الحكومة العالميّة للإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

الشيخ محمود شريعت زاده الخراساني

الحكومة العالميّة للإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

الشيخ محمود شريعت زاده الخراساني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ٢
ISBN: 964-92538-6-6
الصفحات: ٢٣٤

هذا الدعاء من الإمام المهديّ عليه‌السلام لشفاء المريض

٩ ـ قال الكفعمي في البلد الأمين ، عن المهديّ عليه‌السلام : «من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين عليه‌السلام وغسّله وشربه ، شفى من علّته :

بِسمِ اللّهِ الرَّحمَان الرَّحِيم ، بسم اللّه دواء ، والحمد للّه شفاء ، ولا إله إلّا اللّه كفاء ، هو الشافي شفاء ، وهو الكافي كفاء ، اذهب البأس بربّ النّاس (١) شفاء ، لا يغادره سقم ، وصلّى اللّه على محمّد وآله النجباء».

ورأيت بخط السيّد زين العابدين عليّ بن الحسين الحسيني رحمة اللّه أنّ هذا الدعاء تعلّمه رجل كان مجاوراً الحائر على مشرّفه السّلام عن المهديّ سلام اللّه عليه في منامه ، وكان به علّة فشكاها إلى القائم عجّل اللّه فرجه فأمره بكتابته وغسله وشربه ، ففعل ذلك فبرأ في الحال (٢).

هذا الدعاء علمنياه الإمام المهديّ عليه‌السلام

١٠ ـ في كتاب الكلم الطيّب والغيث الصيّب للسيّد الأيّد المتبحّر السيّد عليّ خان شارح الصحيفة ، ما لفظه : رأيت بخط بعض أصحابي من السادات الأجلاء الصلحاء الثقات ما صورته :

سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف ، الأخ العالم العامل ، جامع

__________________

١ ـ يراجع البلد الأمين ، لعلّ الصحيح هو : «البأس».

٢ ـ جنّة المأوى للمحدّث النوري ، المطبوع في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ـ ج ٣ ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ، الحكاية السادسة.

٢٠١

الكمالات الأنسيّة والصفات القدسيّة ، الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن عليّ بن سليمان الحائري الأنصاري أنار اللّه تعالى برهانه يقول : سمعت الشيخ الصالح التقي المتورّع الشيخ الحاج عليّا المكّي ، قال : إنّي ابتليت بضيق وشدّة ومناقضة خصوم ، حتّى خفت على نفسي القتل والهلاك ، فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن يعطينيه أحد ، فتعجّبت من ذلك ، وكنت متحيّراً فرأيت في المنام أنّ قائلاً في زيّ الصلحاء والزهّاد ، يقول لي : إنّا أعطيناك الدعاء الفلاني ، فادع به تنج من الضيق والشدّة ، ولم يتبيّن لي مَنِ القائل؟ فزاد تعجّبي ، فرأيت مرّة اُخرى الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال : «ادع بالدعاء الَّذي أعطيتكه ، وعلّم من أردت».

قال : وقد جرّبته مراراً عديدة ، فرأيت فرجاً قريباً ، وبعد مدّة ضاع منّي الدعاء برهة من الزمان ، وكنت متأسّفاً على فواته ، مستغفراً من سوء العمل ، فجاءني شخص وقال لي : إنّ هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني وما كان في بالي أن رحت إلى ذلك المكان ، فأخذت الدعاء ، وسجدت للّه شكراً ، وهو :

بِسمِ اللّهِ الرَّحمَان الرَّحِيم ، ربّ أسألك مدداً روحانيّاً تقوّي به قوى الكلّية والجزئية ، حتّى أقهر عبادي نفسي كلّ نفس قاهرة ، فتنقبض لي إشارة رقائقها انقباضاً تسقط به قواها حتّى لا يبقى في الكون ذو روح إلّا ونار قهري قد أحرقت ظهوره ، يا شديد يا شديد ، يا ذا البطش الشديد ، يا قهار ، أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهريّة ، فأنفعلت له النفوس بالقهر ، أن تودعني هذا السرّ في هذه السّاعة حتى اُليّن به كلّ صعب ، واُذلّل به كلّ منيع ، بقوّتك يا ذا القوّة المتين.

تقرأ ذلك سحراً ثلاثاً إن أمكن ، وفي الصبح ثلاثاً ، وفي المساء ثلاثاً ، فاذا اشتدّت الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرّة : يا رحمان يا رحيم ، يا ارحم الراحمين ، أسألك اللّطف بما جرت به المقادير (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، الحكاية الخامسة.

٢٠٢

الإمام المهديّ عليه‌السلام في حرم العسكريّين عليهما‌السلام

١١ ـ حدّثني الأخ الصفي المذكور عن المولى السلماسي رحمه‌الله قال : صلّينا مع السيّد مهديّ بحر العلوم في داخل حرم العسكريّين عليهما‌السلام ، فلمّا أراد النهوض من التشهّد إلى الركعة الثالثة ، عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام.

ولمّا فرغنا تعجّبنا كلّنا ، ولم نفهم ما كان وجهه ، ولم يجترء أحد منّا على السؤال عنه ، إلى أن أتينا المنزل ، واُحضرت المائدة ، فأشار إليَّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه ، فقلت : لا وأنت أقرب منّا ، فالتفت رحمه‌الله إليَّ وقال :

فيم تقاولون؟ قلت ـ وكنت أجسر النّاس عليه ـ : إنّهم يريدون الكشف عمّا عرض لكم في حال الصّلاة.

فقال : إنّ الحجّة ـ عجّل اللّه تعالى فرجه ـ دخل الروضة للسَّلام على أبيه عليه‌السلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها (١).

الإمام المهديّ عليه‌السلام

في منزل العلاّمة بحر العلوم رحمه‌الله

١٢ ـ نقل عن ناظر أمور السيّد في أيّام مجاورته بمكّة ، قال : كان السيّد بحر العلوم رحمه‌الله مع كونه في بلد الغربة منقطعاً عن الأهل والأخوة ، قويّ القلب في البذل والعطاء ، غير مكترث بكثرة المصارف ، فاتّفق في بعض الأيّام أن لم نجد إلى درهم سبيلاً فعرّفته الحال ، وكثرة المؤنة ، وانعدام المال ، فلم يقبل شيئاً ، وكان دأبه

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٣٧ ، الحكاية الحادية عشرة.

