الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
التراب وأراد الناس الانصراف جعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لها ، ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ، ابنك ابنك علي بن أبي طالب ، قالوا (١) : يا رسول الله فعلت فعلا ما رأينا مثله قط : مشيك حافي القدم ، وكبرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها وجعل قميصك كفنها (٢).
وقولك لها ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ، فقال صلىاللهعليهوآله : أم التأني في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة فكلثرة ازدحام الملائكة ، وأما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلى عليها سبعون صفا من الملائكة ، وأما نومي في لحدها فإني ذكرت في حال (٣) حياتها ضغطة القبر فقالت : واضعفاه! فنمت في لحدها لاجل ذلك حتى كفيتها ذلك ، وأما تكفيني لها (٤) بقميصي فإني ذكرت لها [ في حياتها القيامة (٥) و ] حشر الناس عراة فقالت : واسو أتاه! فكفنتها بها (٦) لتقوم يوم القيامة مستورة ، وأما قولي لها : « ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل » فإنها لما نزل عليه الملكان وسألاها عن ربها فقالت : الله ربي ، وقالا (٧) : من نبيك؟ قالت : محمد نبيي ، فقالا (٨) : من وليك وإمامك؟ فاستحيت أن تقول : ولدي ، فقلت لها : قولي : ابنك علي بن أبي طالب ، فأقر الله بذلك عينها (٩). أقول : قال ابن أبي الحديد : امه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أول هاشيمة ولدت لهاشمي ، كان علي أصغر بنيها وجعفر أسن منه بعشر سنين ، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين ، وطالب أسن من عقيل بعشر سنين ، وفاطمة بنت أسد أمهم جميعا ، وأم فاطمة بنت أسد فاطمة بنت هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن وهب
____________________
(١) في الصمدرين : فقالوا له.
(٢) في الصمدرين : وجعلن قميصك عليها.
(٣) في الروضة : فانى ذكرت لها في ايام حياتها. وفى الفضائل : فانى ذكرت لها في حال حياتها.
(٤) في الصمدرين وفى ( م ) : وامما تكفينها.
(٥) ليست هذه الجملة في الصمدرين.
(٦) في الصمدرين : فكفنتها به.
(٧ و ٨) في الصمدرين : وقالا لها.
(٩) الفضائل : ١٠٦ و ١٠٧. الروضة : *.
بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شهاب بن مهارب بن فهر (١) ، وأمها عاتكة بنت أبي همهمة واسمه عبدالعزى بن عامر بن عمروبن وديعة بن الحارث بن فهر ، أسلمت بعد عشرة من المسلمين فكانت الحادى عشر ، وكان رسول الله يكرمها ويعظمها ويدعوها امي ، وأوصت إليه حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها وصلى عليها ونزل في لحدها واضطجع معها فيه بعد أن ألبسها قميصه ، وفاطمة أول امرأة بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآله من النساء. وام أبي طالب بن عبدالمطلب : فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخذوم ، وهي ام عبدالله والد سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وام الزبير بن عبدالمطلب وسائر ولد عبدالمطلب بعد لا مهات شتى (٢).
____________________
(١) في المصدر : عمروبن شيبان بن مهارب بن فهر.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج ١ : ٦.
* ( ابواب ) *
* ( الايات النازلة في شأنه عليهالسلام الدالة على فضله وامامته ) *
( باب )
* ( في نزول آية ( انما وليكم الله * ) في شأنه عليهالسلام ) *
١ ـ لى : علي بن حاتم ، بن أحمد الهمداني ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » الآية قال : إن رهطا من اليهود أسلموا ، منهم عبدالله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا ، فأتوا النبي صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا بني الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قوموا ، فقاموا فأتوا المسجد فإذا سائل خارج ، فقال : ياسائل أم أعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم هذا الخاتم ، قال : من أعطاكه؟ قال : أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي ، قال : على أي حال أعطاك؟ قال كان راكعا ، فكبر النبي صلىاللهعليهوآله وكبر أهل المسجد ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : علي بن أبي طالب وليكم بعدي ، قالوا : رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي بن أبي طالب وليا ، فأنزل الله عزوجل : « ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (١) » فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : والله لقد تصدقت بأربعين خإتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل (٢)!
____________________
(*) الاعراف : ٥٥. ولا نكرر موضع هذه الاية بتكرارها في هذا الباب.
(١) المائدة : ٦.
(٢) امالى الصدوق : ٧٥.
قب : مرسلا عنه مثله (١).
٢ ـ ج : في رسالة أبي الحسن العسكري إلى أهل الاهواز في الجبر والتفويض قال : وأصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث قال : إني مستخلف فيكم خليفتين : كتاب الله وعترتي ، وما إن تمسكتم بهمالن تضلوا بعدي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. واللفظة الاخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله صلىاللهعليهوآله : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا. فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لاميرالمؤمنين عليهالسلام أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له وأنزل الآية فيه ثم وجدنا رسول الله قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وقوله (ص) ، علي يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم بعدي. وقوله صلىاللهعليهوآله حيث استخلفه على المدينة فقال : يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟. فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الاخبار وتحقيق هذه الشواهد فيلزم (٢) الامة الاقرار بها إذا كانت هذه الاخبار وافقت القرآن ووافق القرآن هذه الاخبار. والخبر (٣).
