بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد ، قالت ام سلمة ، فرفعت الكساء لادخل معهم فجذبه من يدي وقال : إنك لعلي خير (١).

مد : بإسناده ، عن عبدالله بن أحمد ، عن أبيه ، عن نمير ، عن عبدالملك ، عن عطاء مثل الحديث الاول ، ثم قال : قال عبدالملك : وحدثني بها أبوسلمة مثل حديث عطاء وحدثني داود بن أبي عوف بن الحجاف ، عن شهر بن حوشب وذكر مثل الحديث الثاني (٢).

٢٩ ـ يف : ومن ذلك قوله دفعة اخرى من مسند أحمد بن حنبل بإسناده إلى سهل قال : قالت ام سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين جاء نعي (٣) الحسين بن علي لعنت أهل العراق وقالت : قتلوه قتلهم الله ، غروه وأذلوه لعنهم الله ، فإني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقدجاءته فاطمة غداة ببرمة قد صنعت فيه عصيدة ، تحملها في طبق حتى وضعتها بين يديه ، فقال لها : اين ابن عمك؟ قالت : هو في البيت ، قال : اذهبي فادعيه فأتيني (٤) بابنيه ، قالت : وجاءت (٥) تقود ابينها كل واحد منهمابيد ، وعلي يمشي في أثرها (٦) حتى دخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأجلسهما في حجره ، وجلس علي عن يمينه وجلست فاطمة عن يساره ، قالت ام سلمة : فاجتذب من تحتي كساء خيبريا كان بساطا لنا على المثابة في المدينة ، فلقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ طرفي الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز و جل وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، قلت : يا رسول الله ألست من أهلك؟ قال : بلى ، قالت : [ قلت : ] فأدخلني في الكساء بعد ما قضي دعاؤه لابن عمه علي وابنته فاطمة وابنيها عليهم‌السلام (٧).

____________________

(١) الطرائف : ٣٠. وفيه : انك على خير.

(٢) العمدة : ١٧.

(٣) نعى ينعى نعيا لنا والينا فلانا : أخبرنا بوفاته.

(٤) في المصدر : وائتينى.

(٥) في المصدر : فجاءت.

(٦) في المصدر : في اثرهم.

(٧) الطرائف : ٣٠. ولعل الجملة الاخيرة كانت هكذا ان ام سلمة قالت : قلت فادخلنى في الكساء فأدخلنى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكساء بعد تمام دعائه في اهل بيته ، فلا تكون ام سلمة ممن تشملها الاية.

٢٢١

مد : بإسناده ، عن عبدالله بن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي النصر هاشم بن القاسم ، عن عبدالحميد بن بهرام ، عن سهل مثله (١).

٣٠ ـ يف : ومن ذلك في المعنى في تفسير الثعلبي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وفي حسن وحسين وفاطمة « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » ورواه أبوالحسن علي بن أحمد الواحدي في الجزء الرابع من التفسير الوسيط بين المقبوض والبسيط ـ وهو معتبر عندهم ـ عند تفسيره لآية الطهارة ، وهو من علماء المخالفين لاهل البيت عليهم‌السلام.

ومن ذلك في المعنى أيضا من تفسيره الثعلبي في تفسير (٢) هذه الآية أيضا بإسناده إلى مجمع بن الحارث بن تيم الله قال : دخلت مع امي على عائشة ، فسألتها امي قالت : أرأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت : إنه كان قدرا من الله تعالى ، فسألتها عن علي عليه‌السلام قالت سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) لقد رأيت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام وقد جمع رسول الله يغدف عليهم ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي (٤) فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (٥).

أقول : رواه الطبرسي من تفسير الثمالي ، وزاد في آخره : قالت : فقلت : يا رسول الله أنا من أهلك؟ قال : تنحي فإنك إلى خير (٦). وفيما عندنا من تفسر الثعلبي بعد قولها : « كان إلى رسول الله » « وزوج أحب الناس إلى رسول الله لقد رأيت اه. ».

ثم قال السيد : ومن ذلك في المعنى في تفسير الثعلبي في تأويل هذه الآية بإسناده إلى جعفر بن أبي طالب الطيار قال : لما نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرحمة هابطة من السماء قال : من يدعو؟ ـ مرتين ـ قالت زينب : أنا يا رسول الله ، فقال : ادعي لي عليا وفاطمة والحسن والحسين ، قال : فجعل حسنا عن يمينه وحسينا عن شماله وعليا وفاطمة تجاهه

____________________

(١) العمدة : ١٨.

(٢) في المصدر : في تأويل.

(٣) كأن ههنا سقطا وهو : قالت ام سلمة لقدرايت الخ ( ب ).

(٤) كأن ههنا وخاصتى.

(٥) الطرائف : ٣٠.

(٦) مجمع البيان ٨ : ٣٥٧.

٢٢٢

ثم غشيهم كساء خيبريا ثم قال : اللهم إن لكل نبي أهلا وهؤلاء أهل بيتي ، فأنزل الله عزوجل : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقالت زينب : يا رسول الله ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مكانك فإنك إلى خير إن شاء الله.

ومن ذلك في المعنى في تفسير الثعلبي (١) أيضا في تأويل هذه الآية بإسناده إلى أبي داود عن أبي الحمراء قال : أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجئ كل غداة فيقوم على باب علي وفاطمة عليهما‌السلام فيقول : الصلاة يرحمكم الله « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ».