٢٠٣

أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار ، فيجلس في القبة المختصة به ، ونأتي إليه بغليان فيشربه ، ثمّ يخرج إلى قبّة اُخرى تجتمع فيها تلامذته ، من كلّ المذاهب فيدرس لكلّ على مذهبه.

فلمّا رجع من الطواف في اليوم الَّذي شكوته في أمسه نفود النفقه ، وأحضرت الغليان على العادة ، فإذا بالباب يدقّه أحد ، فاضطرب أشدّ الإضطراب ، وقال لي : خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان ، وقام مسرعاً خارجاً عن الوقار والسكينة والآداب ، ففتح الباب ، ودخل شخض جليل في هيئة الأعراب ، وجلس في تلك القبّة ، وقعد السيّد عند بابها ، في نهاية الذلّة والمسكنة ، وأشار إليَّ أن لا أقرّب إليه الغليان.

فقعدا ساعة يتحدّثان ، ثمّ قام فقام السيّد مسرعاً وفتح الباب ، وقبّل يده وأركبه على جمله الَّذي أناخه عنده ، ومضى لشأنه ، ورجع السيّد متغيّر اللون وناولني براة ، وقال : هذه حوالة على رجل صرّاف ، قاعد في جبل الصفا اذهب إليه وخُذ منه ما أُحيل عليه.

قال : فأخذتها وأتيت بها إلى الرجل الموصوف ، فلمّا نظر إليها قبّلها وقال : عليَّ بالحماميل ، فذهبت وأتيت بأربعة حماميل ، فجاء بالدراهم من الصنف الَّذي يقال له : ريال فرانسه ، يزيد كلّ واحد على خمسة قرانات العجم ، وما كانوا يقدرون على حمله ، فحملوها على أكتافهم ، وأتينا بها إلى الدار.

ولمّا كان في بعض الأيّام ، ذهبت إلى الصرّاف لأسأل منه حاله ، وممّن كانت تلك الحوالة فلم أر صرّافاً ولا دكاناً ، فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن انصراف ، فقال : ما عهدنا في هذا المكان صرّافاً أبداً وإنّما يقعد فيه فلان ، فعرفت أنّه من أسرار الملك المنّان ، وألطاف وليّ الرحمان (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الحكاية الثانية عشرة.

٢٠٤

الإمام المهديّ عليه‌السلام ينعي الشيخ المفيد رحمه‌الله

١٣ ـ قال السيّد القاضي نور اللّه الشوشتري في مجالس المؤمنين ، ما معناه : إنّه وجد هذه الأبيات بخطّ صاحب الأمر عليه‌السلام مكتوبة على قبر الشيخ المفيد رحمه‌الله :

لا صوّت الناعي بفقدك إنّه

يوم على آل الرسول عظيم

إن كنت قد غيّبت في جدث الثرى

فالعدل والتوحيد فيك مقيم

والقائم المهديّ يفرح كلّما

تُلِيَت عليك من الدروس علوم (١)

النجاة من القتل ببركة دعاء علّمه صاحب الزمان عليه‌السلام

وهو دعاء الفرج

١٤ ـ الشيخ الجليل أمين الإسلام فضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في كتاب كنوز النجاج ، قال : دعاء علّمه صاحب الزمان عليه سلام اللّه الملك المنّان ، أبا الحسن محمّد بن أحمد بن أبي الليث رحمه‌الله في بلدة بغداد ، في مقابر قريش ، وكان أبو الحسن قد هرب إلى مقابر قريش والتجأ إليه من خوف القتل ، فنجّى منه ببركة هذا الدعاء.

قال أبو الحسن المذكورة : إنّه علّمني أن أقول : «اللهمّ عظم البلاء ، وبرح الخفاء ، وانقطع الرجاء ، وانكشف الغطاء ، وضاقت الأرض ومنعت السَّماء ، وإليك

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، الحكاية الخامسة عشرة.

٢٠٥

يا ربّ المشتكى ، وعليك المعوّل في الشدّة والرخاء ، اللهمّ فصلّ على محمّد وآل محمّد أُلي الأمر الَّذين فرضت علينا طاعتهم ، فعرفتنا بذلك منزلتهم ، ففرج عنّا بحقّهم فرجاً عاجلاً كلمح البصر ، أو هو أقرب ، يا محمّد يا عليّ ، إكفياني فإنّكما كافياي وانصراني فإنّكما ناصراي ، يا مولاي يا صاحب الزمان ، الغوث الغوث (الغوث) ، أدركني أدركني أدركني».

قال الراوي : إنّه عليه‌السلام عند قوله : «يا صاحب الزمان» كان يشير إلى صدره الشريف (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٧٥ ، الحكاية الأربعون.

٢٠٦

الإمام المهديّ عليه‌السلام

يقرأ القرآن في حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام

١٥ ـ حدّثني العالم الفاضل الصالح الورع في الدين الميرزا حسين اللاهيجي المجاور للمشهد الغروي أيّده اللّه وهو من الصلحاء الأتقياء ، والثقة الثبت عند العلماء ، قال : حدّثني العالم الصفي المولى زين العابدين السلماسي المتقدّم ذكره قدّس اللّه روحه ، أنّ السيّد الجليل بحر العلوم أعلى اللّه مقامه ، ورد يوماً في حرم أمير المؤمنين عليه آلاف التحيّة والسَّلام ، فجعل يترنّم بهذا المصرع :

چه خوش است صوت قرآن

زتو دل ربا شنيدن

فسُئل رحمه‌الله عن سبب قراءته هذا المصرع ، فقال : لمّا وردت في الحرم المطهر رأيت الحجّة عليه‌السلام جالساً عند الرأس يقرء القرآن بصوت عال ، فلمّا سمعت صوته قرأت المصرع المزبور ، ولمّا وردت الحرم ترك قراءة القرآن ، وخرج من الحرم الشريف (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٣٠٢ ، الحكاية الرابعة والخمسون.

