ : ٢١٢. وأنت اذا تأملت في كلامه ترى عجبا ، حيث يقول باختصاص أميرالمؤمنين عليهالسلام بالعصمة ويرجح غيره عليه ، وهل هذا الا الزيغ والخسران؟ أعاذنا الله الملك المنان.
(٣) مناقب آل أبى طالب ١. ٣٢٦.
(٤) في (ك) بعد هذا (أحمد بن حنبل وابن بطة ومحمد بن اسحاق وأبويعلى الموصلى والاعمش وسماك بن حرب في كتبهم) لكنه غير صحيح ، وهؤلاء المذكورون قد أوردوا حديث البراءة في كتبهم ، وقوله (وأجمع أهل السير) أول الكلام لا أنه معطوف ، راجع المصدر.
وأجمع أهل السير وقد ذكره التاريخي أن النبي صلىاللهعليهوآله بعث خالدا إلى اليمن يدعوهم إلى الاسلام فيهم البراء بن عازب ، فأقام ستة أشهر فلم يجبه أحد فساء ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله وأمره (١) أن يعزل خالدا ، فلما بلغ أميرالمؤمنين عليهالسلام القوم صلى بهم الفجر ثم قرأ على القوم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فأسلم همدان كلها في يوم واحد ، وتبايع أهل اليمن على الاسلام ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله خر الله ساجدا وقال : السلام على همدان [ السلام على همدان ] ومن أبيات لامير المؤمنين عليهالسلام في يوم صفين.
ولو أن يوما كنت بواب جنة |
|
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام |
واستنابه لما أنفذه إلى اليمن قاضيا على ما أطبق عليه الولي والعدو على قوله صلىاللهعليهوآله وضرب على صدره وقال : « اللهم سدده ولقنه فصل الخطاب » قال : فلما شككت (٢) في قضاء بين اثنين بعد ذلك اليوم ، رواه أحمد بن حنبل وأبويعلى في مسنديهما وابن بطة في الابانة من أربعة طرق.
واستنابه حين أنفذه إلى المدينة لمهم شرعي ، ذكره أحمد في المسند والفضائل وأبويعلى في المسند وابن بطة في الابانة والزمخشرى في الفائق واللفظ لاحمد قال علي عليهالسلام : كنا مع رسول الله في جنازة فقال : من يأتي المدينة فلا يدع قبرا إلا سواه ولا صورة إلا لطخها (٣) ولا وثنا إلا كسره؟ فقام رجل فقال : أنا ، ثم هاب أهل المدينة فجلس ، فانطلقت ثم جئت فقلت : يا رسول الله لم أدع بالمدينة قبرا إلا سويته ولا صورة إلا لطختها ولا وثنا إلا كسرته ، قال : فقال : صلىاللهعليهوآله من عاد فصنع شيئامن ذلك فقد كفر بما أنزل الله على محمد ، الخبر.
واستنابه في ذبح باقي إبله فيما زاد على ثلاثة وستين ، روى إسماعيل البخاري وأبوداود السجستاني والبلاذري وأبويعلى الموصلي وأحمد بن حنبل وأبوالقاسم الاصفهاني
____________________
(١) أى أمر أميرالمؤمنين عليهالسلام وفي (ت) فبعث عليا عليهالسلام وأمره اه.
(٢) في المصدر : فما شككت.
(٣) لطخ الصورة بالمداد ونحوه لوثها ومحاها.
في الترغيب واللفظ له عن جابر وابن عباس قال : أهدى رسول الله مائة بدنة (١) ، فقدم علي عليهالسلام من المدينة فأشركه في بدنه بالثلث ، فنحر رسول الله صلىاللهعليهوآله ستا وستين بدنة وأمر عليا فنحر أربعا وثلاثين ، وأمره النبي صلىاللهعليهوآله من كل جزور (٢) ببضعة فطبخت ، فأكلا من اللحم وحسيا من المرق (٣) ، وفي رواية مجاهد عن عبدالرحمان بن أبي ليلى عن علي عليهالسلام قال : أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أقوم على البدن ، قال : فإذا نحرتها فتصدق بجلودها وبجلالها (٤) وبشحومها ، وفي رواية : أن لا اعطي الجازر منها ، قال : نحن نعطيه من عندنا (٥).
كافي الكليني قال أبوعبدالله عليهالسلام : نحر رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده ثلاثا وستين ونحر علي ما غبر (٦).