ومن ذلك في المعنى من صحيح أبي داود ـ وهو من كتاب السنن ـ وموطإ مالك عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر لما نزلت هذه الآية ، قريبا من ستة أشهر ، يقول : الصلاة يا أهل البيت « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (٢) ».

أقول : روى ابن بطريق رحمه‌الله هذه الاخبار وغيرها مما سيأتي بأسانيد جمة في كتاب العمدة تركنا إيرادها حذرا عن الاكثار والتكرار (٣).

٣٤ ـ وروى السيد أيضا في كتاب سعد السعود من تفسير محمد بن العباس بن مروان عن محمد بن العباس بن موسى ، عن يحيى بن محمد بن صاعد ، عن عمار بن خالد التمار ، عن إسحاق بن يوسف ، عن عبدالملك بن أبي سليمان ، عن أبي ليل الكندي ، عن ام سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيتها على منامة لها ، عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة ببرمة فيها حريرة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعي لي زوج وابنيه حسنا وحسينا ، فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » قالت : فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفضل

____________________

(١) في المصدر : من تفسير الثعلبى.

(٢) الطرائف : ٣١. (٣) راجع العمدة : ١٦ ـ ٢٣.

٢٢٣

الكساء فغشيهم إياه ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ـ قالها النبي ثلاث مرات ـ فأدخلت رأسي في الكساء فقلت : يا رسول الله وأنا معكم فقال : إنك إلاى خير.

قال عبدالملك بن سليمان وأبوليل : سمعته عن ام سلمة ، قال عبدالملك : وحدثنا داود بن أبي عوف (١) عن شهر بن حوشب ، عن ام سلمة بمثله. [ قال عبدالملك : وحدثنا عطاء بن أبي رياح عمن سمع ام سلمة بمثله (٢) ]. أقول : روي تخصيص آية الطهارة لهم عليهم‌السلام من أحد عشر طريقا من رجال المخالف غير الاربع الطرق التي أشرنا إليها (٣).

* [ ولنوضح بعض ألفاظ الروايات المتقدمة : اللفاع ـ ككتاب ـ الملحفة والكساء. والتفع : التحف. وفي النهاية : فيه : أنه أغدف على علي وفاطمة سترا أي أرسله وأسبله. وقال فيه : أنه قيل له : هذا علي وفاطمة قائمين بالسدة فأذن لهما ، السدة : كالظلة على الباب لتقي الباب من المطر ، وقيل : هي الباب نفسه ، وقيل : هي الساحة بين يديه وقال : الخميصة : ثوب خزأو صوف معلم ، وقيل : لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة. والبرمة : القدر مطلقا أو من الحجارة.

وفي النهاية : الحريرة : الحسا المطبوخ من الدقيق والدسم والماء. وقال : في حديث علي عليه‌السلام : « دخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا على المنامة » هي ههنا الدكان التي ينام عليها ، وفي غير هذا هي القطيفة. وقال فيه : أن جبرئيل رفع أرض قوم لوط ثم ألوى بها حتى سمع أهل السماء ضغاء كلابهم ، أي ذهب بها ، يقال : ألوت به العنقاء أي أطارته. وقال العصيدة : دقيق يلت بالسمن ثم يطبخ.

وأقول : في أكثر نسخ الطرائف في حديث سهل : كان بساطا لنا على المثابة ، وفي

____________________

(١) في المصدر بعد ذلك : يعنى أبا الحجاف.

(٢) ليس ما بين العلامتين في المصدر ، والظاهر انه سقط عند الطبع بقرينة قوله : ( غير الاربع الطرق التى اشرنا اليها ).

(٣) سعد السعود : ١٠٦ و ١٠٧.

(٤) من هنا إلى قوله ( تتميم ) من مختصات ( ك ).

٢٢٤

بعضها : على المنامة ، وهو أظهر ، لكن قال بعد إتمام الخبر : رأيت في بعض رواية هذا الحديث عن ام سلمة وقالت : وكنا على منامة ، فلا أعلم أيهما أصح : منامة أو المثابة؟ انتهى.

وفي النهاية : المثابة : المنزل. وفي الصحاح : المثابة : الموضع الذي يثاب إليه أي يرجع إليه مرة بعد اخرى ، وإنما قيل للمنزل مثابة لان أهله يتصرفون في امورهم ثم يثوبون إليه وأقول لو كانت الرواية صحيحة استعير هنا للدكان أو الطنفسة و نحوها. ]

تتميم (١) : اعلم أن هذه الآية مما يدل على عصمة أصحاب الكساء عليهم‌السلام لان الامة بأجمعها اتفقت على أن المراد بأهل البيت أهل بيت نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن اختلف في تعيينهم ، فقال عكرمة من المفسرين وكثير من المخالفين إن المراد بأهل البيت زوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وذهب طائفة منهم إلى أن المراد به علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام وزوجاته ، وقيل المراد أقارب الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ممن تحرم عليهم الصدقة. وذهب أصحابنا رضوان الله عليهم وكثير من الجمهور ـ كما يظهر مما سبق وسيأتي من رواياتهم ـ إلى أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، لا يشاركهم فيها غيرهم ، فأما ما ينفي سوى ما ذهب إليه أصحابنا ويثبته فمامر من أخبار الخاصة والعامة ، وفيها كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ولنذكر لمزيد التشييد والتأكيد بعض ما استخرجته من كتب المخالفين ، أو استخرجه أصحابنا من صحاحهم واصولهم التي عليها مدارهم.

