دروس في الأخلاق

الشيخ علي المشكيني

دروس في الأخلاق

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : الأخلاق
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٥
ISBN: 964-400-023-4
الصفحات: ٢٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وأنّ من لا يعرف لأحدٍ الفضل فهو المعجب برأيه (١).

وأنّ الإعجاب يمنع من الازدياد (٢).

وأنّ عجب المرء بنفسه أحد حُسّاد عقله (٣).

وأنّه : من المهلكات (٤).

وأنّه : لا تُخرجنّ نفسك من حدّ التقصير في عبادة الله ، فإنّ الله لا يُعبد حقّ عبادته (٥).

وأنّه قال الله تعالى : « إنّ من عبادي من يسألني الشيء من طاعتي لاحبّه فأصرف ذلك عنه ؛ لكيلا يعجبه عمله » (٦).

وأنّه : قُلْ يا ربّ لا تُخرجني من التقصير ، فكلّ عملٍ تريد به الله فكن فيه مقصّراً عند نفسك (٧).

____________________________

١) معاني الأخبار : ص ٢٤٤ ـ وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٤٦٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣١٦.

٢) نهج البلاغة : الحكمة ١٦٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣١٦.

٣) نهج البلاغة : الحكمة ٢١٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣١٧.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢١.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٢ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٧١ ، بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٢.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٢.

٧) الكافي : ج ٢ ، ص ٧٣.

٢٠١
 &

دروس في الأخلاق ـ المشكيني

٢٠٢
 &

الدّرس السّابع والثّلاثون

في الشّكوى إلى الله وإلى النّاس

الشّكوى والشّكاية : مصدران من : شكىٰ يشكوا إلى زيد : تظلّم إليه ، وأخبره بسوء الحوادث ، فالمخبر شاك وزيد مشكوّ إليه ، والمخبر عنه مشكوّ منه ، والإخبار شكاية. والشكوىٰ إن كانت إلى الله تعالى أو إلى عبده المؤمن فهي حسن جميل ، سواء كانت من ظلم الناس أو مكاره الدهر. وإن كانت من الله ومن الحوادث الراجعة إليه تعالىٰ ، فإن كانت إلى المؤمن فلا ذمّ ، وإن كانت إلى غيره فهي مذمومة. وقد ورد في الكتاب الكريم قول يعقوب عليه‌السلام : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) (١).

وورد في النصوص : أنّه : من شكىٰ إلى أخيه فقد شكىٰ إلى الله ، ومن شكىٰ إلى غير أخيه فقد شكىٰ الله (٢).

وأنّ أبغض الكلام إلى الله التحريف ، وهو قول الرجل : إنّي مجهود ، وما لي ، وما عندي (٣).

____________________________

١) يوسف : ٨٦.

٢) وسائل الشيعة : ج ٢ ، ص ٦٣٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٥ وج ٨١ ، ص ٢٠٧.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٥.

٢٠٣
 &

وأنّه : إذا ضاق المسلم فلا يشكونّ ربّه وليشك إلى ربّه الذي بيده مقاليد الأمور وتدبيرها (١). وأنّه : من لم يرضَ بما قسم الله له من الرزق وبثّ شكواه ولم يصبر ولم يحتسب لم ترفع له حسنة ، وهو عليه غضبان ، إلّا أن يتوب (٢).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٦.

٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ١٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٢٦.

٢٠٤
 &

الدّرس الثّامن والثّلاثون

في اليأس من روح الله والأمن من مكره

روح الله تعالىٰ هو : رحمته وفرجه وإحسانه في الدنيا ، وشفاعة أنبيائه وملائكته ، وغفرانه وجنّته في الآخرة. والمكر : أخذه في الدنيا بنحو الإستدراج وغيره ، وعقابه في الآخرة.

ويظهر من النّصّ والفتوىٰ تحريم الأمرين ، وقد عدّهما أصحابنا في الفقه من المعاصي الكبيرة ، وظاهرهما كون نفس الحالتين معصية محرّمة فتحرم التسبيب لحدوثهما ، ويجب السعي في إزالتهما لو اتّفق حصولهما بالتأمّل والتفكر في مفاد النصوص الواردة فيه ، في الكتاب والسنّة والعقل الحاكم بقبحهما بعد ملاحظة سعة رحمة الله تعالىٰ وشمول عفوه وغفرانه ، وبعد التوجّه إلىٰ قدرته وسطوته وما يقتضيه ذنوب عباده ، ولو لم يقدر على التأمّل في ذلك فعليه أن يراجع أهله من علماء الدين ورواة الأحاديث وحملة العلوم والمعارف الاسلاميّة ، وأطبّاء النفوس من علماء الأخلاق وغيرهم.