٣ ـ ما : المفيد ، عن الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن محمد بن علي ، عن العباس بن عبدالله ، عن عبدالرحمن بن الاسود اليشكري ، عن عون بن عبيدالله ، عن أبيه عن جده أبي رافع قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما وهو نائم وحية في جانب البيت فكرهت أن أقتلها فاوقظ النبي صلىاللهعليهوآله فظننت أنه يوحى إليه ، فاضطجعت (٤) بينه وبين
____________________
(١) مناقب آل أبي طالب ج ١ : ٥١٥.
(٢) في المصدر : فلزم.
(٣) الاحتجاج : ٢٤٩.
(٤) ضجع واضطجع : وضع جنبه بالارض.
الحية فقلت : إن كان منها سوء كان إلي دونه ، فمكثت هنيئة فاستيقظ النبي صلىاللهعليهوآله وهو يقرء « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » حتى أتى على (١) آخر الآية ، ثم قال : الحمدلله الذي أتم لعلي نعمته ، وهنيئا له بفضل الله الذي آتاه ، ثم قال لي : مالك ههنا؟ فأخبرته بخبر الحية ، فقال لي : اقتلها ، ففعلت ، ثم قال : يا بارافع كيف أنت وقوم يقاتلون عليا وهو على الحق وهم على الباطل؟ جهادهم حق لله عز اسمه ، فمن لم يستطع فبقلبه (٢) وليس من ورائه شئ فقلت : يا رسول الله ادع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم ، قال : فدعا النبي صلىاللهعليهوآله وقال : إن لكل نبي أمينا وإن أميني أبورافع ، الخبر (٣).
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده إلى عون مثله إلى قوله : وليس وراءه شئ.
٤ ـ أقول : ورواه السيوطي في الدر المنثور عن ابن مردويه والطبراني وأبي نعيم بأسانيدهم عن أبي رافع إلى قوله : وهنيئا لعلي بفضل الله الذي آتاه (٤) ، ثم قال : و أخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عباس قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله للسائل : من أعطاك هذا الخاتم؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله فيه « إنما وليكم الله ورسوله » وأخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبوالشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : « إنما وليكم الله ورسوله » الآية ، قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وأخرج الطبراني في الاوسط بسند فيه مجاهيل ، وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال : وقف لعلي عليهالسلام سائل وهو راكع في صلاة تطوع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأعلمه ذلك ، فنزلت على النبي صلىاللهعليهوآله هذه الآية ، فقرأها
____________________
(١) ليست كلمة ( على ) في المصدر.
(٢) اى يجاهد بقلبه بالتبرى عنهم وفي المصدر : ليس من وراثه شئ.
(٣) أمالى الشيخ : ٣٧.
(٤) وفيه بدل هذه الجملة : ( وهيأ لعلى بفضل الله اياه ) ويظهر من عبارة المصنف أن السيوطى أورد ما نقله عنه بعد هذه الرواية ، وليس كذلك هذه الرواية متأخرة عما نقله المصنف عنه.
على أصحابه ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وأخرج أبوالشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : نزلت هذه الاية على رسول الله صلىاللهعليهوآله في بيته ودخل المسجد (١) وجاء الناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلي ، فإذا سائل فقال : يا سائل هل أعطاك أحد شيئا؟ قال : لا إذا ذاك الراكع ـ يشير لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ـ أعطاني خاتمه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبوالشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع ، فنزلت الاية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعن السدي وعتبة بن حكيم مثله. انتهت أخبار السيوطي ، أخذناها من عين كتابه (٢).
٥ ـ فس : « إنما وليكم الله ورسوله » الاية حدثني أبي ، عن صفوان ، عن أبان بن عثمان ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : بينما (٣) رسول الله صلىاللهعليهوآله جالس ونده قوم من اليهود فيهم عبدالله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الاية فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى المسجد فاستقبله سائل فقال : هل أعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم ذاك المصلي ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله فإذا هو أميرالمؤمنين عليهالسلام (٤).
٦ ـ شف : محمد بن جرير الطبري ، عن القاضي أبي الفرج المعافى ، عن محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، عن القاسم بن هشام بن يونس النهشلي ، عن الحسن بن الحسين ، عن معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب (٥) ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قول الله عزوجل : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » قال : اجتاز عبدالله بن سلام ورهطه معه (٦) برسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) في المصدر : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله ودخل المسجد. (٢) الدر المثور ج ٢ : ٢٩٣ و ٢٩٤.
(٣) في المصدر : بينا رسول الله.
(٤) تفسير القمى : ١٨٥ وفه : فاذا هوعلى اميرالمؤمنين عليهالسلام.
(٥) في ( ك ) عن عطاء بن السياب.
(٦) في المصدر : ورهط معه.
