بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٨

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-351-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٨٢٠

بل قد عرفت : إمكان الجمع في أخبار الأحكام بهذا المعنى أيضا وإن كان المتعارضان نصّين بحسب الدّلالة ، إلاّ أنّ الحقّ فيها لمّا كان للشّارع فلا يفرّق بحسب الاعتبار بينه وبين الطّرح ، وهذا بخلاف الأخبار في الموضوعات والبيّنات ؛ فإنّ الحقّ فيها مردّد بين شخصين فكان إيصال الحقّ إلى صاحبه في الجملة أولى من حرمانه الرّأسي ، فيكون الجمع بحسب الاعتبار أولى من الطّرح فيها. ومن هنا يمكن التّفكيك في القاعدة بين المقام والبيّنات إذا لوحظ الجمع بهذا المعنى ، إلاّ أنّه لمّا لم يكن دليل عليه بهذا المعنى بقول مطلق فيتبع المورد الخاصّة ولم يحكم بكونه على طبق القاعدة والأصل.

ومن هنا قلنا : بأنّ مقتضى القاعدة عند فقد الموازين الخاصّة القرعة بعد الحكم بتساقط البيّنتين المتعارضتين بناء على عدم التّرجيح في البيّنات إلاّ بالمرجّحات الخاصّة المنصوصة كأعدليّة الشّهود وأكثريّتها كما هو المختار والمشهور ، أو عدم صلاحيّة القرعة للتّرجيح بها من حيث بنائها على التّعبّد فيكون مرجعا لا مرجّحا.

نعم ، فيما أعرضوا عنها ولم يحكموا بها لا نضايق من القول به ، كما أنّه لمّا لم يكن دليل على الجمع بالمعنى المعروف في أدلّة الأحكام عندنا بقول مطلق دار الحكم به مدار الشّاهد عليه من الدّاخل أو الخارج. وبما حرّرنا كلّه يظهر لك التّوفيق بين كلمات شيخنا الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) في تحرير المقام وعدم التّدافع بينها كما توهّم.

١٢١

نعم ، قوله : ( وهذا النّحو غير ممكن في الأخبار ... إلى آخره ) (١) قد يناقش فيه : بأنّ الجمع الّذي بني عليه في البيّنات على تقدير القول به هو التّصديق البنائي الظّاهري ، وإلاّ فقد يعلم بكذب إحدى البيّنتين وصدق الأخرى فيعلم بخطأ التّبعيض كما هو الغالب ، فالمثبت في البيّنات هو الّذي استدركه بقوله : ( نعم ، قد يتصوّر التّبعيض في ترتيب الآثار ... إلى آخره ) (٢) وإليه يرجع الطّرح في العامّين من وجه.

فصدور القول الخاص من الإمام عليه‌السلام وعدمه وإن كانا غير ممكنين بحسب الواقع ؛ لامتناع اجتماع النّقيضين ، إلاّ أنّهما ممكنان بحسب الظّاهر ، كما أنّه يمكن التّفكيك في الزّوجيّة والنّسب بهذا المعنى أيضا.

نعم ، شركة المتداعيين في العين الواحدة ممكنة بحسب الواقع ، بخلاف صدور القول الواحد وعدمه وعليه بنى كلامه ( دام ظلّه العالي ) في الفرق. والإنصاف : أنّ ما أفاده في تحرير المقام لا يخلو عن تشويش وإن أمكن الجمع بين كلماته.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٠.

(٢) المصدر السابق.

١٢٢

أحكام التعارض

* المقام الأوّل : في المتعادلين

* مقتضى الأصل الاوّلي في المتعادلين

* مقتضى الدليل الوارد

* تنبيهات تعادل الخبرين

* لابدّيّة الفحص عن المرجّحات في المتعارضين

١٢٣
١٢٤

* المقام الأوّل في المتكافئين

(٥) قوله ( دام ظلّه ) : ( المقام الأوّل : في المتكافئين والكلام فيه : أوّلا ... إلى آخره ). ( ج ٤ / ٣٣ )

أقول : الكلام في التّعادل وإن وقع في كلماتهم في مواضع : في مفهومه ، وإمكانه ، ووقوعه ، وحكمه ، بل أطال القول غير واحد في مفهومه وإمكانه وحكي عن غير واحد منعه ، إلاّ أنّ وضوح الأمر فيها يغني عن التّكلّم في غير حكمه ؛ لأنّ مفهومه بحسب اللّغة والعرف العام سواء أخذ من « العدل » ـ بالكسر ـ أو منه ـ بالفتح ـ معروف ، وبحسب العرف الخاصّ إن بني على النّقل معلوم وإن اختلفت عباراتهم في بيانه ، إلاّ أنّه لا اختلاف فيه بحسب المعنى ؛ لأنّه تكافؤ الأمارتين المتعارضتين في النّظر بحسب ما يوجب ترجيح إحداهما في حكم الشّارع فلا معنى لأخذ النّسبة والثّمرة بين التّعاريف.