٢٠٥
 &

وقد قال تعالىٰ : ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) ، (١) وقال : ( فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ... قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) (٢) ، وقال : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي ) ، (٣) وقال : ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) ، (٤) وقال : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ). (٥)

وُروي : أنّ الله يبعث المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم ، يعني : غلبة السواد على البياض ، فيقال لهم : هؤلاء المقنطون من رحمة الله (٦).

____________________________

١) يوسف : ٨٧.

٢) الحجر : ٥٥ ـ ٥٦.

٣) العنكبوت : ٢٣.

٤) الزمر : ٥٣.

٥) الأعراف : ٩٩.

٦) بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ٥٥ وج ٧٢ ، ص ٣٣٨.

٢٠٦
 &

الدّرس التّاسع والثّلاثون

في الدّنيا وحبّها وذمّها

هنا أمور : الأوّل : الدنيا في اللغه : اسم تفضيل مؤنث أدنىٰ ، تستعمل تارةً بمعنى : الأقرب زماناً أو مكاناً ، ويقابله الأبعد ، وأخرىٰ بمعنى : الأرذل والأخسّ ، ويقابله الخَير ، وثالثةً بمعنى الأقل ويقابله : الأكثر. والكلمة تطلق بمعانيها على هذه الدنيا في مقابل الآخرة ، فإنّها الأقرب وجوداً والأرذل جوهراً قيمةً ، والأقلّ كمّاً وكيفاً.

وقد استُعمل في الكتاب الكريم في كلٍّ من المعاني.

والدنيا المصطلح عليها عند الشرع وأهله لها إطلاقات ثلاثة :

أحدها : الدنيا المستعملة مطلقة في مقابل الآخرة ، وهي : عبارة عن كل ما يرتبط بالانسان وله مساس به قبل موته في هذا العالم ممّا هو في داخل وجوده : كتصوّراته وتصديقاته وأقواله وأفعاله ، وممّا هو خارج عنه متأصّلاً كان ، كمآكله وملابسه ومسكانه ، أو غير متأصّلٍ ، كمناصبه وولاياته ونحوها ، وتقابله الآخرة

٢٠٧
 &

على نحو الاطلاق ، وهي : العالم المحيط به بعد موته.

وثانيها : الدنيا المذمومة ، وهي أخصّ من الأولىٰ ، فإنّها عبارة عنها ، أو عن بعض مصاديقها مع انطباق بعض العناوين عليها وعروض بعض الحالات والإضافات لها كما ستعرف.

وثالثها : الدنيا الممدوحة ، وسيأتي ذكرها في ضمن الروايات. والكلام هنا في القسم الثاني ، وهو : الدنيا التي نطق الكتاب الكريم بذمّها وتحقيرها ، وحثّت النصوص المتواترة على تركها والإعراض عنها. وهذا القسم يشمل جميع ما يتعلّق بالانسان من تنعّماته وانتفاعاته ، وما يسعىٰ في تحصيله من علومه وفنونه ومناصبه ، وما يحصّله ويعدّه لنفسه من أمواله وأولاده وكلّ ما يملكه ويدّخره لينتفع به ، كلّ ذلك إذا حصلت من الوجه المحرّم ، أو كانت مقدّمةً للحرام ، أو لوحظت بنحو الأصالة في الحياة ، وكانت مبلغ علم الإنسان ومنتهىٰ همّته ، فتطلق على الحياة المقرونة بجميع ذلك والمشتملة عليها حياة الدنيا ، وعلىٰ نفس تلك الأمور عرض الحياة وزينتها ومتاعها وحطامها وما أشبهها من التعابير القرآنيّة.

وظواهر الكتاب والسنّة بعضها مسوق لبيان حال اشتغال الإنسان بها وذمّ حبّها ، وتزيّنها في القلب ورضا الإنسان بها ، وطمأنينته إليها وإيثارها على الآخرة وابتغائها والفرح بها واستحبابها ، أي : ترجيحها على الآخرة والإشراف بها وكونها لعباً ولهواً وتفاخراً وتكاثراً ، وغير ذلك من التعابير الكاشفة عن حالات الإنسان ونفسيّاته المتعلّقة بها والمذمومة في الشرع.

