دروس في الأخلاق

الشيخ علي المشكيني

دروس في الأخلاق

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : الأخلاق
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٥
ISBN: 964-400-023-4
الصفحات: ٢٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

عيناه (١).

وأنّ الله أراد بالأحسن في قوله : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) (٢) الأصوب الصادر عن النيّة الصادقة (٣).

وأنّ قوله تعالىٰ : ( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ). (٤) هو القلب الذي يلقىٰ ربّه وليس فيه أحد سواه ، وكلّ قلبٍ فيه شرك أو شكّ فهو ساقط (٥).

وأنّه إذا أخلص عبد إيمانه بالله وأجمل ذكر الله أربعين يوماً زهّده في الدنيا وبصّره دائها ودوائها وجرت ينابيع الحكمة من قلبه إلى لسانه (٦) ، أي : أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ( والإيمان هنا : عقد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان ، وإخلاصه تصفية القلب عن غيره تعالى وتخليص الكلام عمّا لا يليق بمقام المؤمن وإخلاص العمل عن الحرام والشبهة ، والأربعين لها خصوصيّة أو هو مثال ).

وأنّ إخلاص العمل لله ممّا لا يغلّ عليه قلب امرءٍ مسلمٍ (٧) ، أي : لا يغشّ ولا يخون المسلم في إخلاص عمله ، وليس ذلك من شأنه.

وأنّ عمل أهل الدنيا كلّه رئاء ، إلّا ما كان مخلصاً ، والإخلاص على خطرٍ

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٦ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٤٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٢٩ ، وج ٨٤ ، ص ٢٦١.

٢) هود : ٧ والملك : ٢.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٣٠.

٤) الشعراء : ٨٩.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٦ ـ المحجة البيضاء : ج ٧ ، ص ٣٣٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٥٤ و ٢٣٩ و ج ٨٢ ، ص ٣٠٥.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٠.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٢.

٦١
 &

حتّى ينظر العبد بما يختم (١).

وأنّ قول إبراهيم عليه‌السلام عند توجيه وجهه إلى الله بالعبادة : ( حَنِيفًا مُسْلِمًا ) معناه : خالصاً مخلصاً لا يشوبه شيء (٢).

وأنّ العبد إذا أشرك غير الله في عمله ترك الله الجميع لغيره فإنّه خير شريكٍ (٣).

وأنّه قد يصلّي العبد ركعتين يريد بهما وجه الله فيدخله الله به الجنّة (٤).

وأنّ الحسن الزّكي عليه‌السلام قال : لو جعلت الدنيا كلّها لقمةً واحدةً ولقّمتها من يعبد الله خالصاً لرأيت أنّي مقصّر في حقّه (٥).

وأنّ الله لا ينظر إلى الصور والأعمال ، وإنّما ينظر إلى القلوب (٦).

وأنّ المؤمن الكامل هو من يكون حبّه وبغضه ، وإعطاؤه ومنعه لله تعالى وطلباً لمرضاته (٧).

وأنّ أفضل العبادة : الإخلاص (٨) ، أي : العبادة التي فيها الإخلاص ، أو أنّ نفس إخلاص النّية ـ مع قطع النظر عن العمل الخارجيّ ـ عبادة قلبيّة لها فضيلة وثواب ، وغيرها ممّا ورد في هذا الباب.

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٢.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٣.

٣) نفس المصدر السابق.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٤.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٥.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٨.

٧) نفس المصدر السابقة.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٤٩.

٦٢
 &

الدّرس الثّامن

في العبادة وإخفائها

إخفاء العبادة وكلّ عمل خيرٍ يصدر من المؤمن عدا الموارد التي أباح الشرع إظهار العمل فيها أو أمر بإظهاره فيها للناس قولاً أو عملاً ، مطلوب بالطبع من ناحية الشارع محثوث عليه ، حفظاً لنفس العامل عن عروض بعض الرذائل عليها كالعجب والرئاء والتكبّر وحبّ الجاه ونحوها ، وتخليصاً لعمله عن شوب الأغراض الفاسدة ، وهداية له إلى الأعمال التي ينبغي الإتيان بها خفاءً.

فقد ورد : إنّ أعظم العبادة أجراً أخفاها (١).

وإنّ العمل الصالح إذا كتمه العبد أبى الله إلّا أن يظهره ليزين الفاعل به مع ما يدّخر له من الثواب (٢).

وإنّ المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة (٣).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥١.

