بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وروى الواقدي (١) ، عن أسامة بن زيد ، عن نافع مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : أغزانا عثمان سنة (٢) سبع وعشرين إفريقية فأصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة ، فأعطى عثمان مروان بن الحكم تلك الغنائم.

وروى الواقدي (٣) ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، قالت : لما بنى مروان داره بالمدينة دعا الناس إلى طعامه وكان المسور ممن دعاه فقال مروان وهو يحدثهم ـ : والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين درهما فما فوقه. فقال المسور : لو أكلت طعامك وسكت كان خيرا لك ، لقد غزوت معنا إفريقية وإنك لأقلنا مالا ورقيقا وأعوانا وأخفنا ثقلا ، فأعطاك ابن عمك (٤) خمس إفريقية وعملت على الصدقات فأخذت أموال المسلمين (٥).

وروى الكلبي (٦) ، عن أبيه ، عن أبي مخنف : أن مروان ابتاع خمس إفريقية بمائتي ألف درهم ومائة ألف دينار وكلم عثمان فوهبها له ، فأنكر الناس ذلك على عثمان (٧) .. هذا ما أورده السيد رحمه‌الله من الأخبار.

__________________

ـ وقد ذكر أبو عمرو في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة في ترجمة عبد الله بن أرقم أنه قد رد ما بعث إليه عثمان من ثلاثمائة ألف ، وفي رواية الواقدي : قال عبد الله : ما لي إليه حاجة ، وما عملت لأن يثيبني عثمان ، والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطى ثلاثمائة ألف درهم ، ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن آخذ من ماله شيئا.

(١) كما حكاه السيد المرتضى في الشافي ٤ ـ ٢٧٥.

(٢) في مطبوع البحار : ستة ، وهو غلط.

(٣) كما في الشافي ٤ ـ ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

(٤) في الأنساب للبلاذري : ابن عفان ، بدلا من : ابن عمك.

(٥) وذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٨.

(٦) كما حكاه السيد في الشافي ٤ ـ ٢٧٦ ، والبلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٧ ـ ٢٨ وغيرهما.

(٧) روى ابن قتيبة في المعارف : ٨٤ ، وأبو الفداء في تاريخه ١ ـ ١٦٨ وغيرهما : أن عثمان أعطى مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن عمه وصهره من ابنته أم أبان خمس غنائم إفريقية ـ وهي خمسمائة ألف

٢٢١

وروى المسعودي (١) وغيره (٢) من مؤرخي الخاصة والعامة أكثر من ذلك (٣).

__________________

دينار ـ وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حنبل الجمحي الكندي مخاطبا للخليفة :

دعوت اللعين فأدنيته

خلافا لسنة من قد مضى

وأعطيت مروان خمس العباد

ظلما لهم وحميت الحمى

وذكر هذه الأبيات في الأنساب ٥ ـ ٣٨ ونسبها إلى أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي الخزرجي ، وقال بعد البيت الأول : يعني الحكم والد مروان ، كما أوردها ابن عبد ربه في العقد الفريد ٢ ـ ٢٦١.

وقد تعرض العلامة الأميني في غديره ٨ ـ ٢٦٠ ـ ٢٦٧ باختصار لحال مروان وأبيه وولده ، وموقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم ، وقوله (ص) له : هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون ، وغيرهما. وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام عن مروان : ليحملن راية الضلالة بعد ما يشيب صدغاه. وقول السبط الأكبر الحسن بن علي عليهما السلام مخاطبا لمروان : فو الله لقد لعنك الله وأنت في صلب أبيك ، وغيرها ، فراجع.

(١) مروج الذهب ٢ ـ ٣٣٢ ـ ٣٣٤.

(٢) قال الحلبي في سيرته ٢ ـ ٨٧ : وكان من جملة ما انتقم به على عثمان أنه أعطى ابن عمه مروان بن الحكم مائة ألف وخمسين أوقية. وروى البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٥ ، وابن سعد في الطبقات ٣ ـ ٤٤ : أن عثمان كتب لمروان بخمس مصر وأعطى أقرباءه المال ، وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها ، واتخذ الأموال واستسلف من بيت المال. وقال ابن الأثير في الكامل ٣ ـ ٣٨ : وظهر بهذا أن عثمان أعطى عبد الله بن سعد خمس الغزوة الأولى ، وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع إفريقية. وفي رواية الواقدي وذكره ابن كثير في تاريخه ٧ ـ ١٥٢ : صالح عثمان خمس إفريقية بطريقها على ألفي ألف دينار وعشرين ألف دينار فأطلقها كلها عثمان في يوم واحد لآل الحكم ، ويقال : لآل مروان. وفي تاريخ الطبري ٥ ـ ٥٠ : كان الذي صالحهم عليه ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار .. إلى أن قال : كان الذي صالحهم عبد الله بن سعد على ثلاثمائة قنطار ذهب فأمر بها عثمان لآل الحكم ، قلت : أو لمروان؟. قال : لا أدري.

(٣) وها نذكر لك نماذج من أعطيات الخليفة وتفريطه بأموال المسلمين وإعمار كنوز أهل بيته وقومه :فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه ٢ ـ ١٤٥ فقال : زوج عثمان ابنته من عبد الله بن خالد بن أسيد وأمر له بستمائة ألف درهم ، وكتب إلى عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة!.

وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ـ ٦٧ : أن عثمان أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال. وأورد فيه أيضا :

٢٢٢

وهذا عدول عن سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرة المتقدمين عليه ، وأصل الخروج عن العدول في القسمة وإن كان من بدع عمر إلا أن عثمان ترك العدل رأسا بحيث لم يخف بطلانه وتضمنه للجور العظيم والبدعة الفاحشة على العوام أيضا ، ولما اعتاد الرؤساء في أيامه بالتوثب على الأموال واقتناء الذخائر ونسوا سنة الرسول في التسوية بين الوضيع والشريف شق عليهم سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام فعدلوا عن طاعته ومال طائفة منهم إلى معاوية وخرج عليه طلحة والزبير فقامت فتنة الجمل وغيرها ، فهذه البدعة مع قطع النظر عن خطر التصرف في أموال المسلمين كانت من مواد الشرور والفتن الحادثة بعدها إلى يوم النشور.

__________________

أنه أعطى عبد الله بن أبي سرح جميع ما أفاء الله عليه في فتح إفريقية بالمغرب وهي من طرابلس الغرب إلى طنجة من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين!.