وبعضها مسوق لبيان ما يرجع إلى حال نفس أعراضها وأمتعتها. وأنّها حقيرة صغيرة ، وأنّها غرّارة ملهية فانية زائلة ، وأنّها تنفد ولا تبقىٰ ، وأنّها متاع قليل ، ونحو ذلك من التعابير ، فمن الطائفة الأولىٰ قوله تعالىٰ : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ

٢٠٨
 &

الشَّهَوَاتِ ) (١) أي : زُيّن نفس شهوات الدنيا ومشتهياتها ، وقال : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) (٢) أي : نفس الحياة أو ما يقارنها ممّا عرفت آنفاً ، وقال : ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ) (٣) وقال : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ) (٤) وقال : ( وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ) (٥) وقال : ( وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ) (٦) وقال : ( وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (٧) وقال : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَىٰ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) (٨) وقال : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ ) (٩) وقال : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) (١٠).

ومن الطائفة الثانية قوله : ( فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ) (١١) وقال تعالىٰ في توضيح مشتهيات الدنيا من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث : ( ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) (١٢) وقال : ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا

____________________________

١) آل عمران : ١٤.

٢) البقرة : ٢١٢.

٣) آل عمران : ١٥٢.

٤) الإسراء : ١٨.

٥) الشورى : ٢٠.

٦) يونس : ٧.

٧) رعد : ٢٦.

٨) النازعات : ٣٧ ـ ٣٨.

٩) النحل : ١٠٧.

١٠) الحديد : ٢٠.

١١) التوبة : ٣٨.

١٢) آل عمران : ١٤.

٢٠٩
 &

عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ ) (١) وغير ذلك من الآيات.

وورد في النصوص : أنّ حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئةٍ (٢) ، فالشقاء والشرور والخطايا والمفاسد كلّها مطويّة تحت عنوان الدنيا ، وذمائم الخصال ورذائلها محويّة في صفة حبّها والميل إليها.

وأنّه : ما فتح الله على عبدٍ باباً من أمر الدنيا إلّا فتح عليه من الحرص مثله. وأنّ (٣) من أصبح وأمسىٰ والدنيا أكبر همّه جعل الله الفقر بين عينيه (٤) ( أي : كلّما صرف همّه وعمره في تحصيلها زاده الله حرصاً وحاجةً وفقراً ).

وأنّ : أبعد ما يكون العبد من الله إذا لم يهمّه إلّا بطنه وفرجه (٥).

وأنّ : من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشدّ لحسرته عند فراقها (٦).

وأنّ للدنيا شُعَباً منها : الكبر ، وهو : أوّل ما عصى الله ، والحرص ، وهو : عصيان آدم وحوّاء ، والحسد وهو : معصية ابن آدم (٧).

وأنّ الله قال : « جعلت الدنيا ملعونةً ، ملعون ما فيها إلّا ما كان فيها لي ، وأنّ عبادي زهدوا في الدنيا بقدر علمهم ، وسائر الناس رغبوا فيها بقدر جهلهم ، وما من أحد عظّمها فقرّت عينه فيها ولا يحقّرها أحدٍ إلّا انتفع بها » (٨).

( قال المجلسي قدس‌سره : قوله : ( ملعون ما فيها إلّا ما كان فيها لي ) هذا معيار كامل

____________________________

١) القصص : ٦٠.

٢) الخصال : ص ٢٥ ـ المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٣٥٣ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٨٩ ـ بحار الأنوار : ج ٥١ ، ص ٢٥٨ وج ٧٨ ، ص ٥٤.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٩ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٩٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٦.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٧.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٩ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٨.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٢٠ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٩٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٥٤.

٧) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٩.

٨) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢١.

٢١٠
 &

للدنيا الملعونة وغيرها ، فكلّما كان في الدنيا يوجب القرب إلى الله من المعارف والعلوم الحقّة والطاعات ، وما يتوصّل به إليها من المعيشة بقدر الضرورة والكفاف ، فهي من الآخرة وليست من الدنيا ، وكلّما يصير سبباً للبعد عن الله والاشتغال عن ذكره ويلهي عن درجات الآخرة وكمالاتها ، وليس الغرض فيه القرب منه تعالىٰ والوصول إلى رضاه ، فهي الدنيا الملعونة ـ انتهىٰ. وقد عرفت ما يؤيّد ذلك.