٢) نفس المصدر السابق.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٢٨ ـ ثواب الأعمال : ص ٢١٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٥٠ ـ بحار

٦٣
 &

وإنّ من كنوز الجنّة إخفاء العمل (١).

وإنّ من شهر نفسه بالعبادة فاتّهموه فإنّ الله يبغض شهرة العبادة (٢).

وإن لله عباداً عاملوه بخالص من سرّه فقابلهم بخالصٍ من برّه. فهم الذين تمرّ صحفهم يوم القيامة فارغةً ، فاذا وقفوا بين يديه ملأها لهم من سرّ ما أسرّوا إليه (٣).

نعم ، من المندوب المطلوب إظهار العمل أحياناً والإتيان به بمرئىً من الناس ومنظرٍ كما في الصلوات الواجبة خاصّةً مع الجماعة ، وفي إخراج الوجوه الواجبة من الزكاة والخمس ومنذور التّصدّق به وغيره ، وذلك لأن تشيع عبادة الله وطاعته في الناس ويرغب إليها الغافلون ، ويكون نوعاً من الأمر بالمعروف ، وسبباً لزوال التّهمة عن العامل لو كان مورداً للتّهمة. ومقتضى بعض هذه الوجوه ـ كما ترىٰ ـ وجوب إظهاره. وقد يوسوس الوسواس الخنّاس في صدور بعض الناس في هذه الموارد بأنّ الإظهار يكون رئاءً فيخفيه لذلك ، وهو من همزات الشياطين فلا يعتن بذلك ، وليقل :

إنّ ربّي أحبّ الإظهار وما أحبّ إلّا ما أحبّه. وإذا شكّ في مورٍد في حسن الإخفاء أو الإظهار فليختر ما شاء ، وليقل : ( رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ) (٤). وليقل أيضاً : اللّهمّ لا تجعل للشيطان على عقلي سبيلاً ، ولا للباطل على عملي دليلاً. والشيطان يتعقّب العامل ويوسوس له فيما إذا رآه يعتني بشأنه ، فإذا توجّه إلى ما أمره ربّه واستمرّ عليه وأعرض عن الشيطان وعصاه يئس منه وخلّاه.

____________________________

الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥١ ، وج ٧٣ ، ص ٣٥٦.

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥١ وج ٧١ ، ص ٩٥ وج ٧٨ ، ص ٣٦.

٢) الأمالي : ج ٢ ، ص ٢٦٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٥٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥٢.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٥٢ وج ٧١ ، ص ٣٦٩ وج ٧٨ ، ص ٦٤.

٤) المؤمنون : ٩٨ ـ ٩٧.

٦٤
 &

الدّرس التّاسع

في التّقوىٰ والورع والمتّقين وصفاتهم

التّقوىٰ : مصدر وقى يقي وقياً ، فبدّل واو المصدر تاءً وياؤه واواً ، ومعناه : الحفظ والحراسة ، والمراد هنا : حفظ النفس عن مخالفة الله تعالى بفعل ما أوجبه وترك ما حرّمه ، وبمعناه الوقوىٰ والاتّقاء والتوقّي.

ثمّ إنّه لا اشكال في أنّ مواظبة الإنسان على فعل الواجب وترك الحرام توجب حصول ملكةٍ في النفس يسهل عليه الأفعال والتروك وان كانت مخالفة لميله وهواه.

والتقوى كلمة تطلق على كلّ واحد من الأمرين ، أي : الملكة الحاصلة في النفس ، الباعثة على الوظائف الخارجيّة ، وعلى نفس الأعمال والتروك. ويبحث في علم الأخلاق تارةً عن نفس الملكة : لأنّها من مسائل العلم ، وأخرىٰ عن الأفعال والتروك ؛ لأنّها تكون من أسباب حصولها ، كما أنّها تكون من آثارها ومسبّباتها ، لما عرفت من أنّ بين الأفعال الخارجيّة والصفات والملكات تأثيرات متقابلة وإن كان

٦٥
 &

حق السبق للأعمال في الملكات الاكتسابيّة ، وللملكات في الموهوبيّة. فالبحث عن الأفعال في المقام ، لأنّها تورث في النفس حصول الملكة.

