الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز (١) على الصراط ، فيجوز المؤمنون إلى الجنة ويسقط المنافقون في جهنم ، فيقول الله : يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم ، فيفتح مالك بابا في جهنم إلى الجنة ويناديهم : معشر المنافقين ههنا ههنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنة ، فيسيح (٢) المنافقون في نار جهنم سبعين خريفا حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهموا بالخروج أغلقه دونهم ، وفتح لهم بابا إلى الحنة في موضع آخر ، فيناديهم من هذا الباب ، فاخرجوا إلى الجنة ، فيسيحون مثل الاول ، فإذا وصلوا إليه أغلق دونهم ويفتح في موضع آخر ، وهكذا أبد الآبدين.
الباقر عليهالسلام في قوله « إن الدين عندالله الاسلام (٣) » قال : التسليم لعلي بن أبي طالب عليهالسلام بالولاية.
الباقر والصادق عليهماالسلام في قوله تعالى : « إنما توعدون لصادق * وإن الدين لوافع (٤) » قالا : الدين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
الباقر عليهالسلام : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون (٥) » علي بن أبي طالب عليهالسلام قلت : « فما يكذبك بعد بالدين (٦) » قال : الدين أميرالمؤمنين عليهالسلام. وعنه عليهالسلام : في قوله : « إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (٧) » لولاية علي عليهالسلام.
وروي أنه نزل فيه : « ذلك الدين القيم (٨) » وقوله : « سنة من قد أرسلنا قبلك
____________________
(١) اى المرور.
(٢) كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدرو ( ت ) : ( فيسبح ) من السباحة في الماء ، وكذا فيمايأتي. (٣) آل عمران : ١٩.
(٤) الذاريات : ٥ ـ ٦.
(٥) فصلت : ٨. وما في سورة التين كذا ( الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ).
(٦) التين : ٧.
(٧) البقرة : ١٣٢.
(٨) التوبة : ٣٦. يوسف : ٤٠. الروم : ٣٠.
من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا (١) » ومن سنتهم (٢) إقامة الوصي. وقال شريك وأبو حصن (٣) وجابر : « ادخلوا في السلم كافة (٤) » في ولاية علي عليهالسلام.
أبوجعفر : « ادخلوا في السلم كافة » في ولاية علي عليهالسلام (٥).
١٢ ـ فس : « ادخلوا في السلم كافة » قال في ولاية أميرالمؤمنين عليهالسلام (٦).
١٣ ـ ما : الفحام عن محمد بن عيسى ، عن هارون ، عن أبي عبدالصمد إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده محمد بن إبراهيم قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام يفول : في قوله تعالى : « ادخلوا في السلم كافة » قال : في ولاية أميرالمؤمنين علي عليهالسلام « ولا تتبعوا خطوات الشيطان (٧) » ولا تتبعوا غيره (٨).
قب : زين العابدين وجعفر الصادق عليهماالسلام مثله (٩).
١٤ ـ فس : « إنما المؤمنون الذين إذا ذكرالله وجلت قلوبهم » إلى قوله « لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم (١٠) » فإنها نزلت في أميرالمؤمنين عليهالسلام وأبي ذر وسلمان والمقداد (١١).
١٥ ـ قب : الحاكم الحسكاني ، بالاسناد عن أبي الطفيل ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام
____________________
(١) بنى اسرائيل : ٧٧.
(٢) في المصدر : ومن سننهم.
(٣) في المصدر : أبوحفص.
(٤) البقرة : ٢٠٨.
(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٧٤ ـ ٥٧٥.
(٦) تفسير القمى : ٦١. (٧) البقرة : ٢٠٨.
(٨) امالى الشيخ : ١٨٨. وفيه : قال : ولا تتبعوا غيره.
(٩) مناقب آل أبي طالب ١ : ٥٧٥.
(١٠) الانفال : ٢ ـ ٤.
(١١) تفسير القمى : ٢٣٦.
« ورجلا سلما لرجل (١) » قال : أنا ذلك الرجل السالم (٢) على رسول الله صلىاللهعليهوآله. العياشي : بالاسناد عن أبي خالد ، عن الباقر عليهالسلام قال : الرجل السالم حقا علي وشيعته.
الحسن بن زيد عن آبائه ورجلا سالما لرجل هذا مثلنا أهل البيت (٣).
١٦ ـ كشف : مما خرجه العز الحنبلي قوله تعالى : « أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقالا يستوون (٤) » المؤمن علي والفاسق الوليد.
قال : « إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق * وتواصوا بالصبر (٥) » قيل : إنها نزلت في علي عليهالسلام ».
وروى الحافظ أبوبكر بن مردويه بعدة طرق في قوله : « أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا » المؤمن علي والفاسق الوليد (٦).
وروى الثعلبي والواحدي أنها نزلت في علي عليهالسلام وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لامه ، وذلك أنه كان بينهما تنازع في شئ ، فقال الوليد : لعلي عليهالسلام اسكت فإنك صبي ، وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد سنانا وأملا للكتيبة منك ، فقال له علي عليهالسلام : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله سبحانه تصديقا لعلي عليهالسلام « أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا » يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد (٧).
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم ، بإسناده إلى حبيب وابن عباس مثل الخبرين الاخيرين.
____________________
(١) الزمر. ٢٩.