فقالوا : يا رسول الله بيوتنا قاصية (١) ولا نجد متحدثا دون المسجد ، إن قومنا لما رأونا قدصدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة والبغضاء ، وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا ، فبيناهم يشكون إلى النبي صلىاللهعليهوآله إذ نزلت هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » فلما قرأها عليهم قالوا : قد رضينا بما رضي الله ورسوله ، ورضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذن بلال العصر وخرج النبي صلىاللهعليهوآله فدخل والناس يصلون ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، وإذا مسكين يسأل ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : هل أعطاك أحد شيئا؟ فقال : نعم قال : ماذا؟ قال : خاتم فضة ، قال : من أعطاكه (٢)؟ قال : ذاك الرجل القائم ، قال النبي صلىاللهعليهوآله (٣) : على أي حال أعطاكه؟ قال : أعطانيه وهو راكع ، فنظرنا فإذا هوأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام (٤).
٧ ـ شى : عن خالد بن يزيد ، عن معمر بن المكي ، عن إسحاق بن عبدالله بن محمد بن علي بن الحسين ، عن الحسن بن زيد ، عن أبيه زيد بن الحسن عن جده عليهمالسلام قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : وقف لعلي بن أبي طالب عليهالسلام سائل وهو راكع في صلاة تطوع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأعلمه بذلك ، فنزل على النبي هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » إلى آخر الآية ، فقرأها رسول الله صلىاللهعليهوآله علينا ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (٥).
٨ ـ شى : عن ابن أبي يعقور قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أعرض عليك ديني الذي أدين الله به؟ قال : هاته ، قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، و اقر بماجاء به من عندالله قال : ثم وصفت له الائمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر عليهالسلام
____________________
(١) أى بعيدة.
(٢) في المصدر : من أعطاك؟.
(٣) في ( م ) و ( ح ) ، ثم قال النبي صلىاللهعليهوآله.
(٤) اليقين : ٥١.
(٥) تفسير العياشى مخطوط. وخرجها البحراني في البرهان ج ١ : ٤٨٢.
قلت : وأقول فيك ما أقول فيهم ، فقال : أنهاك أن تذهب باسمي في الناس ، قال أبان : قال ابن أبي يعفور : قلت له مع الكلام الاول (١) : وأزعم أنهم الذين قال الله في القرآن : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامرمنكم (٢) » فقال أبوعبدالله عليهالسلام : والآية الاخرى فاقرء قال : قلت له : جعلت فداك أي آية؟ قال : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (٣) ».
٩ ـ شى : عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله جالس (٤) في بيته وعنده نفر من اليهود ـ أو قال : خمسة من اليهود ـ فيهم عبدالله بن سلام فنزلت هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » فتركهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في منزله وخرج إلى المسجد ، فإذا بسائل ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : أصدق عليك أحد بشئ؟ قال : نعم هو ذاك المصلي فإذا هو علي عليهالسلام (٥).
١٠ ـ شى : عن المفضل بن صالح ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهماالسلام أنه قال لما نزلت هذه الآية « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » شق ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله وخشي أن يكذبه قريش ، فأنزل الله « يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك (٦) » الآية ، فقام بذلك يوم غديرخم (٧).
١١ ـ شى : عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » قال : هم الائمة عليهمالسلام (٨).
١٢ ـ شى : عن أبي جميلة ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إن الله أوحى إلي أن احب أربعة : عليا وأباذر وسلمان والمقداد
____________________
(١) اى حين وصفت الائمة عليهمالسلام وأقررت بولايتهم.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣ و ٥ ـ ٨) تفسير العياشى مخطوط. واوردها في البرهان ج ١ : ٤٨٣ و ٤٨٤.
(٤) ليست كلمة ( جالس ) في ( د ).
(٦) المائدة : ٦٧.
فقلت : ألا؟! فما كان من كثرة الناس؟! أما كان أحد يعرف هذالامر؟ فقال : بلى ثلاثة ، قلت : هذه الآيات التي انزلت « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » وقوله : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر » أماكان أحد يسأل فيم نزلت؟ فقال : من ثم أتاهم ، لم يكونوا يسألون (١).
١٣ ـ قب : قوله تعالى : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » اجتمعت الامة أن هذه الآية نزلت في علي عليهالسلام لما تصد بخاتمه وهو راكع ، لاخلاف بين المفسرين في ذلك ، ذكره الثعلبي والماوردي والقشيري والقزويني والرازي والنيسابوري والفلكي والطوسي والطبري (٢) في تفاسيرهم عن السدي والمجاهد والحسن والاعمش وعتبة بن أبي حكيم وغالب بن عبدالله وقيس بن الربيع وعباية الربعي وعبدالله بن عباس وأبي ذر الغفاري ، وذكره ابن البيع في معرفة اصول الحديث عن عبدالله بن عبيدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، والواحدي في أسباب نزول القرآن عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، والسمعاني في فضائل الصحابة عن حميد الطويل ، عن أنس ، وسلمان بن أحمد في معجمه الاوسط عن عمار ، وأبوبكر البيهقي في المقنف ، ومحمد الفتال في التنوير وفي الروضة عن عبدالله بن سلام وأبى صالح والشعبي والمجاهد ، وزرارة بن أعين عن محمد بن علي عليهالسلام ، والنظنزي في الخصائص ، عن ابن عباس ، والابانة عن الفلكي عن جابر الانصاري ، وناصح التميمي وابن عباس والكلبي في روايات مختلفة الالفاظ متفقة المعاني ، وفي أسباب النزول عن الواحدي (٣) أن عبدالله بن سلام أقبل ومعه نفر من قومه وشكوا بعد المنزل عن المسجد و قالوا : إن قومنا لما رأونا أسلمنا رفضونا (٤) ولا يكلمونا ولا يجالسونا ولا ينا كحونا ،
____________________
(١) تفسير العياشى : مخطوط وخرجها البحرانى في البرهان ج ١ ص ٤٨٣.