وأورد البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤٩ ـ ٥١ ، وابن كثير في تاريخه ٧ ـ ١٥٧ وغيرهما : أنه بعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة ، فأمر فوضع في المسجد وقال : يا معشر المسلمين! ألا تردن إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه. كما وقد ذكره شيخنا الأميني في غديره ٩ ـ ١٤٤ ، وأدرج لنا في ٨ ـ ٢٨٦ منه قائمة بجملة من هباته مع مصادرها ، نذكرها درجا :فقد أعطى لمروان ٥٠٠٠٠٠ دينار ذهب ، و ١٠٠٠٠٠ درهم فضة ، ولابن أبي سرح ١٠٠٠٠٠ دينار ، ولطلحة ضعفه مع ثلاثين مليون درهم مرة ، ومليونين ومائتين ألف درهم فضة ، ولعبد الرحمن ٢٥٦٠٠٠٠ دينار ، وليعلى بن أمية نصف مليون دينار ، ولزيد بن ثابت مائة ألف دينار .. وهكذا دواليك للحكم وآل الحكم والحارث وسعيد والوليد وعبد الله وأبي سفيان والزبير وابن أبي الوقاص وغيرهم من حزبه وأعوانه يطول علينا درجها فضلا من إحصائها.

ولنختم بحثنا هذا بكلام مولى الموحدين وسيد الأوصياء سلام الله عليه الذي جاء في شقشقته وعلى مسمع ومرأى من القوم حيث يقول في عثمان : ... قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه [ أمية ] يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته. وقد مر كلامه عليه‌السلام بتمامه مع مصادره.

ومن هنا يعرف مغزى ما قاله صلوات الله عليه في اليوم الثاني من بيعته : ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ، فإن الحق القديم لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق في البلدان لرددته إلى حاله.

قد نقله ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١ ـ ٢٦٩ [ ١ ـ ٩٠ ] عن الكلبي ، وانظر : نهج البلاغة ـ لصبحي الصالح ١ ـ ٥٧ ، ومحمد عبده ١ ـ ٤٦ ، وغيرهما.

٢٢٣

الطعن التاسع :

أنه عطل الحدود الواجبة كالحد في عبيد الله بن عمر ، فإنه قتل الهرمزان بعد إسلامه (١) فلم يقد به ، وقد كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يطلبه (٢).

روى السيد رحمه الله في الشافي (٣) ، عن زياد بن عبد الله ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح : أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى عثمان بعد ما استخلف ، فكلمه في عبيد الله ولم يكلمه أحد غيره ، فقال : اقتل هذا الفاسق الخبيث الذي قتل امرأ مسلما. فقال عثمان : قتلوا (٤) أباه (٥) بالأمس وأقتله اليوم؟! ، وإنما هو رجل من أهل الأرض ، فلما أبى عليه مر عبيد الله على علي عليه السلام ، فقال له : يا فاسق! إيه! أما والله لئن ظفرت بك يوما من الدهر لأضربن عنقك ، فلذلك خرج مع معاوية على أمير المؤمنين عليه السلام (٦).

__________________

(١) في ( س ) : إسلام.

(٢) قال العلامة الأميني في غديره ٨ ـ ١٣٣ : أخرج البيهقي في السنن الكبرى ٨ ـ ٦١ بإسناده ، عن عبيد الله بن عبيد بن عمير ، قال : لما طعن عمر وثب عبيد الله بن عمر على الهرمزان فقتله ، فقيل :لعمر : إن عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان. قال : ولم قتله؟. قال : إنه قتل أبي ، قيل : وكيف ذلك؟. قال : رأيته قبل ذلك مستخليا بأبي لؤلؤة ، وهو أمره بقتل أبي!. وقال عمر : ما أدري ما هذا ، انظروا إذا أنا مت فاسألوا عبيد الله البينة على الهرمزان هو قتلني ، فإن أقام البينة فدمه بدمي ، وإن لم يقم البينة فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان ، فلما ولي عثمان قيل له : ألا تمضي وصية عمر في عبيد الله؟. قال : ومن ولي الهرمزان؟. قالوا : أنت يا أمير المؤمنين!. فقال : قد عفوت عن عبيد الله ابن عمر!!.

أقول : حقا هو خليفة لعمر.

(٣) الشافي ٤ ـ ٣٠٤.

(٤) في ( ك‍ ) : قتل.

(٥) في ( س ) : إياه.

(٦) ولاحظ : مصادر نهج البلاغة وأسانيده ٣ ـ ٢٧٤ ، والعقد الفريد لابن عبد ربه ١ ـ ١٢٥ ، ٢ ـ ١٧١.

٢٢٤

وروى القباد (١) ، عن الحسن بن عيسى ، عن (٢) زيد ، عن أبيه : أن المسلمين لما قال عثمان : إني قد عفوت عن عبيد الله بن عمر ، قالوا : ليس لك أن تعفو عنه.

قال : بلى ، إنه ليس لجفيتة (٣) والهرمزان قرابة من أهل الإسلام ، وأنا (٤) أولى بهما لأني ولي المسلمين فقد عفوت.

فقال علي عليه السلام : إنه ليس كما تقول ، إنما أنت في أمرهما بمنزلة أقصى المسلمين ، وإنما قتلهما في إمرة غيرك ، وقد حكم الوالي الذي قبلك الذي قتلا في إمارته بقتله ، ولو كان قتلهما في إمارتك لم يكن لك العفو عنه ، فاتق الله! فإن الله سائلك عن هذا. ولما (٥) رأى عثمان أن المسلمين قد أبوا إلا قتل عبيد الله أمره فارتحل إلى الكوفة وأقطعه بها دارا وأرضا (٦) ، وهي التي يقال لها : كويفة ابن عمر ، فعظم ذلك عند المسلمين وأكبروه وكثر كلامهم فيه.

وروي عن عبد الله بن حسن بن علي (٧) بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال : ما أمسى عثمان يوم ولي حتى نقموا عليه في أمر عبيد الله بن عمر ، حيث لم يقتله بالهرمزان. انتهى ما رواه السيد رضي الله عنه.

وروى الشيخ في مجالسه (٨) ، عن أحمد بن محمد بن الصلت ، عن ابن

__________________

(١) كما أورده السيد المرتضى في الشافي ٤ ـ ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(٢) في الشافي : بن ، بدلا من : عن.