تهذيب الاحكام أن النبي صلىاللهعليهوآله لما فرغ من السعي قال : هذا جبرئيل يأمرني بأن آمر من لم يسق هديا أن يحل ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ولكني سقت الهدي ، وكان صلىاللهعليهوآله ساق الهدي ستا وستين أو أربعا وستين وجاء علي من اليمن بأربع وثلاثين أوست وثلاثين ، وقال لعلي : بما أهللت؟ قال : يا رسول الله إهلالا كإهلال النبي فقال النبي صلىاللهعليهوآله : كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي فلما رمى الجمرة نحر رسول الله صلىاللهعليهوآله منها ستا وستين ونحر علي أربعا وثلاثين ، واستنابه في التضحي.
الحاكم بن البيع في معرفة علوم الحديث حدثنا أبونصر سهل الفقيه ، عن صالح بن محمد بن الحبيب ، عن علي بن حكيم ، عن شريك ، عن أبي الحسناء ، عن الحكم بن عتيبة ، عن زر بن حبيش قال : كان علي يضحي بكبشين : بكبش عن النبي وبكبش عن نفسه ،
____________________
(١) البدنة : الناقة أو البقرة المسمنة.
(٢) الجزور : ما يجزر من النوق أو الغنم. وجزر الشاة : نحرها.
(٣) حسا المرق : شربه شئيا بعد شئ.
(٤) جمع الجل بضم الجيم أو الفتح للدابة كالثوب للانسان تصان به.
(٥) أى نعطى الجزار اجرته من عندنا لا من الجزور فانه يتصدق به.
(٦) أى ما بقى.
وقال : كان أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن اضحي عنه فأنا اضحي عنه أبدا ورواه أحمد في الفضائل.
واستنابه في إصلاح ما أفسده خالد ، روى البخاري أن النبي صلىاللهعليهوآله بعث خالدا في سرية فأغار على حي أبي زاهر الاسدي ، وفي رواية الطبري أنه أمر بكتفهم (١) ثم عرضهم على السيف فقتل منهم من قتل ، فأتوا بالكتاب الذي أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أمانا له ولقومه إلى النبى صلىاللهعليهوآله ، قالوا جميعا : إن النبي صلىاللهعليهوآله قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدوفي رواية الخدري : اللهم إني أبرأ من خالد ثلاثا ثم قال : أما متاعكم فقد ذهب فاقتسمه المسلمون ، ولكني أرد عليكم مثل متاعكم ، ثم إنه قدم على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاث رزم (٢) من متاع اليمن فقال : يا علي فاقض ذمة الله وذمة رسوله ودفع إليه الرزم الثلاث ، فأمر علي بنسخة ما اصيب لهم فكتبوا ، فقال : خذوا هذه الرزمة فقوموها بما اصيب لكم ، فقالوا : سبحان الله هذا أكبر مما اصيب لنا! فقال : خذوا هذه الثانية فاكسوا عيالكم وخدمكم ليفرحوا بقدرما حزنوا ، وخذوا الثالثة بما علمتم وما لاتعلموا لترضوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما قدم علي على رسول الله (ص) أخبره بالذي منه (٣) فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى بدت نواجذه وقال : أدي الله عن ذمتك كما أديت عن ذمتي ، ونحو ذلك روي أيضا في بني جذيمة (٤)
الحميري :
من ذالذي أوصى إليه محمد |
|
يقضي العداة فأنفذ الاقضاء |
وقد ولاه في رد الودائع لما هاجر إلى المدينة ، واستخلف عليا عليهالسلام في آله وماله فأمره أن يؤدي عنه كل دين وكل وديعة وأوصى إليه بقضاء ديونه.
الطبري بإسناد له عن عباد عن علي عليهالسلام أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من يؤدي عني ديني ويقضي عداتي ويكون معي في الجنة؟ قلت : أنا يا رسول الله.
____________________
(١) كتف الرجل : شديديه إلى خلف كتفيه واوثقه بالكتاف.
(٢) جمع الرزمة بكسر الراء فيهما والرزمة من الثياب وغيرها : ما جمع وشد معا.
(٣) في المصدر : بالذى كان منه.
(٤) قال في القاموس (٤ : ٨٨) : الجذيمة كسفينة : قبيلة من عبدالقيس ، وقد تضم جيمه.
فردوس الديلمي قال سلمان : قال صلىاللهعليهوآله : علي بن أبي طالب ينجز عداتي ويقضي ديني.
