بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-351-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٨٢٠

على سبع سنوات ، وقرأ عليه في الفقه ، وانتفع به كثيرا.

ثم ارتحل إلى كرك نوح ، فقرأ على السيد بدر الدين الحسن بن جعفر الأعرجي الكركي في الأصولين والنحو.

وزار دمشق مرتين ، وقرأ بها على الفيلسوف محمد بن مكي الدمشقي في الطب والهيئة والفلسفة ، وعلى شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن طولون الحنفي جملة من الصحيحين.

وورد مصر سنة ( ٩٤٢ ه‍ ) وقرأ بها على كثير من شيوخ أهل السنّة ، منهم :

شهاب الدين أحمد الرملي المنوفي الشافعي ( المتوفّى ٩٥٧ ه‍ ) ، وأبو الحسن محمد ابن محمد بن عبد الرحمن البكري الشافعي ( المتوفّى ٩٥٢ ه‍ ) ، وزين الدين الجرمي المالكي ، وشمس الدين محمد بن أبي النحاس ، وشمس الدين الديروطي ، وغيرهم.

وأحاط إحاطة واسعة بمختلف المذاهب الإسلامية في الفقه والحديث والتفسير.

وحجّ ( بعد ان أقام بمصر ثمانية عشر شهرا ) ، ورجع إلى بلدته جبع ( سنة ٩٤٤ ه‍ ) ، فازدحم عليه أولو العلم والفضل وظهر من فوائده ما لم يطرق الأسماع (١) ، وفي هذه السنة آنس من نفسه الاجتهاد ، والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية ، إلاّ أنّه لم يظهر ذلك حتى عام ( ٩٤٨ ه‍ ).

وسافر إلى بلاد الروم ، فدخل استانبول ( سنة ٩٥٢ ه‍ ) ، وأقام بها ثلاثة أشهر

__________________

(١) قاله تلميذه ابن العودي. أعيان الشيعة.

٥٤١

ونصفا ، وجعل مدرسا للمدرسة النورية ببعلبك ، وقد صنّف هناك رسالة في عشرة فنون (١) ، وجال في البلاد الرومية ، واجتمع بالعلماء.

ثم توجه إلى العراق لزيارة المراقد الشريفة ، وعاد إلى بلاده ( سنة ٩٥٣ ه‍ ) ، فأقام ببعلبك ، ودرّس فيها مدّة في المذاهب الخمسة وكثير من الفنون ، وأفتى كل فرقة بما يوافق مذهبها ، وأظهر براعة لما كان يتمتع به من علم غزير ، ونظر دقيق ، وعقلية منفتحة ، فانثال عليه العلماء ، وانقادت له النفوس.

وعاد الشهيد الثاني إلى جبع ، وعكف على التدريس والتأليف ، والحكم بين المتخاصمين ، واشتهرت فتاواه وآراؤه الفقهية.

قال ابن العودي الجزّيني في حق شيخه المترجم : بلغ من كل فنّ منتهاه ... وأمّا الفقه فكان قطب مداره وفلك شموسه وأقماره وكأنّه هوى نجم سعوده في داره ، وأما الحديث فقد مدّ فيه باعا طويلا ، وذلّل صعاب معانيه تذليلا ، أدأب نفسه في تصحيحه وإبرازه للناس حتى فشا ... وأما علوم القرآن العزيز وتفاسيره من البسيط والوجيز فقد حصل على فوائدها وعرف حقائقها ومجازها ، وعلم إطالتها وإيجازها.

وقال السيد مصطفى التفريشي : وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها ، كثير الحفظ ، نقيّ الكلام ، له تلاميذ أجلاّء ، وله كتب نفيسة جيدة.

__________________

(١) ذكر الشهيد الثاني أنّه لما وصل إلى استانبول ، بقي (١٨) يوما لا يجتمع بأحد من الأعيان ، وكتب في هذه الأيام رسالة تشتمل على عشرة مباحث في الفنون العقلية والفقهية والتفسير وغيرها ، وأوصلها إلى قاضي العسكر محمد بن قطب بن محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي فوقعت منه موقعا حسنا وحصل له بسبب ذلك حظ عظيم. أعيان الشيعة.