فمنها ما رواه مسلم في صحيحه وابن الاثير في جامع الاصول في حرف الفاء وصاحب المشكاة في الفصل الاول من باب فضائل أهل البيت عليهم‌السلام عن عائشة قالت : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غداة وعليه مرط مرحل أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم

____________________

(١) كذا في ( ك ) وفى غيره : بيان.

٢٢٥

الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ». (١) ورواه في الطرائف عن البخاري عن عائشة (٢). وعن الجمع بين الصحيحين للحميدي في الحديث الرابع والستين من إفراد مسلم من طريقه ، وعن صحيح أبي داود في باب مناقب الحسنين عليهما‌السلام وموضع آخر مثله ، و روى ابن بطريق بإسناده عن البخاري ومسلم مثله ، (٣) [ وقد أشار إليها ابن الاثير في النهاية ، قال : فيه : « إن رسول الله خرج ذات غداة وعليه مرط مرحل » (٤) وقال : المرط ـ أي بالكسر ـ كساء يكون من صوف وربما كان من خز أو غيره ، وقال : المرحل : هو الذي قد نقش فيه تصاوير الرحال وقال في جامع الاصول : المرحل : الموشى المنقوش ، وقيل (٥) : هو إزار خز فيه علم ] (٦).

ومنها ما رواه الترمذي في صحيحه ، ورواه في جامع الاصول في الموضع المذكور عن ام سلمة قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتها « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ فقال : إنك إلى خير ، أنت من أزواج رسول الله ، قالت وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فجللهم بكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا : قال صاحب جامع الاصول : وفي رواية اخرى : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جلل على حسن وحسين وعلي وفاطمة ثم قال : هؤلاء أهل بيتي وحامتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت ام سلمة : وأنا منهم يا رسول الله؟ قال : إنك إلى خير.

قال : أخرجه الترمذي (٧). قال ابن عبدالبر في الاستيعاب : لما نزلت : « إنما يريد

____________________

(١) صحيح مسلم ٧ : ١٣٠. تيسير الوصول إلى جامع الاصول ٣ : ٢٦٠. مشكاة المصابيح : ٥٦٠

(٢) الطرائف : ٣١. ولم نجده في صحيح البخارى ، ويظهر من العبارة ان المصنف أيضا لم يجده فيه ، ولعل الرواية كانت موجودة في نسخة السيد بن طاووس قدس‌سره.

(٣) راجع العمدة : ١٨ و ١٩.

(٤) النهاية ٢ : ٧٣.

(٥) راجع الصحاح ج ٤ ص ١٧٠٧.

(٦) تيسير الوصول ٣ : ٢٦٠.

(٧) تيسير الوصول ٣ : ٢٥٩.

٢٢٦

الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » دعا رسول الله فاطمة وعليا وحسنا وحسينا في بيت ام سلمة وقال : اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (١).

ومنها ما رواه الترمذي وصاحب جامع الاصول عن عمرو بن أبي سلمة قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » في بيت ام سلمة ، فدعا النبي فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، قالت ام سلمة وأنا منهم يا نبي الله؟ قال : أنت على مكانك وأنت على خير.

ومنها ما رواه الترمذي وصاحب جامع الاصول عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمرببات فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزل هذه الآية قريبا من ستة أشهر ، يقول : الصلاة أهل البيت « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل ابيت ويطهركم تطهيرا (٢) ».

ومنها ما رواه مسلم في صحيحه وصاحب المشكاة في الفصل الاول من الباب المذكور عن سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذ الآية « ندع أبناء نا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم » دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي (٣). وقد روى هذه الرواية في جامع الاصول إلا أنه قال : اللهم هؤلاء أهلي ، قال أخرجه الترمذي (٤).

وروى يحيى بن الحسن بن بطريق ، عن الحافظ أبي نعيم ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : نزل على رسول الله (ص) الوحي ، فدعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : هؤلاء أهل بيتي. قال : وقال أبونعيم : ورواه أحمد بن حنبل يرفعه إلى قتيبة مثله. قال : وروى أبو نعيم : بإسناده عن أبي سعيد أن ام سلمة حدثته أن هذه الآية نزلت في بيتها « إنما

____________________

(١) الاستيعاب ٣ : ٣٧٠.

(٢) تيسير الوصول ٣ : ٢٦٠.

(٣) مشكاة المصابيح : ٥٦ ولم نجده في صحيح مسلم.

(٤) تيسير الوصول ٣ : ٢٥٩.

٢٢٧

يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » قالت : وأنا جالسة عند باب البيت ، قالت : قلت يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : أنت على خير ، أنت من أزواج النبي ، قالت : ورسول الله في البيت وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام. وبإسناده عن أبي هريرة عن ام سلمة قالت : جاءت فاطمة عليها‌السلام ببرمة لها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد صنعت لهاحساة (١) حملتها على طبق فوضعتها بين يديه ، فقال لها : اين ابن عمك وابناك؟ قالت : في البيت ، قال : اذهبي فادعيهم ، فجاءت إلى علي فقالت : أجب رسول الله ، قالت ام سلمة ، فجاء علي يمشي آخذا بيد الحسن والحسين ، وفاطمة تمشي معهم ، فلما رآهم مقبلين مديده إلى كساء كان على المنامة ، فبسطه فأجلسهم عليه ، فأخذ بأطراف الكساء الاربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم وأهوى بيده اليمنى إلى ربه فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وبإسناده عن أبي عبدالله الجدلي قال : دخلت على عائشة فسألتها عن هذه الآية فقالت : ائت ام سلمة ، ثم أتيت فأخبرتها بقول عائشة ، فقال : صدقت ، في بيتي نزلت هذه الآية على رسول الله ، فقال : من يدعو لي عليا وفاطمة وابنيهما؟ الحديث (٢).