(٢) في المصدر : السلم.
(٣) مناقب آل أبي طالب ١ : ٥٨٠.
(٤) السجدة ، ١٨.
(٥) العصر : ٣.
(٦) كشف الغمة : ٩٣.
(٧) كشف الغمة : ٣٥ وفيه : ويعنى بالفاسق الوليد.
مد ، يف : عن الثعلبي مثله (١).
بيان : قد ثبت بنقل الخاص والعام نزول الآية فيه عليهالسلام ويدل على كمال إيمانه حيث قوبل بالفسق ، فالمراد به الايمان الذي لم يشب (٢) بفسق ، ويدل على أنه لايجوز أن يساوى المؤمن بالفاسق ، فكيف يجوز أن يقدم الفاسق عليه؟ ولا ريب أن من قدم عليه لم يكونوا معصومين ، وأنهم كانوا فاسقين ولو قبل الخلافة ، وقدمر الكلام فيه في كتاب الامامة. وأيضا يكفي الدلالة على كمال إيمانه في ثبوت فضل له ، وإذا انضم إلى سائر فضائله منع من تقديم غيره عليه عقلا.
١٧ ـ كشف : من المناقب عن زيد بن شراحيل الانصاري كاتب علي عليهالسلام قال : سمعت عليا عليهالسلام يقول : حدثني رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا مسنده (٣) إلى صدري فقال : أي علي ألم تسمع قول الله عزوجل : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية (٤) » أنت وشيعتك (٥) ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت (٦) الامم للحساب تدعون غرا محجلين (٧).
بيان : وروى عن ابن مردويه أيضا مثله (٨) ، وروى الشيخ الطبرسي ـ طيب الله رمسه ـ من كتاب شواهد التنزيل لابي القاسم الحسكاني قال : أخبرنا الحاكم أبوعبدالله الحافظ بالاسناد المرفوع إلى زيدبن شراحيل كاتب علي عليهالسلام مثله. قال : وفيه عن مقاتل ابن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : « اولئك هم خير البرية » قال : نزلت في علي عليهالسلام وشيعته (٩).
____________________
(١) العمدة : ١٨٤. الطرائف : ٢٤.
(٢) اى لم يخلط.
(٣) أسنده إلى الشئ : جعل الشئ متكأ له.
(٤) البينة : ٧.
(٥) في المصدر : هم أنت وشيعتك.
(٦) جثاجثوا وجثيا : جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه.
(٧) كشف الغمة : ٨٨. وفيه : يدعون غرا محجلين.
(٨) كشف الغمة : ٩٣.
(٩) مجمع البيان ١٠ : ٥٢٤. وفيه : نزلت في على واهل بيته.
وقال العلامة ـ رفع الله في الآخرة مقامه ـ : من طرق الجمهور عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هم أنت يا علي وشيعتك ، تأتى أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين ، انتهى (١). ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة (٢).
أقول : كونه وشيعته خير البرية يدل على فضل عظيم وشرف جسيم على جميع الصحابة وغيرهم ، والعقل يأبى عن أن يكون تابعا ورعية لمن هو دونه بمراتب شتى.
١٨ ـ فر : أبوالقاسم العلوي معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام [ قال : ] قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من الخير لعلي بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليهالسلام مالم يقل لاحد (٣) قال : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » فعلي والله خير البرية (٤).
وقال معاذبن جبل : هو أميرالمؤمنين ما يختلف فيها أحد (٥).
١٩ ـ فر : إسماعيل بن إبراهيم العطار معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام [ قال : ] قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اولئك هم خير البرية » أنت وشيعتك يا علي (٦).
٢٠ ـ فر : أحمد بن عيسى بن هارون معنعنا ، عن جابر الانصاري ـ رضياللهعنه ـ قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ أقبل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فلما نظر إليه النبي صلىاللهعليهوآله قال : قد أتاكم أخي ، ثم التفت إلى الكعبة فقال : (٧) ورب هذا البيت إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : أما والله إنه أولكم إيمانا بالله ، وأقومكم لامرالله ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقضاكم بحكم الله ،
____________________
(١) كشف الحق ١ : ٩٣. الغضاب جمع الغضوب. أقمح بأنفه : شمخ به ، هذا اذا قرئ مبنيا للفاعل ، واما اذا قرئ مبنيا للمفعول فمعناه أنهم يرفعون رؤوسهم لشدة الغل وضيقه.
(٢) ص ١٥٩.
(٣) في المصدر : مالم يقله لاحد.
(٤) تفسير فرات : ٢١٨. وفيه : فعلى والله خير البرية بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٥) تفسير فرات : ٢١٨. يظهر من المصنف انه جعلهما رواية واحدة وليس كذلك ، راجع المصدر.
(٦) تفسير فرات : ٢١٩.
(٧) في المصدر : وقال.
وأقسمكم بالسوية ، وأعدلكم في الرعية ، وأعظمكم عند الله مزية. (١).
