بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-351-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٨٢٠

وعبد المحسن الصوري.

وفي عصرنا نظم فيه الشاعر العراقي الكبير الدكتور السيد مصطفى جمال الدين (١) قصيدة رائعة ، ألقاها في المؤتمر العالمي الذي عقد في قم المقدسة في الذكرى الألفية لوفاته ، ومطلعها :

جذورك في بغداد ظامئة سغبى

وظلك في طهران يحتضن العربا

ومنها :

تمرّ بك الأفهام غرثى ، فتنثني

وقد بشمت حتى دخائلها الغضبى

تبادرك « النظّار » بالرأي ناضجا

فتجعله فجّا بأفواههم جشبا

وتفجؤهم منك البديهة بالضحى

وضوحا ، وبالسلسال من رقّة شربا

وتستافك الدنيا عبيرا وبيننا

وبينك ( ألف ) ما سهى العطر ، أو أكبى

__________________

(١) وقد وافاه الأجل قبل أيام في مهجره ، بدمشق وذلك في شهر جمادي الآخرة من عام ( ١٤١٧ ه‍ ) ، الموافق لشهر تشرين الثاني من عام ( ١٩٩٦ م ).

٤٤١

موسوعة طبقات الفقهاء : ٥ / ٢٣٤

١٩١٦

الشريف المرتضى (*)

( ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه‍ )

عليّ بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهما‌السلام ، الفقيه الإمامي الكبير ، أبو القاسم العلوي الموسوي ، البغدادي ، الملقّب بالشريف المرتضى ، وبعلم الهدى.

ولد ببغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.

__________________

(*) رجال النجاشي ٢ / ١٠٢ برقم ٧٠٦ ، فهرست الطوسي ١٢٥ برقم ٤٣٣ ، رجال الطوسي ٤٨٤ برقم ٥٢ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٢ برقم ٦٢٨٨ ، معالم العلماء ٦٩ برقم ٤٧٧ ، المنتظم ١٥ / ٢٩٤ برقم ٣٢٥٧ ، معجم الأدباء ٣١ / ١٤٦ برقم ١٩ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٥٢٦ ، وفيات الأعيان ٣ / ٣١٣ برقم ٤٤٣ ، رجال ابن داود ٢٤٠ برقم ١٠١٦ ، رجال العلامة الحلي ٩٤ برقم ٢٢ ، سير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٨٨ برقم ٤٤٣ ، تاريخ الإسلام ( حوادث ٤٢١ ـ ٤٤٠ ) ٤٣٣ برقم ١٧٧ ، الوافي بالوفيات ٢١ / ٦ برقم ٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ٥٦ ، هدية العارفين ١ / ٢٦٢ برقم ٧٩١ ، الدرجات الرفيعة ٤٥٨ ، رياض العلماء ٤ / ١٤ ، روضات الجنات ٤ / ٢٩٤ برثقم ٤٠٠ ، بهجة الآمال ٥ / ٤٢١ ، تنقيح المقال ٢ / ٢٨٤ برقم ٨٢٤٧ ، تأسيس الشيعة ٢١٤ ، ٣٠٣ ، أعيان الشيعة ٨ / ٢١٣ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٢ ( ، الذريعة ٩ / ٧٣٥ برقم ٥٠٥٠ ، الأعلام ٤ / ٢٨٧ ، معجم رجال الحديث ١١ / ٣٧٠ برقم ٨٠٦٣ ، قاموس الرجال ٦ / ٤٧٥ ، معجم المؤلفين ٧ / ٨١.

٤٤٢

وتلمّذ هو وأخوه الشريف الرضي على الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

وروى عن : هارون بن موسى التلعكبري ، وأبي الحسن علي بن محمد الكاتب ، وأبي القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، وأحمد بن سهل الديباجي ، وغيرهم.

وكان كثير السّماع والرواية.

تفقّه به وحمل عنه العلم والرواية جمع من المشايخ ، منهم : أبو جعفر الطوسي ، وأبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي ، وجعفر بن محمد الدّوريستي ، وأبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ، وأبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري ، وأبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسني ، وأحمد بن الحسين الخزاعي ، وأبو الحسن محمد بن محمد البصروي.