أحمد في الفضائل عن ابن آدم السلولي وحبشي بن جنادة السلولي قال النبي صلىاللهعليهوآله : علي مني وأنا منه ولا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي وقوله صلىاللهعليهوآله : « يقضي ديني وينجز وعدي » وقوله : « أنت قاضي ديني » في روايات كثيرة.
قتادة : بلغنا أن عليا عليهالسلام نادى ثلاثة أعوام بالموسم : من كان له على رسول الله صلىاللهعليهوآله شئ (١) فليأتنا نقضي عنه وروت العامة عن حبشي بن جنادة أنه أتى رجل أبابكر فقال : رسول الله وعدني أن يحثولي ثلاث حثيات (٢) من تمر فقال : ياعلي فاحثها له فعدها أبوبكر فوجد في كل حثية ستين تمرة ، فقال : صدق رسول الله سمعته يقول : يا أبابكر كفي وكف علي في العدد سواء.
ودين النبي إنما كان عداته وهي ثمانون ألف درهم فأداها.
ومما قضى عنه الدين دين الله الذي هو أعظم ، وذلك ما كان افترضه الله عليه ، فقبض صلىاللهعليهوآله قبل أن يقضيه وأوصى عليا بقضائه عنه ، وذلك قول الله تعالى : « يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين (٣) » فجاهد الكفار في حياته وأمر عليا بجهاد المنافقين بعد وفاته ، فجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقضى بذلك دين رسول الله الذي كان لربه عليه.
وإنه صلىاللهعليهوآله جعل طلاق نسائه إليه.
أبوالدرعل المرادي وصالح مولى التومة عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوآله جعل طلاق نسائه إلى علي.
الاصبغ بن نباتة قال : بعث علي عليهالسلام يوم الجمل إلى عائشة : ارجعي وإلا تكلمت بكلام تبرين من الله ورسوله. وقال أميرالمؤمنين عليهالسلام للحسن : اذهب إلى فلانة فقل لها : قال لك أميرالمؤمنين : والذي فلق الحبة (٤) وبرئ النسمة لئن لم ترحلي الساعة لابعثن
____________________
(١) في المصدر : دين.
(٢) قال في النهاية (١ : ٢١٠) : في الحديث (كان يحثى على رأسه ثلاث حثيات) أى ثلاث غرف بيده ، واحدها حثية.
(٣) سورة التوبة : ٧٣ ، سورة التحريم : ٩.
(٤) في المصدر : والذى فلق الحبة والنواة اه.
إليك بما تعلمين ، فلما أخبرها الحسن بما قال أميرالمؤمنين عليهالسلام قامت ثم قالت : خلوني (١)! فقالت لها امرأة من المهالبة : أتاك ابن عباس شيخ بني هاشم وحاورتيه وخرج من عندك مغضبا وأتاك غلام فأقلعت؟ قالت : إن هذا الغلام ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله فمن أراد أن ينظر إلى مقلتي (٢) رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام ، وقد بعث إلي بما علمت ، قالت : فأسألك بحق رسول الله صلىاللهعليهوآله عليك إلا أخبرتينا بالذي بعث إليك ، قالت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله جعل طلاق نسائه بيد علي ، فمن طلقها في الدنيا بانت منه في الآخرة.
وفي رواية : كان النبي يقسم نفلا (٣) في أصحابه ، فسألناه أن يعطينا منه شيئا وألححنا عليه في ذلك ، فلامنا علي فقال : حسبكن ما أضجرتن رسول الله ، فتهجمناه ، فغضب النبي صلىاللهعليهوآله مما استقبلنا به عليا ثم قال : يا علي إني قد جعلت طلاقهن إليك فمن طلقتها منهن فهي بائنة ، ولم يوقت النبي صلىاللهعليهوآله في ذلك وقتا في حياة ولا موت ، فهي تلك الكلمة ، فأخاف أن أبين من رسول الله.
خطيب خوارزم :
علي في النساء له وصي |
|
أمين لم يمانع بالحجاب |
واستنابه في مبيته على فراشه ليلة الغار ، واستنابه في نقل الحرم إلى المدينة بعد ثلاثة أيام ، واستنابه في خاصة أمره وحفظ سره مثل حديث مارية لما قرفوها (٤) ، واستنابه على المدينة لما خرج إلي تبوك ، واستنابه في قتل الصناديد من قريش وولاه عليهم عند هزيمتهم ، وولاه حين بعثه إلى فدك؟ وولاه الخروج إلى بني زهرة ، وولاه يوم احد في أخذ الراية وكان صاحب رايته دونهم ، وولاه على نفسه عند وفاته وعلى غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، وقد روي عنه : إنا أهل بيت النبوة والرسالة والامامة وإنه لا يجوز أن يقبلنا عند ولادتنا القوابل ، وأن الامام لا يتولى ولادته وتغميضه (٥) وغسله ودفنه
____________________
(١) في المصدر : رحلونى خ ل.