وروى موفق بن أحمد الخوارزمي رفعه إلى ام سلمة قالت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء خيبريا فدكيا ، قالت : ثم وضع يده عليهم وقال : اللهم إن هؤلاء أهل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد ، قالت ام سلمة : فرفعت الكساء لادخل معهم فجذبه من يدي وقال إنك إلى خير (٣).

وروى مسلم في صحيحه عن يزيد بن حيان ورواه في جامع الاصول عنه قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له

____________________

(١) الحساة : طعام يعمل من الدقيق والماء

(٢) لم نجد الروايات في العمدة ، والظاهر ان المصنف نقلها عن المستدرك ، وهو مخطوط لم نظفر بنسخته إلى الان.

(٣) لم نجد هذه الرواية بعينها فيما عندنا من تأليفاته ، نعم يوجد يقرب منها في كتابه المناقب : ٣٥.

٢٢٨

حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه ، لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يازيد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : والله يا ابن أخي لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي (١) من رسول الله ، فما حدثتكم فاقبلوا ومالا احدثكم (٢) فلا تكلفونيه ، ثم قال : قام رسول الله فينا يوما خطيبا بماء يدعى خمسا بين مكة والمدينة فحمدالله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ألا يا أيها الناس إنما (٣) أنا بشر يوشك أن يأتيني (٤) رسول ربي فأجيب ، وإني (٥) تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوابه ، فحث على كتاب الله فرغب فيه ، (٦) ثم قال : وأهل بيتي ، اذكر كم الله في أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي (٧) ، فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : (٨) أهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده ، (٩) قال : و مكن هم؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، قال : كل هؤلاء حرم علهيم الصدقة؟ قال : نعم. (١٠)

قال صاحب جامع الاصول : (١١) وزاد في رواية : كتاب الله فيه الهدى والنور ،

____________________

(١) اى أحفظ.

(٢) ليست في المصدر كلمة ( احدثكم ).

(٣) في المصدر : فانما.

(٤) في المصدر : أن يأتى.

(٥) في المصدر : وأنا.

(٦) في المصدر : ورغب فيه.

(٧) قد ذكرت هذه الجملة في المصدر ثلاث مرات.

(٨) في المصدر : قال : نساؤه من أهل بيته ولكن اه.

(٩) في المصدر : من حرم الصدقة بعده.

(١٠) صحيح مسلم ٧ : ١٢٢ و ١٢٣. وفيه في آخر الخبر : كل هؤلاء حرم الصدقة.

(١١) قد اشرنا سابقا إلى ان ابن الديبع لخص جامع الاصول الستة للجزرى في كتابه الموسوم ( تيسير الوصول إلى جامع الاصول ) ولم يرو جميع رواياتها فيه ، ومما يؤيد ما قلناه أن هذه الرواية لا توجد في التيسير مع وجودها في صحيح مسلم ، فانظر كيف يسر الوصول وأسقط ما يراه مخالفا لعقائده السخيفة؟!.

٢٢٩

من استمسك به وأخذبه كان على الهدى ومن أخطأه ضل. في اخرى نحوه غير أنه قال : ألاو إني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله وهو حبل الله ، من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة ، وفيه : فقلنا : من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا ايم الله أن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر فيطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. قال : أخرجه مسلم.

وقد حكى هذه الرواية يحيى بن الحسن بن بطريق عن الجمع بين الصحيحين للحميدي من الحديث الخامس من إفراد مسلم من مسند ابن أبي أوفى بإسناده ، وعن الجمع بين الصحاح الستة لرزين بن معاوية العبدري من صحيح أبي داود السجستاني ، وصحيح الترمذي عن حصين بن سبرة أنه قال لزيد بن أرقم : لقد لقيت يازيد خيرا كثيرا ، الحديث (١).

وروى الترمذي في صحيحه وصاحب جامع الاصول عن بريدة قال : كان أحب النساء إلى رسول الله فاطمة ومن الرجال علي ، قال إبراهيم : يعني من أهل بيته.

وروى البخاري في صحيحه في باب مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله تعالى : « إنك ميت وإنهم ميتون » ورواه في المشكاة عن عائشة قالت : كنا أزواج النبي عنده ، فأقبلت فاطمة ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله شيئا ، فلما رآها رحب بها قال : مرحبا يا بنتي ، ثم أجلسها عن يمينه ، ثم سارها (٢) فبكت بكاء شديدا ، فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك [ فقلت لها : خصك رسول الله من بين نسائه بالسرارثم أنت تبكين؟ ] فلما قام رسول الله سألتها عما سارك؟ قالت : ما كنت لافشي على رسول الله سره ، [ قالت : ] فلما توفي قلت : عزمت عليك بمالي من الحق عليك لما أخبرتني (٣) [ ما قال لك رسول الله ] قالت : أما الآن فنعم ، أما حين سارني في المرة الاولى فإنه أخبرني أن جبرئيل كان يعا رضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني به الآن مرتين ، و

____________________

(١) العمد : ٣٥.