مع أنّه يمكن القول بعدم النّقل من حيث كونه مأخوذا من ـ « العدل » ـ بالكسر بمعنى الشّوق والميل ، أو من ـ « العدل » ـ بالفتح ـ من التّساوي.

وإمكانه بحسب كلّ من الواقع والنّظر لا محذور فيه أصلا ، مع أنّ التّعرض لحكمه في أخبار الباب يغني عن التكلّم في الإمكان بل الوقوع فلا بدّ من صرف العنان إلى التّكلّم في حكمه.

١٢٥

والكلام فيه : قد يقع فيما يقتضيه الأصل والقاعدة الأولويّة مع قطع النّظر عن مقتضى الدّليل الوارد ، وقد يقع فيما يقتضيه الدّليل في المتعارضتين بقول مطلق ، أو خصوص المتعارضين من الأخبار ، كما أنّ مقتضى الأصل لا يلاحظ بالنّسبة إلى خصوص عنوان التعادل فربّما يستفاد حكمه من مقتضى الأصل في عنوان التّعارض ؛ نظرا إلى كونه من أفراده وانطباقه عليه.

ثمّ إنّ الكلام من الجهة الأولى :

يقع تارة : من حيث اقتضاء الأصل التّساقط وعدمه.

وأخرى : في بيان ما يقتضيه على الثّاني من الوجوه المذكورة في « الكتاب ».

المقام الأوّل :

مقتضى الأصل والقاعدة الأوّليّة في حكم المتعادلين

فنقول : قد يقال بل قيل : بأنّ مقتضى الأصل التّساقط بمعنى عدم شمول دليل اعتبار الأدلّة والأمارات المعتبرة لصورة التّعارض سواء كان مستندا إلى المانع عن الشّمول فيما كان من الأدلّة اللّفظيّة بالتّقريب المذكور في « الكتاب » ، أو إلى عدم المقتضي له فيما كان من الأدلّة اللّبيّة كالإجماع بقسميه من القولي والعملي ، وإن زيّفه في « الكتاب » بما يرجع حاصله : إلى إثبات اتّحاد مفاد الدّليلين في المقام ، وإلاّ لم يكن معنى للتعارض ؛ فإنّا لا نعني به إلاّ تنافي الدّليلين مع بقائهما على هذا العنوان في مورد التّعارض بحيث لا يكون المانع عن العمل بهما ، إلاّ تعارضهما فتأمّل.

١٢٦

والمختار عند شيخنا الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) فساد ما زعموه سواء على القول بالسّببيّة في حجيّة الأمارات ، أو الطّريقيّة فقد أطال الكلام في تقريب المرام على كلّ من القولين والوجهين لخفاء المطلب ودقّته.

وحاصل ما أفاده على الوجه الأوّل : أنّ المستعمل فيه والمراد أمر وحداني لا يختلف حاله بحسب التّعارض وعدمه ؛ فإنّ المراد من دليل الحجيّة ووجوب العمل هو الوجوب التّعييني مطلقا ، إلاّ أنّ التّكليف بجميع أقسامه لمّا كان في حكم العقل مشروطا بالقدرة من غير فرق بين الحكم الأصولي والفرعي ، وكان المكلّف قادرا على العمل بكلّ من المتعارضين مع عدم العلم بالآخر بحكم الوجدان ، كما أنّه غير قادر على العمل به مع العمل بالآخر كان الحاصل : وجوب العمل بكلّ واحد مع ترك العمل بالآخر فالنّتيجة التّخيير ، لكن لا من جهة استعمال اللّفظ فيه حتّى يتوجّه عليه : محذور استعمال اللّفظ في معنيين ، ولا من جهة إنشاء العقل حتّى يكون عقليّا كما في دوران الأمر بين الوجوب والتّحريم ؛ ضرورة امتناع اجتماع وجوبي التّخييري والتّعييني وإن كان أحدهما عقليّا والآخر شرعيّا ، مضافا إلى كونه خلاف الواقع والوجدان.

ومن هنا قلنا في محلّه : بأنّ ما اشتهر من حكم العقل بالوجوب التّخييري بين الأفراد فيما تعلّق الأمر بإيجاد الطّبيعة ، أو بين أجزاء الزّمان في الواجبات الموسّعة ليس على ما يتراءى من ظاهره ؛ ضرورة أنّ ما يوجد في الخارج من الحصّة يتّصف بالوجوب التّعييني لا محالة ؛ لأنّه عين الطّبيعة المطلوبة بالوجوب التّعييني ، فكيف يتّصف بالوجوب التّخييري؟ فالمراد من التّخيير العقلي هو مجرّد تسوية الأفراد في وجدان العقل في انطباق الطّبيعة عليها.