(٢) أورده الرازى في تفسيره مفاتيح الغيب ج ٣ ص ٤٣١ ع ابن عباس وابى ذر ، والنيسابورى في غرائب القرآن ج ٢ ص ٢٨ عن ابن عباس ، والطوسى في التبيان ج ١ : ٥٤٨.
(٣) ص ١٤٨ وبين ما ذكر الواحدى وعبارات المتن اختلافات يسيرة غير مخلة بالمعنى.
(٤) اى تركونا.
فنزلت هذه الآية فخرج النبي صلىاللهعليهوآله إلى المسجد فرأى سائلا فقال : هل أعطاك أحدشيئا؟ قال : نعم خانم فضة ـ وفي رواية خاتم ذهب ـ قال : منأعطاكه؟ قال : أعطانيه هذا الراكع.
كتاب أبي بكر الشيرازي أنه لم سأل السائل وضعها على ظهره إشارة إليه أن ينزعها فمد السائل يده ونزع الخاتم من يده ودعاله ، فباهى الله تعالى ملائكته بأميرالمؤمنين عليهالسلام وقال : ملائكتي أما ترون عبدي جسده في عبادتي وقلبه معلق عندي وهو يتصدق وبماله طلبا لرضاي؟ اشهدكم أني رضيت عنه وعن خلفه ـ يعني ذريته ـ ونزل جبرئيل بالآية. وفي المصباح (١) : تصدق به يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ، وفي رواية أبي ذر أنه كان في صلاة الظهر وروي أنه كان في نافلة الظهر.
أسباب النزول عن الواحدي « ومن يتول الله » يعني يحب الله « ورسوله والذين آمنوا » يعني عليا « فإن حزب الله » يعني شيعة الله ورسوله ووليه « هم الغالبون » يعني هم العالون (٢) على جميع العباد ، فبدأ في هذه الآية بنفسه ثم بنبيه ثم بوليه ، وكذلك في الآية الثانية.
وفي الحساب « إنما ولكيم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون » وزنه : محمد المصطفى رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعده : المترضى علي ابن أبي طالب وعترته ، وعدد حساب كل واحد منهما ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمانون (٣).
الكافي (٤) : جعفر بن محمد بن أبيه عن جده عليهمالسلام قال : لما نزلت « إنما وليكم الله ورسوله » اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجد المدينة وقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الآية؟ قال بعضهم : إنا (٥) إن كفرنا بهذه الآية لكفر نابسائرها ، (٦)
____________________
(١) ص ٥٣٠.
(٢) في المصدر : هم الغلبون.
(٣) الموازنة غير صحيحة.
(٤) اصول الكافى ١ : ٤٢٧.
(٥) ليست في المصدر كلمة ( انا ).
(٦) في المصدر : نكفر بسائرها.
وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا علي بن أبي طالب ، فقالوا : قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ، ولكن نتوالاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا! فنزل : « يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها » يعني ولاية علي « وأكثرهم الكافرون » بولاية علي.
علي بن جعفر ، عن أبي الحسن عليهالسلام في قوله تعالى : « وإذا قلنا للملائكة اسجد والآدم فسجدوا إلا إبليس أبي (١) » أوحى الله إليه : يا محمد إني أمرت فلم اطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيك.
خزيمة بن ثابت :
فديت عليا إما الورى |
|
سراج البرية مأوي التقى |
وصي الرسول وزوج البتول |
|
إمام البرية شمس الضحى |
تصدق خاتمه راكعا |
|
فأحسن بفعل إمام الورى |
ففضله الله رب العباد |
|
وأنزل في شأنه هل أتى |
وله : « أبا حسن تفديت نفسي واسرتي » إلى آخر ما سيأتي عن حسان. (٢) ثم قال : وأنشأحسان بن ثابت ، وهو في ديوان الحميري رضياللهعنه :
علي أميرالمؤمنين أخو الهدى |
|
وأفضل ذى نعل ومن كان حافيا |
وأول من أدى الزكاة بكفه |
|
وأول من صلى ومن صام طاويا (٣) |
فلما أتاه سائل مد كفه |
|
إليه ولم يبخل ولم يك جافيا |
فدس إليه خاتما وهو راكع |
|
ومازال أواها إلى الخيرداعيا (٤) |
فبشر جبريل النبي محمدا |
|
بذاك وجاء الوحي في ذاك ضايحا (٥) |
____________________
(١) البقرة : ٣٤. طه : ١١٦.
(٢) تحت رقم ١٦ من الباب.