وأمّا الورع : فقد يطلق على التقوىٰ. وقد يطلق على خصوص ترك المحرّمات ، وقد يطلق على ترك الشبهات أيضاً ، حتّى فيما لو قام الدليل على الجواز من خبرٍ أو أصلٍ مع احتمال عدمه في الواقع. فهو ـ حينئذٍ ـ مرتبة فوق التقوىٰ ، ويشهد على إرادة الملكة من التقوىٰ في عدّةٍ من الآيات والنصوص ، كثرة ذكر المتّقين بصيغة الفاعل الظاهرة في إرادة الصفة دون الفعل ، وعدّ العمل بالوظائف الدينيّة من علامات المتّقين ، ووقوع التصريح في بعض النصوص بأنّ التقوىٰ في القلب وما أشبه ذلك ، كما أنّ القرائن قد تشهد على كون المراد بالتقوىٰ في بعض النصوص : هو نفس الأعمال الخارجيّة كما ورد في تفسير التقوىٰ عن الصادق عليه‌السلام : « أن لا يفقدك الله حيث أمرك ، ولا يراك حيث نهاك » (١).

ثمّ إنّ الآيات الشريفة القرآنيّة ونصوص أهل البيت عليهم‌السلام في المقام كثيرة جدّاً سيقت لبيان نفس التقوىٰ وما يترتّب عليها من الآثار الدنيويّة والمثوبة الأخرويّة ، وبيان حال المتّقين ومدحهم وذكر مراتبهم عند الله وصفاتهم وعلائمهم وغير ذلك ـ جعلنا الله منهم ، ووفّقنا للدخول في زمرتهم والوفود إليه في الجنان معهم إن شاء الله ـ.

فقد ورد في الكتاب الكريم : ( فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ) (٢).

وأن ( لِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ) (٣).

____________________________

١) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٨٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٥ ، وج ٧٨ ، ص ٢٤١.

٢) البقرة : ١٩٧.

٣) الأعراف : ٢٦.

٦٦
 &

وأنّه يجب التعاون على التقوىٰ. (١)

وأنّ المسجد الذي اُسّس على التقوىٰ أحقّ بالقيام فيه. (٢)

وأنّ من أسّس بنيانه على تقوىً خير. (٣)

وأنّ العاقبة للتقوىٰ. (٤)

وأنّ تعظيم شعائر الله من تقوىٰ القلوب. (٥) وأنّ الله لا يناله لحوم الأضاحي ودماءها ، بل يناله التقوىٰ منكم. (٦)

وأنّ الله ألزم المؤمنين كلمة التقوىٰ وكانوا أحقَّ بها وأهلها. (٧)

( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ) (٨).

وأنّ الناس اُمروا بأن يتناجوا بالتقوىٰ. (٩)

وأنّ الله ألهم النفس فجورها وتقواها. (١٠)

وأنّ ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) (١١). وقد ورد في الكتاب الكريم بالنسبة إلى المتّقين : إنّ المتّقين هم الذين يؤمنون بالغيب ، وبما اُنزل إلى

____________________________

١) المستفاد من الآية الشريفة رقمها ٢ من سورة المائدة.

٢) وهذا مضمون الآية الشريفة رقمها ١٠٨ من سورة التوبة.

٣) وهذا مضمون الآية الشريفة رقمها ١٠٩ من سورة التوبة.

٤) المأخوذ من الآية الشريفة رقمها ١٣٢ من سورة طه.

٥) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة الحج ، الآية ٣٢.

٦) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة الحج ، الآية ٣٧.

٧) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة الفتح ، الآية ٢٦.

٨) الحجرات : ٣.

٩) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة المجادلة ، الآية ٩.

١٠) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة الشمس ، الآية ٨.

١١) محمد : ١٧.

٦٧
 &

الأنبياء ، وبالآخرة ، ويقيمون الصلاة ، وينفقون ممّا رزقهم الله ، (١) و ( أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (٢) ، و ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) (٣) ، وأنّ ( اللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) (٤). وأنّ العمل ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٥). وأنّ الله يكتب رحمته للذين يتّقون ، وأنّ الله قال للناس : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) (٦). وأنّه قال للمتّقين : ( إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ) (٧) وأنّ ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا‏ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) (٨) وأنّ المتّقين ( إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (٩) ، و ( إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) (١٠) ، و ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ) (١١).

وأنّ الكتاب الكريم ( هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) (١٢) ، وأنّه ( مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) (١٣) وأنّه ( تَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) (١٤) ، وأنّه نزل بلسان النّبي ليبشّر به المتّقين ، وأنّ كتاب موسىٰ كان فرقاناً ( وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ) (١٥).

