دروس في الأخلاق

الشيخ علي المشكيني

دروس في الأخلاق

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : الأخلاق
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٥
ISBN: 964-400-023-4
الصفحات: ٢٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

( فالاسترجاع دليل الصبر والتسليم ، والجزاء : الصلاة والرحمة والهداية ).

وقال مولانا الصادق عليه‌السلام : إنا صبّر وشيعتنا أصبر منّا ؛ لأنّا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون (١) ( أي : نحن نعلم بالمصائب قبل حدوثها ، ونعلم الحكمة في حدوثها والثواب المترتّب عليها ، ونعلم عواقبها ووقت زوالها ، وكلّ ذلك له دخل في سهولة التحمّل ).

والمصيبة إذا صبر عليها الإنسان تصير له نعمةً (٢).

والصبر خلق قبل البلاء وإلّا لتفطّر المؤمن كتفطّر البيضة على الصفا (٣).

ومروءة الصبر في حال الفاقة أكثر من مروءة الإعطاء (٤) ( أي : تكامل صفات الإنسان مع الصبر على الفاقة وعدم إقدامه على ما حرّم الله أكثر منه مع غناه وإنفاقه ).

والصبر الجميل هو الذي ليس فيه شكوى إلى غير المؤمن (٥).

والصبر يلي مسائلة الإنسان في القبر إذا لم تنفعه صلاته وزكاته (٦).

ويُنادي يوم القيامة : أين الصابرون ؟ فيقوم الذين صبروا على أداء الفرائض ، وينادي : أين المتصبّرون ؟ فيقوم الذين اجتنبوا المحارم (٧).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٣ ـ الوافي : ج ٤ ، ص ٣٤٠ ـ بحار الأنوار : ج ٢٤ ، ص ٢١٦ وج ٧١ ، ص ٨٠ و ٨٤.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨١.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ١٧٥ ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ، ص ٩٠٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨٢.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ، ص ٩٠٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨٢.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨٣ ـ جوامع الجامع : ج ٢ ، ص ١٨١ ـ منهج الصادقين : ج ٥ ، ص ٢٢.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٩٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٧٣.

٧) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧ ، ص ١٨١ ـ نور الثقلين : ج ١ ، ص ٤٢٦.

١٠١
 &

والصبر عند البلاء فريضة على المؤمن ، وهو من كمال الإيمان (١).

وعلامة الصابر أنّه لا يكسل ولا يضجر ولا يشكوا من ربّه (٢).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨٥ و ٩٠.

٢) علل الشرايع : ص ٤٩٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٢٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٨٦.

١٠٢
 &

الدّرس السّادس عشر

في التّوكّل والتّفويض

الوكول في اللغة : ترك الأمر إلى الغير وتفويضه إليه. يقال : وكل الأمر إلى زيد : سلّمه إليه وفوّضه ، وتوكّل لزيدٍ قبل الوكالة له ، وتولّىٰ أمره وتوكّل له وعليه : عجز من الأمر واعتمد عليه. قال في لسان العرب : والمتوكّل على الله : الذي يعلم أنّ الله كافل رزقه وأمره فيركن إليه وحده ولا يتوكّل على غيره.

والمراد به باصطلاح الشرع : هو الاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور والاتّكال على إرادته ، والاعتقاد بأنّه مسبّب الأسباب والمتسلّط عليها ، وبإرادته تتمّ الأسباب وتؤثّر لا بمعنى الاستغناء بذلك عن طلب الحوائج وترك إعداد مقدّماتها وحسبان بطلان السببيّة ، بل بمعنى : عدم الانقطاع إلى الأسباب الظاهرّية وتوجّه النفس إلى إرادة الله التي هي وراء كلّ سببٍ وفوق كلّ سلطان.

ومقتضى توكّل المؤمن على ربّه عدم ركونه في رزقه على الأسباب ، وتوجّه

١٠٣
 &

باطنه وسكون قلبه إلى ربّه عند الاشتغال بكلّ سبب ، وسهولة إقدامه على ما أمر الله به من بذل المال والنفس ، فيجود بالإعطاء ويطمئنّ بالخلف ، ويخوض الغمرات ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.