(٢) أى كلمها بسر.

(٣) ليت شعرى أى حق لعائشة على فاطمة عليها‌السلام وهى بضعة من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله. اللهم الا أن يكون حق السؤال الذى لم يجبه في حيات ابيها صلى‌الله‌عليه‌وآله كراهية افشاء السر.

٢٣٠

إني لا أرى الاجل إلا قد اقترب ، فاتقي الله اصبري فإني نعم السلف أنا لك ، فبكيت [ بكائي الذي رأيت ] فلما رأى جزعى سارني الثانية فقال : يا فاطمة أما ترضين (١) أن تكوني [ سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الامة؟ كذا في جامع الاصول ، ثم قال : وفي رواية مسلم والترمذي : أما ترضين أن تكونى ] سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين وفي رواية : فسارني فأخبرني أنه يقبض في وجعه ، فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه ، فضحكت.

وقال ابن حجر في صواعقه : إن أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في علي و فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام لتذكير ضمير « عنكم » (٢).

وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير : اختلف الاقوال في أهل البيت والاولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه ، والحسن والحسين منهم وعلي منهم ، لانه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بيت النبي وملازمته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

وقال شيخ الطائفة في التبيان : روى أبوسعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وام سلمة وواثلة بن الاسقع أن الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام قال : وروي عن ام سلمة أنها قالت إن النبي كان في بيتي ، فاستدعى عليا وفاطمة والحسن والحسين وجللهم بعباء خيبرية ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فأنزل الله قوله : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقالت ام سلمة : قلت : يا رسول الله هل أنا من أهل بيتك؟ فقال : لا ولكنك إلى خير (٤).

وقال الشيخ الجليل أبوعلي الطبرسي في مجمع البيان : قال : أبوسعيد الخدري وأنس بن مالك وواثلة بن الاسقع وعائشة وام سلمة : إن الآية مختصة برسول الله وعلي وفاطمة

____________________

(١) كذا في ( ك ) وفى غيره : الا ترضين.

(٢) ص ١٤١.

(٣) ج ٦ : ٦١٥.

(٤) ج ٢ : ٤٤٨.

٢٣١

والحسن والحسين عليهم‌السلام. قال : وذكر أبوحمزة الثمالي في تفسيره بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة.

وأخبرنا السيد أبوالحمد قال : حدثنا الحاكم أبوالقاسم الحسكاني ، عن أبي بكر السبيعي ، عن أبي عروة الحراني ، عن ابن مصغي ، عن عبدالرحيم بن واقد ، عن أيوب بن سيار ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وليس في البيت إلا فاطمة والحسن والحسين وعلي عليهم‌السلام « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم هؤلاء أهلي وحدثنا السيد أبوالحمد عن أبي القاسم بإسناده عن زاذان عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإياه في كساء لام سلمة خيبري ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي.

والروايات في هذا كثيرة من طرق العامة والخاصة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب ، وفيما أوردناه كفاية انتهى (١).

وقد روى رواية البرمة موفق بن أحمد الخوارزمي في مسنده عن ام سلمة. وقال صاحب كتاب إحقاق الحق رحمه‌الله : ذكر سيد المحدثين جمال الملة والدين عطاء الله الحسيني في كتاب تحفة الاحباء نقلا عن كتاب المصابيح في بيان شأن النزول لابي العباس أحمد بن الحسن المفسر الضرير الاسفرايني ما تضمن أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أدخل عليا وفاطمة وسبطيه في العباء قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وأطهار عترتي وأطائب ارومتي (٢) من لحمى ودمي ، إليك لا إلى النار ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وكرر هذا الدعاء ثلاثا ، قالت ام سلمة : قلت : يا رسول الله وأنا معهم؟ قال : إنك إلى خير وأنت من خير أزواجي ، انتهى (٣).

____________________

(١) مجمع البيان ٨ : ٣٥٧.

(٢) الارومة : أصل الشجرة.

(٣) احقاق الحق ٢ : ٥٦٧ و ٥٦٨.

٢٣٢

أقول : وروى ابن بطريق في المستدرك عن الحافط أبي نعيم بإسناده عن أبي سعيد والاعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : نزلت : « إنما يريد الله » الآية في خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام. وقد مضى بعض الاخبار في باب معنى الآل والعترة ، وباب المباهلة ، وسائر أبواب الامامة ، وسيأتي في تضاعيف الابواب وفيما ذكرناه كفاية.

فأقول : قد ظهر من تلك الاخبار المتواترة من الجانبين بطلان القول بأن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله داخلة في الآية : وكذا القول بعمومها لجميع الاقارب ، ولا عبرة بما قاله زيد بن أرقم من نفسه (١) مع معارضته بالاخبار المتواترة. ويدل أيضا على بطلان القول بالاختصاص بالازواج العدول عن خطابهن إلى صيغة الجمع المذكر ، وسيظهر بطلانه (٢) عند تقرير دلالة الآية على عصمة من تناولته ، إذ لم يقل أحد من الامة بعصمتهن بالمعنى المتنازع فيه (٣) ، وكذا القولان الآخران وهو واضح (٤).