قال جابر : فأنزل الله تعالى هذه الآية : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » قال جابر : فكان أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام إذا أقبل (٢) قال أصحابه : قد أتاكم خير البرية بعد النبي صلىاللهعليهوآله. (٣)
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : خير البرية أنت وشيعتك راضين مرضيين. (٤)
[ ٢١ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن جعفر بن محمد الحسني ، ومحمد بن أحمد الكاتب معا ، عن محمد بن علي بن خلف ، عن أحمد بن عبدالله ، عن معاوية ، عن عبدالله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع ، أن عليا عليهالسلام قال لاهل الشورى : انشدكم بالله هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله فقال : هذا أخي قد أتاكم ، ثم التفت إلى الكعبة وقال : ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم أقبل عليكم وقال : أما إنه أولم إيمانا ، وأقومكم بأمر الله ، وأوفاكم بعبدالله ، وأقضاكم بحكم الله ، وأعدلكم في الرعية ، وأقسمكم بالسوية ، (٥) وأعظمكم عندالله مزية ، فأنزل الله سبحانه : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » فكبر النبي وكبرتم ، وهنأتموني بأجمعكم؟ فهل تعلمون أن ذلك كذلك؟ قالوا : اللهم نعم ].
٢٢ ـ [ وأقول : وروى الحافظ أبونعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي عليهالسلام بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام ، وعن تميم بن حذيم عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » قال النبي صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) في المصدر : منزلة.
(٢) في المصدر : وكان على عليهالسلام اذا اقبل.
(٣) تفسير فرات : ٢١٩ وفيه : بعد رسول الله.
(٤) تفسير فرات : ٢١٩ وقد روى هذه الرواية فيه مستقلا بهذه الصورة : الحسين بن الحكم معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : يا على ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ) انت وشيعتك ، ترد على أنت وشيعتك راضون مرضيون انتهى والظاهر : راضين مرضيين.
(٥) هذه الرواية لاتوجد في ( ت ). وفى النسخ المخطوطة : وأقومكم وأقسمكم بالسوية.
لعلي عليهالسلام : هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك فضابا (١) مقمحين ، قال : يا رسول الله ومن عدوي؟ قال : من تبرأمنك ولعنك. ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من قال : رحم الله عليا يرحمه الله.
٢٣ ـ وبإسناده عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : قال علي عليهالسلام : نحن أهل بيت لا يقاس بنا ناس ، فقام رجل فأتى عبدالله بن عباس فأخبره بذلك ، فقال ابن عباس : علي أوليس كالنبي صلىاللهعليهوآله للقياس بالناس؟ (٢) فقال ابن عباس : نزلت هذه الآية في علي عليهالسلام « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ». (٣) ]
٢٤ ـ فر : الحسين بن الحكم ، عن الحسن بن الحسين الانصاري ، عن حنان بن علي العنزي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس « وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات (٤) » الآية نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب.
وقوله : « اركعوا مع الراكعين (٥) » نزلت في رسول الله وعلي بن أبي طالب خاصة ، وهما أول من صلى وركع. (٦)
٢٥ ـ فر : عن جعفر الفزاري ، عن أحمد بن الحسين والحسن بن سعيد وجعفر بن محمد جميعا عن ابن مروان ، عن عامر ، عن رياح بن أبي رياح ، عن شريك في قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة » قال : في ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام (٧).
٢٦ ـ فر : القاسم بن حماد ، عن يحيى ، عن محمد بن عمر ، وعيسى بن راشد ، عن علي بن نديمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ما نزلت « يا أيها الذين آمنوا » إلا كان
____________________
(١) في ( ك ) يأتى عدوك غضبانا مقمحين وهو مصحف ( ب ).
(٢) اى قال ابن عباس مؤيدا لقول أميرالمؤمنين عليهالسلام أوليس على كالرسول صلى الله عليه وآله ومعلوم ان الرسول صلىاللهعليهوآله لا يقاس بالناس فكذلك على عليهالسلام.
(٣) الروايتان توجدان في هامش ( ك ) و ( د ) فقط.
(٤) البقرة : ٢٥.
(٥) البقرة : ٤٣.
(٦) تفسير فرات : ٢. وفيه فهما اول من صليا وركعا.
(٧) تفسير فرات : ٣.
علي بن أبي طالب عليهالسلام رأسها وأميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله فما ذكر عليا إلا بخير (١)
٢٧ ـ فر : الحسين بن الحكم ، عن الحسن بن الحسين ، عن حنان بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : « استعينوا بالصبر والصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين (٢) » الخاشع الذليل في صلاته المقبل عليها : رسول الله وعلي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (٣) » نزلت في علي بن أبي طالب خاصة ، وهو أول مؤمن وأول مصل مع النبي صلىاللهعليهوآله. (٤)
٢٨ ـ فر : جعفر الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : « ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين » قال : الايمان في بطن القرآن علي بن أبي طالب عليهالسلام فمن كفر بولايته فقد حبط عمله. (٥)
٢٩ ـ فر : جعفر بن أحمد (٦) معنعنا عن ابن عباس قال إن لعلي بن أبي طالب عليهالسلام في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس ، قلنا : وماهي؟ قال سماه الايمان فقال : « ومن يكقر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ». (٧)
٣٠ ـ فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي مريم قال : سألت جعفر بن محمد عليهماالسلام عن قول الله تعالى : « الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون » (٨) قال : يا أبا مريم هذه والله في علي بن أبي طالب خاصة ، (٩) ما لبس
____________________
(١) تفسير فرات : ٣.
(٢) البقرة : ٤٥.