ثّم إنّ الظاهر أنّ مورد التوكّل والتفويض عند الإقدام إلى الأمور التي على العبد وينبغي صدوره منه : كتحصيل العلم والحرث والزرع والزواج للولد وعلاج المرض ونحوها ، ومورد الرضا والتسليم الآتيين حال حدوث الأمور الراجعة إلى فعل الله تعالى : كالحوادث الكونيّة والأمراض وغيرها. فإذا أقدم المؤمن على أمرٍ هامٍّ فعليه أن يتوكّل ويفوّض ، وإذا قضى النظام الأتمّ على خلاف مناه فعليه أن يرضى ويسلّم هذا ، ولكنّه قد يستعمل كلّ من العناوين في موضع الآخر.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أنّ ( عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (١) ( وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) (٢) وأنّه ( إِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (٣). وأنّه ( وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا ) (٤) و ( وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ) (٥) وأنّ المؤمن يقول : ( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (٦). وأنّ الله قال لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ) (٧). وأنّ النّبيّ موسى عليه‌السلام قال : ( يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ... فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ) (٨).

____________________________

١) آل عمران : ١٢٢.

٢) يوسف : ٦٧.

٣) آل عمران : ١٥٩.

٤) النساء : ٤٥.

٥) النساء : ٨١.

٦) الاعراف : ١٩٦.

٧) الأنفال : ٦٢.

٨) يونس : ٨٤ و ٨٥.

١٠٤
 &

وأنّ ( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) (١). وأنّه ( مَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ) (٢). وأنّ ما ( يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٣). وأنّهم ( لَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ). (٤) وأنه : ( اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ) (٥) وأنّ ( بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ). (٦) و ( مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ) (٧) و ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) (٨). وأنّ مؤمن آل فرعون قال : ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ) (٩) فوقاه سيّئات ما مكروا. وأنّ ( مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (١٠).

وورد في النصوص : أنّ الغنى والعزّ يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا (١١) ( وهذه إستعارة تمثيلية لبيان أنّ غنا النفس والعزّ ملازمان للتوكّل ، فالمتوكّل مستغنٍ قلباً وعملاً ، ولو كان به خصاصة فلا يذلّ نفسه بالسؤال والخضوع ويغنيه ربّه ويعزّه إذا رأى ذلك منه ).

وأنّ من اعتصم بالله عصمه الله (١٢).

____________________________

١) هود : ١٢٣.

٢) ابراهيم : ١٢.

٣) النحل : ٧٣.

٤) الإسراء : ٥٦.

٥) الحج : ٧٨.

٦) المؤمنون : ٨٨.

٧) الاحزاب : ١٧.

٨) الزمر : ٣٦.

٩) غافر : ٤٤.

١٠) الطلاق : ٣.

١١) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٤٣ و ١٥٧ وج ٧٨ ، ص ٢٥٧.

١٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٢٧.

١٠٥
 &

وأنّ من درجات التّوكل على الله أن تتوكّل عليه في أمورك كلّها ، فما فعل بك كنت عنه راضياً تعلم أنّه لا يألوك خيراً وفضلاً (١).

وأنّه من أعطي التوكّل أعطي الكفاية (٢).

وأنّه : كُن لما لا ترجوا أرجىٰ منك لما ترجوا ، فإنّ موسىٰ خرج يقتبس لأهله ناراً رجع نبيّاً. وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان. وخرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين (٣).

وثِق بالله تكن مؤمناً (٤).

ومن وثق بالزمان صرع (٥).

وأنّ ممّا لا حيلة لإبليس فيه أن يعتصم العبد بالله عن نيّةٍ صادقةٍ ويتّكل عليه في جميع أموره (٦).

وأنّه أعقِل راحلتك وتوكّل عليه (٧).

وأنّ من أحبّ أن يكون أتقىٰ الناس فليتوكّل على الله (٨).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٢٩.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٢٩.

٣) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٤.

٤) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٥.

٥) نفس المصدر السابق.

٦) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٦.

٧) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٨.

٨) نفس المصدر السابق.

١٠٦
 &

الدّرس السّابع عشر

في الرّضا والتّسليم

مفهومهما معروف ، ورضى العبد عن الله أن لا يكره ما يجري به قضاؤه ويقتضيه تقديره من الحوادث الكونيّة التي جرت عليه فيما مضى بلا إرادته وتجري عليه في حياته بدون اختياره كخصوصيّة خلقته وبعض ملكات نفسه ممّا ليس بيده حدوثاً أو بقاءً ، ومقدار رزقه مع بذله الوسع في طلبه بميسور قدرته ، وعدم رزق الولد له أو قلّته ، وعروض الأمراض والنوائب والمكاره ونحو ذلك ، وليس من الرّضا الممدوح رضاه بالفقر والذلّة والظلم والاستضعاف ونحوها من الأمور المتوجّهة إليه من ناحية أبناء نوعه مع قدرته على الدفاع عن نفسه وأهله وماله واستقلاله وحرّيّته ودينه وأرضه وبلاده وجميع ما له دخل في أمور معاشه ومعاده.

