بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

كنز : من كتاب الغيبة للشيخ المفيد عن سلامة مثله (١).

بيان : الظاهر أن هذا الرق كان مكتوبا قبل آدم بألفي عام ، فجعل الله لاظهار إعجازه عليه‌السلام بين تلك البسرة في هذه الساعة.

١١ ـ نى : علي بن الحسين ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين الرازي ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن كثير الرقى ، قال : قلت : لابي عبدالله جعفر بن محمد عليه‌السلام : جعلت فداك أخبرني عن قول الله عزوجل : « السابقون السابقون اولئك المقربون (٢) » قال : نطق الله بهذا (٣) يوم ذرأ الخلق في الميثاق وقبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، فقلت : فسر لي ذلك ، فقال : إن الله عزوجل لما أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين ورفع لهم نارا فقال : ادخلوها ، فكان أول من دخلها محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين و الحسن والحسين عليهم‌السلام وتسعة من الائمة إمام بعد إمام ، ثم أتبعهم بشيعتهم فهم والله السابقون (٤).

١٢ ـ نى : أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب ، عن أبيه ، عن القاسم بن هشام ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : دخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه‌السلام وأبي عنده جالس إذ دخل أبوالحسن موسى وهو غلام ، فقمت إليه فقبلته وجلست ، فقال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : يا إبراهيم أما إنه صاحبك من بعدي ، أما ليهلكن فيه أقوام ويسعد آخرون فلعن الله قاتله وضاعف على روحه العذاب ، أما ليخرجن الله من صلبه خير أهل الارض في زمانه سمي جده ووراث علمه وأحكامه وقضاياه ومعدن الامامة ورأس الحكمة ، يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفة حسدا له ، ولكن الله بالغ أمره ولو كره المشركون ، ويخرج الله من صلبه تكملة اثني عشر إماما مهديا ، اختصهم الله بكرامته وأحلهم دار قدسه المنتظر للثاني عشر منهم (٥) كالشاهر سيفه بين يديه ، بل كالشاهر بين يدي رسول الله (ص) (٦)

____________________

(١) مخطوط. وأورده في البرهان ٢ : ١٢٣.

(٢) سورة الواقعة : ١٠ و ١١.

(٣) في المصدر : نطق الله بها.

(٤) الغيبة للنعمانى : ٤٣.

(٥) في ( م ) و ( د ) المقر للثانى عشر منهم اه.

(٦) في المصدر : المنتظر الثانى عشر ، الشاهر سيفه بين يديه كان كالشاهر سيفه بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اه.

٤٠١

يذب عنه ، ودخل رجل من موالي بني امية فانقطع الكلام ، فعدت إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أحد عشر مرة أريد أن يستتم الكلام فما قدرت على ذلك ، فلما كان قابل السنة الثانية دخلت عليه وهو جالس ، فقال : يا إبراهيم هو المفرج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد (١) وبلاء طويل وجوع وخوف؟ فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان ، حسبك يا إبراهيم ، قال : فما رجعت بشئ أسر إلي من هذا لقلبي ولا أقر لعيني (٢).

١٣ ـ نى : الكليني ، عن علي بن محمد ، عن سهل ، عن ابن شمون (٣) ، عن الاصم عن كرام قال : حلفت فيما بيني وبين نفسي أن لا آكل طعاما بنهار (٤) أبدا حتى يقوم قائم آل محمد ، فدخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقلت له : رجل من شيعتك جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بالنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : صم يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة أيام التشريق ولا إذا كنت مسافرا ، فإن الحسين عليه‌السلام لما قتل عجت السماوات والارض ومن عليها (٥) وقالوا : يا ربنا أتأذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم من جديد الارض (٦) بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك؟ فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي وياسمائي ويا أرضي اسكنوا ، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد واثنا عشر وصيا له ، فأخذ بيد فلان من بينهم وقال : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر منهم. قالها : ثلاثا ، وجاء في غير رواية محمد بن يعقوب الكليني : بهذا أنتصر منهم ولو بعد حين (٧).

١٤ ـ كش : جعفر بن أحمد ، عن نوح بن إبراهيم المحاربي ، قال : وصفت الائمة لابي عبدالله عليه‌السلام فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله

____________________

(١) الضنك : الضيق من كل شئ.

(٢) الغيبة للنعمانى : ٤٣ و ٤٤.

(٣) كذا في النسخ ، وفى المصدر : عن سهل ، عن محمد بن الحسن بن ميمون اه.

(٤) كناية عن الصوم.

(٥) في المصدر بعد ذلك : والملائكة.

(٦) جد الشئ : قطعه. وقال في النهاية ( ١ : ١٤٧ ) : جديد الارض أى وجهها. وفى المصدر : حتى نجذهم من جديد الارض. وهو أيضا بمعنى القطع.

(٧) الغيبة للنعمانى : ٤٦.

٤٠٢

وأن عليا إمام ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت ، فقال : رحمك الله ، ثم قال : اتقوا الله عليكم بالورع وصدق الحديث وأداء الامانة و وعفة البطن والفرج (١).