إذا تمهد هذا فنقول : المراد بالارادة في الآية إما الارادة المستتبعة للفعل أعني إذهاب الرجس ، حتى يكون الكلام في قوة أن يقال : إنما أذهب الله عنكم الرجس ، أو الارادة المحضة التي لا يتبعها الفعل حتى يكون المعنى : أمركم الله باجتناب العاصي يا أهل البيت ، فعلى الاول ثبت المدعى ، وأما الثاني فباطل من وجوه : الاول أن كلمة « إنما » تدل على التخصيص كما قرر في محله ، والارادة المذكورة تعم سائر المكلفين حتى الكفار ، لا شتراك الجميع في التكليف ، وقد قال سبحانه : « وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون (٥) فلاوجه للتخصيص بأهل البيت عليهم‌السلام.

____________________

(١) حيث قال : اهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده ، وهم آل على وآل عقيل راجع ص ٢٢٩.

(٢) اى بطلان القول باختصاص الاية بالازواج.

(٣) وهو اذهاب الرجس اى الشرك والشك.

(٤) اى كذا يظهر بطلان القول باشتمال الاية لا صحاب الكساء وزوجات النبي ص. والقول باشتمالها على من تحرم عليه الصدقة عند تقرير دلالة الاية على عصمة من تناولته ، وعلى ذلك يتعين القول الرابع وهو اختصاص الاية باصحاب الكساء.

(٥) الذاريات : ٥٦.

٢٣٣

الثاني : أن المقام يقتضي المدح والتشريف لمن نزلت الآية فيه ، حيث جللهم بالكساء ولم يدخل فيه غيرهم ، وخصصهم بدعائه فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي ، على ما سبق في الاخبار ، وكذا التأكيد في الآية حيث أعاد التطهير بعد بيان إذهاب الرجس ، والمصدر وبعده منونا بتنوين التعظيم. وقد أنصف الرازي في تفسيره حيث قال في قوله تعالى : « ليذهب عنكم الرجس » أي يزيل عنكم الذنوب « ويطهركم » أي يلبسكم خلع الكرامة ، انتهى (١). ولا مدح ولا تشريف فيها دخل فيه الفساق والكفار.

الثالث أن الآية على مامر في بعض الروايات إنما نزلت بعد دعوة النبي لهم وأن يعطيه ما وعده فيهم ، وقد سأل الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم لا أن يريد ذلك منهم ويكلفهم بطاعته ، فلو كان المراد هذا النوع من الارادة لكان نزول الآية في الحقيقة ردا لدعوته النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا إجابه لها ، وبطلانه ظاهر.

وأجاب المخالفون عن هذا الدليل بوجوه : الاول أنا لا نسلم أن الآية نزلت فيهم بل المراد بها أزواجه لكون الخطاب في سابقها ولا حقها متوجها إليهن ، ويرد عليه أن هذا المنع بمجرده بعد ورود تلك الروايات المتواترة من المخالف والمؤالف غير مسموع وأما السند (٢) فمردود بما ستقف عليه في كتاب القرآن مما سننقل من روايات الفريقين أن ترتيب القرآن الذي بينبنا ليس من فعل المعصوم حتى لا يتطرق إليه الغلط ، مع أنه روى البخاري (٣) والترمذي وصاحب جامع الاصول عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد ابن ثابت أنه سمع زيد بن ثابت يقول : فقدت آية في سورة الاحزاب حين نسخت الصحف قد كنت أسمع رسول الله يقرء بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الانصاري « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه » فألحقناها في سورتها من المصحف ، فلعل آية التطهير أيضا وضعوها في موضع زعموا أنها تناسبه ، أو أدخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية ، وقد ظهر من الاخبار عدم ارتباطها بقصتهن ، فالاعتماد في هذا الباب على النظم والترتيب ظاهر البطلان.

____________________

(١) مفاتيح الغيب ٦ : ٦١٥.

(٢) كذا في النسخ وهو تصحيف والصحيح : وأما السياق. راجع ص ٢٣٥ س ١٧ و ١٩ ( ب ).

(٣) صحيح البخارى ٣ : ١٤٠.

٢٣٤

ولو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول : سيأتي أخبار مستفيضة بأنه سقط من القرآن آيات كثيره (١) ، فلعله سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات لو ثبتت لم يفت الربط الظاهري بينها ، وقد وقع في سورة الاحزاب بعينها ما يشبه هذا ، فإن الل سبحانه بعد ما خاطب الزوجات بآيات مصدرة بقوله تعالى : « يا نساء النبي إن كنتن تردن الحياة الدنيا » الآية عدل إلى مخاطبة المؤمنين بمالا تعلق له بالزوجات بآيات كثيرة ثم عاد إلى الامر بمخاطبتهن وعيرهن (٢) بقوله سبحانه : « يا أيها النبي قل لازوا جك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن » وقد عرفت اعتراف الخصم فيما رووا أن كان قد سقط منها آية فالحقت ، فلا يستبعد أن يكون الساقط أكثر من آية ولم يلحق غيرها.

وروى الصدوق في كتاب ثواب الاعمال بإسناده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سورة الاحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم ، يا ابن سنان إن سورة الاحزاب فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها (٣).