٢٠٧

الوصول إلى القافلة وسقي الماء العذب

ببركة الإمام المهدي عليه‌السلام

١٦ ـ حدّثني رجل من أهل الإيمان يقال له : الشيخ قاسم ، وكان كثير السفر إلى الحجّ قال : تعبت يوماً من المشي ، فنمت تحت شجرة ، فطال نومي ومضى عنّي الحاجّ كثيراً ، فلمّا انتبهت علمت من الوقت أنّ نومي قد طال وأنّ الحاجّ بَعُدَ عنّي ، وصرت لا أدري إلى أين أتوجّه ، فمشيت على الجهة وأنا أصيح بأعلى صوتي : يا أبا صالح قاصداً بذلك صاحب الأمر عليه‌السلام كما ذكره ابن طاووس في كتاب الأمان فيما يقال عند اضلال الطريق.

فبينا أنا أصيح كذلك وإذا براكب على ناقة وهو على زيّ البدو ، فلمّا رآني قال لي : أنت منقطع عن الحاجّ؟ فقلت : نعم ، فقال : اركب خلفي لألحقك بهم ، فركبت خلفه ، فلم يكن إلّا ساعة وإذا قد أدركنا الحاجّ ، فلمّا قربنا أنزلني وقال لي : إمض لشأنك.

فقلت له : إنّ العطش قد أضرّ بي ، فأخرج من شداده ركوة فيها ماء ، وسقاني منه ، فواللّه إنّه ألذُّ وأعذب ماء شربته.

ثمّ إنّي مشيت حتّى دخلت الحاجّ والتفتُّ إليه فلم أره ، ولا رأيته في الحاجّ قبل ذلك ولا بعده ، حتّى رجعنا (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٣٠٠ ، الحكاية الخمسون.

٢٠٨

إعانة الإمام المهدي عليه‌السلام للعلاّمة الحلّي في كتابة الكتاب

السيّد الشهيد القاضي نور اللّه الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية اللّه العلاّمة الحلّي قدّس سرّه ، أنّ من جملة مقاماته العالية ، أنّه اشتهر عند أهل الإيمان أنّ بعض علماء أهل السنّة ممّن تتلمّذ عليه العلامة في بعض الفنوان ألّف كتاباً في ردّ الإماميّة ، ويقرء للنّاس في مجالسه ويضلّهم ، وكان لا يعطيه أحداً خوفاً من أن يردّه أحد من الإماميّة ، فاحتال رحمه اللّه في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية ، فالتجأ الرجل واستحيي من ردّه وقال : إنّي آليت على نفسي أن لا أعطيه أحد أزيد من ليلة ، فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان ، فأخذه منه وأتى به إلى بيته لينقل منه ما يتسّر فيه.

فلمّا اشتغل بكتابته وانتصف الليل ، غلبه النوم ، فحضر الحجّة عليه‌السلام وقال : «ولّني الكتاب وخذ في نومك».

فانتبه العلاّمة وقد تمّ الكتاب بإعجازه عليه‌السلام (١).

__________________

١ ـ جنة المأوى للمحدّث النوري : المطبوع ، في آخر ترجمة الإمام المهديّ عليه‌السلام من بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢٥٢ ، الحكاية الثانية والعشرون.

٢٠٩

دعاء العلوي المصري الَّذي علّمه

الإمام المهدي عليه‌السلام

قال ابن طاووس : وجدت في مجلّد عتيق دكر كاتبه أنّ اسمه الحسين بن عليّ بن هند وأنّه كتب في شوّال سنّة ستّ وتسعين وثلاثمئة دعاء العلوي ممّا هذا لفظه وإسناده :

دعاء علّمنا سيّدنا المؤمّل صلوات اللّه عليه رجلاً من شيعته وأهله في المنام وكان مظلوماً ، ففرّج اللّه عنه وقتل عدوّه.

حدّثني أبو عليّ أحمد بن محمّد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمّد العلوي العريضي بحرّان ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ العلوي الحسيني وكان يسكن بمصر ، قال : دهمني أمر عظيم ، همّ شديد ، من قبل صاحب مصر فخشيته على نفسي وكان قد سعى بي إلى أحمد بن طولون فخرجت من مصر حاجّاً فصرت من الحجاز إلى العراق ، فقصدت مشهد مولاي أبي عبداللّه الحسين بن عليّ عليهما‌السلام عائذاً به ولائذاً بقبره ، ومستجيراً به ، من سطوة من كنت أخافه ، فأقمت بالحائر (الحسيني) خمسة عشر يوماً أدعو وأتضرّع ليلي ونهاري ، فتراءى لي قيّم الزمان (مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام) وولّى الرحمان وأنا بين النائم واليقظان ، فقال لي : «يقول لك الحسين بن عليّ عليهما‌السلام يا بنيّ ، خفت فلاناً؟».

فقلت : نعم ، أراد هلاكي ، فلجأت إلى سيّدي عليه‌السلام أشكوا إليه عظيم ما أراد بي.

فقال عليه‌السلام : «هلاّ دعوت اللّه ربّك عزّ وجلّ وربّ آبائك بالأدعية الَّتي دعا بها من سلف من الأنبياء عليهم‌السلام فقد كانوا في شدّة فكشف اللّه عنهم ذلك».

قلت : وبما ذا أدعوه.

٢١٠

فقال عليه‌السلام : «إذا كان ليلة الجمعة ، فاغتسل وصلّ صلاة الليل فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء ، وأنت بارك على ركبتيك» فذكر لي دعاء.

قال : ورأيته مثل ذلك الوقت ، يأتيني وأنا بين النائم واليقظان ، قال : وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرّر علَيَّ هذا القول والدعاء حتّى حفظته وانقطع مجيئه ليلة الجمعة ، فاغتسلت وغيّرت ثيابي وتطيّبت وصلّيت صلاة الليل ، وسجدت سجدة الشكر ، وجثوت على ركبتي ، ودعوت اللّه جلّ وتعالى بهذا الدعاء ، فأتاني ليلة السبت فقال لي : «قد اُجيبت دعوتك يا محمّد ، وقتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند مَن وشى به إليه».

فلمّا أصبحت ودّعت سيّدي ، وخرجت متوجّهاً إلى مصر ، فلمّا بلغت الأُردن وأنا متوجّه إلى مصر ، رأيت رجلاً من جيراني بمصر وكان مؤمناً ، فحدّثني أنّ خصمك قبض عليه أحمد بن طولون ، فأمر به فأصبح مذبوحاً من قفاه.