وأنّ الشيطان يدبر ابن آدم في كلّ شيءٍ ، فاذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته (١). ( يدبر ، أي : يتعقّبه ويمشي خلفه ، وأعياه ، أي : أعيا ابن آدم الشيطان ، وجثم له : لزم مكانه ، والمراد : أنّه يقدر على إغوائه من جهة المال ).

وأنّ الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم (٢).

وأنّ مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القزّ كلّما ازداد من القزّ على نفسها لفّاً كان أبعد من الخروج حتّىٰ تموت غمّاً (٣).

وأنّه : ما ذئبان ضاريان في غنمٍ بأفسد فيها من حبّ المال والشرف في دين المؤمن (٤).

وأنّ من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصالٍ : همّ لا يفنىٰ ، وأمل لا يُدرك ، ورجاء لا ينال (٥).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٢.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٣.

٣) الكافي : ج ٢ ص ١٣٤ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٣ و ٦٨.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٥ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٧٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٢٠ ـ الخصال : ص ٨٨ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٩٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤ و ج ٧٨ ، ص ٢٥٠.

٢١١
 &

وأنّ الدنيا دار فناءٍ وزوال ، وأهل الدنيا أهل غفلةٍ ، والمؤمنون هم الفقهاء ، أهل فكرةٍ وعبرةٍ ، لم يصمّهم عن ذكر الله ما سمعوا ، ولم يعمهم ما رأوا من الزينة ، وأهل التقوىٰ أيسر أهل الدنيا مؤونةً وأكثرهم معونةً ، قوّالون بأمر الله ، قوّامون على أمر الله (١).

وأنّ الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة ، ولكلّ واحدةٍ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا (٢).

وأنّ اليوم عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل (٣).

وأنّ من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرّمات (٤).

وأنّ من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام (٥).

وأنّ الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له ، وشهواتها يطلب من لا فهم له ، وعليها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من لا فقه له ، ولها يسعىٰ من لا يقين له (٦).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣١ ـ المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٣٦٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٤ و ج ٧٣ ، ص ٤٣.

٣) كنز الفوائد : ج ١ ، ص ٢٧٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٢ ، ص ٥٠٣.

٤) غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٥ ، ص ٣٢٨ ـ المحجة البيضاء : ج ٧ ، ص ٢٨٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٧ ، ص ١٧١.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٠ ـ بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ٣٣ وج ٧٣ ، ص ٤٨.

٦) الوافي : ج ١ ، ص ٧٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٢.

٢١٢
 &

وأنّه : إذا أراد الله بعبدٍ خيراً زهّده في الدنيا وبصّره عيوبها (١).

وأنّه إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حبّ الله ، وكان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط ، وإنّما خالط القوم حلاوة حبّ الله (٢).

وأنّ في طلب الدنيا إضراراً بالآخرة ، وفي طلب الآخرة إضراراً بالدنيا ، فأضرّوا بالدنيا فإنّها أحقّ بالاضرار (٣).

وأنّ ملكاً ينادي كلّ يومٍ ابن آدم لد للموت واجمع للفناء وابن للخراب (٤).

وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما لي والدنيا ، إنّما مثلي ومثلها كمثل راكبٍ رفعت له شجرة في يوم صائفٍ فقال تحتها ، ثمّ راح وتركها (٥).

وأنّه قال الله تعالى : يا موسىٰ ، لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين ، ولو وكلتك إلى نفسك تنظر إليها ، إذاً لغلب عليك حبّ الدنيا وزهرتها ، واعلم : أنّ كلّ فتنةٍ بدؤها حبّ الدنيا ولا تغبط أحداً بكثرة المال ، فإنّ مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق ، ولا برضى الناس عنه حتّىٰ تعلم أنّ الله راضٍ عنه ، ولا بطاعة الناس له فإنّ طاعة الناس على غير الحقّ هلاك له ولمن اتّبعه (٦).

وأنّ مثل الدنيا كمثل الحيّة ، ما ألين مسّها وفي جوفها السّمّ الناقع ، يحذرها الرجل العاقل ، ويهوى إليها الصبيّ الجاهل (٧).

وأنّ من اتّقى الله رفع عقله عن أهل الدنيا ، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٠ ـ الوافي : ج ٤ ، ص ٣٩١ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٥٥.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٥٦.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣١ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٦١.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣١ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٦٤.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٦٨ ـ الأنوار النعمانية : ج ٣ ، ص ١٠٤.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٧٣.