وكتب عنه الخطيب البغدادي.

وكان ثاقب الرأي ، حاضر الجواب ، غزير العلم ، قديرا في المناظرة والحجاج ، ذا هيبة وجلالة ، وجاه عريض ، تولّى نقابة الطالبيين وإمارة الحاجّ والنظر في المظالم لأكثر من ثلاثين سنة.

درّس كثيرا ، وأفتى ، وناظر ، وصنّف الكثير ، وكانت داره منتجعا لروّاد العلم ، وكان يجري على تلامذته رزقا.

قال أبو العباس النجاشي : حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه ،

٤٤٣

وسمع من الحديث فأكثر ، وكان متكلما ، أديبا ، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا.

وقال ابن خلكان : كان إماما في علم الكلام والأدب والشعر.

وقال الدكتور عبد الرزاق محيي الدين : كان من سابقيهم ـ يعني الشيعة ـ دعوة إلى فتح باب الإجتهاد في الفقه ، وأسبقهم تأليفا في الفقه المقارن ، وأنّه كان واضع الأسس لأصول الفقه لديهم (١) ، ومجلي الفروق بينها وبين أصول العقائد لدى الشيعة وسواهم. وأنّه في علم الكلام كان قرن القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة ، وإنّه في جماع ذلك كان يعتبر مجدّد المذهب الشيعي الإمامي.

صنّف الشريف المرتضى كتبا كثيرة بلغت ـ كما في أعيان الشيعة ـ تسعة وثمانين كتابا ، منها : الانتصار في الفقه ، الخلاف في أصول الفقه ، جمل العلم والعمل في الفقه والعقائد ، المسائل الطرابلسية ، المسائل التبانيات ، المسائل المحمديات ، المسائل الجرجانية ، المسائل الطوسية ، المسائل السلارية ، المسائل الدمشقية ، المسائل المصرية ، الفقه المكي ، تنزيه الأنبياء والأئمّة ، تفسير سورة الحمد وقطعة من سورة البقرة ، تفسير سورة ( هَلْ أَتى ، ) الشافي في الإمامة ، الطيف والخيال ، تتبع ابن جنّي ، وغرر الفوائد ودرر القلائد المعروف بأمالي السيد المرتضى ، قال فيه ابن خلكان : وهو كتاب ممتع يدل على فضل كثير وتوسع في الإطّلاع على

__________________

(١) أقول : وليس كذلك على ما توحيه عبارة الرّجل ، وأهل البيت أدرى بما فيه ، نعم السيد قدس‌سره له الأيادي الجليلة والجميلة على أبناء الطائفة لا يقوم لشكر عشر معشار منها ابناء الدنيا بأسرهم. ( الموسوي ).

٤٤٤

العلوم ، وديوان شعره يزيد على عشرين ألف بيت.

ومن شعره :

قال من قصيدة يرثي بها الإمام الحسين عليه‌السلام :

يا يوم عاشور كم طأطأت من بصر

بعد السموّ وكم أذللت من جيد

يا يوم عاشور كم أطردت لي أملا

قد كان قبلك عندي غير مطرود

أنت المرنّق عيشي بعد صفوته

ومولج البيض من شيبي على السود

جز بالطفوف فكم فيهن من جبل

خرّ القضاء به بين الجلاميد

وكم جريح بلا آس تمزّقه

إمّا النسور وإمّا أضبع البيد

يا آل أحمد كم تلوى حقوقكم

ليّ الغرائب عن نبت القراديد

وكم أراكم بأجواز الفلا جزرا

مبدّدين ولكن أيّ تبديد

حسدتم الفضل لم يحرزه غيركم

والناس ما بين محروم ومحسود

توفّي سنة ست وثلاثين وأربعمائة ، ودفن في داره ببغداد ، ثم نقل إلى جوار مشهد الإمام الحسين عليه‌السلام.

