بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-351-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٨٢٠

وقال الفوطي : كان من فضلاء الشيعة ، والعارف بأصول الشريعة.

وقد تجاوزت شهرة ابن إدريس حدود مدينته ، وعرف بين علماء الفريقين في عصره ، وتبادل معهم الرسائل بشأن بحث بعض مسائل الفقه ومناقشتها (١).

كما تلمّذ عليه جماعة من العلماء ، منهم : السيد فخار بن معد الموسوي ، ومحمد بن جعفر بن محمد بن نما الحلي ، وعلي بن يحيى الخيّاط ، والسيد محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي ، وجعفر بن أحمد بن الحسين بن قمرويه.

وصنّف كتبا ، منها : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، خلاصة الاستدلال ، مناسك الحجّ ، مختصر تفسير التبيان للشيخ الطوسي ، وغير ذلك.

توفّي بالحلة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وله بها مرقد كبير معروف.

__________________

(١) أنظر في السرائر : ٢ / ٤٤٣ مراسلاته للسيد أبي المكارم ابن زهرة الحلبي ٢ / ٦٧٨ مراسلة بعض فقهاء الشافعيّة لابن إدريس.

٤٨١
٤٨٢

القرن السابع

١ ـ رضي الدين ابن طاوس ( سنة ٦٦٤ ه‍ )

٢ ـ الخواجة نصير الدين الطوسي ( سنة ٦٧٢ ه‍ )

٣ ـ المحقّق الحلّي ( سنة ٦٧٦ ه‍ )

٤٨٣
٤٨٤

موسوعة طبقات الفقهاء : ٧ / ١٨٠

٢٥٣٧

ابن طاووس (١)

( ٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه‍ )

علي بن موسى بن جعفر بن محمد الحسني ، العالم الربّاني ، الفقيه الإمامي الزاهد ، السيد رضي الدين الحلّي ، أشهر أعلام أسرة آل طاووس على كثرة من نبغ فيهم من العلماء والفقهاء.

ولد بالحلّة في منتصف المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، ونشأ وتعلّم بها باعتناء جدّه لأمّه ورّام بن أبي فراس ، ووالده موسى ، وأقبل على طلب العلم ، وبذل فيه وسعه ، واشتغل بالفقه وقرأ فيه وفي أصول الدين كتبا كثيرة ، وسمع وحفظ الكثير ، وبرع حتى بذّ أقرانه ، وجمع ، وصنّف كثيرا.

روى عن جماعة من العلماء والفقهاء ، منهم : والده ، وقرأ عليه « المقنعة »

__________________

(١) نقد الرجال ٢٤٤ برقم ٢٤١ ، أمل الآمل ٢ / ٢٠٥ برقم ٦٢٢ ، بهجة الآمال ٥ / ٥٣٦ ، تنقيح المقال ٢ / ٣١٠ برقم ٨٥٢٩ ، هدية العارفين ٥ / ٧١٠ ، أعيان الشيعة ٨ / ٣٥٨ ، الفوائد الرضوية ٣٣٠ ، الذريعة ١ / ١٢٧ برقم ٦١٠ و ٢ / ٤٩ ، طبقات أعلام الشيعة ٣ / ١١٦ ، معجم رجال الحديث ١٢ / ١٨٨ برقم ٨٥٣٢ ، مستدركات علم رجال الحديث ٥ / ٤٨٥ برقم ١٠٥٥٩ ، الأعلام ٥ / ٢٦.

٤٨٥

للشيخ المفيد ، والحسين بن أحمد السوراوي ، وتاج الدين الحسن بن علي الدربي ، وعلي بن يحيى بن علي الخياط ، وسالم بن محفوظ السوراوي ، وقرأ عليه « التبصرة » وبعض « المنهاج » ، وحيدر بن محمد بن زيد الحسيني ، ونجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلي ، وابن النجّار البغدادي الشافعي ، وأسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، وغيرهم.