١٥ ـ نص : علي بن الحسين ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن همام ، عن الحميري ، عن عمر بن علي العبدي ، عن داود بن كثير الرقي ، عن يونس بن ظبيان قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله إني دخلت على مالك وأصحابه وعنده جماعة يتكلمون في الله فسمعت بعضهم يقول : إن لله وجها كالوجوه و بعضهم يقول : له يدان! واحتجوا لذلك بقول الله تبارك وتعالى : « بيدي استكبرت (٢) » وبعضهم يقول : هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة! فما عندك في هذا يا ابن رسول الله؟ قال : وكان متكئا فاستوى جالسا وقال : اللهم عفوك عفوك ، ثم قال : يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله ولا تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين ، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه وقوله : « خلقت بيدي استكبرت » فاليد القدرة كقوله : تعالى « وأيدكم بنصره (٣) » فمن زعم أن الله في شئ أو على شئ أو يحول من شئ إلى شئ أو يخلو منه شئ أو يشغل به شئ فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كل شئ ، لا يقاس بالقياس ولا يشبه بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده بعيد في قربه ، ذلك الله ربنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبه ووصفه بهذه الصفة (٤) فهو من الموحدين ، و من أحبه ووصفه بغير هذه الصفة فالله منه برئ ونحن منه برآء.

ثم قال عليه‌السلام : إن اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فإن حب الله إذا ورثه القلب واستضاء به أسرع إليه اللطف ، فإذا نزل [ منزلة ] اللطف (٥) صار من

____________________

(١) رجال الكشى : ٢٦٣.

(٢) سورة ص : ٧٥.

(٣) سورة الانفال : ٢٦.

(٤) في المصدر و ( د ) فمن أراد الله وأحبه بهذه الصفة.

(٥) في المصدر : فان حب الله اذا ورثه القلب واستضاء به وأسرع اليه اللطف ، فاذا نزل اللطف اه.

٤٠٣

أهل الفوائد ، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة فصار صاحب فطنة (١) فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة ، فإذا عمل في القدرة عرف الاطباق السبعة ، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في فكره (٢) بلطف وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه ، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى ، فعاين (٢) ربه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء ، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون ، إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت ، وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب ، و إن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة ، فمن أخذه بهذه السيرة إما أن يسفل وإما أن يرفع ، وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع (٤) إذ لم يرع حق الله ولم يعمل بما امر به ، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته ولم يحبه حق محبته ، فلا يغرنك (٥) صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم ، فإنهم حمر مستنفرة.

ثم قال : يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنا ورثناه (٦) و اوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب ، فقلت : يا ابن رسول الله وكل من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان من ولد علي وفاطمة عليهما‌السلام؟ فقال : ماورثه إلا الائمة الاثنا عشر ، قلت : سمهم لي يا ابن رسول الله قال : أولهم علي بن أبي طالب وبعده الحسن والحسين وبعده علي بن الحسين ، وبعده محمد بن علي الباقر ، ثم أنا ، وبعدي موسى ولدي ، وبعد موسى علي ابنه ، وبعد علي محمد ابنه (٧) وبعد محمد علي ابنه ، وبعد علي الحسن ابنه ،

____________________

(١) في المصدر : فاذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة.

(٢) كذا في ( ك ) و ( ت ) وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : في ذكر.

(٣) في المصدر : تعاين.

(٤) في المصدر : ولم يرفع.

(٥) في المصدر : فلا تغرنك.

(٦) في المصدر : فانا ورثنا.

(٧) في المصدر : ابنه محمد.

٤٠٤

وبعد الحسن الحجة صلوات الله عليهم ، اصطفانا الله وطهرنا وآتانا (١) ما لم يؤت أحدا من العالمين.

ثم قلت : يا ابن رسول الله إن عبدالله بن سعد دخل عليك بالامس فسألك عما سألتك فأجبته بخلاف هذا ، فقال : يا يونس كل امرئ وما يحتمله وكل وقت حديثه (٢) وإنك لاهل لما سألت ، فاكتمه إلا عن أهله والسلام.

قال أبومحمد : وحدثني أبوالعباس بن عقدة ، عن الحميري ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن ابن اخت شعيب العقرقوفي ، عن خاله شعيب قال : كنت عند الصادق إذ دخل عليه يونس فسأله و ذكر الحديث ، إلا أنه يقول في حديث شعيب عند قوله ليونس : إذا أردت العلم الصحيح فعندنا ، فنحن أهل الذكر الذي قال الله تعالى : « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون » (٣).