٥٤٢

تلمّذ عليه جماعة ، وقرأوا عليه في الفقه والأصول والحديث والمنطق والأدب ، منهم : السيد نور الدين علي بن الحسين جزّيني الشهير بالصائغ ( المتوفّى ٩٨٠ ه‍ ) ، ونور الدين علي بن الحسين بن محمد بن أبي الحسن الموسوي الجبعي ، وعز الدين الحسين بن عبد الصمد بن محمد الحارثي الجبعي ( المتوفّى ٩٨٤ ه‍ ) ، ومحمد بن الحسن المشغري العاملي ، ونور الدين علي بن عبد الصمد بن محمد الحارثي الجبعي ، وبهاء الدين محمد بن علي بن الحسن العودي الجزّيني ، وأجاز لنصير الدين إبراهيم بن علي بن عبد العالي الميسي ، والحسن بن نور محمد بن علي الحسيني الشقطي ، وتاج الدين بن هلال الجزائري ، ومحمود بن محمد بن علي اللاهيجي ، وعز الدين الحسين بن زمعة المدني.

وصنّف كتبا ورسائل كثيرة ، وشرح بعض الكتب شرحا مزجيا ( ولم يسبقه إلى ذلك أحد من علماء الإمامية ) (١) ، وتفرّد بالتأليف في مواضيع لم يطرقها غيره أو طرقها ولم يستوف الكلام فيها (٢) ، وقد عدّ له السيد الأمين العاملي (٧٩) مؤلّفا ، منها : الروضة البهية في شرح « اللمعة الدمشقية » (٣) في الفقه ( مطبوع ) وقد عكف العلماء على شرحه والتعليق عليه وتدريسه من حين تأليفه إلى هذا الوقت ، روض الجنان في شرح « إرشاد الأذهان » (٤) في الفقه ( مطبوع ) ، المقاصد العلية في شرح

__________________

(١) انظر أعيان الشيعة : ٧ / ١٤٤.

(٢) انظر أعيان الشيعة : ٧ / ١٤٤.

(٣) للشهيد الأوّل.

(٤) للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف ابن المطهّر ( المتوفّى ٧٢٦ ه‍ ).

٥٤٣

« الرسالة الألفية » (١) في فقه الصلاة ( مطبوع ) ، مسالك الأفهام إلى « شرائع الإسلام » (٢) في الفقه ( مطبوع ) ، تمهيد القواعد الأصولية والعربية وصفه مؤلفه بأنّه كتاب واحد في فنه ، البداية في علم الدراية وشرحه ( مطبوعان ) ، منية المريد في آداب المفيد والمستفيد ( مطبوع ) ، كفاية المحتاج في مناسك الحاج ، مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد ( مطبوع ) ، غنية القاصدين في اصطلاحات المحدّثين ، رسالة في ميراث الزوجة ( مطبوعة ) ، رسالة في عدم جواز تقليد الأموات من المجتهدين ، رسالة في حكم صلاة الجمعة حال الغيبة ( مطبوعة ) ، حاشية على « قواعد الأحكام » في الفقه للعلاّمة الحلّي ، رسالة في تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ، ) رسالة في شرح البسملة ، منظومة في النحو وشرحها ، جوابات المسائل الهندية ، وجوابات المسائل الشامية ، وله شعر.

قتل المترجم شهيدا سنة ست وستين وتسعمائة (٣) ، وكان قد أمضى السنوات العشر الأخيرة من عمره في خوف وترقّب ، فقد نشط أعداؤه وحسّاده في مراقبته ورصد تحركاته ، بسبب المكانة المرموقة التي كان يحتلّها الشهيد في أوساط الأمّة ودوره المتميّز في توعيتها وتعريفها بمذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

فتى كان فيه ما يسرّ صديقه

على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا

قالوا : كتب قاضي صيدا إلى سلطان الروم أنّه وجد ببلاد الشام مبدع خارج عن المذاهب الأربعة ، فأرسل السلطان رجلا يطلبه ، فوجده في طريق الحجّ ، وبعد

__________________

(١) للشهيد الأوّل.

(٢) للمحقق الحلّي جعفر بن الحسن ( المتوفّى ٦٧٦ ه‍ ).

(٣) وقيل : سنة ( ٩٦٥ ه‍ ).

٥٤٤

أداء الحجّ أخذه إلى الروم ولكنّه بعد الوصول إلى ساحل البحر قتله ، وأخذ برأسه إلى السلطان فأنكر عليه ذلك وقتل القاتل.