(٣) في ( ك‍ ) : لجفينة.

(٤) في ( س ) : وإن.

(٥) في المصدر : فلما.

(٦) في الشافي : وابتنى بها دارا وأقطعه أرضا ، بدلا من : وأقطعه بها دارا وأرضا.

(٧) في المصدر : عبد الله بن حسن بن حسن بن علي.

(٨) أمالي الشيخ الطوسي ٢ ـ ٣٢٠ ـ ٣٢١ مع تفصيل في الإسناد واختلاف يسير.

٢٢٥

عقدة ، عن جعفر بن عبد الله (١) العلوي ، عن عمه القاسم بن جعفر العلوي ، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله ، عن أبيه (٢) ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد : أن الناس كلموا عثمان في أمر عبيد الله بن عمر وقتله الهرمزان ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس! قد أكثرتم في أمر عبيد الله بن عمر والهرمزان وإنما قتله عبيد الله تهمة بدم أبيه ، وإن أولى الناس بدم الهرمزان الله ثم الخليفة ، ألا وإني قد وهبت دمه لعبيد الله!.

فقام المقداد بن الأسود ، فقال : يا أمير المؤمنين! ما كان لله كان الله أملك به منك ، وليس لك أن تهب ما الله (٣) أملك به منك ، فقال : ننظر (٤) وتنظرون ، فبلغ قول عثمان عليا عليه السلام فقال : والله لئن ملكت لأقتل عبيد الله بالهرمزان ، فبلغ ذلك عبيد الله فقال : والله لئن ملك لفعل.

وقال ابن الأثير في الكامل (٥) وابن عبد البر في الإستيعاب (٦) وصاحب روضة الأحباب (٧) وكثير من أرباب السير : قتل عبيد الله بن عمر بأبيه ابنة أبي لؤلؤة وقتل جفيتة والهرمزان وأشار علي عليه السلام على عثمان بقتله بهم فأبى ، ثم ذكر في الكامل (٨) رواية يتضمن (٩) عفو ابن هرمزان عن عبيد الله ، وأن عثمان مكنه من

__________________

(١) في المصدر : جعفر أبو عبد الله.

(٢) لا توجد : عن أبيه ، في المصدر.

(٣) في ( س ) : بالله.

(٤) في المجالس : تنظر.

(٥) الكامل ٣ ـ ٤٠ وما جاء في صفحة : ٣٩.

(٦) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٢ ـ ٤٣١ و ٤٣٣.

(٧) روضة الأحباب للدشتكي ٢ ـ ١٧٠ ـ طبعة لكنهو ـ وفيه : عبد الله ، وهو غلط. ولاحظ ما ذكرناه في التعليقة رقم (٤) من صفحة : ٥٣٣ ، من المجلد ٣٠.

(٨) الكامل لابن الأثير ٣ ـ ٤٠.

(٩) في ( س ) : بتضمن ، والظاهر : تتضمن.

٢٢٦

قتله ، ثم قال : والأول أصح ، لأن عليا عليه‌السلام لما ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام ، ولو كان إطلاقه بأمر ولي الدم لم يتعرض له علي عليه‌السلام. انتهى (١).

وإذا تأملت فيما نقلنا لا يبقى لك ريب في بطلان ما أجاب به المتعصبون من المتأخرين ، وكفى في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليه‌السلام الذي لا يفارق الحق باتفاقهم معه في ذلك ، والله العاصم عن الفتن والمهالك.

الطعن العاشر :

أنه حمى الحمى (٢) عن المسلمين ، مع أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) ولنا نماذج كثيرة لتعطيله الحدود ، قصدا أو جهلا ، ستأتي منا مستدركا ، ولعل قصة الوليد بن عقبة ـ الفاسق بنص الكتاب وصريح السنة ، وواليه على الكوفة ، التي مرت في الطعن الأول ـ تعد الفرد الأكمل والمصداق الأتم لهذا المعنى ، إذ لا شبهة في شربه للخمر وسكره وصلاته بالناس صلاة الصبح أربعا في تلك الحال ـ كما في الأنساب ٥ ـ ٣٣ ، وصحيح مسلم وبقية المصادر السالفة ـ وقد التفت إلى المصلين قائلا : أزيدكم ..؟ إلى آخر القصة ، وفيها شهادة الأربعة عليه فأوعدهم عثمان وتهددهم ، وقال لجندب بن زهير ـ أحد الشهود ـ : أنت رأيت أخي يشرب الخمر؟! وغير ذلك ، ومن هنا قالت عائشة بعد ما شهد عندها الشهود : أن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود. بل نراه قد ضرب بعض الشهود أسواطا ، وقد أقام عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام الحد بعد ذلك ، انظر القصة مفصلا في مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ١٤٤ ، وسنن البيهقي ٨ ـ ٣١٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٤٢ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٤٢ ، وأسد الغابة ٥ ـ ٩١ ، ٩٢ ، والإصابة ٣ ـ ٦٣٨ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٠٤ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٣١٤ ، والأغاني ٤ ـ ١٧٨ ـ ١٨٠ ، والعقد الفريد ٢ ـ ٢٧٣.

(٢) لقد أباحت الشريعة الغراء ورسالة السماء جميع منابت العشب ومساقط الغيث ، والمروج والسهول للمسلمين إذا لم يحجر عليها ولم يكن لها مالك خاص ، وعدت من المباحات الأصلية ، ولا يحق لأحد ـ مهما كان وأي كان ـ أن يحمي لنفسه الحمى ويمنع الناس عنه ، وها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ يقول : المسلمون شركاء في ثلاث : في الكلإ والماء والنار. وقال صلوات الله عليه وآله : ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار ، كما جاء في صحيح البخاري ٣ ـ ١١٠ ، الأموال لابن عبيدة : ٢٩٦ ، سنن أبي داود ٢ ـ ١٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ ـ ٩٤ وغيرها. نعم كانت هناك سنة

٢٢٧

جعلهم شرعا سواء في الماء والكلإ (١).

وأجاب قاضي القضاة (٢) وغيره بأنه حماه لإبل الصدقة ، وقد روى عنه هذا الكلام بعينه ، وأنه قال : إنما فعلت ذلك لإبل الصدقة ، وقد أطلقته الآن ، وأنا أستغفر الله.