بيان : قوله : « فمن أخذه بهذه السيرة » وفي بعض النسخ « فمن أخذه بهذه المسيرة » فالضمير راجع إلى الله أو إلى كل واحد من الحكمة والعلم والصدق ، والمراد بهذه السيرة أو المسيرة طلب الحكمة بالصمت ، والعلم بالطلب ، والصدق بالعبادة ، ولا يبعد أن يكون في الاصل « فمن أخذ هذه المسيرة » ولعل حاصل المعنى أن الانسان إذا عمل الطاعات مع التفكر وأعمل فكرته في خالقه وفيما خلق له وفيما يجب عليه تحصيله وفي السبيل الذي ينبغي له أن يحصل ذلك منه وفي الباب الذي يجب أن يأتي الله منه وفي العمل الذي يوجب قربه ويورث نجاته فيعمل بعد ذلك خالصا على يقين فذلك يوصله إلى درجة المحبة ويفتح الله عليه به أبواب الحكمة ، ويفيض على قلبه من ألطافه الخاصة ، وأما إذا طلب الحكمة بمحض الصمت ، والعلم بمحض الطلب من غير أن يتفكر فيمن يطلب منه العلم والصدق بالعبادة من غير أن يتفكر فيما ينجيه منها فمثل هذا قد يتفق له سبيل النجاة

____________________

(١) كذا في ( ك ) وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : واوتينا.

(٢) في المصدر : ولكل وقت جريته.

(٣) كفاية الاثر : ٣٤ و ٣٥. والاية في سورة النحل : ٤٣ والانبياء : ٧.

٤٠٥

فيرفع إلى بعض السعادات وقد يتفق له طريق الهلاك فيتحيرفي الجهالات ، ولا يزيده كثرة السير إلا بعدا عن الكمالات ، وهذا الاخير إليه أقرب من الاول ولتحقيق ذلك مقام آخر ، وهذا الخبر مشتمل على كثير من الحقائق الربانية والاسرار الالهية ، ينتفع بها من نور الله قلبه بنور الايمان ، والله الموفق وعليه التكلان.

١٦ ـ نص : الحسين بن علي ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبدالملك بن أعين ، فقال له معاوية بن وهب : يا ابن رسول الله ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه ، على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة ، على أي صورة يرونه؟ فتبسم عليه‌السلام ثم قال : يامعاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ثم (١) لايعرف الله حق معرفته! ثم قال عليه‌السلام : يامعاوية إن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يرالرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان ، وإن الرؤية على وجهين : رؤية القلب ورؤية البصر ، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته ، لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من شبه الله بخلقه فقد كفر » و لقد حدثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي عليه‌السلام قال : سئل أميرالمؤمنين فقيل له يا أخا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال : وكيف أعبد من لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ولابد للمخلوق من الخالق فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا ، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا ، ويلهم أولم يسمعوا قول الله تعالى (٢) « لاتدر كه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير (٣) » وقوله : « لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا (٤) »

____________________

(١) ليست كلمة ثم في المصدر.

(٢) في المصدر : يقول الله تعالى.

(٣) سورة الانعام : ١٠٣.

(٤) سورة الاعراف : ١٤٣.

٤٠٦

وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكت الارض وصعقت (١) الجبال « فخر موسى صعقا » أي ميتا « فلما أفاق » ورد عليه روحه « قال سبحانك تبت إليك » من قول من زعم أنك ترى ، ورجعت إلى معرفتي بك أن الابصار لاتدركك « وأنا أول المؤمنين » وأول المقرين بأنك ترى ولاترى وأنت بالمنظر الاعلى.

ثم قال عليه‌السلام : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب والاقرار له بالعنودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره ولا شبيه له ولانظير له ، وأن يعرف أنه قديم مثبت ، موجود غير فقيد موصوف من غير شبيه ولامثيل ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، وبعده معرفة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والشهادة له بالنبوة وأدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته وأن ما أتى به من كتاب أوأمر أونهي فذلك من الله عزوجل ، وبعده معرفة الامام الذي به يأتم بنعته ، (٢) وصفته واسمه في حال العسر واليسر وأدنى معرفة الامام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله والتسليم له في كل أمر والرد إليه والاخذ بقوله ويعلم أن الامام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب وبعده الحسن ، ثم الحسين ، ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنا ثم بعدي موسى ابني وبعده علي ابنه ، وبعد علي (٣) محمد ابنه ، وبعد محمد (٤) علي ابنه ، وبعد علي الحسن ابنه ، والحجة من ولد الحسن.

ثم قال : يامعاوية جعلت لك أصلا في هذا فاعمل عليه ، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الاحوال ، فلا يغرنك قول من زعم (٥) أن الله تعالى يرى بالصبر ، قال : وقد قالوا : أعجب من هذا أولم ينبسوا أبي (٦) آدم إلى المكروه؟ أولم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه؟ أولم ينسبوا داود عليه‌السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟

____________________

(١) في المصدر : ضعضعت خ ل أى انهدمت.

(٢) متعلق بقوله معرفة.

(٣ و ٤) في المصدر : وبعده.

(٥) في المصدر : من يزعم.

(٦) كذا في ( ك ) و ( ت ) وليست كلمة أبى في غيرهما من النسخ والمصدر.

٤٠٧

أولم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أولم ينسبوا موسى عليه‌السلام إلى ما نسبوه من القتل؟ أولم ينسبوا رسول الله إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أولم ينسبوا علي ابن أبي طالب عليه‌السلام إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الاسلام ليرجعوا على أعقابهم ، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم « تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا » (١).