قال فيه الحرّ العاملي : حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع أشهر من أن يذكر ، وكان أيضا شاعرا ، أديبا ، منشئا ، بليغا له مصنّفات كثيرة.

وكان ابن طاووس قد انتقل إلى بغداد في حدود سنة ( ٦٢٥ ه‍ ) ، وأقام بها نحوا من خمس عشرة سنة ، واتصل بالمستنصر العباسي ، فقرّبه ، وحظي عنده بمنزلة عالية ، وطلبه للفتوى فلم يقبل تورّعا ، ثم دعاه لتولّي النقابة ، ثم للدخول في الوزارة ، فامتنع وأبى ، وتوثقت صلاته خلال ذلك بالوزير مؤيد الدين ابن العلقمي ، وأخيه وولده صاحب المخزن.

ثم رجع إلى الحلة ، وكان ذلك ـ كما رجّح بعضهم ـ في أواخر عهد المستنصر ( المتوفّى ٦٤٠ ه‍ ) ، ثم انتقل إلى النجف الأشرف ، فأقام بها ثلاث سنين.

ثم عاد إلى بغداد سنة ( ٦٥٢ ه‍ ) ، وتولّى النقابة بها سنة ( ٦٦١ ه‍ ) ، فاستمر إلى أن مات سنة أربع وستين وستمائة.

روى عنه : يوسف ابن المطهر الحلّي ، وولده الحسن بن يوسف المعروف بالعلاّمة الحلّي ، والحسن بن علي بن داود الحلّي ، ويوسف بن حاتم الشامي ، وابن أخيه عبد الكريم بن أحمد ابن طاووس ، وعلي بن عيسى الإربلي ، وأحمد بن

٤٨٦

محمد بن علي العلوي ، ومحمد بن أحمد بن صالح القسّيني ، وآخرون.

وصنّف كتبا كثيرة في فنون مختلفة ، بلغت حسب إحصاء بعضهم (٤٨) كتابا ، منها :

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان ( مطبوع ) ، الملهوف على قتلى الطفوف ( مطبوع ) ، كشف المحجة لثمرة المهجة ( مطبوع ) ، الإصطفاء في تواريخ الملوك والخلفاء ، مصباح الزائر وجناح المسافر ( مطبوع ) ، غياث سلطان الورى لسكان الثرى في قضاء الصلاة عن الأموات ، مهج الدعوات ومنهج العنايات ( مطبوع ) ، الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ( مطبوع ) ، جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ( مطبوع ) ، فرحة الناظر وبهجة الخواطر ، اليقين ( مطبوع ) ، مسلك المحتاج إلى مناسك الحاج ، والطرائف في مذهب الطوائف ( مطبوع ) أسمى المؤلف نفسه في هذا الكتاب عبد المحمود بن داود وافترض أنّه رجل من أهل الذمة يريد البحث في المذاهب الإسلامية بحرّيّة رأي وتجرّد.

٤٨٧

موسوعة طبقات الفقهاء : ٧ / ٢٤٣

٢٥٨٩

نصير الدين الطوسي (*)

( ٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه‍ )

محمد بن محمد بن الحسن ، الفيلسوف ، المحقّق الخواجة نصير الدين الطوسي ، صاحب التصانيف.

قال تلميذه العلاّمة الحلّي : كان أفضل أهل زمانه في العلوم العقلية والنقلية ، وله مصنّفات كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة ، وكان أشرف من شاهدناه في الأخلاق.

وقال الصفدي : كان رأسا في علم الأوائل ، لا سيّما في الأرصاد والمجسطي ، ووصفه بالجود والحلم وحسن العشرة والدهاء.