٧) نهج البلاغة : الحكمة ١١٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٦ ، ص ١٣٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٧٥.

٢١٣
 &

يعاين الآخرة ، فقذَّر حرامها وجانب شبهاتها (١).

وأنّ الدنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله (٢).

وأنّه : لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم (٣).

وأنّ الدنيا دار منىً لها الفناء ، ولأهلها منها الجلاء (٤).

وأنّ أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال (٥).

وأنّ أعظم الناس خطراً من لم يجعل للدنيا عنده خطراً (٦).

وأنّ من رمىٰ ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همّه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم أنّ الله عليه نعمة إلّا في مطعمٍ أو ملبسٍ فقد قصر عمله ودنا عذابه (٧).

وأنّ كلّ شيءٍ تُصيب من الدنيا فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك (٨).

وأنّه : ما الدنيا والآخرة إلّا ككفّتي الميزان ، فأيّهما رحج ذهب بالآخر (٩).

وأنّه : ما اُعطي أحد منها حفنةً إلّا اُعطي من الحرص مثليها ، وما تعب أولياء الله في الدنيا للدنيا ، بل تعبوا في الدنيا للآخرة (١٠).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٧٥.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٦ ـ المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٣٦٧.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٨٠.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٦٨ وج ٧٣ ، ص ١١٩.

٥) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٣٢٤ وج ٧٣ ، ص ٨٨.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٨٨ ـ نزهة الناظر : ص ٩٤.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٨٩ ـ دار السلام : ج ٤ ، ص ٢٠٨.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٠.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٢.

١٠) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٢ و ٩٣.

٢١٤
 &

وقال المسيح عليه‌السلام : إنّما الدنيا قنطرة ، فاعبروها ولا تعمروها (١).

وأنّه : من يئس ممّا فات أراح بدنه ، ومن قَنعَ بما اُوتي قرّت عينه (٢).

وأنّه : ما تنالون في الدنيا نعمةً تفرحون بها إلّا بفراق أخرىٰ تكرهونها ، إنّا خُلقنا للبقاء لا للفناء ، ولكنّكم من دارٍ تنقلون ، فتزوّدوا لما أنتم صائرون إليه ، حيّها بعرض موتٍ وصحيحها بعرض سقمٍ ، وملكها مسلوب ، وعزيزها مغلوب (٣).

وأنّ من صفت له دنياه فاتّهِمْهُ في دينه (٤).

وأنّ أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة (٥).

وأنّها سجن المؤمن وجنّة الكافر (٦).

وأنّه : خذ من حياتك لموتك ، ومن صحّتك لسقمك ، فإنّه لا تدري ما اسمك غداً (٧).

وأنّها فناء وعناء ، وعبر وغير (٨).

وأنّه : كان مكتوباً في لوح اليتيمين : عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالاً بعد حالٍ كيف يطمئنّ إليها ؟! (٩)

____________________________

١) المحجة البيضاء : ج ٦ ، ص ١٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٤ ، ص ٣١٩ وج ٧٣ ، ص ١١٩.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٤.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٦٦ و ٩٧.

٤) الأمالي : ج ١ ، ص ٢٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ، ص ٩١٠ وج ٨ ، ص ٤٨٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٨.

٥) الأمالي : ج ١ ، ص ٣٥٦ ـ وسائل الشيعة : ج ١٦ ، ص ٤٠٩ وج ١٧ ، ص ١٤ ـ بحار الأنوار : ج ٦٦ ، ص ٣٣٣ وج ٧٣ ، ص ٩٩.

٦) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج ٦٧ ، ص ٨٠ وج ٦٨ ، ص ٢٢١ ـ مرآة العقول : ج ٧ ، ص ٣.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٩.

٨) الأمالي : ج ٢ ، ص ٥٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٩ وج ٧٨ ، ص ٢٢.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٩٤ و ١٠٢.

٢١٥
 &

وأنّه : لا يجد ريح الجنّة جعظريّ ، وهو : الذي لا يشبع من الدنيا (١).

وأنّ الكاظم عليه‌السلام قال عند رؤية قبرٍ : إنّ شيئاً كان هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوّله. وإنّ شيئاً هذا أوّله لحقيق أن يخاف آخره (٢).

وأنّ من عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي اللهَ يوم القيامة وليست له حسنة يتّقي بها النار (٣).