ولو سلم عدم السقوط أيضا كما ذهب إليه جماعة قلنا : لا يرتاب من راجع التفاسير أن مثل ذلك كثير في الآيات غير عزيز ، إذ قد صرحوا في مواضع عديدة في سورة مكية أن آية أو آيتين أو أكثر من بينها مدنية وبالعكس ، وإذا لم يكن ترتيب الآيات على وفق نزولها لم يتم لهم الاستدلال بنظم القرآن على نزولها في شأن الزوجات ، مع أن النظم والسياق لوكانا حجتين فإنما يكونان حجتين لو بقي الكلام على اسلوبه السابق ، و التغيير فيها لفظا ومعنى ظاهر ، أما لفظا فتذكير الضمير ، وأما معنى فلان مخاطبة الزوجات مشوبة بالمعاتبة والتأنيب (٤) والتهديد ، ومخاطبة أهل البيت عليهم‌السلام محلاة بأنواع التلطف والمبالغة في الاكرام؟ ولا يخفى بعد إمعان النظر المباينة التامه في السياق بينها وبين ما قبلها وما بعدها على ذوي الافهام.

الثاني أن الآية لا تدل على أن الرجس قد ذهب ، بل إنما دل على أنه الله

____________________

(١) هذه الروايات مطروحة أو مؤولة كما سيأتي الكلام فيه.

(٢) في النسخ التى بايدينا : وغيرهن وهو تصحيف ( ب ).

(٣) ثواب الاعمال : ١٠٦.

(٤) أنبه : عنفه ولامه.

٢٣٥

سبحانه أراد إذهابه عنهم ، فلعل ما أراده لم يتحقق ، وقد عرفت جوابه في تقرير الدليل (١) مع أن الارادة بالمعنى الذي يصح تخلف المراد عنه إذا اطلق عليه تعالى يكون بمعنى رضاه بما يفعله غيره أو تكليفه إياه به ، وهو مجاز لا يصار إلهى إلا بدليل.

الثالث أن إذهاب الرجس لا يكون إلا بعد ثبوته ، وأنتم قد قلتم بعصمتهم من أول العمر إلى انقضائه. ودفع بأن الاذهاب والصرف كما يستعمل في إزالة الامر الموجود يستعمل في المنع عن طريان أمر على محل قابل له كقوله تعالى : « كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء » وتقول في الدعاء : صرف الله عنك كل سوء وأذهب عنك كل محذور » على أنا نقول : إذا سلم الخصم منا دلالة الآية على العصمة في الجملة كفى في ثبوت مطلوبنا ، إذ القول بعصمتهم في بعض الاوقات خرق للاجماع المركب.

الرابع أن لفظة « يريد » من صيغ المضارع فلم تدل على أن مدلولها قدوقع. و اجيب بأن استعمال المضارع فيما وقع غير عزيز في الكلام المجيد وغيره ، بل غالب ما استعملت الارادة على صيغة المضارع في أمثاله في القرآن إنما اريد به لك ، كقوله تعالى : « يريد الله بكم اليسر. يريد الله أن يخفف عنكم. يريدون أن يبدلوا كلام الله. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة. ويريد الشيطان أن يضلهم (٢) » وغير ذلك. وظاهر سياق الآية النازلة على وجه التشريف والاكرام قرينة عليه ، على أن الوقوع في الجملة كاف كما عرفت (٣).

الخامس أن قوله تعالى : « ليذهب عنكم الرجس » لا يفيد العموم ، لكون المعرف بلام الجنس في سياق الاثبات. واجيب بأن الكلام في قوة النفي ، إذلا معنى لاذهاب الرجس إلا رفعه ، ورفع الجنس يفيد نفي جميع أفراده. *

____________________

(١) من أنه ان كان المراد الارادة المستتبعة للفعل فقد ثبت المطلوب ، وان كان غيرها فمردود من وجوه قد ذكر آنفا.

(٢) الايات : يوسف ٢٤. البقرة : ١٨٥. النساء. ٢٨. الفتح : ١٥. المائدة : ٩١. النساء : ٦٠.

(٣) من عدم القول بالفصل في عصمتهم عليهم‌السلام.

* أقول : بل الاية بسياقها يشمل اهل بيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عامة حتى الازواج لكنها لما تأتى إلى البشارة بالعصمة والطهارة ينقلب السياق بتوجه الخطاب إلى اهل بيت خاص يغلب فيها الرجل فيقول : انما يريدالله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وليس ذلك الابيت فاطمة فقط لان فيها رجالا يصلح للمخاطبة بقوله ( عنكم ـ ويطهركم ) ولقد تأيد ذلك التنصيص بقول النبي وعمله حيث كان يجئ عند باب فاطمة قريبا من تسعة أشهر فيقول السلام عليكم اهل البيت و رحمة الله وبركاته الصلاة الصلاة انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ( ب )

٢٣٦

٦

*( باب )*

* (نزول هل أتى ) *

١ ـ لى : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن الجوهري ، عن شعيب بن واقد ، عن القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، عن الحسن بن مهران ، عن مسلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام في قوله عزوجل : « يوفون بالنذر » قالا : مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام وهما صبيان صغيران فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه رجلان ، فقال أحدهما : يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما ، فقال : أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عزوجل ، وكذلك قالت فاطمة عليها‌السلام ، وقال الصبيان : ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام ، وكذلك قالت جاريتم فضة ، فألبسهما الله عافيته ، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام ، فانطلق علي عليه‌السلام إلى جارله من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف ، فقال : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع (١) من شعير؟ قال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة عليها‌السلام فقبلت وأطاعت ، ثم عمدت (٢) فغزلت ثلث الصوف ، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد قرصا ، وصلى علي عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب؟ ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي عليه‌السلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، أنا مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة ، فوضع اللقمة من يده ثم قال :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

____________________

(*) من أول سورة الدهر إلى آية ٢٢ ولا نكرر موضعها بتكررها في هذا الباب.