__________________

(*) العبر ٣ / ٣٢٦ ، الوافي بالوفيات ١ / ١٧٩ برقم ١١٢ ، فوات الوفيات ٣ / ٢٤٦ برقم ٤١٤ ، البداية والنهاية ١٣ / ٢٨٣ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٢٤٤ ، نقد الرجال ٢٤٥ ، جامع الرواة ٢ / ١٨٨ ، شذرات الذهب ٥ / ٣٣٩ ، أمل الآمل ٢ / ٢٩٩ برقم ٩٠٤ ، لؤلؤة البحرين ٢٤٥ ، مستدرك الوسائل ٣ / ٤٦٤ ، تنقيح المقال ٣ / ١٧٩ برقم ١١٣٢٢ ، الفوائد الرضوية ٦٠٣ ، الكنى والألقاب ٣ / ٣٥٠ ، أعيان الشيعة ٩ / ٤١٤ ، ريحانة الأدب ٢ / ١٧١ ، تأسيس الشيعة ٣٩٥ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٦٨ ، الذريعة ٣ / ٣٧٦ برقم ١٣٧١ ، معجم رجال الحديث ١٧ / ١٩٤ برقم ١١٦٩١ ، الأعلام ٧ / ٣٠.

٤٨٨

وقال بروكلمان الألماني : هو أشهر علماء القرن السابع ، واشهر مؤلفيه إطلاقا.

ولد نصير الدين بطوس سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

ودرس علوم اللغة ، وتفقّه وسمع الحديث ، وشغف بعلم المقالات ، ثم بعلم الكلام وأتقن علوم الرياضيات وهو في روق شبابه.

وارتحل إلى نيسابور بعد وفاة والده ، وحضر حلقة كلّ من سراج الدين القمري ، وقطب الدين السرخسي ، وأبي السعادات الأصبهاني ، وفريد الدين النيسابوري ، وظهر تفوّقه ونبوغه ، وذاع صيته.

سمع من أبيه ، وأخذ الفقه عنه ، وعن معين الدين سالم بن بدران المصري ، وله منه إجازة برواية « غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع » لأبي المكارم ابن زهرة ، تاريخها سنة ( ٦٢٩ ه‍ ).

وأخذ عن كمال الدين موسى (١) بن يونس بن محمد الموصلي الشافعي ( المتوفي ٦٣٩ ه‍ ).

وسمع أيضا من محمد بن محمد الحمداني القزويني.

وكان نصير الدين قد سار من نيسابور إلى قهستان ـ عند زحف المغول الأوّل (٢) ـ بدعوة من متولّى قهستان ناصر الدين عبد الرحيم بن أبي منصور ،

__________________

(١) كان يعرف الفقه والأصلين والخلاف والطبيعي والإلهي والمجسطي ، والهيئة والحساب ، والجبر ، وغيرها.

(٢) وقد استدلوا على نيسابور سنة ( ٦١٧ ه‍ ). الكامل لابن الأثير : ١٢ / ٣٩٣.

٤٨٩

فأقام بها معزّزا ، متفرّغا للمطالعة والتأليف.

وبلغ علاء الدين محمد زعيم الإسماعيلين نزول نصير الدين عند واليه ناصر الدين ، فطلبه منه ، فمضى به إليه في قلعة ( مبمون در ) ، فاحتفى به الزعيم الإسماعيلي ، واستبقاه لديه معزّزا مكرّما.

ولما ولي ركن الدين خورشاه الأمر بعد مقتل أبيه علاء الدين ظلّ الطوسي معه إلى حين استسلام ركن الدين لهولاكو.

وبحكم حنكة ودهاء نصير الدين ومقدراته العلمية ، قرّبه هولاكو وعظم محلّه عنده ، فكان يطيعه فيما يشير به عليه ، فحاول جهده أن يحفظ للإسلام تراثه وعلماءه ، وأن يدفع عنهما ـ ما استطاع ـ عادية المغول الذين عاثوا في بلاد المسلمين فسادا. ( فكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم ، وكان يبرّهم ويقضي أشغالهم ، ويحمي أوقافهم ) (١).

وابتنى بمراغة قبّة ورصدا عظيما (٢) ، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة للكتب ، احتوت على أربعمائة ألف مجلد ، فوفد إليها العلماء من النواحي ، حتى انّ ابن الفوطي صنّف في ذلك كتابا سمّاه « من صعد الرصد ».