قال : وذلك في ليلة الجمعة ، فأمر به فطرح في النيل ، وكان فيما أخبرني جماعة من أهلينا وإخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي (حجّة بن الحسن) صلوات اللّه عليه.

والدعاء هذا :

رَبِّ مَن ذَا الَّذِي دَعَاكَ فَلَم تُجِبهُ وَمَن ذَا الَّذِي سَأَلَكَ فَلَم تُعطِهِ وَمَن ذَا الَّذِي نَاجَاكَ فَخَيَّبتَهُ أَو تَقَرَّبَ إِلَيكَ فَأَبعَدتَهُ ، رَبِّ هذَا فِرعَونَ ذُو الأَوتَادِ مَعَ عِنَادِهِ وَكُفرِهِ وَعُتُوِّهِ وَادِّعَائِهِ الرُّبُوبيَّةِ لِنَفسِهِ ، وَعِلمِكَ بِأَنَّهُ لاَ يَتُوبُ وَلاَ يَرجعُ وَلاَ يَؤُبُ وَلاَ يُؤمِنُ وَلاَ يَخشَعُ ، استَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَعطَيتَهُ سُؤلَهُ ، كَرَمَاً مِنكَ وَجُوداً ، وَقِلَّةَ مِقدَارٍ لِمَا سَأَلَكَ عِندَكَ مَعَ عِظَمِهِ عِندَهُ ، أَخذَاً بِحُجَّتِكَ عَلَيهِ ، وَتَأكيداً لَهَا حِينَ فَجَرَ وَكَفَرَ وَاستَطَالَ عَلَى قَومِهِ وَتَجَبَّرَ وَبِكُفرِهِ عَلَيهِمُ افتَخَرَ وَبِظُلمِهِ لِنَفسِهِ تَكَبَّرَ ، وَبِحِلمِكَ عَنهُ استَكبَرَ فَكَتَبَ وَحَكَمَ عَلَى نَفسِهِ جُرأَةً مِنهُ أَنَّ جَزَاءَ مَِثلِهِ أَن يُغرَقَ فِي البَحرِ ، فَجَزَيتَهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ عَلَى نَفسِهِ ، إِلهي وَأَنَا عَبدُكَ ابنُ عَبدِكَ وَابنُ أَمَتِكَ ، مُعتَرِفٌ لَكَ بِالعُبُوديَّةِ ، مُقِرٌّ بِأَنَّكَ أَنتَ اللّهُ خَالِقي لاَ إِله لِي

٢١١

غَيرُكَ ، وَلاَ رَبَّ لِي سِوَاكَ ، مُقِرٌّ بِأَنَّكَ رَبِّي وَإِلَيكَ إِيَابِي ، عَالِمٌ بَأَنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، تَفعَلُ مَا تَشَاءُ وَتَحكُمُ مَا تُرِيدُ ، لاَ مُعَقِّبَ لِحُكمِكَ وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِكَ ، وَأَنَّكَ الأَوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ ، لَم تَكُن مِن شَيءٍ وَلَم تَبنِ عَن شَيءٍ كُنتَ قَبلَهُ ، وَأَنتَ الكَائِنُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيءٍ ، خَلَقتَ كُلَّ شَيءٍ بِتَقدِيرٍ ، وَأَنتَ السَّمِيعُ البَصيرُ ، وأَشهَدُ أَنَّكَ كَذَلِكَ كُنتَ وَتَكونُ وَأَنتَ حَيٌّ قَيُّومٌ لاَ تَأخُذُكَ سِنَةٌ وَلاَ نَومٌ ، وَلاَ تُوصَفُ بِالأَوهَامِ وَلاَ تُدرَكُ بِالحَواسِّ وَلاَ تُقَاسُ بِالمِقيَاسِ ، وَلاَ تُشَبَّهُ بِالنَّاسِ ، وَأَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم عَبيدُكَ وَإمَاؤُكَ ، وَأَنتَ الرَبُّ وَنَحنُ المَربُوبُونَ ، وَأَنتَ الخَالِقُ وَنَحنُ المَخلوقُونَ ، وَأَنتَ الرَّازِقُ وَنَحنُ المَرزوقُونَ ، فَلَكَ الحَمدُ يَا إِلهي إِذ خَلَقتَني بَشَراً سَويّاً ، وَجَعَلَني غَنِيّاً مَكفِيّاً بَعدَ مَا كُنتُ طِفلاً صَبِيّاً ، تُقَوِّتَني مِنَ الثَّديِ لَبَناً مَريئاً ، وَغَذَّيتَني غَذَاءاً طَيِّباً هَنيئاً ، وَجَعَلتَني ذَكَراً مِثَالاً سَويّاً ، فَلَكَ الحَمدُ حَمداً إِن عُدَّ لَم يُحصَ وَإِن وُضِعَ لَم يَتَّسِع لَهُ شَيءٌ ، حَمداً يَفُوقُ عَلَى جَميعِ حَمدِ الحَامِدِينَ وَيَعلُو عَلَى حَمدِ كُلِّ شَيءٍ ، وَيَفخُمُ وَيَعظُمُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَكُلَّمَا حَمِدَ اللّهُ شَيءٌ ، وَالحَمدُ للّهِ كَمَا يُحِبُّ اللّهُ أَن يُحمَدَ ، والحَمدُ للّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ وَزِنَةَ مَا خَلَقَ وَزِنَةَ أَجَلِّ مَا خَلَقَ ، وَبِوَزنِ أَخَفِّ مَا خَلَقَ وَبِعَدَدِ أَصغَرِ مَا خَلَقَ ، وَالحَمدُ للّهِ حتَّى يَرضى رَبُّنَا ، وَبَعدَ الرِّضَا وَأَسأَلُهُ أَن يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن يَحمَدَ لِي أَمرِي ، وَيَتُوبَ عَلَيَّ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَأَن يَغفِرَ لِي ذَنبِي.