(٣) هود : ٢٣. والاية هكذا ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ).
(٤) تفسير فرات : ٤.
(٥) تفسير فرات : ١٨. ، والاية في سورة المائدة : ٥.
(٦) في المصدر : جعفر بن محمد.
(٧) تفسير فرات : ١٨.
(٨) الانعام : ٨٢.
(٩) في المصدر : هذه والله نزلت في على بن أبى طالب خاصة.
إبمانه بشرك ولا ظلم ولا كذب ولا سرقة ولا خيانة. (١)
٣١ ـ فر : الفزاري بإسناده عن ابن عباس قوله تعالى : « أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون » قال : « أفمن كان مؤمنا » يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام « كمن كان فاسقا » يعني منافقا : الوليد بن عقبة « لا يستوون » عند الله في الطاعة والثواب يوم القيامة. (٢) فر الحسن بن سعيد وعلي بن محمد الزهري بإسنادهما عن ابن عباس مثله. (٣)
٣٢ ـ فر : جعفر الفزاري ، بإسناده عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن علي عليهالسلام في قوله تعالى : « ورجلا سلما لرجل » أميرالمؤمنين سلم للنبي صلىاللهعليهوآله. (٤)
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم بإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى : « اولئك هم خير البرية » قال : نزلت في علي عليهالسلام.
٣٣ ـ فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : « ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون » (٥) فإنه مثل ضربه الله لاميرالمؤمنين عليهالسلام وشركائه الذين ظلموه وغصبوه حقه. قوله : « متشاكسون » أي متباغضون. قوله : « ورجلا سلما لرجل » أميرالمؤمنين عليهالسلام سلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : « هل يستويان مثلا الحمدلله بل أكثرهم لا يعلمون » (٦) بيان : قال البيضاوي : مثل المشرك ـ على ما يقتضيه مذهبه من أن يدعي كل واحد من معبوديه عبوديته ويتنازعوا فيه ـ بعبد يتشارك فيه جمع ، يتجاذبونه ويتعارونه (٧) في المهام المختلفة (٨) في تحيره وتوزع (٩) قلبه ، والموحد (١٠) بمن خلص لواحد ليس
____________________
(١) تفسير فرات : ٤٤ ـ وذكر في ذيله : هذه والله نزلت فينا خاصة.
(٢ و ٣) تفسير فرات : ١٢٠.
(٤) تفسير فرات : ١٣٦.
(٥) الزمر : ٢٩ ، وما بعدها ذيلها.
(٦) تفسير القمى : ٥٧٧.
(٧) النجاذب : التنازع. التعاور : التعاطى والتداول من واحد إلى غيره.
(٨) المهام جمع المهم وهو الامر الشديد المهتم به وفى المصدر : في مهماتهم المختلفة.
(٩) التوزع : التفرق.
(١٠) عطف على ( المشرك ) في قوله : مثل المشرك.
لغيره عليه سبيل ، والتشاكس : الاختلاف. (١)
وقال الطبرسي ـ رحمهالله ـ : قرأ ابن كثير وأهل البصرة غير سهل « سألما » بالالف ، والباقون « سلما » بغير ألف ، واللام مفتوحة ، وفى الشواذ قراءة سعيد بن جبير سلما بكسر السين وسكون اللام. ثم قال : روى أبوالقاسم الحسكاني بالاسناد عن علي عليهالسلام أنه قال : أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله. وروى العياشي بإسناده عن أبي خالد ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : الرجل السلم للرجل علي حقا وشيعته. (٢)
أقول : الظاهر أن ما في الخبر بيان للمشبه به ، ويحتمل المشبه ، وسلم أميرالمؤمنين صلوات الله عليه للرسول صلىاللهعليهوآله وانقياده له في جميع الامور لايحتاج إلى بيان ، وكذا ثبوت نقيض ذلك لشركائه ، فإنهم كانوا منافقين يظهرون السلم له ظاهر ، ويعبدون أصناما من دون الله ، ويطيعون طواغيت من أمثالهم باطنا.
٣٤ ـ كشف : مما أخرجه العز المحدث الحنبلي قوله تعالى : « يوم لايخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (٣) » نزلت في علي و أصحابه. (٤)
بيان : روى العلامة ـ رفع الله مقامه ـ في كشف الحق في هذه الآية : قال ابن عباس : علي وأصحابه. (٥)
ويدل على قوة إيمانه ورفعة درجته في الآخرة ، وأن المؤمن ليس إلا من تبعه عليهالسلام ويكون من أصحابه ، وهذا فضيلة إذا لو حظت مع غيره تمنع تقديم غيره عليه ، بل إذا لو حظت منفردة أيضا كمالا يخفى على المنصف.
٣٥ ـ كشف : من المناقب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنزل الله
____________________
(١) تفسير البيضاوى ٢ : ١٤٥.
(٢) مجمع البيان : ٨ : ٤٩٦ و ٤٩٧.
(٣) التحريم : ٨.
(٤) كشف الغمة : ٩٢.
(٥) كشف الحق ١ : ٩٣.
آية وفيها « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي رأسها وأميرها. (١)
٣٦ ـ فر : معنعنا عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « فما يكذبك بعد بالدين (٢) » قال : أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام (٣).