٤٤٥

موسوعة طبقات الفقهاء : ٥ / ٧٥

١٧٥٨

أبو الصلاح الحلبي (*)

( ٣٧٤ ـ ٤٤٧ ه‍ )

تقيّ بن نجم بن عبيد الله ، شيخ الإمامية أبو الصلاح الحلبي ، تلميذ الشريف المرتضى.

كان علاّمة في فقه أهل البيت عليهم‌السلام ، متكلما ، جليل القدر ، مصنّفا ، وله فتاوى تبعه عليها كبار الفقهاء.

ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، ورحل إلى العراق ثلاث مرات ، وقرأ على الشريف المرتضى ، وعلى الشيخ الطوسي (١) ، وهو أكبر منه.

__________________

(*) رجال الطوسي ٤٥٧ برقم ١ ، معالم العلماء ٢٩ برقم ١٥٥ ، فهرست منتجب الدين ٣٠ ، رجال ابن داود ٧٤ برقم ٢٦٦ ، رجال العلامة الحلي ٢٨ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٧٦ ، تاريخ الإسلام ( حوادث ٤٤١ ـ ٤٦٠ ) ١٤٣ برقم ١٩٢ ، لسان الميزان ٢ / ٢٧١ ، نقد الرجال ٦٢ برقم ١ ، مجمع الرجال ١ / ٢٨٧ ، جامع الرواة ١ / ١٣٢ ، أمل الآمل ٢ / ٤٦ برقم ١٢٠ ، وسائل الشيعة ٢٠ / ١٤٨ برقم ٢٠٢ ، بهجة الآمال ٢ / ٤٤٩ ، تنقيح المقال ١ / ١٨٥ برقم ١٤٣٧ ، أعيان الشيعة ٣ / ٦٣٤ ، الذريعة ٤ / ٣٦٦ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ٣٩ ، معجم رجال الحديث ٣ / ٣٧٧ برقم ١٩١٣ ، قاموس الرجال ٢ / ٢٥٤.

(١) كانت ولادته سنة ( ٣٨٥ ه‍ ).

٤٤٦

قال يحيى بن أبي طيء : هو عين علماء الشام ، المشار إليه بالعلم والبيان ، والجمع بين علوم الأديان وعلوم الأبدان.

وقال الذهبي : ذكر عنه صلاح وزهد وتقشّف زائد وقناعة مع الحرمة العظيمة والجلالة. وكان من أذكياء الناس وأفقههم وأكثرهم تفننا.

قرأ على أبي الصلاح جماعة من الفقهاء ، منهم : القاضي ابن البرّاج الطرابلسي ، والمفيد عبد الرحمن بن أحمد الخزاعي ، والتواب بن الحسن بن أبي ربيعة الخشاب البصري ، وثابت بن أسلم بن عبد الوهاب الحلبي ، وآخرون.

وصنّف في الفقه كتاب البداية ، وكتاب الكافي (١) وبدأه بالمباحث الكلامية وختمه بها ، وهو كتاب مشهور نقل عنه ابن إدريس في « السرائر » والعلامة الحلي في « المختلف » موارد من فتاواه.

وله تصانيف في الكلام ، منها : تقريب المعارف (٢) ، العمدة المسألة الشافية ، المسألة الكافية ، شرح الذخيرة للمرتضى ، وشبه الملاحدة ، وغيرها.

توفي بالرملة بعد رجوعه من الحجّ في المحرم سنة سبع وأربعين وأربعمائة.

__________________

(١) مطبوع.

(٢) مطبوع.

٤٤٧

موسوعة طبقات الفقهاء : ٥ / ١٢٢

١٨٠٢

سلاّر (*)

( ... ـ ٤٤٨ )

حمزة بن عبد العزيز ، ابو يعلي الدليمي الملّقب بسلاّر وقيل سالار.

وقد اشتهر بلقبه هذا حتى عرف به.

سكن بغداد ، وتلمذ على الشيخ المفيد ، ثم على الشريف المرتضى ، واختص به ، وبرع في الفقه ، وغيره.