ورد عليهم السيد رضي‌الله‌عنه (٣) بأن المروي بخلاف ما ذكر (٤) ، لأن الواقدي روى بإسناده ، قال : كان عثمان يحمي الربذة (٥) والسرف (٦) والنقيع (٧) فكان لا يدخل الحمى بعير له ولا فرس ولا لبني أمية ، حتى كان آخر الزمان ،

__________________

جاهلية لحقتها بدعة أموية يأكل بها القوي الضعيف ، واكتسحها الإسلام وأبطلها بقول صاحب الرسالة سلام الله عليه وآله : لا حمى إلا لله ولرسوله ، كما في صحيح البخاري ٣ ـ ١١٣ ، الأم للشافعي ٣ ـ ٢٠٧ ، وغيرهما.

(١) كما في الأنساب للبلاذري ٥ ـ ٣٧ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٨٧ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ـ ٦٧ ، وغيرها.

(٢) المغني : ٢٠ ـ القسم الثاني ـ : ٥٢.

(٣) في الشافي ٤ ـ ٢٧٨ ، بتصرف.

(٤) في المصدر : ذكره.

(٥) قال في مراصد الاطلاع ٢ ـ ٦٠١ : الربذة ـ بفتح أوله وثانيه وذال معجمة مفتوحة ـ من قرى المدينة على ثلاثة أميال .. إلى آخره ، وانظر : معجم البلدان ٣ ـ ٢٤ ـ ٢٥ ، وفيه : وبهذا الموضع قبر أبي ذر الغفاري رضي‌الله‌عنه ، واسمه جندب بن جنادة ، وكان قد خرج إليها مغاضبا لعثمان بن عفان.

(٦) السرف ـ بالفتح ثم الكسر وآخره فاء ـ : موضع على ستة أميال من مكة ، كما صرح بذلك في مراصد الاطلاع ٢ ـ ٧٠٨ ، وانظر ما ذكره في معجم البلدان ٣ ـ ٢١٢. وفي الغدير ٨ ـ ٢٣٦ والمصدر والموطإ وغيرها : الشرف ـ بالمعجمة وفتح الراء ـ وهي كبد نجد ، وعند البخاري بالسين ، والأول أظهر ، لاحظ أيضا : معجم البلدان ٣ ـ ١٢ ، ومراصد الاطلاع ٢ ـ ٧٩١.

(٧) النقيع ـ بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وعين مهملة ـ قاله في المراصد ٣ ـ ١٣٧٨. ثم قال : وقيل :النقيع : موضع قرب المدينة حماه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخيله وهو غير نقيع الخضمات ، ولاحظ : معجم البلدان ٥ ـ ٣٠١ ـ ٣٠٢. أما البقيع : فلم يأت بدون إضافة ، إذ هو لغة بمعنى الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى ، وبه سمي بقيع الغرقد الذي هو مقبرة أهل المدينة. لاحظ : معجم البلدان ١ ـ ٤٧٣ ، ومراصد الاطلاع ١ ـ ٢١٣ وغيرهما.

٢٢٨

فكان يحمي السرف (١) لإبله ، وكانت ألف بعير ولإبل الحكم بن أبي العاص ، ويحمي الربذة لإبل الصدقة ، ويحمي النقيع (٢) لخيل المسلمين وخيله وخيل بني أمية (٣).

على أنه لو كان إنما حماه لإبل الصدقة لم يكن بذلك مصيبا ، لأن الله تعالى ورسوله (ص) أباحا الكلأ (٤) وجعلاه مشتركا فليس لأحد أن يغير هذه الإباحة.

ولو كان في هذا الفعل مصيبا ، وإنما حماه لمصلحة تعود على المسلمين لما جاز أن يستغفر الله (٥) منه (٦) ويعتذر ، لأن الاعتذار إنما يكون من الخطإ دون الصواب. انتهى.

وقد روى البخاري (٧) في صحيحه ، عن ابن عباس والصعب بن جثامة أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] قال : لا حمى إلا لله (٨) ولرسوله (٩).

فجعل الحمى مختصا بإبله وإبل الحكم وخيل بني أمية مناقضة لنصه صلى الله عليه وآله.

وقال ابن أبي الحديد (١٠) في شرح الخطبة الشقشقية : أن عثمان ... حمى

__________________

(١) في المصدر : الشرف ـ بالمعجمة ـ ، انظر : ما ذكرناه في تعليقة رقم (٦) في الصفحة السالفة.

(٢) انظر : تعليقة رقم (٧) من الصفحة السالفة ، وفي شرح نهج البلاغة بكلا طبعتيه ـ : والبقيع.

(٣) وأورده ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٣ ـ ٣٩ [ ١ ـ ٢٣٥ ـ طبعة أربع مجلدات ].

(٤) في المصدر : أحلا الكلأ وأباحاه.

(٥) لا يوجد لفظ الجلالة في المصدر.

(٦) في ( ك‍ ) : عنه ، بدلا من : منه.

(٧) صحيح البخاري ـ كتاب الجهاد ـ حديث ١٤٦.

(٨) في ( س ) : الله.

(٩) وذكره ابن حنبل في مسنده ٤ ـ ٣٨ و ٧١ و ٧٣. أقول : جاء في صحيح البخاري كتاب المساقاة حديث ١١ : أن عمر حمى السرف والربذة!.

(١٠) في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ١٩٩ [ ١ ـ ٦٧ طبعة ذات أربع مجلدات ].

٢٢٩

المراعي حول المدينة كلها من مواشي المسلمين كلهم إلا عن بني أمية.

الطعن الحادي عشر :

أنه أعطى من بيت المال الصدقة المقاتلة وغيرها ، وذلك مما لا يحل في الدين ، ودفع الاعتراضات الواردة عليه مذكور في الشافي (١).

الطعن الثاني عشر :

إتمامه الصلاة بمنى مع كونه مسافرا ، وهو مخالف للسنة ولسيرة من تقدمه (٢).

__________________

(١) الشافي ٤ ـ ٢٧٨.

(٢) اعلم أن إتمامه الصلاة في منى كان من المسلم عند العامة ، وتشبثوا في توجيهه وتبريره بما لا يزيده إلا طعنا.

فقد أخرج البيهقي في سننه ٣ ـ ١٤٤ ، عن الزهري : أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعا ليعلمهم أن الصلاة أربع!!. وذكره في تيسير الوصول ٢ ـ ٢٨٦ ، ونيل الأوطار ٢ ـ ٢٦٠.