____________________________

١) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة البقره ، الآية ٣ و ٤.

٢) التوبة : ٣٦ ، و ١٢٣.

٣) آل عمران : ٧٦ ، والتوبة : ٤ و ٧.

٤) الجاثية : ١٩.

٥) المائدة : ٢٧.

٦) الحجرات : ١٣.

٧) الأنفال : ٢٩.

٨) الطلاق : ٢ ـ ٣.

٩) الأعراف : ٢٠١.

١٠) هود : ٤٩.

١١) ص : ٤٩.

١٢) البقرة : ٢.

١٣) البقرة : ٦٦.

١٤) الحاقة : ٤٨.

١٥) الانبياء : ٤٨.

٦٨
 &

وأنّ الدار الآخرة نعم دار المتّقين ، وأنّ ( الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) (١) ، وأنّ الذين يتّقون فوق الكفّار يوم القيامة (٢) ، وأنّ الله لم يجعل المتّقين كالفجّار (٣) ، وأنّ المتّقين يُحشرون إلى الرحمن وفداً ، (٤) و ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ) (٥) و ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) (٦) ، و أنّ الجنّة اُعدّت للمتّقين (٧) ، وأنّه ( أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) ، (٨) وأنّه ( سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) (٩) ، وأنّ الذين اتّقوا ( لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ ) (١٠).

وورد في نصوص أهل البيت عليهم‌السلام : أنّ التقوىٰ في القلب (١١).

وأنّه ينفجر من عين المعرفة بالله (١٢).

وأنّ التُقىٰ رئيس الأخلاق (١٣).

وأنّ هنا خصلةً من لزمها أطاعته الدنيا وربح الفوز بالجنّة وهي : التقوىٰ (١٤).

____________________________

١) الزخرف : ٣٥.

٢) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ٢١٢.

٣) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة ص ، الآية ٢٨.

٤) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة مريم الآية ٨٥.

٥) النبأ : ٣١.

٦) الدخان : ٥١.

٧) هذا تضمين لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية : ١٣٣.

٨) ق : ٣١. الشعراء : ٩٠.

٩) الزمر : ٧٣.

١٠) الزمر : ٢٠.

١١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٣.

١٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٩٥.

١٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٤.

١٤) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٥.

٦٩
 &

وأنّ التقوىٰ : أن لا يفقدك الله حيث أمرك ، ولا يراك حيث نهاك (١).

وأنّه يجب على الناس الاتّقاء حقّ التقوىٰ (٢) ، أي : بما استطاعوا.

وأنّ من أخرجه الله من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوىٰ أغناه من غير مالٍ ، وأعزّه من غير عشيرةٍ ، وآنسه من غير بشرٍ (٣) ( أي : لو أعرض عنه الناس لتقواه أوجد في قلبه طمأنينةً يأنس بها بإيمانه وعلومه وعباداته ).

وأنّ لأهل التقوىٰ علامات يعرفون بها : كصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد ـ الخ (٤).

وأنّ من اتقىٰ عاش قويّاً وسار في بلاد عدوّه آمناً (٥).

وأنّ الأتقياء حصون الناس (٦).

وأنّ الله قد ضمن لمن اتّقاه أن يحوّله عمّا يكره إلى ما يحبّ (٧).

وأنّ من اعتصم بالله بتقواه عصمه الله ، وكان في حرز الله بالتقوىٰ من كلّ بليّةٍ (٨) ، فإنّ الله قال : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ). (٩)

وأنّ السماوات والأرض لو كانتا رتقاً على عبدٍ ثمّ اتّقى الله لجعل الله له منهما فرجاً ومخرجاً (١٠).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٥.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٣.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٢.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٢.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٣.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٣.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٥.

٨) نفس المصدر السابق.

٩) الدخان : ٥١.

١٠) غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٥ ، ص ١١٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٥.

٧٠
 &

وأنّ التقوىٰ دواء داء القلوب ، وبصر عمى الأفئدة ، وطهور دنس الأنفس (١).

وأنّ أتقى الناس من قال الحقّ فيما له وعليه (٢).

وأنّه لا كرم أعزّ من التقوىٰ (٣).

وأنّ التقوىٰ رأس الأمر (٤).

وأنّه لا فضل لأحدٍ على أحدٍ إلّا بتقوى الله (٥).