وأنّ المسجون : من سجنته دنياه عن آخرته (٤).

وأنّ آخر نبيٍّ يدخل الجنّة سليمان بن داود عليه‌السلام ، وذلك لما اُعطي في الدنيا (٥).

وأنّها قد أصبحت كالعروس المجلوّة ، والقلوب إليها تائقة ، وهي لأزواجها كلّهم قاتلة ، فلا الباقي بالماضي معتبِر ، ولا الآخر بسوء أثرها على الأوّل مُزدجِر ، ولا اللبيب فيها بالتجارب منتفِع ، والناس لها طالبان : طالب ظفر بها فاغترّ ، وآخر لم يظفر بحاجته ففارقها بغرّته وأسفه ، فارتحلا جميعاً بغير زادٍ ، والسّارِ فيها غارّ ، والنافع فيها ضارّ ، ولو كان خالقها لم يُخبر عنها ولم يأمر بالزهد عنها لكانت وقائعها وفجائعها قد أنبهت النائم ، وكيف وقد جاء عنها من الله زاجر ؟! وقد صغّرها الله أن يجعل خيرها ثواباً للمطيعين وعقوبتها عقاباً للعاصين (٦).

ومما يدلّ على دناءتها : أنّ الله زواها عن أوليائه اختياراً ، وبسطها لأعدائه اختباراً ، والله لو أنّها كانت سهل المنال بلا تعبٍ ونصب غير أنّ ما أخذ منها لزمه

____________________________

١) الصافي : ج ٥ ، ص ٢١٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٣.

٢) معاني الأخبار : ص ٣٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣١٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٣ و ج ٧٨ ص ٣٢٠.

٣) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٣.

٤) الوافي : ج ٤ ، ص ٢٦ ـ بحار الأنوار : ج ٦٧ ، ص ٨١ وج ٧٣ ، ص ١٠٥ ـ مرآة العقول : ج ٧ ، ص ٣.

٥) بحار الأنوار : ج ١٤ ، ص ٧٤ وج ٧٣ ، ص ١٠٧.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٨ إلى ١١٠.

٢١٦
 &

حقّ الله والشكر عليه والمحاسبة به ، لكان يحقّ على العاقل أن لا يتناول منها إلّا قوته خوفاً من السؤال والعجز عن الشكر ، فكيف بمن تجشّم في طلبها ؟ (١)

وأنّه : أنزل الساعة الماضية من الدنيا والساعة التي أنت فيها منزلة الضيفين نزلا بك ، فظعن الرّاحل عنك بذمّة إياك ، فإحسانك إلى الثاوّي يمحو إساءتك إلى الماضي (٢).

وأنّه : ما الدنيا في جنب الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ فلينظر بِمَ يرجع ؟ (٣)

وأنّ الدنيا دار ما أخذه الناس منها لها ، اُخرجوا منها وحوسبوا عليه ، وما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه وأقاموا فيه (٤).

وأنّ من أبصر بها بصّرته ، ومن أبصر إليها أعمته (٥).

وأنّ حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، ومرارة الآخرة حلاوة الدنيا (٦).

وأنّه : لا خير في الدنيا إلّا لأحد رجلين : رجل يزداد كلّ يومٍ إحساناً ، ورجل يتدراك سيّئته بتوبةٍ (٧).

وأنّ مثل الدنيا والآخرة كمثل رجلٍ له ضرّتان ، إن أرضىٰ إحداهما أسخطت الأخرىٰ (٨).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١١٠ و ١١١.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١١٢.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١١٩.

٤) نفس المصدر السابق.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٠ ـ مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ٢٢٥.

٦) نهج البلاغة : الحكمة ٢٥١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٣ ، ص ٣٩٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١١٩ وج ٨٢ ، ص ١٤٤.

٧) الخصال : ص ٤١ ـ بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ٢٦٣ وج ٢٧ ، ص ١٦٧ ـ نور الثقلين : ج ٢ ، ص ٢٦١.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٢.

٢١٧
 &

وأنّهما عدوّان متفاوتان فمن أحبّ الدنيا أبغض الآخرة وأنّهما بمنزلة المشرق والمغرب والماشي بينهما كلّما قرب من واحدٍ بعد من الآخر (١).

وأنّها دار هانت على ربّها ، فخلط خيرها بشرها وحُلوَها بُمرِّها لم يرضها لأوليائه ولم يضنَّ بها على أعدائه (٢).