وأورد المتقي في الكنز ٤ ـ ٢٢٩ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٣ ـ ١٤٤ ، عن حميد ، عن عثمان بن عفان أنه أتم الصلاة بمنى ، ثم خطب فقال : يا أيها الناس! إن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وسنة صاحبيه ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا.

وقال ابن حجر في فتح الباري ٢ ـ ٤٥٦ : أخرج أحمد والبيهقي من حديث عثمان وأنه صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه ، فقال : إني تأهلت بمكة لما قدمت ، وإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم. قال : هذا حديث لا يصح منقطع ، أو في رواته من لا يحتج به ، ويرده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسافر بزوجاته وقصر.

وروى ابن حزم في المحلى ٤ ـ ٢٧٠ ، وابن التركماني في ذيل سنن البيهقي ٣ ـ ١٤٤ من طريق سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : اعتل عثمان ـ وهو بمنى ـ فأتى علي فقيل له : صل بالناس. فقال : إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم؟. قالوا : لا ، إن صلاة أمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ أربعا ، فأبى.

٢٣٠

فقد روى في جامع الأصول (١) ، عن عبد الرحمن بن يزيد (٢) ، قال : صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات ، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود. فقال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ثم تفرقت بكم الطرق ، فيا ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان.

قال : أخرجه البخاري (٣) ومسلم (٤) وأبو داود (٥). وفي أخرى لأبي داود (٦) زيادة : ومع عثمان صدرا من إمارته ، ثم أتمها .. وذكر الحديث (٧).

وفي رواية النسائي (٨) ، قال : صلى عثمان بمنى أربعا حتى بلغ ذلك عبد الله بن مسعود ، فقال : لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ركعتين.

وله في أخرى ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في السفر ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين.

وروى البخاري (٩) ومسلم (١٠) والنسائي (١١) على ما أورده صاحب جامع

__________________

(١) جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٤ حديث ٤٠٢٠.

(٢) في المصدر زيادة : وهو أخو الأسود النخعي.

(٣) صحيح البخاري ٢ ـ ٤٦٥ كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمنى. وفي كتاب الحج ، باب الصلاة بمنى ٢ ـ ١٥٤.

(٤) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب قصر الصلاة بمنى ٢ ـ ٢٦٠ ، حديث ٦٩٥.

(٥) سنن أبي داود ، المجلد ١٢ ، باب الصلاة بمنى ، باختلاف يسير في اللفظ.

(٦) سنن أبي داود ، كتاب المناسك ، باب الصلاة بمنى ١ ـ ٣٠٨ ، حديث ١٩٦٠.

(٧) ورواه الدارمي في سننه ٢ ـ ٥٥ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٣ ـ ١٤٣ ، وغيرهما.

(٨) سنن النسائي ٣ ـ ١٢٠ ـ ١٢١ ، كتاب تقصير الصلاة ، باب تقصير الصلاة بمنى. وفيه روايته الأخرى التالية.

(٩) صحيح البخاري ٢ ـ ٤٦٤ ، كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمنى ، وفي كتاب الحج ، باب الصلاة بمنى.

(١٠) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب قصر الصلاة بمنى ، حديث ٦٩٤.

(١١) سنن النسائي ٣ ـ ١٢١ ، كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمنى ، عن أنس بن مالك.

٢٣١

الأصول (١) ـ ، عن عبد الله بن عمر ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر بعده ، وعمر بعد أبي بكر ، وعثمان صدرا من خلافته ، ثم إن عثمان صلى بعد أربعا ، وكان (٢) ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعا ، وإذا صلى (٣) وحده صلى ركعتين (٤).

قال : أخرجه البخاري ومسلم من طرق أخرى (٥) ، عن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أنه : صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين ، وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين صدرا من خلافته ثم أتمها أربعا.

وأخرجه البخاري (٦) ولم يقل : وغيره (٧).

وفي رواية النسائي مختصر ، قال : صليت مع رسول الله (٨) صلى الله عليه

__________________

(١) جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٥ ، حديث ٤٠٢١.

(٢) في جامع الأصول : فكان.

(٣) في المصدر : صلاها.

(٤) ورواه أحمد في مسنده ٢ ـ ١٦ و ٥٥ و ٥٦ باختصار ، والطحاوي في شرح معاني الآثار ، باب صلاة المسافرين. وانظر : ما جاء في مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ١٤٥ ، ٣٧٨ و ٢ ـ ٤٤ ، وسنن البيهقي ٣ ـ ١٢٦ وغيرهما.

(٥) في المصدر : وأخرجه مسلم من طريق آخر ، بدلا من : من طرق أخرى.

(٦) في المصدر زيادة : نحوه.

(٧) أقول : وقريب منه ما أخرجه مالك في الموطإ ١ ـ ٢٨٢ ، عن عروة ، والقاضي أبو يوسف في الآثار : ٣٠ ، والشافعي في كتابه الأم ١ ـ ١٥٩ ، و ٧ ـ ١٧٥ ، عن عبد الرحمن بن يزيد. ونقله الترمذي في صحيحه ١ ـ ٧١ ، والبيهقي في سننه ٣ ـ ١٥٣ ، عن أبي نضرة بتفصيل ، وقال : حسن صحيح. وفي لفظ ابن حزم في المحلى ٤ ـ ٢٧٠ : أن ابن عمر كان إذا صلى مع الإمام بمنى أربع ركعات انصرف إلى منزله فصلى فيه ركعتين ، أعادها.

وجاء في صحيح البخاري ٢ ـ ١٥٤ ، وصحيح مسلم ١ ـ ٢٦١ ، ومسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٤٢٥ وغيرهما بالإسناد ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : صلى بنا عثمان بن عفان بمنى أربع ركعات ، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود ، فاسترجع ، ثم قال : .. وجاءت رواية عبد الرحمن بن يزيد في السنن الكبرى ٣ ـ ١٤٤ وغيرها بإسناد آخر.

(٨) في المصدر : النبي ، بدلا من : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٣٢

[ وآله ] وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين.

وفي جامع الأصول (١) ، عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم صلى الصلاة (٢) بمنى ركعتين ، وأن أبا بكر صلاها (٣) بمنى ركعتين ، وأن عمر بن الخطاب (٤) صلاها بمنى ركعتين ، وأن عثمان صلاها (٥) ركعتين شطر إمارته ثم أتمها بعد.