(١) جمع الصاع : المكيال.

(٢) عمد للشئ والى الشئ : قصد فعله.

٢٣٧

أما ترين البائس المسكين

جاء إلى الباب له حنين (١)

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائعآ حزين (٢)

كل امرئ بكسبه رهين

من يفعل الخير يقف سمين

موعده في جنة دهين

حرمها الله على الضنين

وصاحب البخل يقف حزين

تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين.

فأقبلت فاطمة عليها‌السلام تقول :

أمرك سمع يا ابن عم وطاعة

مابي من لؤم ولا رضاعة

غديت باللب وبالبراعة (٣)

أرجو إذا أشبعت من مجاعة

أن ألحق الاخيار والجماعة

وأدخل الجنة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين ، وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح.

ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ، ثم أخذت صاعا من الشعير و طحنته (٤) وعجنته وخبزت منه خمسة أقرصة لكل واحد قرصا ، وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليهما ثم أتى منزله فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه‌السلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد (٥) أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة ، فوضع علي عليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم بنت السيد الكريم

بنت نبي ليس بالزنيم

____________________

(١) حن حنينا : صوت لا سيما عن طرب أو حزن.

(٢) ليس هذا المصراع في المصدر. وهو أصوب.

(٣) غدى الرجل : اطعمه اول النهار ، ولعله مصحف ( غذيت ). برع براعة : فاق علما أو فضيلة.

(٤) في المصدر : فطحنته.

(٥) في المصدر : يا أهل بيت محمد.

٢٣٨

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم هو الرحيم (١)

موعده في جنة النعيم

حرمها الله على اللئيم

حرمها الله على اللئيم

تهوي به النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

فأقبلت فاطمة عليها‌السلام وهي تقول :

فسوف اعطيه ولا ابالي

واؤثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي

أصغرهم (٢) يقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال

لقاتليه الويل مع وبال

يهودي به (٣) النار إلى سفال

كبوله زادت على الاكبال

ثم عمدت فأعطته عليها‌السلام جميع ما على الخوان ، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح (٤) ، وأصبحوا صياما ، وعمدت فاطمة عليها‌السلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف ، وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا ، وصلى علي عليه‌السلام المغرب مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتى منزله ، فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه‌السلام إذا أسير من اسراء المشركين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا؟ فوضع علي عليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم يا بنت النبي أحمد

بنت نبي سيد مسود

قدجاءك الاسير ليس يهتدي

مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأعطيه لا تجعليه ينكد

فأقبلت فاطمة عليها‌السلام وهي تقول :

____________________

(١) في النسخ : فهو رحيم وهو مصحف.

(٢) في النسخ : اصغرهما وهو مصحف.

(٣) في النسخ : في النار وهو مصحف.

(٤) القراح ـ بفتح القاف ـ بالماء الخالص.

٢٣٩

لم يبق مما كان غير صاع

قد دبرت كفي مع الذراع

شبلاي والله هما جياع

يارب لا تتركهما ضياع (١)

أبوهما للخير ذواصطناع

عبل الذراعين طويل الباع (٢)

وما على رأسي من قناع

إلا عبا نسجتها بصاع

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا ، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شئ.

قال شعيب في حديثه : وأقبل علي بالحسن والحسين عليهم‌السلام نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يرتعشان كالفرخ من شدة الجوع ، فلما بصربهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا أبا الحسن شد ما يسوؤني ما أرى بكم!؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة ، فانطلقوا إليها وهي في محرابها ، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها (٣) ، فلما رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضمها إليه وقال : واغوثاه بالله؟ أنتم منذ ثلاث فيما أرى؟ فهبط جبرئيل فقال : يا محمد خذ ما هيا الله لك في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ قال : « هل أتى على الانسان حين من الدهر » حتى إذا بلغ « إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ». وقال الحسن بن مهران في حديثه : فوثب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخل منزل فاطمة عليها‌السلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي ويقول : أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم؟ فهبط عليه جبرئيل بهذه الآيات : « إن الابراريشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عبادالله يفجرونها تفجيرا » قال : هي عين في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يفجر إلى دور الانبياء والمؤمنين « يوفون بالنذر » يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام وجاريتهم « ويخافون يوما كان شره مستطيرا » يكون عابسا كلوحا (٤) « ويطعمون الطعام علي حبه » يقول : على شهوتهم للطعام وإيثارهم له

____________________

(١) الضياع ـ بفتح الضاد ـ : الهلاك.

(٢) الباع : قدر مد اليدين. ويقال : طويل الباع ورحب الباع اى كريم مقتدر.

(٣) اى انخفضت.

(٤) في المصدر : يقول : عابسا كلوحا. وهو الصحيح كما يأتى في البيان.

٢٤٠