وقد أخذ عن نصير الدين جماعة من العلماء ، منهم : السيد عبد الكريم بن

__________________

(١) الوافي بالوفيات : ١ / ١٨٢.

(٢) قال الدكتور مصطفى جواد البغدادي في مقدمته لكتاب « مجمع الآداب في معجم الألقاب » ص ٢٠ : أنشأ نصير الدين الطوسي دار العلم والحكمة والرصد بمراغة من مدن أذربيجان ، وهي أوّل مجمع علمي حقيقي « أكاديمية » في القرون الوسطى بالبلاد الشرقية ، فضلا عن الأفطار الغربية الجاهلة أيّامئذ.

٤٩٠

أحمد ابن طاووس الحلي ، وقطب الدين محمد بن مسعود الشيرازي ، وشهاب الدين أبو بكر الكازروني ، وأبو الحسن علي بن عمر القزويني الكاتبي ، والحسن بن يوسف المعروف بالعلاّمة الحلّي ، والحسن بن علي بن داود الحلّي صاحب « الرجال » ، وعبد الرزاق ابن الفوطي ، وغيرهم.

وورد العراق بصحبة هولاكو ، وزار مدينة الحلّة ، وحضر درس المحقّق جعفر بن الحسن الحلّي ، وناقشه في مسألة من مسائل القبلة.

وقد صنّف نصير الدين ما يناهز مائة وأربعة وثمانين مؤلّفا ما بين كتب ورسائل وأجوبة مسائل في فنون شتى ، منها :

شكل القطاع ( مطبوع ) يقال له تربيع الدائرة ، تحرير أصول اقليدس ، تجريد العقائد (١) ( مطبوع ) يعرف بتجريد الكلام ، التحصيل في النجوم ، المخروطات ، بقاء النفس بعد بوار البدن ( مطبوع ) ، المقالات الست ( مطبوع ) ، جواهر الفرائد في الفقه ، الفرائض النصيرية ، آداب المتعلمين ( مطبوع ) ، رسالة في الإمامة ، رسالة في العصمة ، حل مشكلات الإشارات والتنبيهات لابن سينا ( مطبوع ) ، والتذكرة في علم الهيئة ( مطبوع ) ، وله شعر كثير بالفارسية.

توفّي ببغداد في يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين

__________________

(١) وأوّل من شرحه العلاّمة الحلّي ، واسم شرحه « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » وهو مطبوع ، ثم توالت الشروح بعده ، منها : شرح شمس الدين محمد الاسفراييني البيهقي.

وشرحه من علماء أهل السنّة : شمس الدين محمود بن عبد الرحمن بن أحمد الأصفهاني ( المتوفّى ٧٤٩ ه‍ ) ، وعلاء الدين علي بن محمد المعروف بالفاضل القوشجي ( المتوفّى ٨٧٩ ه‍ ). انظر الذريعة : ٣ : ٣٥٢ برقم ١٢٧٨.

٤٩١

وستمائة ، ودفن في جوار مرقد الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام.

موسوعة طبقات الفقهاء : ٧ / ٥٥

٢٤٢٩

المحقّق الحلّي (*)

( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه‍ )

جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي ، شيخ الإمامية ، الفقيه المجتهد ، نجم الدين أبو القاسم الحلّي ، المشهور بالمحقّق الحلّي ، مؤلّف « شرائع الإسلام » (١).

ولد بالحلّة سنة اثنتين وستمائة.

وأخذ العلم عن : والده الحسن ، ونجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما ، والسيد فخار بن معدّ الموسوي ، ومحمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي ،

__________________

(*) رجال ابن داود ٨٣ برقم ٣٠٠ ، نقد الرجال ٦٩ ، جامع الرواة ١ / ١٥١ ، أمل الآمل ٢ / ٤٨ برقم ١٢٧ ، وسائل الشيعة ٢٠ / ١٥٢ برقم ٢٢٤ ، روضات الجنات ٢ / ١٨٢ برقم ١٨٠ ، تنقيح المقال ١ / ٢١٤ برقم ١٧٧١ ، أعيان الشيعة ٤ / ٨٩ ، معجم رجال الحديث ٤ / ٦١ برقم ٢١٤٤ ، قاموس الرجال ٢ / ٣٧٨.