[ بيان : « وصعقت الجبال » فيه استعارة أوتجوز في الاسناد ، وفي بعض النسخ « و صفصفت » أي استوت بالارض أوانفردت عن أهلها. في القاموس : الصفصفت : المستوي من الارض وصفصف : سار وحده فيه (٢) ].

١٧ ـ نص : أحمد بن إسماعيل ، عن محمد بن همام ، عن الحميري ، عن موسى بن مسلم ، عن مسعدة قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متكئا على عصاه ، فسلم فرد أبوعبدالله عليه‌السلام الجواب ، ثم قال : يا ابن رسول الله ناولني يدك اقبلها ، فأعطاه يده فقبلها ، ثم بكى ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما يبكيك ياشيخ؟ قال : جعلت فداك يا ابن رسول الله أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول : هذا الشهر وهذه السنة ، وقد كبرت سني ودق عظمي (٣) واقترب أجلي ، ولا أرى فيكم ما احب (٤) أراكم مقتلين مشردين ، أرى عدوكم يطيرون بالاجنحة ، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبدالله عليه‌السلام ثم قال : ياشيخ إن الله أبقاك حتى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الاعلى ، وإن حلت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن ثقله ، فقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني مخلف فيكم الثقلين فتمسكوا بهمالن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فقال الشيخ : لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

ثم قال : يا شيخ اعلم أن قائمنا يخرج من صلب الحسن ، والحسن يخرج من صلب

____________________

(١) كفاية الاثر : ٣٥.

(٢) القاموس ٣ : ١٦٣.

(٣) في المصدر : ورق عظمى.

(٤) في المصدر : وأرى فيكم ما لا احب.

٤٠٨

علي ، وعلي يخرج من صلب محمد ، ومحمد يخرج من صلب علي ، وعلي يجرج من صلب ابني هذا ـ وأشار إلى موسى عليه‌السلام ـ وهذا خرج من صلبي ، ونحن اثنا عشر كلنا معصومون مطهرون. فقال الشيخ : يا سيدي بعضكم أفضل من بعض؟ قال : لا نحن في الفضل سواء ، ولكن بعضنا أعلم من بعض ، ثم قال عليه‌السلام : يا شيخ والله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله تعالى ذكره ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت ، ألا إن شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته ، هناك يثبت الله على هداه المخلصين ، اللهم أعنهم على ذلك (١).

بيان : لا يخفى أن هذا الخبر مخالف لما دلت عليه الاخبار الكثيرة من كونهم في العلم والطاعة سواء ولاميرالمؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام فضلهم ، ولا يبعد أن يكون اشتبه على الرواي فعكس ، ويمكن توجيهه بأن يكون المراد أعلمية بعضهم من بعض في بعض الاحوال أي قبل إمامة الآخر واستكمال علمه ، ولا يبعد أن يكون مبنيا على البداء ، فإن الحكم البدائي يصل إلى إمام الزمان ولم يكن وصل إلى من قبله ، وإن ورد في الخبر أنه يعرض على أرواح من تقدمه من الائمة لئلايكون بعضهم أعلم من بعض ، لكن يصدق عليه أنه أعلم ممن كان قبله في حياته ، والله تعالى يعلم وحججه عليهم‌السلام حقائق أحوالهم.

١٨ ـ نص : أبوالفضل الشيباني ، عن الكليني ، ، عن محمد العطار ، عن سلمة بن الخطاب ، عن محمد الطيالسي ، عن ابن عميرة وصالح بن عقبة جميعا ، عن علقمه بن محمد الحضرمي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : الائمة اثنا عشر ، قلت (٣) : يا ابن رسول الله فسمهم لى ، قال عليه‌السلام : من الماضين علي بن أبي طالب عليه‌السلام والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ثم أنا ، قلت : فمن بعدك يا بن رسول الله؟ فقال : إني أوصيت إلى ولدي موسى وهو الامام بعدي ، قلت : فمن بعد موسى؟ قال : علي ابنه يدعى الرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان ، ثم بعد علي ابنه محمد ، وبعد محمد علي ابنه ، وبعد علي الحسن ابنه

____________________

(١) كفاية الاثر : ٣٥ : و ٣٦.

(٢) في المصدر : قال قلت.

٤٠٩

والمهدي من ولد الحسن عليه‌السلام.

ثم قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعلي إن قائمنا إذا خرج يجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا عدد رجال بدر ، فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف مغمود ناداه السيف : قم يا ولي الله فاقتل أعداء الله (١).

٤٧

(باب )

* ( نصوص موسى بن جعفر وسائر الائمة صلوات الله عليهم ) *

* ( عليهم سلام الله عليهم أجمعين ) *

١ ـ نى : سلامة بن محمد ، عن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أحمد بن محمد السياري عن أحمد بن هليل قال : وحدثنا علي بن محمد بن عبيدالله الجبائي ، عن أحمد بن هلال ، عن امية بنت ميمون الشعيري ، عن زياد القندي قال : سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر ابن محمد عليهم‌السلام يقول : إن لله عزوجل بيتا (٢) من نور جعل قوائمه أربع أركان (٣) أربعة أسماء « تبارك وسبحان والحمد والله » ثم خلق أربعة من أربعة ، ومن أربعة أربعة ثم قال عزوجل : « إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا (٤) ».