وأنّ المتّقي محبوب عند كلّ فريق (٦).

وأنّ القيامة عرس المتّقين (٧).

وأنّ أكثر ما يدخل به الجنّة تقوى الله (٨).

وأنّ أشدّ العبادة الورع (٩).

وأنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه (١٠) ( أي : إتعاب النفس في فعل الطاعات مع عدم ترك المحرّمات ).

وأنّ من لقي الله بالورع كان له عند الله فرجاً (١١) ، أي : كان ورعه في الدنيا فرجه عن كلّ ضيقٍ في الآخرة.

____________________________

١) نهج البلاغة : الخطبة ١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٤.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٨.

٣) نفس المصدر السابق.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٩.

٥) مستدرك الوسائل : ج ١١ ، ص ٢٦٥.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٦.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٦ و ٢٨٨.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٨٨.

٩) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٩٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٩٨.

١٠) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٩٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٩٧ و ٣٠٨.

١١) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٩٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠١.

٧١
 &

وأنّه لا يُعدّ الرجل مؤمناً حتّى يكون ورعاً (١).

وأنّ الورع هو الذي يثبت الإيمان في قلب العبد (٢).

وأنّ أورع النّاس من وقف عند الشبهة (٣).

وأنّ الورع هو الدين الذي يلازمه الأئمّة عليهم‌السلام ويريدونه من مواليهم (٤).

وأنّ المتورّع لا يُتعب الأئمّة عليهم‌السلام بالشفاعة (٥).

وأنّه يجب صون الدين بالورع (٦).

وأنّه لا يُنال ما عند الله ولا يتقرّب به إلّا بالورع (٧).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠٢.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠٤.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠٥.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠٦.

٥) نفس المصدر السابق.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٩٧.

٧) نفس المصدر السابق.

٧٢
 &

الدّرس العاشر

في الزّهد ودرجاته وعلاماته

الزّهد في اللغة : ترك الشيء والإعراض عنه ، يقال : زهد يزهد من باب منع وشرف ، في الشيء وعن الشيء : رغب عنه وتركه. ويُراد به في الشرع كثيراً مّا ، ملكة الإعراض عن الدنيا وعدم تعلّق القلب بها ، وعدم الاعتناء بشأنها وإن كانت نفسها حاصلةً للشخص من طريقٍ محلّلٍ ؛ وله مرتبتان : الزهد عن حرامها وعمّا نهى الله عنه من زخارفها ، والزهد عن حلالها وما أباحه وسوّغه ، وفي الآيات الكريمة والنصوص الواردة في الباب ما يوضح حقيقته ومراتبه وما يترتّب عليه من الآثار والثواب.

قال تعالى : ( لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) (١) وقال : ( لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ) (٢).( فمن الواضح أنّه إذا لم يتعلّق القلب بشيء لم يتأثر بالحزن عند فوته ، ولا بالفرح عند حصوله ). وقد خاطب الله تعالى النّبيّ

____________________________

١) الحديد : ٢٣.

٢) آل عمران : ١٥٣.

٧٣
 &

الأقدس أو كلّ مخاطبٍ له قلب ، وقال : ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ) (١) ( ومدّ العين كناية عن النظر إليه إعجاباً ورغبةً ). والنهي إرشاد إلى وجود المفسدة في ذلك ، فإنّه يضادّ الزهد ، وتركه يستلزم تحقّق صفة الزهد. وورد في النصوص أنّ حدّ الزهد ما ذكره تعالى ، فإنّه بين كلمتين من الكتاب ( لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) (٢).

وأنّ الزهد في الدنيا قصر الأمل (٣).

وأنّه ليس بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال ، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله (٤).

وأنّ الزهد تنكب حرام الدنيا (٥).

وأنّه لا زهد كالزهد في الحرام (٦).

وأنّ أزهد الناس من ترك الحرام (٧).

وأنّ الزاهد في الدنيا : الذي يتحرّج من حلالها فيتركه مخافة حسابها ، ويترك حرامها مخافة عقابها (٨).

وأنّه ما تزين المتزيّنون بمثل الزهد في الدنيا (٩).

____________________________

١) طه : ١٣١ والحجر : ٨٨.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١١.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٠.

٤) منهج الصادقين : ج ٩ ، ص ١٩٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٠.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٠.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٧.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٢.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١١.

٩) ارشاد القلوب : ص ٩٦.