٣٧ ـ فس (٤) جعفر بن أحمد ، عن عبدالرحيم بن عبدالكريم ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول في قول الله : « إنما توعدون لصادق (٥) » يعني في علي عليهالسلام « وإن الدين لواقع (٦) » يعني عليا ، وعلي هو الدين (٧).
بيان : الدين : الجزاء ، ولعل المعنى أنه عليهالسلام يلي. (٨) الجزاء والحساب بأمره تعالى يوم القيامة ، ففيه تقدير مضاف أى صاحب الدين ، أو المعنى أن الدين والجزاء إنما هو على ولايته وتركها ، فالمعنى : ولاية علي هو الدين ، وعلى الاخير يحتمل أن يكون المراد بالدين مرادف الاسلام والايمان.
٣٨ ـ فس : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (٩) » قال : ذاك أميرالمؤمنين عليهالسلام « فلهم أجر غير ممنون » أى لا يمتن (١٠) عليهم به ، ثم قال لنبيه : « فما يكذبك بعد بالدين » قال : أميرالمؤمنين عليهالسلام « أليس الله بأحكم الحاكمين (١١) ».
بيان : قيل غير ممنون أي غير منقطع.
____________________
(١) كشف الغمة : ٨٨.
(٢) التين : ٧.
(٣) تفسير فرات : ٢١٧.
(٤) في ( ك ) : ( فر ) وهو سهو.
(٥ و ٦) الذاريات : ٥ و ٦.
(٧) تفسير القمى : ٦٤٧.
(٨) اى يباشر.
(٩) التين : ٦ وما بعدها ذيلها.
(١٠) في المصدر : لايمن.
(١١) تفسير القمى : ٧٣٠.
* [ ٣٩ ـ أقول : وروى الحافظ أبونعيم ، عن الحسين بن أحمد ، عن محمد بن الحسين الحضرمي ، عن القاسم بن ضحاك ، عن عيسى بن راشد ، عن علي بن حزيمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ما أنزل الله سورة في القرآن إلا كان علي أميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد وما قال لعلي إلا خيرا.
٤٠ ـ وروى أيضا عن محمد بن المظفر ، عن علي بن محمد بن أحمد بن أبي القوام ، عن أبيه ، عن نوح بن محمد القرشي ، عن الاعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة أن ناسا تذاكروا فقالوا : ما نزلت آية في القرآن « يا أيها الذين آمنوا » إلا في أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله فقال حذيفة : ما نزلت آية في القرآن « يا أيها الذين آمنوا » إلا كان لعلي بن أبي طالب عليهالسلام لبها ولبابها (١) »
٤١ ـ وعن محمد بن عمرو بن غالب ، عن محمد بن أحمد بن خيثمة ، عن عباد بن يعقوب ، عن موسى بن عثمان الحضرمي ، عن الاعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنزل الله آية فيها « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي رأسها وأميرها. وعن محمد بن عمر بن أسلم ، عن علي بن العباس ، عن عباد بن يعقوب مثله.
٤٢ ـ وعن محمد بن عمر ، عن عبدالله بن محمد البزاز ، عن أحمد بن الحسين النسائي ، عن حفص بن عصر العمري ، عن عصام بن طليق ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : ما أنزل الله من آية « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي سيدها وأميرها وشريفها. ٤٣. وعن محمد بن أحمد بن علي ، عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ، عن موسى بن عثمان ، عن الاعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ، قال : ما في القرآن « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي رأسها وقائدها.
٤٤ ـ وعن محمد بن عمر ، عن خلف بن أحمد الشمري ، عن سليمان بن أبى شيح ، عن الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس ، قال : ما نزل من آية « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي رأسها وسيدها وشريفها.
____________________
(*) من هنا إلى وقوله فيما بعد : ( وسيأتى الاخبار الكثيرة ) من مختصات ( ك ) فقط.
(١) اللب واللباب ـ بضم اللام في كليهما ـ : الخالص المختار من كل شئ.
٤٦ ـ وعن ابن حبان ، عن عمر بن عبدالله بن الحسن ، عن أبي سعيد الاشج ، عن عبدالله بن خراش الشيباني ، عن العوام بن حوشب ، عن مجاهد قال : ما كان في القرآن « يا ايها الذين آمنوا » فإن لعلي سابقة ذلك ، لانه سبقهم إلى الاسلام.
٤٧ ـ وبإسناده عن ابن جبير ، عن ابن عباس قال : ما نزلت « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي سيدها وشريفها.
٤٨ ـ وعن محمد بن عمر ، عن عبدالله بن محمد البزاز ، عن أحمد بن الحسين النسائي عن حفص بن عمر ، عن الهيثم بن عدي ، عن ابن أبي ليلى ، عن داود بن علي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : ما من آية « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي بن أبي طالب أميرها وشريفها.
٤٩ ـ وبإسناده عن عطاء ، عن ابن عباس قال : ما أنزل الله من آية « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي أميرها وشريفها. ]
وسيأتي الاخبار الكثيرة في تأويل تلك الآيات في أكثر الابواب لا سيما باب سبق إسلامه. وباب أنه خير الخلق بعد الرسول الله صلىاللهعليهوآله.
١٤
( باب )
* ( قوله تعالى ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل ) *
* ( لهم الرحمان ودا * ) ) *
[ ١ ـ كا : بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » قال : ولاية أميرالمؤمنين هى الود الذي قال الله تعالى (١).