١٢٧

ومن هنا يظهر : فساد توهّم التّخيير الإنشائي في الواجب الموسّع بالنّسبة إلى أجزاء الزّمان أيضا ، فالتّخيير في المقام يشبه التّعيين في الواجب التّخييري إذا تعذّر بعض أفراده ؛ فإن نتيجة الوجوب التّخييري المتعلّق بشيئين أو أشياء عند تعذّر أحد الفردين أو الأفراد هو الوجوب التّعييني فيما تيسّر ، لا أن يحدث إنشاء آخر من الشّارع عند التّعذر والعينيّة الحاصلة في الواجب الكفائي عند انحصار من به الكفاية في شخص ؛ فإنّه لم يحدث في حقّه من الشّارع خطاب آخر غير الخطاب الكفائي. فالحاصل من الوجوب التّعييني المتعلّق بطبيعة أو طبيعتين عند تزاحم الفردين منها أو منهما : هو الوجوب التّخييري لا بإنشاء آخر من الشّارع ولا بإنشاء من العقل.

وهذا ما ذكرنا : من أنّ نتيجة الوجوب التّعييني المتعلّق بطبيعة واحدة عند تزاحم الفردين منها ، أو طبيعتين عند تزاحم الفردين منهما ـ بملاحظة اشتراط جميع التّكاليف بل الأحكام بالقدرة في حكم العقل ـ هو الوجوب التّخييري ، فكلّ ما اختاره المكلّف من المتزاحمين يتّصف في الخارج بما يتّصف به عند عدم المزاحمة بحسب الحقيقة ؛ لأنّ الوجوب التّعييني تابع للمصلحة الكامنة في الفعل على وجه التّعيين ، غاية ما هناك : عجز المكلّف وقصوره عن إدراكها وهذا الوجوب التّخييري كما ترى ، لا يضادّ التّعيين بل هو عينه وإن اختلف التّعبير فلا يلزم اجتماع الحكمين.

ثمّ إنّ هذا الذي عرفت مطّرد في جميع موارد تزاحم الواجبات إذا كانت في مرتبة واحدة ولم يكن بعضها أهمّ وأقوى وآكد مصلحة ، كتزاحم صلاتين إذا كانتا في مرتبة واحدة ، وإنقاذ غريقين بالشّرط المذكور إذا لم يتمكّن المكلّف من

١٢٨

الجمع ولو بحسب ضيق الوقت كما في صلاتين ، وقد يتصوّر التّزاحم في المحرّمات أيضا عند الاضطرار ، وحكمه حكم التّزاحم في الواجبات فيجب على المكلّف تخييرا إمتثال أحد النّهيين إذا كانا في مرتبة واحدة ، فالحكم في جميع موارد التّزاحم بعد إحراز وجود المصلحة الفعليّة في المتزاحمين كما هو مناط التّزاحم على ما عرفت ؛ إذ لو فرض عدم تعيّن الإتيان ببعضها مع عدم الإتيان ببعضها الآخر لزم الاشتراط بشيء آخر غير القدرة وهو خلف.

وإلى ما ذكرنا يرجع ما أفاده بقوله : ( فوجوب الأخذ بأحدهما نتيجة (*) وجوب الامتثال والعمل بكلّ منهما ، بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة ) (١).

نعم ، فيما كان أحدهما أهمّ يتعيّن الإتيان به مطلقا ولا يجوز الإتيان بغيره كذلك لا من جهة تعلّق النّهي ، بل من جهة عدم تعلّق الطّلب فيكون فاسدا إذا كان من العبادات ، خلافا لفقيه عصره في « كشفه » (٢) ومن تبعه (٣) ممّن قال بالتّرتّب في المقام وفي مسألة الضدّ كما أشرنا إليه. وإلى ما فيه في الجزء الثّاني من التّعليقة (٤).

هذا حاصل ما استفدناه من إفاداته في « الكتاب » ومجلس المذاكرة بتوضيح منّا حسبما يساعده فهمي القاصر على تقدير كون الأمر بالعمل بالأخبار

__________________

(*) كذا وفي نسخة الفرائد المطبوعة : « نتيجة أدلّة وجوب الإمتثال ... ».

(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٦.

(٢) كشف الغطاء : ج ١ / ١٧٠.

(٣) وهو صهره شيخ المحققين في هداية المسترشدين : ج ٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧٢.

(٤) بحر الفوائد : ج ٢ / ٢١٣.