وأمّا رضا العبد بما أراد الله منه من دينه وشرعه والتسليم لأحكامه وحدوده فهو أيضاً من الرّضا الممدوح ، إلّا أنّه يذكر في شرائط الإيمان وكماله ولم يذكر في هذا الباب.

١٠٧
 &

وأمّا نصوص الباب : فقد ورد فيها : أنّ الله قال : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلٰهاً غيري (١).

وقال : يا داوود إن أسلمت لما اُريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم أتعبتك فيما تريد ، ثمّ لا يكون إلّا ما اُريد (٢).

وأنّ في كلّ قضاء الله خيرة للمؤمن (٣).

وأنّ من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور ، ومن سخط القضاء أتى عليه وأحبط الله أجره (٤).

وأنّ من رضي بما قسم الله عليه استراح بدنه وقرّت عينه (٥).

وأنّ رأس طاعة الله : الرضا بما صنع الله فيما أحبّ وكره (٦).

وأنّ من عباد الله من لا يصلحه إلّا الفاقة ولو أغناه لفسد ، ومنهم من لا يصلحه إلّا السقم ، فليطمئنّوا إلى حسن نظر الله ، فإنّه يدبّر عباده بما يصلحهم والتسليم على العبد في قضاء الله فريضة (٧).

وأنّ موسى عليه‌السلام سأل ربّه عن أبغض الخلق إليه قال : من يتّهمني ، قال : وهل من خلقك من يتّهمك ؟ قال : نعم ، الذي أقضي له القضاء وهو خير له فيتّهمني (٨).

____________________________

١) التوحيد : ص ٣٧١ ـ عيون أخبار الرضا (ع) : ج ١ ، ص ١٤١ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٩ ـ نور الثقلين : ج ٤ ، ص ٢٨٠.

٢) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٨.

٣) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٩.

٤) نفس المصدر السابق.

٥) نفس المصدر السابق.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٠ ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ، ص ٩٠١ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٣٩ وج ٧٢ ، ص ٣٣٣.

٧) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٤٠.

٨) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٤٢.

١٠٨
 &

وأنّ : أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله (١).

وأنّ : رأس الطاعة : الرضا (٢).

ومن رضي بالقضاء جعل الخير فيه (٣).

وأنّ : من ابتلاه كان كفارةً لذنبه (٤).

وأنّ في قضاء الله كلّ خيرٍ للمؤمن (٥). وأنّ الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين (٦).

وأنّ أحقّ الخلق بالتسليم لقضاء الله من عرف الله (٧).

وأنّ علياً عليه‌السلام قال : ما اُحبّ أنّ لي بالرضا في موضع القضاء حُمر النِعم (٨) ( الباء في قوله : بالرضا للبدليّة ، وحمر النعم : أقسامها وألوانها ، والمعنى : لا اُحبّ أن ينتفي منّي الرضا ويكون لي بدله أنواع النعم ).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٤٤.

٢) نفس المصدر السابق.

٣) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٤٤ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٤ ، ص ٥٣.

٤) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٥٢.

٥) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٥٢ وج ٧٨ ، ص ١٧٣.

٦) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٥٢.

٧) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٥٣.

٨) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٥٤ ـ مستدرك الوسائل : ج ٢ ، ص ٤١٣.

١٠٩
 &

دروس في الأخلاق ـ المشكيني

١١٠
 &

الدّرس الثّامن عشر

في الحثّ على الاجتهاد والمواظبة على العمل

حثّ الكتاب الكريم الإنسان على عمل الخير والطاعة والاهتمام به والمواظبة عليه حثّاً بليغاً ، ووعد عليه وعداً حسناً ، وأوعد على الغافلين المعرضين عنه بالحرمان عن ثوابه والاضطرار إلى عذابه.

والمداومة والاستمرار على ذلك يوجب حصول خلقٍ كريمٍ في النفس ، فلا تضيع عنه أيّام عمره ولا تفوته أعماله التي هي مرهونة بأوقاتها ، ولا تعقبه الندامة والحسرة يوم القيامة ، وهذا يشمل الإتيان بالواجبات والمندوبات والترك للمحرّمات والمكروهات حسب اختلاف مراتبها في الفضيلة والقرب إلى الله تعالى والمثوبة.