(١) الذي هو قرآن الكتب الفقهيّة على حد تعبير بطل الفقه والفقهاء الشيخ محمد حسن باقر النجفي صاحب الجواهر قدس‌سره. ( الموسوي ).

٤٩٢

وسالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح ، ومجد الدين علي بن الحسين بن إبراهيم العريضي.

وكان من أعاظم العلماء فقها ، وأصولا ، وتحقيقا ، وتصنيفا ، ومعرفة بأقوال الفقهاء من الإمامية ومن المذاهب السنّيّة ، ذا باع طويل في الآداب والبلاغة.

درّس ، وأفتى ، وإليه انتهت رئاسة الشيعة الإمامية في عصره.

واعتبر رائدا لحركة التجديد في مناهج البحث الفقهي والأصولي في مدرسة الحلة.

تخرّج به خلق أبرزهم ابن أخته الحسن بن يوسف ابن المطهر المعروف بالعلاّمة الحلّي ( المتوفّى ٧٢٦ ه‍ ).

قال فيه تلميذه الفقيه الرجالي ابن داود الحلّي : المحقّق المدقّق الإمام العلاّمة ، واحد عصره ، كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجّة وأسرعهم استحضارا ، قرأت عليه وربّاني صغيرا.

وأخذ عن المحقّق : عبد الكريم بن أحمد بن موسى ابن طاووس ، وعز الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي الآبي ، ويحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن ابن سعيد الهذلي ، ومحمد بن أحمد بن صالح القسّيني ، وابن أخته رضي الدين علي بن يوسف ابن المطهر ، وطومان بن أحمد العاملي ، وأبو جعفر محمد بن علي القاشي ، ومحفوظ بن وشاح بن محمد ، ويوسف بن حاتم العاملي ، والشاعر صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلّي ، والوزير أبو القاسم بن الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي ، وغيرهم.

٤٩٣

وصنّف من الكتب :

١ ـ شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ( مطبوع ) وهو أشهرها ، وقد أصبح محورا للإفادة والإستفادة والتحقيق والشرح والتعليق منذ أن ألّفه المحقّق إلى اليوم الحاضر (١).

٢ ـ النافع في مختصر الشرائع (٢) ( مطبوع ) ويقال له أيضا المختصر النافع في مختصر الشرائع ، وقد طبع هذا الكتاب في مصر ، وأقرّ للتدريس في جامعة الأزهر بأمر من وزير الأوقاف الاستاذ أحمد حسن الباقوري.

٣ ـ المعتبر في شرح المختصر ( مطبوع ) وهو كتاب فقهي استدلالي مقارن.

٤ ـ نكت النهاية ( مطبوع ) ـ أي النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للطوسي ـ.

٥ ـ المسلك في أصول الدين.

__________________

(١) فمن الشروح عليه : مسالك الأفهام للشهيد الثاني ( المتوفّى ٩٦٦ ه‍ ) ، وجواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفي ( المتوفّى ١٢٦٦ ه‍ ) ، وموارد الأنام للشيخ عباس بن علي كاشف الغطاء ( المتوفّى ١٣١٥ ه‍ ) وغيرها كثير*.

* أقول : ولعلّ أكبر شرح كتب عليه هو هداية الانام في ٢٧ مجلّدا ضخما وهو أكبر من الجواهر ومصنّفه صهر الجواهر على ابنته ، والكتاب مع غاية نفاسته لا يزال مخطوطا في زوايا الخمول. ( الموسوي ).

(٢) فمن الشروح عليه : كشف الرموز للحسن بن أبي طالب اليوسفي الآبي تلميذ المحقق الحلّي ، والمهذب البارع لابن فهد الحلّي ( المتوفّى ٨٤١ ه‍ ) ، وغيرها كثير*.