إِلهي وَإِنِّي أَدعُوكَ وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهَا صَفوَتُكَ أَبُونَا آدَمَ عليه‌السلام وَهُوَ مُسِيءٌ ظَالِمٌ حِينَ أَصَابَ الخَطِيئَةَ فَغَفَرتَ لَهُ خَطِيئَتُهُ وَتُبتَ عَلَيهِ وَاستَجَبتَ لَهُ دَعوَتَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَريباً يَا قَريبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تَغفِرَ لِي خَطِيئَتِي وَتَرضى عَنِّي ، فَإِن لَم تَرضَ عَنِّي فَاعفُ عَنِّي فَإِنِّي مُسِيءٌ ظَالِمٌ خَاطِيءٌ عاصٍ ، وَقَد يَعفُو السَّيِّدُ عَن عَبدِهِ وَلَيسَ بِرَاضٍ عَنهُ ، وَأَن تُرضِيَ عَنِّي خَلقَكَ وَتُمِيطَ عَنِّي حَقَّكَ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي دَعَاكَ بِهِ إِدرِيسُ عليه‌السلام فَجَعَلتَهُ صِدِّيقاً نَبِيّاً

٢١٢

وَرَفَعتَهُ مَكَاناً عَلِيّاً وَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَجعَلَ مَآبِي إِلَى جَنَّتِكَ ، وَمَحَلِّي فِي رَحمَتِكَ ، وَتُسكِنَني فِيهَا بِعَفوِكَ ، وَتُزَوَّجَنِي مِن حُورِهَا بِقُدرَتِكَ يَا قَدِيرُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي دَعَاكَ بِهِ نُوحٌ إِذ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَغلُوبٌ فَانتَصِرَ فَفَتَحتَ [لَهُ] أَبوَابَ السَّماَءِ بِمَاءٍ مُنهَمِرٍ وَفَجَّرتَ [لَهُ] (١) الأَرضَ عُيُونَاً فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمرٍ قَد قُدِرَ ، وَتَجَّيتَهُ عَلَى ذَاتِ أَلوَاحٍ وَدُسُرٍ ، فَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تُنجِيَنِي مِن ظُلمِ مَن يُرِيدُ ظُلمِي وَتَكُفَّ عَنِّي بَأسَ مَن يُرِيدُ هَضمِي ، وَتَكفِيَني شَرَّ كُلِّ سُلطَانٍ جَائِرٍ ، وَعَدُوٍّ قَاهِرٍ ، وَمُستَخَفٍّ قَادِرٍ ، وَجَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَكُلِّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ ، إِنسِيٍّ شَدِيدٍ ، وَكَيدَ كُلِّ مَكِيدٍ ، يَا حَلِيمُ يَا وَدُودُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ صَالِحٌ عليه‌السلام فَنَجَّيتَهُ مِنَ الخَسفِ ، وَأَعلَيتَهُ عَلَى عَدُوِّهِ ، وَاستَجَبتَ دُعَاؤَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُخَلِّصَنِي مِن شَرَّ مَا يُرِيدُنِي أَعدَائِي بِهِ ، وَيَبغِي لِي حُسَّادِي ، وَتَكفِيَهُم بِكِفَايَتِكَ ، وَتَتَوَلاّنَِي بِوِلاَيَتِكَ ، وَتَهدِيَ قَلبِي بِهُدَاكَ ، وَتُؤَيِّدَنِي بِتَقوَاكَ ، وَتُبَصِّرَنِي (٢) بِمَا فِيهِ رِضَاكَ ، وَتُغنِيَني بِغِنَاكَ ، يَا حَلِيمُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ وَخَليلُكَ إِبرَاهِيمُ حِينَ أَرَادَ نَمرُودُ إِلقَاءَهُ فِي النَّارِ فَجَعَلتَ النَّارَ لَهُ بَرداً وَسَلاَماًً وَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن نُبَرِّدَ عَنِّي حَرَّ نَارِكَ ، وَتُطفِيءَ عَنِّي لَهيبُهَا ، وَتَكفِيَني حَرَّهَا ، وَتَجعَلَ نَائِرَةَ أَعدَائِي في شِعَارِهِم وَدِثَارِهِم ، وَتَرُدَّ كَيدَهُم فِي نُحُورِهِم ، وَتُبَارِكَ لِي فيمَا أَعطَيتَنيهِ كَمَا بَارَكتَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ ، إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ الحَمِيد المَجِيدُ.

__________________

١ ـ هذا هو الظاهر الموافق للبلد الأمين ، وما بين المعقوفات منه ، وفي المهج : «ففتحنا ... وفجّرنا».

٢ ـ وتنصرني (خ ل).