بيان : هذا الخبر شبيه بما مر في باب الاسماء من كتاب التوحيد (٥) ومضارع له في الاشكال والاعضال وكان المناسب ذكره هناك ، وإنما أوردناه ههنا لان الظاهر بقرينة الاخبار الاخر الواردة في تفسير الآية أن الغرض تطبيقه على عدد الائمة ، وهو من الرموز

____________________

(١) كفاية الاثر : ٣٦.

(٢) في المصدر : ان الله عزوجل خلق بيتا اه.

(٣) في المصدر و ( ت ) : اربعة اركان.

(٤) الغيبة للنعمانى : ٤٢ و ٤٣ ـ والاية في سورة التوبة : ٣٦.

(٥) راجع الجزء الرابع : ١٦٦ و ١٦٧.

٤١٠

والمتشابهات التي لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم ، ويمكن أن يقال على وجه الاحتمال : أن أسماءه تعالى منها ما يدل على الذات ومنها ما يدل على صفات الذات ، ومنها ما يدل على التنزيه ، ومنها ما يدل على صفات الفعل ، فالله يدل على الذات ، والحمد على ما يستحق عليه الحمد من الصفات الكمالية الذاتية ، وسبحان على الصفات التنزيهية ، وتبارك لكونه من البركة والنماء على صفات الفعل ، أو تبارك على صفات الذات لكونه من البروك والثبات ، والحمد على صفات الفعل لكونه على النعم الاختيارية.

ويتشعب منها أربعة لانه يتشعب من اسم الذات ما يدل على توحيده وعدم التكثير فيه ، ولذا بدأ الله تعالى به بعد « الله » فقال : « قل هو الله أحد » ويتشعب من الاحد الصمد ، لان كونه غنيا عما سواه وكون ما سواه محتاجا إليه من لوازم أحديته وتفرده بذلك ، ولذا ثني به في سورة التوحيد بعد ذكر الاحد.

وأما صفات الذات فيتشعب أولا منها القدير ، ولما كانت من القدرة الكاملة يستلزم العلم الكامل تشعب منه العليم ، وسائر صفات الذات ترجع إليهما عند التحقيق ، ويحتمل العكس أيضا بأن يقال : يتشعب القدرة من العلم كما لا يخفى على المتأمل.

وأما ما يدل على التنزيه فيتشعب منها أولا السبوح الدال على تنزيه الذات ثم القدوس الدال على تنزيه الصفات.

وأما صفات الفعل فيتشعب منها أولا الخالق ، ولما كان الخلق مستلزما للرزق أو التربية تشعب منه ثانيا الرازق أو الرب ولما كانت تلك الصفات الكمالية دعت إلى بعثة الانبياء ونصب الحجج عليهم‌السلام * فبيت النور الذي هو بيت الامامة كما بين في آية النور مبنية على تلك القوائم ، أو أنه تعالى لما حلاهم بصفاته وجعلهم مظهر آيات جلاله وعبر عنهم بأسمائه وكلماته فهم متخلفون بأخلاق الرحمان ، وبيت نورهم وكمالهم مبني على تلك الاركان ، وبسط القول فيه يفضي إلى ما لا تقبله العقول والاذهان ولا يجرى في تحريره الاقلام بالبنان ، فهذا جملة مما خطر بالبال في حل هذه الرواية ، والله ولي التوفيق والهداية.

____________________

* أقول : ههنا سقط وهو : بنى بيتا للنبوة وبيتا للامامة اه ( ب ).

٤١١

٢ ـ نص : محمد بن علي ، عن الدقاق والوراق معا ، عن الصوفي ، عن الروياني ، عن عبدالعظيم الحسني قال : دخلت على سيدي علي بن محمد عليهما‌السلام فلما بصر بي (١) قال لي : مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا ، فقلت له : يا ابن رسول الله إني اريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عزوجل ، فقال : هات يا أبا القاسم ، فقلت : إني أقول : إن الله تبارك تعالى واحد ليس كمثله شئ ، خارج من الحدين : حد الابطال وحد التشبيه ، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الاجسام ومصور الصور وخالق الاعراض والجواهر ، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه. وإن محمد عبده ورسوله خاتم النبيين لا بني بعده إلى يوم القيامة وإن شريعته خاتمه الشرائع ولا شريعة بعده إلى يوم القيامة (٢). وأقول إن الامام والخليفة وولي الامر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي فقال عليه‌السلام : ومن بعدي الحسن ابني. فكيف الناس بالخلف من بعده (٣)؟ قال : فقلت : وكيف ذلك يا مولاي؟ قال : لانه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

قال : فقلت : أقررت وأقول : إن وليهم ولي الله وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، وأقول : إن المعراج حق والمسألة في القبر حق ، وإن الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق ، وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن الله يبعث من في القبور. وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم (٤) والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقال : علي بن محمد عليهما‌السلام : يا أبا القاسم هذا

____________________

(١) في المصدر : فلما نظرنى. وفى ( م ) و ( د ) : فلما بصرنى.