١٢٩

وغيرها من الأمارات من باب السّببيّة والموضوعيّة.

وأمّا حاصل ما أفاده في وجه فساد توهّم التّساقط على الطّريقيّة ـ ولو من جهة قيامها بالسّبب الخاص المعبّر عنه بالظّن الخاصّ ـ فهو : أنّ مناط الحجيّة ووجوب العمل وإن كان مرتفعا عن كلام المتعارضين ـ ولو كان الملحوظ في مقام الجعل هو الظّن النّوعي والكشف الغالبي وغلبة المطابقة للواقع لا الظّن الشّخصي ؛ ضرورة ارتفاع المناط المذكور عنهما مع العلم بعدم مطابقة أحدهما للواقع وامتناع قيامه بهما ، أو بأحدهما المعيّن في الواقع ، أو عندنا ، أو بأحدهما المردّد ، أي : بهذا المفهوم ؛ إذ الصّالح المتوهّم من الوجوه المذكورة ليس إلاّ الثّاني بتوهّم : جعل الحجّة ما طابق الواقع من الخبرين في نظر الشّارع وإن تردّد عندنا ، كما في موارد اشتباه الحجّة بما ليس بحجّة كالصّحيح المردّد بين الخبرين وهو غير صالح جزما ؛ لاستحالة تعلّق الجعل ظاهرا وواقعا بالعنوان المذكور بعد فرض امتناع جعل العلم ولزوم صلاحيّة العنوان المأخوذ في موضوع الحكم ؛ لتعلّق الحكم به مع العلم به تفصيلا كما عرفته في الصّحيح المردّد ـ إلاّ أنّ ارتفاعه إنّما هو بالنّسبة إلى ما تعارضا فيه لا بالنّسبة إلى غيره فضلا عمّا تعاضدا على إثباته. فبالنّسبة إلى نفي الثّالث لا مانع من الأخذ بهما لكونهما متعاضدين في الدّلالة عليه ، ونتيجته ـ كما ترى ـ : الرّجوع إلى الأصل العملي المطابق لأحدهما إن كان ، ولو على القول بالتّرجيح بالأصل الفاسد عندنا ؛ لأنّ البحث فيما يقتضيه الأصل والقاعدة مع قطع النّظر عمّا يقتضيه الدّليل الوارد.

ومنه يظهر : المناقشة فيما أفاده شيخنا في « الكتاب » : من التّقييد بقول : ( إن

١٣٠

لم نرجّح بالأصل ) (١) وإن لم يكن هناك أصل على طبق أحدهما فيحكم بالتّخيير والأخذ بمفادهما ، كما لو علم بعدم الثّالث فهو تخيير عقليّ بين الاحتمالين من سنخ التّخيير في دوران الأمر بين الوجوب والتّحريم ؛ فإنّ مسألتنا أعمّ من تلك المسألة من جهات وإن كانت تلك المسألة أعمّ من مسألتنا من جهة ، فالنّتيجة إذن التّوقف البرزخ بين التّساقط عن رأس وبقول مطلق ، والحجيّة بالنّسبة إلى مورد التّعارض كما هو الثّابت على السّببيّة المحضة على ما عرفت شرح القول فيه ، فالعمل بالتّساقط ساقط على كلّ وجه وقول.

فإن قلت : نفي الثّالث على ما ذكرت إنّما هو من باب اللّزوم ودلالة كلّ من المتعارضين على ما ينافيه وليس مدلولا مستقلاّ لهما يراعى مع انتفاء ما يلزمه ، ومن المعلوم ضرورة قضاء التّبعيّة واللّزوم انتفاء اللاّزم مع انتفاء الملزوم فلا مناص من القول بالتّساقط والرّجوع إلى الأصل مطلقا ، ولو كان هو التّخيير في المسألة الفرعيّة إذا فرض دوران الأمر بين المحذورين.

قلت : ما ذكر : من كون الدّلالة على نفي الثّالث بالدّلالة التّبعيّة واللّزوم مسلّم لا شبهة فيه ، إلاّ أنّ الدّلالة التبعيّة تابعة للدّلالة الأصليّة بحسب الوجود لا بحسب الاعتبار ، والحكم من جهتها بثبوت المدلول. ومن هنا يحكم بالمسألة الفرعيّة ممّا دلّ على المسألة الأصوليّة الاعتقاديّة أو اللّغويّة على القول بعدم حجيّة خبر الواحد فيهما.

والحاصل : أنّ التّفكيك بحسب الاعتبار ممّا لا غبار فيه أصلا بعد فرض

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٨.