٢١٣

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالإِسمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ إِسماَعِيلُ عليه‌السلام فَجَعَلتَهُ نَبِيّاً وَرَسُولاً وَجَعَلتَ لَهُ حَرَمَكَ مَنسَكاً وَمَسكَناً وَمَأوَىً ، وَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ رَحمَةً مِنكَ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَاقَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تَفسَحَ لِي فِي قَبرِي ، وَتَحُطَّ عَنِّي وِزرِي ، وَتَشُدُّ لِي أَزرِي ، وَتُغفِرَ لِي ذَنبِي ، وَتَرزُقَنِي التَّوبَةَ بِحَطِّ السَّيِّئاتِ وَتَضَاعُفِ الحَسَنَاتِ وَكَشفِ البَلِيَّاتِ ، وَرِبحِ التِّجَارَاتِ ، وَدَفعِ مَعَرَّةِ السَّعَايَاتِ ، إِنَّكَ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَمُنزِلَ البَرَكَاتِ وَقَاضِي الحَاجَاتِ وَمُعطِيَ الخَيرَاتِ وَجَبَّارُ السَّماَوَاتِ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ ابنُ خَلِيلِكَ إِسماَعِيلُ عليه‌السلام الَّذِي نَجَّيتَهُ مِن الذِّبحِ وَفَدَيتَهُ بِذِبحٍ عَظِيمٍ وَقَلَّبتَ لَهُ المِشقَصَ حَتَّى نَاجَاكَ مُوقِناً بِذِبحِهِ رَاضِياً بِأَمرِ وَالِدِهِ ، واستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُنجِيَني مِن كُلِّ سُوءٍ وَبَلِيَّةٍ ، وَتَصرِفَ عَنِّي كُلَّ ظُلمَةٍ وَخيمَةٍ ، وَتَكفِيَني مَا أَهَمَّني مِن أُمُورِ دُنيَايَ وَآخِرَتي ، وَمَا أُحَاذِرُهُ وَأَخشَاهُ ، وَمِن شَرِّ خَلقِكَ أَجمَعِينَ ، بِحَقِّ آلِ يَاسِينَ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ لُوطٌ عليه‌السلام فَنَجَّيتَهُ وَأَهلَهُ مِنَ الخَسفِ وَالهَدمِ وَالمَثلاتِ وَالشِّدَّةِ وَالجَهدِ ، وَأَخرَجتَهُ وَأَهلَهُ مِنَ الكَربِ العَظِيمِ ، وَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَأذَنَ بِجَمعِ ما شِئتَ مِن شَملي ، وَتُقِرَّ عَينِي بِوَلَدِي وَأَهلِي وَمَالِي ، وَتُصلِحَ لِي أُمُورِي ، وَتُبَارِكَ لِي فِي جَمِيعِ أَحوَالِي ، وَتُبَلِّغَني فِي نَفسي آمَالِي ، وَتُجِيرَنِي ، مِنَ النَّارِ ، وَتَكفِيَني شَرَّ الأَشرَارِ بِالمُصطَفَينِ الأَخيَارِ ، الأَئِمَّةِ الأَبرَارِ وَنُورِ الأَنوَارِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الأَخيَارِ ، الأَئِمَّةِ المَهدِيِّينَ ، والصَّفوَةِ المُنتَجَبِينَ ، صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ ، وَتَرزُقَنِي مُجَالَسَتَهُم وَتَمُنُّ عَلَيَّ بِمُرَافَقَتِهِم ، وَتُوَفِّقَ لِي صُحبَتَهُم مَعَ أَنُبِيَائِكَ المُرسَلِينَ وَمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَأَهلِ طَاعَتِكَ أَجمَعِينَ ، وَحَمَلَةَ عَرشِكَ وَالكَرُّوبيِّينَ.

٢١٤

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي سَأَلَكَ بِهِ يَعقُوبُ وَقَد كُفَّ بَصَرَهُ وَشُتِّتَ جَمعُهُ ، وَفُقِدَ قُرَّةُ عَينِهِ إِبنُهُ ، فَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَجَمَعتَ شَملَهُ ، وَأَقرَرتَ عَينَهُ ، وَكَشَفتَ ضُرَّهُ ، وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمِّدٍ ، وَأَن تَأذَنَ لِي جَمِيعَ مَا تَبَدَّدَ مِن أَمرِي ، وَتُقِرَّ عَينِي بِولدي وَأَهلِي ، وتُصلِحَ لِي شَأنِي كُلَّهُ ، وَتُبَارِكَ لِي فِي جَمِيعِ أَحوَالِي ، وَتُبَلِّغَنِي فِي نَفسي آمَالِي ، وَتُصلِحَ لِي أَفعَالِي ، وَتَمُنَّ عَلَيَّ يَا كَرِيمُ يَا ذَا المَعَالِي بِرَحمَتِكَ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ ونَبِيُّكَ يُوسُفُ عليه‌السلام فَاستَجَبتَ لَهُ وَنَجَّيتَهُ مِن غَيَابَتِ الجُبِّ ، وَكَشَفتَ ضُرَّهُ ، وَكَفَيتَهُ كَيدَ إِخوَتِهِ ، وَجَعَلتَهُ بَعدَ العُبُودِيَّةِ مَلِكاً ، وَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَدفَعَ عَنِّي كَيدَ كُلِّ كَائِدٍ وَشَرَّ كُلِّ حَاسِدٍ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُوسى بن عِمرَانَ إِذ قُلتَ تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ : وَنَادَينَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيمَنِ وَقَرَّبنَاهُ نَجِيّاً (١) وَضَرَبتَ لَهُ طَرِيقاً فِي البَحرِ يَبَساً ، وَنَجَّيتَهُ وَمَن تَبِعَهُ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ ، وَأَغرَقتَ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ، وَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَسأَلُكَ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُعِيذَنِي مِن شَرِّ خَلقِكَ ، وَتُقَرِّبَنِي مِن عَفوِكَ ، وَتَنشُرَ عَلَيَّ مِن فَضلِكَ مَا تُغنِيَني بِهِ عَن جَمِيعِ خَلقِكَ ، وَيَكُونَ لِي بَلاغاً أَنَالُ بِهِ مَغفِرَتَكَ وَرِضوَانَكَ ، يَا وَلِيِّي وَوَلِيَّ المُؤمِنِينَ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالإِسمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ دَاوُودُ ، فَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَسَخَّرتَ لَهُ الجِبَالَ يُسَبِّحنَ مَعَهُ بِالعَشِيِّ وَالإِبكَارِ ، وَالطَّيرُ مَحشُورَةٌ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ، وَشَدَّدتَ مُلكَهُ وَآتَيتَهُ الحِكمَةَ وَفَصلَ الخِطَابِ ، وَاَلَنتَ لَهُ الحَدِيدَ ، وَعَلَّمتَهُ صُنعَةَ

__________________

١ ـ (٥٢ / مريم / ١٩).

٢١٥

لَبُوسٍ لَهُم ، وَغَفَرتَ ذَنبَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُسَخِّرَ لِي جَمِيعِ أُمُورِي ، وَتُسَهِّلَ لِي تَقدِيرِي ، وَترزُقَنِي مَغفِرَتَكَ وَعِبَادَتَكَ ، وَتَدفَعَ عَنِّي ظُلمِ الظَّالِمِينَ وَكَيدَ الكَائِدِينَ وَمَكرِ المَاكِرِينَ وَسَطَوَاتِ الفَرَاعِنَةِ الجَبَّارينَ وَحَسَدِ الحَاسِدينَ ، يَا أَمَانَ الخَائِفِينَ وَجَارَ المُستَجِيرينَ وَثِقَةِ الوَاثِقِينَ وَرَجَاءِ المُتَوَكِّلِينَ وَمُعتَمَدِ الصَّالِحِينَ ، يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ.