موسوعة طبقات الفقهاء : ١٠ / ٨٦

٣١٣٤

[ الحسين بن عبد الصمد ] الحارثي (*)

( ٩١٨ ـ ٩٨٤ ه‍ )

الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي الحارثي الهمداني ، عز الدين الجبعي العاملي ، والد العالم المشهور بهاء الدين العاملي.

ولد في أوّل المحرم سنة ثمان عشرة وتسعمائة.

وعني بطلب العلم ، وجدّ في تحصيله حتى بذّ أقرانه ، ومهر في الفقه وفي الحديث وعلومه ، وصارت له يد طولى في علم الكلام ، واللغة والعلوم الأدبية.

روى عن الفقيه السيد بدر الدين الحسن بن جعفر الأعرجي الحسيني الكركي.

__________________

(*) أمل الآمل ١ / ٧٤ برقم ٦٧ ، رياض العلماء ٢ / ١٠٨ ، لؤلؤة البحرين ٢٣ ، روضات الجنات ٢ / ٣٣٩ ، تنقيح المقال ١ / ٣٣٢ ، الفوائد الرضوية ١٣٨ ، الكنى والألقاب ٢ / ١٠٢ ، سفينة البحار ١ / ٢٧٢ ، أعيان الشيعة ٦ / ٥٦ ، طبقات أعلام الشيعة ٤ / ٦٢ ، الذريعة ٢٥ / ١٠١ ، معجم المؤلفين ٤ / ١٧.

٥٤٥

وتلمّذ على الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي ، ولزمه لزوما شديدا ، وقرأ عليه في الفقه وأصوله والمنطق وغير ذلك ، وتخرّج به ، وحصل منه على إجازة تاريخها سنة ( ٩٤١ ه‍ ) (١).

قال الحرّ العاملي : كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا منشئا شاعرا ، عظيم الشأن جليل القدر ...

وقال الأفندي التبريزي : كان فاضلا عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ....

وقد رافق المترجم أستاذه الشهيد في سفره إلى إسلامبول ( سنة ٩٥٢ ه‍ ) ، فأقاما بها ثلاثة أشهر ونصف ، وتوجها إلى اسكدار ، ثم عادا إلى بعلبك في ١٥ صفر سنة ( ٩٥٣ ه‍ ) (٢) بعد أن زارا مشاهد أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام بالعراق ، وأقاما في بعلبك مدة ، ثم فارقاها إلى بلدتهما ( جبع ).

ثم ارتحل المترجم بعد شهادة استاذه المذكور ( سنة ٩٦٦ أو ٩٦٥ ه‍ )

__________________

(١) وهي طويلة مذكورة في « بحار الأنوار » ١٠٥ / ١٤٦ ( الإجازة ٥٣ ).

(٢) قال السيد محسن العاملي : وإذا كانت ولادة بهاء الدين في بعلبك في ١٨ ذي الحجة سنة ٩٥٣ تكون ولادته قبل ورود الشهيد الثاني إليها بشهرين إلاّ يومين ، فيكون المترجم قد وردها في ذلك التاريخ أو قبله إلاّ أن يكون بهاء الدين ولد في غياب أبيه أو ...

أقول : وهذا سهو منه رحمه‌الله ، فإنّ ولادة بهاء الدين كانت بعد ورودهما بعلبك بعشرة أشهر وثلاثة أيام ، لأنّ شهر صفر مقدّم على شهر ذي الحجة ، والعودة إلى بعلبك والولادة إنّما حدثنا في نفس السنة.

٥٤٦

وتشديد الضغوط على علماء الشيعة إلى أصفهان ، فسمع به (١) السلطان طهماسب الصفوي ، فأرسل في طلبه ، فلما حضر بين يديه في مقر سلطنته بقزوين ، بجّله غاية التبجيل ، وفوّض إليه منصب شيخ الإسلام بقزوين ، فأقام بها صلاة الجمعة ، ووعظ ، ودرّس ، واستمر على ذلك سبع سنين ، ثم نقل إلى مدينة مشهد المقدسة ، فأقام فيها مدة ، ثم أمره السلطان المذكور بالتوجه إلى هراة ، وكان أكثر أهلها من غير الشيعة ، وأمر حاكم خراسان بأن ينتهي إلى رأي المترجم ولا يخالفه ، فعظمت حرمته ، وتصدى للوعظ والإرشاد والتدريس ، واشتهر ، فقصده العلماء من الأطراف ، وانتشر به مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، وأقام هناك ثماني سنوات.