وكان فقيها ، أصوليا ، متكلما ، أديبا ، نحويا ، معظّما عند استاذه المرتضى ، وربّما ناب عنه في تدريس الفقه ببغداد.

وكانا ذا شهرة واسعة بين الفقهاء.

__________________

(*) فهرست متنجب الدين ٨٤ برقم ١٨٣ ، معالم العلماء ١٣٥ برقم ٩٢٣ ، رجال ابن داود برقم ١٧٤ برقم ٧٠٠ ، رجال العلاّمة الحلي ٨٦ برقم ١٠ ، مجمع الرجال ٣ / ١٣٦ ، جامع الرواة ١ / ٣٦٩ ، أمل الآمل ٢ / ١٢٧ برقم ٣٥٧ ، وسائل الشيعة ٢٠ / ٢٠٨ برقم ٥٤٠ ، رياض العلماء ٢ / ٤٣٨ ، بهجة الآمال ٤ / ٣٩٩ ، تنقيح المقال ٢ / ٤٢ برقم ٥٠٠٥ ، أعيان الشيعة ٧ / ١٧٠ ، الأعلام ٢ / ٢٧٨ ، معجم رجال الحديث ٨ / ٨ برقم ٤٩١٩ ، معجم المؤلفين ٤ / ٧٠٩.

٤٤٨

قال فيه العلاّمة الحلي ( المتوفي ٧٢٦ ه‍ ) : شيخنا المقدّم في الفقه والأدب وغيرهما. كان ثقة وجها.

أخذ عن سلاّر جماعة من الفقهاء والعلماء ، منهم : الحسن بن الحسين بن بابويه جدّ منتجب الدين ، وعبد الرحمن بن أحمد الخزاعي المعروف بالمفيد النيسابوري ، وعبد الجبار بن عبد الله بن علي المقرئ الرازي ،

وأبو علي الطوسي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، وأبو الكرم المبارك بن فاخر النحوي ، وغيرهم (١).

وصنّف عدّة كتب ، منها : المقنع في المذهب ، التقريب في أصول الفقه ، المسائل السلارية التي سأل عنها الشريف المرتضى ، الردّ على أبي الحسين البصري في نقض « الشافي » للمرتضى ، التذكرة في حقيقة الجوهر والعرض ، والمراسم العلوية في الأحكام النبوية.

والكتاب الأخير هو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من سائر كتبه ، ويتضمن دورة فقهية كاملة مختصرة ، وقد يعبّر عنه بالرسالة اختصارا ، وقد طبع عدة مرّات.

توفّي سلاّر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وقيل : ثلاث وستين وأربعمائة.

وذكر عبد الله أفندي التبريزي أنّ قبره في خسرو شاه من نواحي بريز يزار ، وقد بقي إلى الآن يزوره العلماء.

__________________

(١) وهم صاحب « أعيان الشيعة » فعدّ أبا الفتح عثمان بن جني النحوي ( المتوفى ٣٩٢ ه‍ ) في جملة تلامذة سلاّر ، ونقل حكاية عن إدراك ابن جني له ، وهو شيخ كبير ، ولعل الحكاية معكوسة ، كما وهم أيضا في عدّ منتجب الدين ( المولود ٥٠٤ ه‍ ) من تلامذته أيضا.

٤٤٩

موسوعة طبقات الفقهاء : ٥ / ٣٥

١٧١٧

النجاشي (*)

( ٣٧٢ ـ ٤٥٠ ه‍ )

أحمد بن علي بن أحمد بن العباس الأسدي ، العالم الرجالي الكبير أبو العباس النجاشي ، البغدادي ، قيل : ويعرف بابن الكوفي (٢).

مولده في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

قرأ القرآن ـ وهو صغير ـ في مسجد اللؤلؤي ببغداد ، وهو مسجد نفطويه النحوي.