١٣١

وجود الدّلالتين على ما أسمعناك مرارا في بحث حجيّة أخبار الآحاد ، كما أنّه قد ينعكس الأمر ويؤخذ بالدّلالة الأصليّة ويطرح التّبعيّة كالخبر الحاكي عن المسألة الفرعيّة المتفرّعة على المسألة الكلاميّة مثل : ما دلّ على نجاسة المجسّمة (١).

فإن قلت : ما ذكر في المقام من التّفكيك في الاعتبار بين الدّلالتين ينافي ما تقرّر في باب الإجماع المركّب والتّواتر الإجمالي : من اعتبار كون نفي الثّالث ، أو إثبات القدر المشترك مقصودا مستقلاّ للمجمعين والمخبرين وعدم كفاية لزومهما للإفتاء بالخصوصيّات والإخبار عنها على ما تقدّم تفصيل القول فيه في الجزء الأوّل من التّعليقة.

قلت : لا تنافي بين ما ذكرنا في المقام وما ذكر هناك أصلا ؛ ضرورة توقّف تحقّق الإجماع والتّواتر على وجود الفتوى والخبر ، ومجرّد اللّزوم لا يوجب تحقّقهما ، وليس ما ذكر في المقام مبنيّا على تعدّد الخبر بالنّسبة إلى الملزوم واللاّزم ، بل على مجرّد الكشف والطّريقيّة المطلقة بناء على ما أسمعناك في بحث حجيّة الأخبار ، بل مطلق الطّرق الظّنية : من أنّ مقتضى دليل اعتبارها هو الأخذ بما لها من الكشف بقول مطلق وترتيب جميع ما يترتّب من اللّوازم الشّرعيّة على تقدير العلم بثبوت مدلولها ولو بوسائط عديدة غير شرعيّة.

ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرنا فيما لم يعلم بثبوت مدلول أحد المتعارضين ، وإلاّ فلا حاجة إلى الكلفة المذكورة في نفي الثّالث كما هو واضح.

__________________

(١) انظر الأحاديث التالية في الباب ١٠ من أبواب حدّ المرتد من كتاب الحدود والتعزيرات من وسائل الشيعة ج ٢٨ / ٣٣٩ ـ ٣٤٨ : ( ١ و ٣ و ٥ و ١٦ و ١٧ و ٢٦ و ٣٠ ).

١٣٢

ثمّ إنّه لو علم حال المتعارضين : من حيث الموضوعيّة والطّريقيّة وبني على إحداهما كان الحكم على كلّ وجه ما بنى عليه شيخنا الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) وبيّن حكمه ، ولو جهل الحال من جهة الوجهين لم يكن إشكال في عدم التّساقط أيضا وبني من حيث الحكم على الطّريقيّة ؛ لأنّ نفي الثّالث مدلول لهما على كلّ تقدير ورفع اليد عن الأصل المطابق لم يعلم جوازه للشّك في حجيّة المتعارضين بالنّسبة إلى مدلولهما من جهة عدم العلم بالسّببيّة ، ومقتضى الأصل المقرّر في مطلق الشّك في الحجيّة الحكم بعدمها بالمعنى الّذي عرفته غير مرّة وستعرفه أيضا ، وكذا البناء على التّخيير العذري فيما لم يكن هناك أصل على طبق أحدهما لا يجوز رفع اليد عنه لما عرفت ؛ فإنّه قسم من الأصل أيضا.

ثمّ إنّه قدس‌سره بعد بيان لازم الوجهين بنى على الوجه الثّاني ؛ نظرا إلى ظهور أدلّة حجيّة الأمارات سيّما الأخبار فيه ، وظهور ما ورد في علاج المتعارضين من الأخبار بالمرجّحات المذكورة سيّما على القول بالتّسرية والتّعدّي من المرجّحات المنصوصة كما هو المشهور والمختار على ما ستقف عليه ، بل يمكن دعوى نصوصيّة أخبار العلاج في ذلك ، مضافا إلى الإجماع المدّعى على وجوب الأخذ بأقرب الدّليلين وأقواهما ولا تعارض أخبار التّرجيح بأخبار التّخيير ؛ من حيث إنّ مقتضاها لازم السّببيّة فيكشف عنها ؛ إذ لو كان مبنى حجيّة الأخبار على الطّريقيّة لوجب الحكم في هذه الأخبار بالتّوقّف والرّجوع إلى الأصل عند فقد المرجّح كما هو لازم الطّريقيّة.

أمّا أوّلا ؛ فلأنّه على السّببيّة لا بدّ من أن يحكم بالتّخيير من أوّل الأمر ؛ ضرورة منافات لزوم التّرجيح بها مع السّببيّة ؛ إذ التّرجيح عليها لا يجوز إلاّ

١٣٣

بالأهميّة على ما أسمعناك لا بالأقربيّة.