(٢) المقلة : العين.
(٣) النفل بالتحريك الغنيمة.
(٤) قرف فلانا بكذا : عابه أواتهمه به وفي (ت) قذفوها.
(٥) غمض عينه : أطبق جفنيها.
إلا إمام مثله ، فتولى ولادته رسول الله وتولى وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله علي ، وتولى أميرالمؤمنين ولادة الحسن والحسين وتولياه وفاته ، ووصى إليه أمر الامة على ما يأتي بيانه إن شاء الله.
وقد استنابه يوم الفتح في أمر عظيم ، فإنه وقف حتى صعد على كتفيه وتعلق بسطح البيت وصعد ، وكان يقلع الاصنام بحيث يهتز حيطان البيت ويرمي بها فتنكسر ، ورواه أحمد بن حنبل وأبويعلى الموصلي في مسنديهما وأبوبكر الخطيب في تاريخه ومحمد بن الصباح الزعفراني في الفضائل والخطيب الخوارزمي في أربعينه وأبوعبدالله النطنزي في الخصائص وأبوالمضا صبيح مولى الرضا عليهالسلام قال : سمعته يحدث عن أبيه عن جده في قوله تعالى : « ورفعناه مكانا عليا (١) » قال : نزلت في صعود علي عليهالسلام على ظهر النبي صلىاللهعليهوآله لقلع الصنم.
أبوبكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن أميرالمؤمنين عليهالسلام عن قتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : قال لي جابر بن عبدالله دخلنا مع النبي مكة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنما ، فأمر بها رسول الله صلىاللهعليهوآله فالقيت كلها لوجوهها ، وكان على البيت صنم طويل يقال له « هبل » فنظر النبي صلىاللهعليهوآله إلى علي وقال له : يا علي تركب علي أو أركب عليك لا لقي هبل عن ظهر الكعبة؟ قلت : يا رسول الله بل تركبني فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة ، قلت : يا رسول الله بل أركبك ، فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره (٢) واستويت عليه ، فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لمسكتها بيدي ، فألقيت هبل عن ظهر الكعبة ، فأنزل الله تعالى « وقل جاء الحق وزهق الباطل (٣) ».
وروى أحمد بن حنبل وأبوبكر الخطيب في كتابيهما بالاسناد عن نعيم بن حكيم المدائني قال : حدثني أبومريم عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : انطلق بي رسول الله
____________________
(١) سورة مريم : ٥٧.
(٢) طأطأ ظهره : خفضه.
(٣) سورة بنى اسرائيل : ٨١
صلىاللهعليهوآله إلى الاصنام فقال : أجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة ، ثم صعد رسول الله على منكبي ثم قال لي : انهض بي إلى الصنم ، فنهضت به ، فلما رأى ضعفي عنه قال : اجلس فجلست وأنزلته عني ، وجلس لي رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال لي : اصعد ياعلي ، فصعدت على منكبه ، ثم نهض بي رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما نهض بى خيل لي أني لوشئت نلت السماء وصعدت على الكعبة ، وتنحى رسول الله صلىاللهعليهوآله فألقيت صنمهم الاكبر صنم قريش وكان من نحاس موتدا بأوتاد من حديد إلى الارض ، الخبر. وفي رواية الخطيب : فإنه يخيل إلي (١) أني لوشئت لنلت إلى افق السماء.
وحدثني أبوالحسن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبي بكر البيهقي بإسناده عن أبي مريم ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : احملني لنطرح الاصنام عن الكعبة ، فلم أطق حمله فحملني ، فلو شئت أتناول السماء فعلت ، وفي خبر : والله لو شئت أن أنال السماء بيدي لنلتها.