* أقول : ولعلّ أكبر شرح كتاب عليه هو رياض المسائل للسيّد الطباطبائي المتوفى ١٢٣٢ ه‍ ( الموسوي ).

٤٩٤

٦ ـ المعارج في أصول الفقه ( مطبوع ).

٧ ـ مختصر « المراسم » لسلاّر بن عبد العزيز الديلمي في الفقه.

٨ ـ نهج الوصول إلى معرفة الأصول.

٩ ـ رسالة التياسر في القبلة.

١٠ ـ المسائل المصرية ( مطبوعة ضمن النهاية ونكتها الذي حقّقته ونشرته مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقمّ ).

١١ ـ المسائل العزّيّة ، وهي عشرة مسائل كتبها المحقق لعز الدين عبد العزيز.

١٢ ـ اللهنة في المنطق.

ومن وصايا المحقّق ، وهو يدعو إلى استفراغ الوسع في البحث ، والتثبّت عند إصدار الفتوى ، قال : وأكثر من التطلّع على الأقوال لتظفر بمزايا الإحتمال ، واستنفض البحث عن مستند المسائل لتكون على بصيرة في ما تتخيّره.

وقال : إنّك في حال فتواك مخبر عن ربك ، وناطق بلسان شرعه ، فما أسعدك إن أخذت بالحزم ، وما أخيبك إن بنيت على الوهم ، فاجعل فهمك تلقاء قوله تعالى : ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ )(١) وانظر إلى قوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ )(٢) وتفطّن كيف قسم الله مستند الحكم إلى القسمين ، فما لم يتحقّق الإذن

__________________

(١) البقرة : ١٦٩.

(٢) يونس : ٥٩.

٤٩٥

فانّه مفتر (١).

وكان المحقّق قد نظم الشعر في أوائل شبابه ، ثم تركه ، إلاّ ما جاء منه بين الحين والحين مما تقتضيه المناسبة.

فمن شعره :

يا راقدا والمنايا غير راقدة

وغافلا وسهام اللّيل ترميه

بم اغترارك والأيام مرصدة

والدهر قد ملأ الأسماع داعيه

أما رأتك الليالي قبح دخلتها

وغدرها بالذي كانت تصافيه

رفقا بنفسك يا مغرور إنّ لها

يوما تشيب النواصي من دواهيه

توفّي بالحلّة في ربيع الآخر سنة ست وسبعين وستمائة ، واجتمع لجنازته خلق كثير.

__________________

(١) انظر الوصية في « المعتبر » للمحقق : ص ٢١ ـ ٢٢.

٤٩٦

القرن الثامن

١ ـ العلاّمة الحلّي ( م سنة ٧٢٦ ه‍ )

٢ ـ ركن الدين الجرجاني ( م بعد سنة ٧٢٠ ه‍ )

٣ ـ ضياء الدين الحلي ( م بعد سنة ٧٤٠ ه‍ )

٤ ـ عميد الدين عبد المطلب ( م سنة ٧٥٤ ه‍ )

٥ ـ فخر المحقّقين ( م سنة ٧٧١ ه‍ )

٦ ـ الشهيد الأوّل ( م سنة ٧٨٦ ه‍ )

٤٩٧
٤٩٨

موسوعة طبقات الفقهاء : ٨ / ٧٧

٢٧١٢

العلاّمة الحلّي (*)

( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍ )

الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الأسدي ، شيخ الإسلام ، المجتهد الإمامي الكبير ، جمال الدين أبو منصور المعروف بالعلاّمة الحلّي ، وبآية الله ، وبابن المطهّر.

ولد في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وستمائة.