وأمّا ثانيا : فلاحتمال كون مبنى التّخيير في المقام على التّخيير العذري الّذي بنينا عليه على الطّريقيّة فلا يكشف عن السّببيّة.

فإن قلت : أخبار التّخيير ظاهرة في السّببيّة من وجهين :

أحدهما : أنّها ظاهرة في كون المأخوذ والمستند المختار من المتعارضين فينافي الطّريقيّة والتّخيير العذري الثّابت في الاحتمالين.

ثانيهما : أنّ مدلولها التّخيير على كلّ تقدير سواء كان هناك أصل على طبق أحدهما أولا ، وهو ينافي الطّريقيّة أيضا ؛ فإنّ الثّابت على الطّريقيّة على ما عرفت : التّخيير عند عدم أصل على طبق أحدهما لا مطلقا.

فإن شئت قلت : إنّ العلاج بالتّخيير ظاهر في التّخيير بين الحجّتين لا الاحتمالين فيحمل العلاج بالتّرجيح الظّاهر في الطّريقيّة على كون الرّاجح أقوى مصلحة وآكدها في نظر الشارع فيكون أهمّ فينطبق على الموضوعيّة والسّببيّة.

قلت : لو أغمض عمّا ذكرنا : من كون ما دلّ على التّرجيح نصّا في الطّريقيّة سيّما بملاحظة التّعليل الوارد فيها لم يكن إشكال في كونه أظهر وأقوى دلالة على الطّريقيّة فلا بدّ من رفع اليد عن ظهور ما دلّ على التّخيير حملا للظّاهر على الأظهر ، فلا بدّ من أن يلتزم بكون هذا التّخيير العذري مقدّما في نظر الشّارع على الأصل.

وإلى ما ذكرنا أشار قدس‌سره بقوله : ( ثمّ إنّ حكم الشّارع بالتّخيير في تلك

١٣٤

الأخبار ... إلى آخره ) (١) فالمراد من تعليل عدم الدّلالة المستندة إلى التّوهم المذكور بقوله : ( لقوّة احتمال كون التّخيير ... إلى آخره ) (٢) هي قوّته بملاحظة مجموع أخبار العلاج بعد العلاج بينها بما عرفت لا بملاحظة نفس أخبار التّخيير وإن كانت العبارة ربّما تأبى عن ذلك ؛ لأنّ التّرقي بقوله : ( بل الأخبار ... إلى آخره ) (٣) ربّما يشهد : بأنّ المراد الاستشهاد بنفس أخبار التّخيير فتدبّر. هذا ما يستفاد ممّا أفاده شيخنا العلاّمة.

إحتمال السببيّة غير متطرّق في باب التعارض

لكنّك خبير بأنّ احتمال السّببيّة وإدراج المقام في باب التّزاحم غير متطرّق في باب التّعارض حتّى يقع البحث عن مقتضاه ويتمسّك لنفيه بظهور أدلّة حجيّة الأخبار أو أخبار التّرجيح حتّى يعارض بظهور أخبار التّخيير ويقع من جهة العلاج بينهما في حيص وبيص.

لأنّ السّببيّة المتوهّمة إن لوحظت بالنّسبة إلى الحكم الواقعي حتّى ينطبق على التّصويب الباطل عند الإماميّة كما ربّما يتوهّم من بعض كلمات شيخنا العلاّمة قدس‌سره مثل قوله المتقدّم في مقام دفع توهّم دلالة حكم الشّارع بالتّخيير على السّببيّة لقوّة احتمال أن يكون التّخيير حكما ظاهريّا عمليّا في مورد التّوقّف لا حكما واقعيّا ناشئا عن تزاحم الواجبين.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٤٠.

(٢) المصدر السابق.

(٣) نفس المصدر.

١٣٥

فيتوجّه عليه ـ مضافا إلى بطلان التّصويب عندنا ـ : بأنّه كيف يتصوّر التزاحم بين الخبر الدّال على وجوب شيء والخبر الدّالّ على حرمته مثلا مع امتناع اشتمال الشّيء الواحد على جهتي الوجوب والحرمة واجتماع الحكمين مع تضادّهما ولو على القول بجواز اجتماع الأمر والنّهي ؛ لانتفاء الحيثيّة التّقييديّة المجوّزة على القول بالجواز كما هو واضح. وقد عرفت : أنّ التّخيير بين المتزاحمين راجع إلى التّعيين حقيقة. فإن شئت قلت : إنّ عدم إمكان الاجتماع في مورد التّعارض ليس مستندا إلى قصور المكلّف ، بل مستند إلى المتعارضين فلا معنى لإلحاق المقام بالمتزاحمين.