فقد نطق القرآن الكريم بأنّه : ( قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ) (١) وأنّ ( مَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ) (٢).

____________________________

١) البقرة : ٢٢٣.

٢) البقرة : ١١٠.

١١١
 &

وأنّ الذين عند ربّك ( لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) (١).

وأنّ ( الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) (٢). وأنّه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) (٣). وأنّه : ( فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) (٤). وأنّه : ( لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ) (٥) وأنّ ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) (٦). وأنّه ( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (٧). وأنّ ( الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) (٨).

وأنّه ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٩). وأنّه ( نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) (١٠). وأنّ ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ) (١١) وأنّه : ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ) (١٢) و ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) (١٣). وأنّه ( سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ

____________________________

١) الأنبياء : ١٩ ـ ٢٠.

٢) الكهف : ٤٦.

٣) النحل : ٩٧.

٤) مريم : ٦٥.

٥) الكهف : ٣٠.

٦) المائدة : ١٠٥.

٧) التوبة : ١٠٥.

٨) العنكبوت : ٦٩.

٩) فاطر : ١٠.

١٠) يس : ١٢.

١١) فصلت : ٤٦ والجاثية : ١٥.

١٢) غافر : ٥٨.

١٣) الجاثية : ٢١.

١١٢
 &

وَالْأَرْضِ ) (١) وأنّ ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (٢). و ( إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) (٣). و ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) (٤).

وورد في النصوص : أنّه : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله (٥).

وكان علي عليه‌السلام ينادي بعد العشاء الآخرة : أيّها الناس : تجهّزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرّحيل وانتقلوا بأحسن ما بحضرتكم من الزّاد وهو زاد التّقوى (٦).

وأنّ من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون. ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب (٧).

ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى (٨).

وأنّ الخير كثير وفاعله قليل (٩).

وكونوا على قبول العمل أشدّ عنايةً منكم على العمل (١٠).

وأنّه من أحبّنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع (١١).

____________________________

١) الحديد : ٢١.

٢) المدثر : ٣٨.

٣) المطففين : ١٨.

٤) الانشقاق : ٦.

٥) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ٣٩٦ ـ بحار الأنوار : ج ٦٩ ، ص ٤٠٠ وج ٧١ ، ص ١٧١ وج ٧٧ ، ص ١١٣ ـ الأمالي : ج ١ ، ص ٥٥.

٦) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٢.

٧) الامالي : ج ١ ، ص ٥٣١ ـ معاني الاخبار : ص ٣٤٢ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٣ وج ٧٧ ، ص ١٦٤ وج ٧٨ ، ص ٣٢٧ ـ مرآة العقول : ج ٨ ، ص ٨٢.

٨) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨١.

٩) الخصال : ص ٣٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٣.

١٠) الخصال : ص ١٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣١٢ وج ٧١ ، ص ١٧٣.

١١) غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٥ ، ص ٣٠٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٠٦ وج ٧١ ، ص ١٧٤.

١١٣
 &

وما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنّة وهو مهتوك الستر (١).

ولا تعنّتونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة (٢) ، ولا تفضحوا أنفسكم عند عدوكم يوم القيامة.

ولا تكذبوها عندهم في منزلتكم عند الله ، فما بين أحدكم وبين أن يغبط ويرىٰ ما يحبّ إلّا أن يحضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

ولو لم يخوّف الله الناس بجنّةٍ ونارٍ لكان الواجب عليهم أن يطيعوه ولا يعصوه (٤).

وأنّ من أخلّاء المؤمن خليل ، يقول له : أنا معك حيّاً وميّتاً ، وهو عمله (٥).

وأنّ الصادق عليه‌السلام قال : إنّكم على دين الله ودين ملائكته ، فأعينونا بورعٍ واجتهادٍ (٦).

وأنّه خذ من حياتك لموتك (٧).

ومن يزرع خيراً يحصد غبطةً ، ومن يزرع شرّاً يحصد ندامةً (٨).

وأنّ الله أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرنّ شيئاً من طاعته (٩) ، وأنّ قوله تعالى : ( لَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) (١٠) معناه : لا تنس صحّتك وقوّتك وفراغك

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٤.

٢) بحار الأنوار : ج ٨ ، ص ٣٤ وج ٧١ ، ص ١٧٤.

٣) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٤.

٤) نفس المصدر السابق.

٥) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٥.

٦) نفس المصدر السابق.

٧) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٦.

٨) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٦ وج ٧٣ ، ص ٧٢ ـ مرآة العقول : ج ٨ ، ص ٣٠٦.