ثم حجّ في سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة ، وزار المدينة المنورة ، ثم توجه إلى البحرين ، فسكنها إلى أن مات بها في الثامن من ربيع الأوّل سنة أربع وثمانين وتسعمائة ، وقبره بها مشهور مزور.

وكان قد أخذ عن المترجم جماعة ، وروى عنه آخرون سماعا وإجازة ، منهم : ولده بهاء الدين محمد وقرأ عليه جملة من الكتب في المعقول والمنقول ، وولده أبو تراب عبد الصمد بن الحسين ، والحسن بن الشهيد الثاني ، والسيد حسن بن علي ابن شدقم الحسيني المدني ، وشرف الدين بن إبراهيم الأصفهاني ، وملك علي ، وأبو محمد الشهير ببايزيد البسطامي ، ومعاني التبريزي ، والسيد محمد باقر ابن محمد الأسترابادي الشهير بالداماد.

__________________

(١) حيث أخبر علي بن هلال الكركي ( المتوفّي ٩٨٤ ه‍ ) السلطان طهماسب بورود المترجم إلى أصفهان ووصف له علمه وفضله ، وكان الكركي المذكور شيخ الإسلام بأصفهان.

٥٤٧

وصنّف عدة كتب ، منها : شرح « قواعد الأحكام » للعلاّمة الحلّي ، شرح (١) « الألفية » في فقه الصلاة للشهيد الأوّل ، شرح آخر على الألفيه ، فيه مناقشات مع الشهيدين والمحقق الكركي ، العقد الطهماسبي في الفقه ، حاشية على « إرشاد الأذهان » في الفقه للعلاّمة الحلّي لم تتم ، الغرر والدرر ، رسالة في الدراية ( مطبوعة ) ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار في علم الدراية ( مطبوع ) ، رسالة في عينية صلاة الجمعة ، الرسالة الرضاعية ، رسالة في الاعتقادات الحقّة ، رسالة في مناظرته مع بعض علماء حلب في مسألة الإمامة ، شرح الأربعين حديثا في الأخلاق ، تعليقات على « خلاصة الأقوال في معرفة الرجال » للعلاّمة الحلّي ، وتعليقات على الصحيفة السجادية.

وله فتاوى كثيرة ، وديوان شعر كبير.

فمن شعره :

ما شممت الورد إلاّ

زادني شوقا إليك

وإذا ما مال غصن

خلته يحنو عليك

لست تدري ما الذي قد

حلّ بي من مقلتيك

إن يكن جسمي تناءى

فالحشى باق لديك

كل حسن في البرايا

فهو منسوب إليك

__________________

(١) فرغ منه في هراة في شهر المحرم سنة ( ٩٨١ ه‍ ).

٥٤٨

موسوعة طبقات الفقهاء : ١٠ / ٥٧

٣١١٢

[ المقدّس ] المحقق الأردبيلي (*)

( ... ـ ٩٩٣ ه‍ )

أحمد بن محمد الأردبيلي ثم النجفي ، الشهير بالمحقّق وبالمقدّس الأردبيلي ، أحد كبار مجتهدي علماء الإمامية وربّانييهم.

ولد في أردبيل ، ونشأ بها.

واستفاد من خاله الذي كان من كبار العلماء في الفلك والرياضيات (١).

__________________

(*) نقد الرجال ٢٩ ، أمل الآمل ٢ / ٢٣ برقم ٥٧ ، رياض العلماء ١ / ٥٦ ، لؤلؤة البحرين ١٤٩ ، منتهى المقال ١ / ٣١١ ، روضات الجنات ١ / ٧٩ ، خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٣٩٢ ، إيضاح المكنون ١ / ٣٩٨ ، ٦٠٩ ، الكنى والألقاب ٣ / ٢٠٠ ، أعيان الشيعة ٣ / ٨٠ ، ريحانة الأدب ٥ / ٣٦٩ ، طبقات أعلام الشيعة ٤ / ٨ ، الذريعة ٦ / ٣٨٥ ، الأعلام ١ / ٢٣٤ ، معجم رجال الحديث ٢ / ٢٢٥ برقم ٧٨٤ ، معجم المؤلفين ٢ / ٧٩ ، مفاخر آذربيجان ١ / ٧٥ برقم ٢١.