__________________

(*) رجال النجاشي ١ / ٢٥٢ برقم ٢٥١ ، رجال ابن داود ٣٢ برقم ٩٤ ، رجال العلاّمة الحلّي ٢٠ برقم ٥٣ ، نقد الرجال ٢٥ برقم ٩٣ ، مجمع الرجال ١ / ١٢٧ ، جامع الرواة ١ / ٥٤ ، وسائل الشيعة ٢٠ / ١٢٩ برقم ٨٤ ، رجال بحر العلوم ٢ / ٣٥ ، روضات الجنات ١ / ٦٠ برقم ١٣ ، بهجة الآمال ٢ / ٨٢ ، تنقيح المقال ١ / ٦٩ برقم ٤١٦ ، أعيان الشيعة ٣ / ٣٠ ، فوائد رضوية ١٩ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٩ ، الأعلام ١ / ١٧٢ ، معجم رجال الحديث ٢ / ١٥٦ برقم ٦٨٢ ، قاموس الرجال ١ / ٣٤٤ ، معجم المؤلفين ١ / ٣١٧ ، كليات في علم الرجال ٥٥.

(١) أقول : كونه معروفا بابن الكوفي من المسلّمات التي لا مجال للتشكيك فيها ، وعليه : فلا وجه لنسبة ذلك إلى القيل المشعر بعدم صحّة النسبة. ( الموسوي ).

٤٥٠

وطلب العلم في صباه ، فحضر مجلس التلعكبري ( المتوفى ٣٨٥ ه‍ ) في داره مع إبنه ( أبي جعفر ) والناس يقرؤون عليه.

وسمع أبا المفضل الشيباني ( المتوفى ٣٨٧ ه‍ ).

وكان بصيرا بعلم الرجال ، خبيرا به ، ضابطا له.

قال العلامة محمد مهدي بحر العلوم : هو أحد المشايخ الثقات العدول الأثبات ، من أعظم أركان الجرح والتعديل وأعلم علماء هذا السبيل.

وقال فيه العلامة جعفر السبحاني : نقّاد هذا الفنّ ، ومن أجلاّئه وأعيانه ، ومن حاز قصب السبق في ميدانه.

صنّف كتابا في الرجال (١)(٢) ، روى فيه كتب وأصول طائفة من أعلام الشيعة عن جملة من المشايخ ، منهم : الشيخ المفيد ، وأحمد بن عبد الواحد البزاز ، وأسد بن إبراهيم بن كليب الحراني ، وعلي بن شبل بن أسد ، ومحمد بن علي بن شاذان ، وأحمد بن محمد بن عمر المعروف بابن الجندي ، وابن نوح الشيرافي.

__________________

(١) أقول : بل في الفهرست. ( الموسوي ).

(٢) أقول : ولسيدنا الاستاذ الاعظم الراحل فقيه أهل البيت عليهم‌السلام السيد محمد علي الموسوي الابطحي اعلى الله تعالى درجاته الشريفة شرح واف على كتاب فهرس النجاشي لم يسبق بنظير يقرب من خمسة عشر مجلّدا وعليه مقدّمة علميّة ضافية ترجم فيها للنجاشي على التفصيل ولم يدع شاردة ولا واردة إلاّ ذكرها طبع من هذا الشرح خمس مجلدات بإسم « تهذيب المقال » والباقي لا يزال مخطوطا ومن الغريب عدم تعرّض صاحب طبقات الفقهاء لهذا الكتاب الشريف مع عظمته وأهمّيّته واستقصاءه ، بل لم يكتب في الطائفة مثله على طول الخط التاريخي والأستاذ قدس‌سره أوّل من طرق هذا الباب ولا ثاني له على الإطلاق. ( الموسوي ).

٤٥١

وقرأ كتبا في الفقه والحديث والأدب ، منها : كتاب الصلاة الكبير لحريز بن عبد الله ، قرأه على القاضي محمد بن عثمان النصيبي ، وكتاب الحج لعلي بن عبد الله ابن عمران القرشي ، قرأه على مصنّفه ، وبعض كتب الشيخ الصدوق ، قرأها على أبيه علي بن أحمد النجاشي ، وكتاب الصيام لعلي بن الحسن بن فضال ، قرأه على أحمد بن عبد الواحد.