(٣) أى جائعا ، وكأنه اشارة إلى صومه عليهالسلام ثلاثة أيام وافطاره بالماء فقط ، وسيأتى تفصيله في البحث عن سورة ( هل أتى ).
(٤) قال في القاموس ( ٤ : ٢٨٠ ) : الاواه : الموقن أو الدعاء أو الرحيم الرقيق.
(٥) مناقب آل أبي طالب ١ : ٥١٤ ـ ٤١٧.
١٤ ـ يل ، فض : بالاسناده يرفعه إلى جابر بن عبدالله الانصاري قال : كنا جلوسا عند رسول الله إذورد علينا أعرابي أشعث الحال ، عليه أثواب رثة ، والفقر بين عينيه ، فلما دخل وسلم قال شعرا : (١)
أتيتك والعذراء تبكي برنة |
|
وقد ذهلت ام الصبي عن الطفل |
واخت وبنتان وام كبيرة |
|
وقد كدت من فقري اخالط في عقلي |
وقد مسني فقر وذل وفاقة |
|
وليس لناشئ يمر ولا يحلي (٢) |
وليس لناشئ يمر ولا يحلي (٢) |
|
وأين مفر الخلق إلا إلى الرسل |
قال : فلما سمع النبي صلىاللهعليهوآله ذلك بكى بكاء شديدا ثم قال لاصحابه : معاشر المسلمين إن الله تعالى سبق إليكم جزاء ، (٤) والجزاء من الله غرف في الجنة تضاهي غرف إبراهيم الخليل عليهالسلام فمن كان منك (٥) يواسي هذا الفقير؟ فقال : (٦) فلم يجبه أحد ، وكان في ناحية المسجد علي بن أبي طالب يصلي ركعات التطوع (٧) كانت له دائما ، فأومأ إلى الاعرابي بيده فدنامنه ، فرفع (٨) إليه الخاتم من يده وهو في صلاته ، فأخذه الاعرابي وانصرف وهو يقول : بعد الصلاة على الرسول (٩).
____________________
(١) في الفضائل : عليه ثياب رثة ، الفقر ظاهر بين عينيه ، ومعه عياله ، فلما دخل المسجد سلم على النبي صلىاللهعليهوآله أنشد يقول اه. وفي الروضة : فلما دخل سلم ووقف بين يدى رسل الله صلىاللهعليهوآله وقال اه.
(٢) في الفضائل : وليس لنا مالا يمرو لا يحلى.
(٣) في الفضائل : ولسنانرى الا اليك فرارنا.
(٤) في الفضائل : ساق إليم ثوابا وقادا ليكم أجرا. وفى الروضة : ساق اليكم اجرا.
(٥) في المصدر : فمن منكم. وفى الروضة : ومن منكم.
(٦) ليست كلمة ( فقال ) في الروضة.
(٧) في الفضائل : ركعات تطوعا. وفى الروضة : ركعتين تطوعا.
(٨) في المصدرين : فدفع.
(٩) ليست هذه الجملة في الروضة. وفى الفضائل : فاخذه الاعرابي وانصرف ، وقد أحسن من قال :
لى خمسة ترتجى بحبهم ال |
|
دنيا ويرجى منهم الدين |
يأمن بين الانام تابعهم |
|
لانهم في الورى ميامين |
أنت مولى يرتجى به من الـ |
|
له في الدنيا إقامة الدين |
خمسة في الانام كلهم |
|
وأنتم في الورى ميامين |
ثم إن النبي أتاه جبرئيل ونادى : (١) السلام عليكم يا رسول الله ربك يقرؤك السلام ويقول لك : اقرء « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون » فعند ذلك قام النبي صلىاللهعليهوآله قائما على قدميه وقال : معاشر المسلمين أيكم اليوم عمل خيرا حتى جعله الله ولي كل من آمن؟ قالوا : يا رسول الله ما فينا من عمل خيرا سوى ابن عمك علي بن أبي طالب عليهالسلام فإنه تصدق على الاعرابي (٢) بخاتمه وهو يصلي ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : وجبت الغرف لابن عمي علي بن أبي طالب عليهالسلام فقرأ (٣) عليهم الآية ، قال : فتصدق الناس في ذلك اليوم على ذلك الاعرابي (٤) ، فولى و هو يقول :
أنا مولى لخمسة |
|
انزلت فيهم السور |
أهل طه وهل أتى |
|
فاقرؤا يعرف الخبر (٥) |
والطواسين بعدها |
|
والحواميم والزمر |
أنا مولى لهؤلاء*وعدو لمن كفر.(٦) بيان: الرثة البذاذة وسوء الحال. قوله: « يمر ولا يحلي » هما على الافعال من المرارة والحلاوة أي مالنا حلو ولامر ، قال الجوهري : أحليت الشئ : جعلته حلوا ،
____________________
(١) في الفضائل : ثم ان النبى غشيه الوحى اذهبط عليه جبرئيل ونادى. وفى الروضة : ثم ان النبي اتاه الوحى ، عند ذلك جبرئيل نزل ونادى.
(٢) في الروضة : تصدق بخاتمه الاعرابى.
(٣) في الفضائل : ثم قرأ. وفى الروضة : قال : فعند ذلك قرأ.