٩) الخصال : ص ٢٠٩ ـ كمال الدين : ص ٢٩٦ ـ معاني الأخبار : ص ١١٢ ـ بحار الأنوار : ج ٦٩ ، ص ٢٧٤ وج ٧١ ، ص ١٧٦ وج ٩٣ ، ص ٣٦٣.

١٠) القصص : ٧٧.

١١٤
 &

وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة (١).

وأنّ المغبون من غبن عُمُره ساعةً بعد ساعةٍ (٢).

وأنّ كلّ يومٍ يمرّ على ابن آدم يقول : قل فيّ خيراً واعمل في خيراً أشهدك به يوم القيامة ، فإنّك لن تراني بعده (٣).

وأنه لا تُصغرنّ حسنةً فإنّها ستسرّك يوم القيامة.

وويح من غلبت واحدته عشرته (٤).

والعمل الصالح يذهب إلى الجنّة فيُمهّد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له (٥) ، قال تعالى : ( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) (٦).

وأنّ جبرئيل قال للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إعمل ما شئت فإنّك ملاقيه (٧).

وشتّان بين عملين : عمل تذهب لذّته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره (٨).

ومن تذكّر بُعد السفر استعدّ (٩).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٧.

٢) معاني الأخبار : ص ٣٤٢ ـ الامالي : ص ١٨٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٢ ، ص ٥٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٧٧.

٣) الأمالي : ج ١ ، ص ٩٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ٣٩٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨١ و ج ٧٧ ، ص ٣٧٩.

٤) الأمالي : ص ١٨٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٥ وج ٧٨ ، ص ١٥٢.

٥) الأمالي : ص ١٩٥ ـ البرهان : ج ٣ ، ص ٢٦٧ ـ بحار الأنوار : ج ٨ ، ص ١٩٧ وج ٧١ ، ص ١٨٥.

٦) الروم : ٤٤.

٧) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٩.

٨) نهج البلاغة : الحكمة ١٢١ ـ الأمالي : ج ١ ، ص ١٥٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٨٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٩.

٩) نهج البلاغة : الحكمة ٢٨٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٩.

١١٥
 &

والطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة (١).

واحذر أن يفقدك الله عند طاعته فتكون من الخاسرين (٢).

____________________________

١) نهج البلاغة : الحكمة ٣٣١ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٩.

٢) نهج البلاغة : الحكمة ٣٨٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ١٨٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨٩.

١١٦
 &

الدّرس التّاسع عشر

في الاقتصاد في العبادة

قد تعرض على المؤمن حالة رغبةٍ واشتياقٍ للعبادة فلا يقنع بالإتيان بالواجبات فقط ، بل لا يقنع بالبعض اليسير من المندوبات أيضاً ، فيرغب إلى الازدياد عنها كمّاً وكيفاً ، وتسمّى هذه الحالة « شِرّة » في الشرع وهي قد تنتهي إلى ترك بعض الملاذ للاشتغال بالعبادة ، بل إلى ترك بعض ما يجب عقلاً وشرعاً من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ، وقد تعرض له حالة سأمٍ وكسلٍ عن العبادة بحيث يصعب عليه الإتيان بالفرائض فضلاً عن السنن ، فيقنع بالفرائض في الكمّ وينقص عنها أيضاً في الكيف ، وتسمّى هذه « فتوراً » ، بل قد تغلب على الإنسان حالة يترك أغلب ما كان عاملاً به أو جميعه حتّى الفرائض ولو مع بقاء الإيمان في الجملة ـ ونستعيذ بالله من الكسل والفشل والغفلة والغرّة ـ وحيث أنّ كلتا الحالتين لا تخلوا عن الخطر في الدين بالنسبة لأصوله وفروعه فقد ورد عن أهل بيت

١١٧
 &

الوحي عليهم‌السلام : التنبيه على الحالتين وكيفيّة حفظ النفس عن شرّهما وتسويل الشيطان عند عروضها ، فبيّن فيها خطر الشرّة بأنّه قد يبتدع الإنسان في هذه الحالة من نفسه أعمالاً وأوراداً وينسبها إلى الشرع بعنوانها الخاصّ ، مع أنّ العبادات توقيفيّة لا يجوز لأحدٍ الاقتراح فيها من نفسه ، فكلّ قولٍ أو فعلٍ يُنسب إلى الشرع فلا بدّ له من دليلٍ معتبر من آيةٍ أو روايةٍ معتبرةٍ ، وإلّا فيخرج عن الحقّ ، ويدخل تحت عنوان البدعة ، فيقع العامل في معصية البدعة عند طلب الطاعة. كما أنّه في الفتور يترك بعض ما فرضه الله تعالى أو كلّها ، وقد ينتهي إلى الكفر وهو خطر الفتور.