٧٤
 &

وأنّ حبّ الدنيا رأس كل خطيئةٍ (١) ، فإنّه قد أحبّ ما أبغضه الله ، وأيّ خطأ أشدّ جرماً من هذا.

وأنّ الزاهد هو المتبلّغ بدون قوّته والمستعدّ ليوم موته والمتبرّم بحياته (٢).

وأنّ أفضل الزهد إخفاء الزهد (٣).

وأنّ الزهّاد كانوا قوماً من أهل الدنيا وليسوا من أهلها فكانوا فيها كمن ليس منها يرون أهل الدنيا يعظّمون موت أجسادهم وهم أشدّ إعظاماً لموت قلوبهم (٤).

وأنّ الناس ما تعبّدوا الله بشئٍ مثل الزهد في الدنيا (٥).

وأنّ أعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع (٦).

وأنّ صلاح أوّل هذه الأمّة كان بالزهد (٧).

وإذا رأيتم الرجل قد أعطى الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنّه يلقى الحكمة (٨).

وإذا زهد الرجل فيما عند الناس أحبّه الناس (٩). ومن زهد الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها (١٠).

____________________________

١) الخصال : ص ٢٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٣ ، ص ٣٩٥ ـ المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٢٥٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٠٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٣٩ ، وج ٧٣ ، ص ٧.

٢) ارشاد القلوب : ص ٨٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٩.

٣) نهج البلاغة : الحكمة ٢٨ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٢ ، ص ٤٠٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٦ و ٣١٩.

٤) الوافي : ج ٤ ، ص ٢٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٢٠.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٢٢.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٠.

٧) مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ٥٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١١.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١١.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ، ص ٣١١ ـ مستدرك الوسائل : ج ١٢ ، ص ٥١.

١٠) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٣.

٧٥
 &

والله تعالى يبيح جنّته للمتقرّب إليه بالزهد (١).

وأزهد الناس من لا يطلب المعدوم حتّى ينفد الموجود (٢).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٤.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ٣١٥.

٧٦
 &

الدّرس الحادي عشر

في الخوف والرّجاء

هما من الأوصاف القلبيّة والصفات النفسيّة ، ووجودهما في الإنسان من ذاتيّاته وفطريّاته ، ولا يوجد إنسان لم يكونا فيه ولو بالنسبة إلى بعض الأمور ويختلفان بالقياس إلى الأشخاص وإلى المتعلّقات في الشّدّة والضعف اختلافاً كثيراً.

والمراد بالخوف في المقام : الخوف من الله تعالى من مقام ذاته ، ومن غضبه وسخطه ، ومن عذابه في الدنيا وعقابه وناره في الآخرة. وبالرجاء : الرجاء منه تعالى ، رجاء رحمته وقربه وإحسانه في الدنيا ونعمه ورضاه وجنّته في الآخرة وهذان هما اللذان يمكن أن لا يوجدا في الإنسان أو يوجدا قليلاً ، وهما اللذان يجب عقلاً ونقلاً ـ تحصيلها بالتّفكر في عظمته وقدرته ، والتّأمل في أخذه للطاغين والعاصين وبطشه ، وما صنعه تعالى بالكفّار والمنافقين والمستكبرين من الأمم الماضية من الإهلاك بالطوفان والغرق والصاعقة والرجفة والصيحة والخسف

٧٧
 &

والوباء والطاعون وما أوعده تعالى لأعدائه في عالم الآخرة. وبالتّفكر في ما أنعم الله على عباده الصالحين في الدنيا من العلم والملك والولد والمال والنعمة والعافية وما وعده تعالى لأوليائه في الآخرة من غفرانه وإحسانه وإعطائه مقام الشهادة والشفاعة والجنّة والرضوان ممّا يعجز عنه وصف الواصفين ولم يبلغه نعت الناعتين.