(٢) ليست هذه الجملة في المصدر ولا في ( ت ) و ( د ).

(٣) في المصدر : في الخلف من بعده.

(٤) في ( د ) والصوم والزكاة.

٤١٢

والله دين الله ارتضاه لعباده فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (١).

٣ ـ نص : علي بن محمد بن منويه ، عن الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن عبدالله بن أحمد الموصلي ، عن الصقر بن أبي دلف قال : لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن عليه‌السلام جئت أسأل عن خبره قال : فنظر إلي حاجب المتوكل (٢) فأمر أن أدخل إليه ، فقال : يا صقر ما شأنك؟ فقلت : خير أيها الاستاذ ، فقال : اقعد ، قال الصقر : فأخذني ما تقدم وما تأخر ، فقلت : أخطأت في المجئ ، قال : فوحى الناس عنه (٣) ثم قال : ما شأنك وفيم جئت؟ قلت : بخير ما ، فقال : لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين ، فقال : اسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على على مذهبك ، فقلت : الحمد لله ، فقال : تحب أن تراه؟ قلت : نعم ، قال : اجلس حتى يخرج صاحب البريد ، قال : فجلست فلما خرج قال لغلامه : خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه ، قال : فأدخلني إلى الحجرة وأومأ إلى بيت (٤) ، فدخلت فإذا هو عليه‌السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور ، قال : فسلمت فرد علي السلام ، ثم أمرني بالجلوس فجلست ، ثم قال : يا صقر ما أتى بك؟ قلت : سيدي جئت أتعرف خبرك (٥) ، قال : ثم نظرت إلى القبر فبكيت ، فنظر إلي فقال : يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء ، فقلت : الحمد لله ، ثم قلت : يا سيدي حديث يروى عن النبي (ص) لا أعرف معناه ، فقال : وما هو؟ قلت : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تعادوا الايام فتعاديكم » ما معناه؟ فقال : نعم الايام نحن ما قامت السماوات والارض ، فالسبت اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والاحد اسم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلاثاء

____________________

(١) كفاية الاثر : ٣٨.

(٢) في المصدر : صاحب المتوكل.

(٣) في المصدر : ففرق الناس عنه.

(٤) في المصدر : واوتيت إلى بيت.

(٥) في ( ك ) : أتعرف خطرك.

٤١٣

علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم‌السلام ، والاربعاء موسى بن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد بن علي وأنا ، والخميس ابني الحسن ، والجمعة ابن ابني ، وإليه يجتمع (١) عصابة الحق ، وهو الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وهذا معنى الايام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ، ثم قال عليه‌السلام : ودع فلا آمن عليك (٢).

بيان : قال الجزري : فيه : « إن ابن مسعود سلم عليه وهو يصلي ولم يرد عليه ، قال : فأخذني ما قدم وما حدث » أي الحزن والكأبة ، يريد أنه عاودته أحزانه القديمة واتصلت بالحديثة. وقيل : معناه : غلب علي التفكر في أحوالي القديمة والحديثة أيها كان سببا لترك رده السلام علي انتهى (٣). والوحي : الاشارة ، أقول : وجدنا كثير من الاخبار العامية تعرض على الائمة عليهم‌السلام وهم لا يصرحون بكونها موضوعة تقية ، بل يؤولونها على ما يوافق الحق ، ويمكن أن يكون هذا الخبر أيضا كذلك مع أن لاخبارهم أيضا ظهرا وبطنا كالقرآن والله يعلم ،

٤٨

(باب)

* ( نص الخضر عليه‌السلام عليهم صلوات الله عليهم ) *

* ( وبعض النوادر ) *

١ ـ ك ، ن : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميري ومحمد العطار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن البرقي ، عن داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني (٤) قال : أقبل أمير المؤمنين ذات يوم ومعه الحسن بن علي عليهما‌السلام وسلمان الفارسي رحمه‌الله

____________________

(١) في المصدر : تجمع.

(٢) كفاية الاثر : ٣٨.

(٣) النهاية : ٢٣٥.

(٤) في العيون : محمد بن على الباقر. وهو سهو فان داود بن القاسم من أصحاب الجواد و العسكريين عليهم‌السلام ، راجع جامع الرواة ١ : ٣٠٧.

٤١٤

وأمير المؤمنين عليه‌السلام متكئ على يد سلمان ، فدخل المسجد الحرام إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلم على أمير المؤمنين عليه‌السلام فرد عليه‌السلام فجلس ، ثم قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : سلني عما بدالك ، فقال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟

فالتفت أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام فقال : يابا محمد أجبه فقال عليه‌السلام : أما ما سألت عنه من أمر الانسان إذا نام أين تذهب روحه؟ فإن روحه متعلقة بالريح ، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فإن أذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الريح الروح (١) وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح واسكنت في بدن صاحبها ، وإن لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق ، فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي ، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره.