ففي النّصوص الواردة أنّه قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا إنّ لكلّ عبادةٍ شرّة ، ثمّ تصير إلى فترةٍ ، فمن كانت شرّة عبادته إلى سنّتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنّتي فقد ضلّ أما إنّي أصلّي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب عن منهاجي وسنّتي فليس منّي (١) ، والشِرّة بالكسر فالتشديد : شدّة الرغبة والميل. كما ورد : أنّ لهذا القرآن شرّة ، ثمّ إنّ للنّاس فيه فترة ، وهذا إشارة إلى اختلاف الأزمنة في رغبة الناس وإقبالهم عليه كما في صدر الإسلام وآخر الزمان. وقوله : « إلى سنّتي » أي : كانت وفق سنّتي ومطابقةً لها من غير خروجٍ عن الطريق المستقيم.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنّ هذا الدين متين ، فأوغلوا فيه برفقٍ ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربّك ، فإنّ المنبتّ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع (٢) ، والمتين : صفة بمعنى : القويّ الشديد ، من : متن يمتن من باب : نصر ، أي : اشتدّ وصلب وقوي. وقد يوصف به المركوب إذا صعب ركوب متنه ، والكلام هنا تشبيه به لمشقّة القيام بشرائط الدين وأداء وظائفه. فاُمر الإنسان أن يدخل أبوابه مترفّقاً ويصعد مرقاه متدرّجاً حتّى

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٠٩.

٢) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٨.

١١٨
 &

يتمرّن ويعتاد ، ولذا ورد : « عليكم هدياً قاصداً ، فإنّه من يثابر هذا الدين يغلبه » (١). وانبتّ الرجل كاشتدّ : انقطع في سفره وهلكت راحلته ( وهذا مثال من أوقع نفسه فيما فوق وظيفته من العمل ).

وورد : أنّه لا تُكرهوا إلى أنفسكم العبادة (٢).

وأنّ الله إذا أحبّ عبداً فعمل قليلاً جزّاه بالقليل الكثير (٣).

وأنّ الصادق عليه‌السلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شابّ ، فقال لي أبي : يا بنيّ : دون ما أراك تصنع ! فإنّ الله إذا أحبّ عبداً رضي عنه باليسير (٤) ، ( والمراد بقوله : أحبّ أي : بصحّة العقائد وترك المحرمات ).

وورد : أنّه إقتصد في عبادتك وعليك بالأمر الدائم الذي تطيقه (٥).

والدائم القليل على اليقين أفضل من الكثير على غير يقينٍ (٦).

وأحبّ الأعمال إلى الله مادام عليه العبد وإن قلّ (٧).

وأنّ الاقتصاد في العمل هو الوسط بين الإفراط والتفريط فكأنّه حسنة بين السيّئتين (٨) كقوله تعالى : ( وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ) (٩) وقوله : ( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (١٠) وقوله : ( وَالَّذِينَ

____________________________

١) نفس المصدر السابق.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٣.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٣.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٤٧ ، ص ٥٥ وج ٧١ ، ص ٢١٣.

٥) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٤.

٦) نفس المصدر السابق.

٧) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٦.

٨) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٦.

٩) الإسراء : ١١٠.

١٠) الإسراء : ٢٩.

١١٩
 &

إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ) (١). فالطرفان في الجميع سيئة والوسط حسنة.

وأنّه لا يرى الجاهل إلّا مفرطاً أو مفرّطاً (٢).

وأنّ للقلوب شهوةً وإقبالاً وإدباراً ، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، والقلب إذا أكره عمي (٣).

وأنّه إذا أضرّت النوافل بالفرائض فارفضوها (٤).

وأنّ الخير ثقيل على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة. وأنّ الشرّ خفيف عليهم كخفّته في موازينهم يوم القيامة (٥).

وأنّ قليلاً مدوماً عليه خير من كثيرٍ مملولٍ منه (٦).

____________________________

١) الفرقان : ٦٧.

٢) نهج البلاغة : الحكمة ٧٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٧.

٣) نهج البلاغة : الحكمة ١٩٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٧.

٤) نهج البلاغة : الحكمة ٢٧٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٨.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٤٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٢٥.

٦) نهج البلاغة : الحكمة ٤٤٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٨.

١٢٠