(٤) في المصدرين : فتصدق الناس على الاعرابى في ذلك اليوم.
(٥) في المصدرين : فاقرؤوا واعرفوا الخبر.
(٦) الفضائل : ١٥٦. الروضة : ٢٨.
يقال : ما أمر ولا أحلى إذا لم يقل شيئا. (١)
١٥ ـ قب ، كشف : الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال : بينا عبدالله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إذأ قبل رجل متعمم (٢) بعمامة ، فجعل ابن عباس لا يقول : قال رسول الله إلا قال الرجل : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال (٣) ابن عباس : سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني (٤) أنا جندب بن جنادة البدري أبوذر العفاري ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله بهاتين وإلا فصمتا (٥) ورأيته بهاتين وإلا فعميتا ، (٦) يقول : علي قائد البررة وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، أما إني صليت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما من الايام الظهر (٧) فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا (٨) ، فرفع السائل يده إلى المساء و قال : (٩) اللهم اشهد أني سألت (١٠) في مسجد رسل الله فمل يعطني أحد شيئا ، وكان علي عليهالسلام في الصلاة (١١) راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان متختما (١٢) فيها ، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصرة وذلك بمرأى من النبي صلىاللهعليهوآله وهو يصلي ، (١٣)
____________________
(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣١٧.
(٢) في الكشف : معتم. وكلاهما صحيحان.
(٣) في الكشف : فجعل كلما قال ابن عباس : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول الرجل : قاله رسول الله ، فقال له اه.
(٤) في الكشف : بعد ذلك : ومن لم يعرفنى فأنا اعرفه نفسى.
(٥) في الكشف : صمتا.
(٦) في الكشف : عميتا.
(٧) في الكشف : صلاة الظهر يوما من الايام.
(٨) ليست كلمة ( شيئا ) في الكشف.
(٩) لم يذكر من صدر الرواية إلى هنا في المناقب ، وقد قطعها كما يستفاد من عبارته حيث قال تفسير الثعلبى : في رواية أبى ذران السائل قال اه.
(١٠) في ( ك ) : اللهم انى اشهد أنى سألت.
(١١) ليست كلمة ( في الصلاة ) في المصدرين.
(١٢) في الكشف : وكان يتختم فيه. ولم يذكر في المناقب هذه العبارة رأسا.
(١٣) في المناقب : حتى أخذه من خنصره وذلك بعين رسول الله صلىاللهعليهوآله اه. وفى الكشف : فاخذ الخاتم من يده بعين رسول الله صلىاللهعليهوآله اه.
فلما فرغ النبي صلىاللهعليهوآله (١) من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إن أخي موسى سألك فقال : « رب اشرح لي صدري ويسرلي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري » فأنزلت عليه قرآنا ناطقا : « سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا (٢) » اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك ، اللهم فاشرح لي صدري ويسرلى أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد عليا اشدد به ظهري. (٣) قال أبوذر : فما استتم رسول الله صلىاللهعليهوآله كلامه (٤) حتى نزل جبرئيل من عندالله عزوجل فقال : يا محمد اقرء ، فأنزل الله عليه « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ». (٥) أقول : قال السيد ابن طاوس : في الطرائف قال السدي وعتبة بن أبي حكيم و غالب بن عبدالله : إنما عني بهذه الآية علي بن أبي طالب عليهالسلام لانه مر به سائل وهو راكع فب المسجد فأعطاه خاتمه. ورواه الثعلبي من عدة طرق : فمنها ما رفعه إلى عباية بن ربعي قال : بينا عبدالله بن عباس جالس وذكر مثله سواء (٦).
وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي : حدثنا السيد أبوالحمد مهدي بن نزار الحسني ، عن أبي القاسم الحسكاني ، عن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني ، عن عبدالله بن محمد الشعراني عن أحمد بن علي بن زين الياشاني (٧) ، عن المظفر بن الحسين الانصاري ، عن السندي ابن علي الوراق ، عن يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن قيس بن الربيع ، ع الاعمش عن عباية مثله ، ثم قال : وروى هذا الخبر الثعلبي في تفسيرة بهذا الاسناد بعينه ، وروى
____________________
(١) ليست كلمة ( النبى ) في الكشف. وفى المناقب ( رسول الله ) بدله.
(٢) القصص : ٣٥.
(٣) في الكشف : أزرى.
(٤) في المناقب : الكلمة.
(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥١٥. كشف الغمة : ٩١ و ٩٢.
(٦) لم نجده في المصدر المطبوع.
(٧) في المصدر : البياشانى.
أبوبكر الرازي في كتاب أحكام القرآن ـ على ما حكاه المغربي عنه ـ والرماني والطبري أنها نزلت في علي عليهالسلام حين تصدق بخاتمه وهو راكع ، وهو قول مجاهد والسدي ، وهو المروي أن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام وجميع علماء أهل البيت عليهمالسلام ، وقال الكلبي : نزلت في عبدالله بن سلام وأصحابه لما أسلموا فقطعت اليهود (١) فنزلت الآية ، وفي رواية عطاء قال عبدالله بن سلام : أنا رأيت (٢) عليا عليهالسلام تصدق بخاتمه وهو راكع فنحن نتولاه (٣).