وروى عن الحسين بن عبيد الله الغضائري ، وله منه إجازة بجميع رواياته ومصنفاته.

وكان متحرّزا في الرواية عن الضعفاء والمتهمين ، ذا مكانة عند شيوخ عصره.

وهو الذي تولّى ـ مع الفقيهين أبي يعلى الجعفري وسلاّر ـ غسل الشريف المرتضى.

صنّف كتاب الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل ، وكتاب أنساب بني نصر بن قعين ـ وهم أجداده ـ وأيامهم وأشعارهم ، وكتاب مختصر الأنوار ومواضع النجوم التي سمّتها العرب ، وكتاب الجمعة وما ورد فيه من الأعمال.

وروى له الشهيد الأوّل في « الأربعون حديثا » عدّة أحاديث ( منها الحديث الأربعون وهو حديث طويل ) رواها النجاشي عن الشيخ المفيد ، والحسين الغضائري ، وابن نوح السيرافي ، وأبي الفرج القناني ، وابن عبدون ، ورواها عنه أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني.

توفي سنة خمسين وأربعمائة.

٤٥٢

وهو من بيت معروف ، فأبوه علي بن أحمد كان من العلماء والمحدّثين ، وكذا جدّه أحمد بن العباس.

أمّا جدّه الأعلى عبد الله النجاشي ، فكان واليا على الأهواز في زمن المنصور العباسي ، وكتب إلى الإمام الصادق عليه‌السلام يسأله عن كيفية العمل والسيرة مع الرعيّة ، فكتب إليه رسالة عبد الله النجاشي المعروفة.

٤٥٣

موسوعة طبقات الفقهاء : ٥ / ٢٧٩

١٩٦٢

الشيخ الطوسي (*)

( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍ )

محمد بن الحسن بن علي ، الشيخ أبو جعفر الطوسي ، المعروف بـ ( شيخ الطائفة ) ، مصنّف « تهذيب الأحكام » (١) و « الاستبصار » ، وهما من الكتب الأربعة

__________________

(*) رجال النجاشي : ٣٣٢ برقم ١٠٦٩ ، معالم العلماء ١١٤ برقم ٧٦٦ ، المنتظم ١٦ / ١٦ ، ١١٠ برقم ٣٣٩٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٨٠٩ ، رجال العلامة الحلي ١٤٨ برقم ٤٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٣٤ برقم ١٥٥ ، تاريخ الإسلام ( حوادث ٤٥١ ـ ٤٦٠ ) ٤٩٠ برقم ٢٦٨ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٣٤٩ برقم ٨٠٩ ، طبقات النافعية الكبرى للسبكي ٤ / ١٢٦ برقم ٣١٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٠٤ ، لسان الميزان ٥ / ١٣٥ برقم ٤٥٢ ، النجوم الرزاهرة ٥ / ٨٢ برقم ١٠ ، نقد الرجال ٣٠١ برقم ٢٤٤ ، مجمع الرجال ٥ / ١٩١ ، جامع الرواة ٩٥ ، بهجة الآمال ٦ / ٣٦٠ ، تنقيح المقال ٣ / ١٠٤ برقم ١٠٥٦٣ ، تأسيس الشيعة ٣٣٩ ، أعيان الشيعة ٩ / ١٥٩ ، الكنى والألقاب ٢ / ٣٩٤ ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٢ / ١٤ برقم ٤٣ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٦١ ، معجم رجال الحديث ١٥ / ٢٤٣ برقم ١٠٤٩٩ ، قاموس الرجال ٨ / ١٣٤ ، معجم المؤلفين ٩ / ٢٠٢.

(١) قال الفقيه الكبير السيد البروجردي في مقدمته لكتاب « الخلاف » للشيخ الطوسي : وأنت إذا نظرت إلى الكتابين ، يعني الصلاة ، والطهارة من « تهذيب الأحكام » اللّذين كتبهما في

٤٥٤

عند الإمامية التي عليها مدار استنباط الأحكام.