ثمّ إنّ الوصفين حالتان تعرضان على النفس كثيراً ما تكونان متلازمتين ، بل يجب أن يكونا كذلك بالنسبة لمقام ربّ العالمين ، بحيث لو حصل للانسان خوف منه تعالى بلا رجاء أو رجاء بلا خوف كان ممّا ورد النهي عنه وعبّر عنهما : باليأس من روح الله والأمن من مكر الله ، بل اللازم وجودهما وتساويهما بحيث لو وزنا لم يتراجحا ، وأيضاً : من اللازم أن يكونا مسبّبين عن قدرة الله تعالى وعفوه وكرمه نظير ما إذا قتل زيد ولد شخصٍ كبيرٍ قادرٍ على الانتقام عظيم كريم الصفح ، فإنّه يحصل للقاتل ـ مع ملاحظة خطأه ـ حالة خوفٍ بالنظر إلى قدرته ورجاء بالقياس إلى كرمه ، فاللازم على العبد المذنب إذا فكّر في قدرة الله أن يخاف منه ، وإذا فكّر في عفوه وكرمه أن يرجوا صفحه. وأمّا الرجاء الحاصل من حسبان نفسه لائقاً بالعفو أو الإثابة أو رؤية عمله حسناً جميلاً يستحقّ به الجزاء فهو مذموم.

والحالتان قد تحصلان بالنسبة إلى الذنب وعقوبته ، وقد تحصلان بالنسبة إلى العمل الصالح وثوابه ، فالعبد كما قد يخاف من عقاب ذنبه ويرجوا العفو عنه كذلك قد يخاف من حرمان ثواب عمله ويرجوا الفوز به ، فالأولى أن نورد شيئاً ممّا ورد في الوصفين وآثارهما ، أي : ما ورد في صفة الخوف من الله تعالى ومن بطشه و عقابه ، وفي صفة الرجاء منه تعالى ـ رجاء غفرانه وإحسانه ـ.

فنقول : خاطب الله الناس بقوله : ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) (١) وقوله : ( وَخَافُونِ إِنْ

____________________________

١) البقرة : ٤٠.

٧٨
 &

كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (١) وقوله : ( فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) (٢) وقال لرسله بعدما وعدهم إهلاك الظالمين وإسكانهم الأرض : ( ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) (٣) ووصف رسله بأنّهم الذين يرجون رحمته ويخافون عذابه وقال تعالى : ( وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) (٤) وقال لنبيّه في حقّ القرآن : ( وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ) (٥) وقال : ( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) (٦).

ووصف رجالاً من أوليائه بأنّهم : ( يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) (٧).

ووصف آخرين بأنّهم هم ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) (٨) وقال في حقّ الملائكة والأنبياء : ( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) (٩) وقال في حقّ المتّقين : ( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ) (١٠) وقال في حقّ المسارعين إلى الخيرات : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) (١١). وقال في حقّ العلماء : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ

____________________________

١) آل عمران : ١٧٥.

٢) المائدة : ٤٤.

٣) ابراهيم : ١٤.

٤) الحجّ : ٣٤ و ٣٥.

٥) الأنعام : ٥١.

٦) الأعراف : ٩٨ و ٩٩.

٧) النور : ٣٧.

٨) الأحزاب : ٣٩.

٩) الإسراء : ٥٧.

١٠) الأنبياء : ٤٩.

١١) المؤمنون : ٦٠.

٧٩
 &

الْعُلَمَاءُ ) (١). وقال : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) (٢). وقال تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (٣) و ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) (٤). وأنّ المؤمنين المهاجرين ( أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ) (٥). وأنّ المؤمنين من النصارىٰ قالوا : ( وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ) (٦) وقال : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) (٧).

وورد في النصوص الصادرة عن النّبيّ الأعظم وأهل بيته المعصومين أنّ الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس ، ومن كان بالله عارفاً كان من الله خائفاً واليه راجياً (٨).

وأنّ الصادق عليه‌السلام قال : أرج الله رجاءً لا يجرّئك على معاصيه ، وخفِ الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته (٩).

وأنّ لقمان قال لابنه : خفِ الله خيفةً لو جئته ببر الثقلين لعذّبك ، وارجُ الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك (١٠).

وأنّ الصادق عليه‌السلام قال : خفِ اللهَ كأنّك تراه ، وإن كنت لا تراه ، فإنّه يراك (١١).

____________________________

١) فاطر : ٢٨.

٢) الزمر : ٩.

٣) الرحمن : ٤٦.

٤) الملك : ١٢.

٥) البقرة : ٢١٨.

٦) المائدة : ٨٤.

٧) الحجر : ٤٩ و ٥٠.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٩٠.

٩) الأمالي : ج ١ ، ص ٢٢ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٧٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٨٤.

١٠) جامع الاخبار : ص ٩٨ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ٦٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٥٢.

١١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٥٥ و ٣٩٠ ـ مستدرك الوسائل : ج ١١ ، ص ٢٢٩.

٨٠