(١) أقول : وهو المولى الياس الأردبيلي نزيل الهند في القرن العاشر ذكره المقدس الأردبيلي في زبدة البيان في بحث القبلة وقال : « لا نظير له اليوم في هذا العلم ». ص ٦٧.

وقال في مجمع الفائدة والبرهان ج ٢ / ٧١ :

٥٤٩

وأخذ بشيراز العلوم العقلية عن جمال الدين محمود تلميذ جلال الدين الدواني.

وارتحل إلى النجف الأشرف ، وأقام بها ، وأكمل دراسته في الفقه والأصول وغيرهما ، وبرع في العلوم لا سيما فى الفقه ، حتى بلغ درجة الاجتهاد ، وقد أجازه به السيد علي بن الحسين الحسيني الصائغ.

قال السيد مصطفى الحسيني التفريشي في حق المترجم : كان متكلما ، فقيها ، عظيم الشأن ، جليل القدر ، رفيع المنزلة ، أورع أهل زمانه وأعبدهم وأتقاهم.

وامتاز المترجم بدقة النظر والتحقيق ، وبأسلوبه الفقهي الخاص ، واستقلاليته في استنباط الأحكام ، وأصالته الكاملة في التفكير والاجتهاد (١).

درّس شتى العلوم ، فأخذ عنه جماعة من العلماء ، منهم : السيد محمد بن علي العاملي صاحب « المدارك » ، والحسن بن الشهيد الثاني زين الدين العاملي صاحب « المعالم » وكانا من أبرز تلامذته ، ومحمد بن محمد البلاغي ، وعبد الله بن الحسين التستري ، وعلاّم التفريشي ، وفيض الله بن عبد القاهر التفريشي ، والسيد فضل الله ، ومحمد بن علي بن إبراهيم الأسترابادي ، وغيرهم.

__________________

« وأهل هذا العلم أي الهيئة والفلكيّات في هذا العصر قليل جدّا ورأيناه منحصرا في خالي الذي ما سمح الزمان بمثله بعد نصير الملّة والدين رحمه‌الله من علماء هذا الفن ومن حكماء المسلمين المتدينين وفقه الله لمرضاته ومنّ علينا بوجوده وأفاض علينا من علمه ... إلى آخر ما ذكره » إنتهى. ( الموسوي )

(١) الكريمي الجمهري ، المقدس الأردبيلي ... أضواء على حياته وشخصيته : ص ٣٧ ( ترجمه إلى العربية كمال السيد ).

٥٥٠

وصنّف كتبا ، قال عنها المجلسي : إنّها في غاية التدقيق والتحقيق ، منها : زبدة البيان في أحكام القرآن ( مطبوع ) وهو تفسير لآيات الأحكام ، مجمع الفائدة والبرهان في شرح « إرشاد الأذهان » للعلاّمة الحلّي ( مطبوع ) في اثني عشر جزءا (١) ( وقد شمل معظم أبواب الفقه ) ، حديقة الشيعة (٢) ( مطبوع ) ، تعليقات على « قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام » للعلاّمة الحلّي ، تعليقات على « تذكرة الفقهاء » للعلاّمة الحلّي ، حاشية على إلهيات « شرح تجريد العقائد » للقوشجي ( مطبوع ).

وله رسائل وتعليقات ، منها ( وهي مطبوعة ) : رسالة الخراجية الأولى ، رسالة الخراجية الثانية ، رسالة في أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص ، رسالة في أصول الدين بالفارسية ، تعليقة على ما قال الزمخشري من تفسير سورة الكافرون ، تعليقة على ما قال البيضاوي من تفسير الآية (٧٧) من سورة الحج ، وتعليقة على بحث الإجماع من شرح العضدي.

توفي بالنجف الأشرف في صفر سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة ودفن في إحدى حجرات الصحن المبارك لمرقد الإمام علي عليه‌السلام.