٢ ـ شى : عن عمار بن سويد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
* مريم : ٩٦.
(١) اصول الكافى ١ : ٤٣١.
لاميرالمؤمنين عليهالسلام في آخلا صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول : اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين ، فأنزل الله « إن الذين آمنوا » إلى قوله « ودا » قال : ولاية أميرالمؤمنين هي الود الذي قال الله ، « وتنذر به قوما لدا » بني أمية فقال رمع (١) ، والله لصاع من تمر في شن بال (٢) أحب إلي مما سأل محمد ربه أفلا سأل ملكا يعضده؟ أو كنزا يستظهر به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها « فعلك تارك بعض ما يوحى إليك (٣) ».
٣ ـ فس : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة (٤) ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « سيجعل لهم الرحمان ودا » هي الود الذي ذكره الله قلت : قوله : « فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا (٥) » قال إنما يسر الله (٦) على لسان نبيه حين أقام (٧) أميرالمومنين عليهالسلام علما ، فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين ، وهم القوم الذين ذكرهم الله « قوما لدا » كفارا (٨). ]
٤ ـ فس : قال الصادق عليهالسلام : كان سبب نزول هذه الآية أن أميرالمؤمنين عليهالسلام كان جالسا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : قل يا علي : اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا ، فأنزل الله تعالى : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا (٩) ».
٥ ـ قب : أبوروق عن الضحاك ، وشعبة ، عن الحكم ، عن عكرمة ، والاعمش عن
____________________
(١) المراد مقلوبه.
(٢) الشن : القربة الخلقة : بلى الثوب : رث فهو بال. والمرادهنا. المبالغة في الاقتصاد و القناعة والفقر.
(٣) تفسير العياشى مخطوط. وآلاية في سورة هود : ١٢.
(٤) في المصدر عن الحسن بن على ، عن أبى حمزة.
(٥) مريم : ١٩.
(٦) في المصدر : يسره الله.
(٧) في المصدر : حتى أقام.
(٨) تفسير القمى. ٤١٧. وفيه : اى كفارا. وهذه الروايات الثلاث من مختصات ( ك ).
(٩) تفسير القمى : ٤١٦.
سعيد بن جبير ، والغريري السجستاني في غريب القرآن عن أبي عمرو كلهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : « سيجعل لهم الرحمان ودا » فقال نزل في علي عليهالسلام لانه ما من مسلم إلا ولعلي في قلبه محبة.
أبونعيم الاصفهاني ، وأبوالمفضل الشيباني ، وابن بطة العكبري ـ والاسناد عن محمد بن الحنفية وعن الباقر عليهالسلام ـ في خبر قالا : لا يلفى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب ولاهل بيته عليهمالسلام.
زيدبن علي : إن عليا عليهالسلام أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال له رجل : إني احبك في الله تعالى ، فقال : لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا؟ قال : لا والله ما اصطنعت إليه معروفا ، فقال : الحمدلله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق (١) إليك بالمودة ، فنزلت هذه الآيات.
وروى الشعبي (٢) ، وزيد بن علي ، والاصبغ بن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام ، وأبوحمزة الثمالي عن الباقر عليهالسلام ، وعبدالكريم الخزاز ، وحمزة الزيات ، عن البراء بن عازب ، كلهم عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال لعلي عليهالسلام : قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا ، فقالهما علي عليهالسلام وأمن رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزلت هذه الآية.
رواه الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب ، ورواه النظنزي في الخصائص عن البراء ، وابن عباس ومحمد بن علي عليهماالسلام وفي رواية : قال عليهالسلام : « إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا * فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين » وهو علي (٣) « وتنذر به قوما لدا » قال بنو امية قوما ظلمة (٤).
٦ ـ فض : بالاسانيد إلى ابن عباس أنه قال : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيد علي بن
____________________
(١) تاق اليه : اشتاق.
(٢) في المصدر : وروى الثعلبي. وهو سهو لما يأتى.
(٣) في المصدر : قال هو على.
(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٧٣ ـ ٥٧٤. وفيه : بنوامية قوم ظلمة.
أبي طالب عليهالسلام (١) وصلى أربع ركعات فلما أسلم رفع رسول الله صلىاللهعليهوآله يده (٢) إلى السماء وقال : اللهم سألك موسى بن عمران أن تشرح له صدره وتيسر أمره وتحل (٣) عقدة من لسانه يفقهوا قوله ، وتجعل له وزيرا من أهله تشد (٤) به أزره ، وأنا محمد أسألك أن تشرح لي صدري ، وتيسر لي أمري ، وتحل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، وتجعل لي وزيرا من أهلي تشد به أزري (٥) ، قال ابن عباس : سمعت مناديا ينادي من السماء : يا محمد قد اوتيت سؤلك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ادع يا أبا الحسن ، ارفع يدك إلى السماءو قل (٦) : اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودا (٧) ، فلما دعا نزل جبرئيل وقال : اقرء يا محمد « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » فتلاها النبي صلىاللهعليهوآله فتعجب الناس (٨) من سرعة الاجابة فقال : اعلموا أن القرآن (٩) أربعة أرباع : ربع فينا أهل البيت ، وربع قصص وأمثال ، وربع فضائل وإنذار (١٠) ، وربع أحكام ، والله أنزل في علي كرائم القرآن (١١).