ولد في طوس سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، وارتحل إلى بغداد سنة ثمان وأربعمائة ، واستوطنها ، وأخذ عن الشيخ المفيد ، ولازمه ، واستفاد منه كثيرا ، ثم لازم ـ بعد وفاة المفيد ( سنة ٤١٣ ه‍ ) ـ الشريف المرتضى ، وحظي بعنايته وتوجيهه لما ظهر عليه من النبوغ والتفوق ، وعيّن له استاذه المرتضى اثني عشر دينارا في كل شهر ، ولما توفي المرتضى ( سنة ٤٣٦ ه‍ ) استقل الطوسي بالزعامة الدينية ، وارتفع شأنه ، وذاع صيته.

روى المترجم عن طائفة من المشايخ ، منهم : أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزار المعروف بابن عبدون ، وأحمد بن محمد بن موسى المعروف بابن الصلت الأهوازي ، وأبو الحسين علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد القمي ، وأبو القاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل ، وأبو الفتح هلال بن محمد الحفار ، وأبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السامرائي ، وجعفر بن الحسين بن حسكة القمي.

روى عنه : آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي ، وأحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري ، وابنه عبد الرحمن بن أحمد الخزاعي ، وأبو الخير بركة بن محمد بن بركة الأسدي ، وعبد الجبار بن عبد الله المقرئ الرازي ، وأبو عبد الله الحسين بن المظفر ابن علي الحمداني ، والقاضي ابن البرّاج الطرابلسي ، وطائفة.

__________________

حياة شيخه المفيد ( المتوفى ٤١٣ ه‍ ) وما جادل به المخالفين في المسائل الخلافية كمسألة مسح الرجلين وما أفاده في مقام الجمع بين الأخبار واختياراته في المسائل ، وما يستند إليه فيها ، وما يورده من الأخبار في كل مسألة تخيّلته رجلا من أبناء السبعين.

٤٥٥

وكان الطوسي من بحور العلم ، متوقّد الذكاء ، عالي الهمّة ، واسع الرواية ، كثير التصنيف ، ازدحم عليه العلماء والفضلاء ، وحصل له من التلامذة ما لا يحصى كثرة.

قال فيه العلاّمة الحلي ( المتوفى ٧٢٦ ه‍ ) : شيخ الإمامية ووجههم ورئيس الطائفة ، جليل القدر عظيم المنزلة ، ثقة ، صدوق ، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب إليه ، صنّف في كلّ فنون الإسلام ، وهو المهذّب للعقائد في الأصول والفروع.

وقال الشيخ محمد أبو زهرة المصري ( أحد كبار علماء السنة ) : كان شيخ الطائفة في عصره غير منازع وكتبه موسوعات فقهية وعلمية ، وكان مع علمه بفقه الإمامية ، وكونه أكبر رواته على علم بفقه السنّة ، وله في هذا دراسات مقارنة ، وكان عالما في الأصول على المنهاجين الإمامي والسنّي.

وقال : لا بدّ أن نذكر تقديرنا العلمي لذلك العالم العظيم ، ولا يحول بيننا وبين تقديره نزعته الطائفية أو المذهبية ، فإنّ العالم يقدّر لمزاياه العلمية لا لآرائه ونحلته (١).

أقول : شتان بين قول ( أبو زهرة ) هذا في الطوسي وبين قول الذهبي فيه ـ والذي أساء به إلى نفسه : ـ كان يعدّ من الأذكياء ، لا الأزكياء (٢) ( وكل إناء بالذي فيه ينضح ).

وكان الشيخ الطوسي ـ كما أسلفنا ـ مقيما ببغداد ، وكانت داره منتجعا لروّاد

__________________

(١) الإمام الصادق.

(٢) سير أعلام النبلاء : ١٨ / ٣٣٥.

٤٥٦

العلم ، وبلغ الأمر من الإكبار له أن جعل له القائم بأمر الله العباسي كرسي الكلام والإفادة.