__________________

(*) رجال ابن داود ١١٩ برقم ٤٦١ ، رجال العلاّمة الحلّي ٤٥ برقم ٥٢ ، ايضاح الاشتباه ( المقدمة ) ، الوافي بالوفيات ١٣ / ٨٥ برقم ٧٩ ، مرآة الجنان ٤ / ٢٧٦ ، لسان الميزان ٢ / ١٧ برقم ١٢٩٥ ، الدرر الكامنة ٢ / ٧١ برقم ١٦١٨ ، النجوم الزاهر ٩ / ٢٦٧ ، نقد الرجال ٩٩ برقم ١٧٥ ، مجالس المؤمنين ١ / ٥٨٠ ، كشف الظنون ١ / ٣٤٦ ، جامع الرواة ١ / ٢٣٠ ، أمل الآمل ٢ / ٨١ برقم ٢٢٤ ، رياض العلماء ١ / ٣٥٨ ، لؤلؤة البحرين ٢١٠ برقم ٨٢ ، منتهى المقال ٢ / ٤٧٥ برقم ٨٣١ ، روضات الجنات ٢ / ٢٦٩ برقم ١٩٨ ، إيضاح المكنون ٢ / ١٤٢ و ... ، هدية العارفين ١ / ٢٨٤ ، تنقيح المقال ١ / ٣١٤ برقم ٢٧٩٤ ، أعيان الشيعة ٥ / ٣٩٦ ، الكنى والألقاب ٢ / ٤٧٧ ، هدية الأحباب ٢٠١ ، الفوائد الرضوية ١٢٦ ، طبقات أعلام الشيعة ٣ / ٥٢ ، الذريعة ١ / ١٧٥ برقم ٨٩٧ ، مصفّى المقال ١٣١ ، الأعلام ٢ / ٢٢٧ ، معجم رجال الحديث ٥ / ١٥٧ برقم ٣٢٠٤ ، معجم المؤلفين ٣ / ٣٠٣.

٤٩٩

وأخذ عن والده الفقيه المتكلّم سديد الدين يوسف ، وعن خاله شيخ الإمامية المحقق الحلّي الذي كان له بمنزلة الأب الشفيق ، فحظي باهتمامه ورعايته ، وأخذ عنه الفقه والأصول وسائر علوم الشريعة.

ولازم الفيلسوف نصير الدين الطوسي مدة ، واشتغل عليه في العلوم العقلية ، ومهر فيها.

وقرأ ، وروى عن جمع من العلماء ، منهم : كمال الدين ابن ميثم البحراني ، وعلي بن موسى ابن طاووس الحسني ، وأخوه أحمد بن موسى ، ونجيب الدين يحيى ابن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي ابن عم المحقق ، ومفيد الدين محمد بن علي بن جهيم الأسدي ، والحسن بن علي بن سليمان البحراني ، ونجم الدين جعفر بن نجيب الدين محمد بن جعفر ابن نما الحلّي (١) ، وغيرهم.

كما أخذ عن جماعة من علماء السنة ، منهم : نجم الدين عمر بن علي الكاتبي القزويني الشافعي المنطقي ، ومحمد بن محمد بن أحمد الكشي ، الفقيه

__________________

(١) وقيل إنّ العلاّمة روى عن نجيب الدين محمد بن جعفر ابن نما ، قال الأفندي التبريزي : عندي في ذلك نظر. وقال الطهراني : وهو في محله لأنّه من مشايخ والده وعلي ابن طاووس ، وغيرهما.

أقول : بل هو لا يروي عنه قطعا ، لأنّ مولد العلاّمة كان بعد وفاة نجيب الدين المذكور بثلاث سنوات ، وبذلك لا يصحّ قول أحد الأساتذة ( عند ترجمته للعلاّمة في أوّل « المختلف » الذي نشرته جامعة المدرسين بقمّ ) : أنّه لا يمنع كون نجيب الدين من مشايخ والد العلاّمة وعلي ابن طاووس أن يكون من مشايخه أيضا. كما وهم الأستاذ أبو صفاء البصري ( عند ترجمته للعلاّمة في أوّل « منتهى المطلب » ) فجعل سنة وفاة نجيب الدين لولده جعفر ، وقد توفي جعفر فى حدود سنة ( ٦٨٠ ه‍ ).

٥٠٠