قال : أخرجه الموطأ (٦).

وعن أنس ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بمنى ومع أبي بكر ومع عمر ركعتين ومع عثمان صدرا من إمارته.

قال : أخرجه النسائي (٧).

عن عمران بن حصين ، قال وقد سئل عن صلاة المسافر ، فقال ـ : حججت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فصلى ركعتين ، وحججت مع أبي بكر فصلى ركعتين ، ومع (٨) عمر فصلى ركعتين ، ومع عثمان ست سنين من خلافته أو ثماني سنين فصلى ركعتين. قال : أخرجه الترمذي (٩).

وعن موسى بن سلمة ، قال : سألت ابن عباس : كيف أصلي إذا كنت

__________________

(١) جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٦ ، حديث ٤٠٢٢.

(٢) لا توجد : الصلاة ، في المصدر.

(٣) في جامع الأصول زيادة : بمنى.

(٤) لا يوجد : بن الخطاب ، في المصدر.

(٥) في المصدر زيادة : بمنى.

(٦) الموطأ ١ ـ ٤٠٢ كتاب الحج ، باب الصلاة بمنى.

(٧) سنن النسائي ٣ ـ ١٢٠ كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمنى.

وأورده ابن الأثير في جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٦ ، حديث ٤٠٢٣ ، وأخذه المصنف ; من الأخير ، كما أورده إمام الحنابلة في مسنده ١ ـ ١٤٥.

(٨) في المصدر : وحججت مع ..

(٩) سنن الترمذي ، كتاب الصلاة ، باب ما جاء في التقصير في السفر ، حديث ٥٤٥ ، وقال : هذا حديث حسن صحيح. وأورده ابن الأثير في جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٦ ، حديث ٤٠٢٤.

٢٣٣

بمكة إذا لم أصل مع الإمام؟!. قال : ركعتين ، سنة أبي القاسم صلى الله عليه [ وآله ] وسلم (١).

وفي رواية النسائي (٢) ، قال : تفوتني الصلاة في جماعة وأنا بالبطحاء ما ترى أصلي؟. قال : ركعتين ، سنة أبي القاسم صلى الله عليه [ وآله ] وسلم (٣).

وعن حارثة بن وهب ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ونحن أكثر ما كنا (٤) وآمنه بمنى ركعتين. أخرجه البخاري (٥) ومسلم (٦) والترمذي (٧).

وفي رواية أبي داود (٨) والنسائي (٩) ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بمنى (١٠) والناس أكثر ما كانوا ، فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع (١١).

__________________

(١) كذا أورده مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه ، كتاب صلاة المسافرين ، باب صلاة المسافرين وقصرها ، حديث ٦٨٨.

(٢) سنن النسائي ٣ ـ ١١٩ ، كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمكة.

(٣) وعن حميد الضمري قريب منه ، كما جاء في كنز العمال ٤ ـ ٢٤٠.

(٤) في المصدر زيادة : قط.

(٥) صحيح البخاري ٢ ـ ٤٦٤ ، كتاب تقصير الصلاة بمنى ، وفي كتاب الحج ، باب الصلاة بمنى.

(٦) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب قصر الصلاة بمنى ، حديث ٦٩٦.

(٧) سنن الترمذي ، كتاب الحج ، باب ما جاء في تقصير الصلاة بمنى ، حديث ٨٨٢.

(٨) سنن أبي داود ، كتاب الحج ، باب القصر لأهل مكة ، حديث ١٩٦٥.

(٩) سنن النسائي ٣ ـ ١١٩ ـ ١٢٠ ، كتاب تقصير الصلاة ، باب الصلاة بمنى. ومجموع ما ذكره في سننه أربع أحاديث.

(١٠) في ( س ) : بمنى ركعتين ، وخط على الأخيرة في ( ك‍ ) ، وفي المصدر : صليت مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بمنى أكثر ما كانوا ...

(١١) وأورده في جامع الأصول ٥ ـ ٧٠٣ ـ ٧٠٤ ، حديث ٤٠١٩. وعن حارثة بن وهب قال : صلى بنا النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين ، كذا رواه البخاري في صحيحه في كتاب التقصير ، باب الصلاة بمنى ، وكرر ذكرها في كتاب الحج في باب الصلاة بمنى باختلاف يسير ، وأوردها أبو نعيم في حلية الأولياء ٤ ـ ٣٤٤ ، ٧ ـ ١٨٨ بطريقين.

٢٣٤

وقال ابن الأثير في الكامل (١) : إن كثيرا من الأصحاب عابوا عليه ما صنع بمنى ، قال : وفي سنة تسع وعشرين حج عثمان فضرب فسطاطه بمنى وكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى وأتم الصلاة بها وبعرفة ، وكان أول ما تكلم به الناس في عثمان ظاهرا حين أتم الصلاة بمنى ، فعاب ذلك غير واحد من الصحابة ، وقال له علي (ع) : ما حدث أمر ولا قدم عهد ، ولقد عهدت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين وأنت صدرا من خلافتك ، فما أدري ما ترجع إليه؟ (٢) ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأبي بكر وعمر وصليتهما (٣) أنت ركعتين؟. قال : بلى! ولكني أخبرت أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا إن الصلاة للمقيم ركعتان ، واحتجوا بصلاتي وقد اتخذت بمكة أهلا ولي بالطائف مال ، فقال عبد الرحمن : ما في هذا عذر ، أما قولك اتخذت بها أهلا فإن زوجك بالمدينة تخرج بها إذا شئت وإنها (٤) تسكن بسكناك ، وأما مالك بالطائف ، فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال ، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ينزل عليه الوحي والإسلام قليل ثم أبو بكر وعمر فصلوا ركعتين ، وقد ضرب الإسلام بجرانه (٥). فقال : أعمله بما أرى (٦). فخرج من عنده فلاقى ابن مسعود ، فقال : والخلاف شر (٧) ، وقد صليت بأصحابي أربعا. فقال عبد الرحمن :

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ٣ ـ ٥١ [ دار الكتاب العربي ـ بيروت ] ٣ ـ ٤٢ ، بتصرف واختصار.

(٢) هنا سقط لا يتم الكلام إلا به ، حيث جاء في المصدر : ما يرجع إليه ، فقال : رأي رأيته ، وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف وكان معه ، فجاءه فقال له : ..