وأما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة (٢) وبدن غير مضطرب فاستكنت (٣) تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وامه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق

____________________

(١) في كمال الدين : جذبت تلك الروح الريح.

(٢) اى ساكنة.

(٣) في كمال الدين : وانسكبت. أى انصبت.

٤١٥

غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الاعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق الاخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أن محمد رسول الله ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنك وصي رسول الله (١) والقائم بحجته ـ وأشار إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته ـ وأشار إلى [ أبي محمد ] الحسن عليه‌السلام ـ وأشهد أن الحسين بن علي عليه‌السلام وصي أبيك والقائم بحجته بعدك ، و أشهد على علي بن الحسين عليه‌السلام (٢) أنه القائم بأمر الحسين عليه‌السلام بعده ، وأشهد على محمد بن علي عليه‌السلام أنه القائم بأمر علي بن الحسين (٣) ، وأشهد على جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه القائم بأمر محمد بن علي ، وأشهد على موسى بن جعفر عليه‌السلام أنه القائم بأمر جعفر بن محمد و أشهد على علي بن موسى عليه‌السلام أنه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى ، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي ، وأشهد على الحسن بن علي عليه‌السلام أنه القائم بأمر علي بن محمد ، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي عليه‌السلام لا يسمى ولا يكنى (٤) حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا ، أنه القائم بأمر الحسين بن علي ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يابا محمد اتبعه فانظر أين يقصد ، فخرج الحسن بن علي عليه‌السلام في أثره قال : فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد (٥) فما دريت أين أخذ من أرض الله عزوجل ، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأعلمته ، فقال : يامحمد أتعرفه؟ فقلت الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم ، فقال : هو الخضر عليه‌السلام (٦).

____________________

(١) في العيون و ( د ) : وصى رسوله.

(٢) في العيون : وأشهد أن على بن الحسين عليه‌السلام.

(٣) في العيون : بأمر على بن الحسين بعده.

(٤) في العيون : لا يكنى ولا يسمى.

(٥) في العيون : خارجا من المسجد.

(٦) كمال الدين : ١٨١ ـ ١٨٣. عيون الاخبار : ٣٩ و ٤٠.

٤١٦

غط : جماعة ، عن عدة من أصحابنا ، عن الكليني ، عن عدة من أصحابه ، عن البرقي مثله (١).

ع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن داود بن القاسم مثله (٢).

ج : داود بن القاسم مثله (٣).

سن : أبي ، عن داود بن القاسم مثله (٤).

نى : عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي ، عن محمد بن جعفر ، عن البرقي مثله (٥).

فس : أبي ، عن سعد ، عن البرقي مرسلا مثله بأدنى تغيير ، فقد أوردته في باب النفس وأحوالها مع شرحه (٦).

٢ ـ ن : الطالقاني ، عن أبي سعيد النسوي ، عن إبراهيم بن محمد بن هارون ، عن أحمد بن الفضل البخلي ، عن خاله يحيى بن سعيد ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال بينما أنا أمشي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طوال كث اللحية بعيد ما بين المنكبين ، فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحب به ، ثم التفت إلي وقال : السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته ، أليس كذلك هو يا رسول الله؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بلى ، ثم مضى فقلت : يا رسول الله ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ و تصديقك له؟ قال : أنت كذلك والحمد لله ، إن الله عزوجل قال في كتابه : « إني جاعل في الارض خليفة (٧) » والخليفة المجعول فيها آدم عليه‌السلام ، وقال عزوجل : « يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق (٨) » فهو الثاني ، وقال عزوجل حكاية عن موسى عليه‌السلام حين قال لهارون : « اخلفني في قومي وأصلح (٩) فهو

____________________

(١) الغيبة للشيخ الطوسى : ١٠٧ و ١٠٨.

(٢) علل الشرائع : ٤٣ و ٤٤.

(٣) لم نظفر به في الاحتجاج المطبوع. الرواية مذكورة في اعلام الورى أيضا : ٣٨٢ و ٣٨٣

(٤) المحاسن : ٣٣٢ و ٣٣٣.

(٥) الغيبة للنعمانى : ٢٧ و ٢٨.

(٦) تفسير القمى : ٥٧٨.

(٧) سورة البقرة : ٣٠.

(٨) سورة ص : ٢٦.

(٩) سورة الاعراف : ١٤٢.

٤١٧

هارون إذا استخلفه موسى عليه‌السلام في قومه ، وهو الثالث ، وقال عزوجل : « وأذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر (١) « فكنت أنت المبلغ عن الله وعن رسوله ، وأنت وصيي ووزيري وقاضي ديني والمؤدي عني ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ ، أولا تدري من هو؟ قلت : لا ، قال : ذاك أخوك الخضر عليه‌السلام فاعلم (٢).