فر : أحمد بن موسى معنعنا عن ابن عباس مثله (١٢).
٧ ـ كشف : مما أخرجه العز المحدث الحنبلي قوله تعالى : « سيجعل لهم
____________________
(١) في المصدر : اخذ على عليهالسلام يده بيده رسول الله صلىاللهعليهوآله. والظاهر انه سهو والصحيح ما في المتن وتفسير فرات.
(٢) في المصدر : فلما سلم رفع يده اه.
(٣) في المصدر : وتحلل. وكذا فيما يأتى.
(٤) في المصدر : من أهله هارون تشدد اه.
(٥) في المصدر : من أهلى عليا أخى تشدد به أزرى. والازر : الظهر.
(٦) في المصدر : فرفعهما وقال.
(٧) في المصدر : عهدا معهودا ، واجعل عندك عهدا واردا. ولا يخلو عن سهو.
(٨) في المصدر : فتعجب الصحابة.
(٩) في المصدر : فقال : اتعجبون؟ ان القرآن اه.
(١٠) في المصدر : وربع فرائض.
(١١) الروضة : ١٦. والظاهر أن المراد بالكرائم هنا : الفضائل.
(١٢) تفسير فرات : ٨٩.
الرحمان ودا » قال ابن عباس نزلت : في علي بن أبي طالب ، جعل الله له ودا في قلوب المؤمنين وروى الحافظ أبوبكر بن مردويه عن البراء قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي بن أبي طالب : يا علي قل : اللهم اجعل في عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة ، فنزلت. وقد أورده بذلك من عدة طرق (١).
فر : محمد بن أحمد معنعنا عن أبي جعفر عليهماالسلام مثله (٢).
وروى ابن بطريق في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن البراء بن عازب و بإسناده عن ابن عباس مثله.
مد (٣) : بإسناده عن الثعلبي ، عن عبدالخالق بن علي ، عن أبي علي محمد بن أحمد الطواف ، عن الحسن بن علي الفارسي ، عن إسحاق بن بشير الكوفي ، عن خالد بن يزيد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب مثله (٤).
٨ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن محمد بن عثمان ، عن أبي شيبة ، عن عون بن سلام ، عن بشر بن عمارة الخثعمي (٥) ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليهالسلام « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » قال محبة في قلوب المؤمنين (٦).
فر : محمد أحمد ، معنعنا عن ابن عباس مثله (٧).
٩ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن يعقوب بن جعفر بن سليمان ، عن علي بن عبدالله بن العباس ، عن أبيه ، في قوله عزوجل : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فما من مؤمن إلا وفي قلبه حب لعلي عليهالسلام (٨).
____________________
(١) كشف الغمة : ٩٢.
(٢) تفسير فرات : ٨٨.
(٣) في ( ك ) : ( كنز ) وهو سهو.
(٤) العمدة : ١٥١. وفيه : عن اسحاق بن بشر الكوفى.
(٥) في ( م ) و ( د ) : بشير بن عمارة الخثعمى.
(٦ و ٨) كنز جامع الفوائد مخطوط.
(٧) تفسير فرات : ٨٨.
١٠ ـ فر : جعفر بن أحمد الازدي معنعنا عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : دخلت على رسول الله (ص) فقال : أصبحت والله يا علي عنك راضيا ، وأصبح والله ربك عنك راضيا ، وأصبح كل مؤمن ومؤمنة عنك راضين إلى أن تقوم الساعة. قال : قلت : يا رسول الله قد نعيت إلي نفسك (١) فياليت نفسي المتوفاة قبل نفسك ، قال : أبى الله في علمه إلا ما يريد. قال : فادع الله (٢) لي بدعوات يصينني بعد وفاتك ، قال : يا علي ادع لنفسك بما تحب [ وترضى ] حتى اؤمن ، فإن تأميني لك لايرد ، قال : فدعا أميرالمؤمنين عليهالسلام : اللهم ثبت مودتي في قلوب المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة ، فقال (٣) رسول الله صلىاللهعليهوآله : آمين ، فقال : يا أميرالمؤمنين ادع ، فدعا بتثبيت مودته في قلوب المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة ، حتى دعا ثلاث مرات ، كلما دعا عوة قال النبي صلىاللهعليهوآله : آمين ، فهبط جبرئيل عليهالسلام فقال : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » إلى آخر السورة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : المتقون علي بن أبي طالب وشيعته. (٤)
تتميم : قال الطبرسي ـ رحمهالله ـ : قيل فيه أقوال : أحدها أنها خاصة في أميرالمؤمنين عليهالسلام ، فما من مؤمن إلا وفي قلبه محبة لعلي عليهالسلام ، عن ابن عباس ، وفي تفسير أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليهالسلام نحومن رواية ابن مردويه ، (٥) وروي نحوه عن جابر بن عبدالله. والثاني : أنها عامة في جميع المؤمنين يجعل الله لهم المحبة والالفة (٦) في قلوب الصالحين. والثالث : أنا معناه : يجعل الله لهم محبة في قلوب أعدائهم ومخالفيهم ليدخلوا في دينهم و
____________________
(١) أى قد أخبرت بوفاتك.