(٣) في الكامل : وعمر ركعتين وصليتها ..

(٤) في المصدر : وإنما.

(٥) قال في النهاية ١ ـ ٢٦٣ : ضرب الحق بجرانه .. أي قر قراره واستقام ، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض ، والجران : باطن العنق.

(٦) في الكامل : فقال عثمان : هذا رأي رأيته.

(٧) هنا سقط ، وجاء في المصدر : فقال : أبا محمد! غير ما تعلم. قال : فما أصنع؟. قال : اعمل بما

٢٣٥

قد صليت بأصحابي ركعتين ، وأما الآن فسوف أصلي أربعا. قال : وقيل كان ذلك سنة ثلاثين (١).

وروى نحو ذلك صاحب روضة الأحباب (٢) ، وقال : أنكر الأصحاب عليه ضرب الفسطاط بمنى وإطعامه الناس ، إذ كان ذلك من شعار أهل الجاهلية ولم يقدم عليه أحد منذ بعث النبي صلى الله عليه [ وآله ] إلى ذلك الزمان ، وقد سألوا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] : لنضربن لك فسطاطا بمنى ، فقال : لا ، منى مناخ من سبق.

وروي في جامع الأصول (٣) ، عن عائشة أنها قالت (٤) : قلت : يا رسول الله! ألا نبني لك بمنى بيتا يظلل (٥) من الشمس؟ ، فقال : لا ، إنما هو مناخ لمن سبق إليه.

قال : أخرجه الترمذي (٦) وأبو داود (٧)

__________________

ترى وتعلم. فقال ابن مسعود : الخلاف شر.

(١) قريب منه الطبري في تاريخه في حوادث سنة ٢٩ ه‍ ، ٥ ـ ٥٦ ، وانظر : تاريخ ابن كثير ٧ ـ ١٥٤ ، وتاريخ ابن خلدون ٢ ـ ٣٨٦ ، والأنساب للبلاذري ٥ ـ ٣٩.

أقول : وها هو أمير المؤمنين ويعسوب الدين سلام الله عليه يقف أمام هذه البدعة ، فقد روى ابن حزم في المحلى ٤ ـ ٢٧٠ بإسناده ، قال : اعتل عثمان وهو بمنى ، فأتى علي فقيل له : صل بالناس. فقال : إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، يعني ركعتين. قالوا : لا ، إلا صلاة أمير المؤمنين! ـ يعنون عثمان ـ أربعا ، فأبى. وأوردها ابن التركماني في ذيل سنن البيهقي ٣ ـ ١٤٤ ، وقد سلفت.

(٢) روضة الأحباب .. انظر : تعليقة رقم (٤) في صفحة : ٥٣٣ من المجلد السالف : ٣٠.

(٣) جامع الأصول ٣ ـ ٤٣٧ ، حديث ١٧٧٥.

(٤) لا توجد : قالت ، في ( س ).

(٥) في المصدر : يضلك.

(٦) سنن الترمذي ، كتاب الحج ، باب ما جاء في أن منى مناخ من سبق ، حديث ٨٨١.

(٧) سنن أبي داود ، كتاب المناسك ، باب تحريم حرم مكة ، حديث ٢٠١٩.

أقول : وأخرجه أيضا ابن ماجة في كتاب المناسك ، باب النزول بمنى ، حديث ٣٠٠٦ و ٣٠٠٧ ، وأحمد بن حنبل في مسنده ٦ ـ ١٨٧ و ٢٠٦ ، والدارمي في سننه ٢ ـ ٧٣ كتاب المناسك

٢٣٦

ثم إن الشافعي (١) ذهب إلى أن قصر الصلاة رخصة ليس بعزيمة ، لقوله تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ ) (٢) ، وقال : والقصر أفضل.

وقال مالك (٣) وأبو حنيفة (٤) : إنه عزيمة (٥) ، ويدل عليه من طرق الجمهور روايات كثيرة ، ونفي الجناح لا ينافي كون القصر عزيمة ، وسيأتي القول فيه في بابه (٦) ، مع أن القول بالتخير لا ينفع في دفع الطعن عنه ، إذ لو كان له سبيل إليه لما اعتذر بالأعذار الواهية كما عرفت ، بل يظهر من إعراض المعترض والمعتذر عنه رأسا اتفاق (٧) الأصحاب على بطلانه.

الطعن الثالث عشر :

جرأته على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومضادته له، فقد حكى العلامة رحمه الله في كتاب كشف الحق (٨) ، عن الحميدي (٩) ، قال : قال السدي في تفسير قوله

__________________

، باب كراهية البنيان بمنى ، ومستدرك الحاكم ١ ـ ٤٦٧ كتاب الحج ، باب منى مناخ من سبق.

(١) الأم للشافعي ١ ـ ١٧٩ ـ صدر المسألة ، المبسوط للسرخسي ١ ـ ٢٣٩ ، بداية المجتهد ١ ـ ١٦٦ ، القوانين الفقهية : ٨٢ ، المجموع ٤ ـ ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩ وغيرها.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

(٣) كما جاء في المجموع ٤ ـ ٣٣٧.

(٤) ذكره في بداية المجتهد ١ ـ ١٦٦ ، والمبسوط ١ ـ ٢٣٩ ، والمجموع ٤ ـ ٣٣٧ ، والقوانين الفقهية : ٨٢. وغيرها.

(٥) بل ذهب عمر وابنه وابن عباس وجابر وجبير بن مطعم والحسن والقاضي إسماعيل وحماد بن سليمان وعمر بن عبد العزيز وقتادة والكوفيون إلى أن القصر واجب ، كما في تفسير القرطبي ٥ ـ ٣٥١ ، وتفسير الخازن ١ ـ ٤١٣ وغيرهما.

(٦) بحار الأنوار ٨٩ ـ ١ وما بعدها ، ولاحظ صفحة : ١١٠ ـ ١١٦ من المجلد الثامن من الغدير ، و ٨ ـ ١٨٥ منه.

(٧) في ( س ) : لاتفاق.

(٨) نهج الحق وكشف الصدق : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، باختلاف أشرنا لبعضه.

(٩) في كتابه الجمع بين الصحيحين ، ولا زال ـ حسب علمنا ـ مخطوطا.