ولما أورى السلجوقيون نار الفتنة المذهبية ، وأغروا العوام بالشر ، أحرقت في سنة ( ٤٤٧ ه‍ ) مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي ، ثم توسّعت الفتنة ، فشملت الطوسي نفسه ، فاضطر إلى مغادرة بغداد والهجرة إلى النجف الأشرف.

قال ابن الأثير ( في حوادث سنة ٤٤٩ ه‍ ) : فيها نهبت دار أبي جعفر الطوسي بالكرخ وهو فقيه الإمامية ، وأخذ ما فيها ، وكان قد فارقها إلى المشهد الغروي.

وفي النجف الأشرف اشتغل شيخ الطائفة بالتدريس والتأليف والهداية والإرشاد ، ونشر علمه بها ، فصارت النجف منذ ذلك الوقت وحتى هذا اليوم مركزا للعلم وجامعة كبرى للإمامية ، وقد تخرّج منها خلال هذه السنين المتطاولة الآلاف من العلماء في الفقه والتفسير والفلسفة واللغة وغير ذلك.

وللطوسي تصانيف كثيرة ، منها : المبسوط في فروع الفقه كلها ويشتمل على ثمانين كتابا ، النهاية في الفقه ، العدّة في أصول الفقه ، الإيجاز في الفرائض ، مسائل ابن البرّاج ، المسائل الجلية ، المسائل الرازية ، المسائل الدمشقية ، المسائل الحائرية ، تلخيص الشافي للمرتضى ، الرجال ، فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين (١) ،

__________________

(١) أقول : ولسيّدنا الأستاذ الأعظم الرّاحل السيد محمد علي الأبطحي شرح واف لهذا الكتاب الشريف زهاء عشر مجلّدات لا يزال مخطوطا. ( الموسوي )

٤٥٧

المفصح في الإمامة ، والخلاف في الأحكام ويسمى ( مسائل الخلاف ) (١).

وله التبيان في تفسير القرآن ، وهو لا يزال مفخرء علماء الإمامية (٢).

توفي في النجف الأشرف في الثاني والعشرين من المحرم سنة ستين وأربعمائة ، ودفن في داره ثم تحوّلت الدار بعده مسجدا في موضعه اليوم حسب وصيته ، وهو مزار يتبرك به الناس ، ومن أشهر مساجد النجف.

__________________

(١) قال في أول كتابه هذا : سألتم أيدكم الله إملاء مسائل الخلاف بيننا وبين من خالفنا من جميع الفقهاء من تقدّم منهم ومن تأخّر ، وذكر مذهب كل مخالف على التعيين ، وبيان الصحيح منه ، وما ينبغي أن يعتقد وأن أقرن كل مسألة بدليل نحتج به على من خالفنا موجب للعلم من ظاهر القرآن ، أو سنة مقطوع بها ، أو إجماع ، ...

(٢) أعيان الشيعة : ٩ / ١٦١.

٤٥٨

القرن السادس

١ ـ أمين الاسلام الطبرسي ( م سنة ٥٤٨ ه‍ )

٢ ـ ولده صاحب مكارم الاخلاق ( م سنة ... هـ )

٣ ـ عماد الدين الطبري ( م سنة ٥٥٤ ه‍ )

٤ ـ الطبرسي صاحب الإحتجاج ( م سنة ٥٦٠ ـ هـ )

٥ ـ ابن حمزة الطوسي ( م سنة ٥٦٠ ه‍ )

٦ ـ قطب الدين الرّاوندي ( م سنة ٥٧٣ ه‍ )

٧ ـ شاذان بن جبرئيل القمي ( م سنة ٥٨٤ ه‍ )

٨ ـ ابن زهرة الحلبي ( م سنة ٥٨٥ ه‍ )

٩ ـ سديد الدين محمود الحمّصي ( م سنة ٥٨٥ ه‍ )

١٠ ـ ابن شهرآشوب المازندراني ( م سنة ٥٨٨ ه‍ )

١١ ـ محمد بن إدريس الحلّي ( م سنة ٥٩٨ ه‍ )

٤٥٩
٤٦٠