٣ ـ كتاب المقتضب لابن عياش : عن علي بن السري ، عن عمه ، عن إبراهيم بن أبي سمال قال : وسمعته يحدث به جماعة من أهل الكوفة في مسجد السهلة فيهم جعفر بن بشير البجلي ومحمد بن سنان الزاهري وغيرهم ، قال : كنت أسير بين الغابة ودومة الجندل (٣) مرجعنا من الشام في ليلة مسدفة بين الجبال ورمال ، فسمعت هاتفا من بعض تلك الجبال وهو يقول :

ناد من طيبة مثواه وفي طيبة حلا

أحمد المبعوث بالحق عليه الله صلى

وعلى التالي له في الفضل والمخصوص فضلا

وعلى سبطيهما المسموم والمقتول قتلا

وعلى التسعة منهم محتدا طابوا وأصلا

هم منار الحق للخلق إذا ما الخلق ضلا

نادهم يا حجج الله على العالم كلا

كلمات الله تمت بهم صدقا وعدلا (٤)

إلى هنا انتهى الجزء السادس والثلاثون من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة وهو الجزء الثاني من المجلد التاسع في تاريخ أمير المؤمنين صلوات الله عليه حسب تجزءة المصنف أعلى الله مقامه يحوى زهاء ستمائة وخمسين حديثا في أربعة وعشرين بابا غير ما حوي من المباحث العلمية والكلامية.

ولقد بذلنا الجهد عند طبعها في التصحيح مقابلة وبالغنا في التحقيق مطالعة فخرج بعون الله ومشيته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر وحسر عنه النظر.

محمد الباقر البهبودى

____________________

(١) سورة التوبة : ٣.

(٢) عيون الاخبار : ١٨٣.

(٣) الغابة موضع قرب المدينة من ناحية الشام. ودومة الجندل أيضا من اعمال المدينة على سبعة مراحل من دمشق بينها وبين المدينة.

(٤) المقتضب : ٥٦ و ٥٧.

٤١٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

وبعد : فإن الله المنان قد وفقنا لتصحيح هذا الجزء ـ وهو الجزء الثاني من أجزاء المجلد التاسع من الاصل ، والجزء السادس والثلاثون حسب تجزءتنا ـ من كتاب بحار الانوار وتخريج أحاديثه ومقابلتها على ما بأيدينا من المصادر ، وبذلنا في ذلك غاية جهدنا على ما يراه المطالع البصير ، وقد راجعنا في تصحيح الكتاب وتحقيقه ومقابلته نسخا مطبوعة ومخطوطة إليك تفصيلها :

١ ـ النسخة المطبوعة بطهران في سنة ١٣٠٧ بأمر الواصل إلى رحمة الله وغفرانه الحاج محمد حسن الشهير بـ « كمبانى » ورمزنا إلى هذه النسخة ب ( ك ) وهى تزيد على جميع النسخ التى عندنا كما أشار إليه العلامة الفقيد الحاج ميرزا محمد القمى المتصدي لتصحيحها في خاتمة الكتاب ، فجعلنا الزيادات التى وقفنا عليها بين معقوفين هكذا [ .. ] وربما أشرنا إليها ذيل الصفحات.

٢ ـ النسخة المطبوعة بتبريز في سنة ١٢٩٧ بأمر الفقيد السعيد الحاج إبراهيم التبريزي ورمزنا إليها ب ( ت ).

٣ ـ نسخة كاملة مخطوطة بخط النسخ الجيد على قطع كبيرة تاريخ كتابتها ١٢٨٠ ورمزنا إليها ب ( م ).

٤ ـ نسخة مخطوطة اخرى بخط النسخ أيضا على قطع كبير ، وقد سقط منها من أواسط الباب ٩٩ : « باب زهده عليه‌السلام وتقواه » ورمزنا إليها ب ( ح ).

٤١٩

٥ ـ نسخة مخطوطة اخرى بخط النسخ أيضا على قطع متوسط وهذه الاخيرة أصحها وأتقنها ، وفي هامش صحيفة منها خط المؤلف قدس‌سره وتصريحه بسماعه إياها في سنة ١١٠٩ ولكنها أيضا ناقصة من أواسط الباب ٩٧ : « باب ما علمه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عند وفاته » ورمزنا إليها ب ( د ).

وهذه النسخ الثلاث المخطوطة لمكتبة العالم البارع الاستاذ السيد جلال الدين الارموي الشهير بالمحدث لازل موفقا لمرضاة الله.

وقد اعتمدنا في تخريج أحاديث الكتاب وما نقله المصنف في بياناته أو ما علقناه وذيلناه في فهم غرائب ألفاظه ومشكلاته على كتب أو عزنا إليها في المجلد الخامس والثلاثين لا نطيل الكلام بذكرها هنا فمن أرادها فليراجع هناك فنسأل الله التوفيق لانجاز المشروع ، ونرجو من فضله أن يجعله ذخرا لنا ليوم تشخ ص فيه الابصار.

جمادى الاولى ١٣٨٠

يحيى العابدى الزنجانى

السيد كاظم الموسوى المياموى

من لجنة التحقيق والتصحيح لدار الكتب الاسلامية

٤٢٠