وروى القاضي أبوعمر وعثمان بن أحمد ، عن شيوخ ، بإسناده عن ابن عباس قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله لعلي صلوات الله عليهما : قم بنا إلى الصنم في أعلى الكعبة لنكسره ، فقاما جميعا فلما أتياه قال له النبي صلىاللهعليهوآله : قم على عاتقي (٢) حتي أرفعك عليه ، فأعطاه علي ثوبه فوضعه رسول الله صلىاللهعليهوآله على عاتقه ثم رفعه حتى وضعه على البيت ، فأخذ علي عليهالسلام الصنم وهم من نحاس ، فرمى به من فوق الكعبة ، فنادى رسول الله صلىاللهعليهوآله : انزل ، فوثب من أعلى الكعبة كأنما كان له جناحان. ويقال : إن عمر كان تمنى ذلك ، فقال عليهالسلام : إن الذي عبده لايقلعه.
ولما صعد أبوبكر المنبر نزل مرقاة ، فلما صعد عمر نزل مرقاة ، فلما صعد عثمان نزل مرقاة (٣) فلما صعد علي صلوات الله عليه صعد إلى موضع يجلس عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فسمع من الناس ضوضاء (٤) ، فقال : ما هذا الذي أسمعها؟ قالوا : لصعودك إلى موضع
____________________
(١) في المصدر : فانه تخيل إلى.
(٢) العاتق : ما بين المنكب والعنق.
(٣) أى درجة.
(٤) الضوضاء : أصوات الناس في الحرب أوفى الازدحام.
رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي لم يصعده الذي تقدمك! فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : « من قام مقامي ولم يعمل بعملي أكبه الله في النار » وأنا والله العامل بعمله ، الممتثل قوله ، الحاكم بحكمه ، فلذلك قمت هنا ، ثم ذكر في خطبته : معاشر الناس قمت مقام أخي و ابن عمي لانه أعلمني بسري وما يكون مني ، فكانه قال : أنا الذي وضعت قدمي على خاتم النبوة فما هذه الاعواد؟ أنا من محمد ومحمد مني ، وقال عليهالسلام في خطبة الافتخار : « أنا كسرت الاصنام ، أنا رفعت الاعلام ، أنا بنيت الاسلام » وقال ابن نباتة : « حتى شدبه أطناب الاسلام ، وهدبه أحزاب الاصنام ، فأصبح الايمان فاشيا بإقباله (١) والبهتان متلاشيا بصياله (٢) » ولمقام إبراهيم شرف على كل حجر لكونه مقاما لقدم إبراهيم ، فيجب أن يكون قدم علي أكرم من رؤوس أعدائه لان مقامه كتف النبوة.
مسند أبي يعلى : أبومريم قال علي عليهالسلام : انطلقت مع رسول الله ليلا حتى أتينا الكعبة ، فقال لي : اجلس فجلست ، فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآله على منكبي ثم نهضت به ، فلما رأى ضعفي عنه قال : اجلس فجلست ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله فجلس لي وقال : اصعد على منكبي ، ثم صعدت عليه ثم نهض بي حتى أنه ليخيل الي لوشئت نلت افق السماء وصعدت على البيت فأتيت صنم قريش ، وهو بمثال رجل من صفر أونحاس ، الحديث.
وروى إسماعيل بن محمد الكوفي في خبر طويل عن ابن عباس أنه كان صنم لخزاعة من فوق الكعبة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت فانطلقا ليلا فقال له : يا أبا الحسن ارق على ظهري : وكان طول الكعبة أربعين ذراعا ، فحمله رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : انتهيت يا علي؟ قال : والذي بعثك بالحق لوهممت أن أمس السماء بيدي لمسستها ، واحتمل الصنم وجلد به الارض (٣) فتقطع قطعا ، ثم تعلق بالميزاب وتخلى بنفسه إلى الارض ، فلما سقط ضحك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ما
____________________
(١) في المصدر : بأقياله.
(٢) الصيال : الصولة والقدرة
(٣) اى صرعه.
يضحكك يا علي أضحك الله سنك؟ قال : ضحكت يا رسول الله تعجبا من أني رميت بنفسي من فوق البيت إلى الارض فما ألمت ولا أصابني وجع ، فقال : كيف تألم يا أبا الحسن أو يصيبك وجع إنما رفعك محمد وأنزلك جبرئيل؟ وفي أربعين الخوارزمي في خبر طويل فانطلقت أنا والنبي صلىاللهعليهوآله وخشينا أن يرانا أحد من قريش أو غيرهم ، فقذفته فتكسر ونزوت (١) من فوق الكعبة.