وإن لوحظت بالنّسبة إلى الحكم الظّاهري ـ كما هو مقتضى قوله قدس‌سره : ( هذا كلّه على تقدير أن يكون العمل بالخبر من باب السّببيّة ، بأن يكون قيام الخبر على وجوب شيء واقعا ، سببا شرعيّا لوجوبه ظاهرا على المكلّف ... إلى آخر ما أفاده ) (١).

ـ فيتوجّه عليها : أنّ مرجع السّببيّة بهذا المعنى ـ كما ترى ـ إلى القول بحجيّة الأخبار من باب التّعبّد الشّرعي كالأصول العمليّة فيلحقها حكم الأصول ، ومن المعلوم الّذي قد سبق القول فيه منّا ومن شيخنا العلاّمة قدس‌سره في أجزاء « الكتاب » وأجزاء التّعليقة مرارا : أنّه لا مقتضي للسّببيّة بالمعنى المذكور مع العلم الإجمالي بالمخالفة للواقع لشيء من المتعارضين ، فلا معنى للتّخيير الّذي عرفته في المتزاحمين كما أنّه لا معنى للتّخيير بين الأصلين المتعارضين فيما يفرض

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٧.

١٣٦

تعارضهما على ما أسمعناك في تحقيق محلّ التّعارض.

فإن شئت قلت : إنّ كلّ حكم ثبت لموضوع سواء فرض واقعيّا أو ظاهريّا من لوازم الموضوع ومقتضياته في ظاهر القضيّة ، وإنّما الكلام في تحقّق موضوع الدّليل والأصل مع العلم بالخلاف فلا فرق بين السّببيّة والطّريقيّة من هذه الجهة.

وهذا بخلاف التّزاحم في الواجبات الواقعيّة المستند إلى قصور المكلّف ؛ فإنّه لا يفرض هناك تعارض بين الواجبين وعلم بمخالفة أحدهما للواقع هذا بعض الكلام فيما يتوجّه على السّببيّة ، مضافا إلى أنّ الالتزام بثبوت الحكمين ولو ظاهرا لشيء واحد ولو من جهتين تقييديّتين فضلا عن تعليليّتين كما في المقام موجب لاجتماع الضّدين وهو محال ، ولا ينافي ذلك ما عرفت : من جواز اجتماع النّقيضين بحسب الحكم الظّاهري فضلا عن الضّدين ؛ لأنّ الاجتماع هناك بمعنى آخر وهو الحكم ببعض أحكام وجود الشّيء في مرحلة الظّاهر والحكم ببعض أحكام عدمه كذلك ، وهذا هو المراد بالتّفكيك الّذي عرفته. وأين هذا من اجتماع الحكمين المبحوث عنه في المقام؟ كيف! ولو لا ذلك خرج الفرض عن التّعارض كما هو ظاهر.

وأمّا ما أفاده على الطّريقيّة الّتي بنى عليها وفاقا للمشهور في عنوان حجيّة الأخبار وغيرها من الأمارات ، فيتوجّه عليه ـ بعد تسليم عدم انفكاك التّعارض عن العلم الإجمالي بمخالفة أحدهما للواقع وتسليم قدحه في الطّريقيّة ولو بمعنى الظّن النّوعي ، وإلاّ فقد يمنع عنه ؛ لاحتمال صدق المتعارضين وصدورهما من الشّارع غاية ما هناك ثبوت العلم الإجمالي باختلال جهة من جهات أحد المتعارضين من الصّدور ، أو وجهه ، أو الدّلالة ، اللهمّ إلاّ أن يقال بكفاية ذلك في

١٣٧

القدح أيضا ؛ فإنّه من الشّبهة المحصورة مع الابتلاء بجميع أطرافها ـ : أن حكم الشّارع بالتّرجيح فضلا عن التّخيير ينافي ما ذكر من الطّريقيّة ؛ فإنّ لازمها سقوط المتعارضين عن الحجيّة فلا يفرض ترجيح ولا تخيير بين الحجّتين كما هو ظاهر الأخبار ، فلا بدّ من الالتزام بأحد شيئين على الطّريقيّة :

أحدهما : رجوع حكم الشّارع بالتّرجيح والتّخيير إلى حكمه الابتدائي التّأسيسي لحجيّة أحد المتعارضين تعيينا أو تخييرا مع سقوطهما عن الحجيّة بالنّظر إلى دليل الحجيّة ؛ نظرا إلى عدم قابليّته لشمول مورد التّعارض ، فحكم الشّارع بلزوم الأخذ بالرّاجح مثل حكمه بلزوم الأخذ بخبر العادل فلا يحتاج إلى جعل التّخيير حكما عذريّا كالتّخيير بين الاحتمالين حتّى يتوجّه إشكال رفع اليد عن الأصل المطابق لأحدهما على ما عرفت.