__________________

(١) أقول : بل في ثلاثة عشر جزءا. ( الموسوي )

(٢) أقول : وفي صحّة نسبتها إلى المؤلّف وعدمها كلام أنظر الذريعة : ٤ / ١٥٠ و ٤٩٥ ـ ٤٩٨ وج ١٠ / ٢٠٥. ( الموسوي )

٥٥١
٥٥٢

القرن الحادي عشر

١ ـ السيد محمد العاملي صاحب المدارك ( م سنة ١٠٠٩ ه‍ )

٢ ـ حسن بن زين الدين صاحب المعالم ( م سنة ١٠١١ ه‍ )

٣ ـ عبد الله التستري ( م سنة ١٠٢١ ه‍ )

٤ ـ الشيخ البهائي ( م سنة ١٠٣١ ه‍ )

٥ ـ محمد أمين الأسترآبادي ( م ١٠٣٦ ه‍ )

٦ ـ السيد الداماد ( م سنة ١٠٤٠ ه‍ )

٧ ـ سلطان العلماء ( م سنة ١٠٦٤ ه‍ )

٨ ـ الفاضل الجواد ( م سنة ١٠٦٥ ه‍ )

٩ ـ محمد تقي المجلسي ( م سنة ١٠٧٠ ه‍ )

١٠ ـ الفاضل التوني ( م سنة ١٠٧١ ه‍ )

١١ ـ ملا محمد صالح المازندراني ( م سنة ١٠٨٦ ه‍ )

١٢ ـ فخر الدين الطريحي ( م سنة ١٠٨٧ ه‍ )

١٣ ـ خليل بن الغازي القزويني ( م سنة ١٠٨٩ ه‍ )

١٤ ـ محمّد مؤمن السبزواري ( م سنة ١٠٩٠ ه‍ )

١٥ ـ فيض الكاشاني ( م سنة ١٠٩١ ه‍ )

١٦ ـ آغا رضي القزويني ( م سنة ١٠٩٦ ه‍ )

١٧ ـ آغا حسين الخوانساري ( م سنة ١٠٩٨ ه‍ )

٥٥٣
٥٥٤

موسوعة طبقات الفقهاء : ١١ / ٢٨٧

٣٥٠٩

صاحب المدارك (*)

( ٩٤٦ ـ ١٠٠٩ ه‍ )

محمد بن علي بن الحسين بن محمد أبي الحسن الموسوي ، السيد شمس الدين العاملي الجبعي ، صاحب « مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام » ، أحد أعلام الإمامية.

كان فقيها ، محدثا ، محققا ، جامعا للفنون والعلوم ، زاهدا ، جليل القدر ، وكان شريك خاله الحسن (١) بن الشهيد الثاني في الدرس والأساتذة والمسلك في الأصول والمهاجرة إلى تحصيل العلم.

ولد سنة ست وأربعين وتسعمائة.

وتلمّذ على الفقيهين الكبيرين : والده السيد نور الدين علي ، والسيد علي بن

__________________

(*) نقد الرجال ٣٢١ برقم ٥٦١ ، أمل الآمل ١ / ١٦٧ برقم ١٧٠ ، رياض العلماء ٥ / ١٣٢ ، روضات الجنات ٧ / ٤٥ برقم ٥٩٨ ، هدية العارفين ٢ / ٢٦٤ ، تنقيح المقال ٣ / ١٥٢ برقم ١٠٨٠ ، تكملة أمل الآمال ٣٥٣ برقم ٣٤٤ ، الكنى والألقاب ٢ / ٣٨٦ ، الفوائد الرضوية ٥٥٩ ، أعيان الشيعة ١٠ / ٦ ، الذريعة ٢٠ / ٢٣٩ برقم ٢٧٥٦ ، مصفى المقال ٤١٣ ، طبقات أعلام الشيعة ٥ / ٥٢٥ ، معجم المؤلفين ١٠ / ٣٢٠.

(١) المتوفّى ( ١٠١١ ه‍ ).

٥٥٥

الحسين الصائغ الحسيني الجزيني ، وقرأ عليهما في الفقه والأصول والعربية والمنطق وغيرها ، وتخرّج بهما.

وارتحل ـ بعد أن نال قسطا وافرا من العلوم ـ إلى النجف الأشرف للأخذ عن فقيه عصره المحقّق أحمد الأردبيلي ، ولجودة ذهن المترجم واتساع مداركه ، قرأ على المحقق المذكور من متون الكتب ماله ارتباط وثيق بالاجتهاد ، ويحتاج إلى البحث والتقرير.