٢٣٧

تعالى : ( وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (١) إنه لما توفي أبو سلمة وعبد الله (٢) بن حذافة وتزوج النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم امرأتيهما : أم سلمة وحفصة ، قال طلحة وعثمان : أينكح محمد نساءنا إذا متنا ولا تنكح نساؤه إذا مات؟! والله لو قد مات لقد أجلبنا (٣) على نسائه بالسهام ، وكان طلحة يريد عائشة ، وعثمان يريد أم سلمة ، فأنزل الله تعالى : ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً* إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) (٤) ، وأنزل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) (٥).

الطعن الرابع عشر :

عدم إذعانه لقضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق، فقد روى العلامة رحمه الله في كشف الحق (٦) ، عن السدي في تفسير قوله تعالى : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) (٧) ، ( وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .. ) (٨) الآيات ، وقال (٩) :

__________________

(١) الأحزاب : ٥٣.

(٢) في المصدر : وخنيس ، بدلا من : وعبد الله.

(٣) في ( س ) : أجلنا.

(٤) الأحزاب : ٥٣ و ٥٤.

(٥) النور : ٥٧.

(٦) نهج الحق وكشف الصدق : ٣٠٥ ، باختلاف يسير.

(٧) النور : ٤٧.

(٨) النور : ٤٨ ـ ٥٠.

(٩) في ( س ) : وقد ، بدلا من : وقال. وفي المصدر : قال السدي : نزلت هذه في عثمان بن عفان.

٢٣٨

نزلت في عثمان بن عفان لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله بني النضير فغنم أموالهم ، فقال عثمان لعلي عليه السلام : ائت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فاسأله أرض .. كذا وكذا ، فإن أعطاكها فأنا شريك فيها ، وآتيه أنا فأسأله إياها فإن أعطانيها فأنت شريكي فيها ، فسأله عثمان أولا فأعطاه إياها ، فقال لي علي عليه السلام : أشركني ، فأبى عثمان ، فقال : بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ، فأبى أن يخاصمه إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ] ، فقيل له : لم لا تنطلق معه إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ]؟! ، فقال هو ابن عمه فأخاف (١) أن يقضي له!. فنزلت الآيات ، فلما بلغ النبي (ص) (٢) ما أنزل الله فيه أقر لعلي عليه السلام بالحق.

وقد مر (٣) هذا من تفسير علي بن إبراهيم (٤) ، وأنها نزلت فيه بوجه آخر.

الطعن الخامس عشر :

أنه زعم أن في المصحف لحنا ، فقد حكى العلامة رحمه الله في الكتاب المذكور (٥) ، عن تفسير الثعلبي (٦) في قوله تعالى : ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) (٧) ، قال : قال عثمان : إن في المصحف لحنا (٨). فقيل له : ألا تغيره؟. فقال : دعوه! فلا يحلل

__________________

(١) لا توجد : فأخاف ، في ( س ) ، وأثبتت في المصدر.

(٢) كذا ، وفي المصدر : عثمان ، وهو الظاهر.

(٣) بحار الأنوار ٢٢ ـ ٩٨ حديث ٥٢.

(٤) تفسير القمي ٢ ـ ١٠٧.

(٥) كشف الحق : ١٤٦ ـ طبعة دار السلام ، بغداد ـ.

(٦) تفسير الثعلبي ٣ ـ ٣٢ ، وقد حذفت الرواية في المطبوع منه ، أو لعلها في مكان آخر من التفسير ، فراجع.

(٧) طه : ٦٣.

(٨) في المصدر زيادة هنا وهي : واستسقمه العرب بألسنتهم.

٢٣٩

حراما ولا يحرم حلالا، ورواه الرازي أيضا في تفسيره (١).

الطعن السادس عشر :

تقديمه الخطبتين في العيدين ، وكون الصلاة مقدمة على الخطبتين قبل عثمان مما تضافرت به الأخبار العامية (٢) ، فقد روى مسلم (٣) في صحيحه ، عن عطاء ، قال : سمعت ابن عباس يقول : أشهد على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] أنه يصلي قبل الخطبة (٤).

وعن عطاء (٥) ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعته يقول : إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] قام يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس.

وعن نافع ، عن (٦) ابن عمر (٧) : أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وأبا بكر

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٢٢ ـ ٧٥.

(٢) قال الترمذي في الصحيح ١ ـ ٧٠ : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة. وتأتيك جملة من المصادر.

(٣) صحيح مسلم ١ ـ ٣٢٥ ـ كتاب العيدين ـ ، حديث ٨٨٤.

(٤) وجاء بمضامين متعددة في صحاح العامة ومسانيدهم بهذا الإسناد ، انظر : صحيح البخاري ٢ ـ ٣٧٧ [ ٢ ـ ١١٦ ] ، كتاب العيدين ، باب الخطبة بعد العيد ، وفي أكثر من ثلاث عشرة [ ثلاثة عشر ] كتاب ، [ كتابا ] وسنن أبي داود ١ ـ ١٧٨ كتاب الصلاة ، باب الخطبة يوم العيد ، حديث ١١٤٢ ـ ١١٤٦ و ١٤٤٧ ، وسنن النسائي ٣ ـ ١٨٣ كتاب العيدين ، باب الخطبة في العيدين بعد الصلاة ، وباب موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٨٥ ، سنن البيهقي ٣ ـ ٢٩٦.

(٥) كذا أورده أبو داود في سننه بهذا الإسناد في كتاب الصلاة ، باب الخطبة يوم العيد ، حديث ١١٤١ ، وجاء بهذا المضمون في عدة روايات متحدة الإسناد مختلفة المضمون ، كما أوردها ابن الأثير في جامع الأصول ٦ ـ ١٣١ ـ ١٣٣.

(٦) في ( ك‍ ) : وعن.

(٧) كما أورده البخاري في صحيحه ٢ ـ ٣٧٥ [ ٢ ـ ١١١ ـ ١١٢ ] ، كتاب العيدين ، باب المشي والركوب إلى العيد والصلاة باختلاف يسير ، وباب الخطبة بعد العيد ، وصحيح مسلم ١ ـ ٣٢٦ كتاب العيدين في فاتحته ، حديث ٨٨٨ ، وسنن الترمذي ١ ـ ٧٠ كتاب الصلاة ، باب ما جاء في صلاة العيدين قبل الخطبة ، حديث ٥٣١ ، وسنن النسائي ٣ ـ ١٨٣ كتاب العيدين ، باب صلاة العيدين

٢٤٠