ثانيهما : منع بطلان الطّريقيّة النّوعيّة في مورد التّعارض وكون تعيين الأخذ بالرّاجح من جهة قوّة مناط الحجيّة فيه بعد عدم إمكان الأخذ بهما ؛ لمكان التّعارض فيكون التّخيير إذن على طبق القاعدة كما في المتزاحمين.

والوجه الأوّل وإن كان خلاف ظاهر أخبار العلاج ، إلاّ أنّه لا مناص عنه بعد بطلان الوجه الثّاني ، ويظهر الثّمرة بين الوجهين في تعارض غير الأخبار كما ستعرفه.

١٣٨

الفرق بين التزاحم والتعارض

وحاصل ما ذكرنا : أنّ باب التّزاحم يغاير باب التّعارض ولا دخل لأحدهما بالآخر أصلا.

فإنّ الأوّل : إنّما يتحقّق ويفرض بعد الفراغ عن ثبوت حكمين لموضوعين ، ولو بالضّرورة من الدّين بحيث لا إشكال في أصل ثبوتهما ، ثمّ اتفق ابتلاء المكلّف بهما وصيرورتهما واقعة له بحيث لا يقدر على الجمع بينهما وامتثالهما بجهة من الجهات فيحكم في حقّ المكلّف بالتّعيين أو التّخيير كلّ في مورد على ما عرفت ، وهو قد يكون في الواجبات ، وقد يكون في المحرّمات ، وقد يكون في المختلفات ، والمثال لكلّ واحد كثير.

والثّاني : إنّما يفرض فيما ورد هناك دليلان مختلفي المفاد على ثبوت الحكم لموضوع واحد بحيث لا يمكن ثبوت مقتضاهما من جهة التّنافي والتّعارض وعدم إمكان قيام مدلولهما بالموضوع من غير مدخليّة لعجز المكلّف وقصوره ، ولأجل ذلك أبطلوا القول بالتّصويب بوقوع التّعارض بين الأمارات والأدلّة ؛ فإنّ مبناه على عدم تصوّر التّزاحم بين المتعارضين ، وإلاّ كان ما ذكروه في غير محلّه كما لا يخفى هذا. وقد أشرنا في مطاوي ما ذكرنا إلى تحقيق ذلك.

فالكلام في باب التّعارض : إنّما هو في أصل ثبوت أحد الحكمين بعد الفراغ عن عدم إمكان ثبوتهما وشتّان بينهما فكيف يمكن اندراج أحدهما في الآخر واقتباس حكمه منه والحال هذه؟ ولا يختلف الحكم المذكور كما هو ظاهر من

١٣٩

جهة الأقوال في وجه حجيّة الأخبار ، بل يجري على القول بالتّصويب أيضا.

ومن هنا ذكرنا في مسألة اجتماع الأمر والنّهي ـ في قبال من أدرج المسألة في باب التّعارض مع قوله بجواز الاجتماع كالمحقّق القمّي قدس‌سره قائلا : بأنّه على تقدير تسليم المنع لا نسلّم تعيين التّصرّف في ظهور الأمر لم لا يتصرّف في ظهور النّهي ـ : بأنّ المسألة لا تعلّق لها بمسألة التّعارض ؛ إذ لا شكّ في حرمة الغصب ووجوب الصّلاة وعلى تقدير التّسليم يتعيّن التّصرّف في الأمر ؛ فإنّ الوجوب التّخييري لا يقاوم الحرمة التّعيينيّة الّتي هي مفاد النّهي من حيث إنّ دلالة الأمر بالإطلاق ودلالة النّهي بالعموم فهو أظهر.

نقل كلام المحقّق الرشتي ومناقشته

ثمّ إنّ لبعض فضلاء معاصرينا كلاما متعلّقا بالمقام فيما أملاه في المسألة في تعارض الأصلين لا بأس بالإشارة إليه وإلى ما فيه قال عليهم‌السلام ـ بعد جملة كلام له في الفرق بين الأدلّة والأصول وأنّ مقتضى الأصل في الأوّل التّوقّف وفي الثّاني التّساقط ـ ما هذا لفظه :

« فإن قلت : إذا ثبت التّوقف والتّخيير على الطّريقيّة والسّببيّة فهذا يقتضي البناء على التّخيير في الأصلين

المتعارضين ؛ لأنّ الأصل ليس طريقا إلى الواقع ومرآة له ، بل مرجعه إلى الحكم التّعبدي الثابت للشّاك من حيث كونه شاكّا فينبغي أن يكون حالها كحال الأسباب والواجبات النّفسيّة في الحكم بالتّخيير.

قلت :

أوّلا : لقائل أن يقول بأنّ الأصول أيضا معتبرة من حيث كونها طرقا إلى

١٤٠