وقرأ أيضا على عبد الله بن الحسين اليزدي في المعقول ، وقرأ هو عليه في الفقه والحديث.

وعاد إلى بلاده ـ بعد نحو سنتين أو أكثر بقليل ـ وقد امتلأ وطابه ، وحاز على مرتبة الاجتهاد.

وتصدر للتدريس والإفادة ، وصنّف في حياة أستاذه المحقّق.

واشتهر ، وصار من الفقهاء المبرّزين ، المشهورين بالتحقيق وقوة الاستدلال ، ومناقشة الآراء في الفقه والأصول.

أخذ عنه وتخرّج به كثيرون ، منهم : السيد إسماعيل بن علي الكفرحوني ، والحسن بن علي الحانيني ، وعبد السلام بن محمد المشغري جدّ مؤلف « أمل الآمل » لأمّه ، وعبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي ، وعلي بن أحمد بن موسى النباطي النجفي ، وأخوه السيد علي بن علي بن أبي الحسن ، ومحمد أمين الأسترابادي ، وعلي بن محمد الحرّ المشغري جدّ مؤلف « أمل الآمل » ، ونجيب الدين علي بن محمد بن مكي الجبيلي الجبعي ، ومحمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، وعبد النبي بن سعد الجزائري ، ومحمد بن محمد بن

٥٥٦

الحسين الحرّ العاملي المشغري ، وبهاء الدين علي بن يونس الحسيني التفريشي النجفي ، وغيرهم من كبار الفقهاء والعلماء.

وصنّف كتبا ، منها : مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ( مطبوع في ثمانية أجزاء ) وهو من الكتب المعتمدة عند الفقهاء ، ويمتاز بمتانة الاستدلال ، نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام ( مطبوع في جزءين ) ، حاشية على الرسالة « الألفية » في فقه الصلاة للشهيد الأوّل ، حاشية على « الاستبصار » للطوسي ، حاشية على « تهذيب الأحكام » للطوسي ، حاشية على « الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية » في الفقه للشهيد الثاني.

وله جوابات محمد بن الحسن بن شدقم المدني ثم الهندي ، ومقالة في عدّ الموثقين بتصريح الطوسي في رجاله.

توفي في شهر ربيع الأوّل سنة تسع وألف ، ورثاه تلميذه محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني بقصيدة طويلة ، منها قوله :

صحبت الشجى ما دمت في العمر باقيا

وطلّقت أيام الهنا واللياليا

ورثاه آخرون.

٥٥٧

موسوعة طبقات الفقهاء : ١١ / ٦٨

٣٣٥٥

صاحب المعالم (*)

( ٩٥٩ ـ ١٠١١ ه‍ )

الحسن بن زين الدين ( الشهيد الثاني ) بن علي بن أحمد ، جمال الدين أبو منصور العاملي الجبعي ، صاحب « معالم الدين » ، أحد أعلام الإمامية.

ولد بجبع في شهر رمضان سنة تسع وخمسين وتسعمائة.

وعاش ـ بعد استشهاد أبيه سنة ( ٩٦٦ ه‍ ) ـ في كنف السيد علي بن الحسين ابن أبي الحسن الموسوي العاملي ، وأشترك مع ولده السيد محمد (١) في الأخذ

__________________

(*) نقد الرجال ٩٠ برقم ٥٨ ، جامع الرواة ١ / ٢٠١ ، أمل الآمل ١ / ٥٧ ، خلاصة الأثر ٢ / ٢١ ، الوجيزة ١٨٧ برقم ٤٨٣ ، رياض العلماء ١ / ١٩٠ ، رجال السيد بحر العلوم ٢ / ١٩٥ ، روضات الجنات ٢ / ٢٩٦ برقم ٢٠٤ ، بهجة الآمال ٣ / ١١١ ، تنقيح المقال ١ / ٢٨١ برقم ٢٥٥٤ ، الفوائد الرضوية ٩٩ ، الكنى والألقاب ٢ / ٣٨٦ ، أعيان الشيعة ٥ / ٩٢ ، ريحانة الأدب ٣ / ٣٩١ ، تكملة أمل الآمال ١٣٨ ، الذريعة ٩ / ٢٣٩ برقم ١٤٥٧ و ١ / ١١٦ برقم ٥٦١ و ٣ / ٣٨٥ برقم ١٣٩٠ ، الأعلام ٢ / ١٩٢ ، معجم رجال الحديث ٤ / ٣٣٦ برمق ٢٨٣٥ ، معجم المؤلفين ٣ / ٢٢٧.