فهذه دلالات ظاهرة على أنه أقرب الناس إليه وأخصهم لديه وأنه ولي عهده و وصيه على امته من بعده ، وإنه صلىاللهعليهوآله لم يستنب المشائخ في شئ إلا ما روي في أبي بكرأنه استنابه في الحج ، وفي قول عائشة : مروا أبابكر ليصلي بالناس ، وكلا الموضعين فيه خلاف ، ولعلي بن أبي طالب مزايا ، فإنه لم يول عليه أحدا ، وما أخرجه إلى موضع ولاتركه في قوم إلا ولاه عليهم ، وكان الشيخان تحت ولاية اسامة وعمروبن العاص وغيرهما (٢).
٢ ـ مع ، ع : أحمد بن يحيي المكتب ، عن أحمد بن محمد الوراق ، عن بشير بن سعيد بن قيلويه ، عن عبدالجباربن كثير التميمي اليماني قال : سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول : سألت جعفر بن محمد عليهالسلام فقلت له : يا ابن رسول الله في نفسي مسألة اريد أن أسألك عنها. فقال : إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وإن شئت فاسأل (٣) : قال قلت له : يا ابن رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال (٤) بالتوسم والتفرس ، أما سمعت قول الله عزوجل : « إن في ذلك لآيات للمتوسمين (٥) » وقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله »؟ قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فأخبرني بمسألتي ، قال : أردت أن تسألني عن رسول الله لم لم يطق حمله علي عليهالسلام عند حط الاصنام (٦) من سطح الكعبة مع قوته وشدته و [ مع ] ماظهر منه
____________________
(١) أى وثبت.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٣٢٨. ٣٣٧.
(٣) في المصدرين : وإن شئت فسل.
(٤) في المعانى : قبل سؤالى عنه. قال اه.
(٥) سورة الحجر : ٥٧.
(٦) في المعانى : عند حطه الاصنام.
في قلع باب القوم بخيبر (١) والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لايطيق حمله أربعون رجلا ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يركب الناقة والفرس والحمار (٢) وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي في القوة والشدة؟ قال : فقلت له : عن هذا والله أردت أن أسألك يا ابن رسول الله فأخبرني ، فقال : إن عليا برسول الله تشرف (٣) وبه ارتفع وبه وصل إلى أن أطفأ نار الشرك وأبطل كل معبود (٤) من دون الله عزوجل ، ولو علاه النبي صلىاللهعليهوآله لحط الاصنام لكان بعلي مرتفعا وشريفا واصلا إلى حط الاصنام ، ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه (٥) ، ألا ترى أن عليا قال : « لما علوت ظهر رسول الله شرفت وارتفعت حتى لوشئت أن أنال السماء لنلتها »؟ أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله وقد قال علي عليهالسلام : « أنا من أحمد كالضوء من الضوء! » أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله عزوجل قبل خلق الخلق بألفي عام (٦)؟ وأن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه (٧) شعاع لامع فقالت : إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله تبارك الله وتعالى إليهم : هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة ، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي ،
____________________
(١) في المعانى : في قلع باب القموص بخيبر. قال في القاموس (٢ : ٣١٥) القموص : جبل بخيبر عليه حصن ابى الحقيق اليهودى.
(٢) في المعانى : يركب الناقة والفرس والبغلة والحمار.
(٣) في المعانى : شرف.
(٤) في المعانى : وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود.
(٥) أى لكان أميرالمومنين أفضل من رسول الله.
(٦) هذا النحو من التحديدات التى وردت في بعض الروايات ليس من قبيل تحديدات الناس الامور با الايام والاعوام. ضرورة عدم تحقق الزمان الحاصل من حركة الارض قبل ايجادها ، كما أنه لا معنى للزمان بعد انهدامها ، فهذا نظير قوله تعالى : (خالدين فيها مادامت السموات والارض) (هود : ١٠٨ و ١٠٩) ونحن نعلم من القرآن أنه لا سماء ولا أرض يومئذ ، والمراد من هذا ونظائره التبعيد ، فان للعرب ألفاظا للتبعيد في معنى التأييد ، يقولون : (لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار مادامت السماء والارض وما نبت النبت وما اختلف الجرة والدرة وما ذرشارق) ظنا منهم ان هذه الاشياء لا تتغير ويرون بذلك التأييد لا التوقيف ، فخطابهم سبحانه بالمتعارف من كلامهم على قدر عقولهم وما يعرفون ، وكذلك الكلام في الروايات الموقتة خلق الانوار الطيبة النبوية والعلوية : وفي المقام كلام ربما لا يسعه بعض الافهام.
(٧) في المعانى : قد انشعب فيه.