وأنّ يومك جملك ، إذا أخذت برأسه أتاك ذنبه (٣).

وأنّه لا تدخل في الدنيا دخولاً يضرّ بآخرتك ، ولا تتركها تركاً تكون كلّاً على الناس (٤).

وأنّ من ازداد في الله علماً وازداد للدنيا حبّاً ازداد من الله بعداً ، وازداد الله عليه غضباً (٥).

وأنّ قوله تعالى : ( إِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) (٦) أكثر من ثلثي الناس (٧).

وأنّ الله يعطيها من يحبّ ويبغض ولا يعطى دينه إلّا من يحب (٨).

وأنّ أهلها كركبٍ يُسار بهم وهُم نيام (٩).

وأنّها دار ممرٍّ إلى دار مقرٍّ (١٠).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٩.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٣.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٤.

٤) نفس المصدر السابق.

٥) نفس المصدر السابق.

٦) التوبة : ٥٨.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٥.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٧.

٩) نهج البلاغة : الحكمة ٦٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٨.

١٠) نهج البلاغة : الحكمة ١٣٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٣٠.

٢١٨
 &

وأنّ الناس أبناء الدنيا ، ولا يُلامُ الرجل على حبّ أمّه (١).

وأنّ من هوانها على الله أن لا يُعصىٰ إلّا فيها ، ولا يُنال ما عنده إلّا بتركها (٢).

وأنّها خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها (٣).

وأنّ في حلالها حساب وفي حرامها عقاب (٤).

وأنّ ابليس خاطب الدّرهم والدّينار وقال : ما اُبالى من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثناً ، حسبي من بني آدم أن يحبّوكما (٥).

وأمّا الدنيا الممدوحة التي يمكن سلب اسم الدنيا عنها فقد عرفت أنّها كلّما كان من هذه الدنيا لله تعالىٰ ، وفي طريق الوصول إلى رضاه ، ولازم ذلك أن لا يكون تحصيله وحفظه وصرفه والانتفاع به إلّا عن طريقٍ سوّغه الشرع وأباحه أو أحبّه وندب إليه.

فقد ورد : أنّه : قيل للصادق عليه‌السلام : إنّا لنحبّ الدنيا ، فقال : تصنع بها ماذا ؟ قال أتزوّج منها وأحجّ بها و اُنفق على عيالي وأنيل أخواني وأتصدّق ، قال لي : ليس هذا من الدنيا ، هذا من الآخرة (٦).

وأنّ قوله تعالىٰ : ( وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) (٧) اُريد به الدنيا (٨).

____________________________

١) غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٢ ، ص ٦٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٣١.

٢) نهج البلاغة : الحكمة ٣٨٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٢ ، ص ٦٢٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٣٢.

٣) نهج البلاغة : الحكمة ٤٦٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٣٣.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٨ ، ص ٢٣ و ٣٧.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٣٧.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٨.

٧) النحل : ٣٠.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٧.

٢١٩
 &

وأنّه : نعم العون : الدنيا على الآخرة (١).

وأنّ الدنيا ثلاثة أيام يوم مضىٰ بما فيه ، ويوم أنت فيه ، ويوم لا تدري أنت من أهله. أمّا اليوم الماضي فحكيم مؤدّب ، وأمّا اليوم الذي أنت فيه فصديق مودّع ، وأمّا غداً فإنّما في يديك منه الأمل (٢).

وأنّ من المأثور عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنّ الدنيا دار غنىً لمن تزوّد منها ، مسجد أنبياء الله ، ومهبط وحيه ، ومسكن أحبّائه ، ومتجر أوليائه ، إكتسبوا فيها الرحمة وربحوا منها الجنّة ، فمن ذا يذمّ الدنيا وقد نادت بانقطاعها ومثّلث ببلائها البلاء وشوّقت بسرورها إلى السرور. أيّها المغرور بغرورها : متىٰ غرّتك بنفسها ، أبمصارع آبائك ، أم بمضاجع أمّهاتك (٣). والكلام الشريف طويل ، أخذنا منه شيئاً قليلاً روماً للإختصار.

____________________________

١) الكافي : ج ٥ ، ص ٧٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ١٥٦ ـ وسائل الشيعة : ج ١٢ ، ص ١٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٧.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١١١ و ١١٢ ـ مستدرك الوسائل : ج ١٢ ، ص ١٤٩.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٠.

٢٢٠