(١) المعروف بصاحب المدارك ( المتوفّى ١٠٠٩ ه‍ ) ، وكان والده السيد علي تزوج ابنة الشهيد ـ الثاني في حياته فأولدها صاحب المدارك المذكور ، ثم تزوج زوجة الشهيد الثاني الأخرى بعد استشهاده وهي أمّ المترجم له فأولدها السيد نور الدين عليا ، فالمترجم له خال صاحب المدارك ، وأخو نور الدين علي لأمّه ، ونور الدين هذا أخو صاحب المدارك لأبيه.

٥٥٨

عنه ، وعن السيد علي بن الحسين الصائغ الحسيني ، وقرأ عليهما في الفقه والأصول والعربية والمنطق وغيرها ، وتخرّج بهما.

وأخذ عن أحمد بن سليمان العاملي النباطي ، وروى عنه.

ثم ارتحل ـ هو والسيد محمد المذكور ـ إلى النجف الأشرف ، وقصد المحقق أحمد الأردبيلي زعيم الطائفة الإمامية في عصره ، وقرأ عليه في الفقه وأصوله المباحث والمسائل التي تتعلق بالاجتهاد ، والتي لأستاذه فيها نظر.

ومكث في النجف نحو سنتين أو أكثر بقليل ، وعاد إلى بلاده بعد أن برع في العلوم ، وتمكّن من الفقه وامتلك ناصية الاجتهاد.

وتصدى للتدريس والإفادة والإفتاء والتصنيف ، وحقق الفقه والأصول والحديث والرجال ، واشتهر وصار من أعيان علماء عصره.

وقد امتاز بقوة تحقيقه ، ودقة نظره ، وبمنهجه المعروف في استنباط الأحكام القائم على رؤيته في عدم حجّية غير الحديث الصحيح والحسن.

وكان أديبا ، شاعرا.

تلمّذ عليه وروى عنه كثيرون ، منهم : الحسن بن عبد النبي بن علي النباطي ، والسيد بدر الدين بن محمد بن محمد بن ناصر الدين الكركي ، والحسن بن علي الحانيني ، وزين العابدين بن محمد بن أحمد بن سليمان النباطي ، وعبد السلام بن

٥٥٩

محمد الحر المشغري ، وعبد اللطيف بن علي بن أبي جامع العاملي ، والسيد نور الدين علي بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي وهو أخوه لأمّه ، وأحمد بن علي بن سيف الدين الكفرحوني ، والسيد إسماعيل بن علي الكفرحوني.

وأجاز للسيد نجم الدين بن محمد الحسيني العاملي ولولديه محمد وعلي إجازة مبسوطة وصفت بأنّها تشتمل على تحقيقات لا توجد في غيرها.

وصنّف كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين ، ظهر منه جزءان أحدهما معالم الأصول ( مطبوع ) والثاني معالم الفقه ( مطبوع ) ، وقد اشتهر كتابه معالم الأصول وعلّقت عليه حواش وشروح كثيرة ، وصار المعوّل عليه في التدريس لزمن طويل.

وله أيضا : منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ( مطبوع ) في جزءين ، مشكاة القول السديد في تحقيق معنى الاجتهاد والتقليد ، رسالة الاثنا عشرية في الطهارة والصلاة ، مناسك الحجّ ، كتاب الإجازات ، التحرير الطاووسي في الرجال ( مطبوع ) ، حاشية على « مختلف الشيعة على أحكام الشريعة » للعلاّمة الحلّي ، رسالة في المنع من تقليد الميت ، جواب المسائل المدنيات الأولى والثانية والثالثة ، سأل عنها السيد محمد بن جويبر المدني ، مجموع جمعه بخطه يحتوي على نفائس الشعر والفوائد له ولغيره ، وديوان شعره ، وغير ذلك.

توفّي مفتتح المحرم سنة إحدى عشرة وألف في جبع ، وقبره به معروف.

٥٦٠