(٢) كذا في النسخ والمصدر ، والظاهر : قال : قلت : فادع الله اه.
(٣) في المصدر : قال : فقال اه.
(٤) تفسير فرات : ٨٨ و ٨٩. وقد ذكرت في غير ( ك ) من النسخ بعد هذه الرواية رواية عن التهذيب وفى ذيلها بيان لها لكنها لا تناسب هذا الباب لانها ناظرة إلى معنى الصراط والسبيل ، فلذا أعرضنا عن ذكرها هنا.
(٥) قد ذكر الرواية في التفسير ولاجل أن المصنف أورد نحوها قبلا ( تحت رقم ٧ ) لم يتعرض لذكرها ثانيا.
(٦) في المصدر : والمقة. ومعناه الود والحب.
يتعز زواربهم. (١) والرابع : يجعل بعضهم يحب بعضا. والخامس : أن معناه : سيجعل لهم ودا في الآخرة فيحب بعضهم بعضا كمحبة الوالد ولده ، انتهى. (٢)
أقول : ذكر النيسابوري في تفسيره (٣) وابن حجر في صواعقه (٤) أنها نزلت فيه ، وقال العلامة في كشف الحق : روى الجمهور عن ابن عباس أنها نزلت فيه. (٥)
* ١١ ـ [ وروى الحافظ أبونعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي عليهالسلام عن محمد بن المظفر ، عن زيد بن محمد بن المبارك الكوفي ، عن أحمد بن موسى بن إسحاق ، عن الحسين بن ثابت بن عمر وخادم موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن أبيه ، عن شعبة عن الحكم ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : أخذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونحن بمكة ـ بيدي علي عليهالسلام فصلى أربع ركعات على ثبير ، (٦) ثم رفع رأسه إلى السماء وقال لعلي : يا أبا الحسن ارفع يديك إلى السماء وادع ربك وسله يعطك ، فرفع علي يديه إلى السماء وهو يقول : اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودا ، فأنزل الله تعالى : « إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا » فتلا النبي صلىاللهعليهوآله على أصحابه فعجبوا من ذلك عجبا شديدا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : مم تعجبون؟ إن القرآن أربعة أرباع : فربع فينا أهل البيت ، وربع في أعدائنا ، وربع حلال وحرام ، وربع فرائض وأحكام ، وإن الله عزوجل أنزل في علي كرائم القرآن. ]
وسيأتي في باب حبه عليهالسلام أخبار في ذلك ، وإذا ثبت بنقل المخالف والمؤلف أنها نزلت فيه دلت على فضيلة عظيمة له عليهالسلام. ويمكن الاستدلال بها علي إمامته بوجوه.
____________________
(١) في المصدر : ويعتزوا بهم.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٥٣٢ و ٥٣٣.
(٣) ج ٢ : ٥٢٠.
(٤) ص ١٧٠.
(٥) كشف الحق : ٩٠.
* من هنا إلى قوله ( وسيأتى ) يوجد في هامش ( ك ) و ( د ) فقط.
(٦) ثبير ـ بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة ـ اسم اربعة مواضع منها ثبير منى. قال الاصمعى : ثبير الاعرج هو المشرف بمكة. ( مراصد الاطلاع ١ : ٢٩٢ ).
الاول : أن نزول تلك الآية بعد هذا الدعاء الذي علمة الرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدل على أنها مودة خاصة به ، ليس كمودة سائر الصالحين ، وهذه فضيلة اختص بها ، ليس لغيره مثلها ، فهو إمامهم ، لقبح تفضيل المفضول ، وأيضا ظواهر أكثر الاخبار في هذا الباب تدل على أن حبه عليهالسلام من لوازم الايمان وأركانه ودعائمه. الثاني : أن « الصالحات » جمع مضاف (١) يفيد العموم ، فيدل على عصمته عليهالسلام و هي من لوازم الامامة.
الثالث : أن بغض الفاسقين لفسقهم واجب ، فكون حبه في قلوب جميع المؤمنين و إخباره تعالى أنه سيجعل ذلك على وجه التشريف يدل على عصمته ويدل على إمامته ، وكل منها وإن سلم أنه لم يصلح لكونه دليلا فهو يصلح لتأييد الدلائل الاخرى.
١٥
( باب )
* ( قوله تعالى : ( وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) * ) *
١ ـ فر : علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن ابن عباس في قوله تعالى : « هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » قال : خلق الله نطفة بيضاء مكنونة ، فجعلها في صلب آدم ، ثم نقلها من صلب آدم إلى ثلب شيث ، ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ، ومن صلب أنوش إلى صلب قينان ، حتى توارثتها كرام الاصلاب ومطهرات الارحام ، حتى جعلها الله في صلب عبدالمطلب ، ثم قسمها نصفين : فألقى نصفها إلى صلب عبدالله ونصفها إلى صلب أبي طالب ، وهي سلالة ، (٢) فولد من عبدالله محمد صلىاللهعليهوآله ومن أبي طالب
____________________
(١) أى مضاف باللام ، وقد ثبت في محله أن الجمع المحلى باللام يفيد العموم * أقول : أو المراد أن الالف واللام عوض عن المضاف إليه والاصل صالحات الاعمال ( ب ).
* الفرقان : ٥٤.
(٢) السلالة : الخلاصة.