١٦ ـ كشف : نقلت من مناقب أبي المؤيد الخوارزمي يرفع إلى ابن عباس قال : أقبل عبدالله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآله فقال (٤) : يا رسول الله إن منازلنا بعيدة ليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس ، وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقناه رفضونا ، وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا ينا كحونا ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا ، فقال لهم النبي صلىاللهعليهوآله : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع ، وبصر بسائل ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : هل أعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم خاتما من ذهب ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله من أعطاكه؟ قال : ذاك (٥) القائم ـ وأومأ بيده إلى أميرالمؤمنين علي عليهالسلام ـ فال صلىاللهعليهوآله : على أي حال أعطاك؟ قال : أعطاني وهو راكع ، فكبر النبي صلىاللهعليهوآله ثم قرأ : « ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ».
فأنشأحسان بن ثابت (٦) يقول :
____________________
(١) في المصدر : فقطعت اليهود موالاتهم.
(٢) في المصدر : يا رسول الله أنا رأيت.
(٣) مجمع البيان ٣ : ٢١٠.
(٤) في المصدر : فقالوا.
(٥) في المصدر : ذلك.
(٦) هو من الانصار ، وأول من نظم الشعر الدينى في الاسلام ، لقب بشاعر النبي صلىاللهعليهوآله شعرء من مصادر تاريخ تلك الحقبة من حياة الاسلام ، له ديوان معروف رواه ابوسعيد السكرى عن ابن حبيب ، طبع مرارا افضل طبعاته في مجموعة حبيب التذكارية في لندن ١٩١٠ م.
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي |
|
وكل بطئ في الهدى ومسارع |
أيذهب مدحي والمحبر ضائع |
|
وما المدح في جنب الاله بضائع |
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا |
|
فدتك نفوس القوم يا خير راكع |
فأنزل فيك الله خير ولاية |
|
وبينها في محكمات الشرائع (١) |
[ بيان : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه ]
فأقول : رواه علي بن عيسى في كشف الغمة (٢) عن ابن مردويه بأسانيد عن ابن عباس وروى السيوطي في الدر المنثور (٣) عن ابن مردويه من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس. وروى أيضا ابن بطريق من كتاب ما نزل من القرآن في أميرالمؤمنين عليهالسلام تأليف الحافظ أبي نعيم الاصفهاني بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس. ورواه الطبرسي عن السيد أبي الحمد ، عن الحسكاني بإسناده إلى أبي صالح عن ابن عباس مثله إلا أنه قال : خاتم من فضة (٤).
فر : عبيد بن كثير معنعنا عن ابن عباس مثله إلى قوله : « هم الغالبون » وزاد بعده (٥) : فقال النبي صلىاللهعليهوآله : الحمدلله الذي جعلها في وفي أهل بيتي (٦) ، قال : وكان في خاتمه الذي أعطاه السائل : سبحان من فخري بأني له عبد (٧).
١٧ ـ فر : إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي ، عن ثعلبة ، عن سلميان بن ظريف ، عن محمد بن مسلم قال : كنا عند أبي جعفر عليهالسلام جلوسا صفين ، وهو على السرير ود در علينا بالحديث ، وفينا من السرور وقرة العين ما شاء الله ، فكأنا
____________________
(١) كشف الغمة : ٨٨.
(٢) ص ٩٣.
(٣) ج ٢ : ٢٩٣.
(٤) مجمع البيان ٣ : ٢١٠.
(٥) ما نقله المصنف بعنوان الزيادة منقول في تفسير فرات مستقلا عن أبي على احمد بن الحسين الحضرمي معنعنا عن ابن عباس.
(٦) في المصدر : الحمدلله الذى جعلها في سر أهل بيتى.
(٧) تفسير فرات : ٣٩. وفى جميع نسخ الكتاب : سبحان من فخرلى.
في الجنة ، فبينا نحن كذلك إذا بالآذن فقال : سلام الجعفي بالباب ، فقال أبوجعفر عليهالسلام ائذن له ، فدخلنا هم وغم ومشقة كراهية أن يكف عنا ما كنافيه ، فدخل وسلم عليه فرد أبوجعفر عليهالسلام عليهالسلام ، ثم قال سلام : يا ابن رسول الله حدثني عنك خيثمة عن قول الله تعالى : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » أن الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام (١) قال : صدق خيثمة (٢).
١٨ ـ فر : الحسين بن الحكم معنعنا عن جعفر عليهالسلام « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام (٣).
١٩ ـ فر : جعفر بن محمد بن سعيد عن المنهال قال : سألت عن علي بن الحسين وعبدالله بن محمد عن قول الله تعالى : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » قالا : في علي بن أبي طالب عليهالسلام (٤).
٢٠ ـ فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يصلي ذات يوم في مسجده فمربه فقير (٥) ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : هل تصدق عليك بشئ؟ قال : نعم : مررت برجل راكع فأعطاني خاتمه ، وأشار (٦) بيده فإذا هو بعلي بن أبي طالب عليهالسلام فنزلت هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هو وليكم من بعدي.
وقال ابن عباس : نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام خاصة وقوله : « ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون » علي بن أبي طالب عليهالسلام (٧).
٢١ ـ فر : زيد بن حمزة بن محمد بن على بن زياد القصار معنعنا عن أميرالمؤمنين
____________________
(١) في المصدر : الاية نزلت في على عليهالسلام.
(٢) تفسير فرات : ٣.
(٣) تفسير فرات ٣٧.
(٤) تفسير فرات : ٣٠.
(٥) في المصدر : ان رسول الله كان ذات يوم في مسجده ، فمر مسكين اه.
(٦) في المصدر : فأشار.
(٧) تفسير فرات : ٣٨. ولم يذكر ذيل الاية الاخيرة فيه.
علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه كان يقول : من أحب الله أحب النبي صلىاللهعليهوآله ومن أحب النبي أحبنا ، ومن أحبنا أحب شيعتنا ، فإن النبي صلىاللهعليهوآله ونحن وشيعتنا من طينة واحدة ، ونحن في الجنة ، لا نبغض من يحبنا (١) ولا نحب من أبغضنا ، اقرؤوا إن شئتم : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » إلى آخر الآية ، قال الحارث : صدق الله ما نزلت إلا فيه (٢).
٢٢ ـ يف : من كتاب الجمع بين الصحاح الستة من صحيح النسائي عن ابن سلام قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله ، وأقسموا أن لا يكلمونا ، فأنزل الله تعالى « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » الآية ، ثم أذن بلال لصلاة الظهر ، فقام الناس يصلون فمن بين ساجد وراكع ، وسائل إذا سأل ، فأعطى علي خاتمه وهو راكع ، فأخبر السائل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقرأ علينا رسول الله (ص) « إنما وليكم الله ورسوله » إلى قوله : « الغالبون ».
ورواه الشافعي ابن المغازلي من خمس طرق : فمنها عن عبدالله بن عباس قال : مر سائل بالنبي صلىاللهعليهوآله وفي يده خاتم قال : من أعطاك هذا الخاتم؟ قال : ذاك الراكع ـ وكان علي يصلي ـ فقال : الحمدلله الذي جعلها في وفي أهل بيتي.
ومن روايات الشافعي ابن المغازلي في المعنى يرفعه إلى علي بن عابس قال : دخلت أنا وأبومريم على عبدالله بن عطاء فقال أبومريم : كنت مع أبي جعفر عليهالسلام جالسا إذمر ابن عبدالله بن سلام فقلت : جعلت فداك هذا ابن الذي عنده علم الكتاب ، قال : لا ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عزوجل : « ومن عنده علم الكتاب (٣). أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه (٤). إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ». وذكر السدي في
____________________
(١) في المصدر : من احبنا.
(٢) تفسير فرات : ٤١.
(٣) الرعد : ٤٣.
(٤) هود : ١٧.
تفسيره أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام (١).
أقول : روى ابن بطريق في العمدة (٢) مامر في روايات السيد وغيره بأسانيد جمة من صحاحهم فمن أراد تحقيق أسانيدها فليرجع إليها.
٢٣ ـ وأقول : روي في جامع الاصول (٣) من صحيح النسائي عن ابن سلام مثل الخبر الاول الذي رواه السيد إلا أنه قال : أتيت (٤) رسول الله صلىاللهعليهوآله ورهط من قومي فقلنا : « إن قومنا » إلى قوله : « بين ساجد وراكع ، وسائل إذا سأل (٥) فأعطاه علي » إلى آخر الخبر.
وروى ابن بطريق أيضا في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن زيد بن الحسن عن أبيه قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : وقف لعلي سائل وهو راكع في صلاة تطوع ، فنزع خاتمه فأعطاه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأعلمه فنزلت هذه الآية : « إنما وليكم الله ورسوله ».
وبإسناده عن الضحاك عن ابن عباس في قوله عزوجل : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » يريد علي بن أبي طالب عليهالسلام « الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » قال عبدالله بن سلام : يا رسول الله أنا رأيت علي بن أبي طالب عليهالسلام تصدق بخاتمه ـ وهو راكع ـ على محتاج ، فنحن نتولاه.
وبإسناده عن الكلبي ، عن أبي صالح عباس قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله يتوضأ للصلاة فنزل عليه : « إنما وليكم الله » الآية ، فتوجه النبي صلىاللهعليهوآله وخرج إلى المسجد
____________________
(١) لم نجده في المصدر المطبوع.
(٢) ٦٠ و ٦١.
(٣) هذا الكتاب الذى دونه الجزرى من الصحاح الستة لم يطبع إلى الان ، ولخصه عبدالرحمن ابن على المعروف بابن الديبع الشيبانى ، وسماه ( تيسير الوصول إلى جامع الاصول من حديث الرسول ) وقد طبع بمصر سنة ١٣٥٢ ه لكن لا يوجد بعض الروايات المروية عن الصحاح الستة فيه كهذه الرواية ، والظاهر انه اسقطه لاجل التلخيص او لامر سواه ، والله اعلم.
(٤) في ( م ) و ( ح ) : لقيت.
(٥) في ( م ) : بين ساجد وراكع وسائل ، اذا سائل يسأل :