إِلهي وَأَسأَلُكِ اللّهُمَّ بِالإِسمِ الَّذِي سَأَلَكَ بِهِ عَبدَكَ وَنَبِيُّكَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُودَ عليهما‌السلام إِذ قَالَ رَبِّ اغفِر لِي وَهَب لِي مُلكاً لاَ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعدِي ، إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ ، فَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَطَعتَ لَهُ الخَلقَ ، وَحَمَلتَهُ عَلَى الرِّيحِ ، وَعَلَّمتَهُ مَنطِقَ الطَّيرِ ، وَسَخَّرتِ لَهُ الشَّيَاطِينَ مِن كُلِّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ، وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصفَادِ ، هَذَا عَطَاؤُكَ لاَ عَطَاؤُ غَيرِكَ ، وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَهدِيَ لِي قَلبي ، وَتَجمَعَ لِي لُبِّي ، وَتَكفِيَني هَمِّي ، وَتُؤمِنَ خَوفي ، وَتَفُكَّ ، أَسرِي ، وَتَشُدَّ أَزرِي ، وَتُمَهِلَني وَتُنَفِّسَني ، وَتَستَجِيبَ دُعَائي ، وَتَسمَعَ نِدَائي ، وَلاَ تَجعَلَ فِي النَّارِ مَأواي ، وَلاَ الدُّنيا أَكبَرَ هَمِّي ، وَأَن تُوَّسِّعَ عَلَيَّ رِزقِي ، وَتُحَسِّنَ خُلقي ، وَتُعتِقَ رَقَبَتي ، فإِنَّكَ سَيِّدي وَمَولاي وَمؤَمَّلي.

إِلهي وأَسأَلُكَ اللّهُمَّ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ أَيُّوبُ عليه‌السلام لَمَّا حَلَّ بِهِ البَلاءُ بَعدَ الصِحَّةِ ، وَنَزَلَ السُّقمُ مِنهُ مَنزِلَ العَافِيَةِ ، وَالضِّيقُ بَعدَ السِّعَةِ ، فَكَشَفتَ ضُرَّهُ وَرَدَدتَ عَلَيهِ أَهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم حِينَ نَادَاكَ دَاعِيَاً لَكَ رَاغِباً إِلَيكَ رَاجِياً لِفَضلِكَ شَاكِياً إِلَيكَ : رَبِّ إِنِّي مَسَّنِيَ الضُرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَكَشَفتَ ضُرَّهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَكشِفَ ضُرِّي ، وَتُعَافِيَني فِي نَفسي وأَهلِي وَمَالِي وَولدي وَإِخوَاني فِيكَ ، عَافِيَةً بَاقِيَةً شَافِيَةً كَافِيَةً وَافِرَةً هَادِيَةً نَامِيَةً مُستَغنِيَةً عَنِ الأَطِبَّاءِ وَالأَدوِيَةِ ، وَتَجعَلَهَا شِعَاري وَدِثَاري ، وَتُمَتَّعني بِسَمعي وَبَصَري ، وَتَجعَلَهُمَا الوَارِثَينِ مِنِّي ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٍ.

٢١٦

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ يُونُسُ بنُ مُتّى فِي بَطنِ الحُوتِ حينَ نَادَاكَ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ، أَن لا إِلهَ إِلَّا أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَنبَتَّ عَلَيهِ شَجَرَةً مِن يَقطِينٍ وَأَرسَلتَهُ إِلى مَائَةِ أَلفٍ أَو يَزِيدُونَ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَستَجِيبَ دُعَائِي ، وَتُدَارِكَني بِعَفوِكَ فَقَد غَرَقتُ فِي بَحرِ الظُّلمِ لِنَفسِي ، وَرَكِبَتني مَظَالِمُ كَثِيرَةٌ لِخَلقِكَ عَلَيَّ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاستُرنِي مِنهُم ، وَأَعتِقنِي مِنَ النَّارِ ، وَاجعَلني مِن عُتَقَائِكَ وَطُلَقَائِكَ مِنَ النَّارِ فِي مَقَامِي هَذَابِمَنِّكَ يَا مَنَّانُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ عِيسَى بنُ مَريَمُ عَلَيهِمَا السَّلامُ إِذ أَيَّدَتهُ بِرُوحِ القُدُسِ وَأَنطَقتَهُ فِي المَهدِ فَأَحيَا بِهِ المَوتى وَأَبرأَ بِِهِ الأَكمَهَ وَالأَبرَضَ بإِذنِكَ ، وَخَلَقَ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَصَارَ طَائِرَاً بإِذنِكَ ، وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُفَرِّغَني لِمَا خَلَقتَ لَهُ ، وَلاَ تَشغَلَني بِمَا تَكَفَّلتَهُ لِي ، وَتَجعَلَني مِن عُبَّادِكَ وَزُهَّادِكَ فِي الدُّنيَا وَمِمَّن خَلَقتَهُ لِلعَافِيَةِ وَهَنَّأتَهُ بِهَا مَعَ كَرَامَتِكَ ، يَا كَرِيمُ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ آصِفُ بنُ بَرخِيَا عَلَى عَرشِ مَلَكَةِ سَبَا فَكَانَ أَقَلَّ مِن لَحظَةِ الطَّرفِ حَتَّى كَانَ مَصَوَّرَاً بَينَ يَدَيهِ ، فَلَمَّا رَأَتهُ قِيلَ أَهكَذَا عَرشُكِ؟ قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ ، فَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَ [أن] تُكَفِّرَ عَنِّي سَيِّئاتي ، وَتَقبَلَ مِنِّي حَسَنَاتِي ، وَتَقبَلَ تَوبَتِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ ، وَتُغنِي فَقرِي ، وَتَجبُرَ كَسرِي ، وَتُحيِيَ فُؤَادِي بِذِكرِكَ ، وَتُحيِيَنِي فِي عَافِيَةٍ ، وَتُمِيتَني فِي عَافِيَةٍ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالإِسمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ زَكَرِيَّا عليه‌السلام حِينَ سَأَلَكَ دَاعِياً لَكَ رَاغِبَاً إِلَيكَ رَاجِياً لِفَضلِكَ ، فَقَامَ فِي المِحرَابِ يُنَادِي نِدَاءَاً خَفِيّاً فَقَالَ رَبِّ هَب لِي مِن لَدُنكَ وَلِيَّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِن آلِ يَعقُوبَ وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيَّاً ، فَوَهَبتَ لَهُ يَحيَى وَاستَجَبتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَاقَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ

٢١٧

عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُبقِيَ لِي أَولاَدِي وَأَن تُمَتِّعَنِي بِهِم ، وَتَجعَلَنِي وَإِيَّاهُم مُؤمِنِينَ لَكَ رَاغِبِينَ فِي ثَوَابِكَ خَائِفِينَ مِن عِقَابِكَ ، رَاجِينَ لِمَا عِندَكَ آيِسِينَ مِمَّا عِندَ غَيرِك ، حَتَّى تُحيِيَنَا حَيَاةً طَيِّبَةً وَتُمِيتَنَا مَيتَةً طَيِّبَةً ، إِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالإِسمِ الَّذِي سَأَلَتكَ بِهِ إِمرَأَةُ فِرعَونَ إِذ قَالَت رَبِّ ابنِ لِي عِندَكَ بَيتَاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِن القَومِ الظَّالِمِينَ ، فَاستَجَبتَ لَهَا دُعَاءَهَا وَكُنتَ مِنهَا قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تُقِرَّ عَينِي بِالنَّظَرِ إِليَ جَنَّتِكَ وَوَجهِكَ الكَرِيمِ وَأَولِيَائِكَ ، وَتُفَرِّجَنِي بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَتُؤنِسَنِي بِهِ وَبِآلِهِ وَبِمُصَاحَبَتِهِم وَمرَافَقَتِهِم وَتَمَكِّنَ لِي فِيهَا ، وَتُنَجِّيَني مِنَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّ لأَهلِهَا مِن السَّلاسِلِ وَالأَغلاَلِ وَالشَّدَائِدِ وَالأَنكَالِ وَأَنوَاعِ العَذَابِ بِعَفوِكَ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي دَعَتكَ بِهِ عَبدَتُكَ وَصِدِّيقَتُكَ مَريَمُ البَتُولَ وَأُمُّ المَسِيحِ الرَّسُولِ عليهما‌السلام إِذ قُلتَ : (وَمَريَمَ ابنَتَ عِمرَانَ الَّتِي أَحصَنَت فَرجَهَا فَنَفَخنَا فِيهِ مِن رُوحِنَا وَصَدَّقَت بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَت مِنَ القَانِتِينَ) (١) فَاستَجَبتَ دُعَاءَهَا وَكُنتَ مِنهَا قَرِيباً ، يَا قَرِيبُ أَن أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تُحصِنَني بِحِصنِكَ الحَصِينِ ، وَتَحجُبَنِي بِحِجَابِكَ المَنِيعِ ، وَتَحرُزَنِي بِحِرزِكَ الوَثِيقِ ، وَتَكفِيَنِي بِكِفَايَتِكَ الكَافِيَةِ مِن شَرِّ كُلِّ سَاحِرٍ وَجَورِ كُلِّ سُلطَانٍ فَاجِرٍ بِمَنعِكَ يَا مَنِيعُ.

إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالإِسمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ وَصَفِيُّكَ وَخِيَرَتُكَ مِن خَلقِكَ وَأَمِينُكَ عَلَى وَحيِكَ وَبَعِيثُكَ إِلى بَرِيَّتِكَ وَرَسُولِكَ إِلى خَلقِكَ مُحَمَّدٌ خَاصَّتُكَ وَخَالِصَتُكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَاستَجَبتَ دُعَاءَهُ وَأَيَّدَتهُ بِجُنُودٍ لَم يَرَوهَا ، وَجَعَلتَ كَلِمَتَكَ العُليَا وَكَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفلَى ، وَكُنتَ مِنهُ قَرِيبَاً ، يَا قَرِيبُ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاَةً زَاكِيَةً نَامِيَةً بَاقِيَةً مُبَارَكَةً كَمَا صَلَّيتَ عَلى أَبِيهِم

__________________

١ ـ (١٢ / التحريم / ٦٦).

٢١٨

إِبرَاهِيمَ وَآلِ إِبرَاهِيمَ ، وَبَارِك عَلَيهِم كَمَا بَارَكتَ عَلَيهِم ، وَسَلَّمَ عَلَيهِم كَمَا سَلَّمتَ عَلَيهِم ، وَزِدهُم فَوقَ ذَلِكَ كُلِّهِ زِيَادَةٌ مِن عِندِكَ ، وَاخلُطنِي بِهِم وَاجعَلنِي مِنهُم وَاحشُرنِي مَعَهُم وَفِي زُمرَتِهِم حتَّى تَسقِيَني مِن حَوضِهِم ، وَتُدخِلَني فِي جُملَتِهِم وَتَجمَعَني وَإِيَّاهُم ، وَتُقِرَّ عَيني بِهِم ، وَتُعطِيَني سُؤلي وَتُبَلِّغَني آمَالي فِي دِيني وَدُنيَايَ وَآخِرَتي وَمَحيَايَ وَمَمَاتي ، وَتُبَلِّغَهُم سَلامي وَتَرُدَّ عَلَيَّ مِنهُم السَّلامُ وَعليهم‌السلام وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

إِلهي وَأَنتَ الَّذِي تُنَادي فِي أَنصَافِ كُلِّ لَيلَةٍ ، هَل مِن سَائِلٍ فَأُعطِيَهُ؟ أَم هَل مِن دَاعٍ فَأُجِيبَهُ؟ أَم هَل مِن مُستَغفِرٍ فَأَغفِرَ لَهُ؟ أَم هَل مِن رَاجٍ فَأُبَلِّغَهُ رَجَاءَهُ؟ أَم هَل مِن مَؤَمِّلٍ فَأُبَلِّغَهُ أَمَلَهُ؟ هَا أَنَا سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ ، وَمِسكينُكَ بِبَابِكَ ، وَضَعيفُكَ بِبَابِكَ ، وَفَقِيرُكَ بِبَابِكَ ، وَمُؤَمِّلُكَ بِفِنَائِكَ ، أَسأَلُكَ نَائِلَكَ وَأَرجُو رَحمَتَكَ ، وَأُؤَمِّلُ عَفوَكَ ، وَأَلتَمِسُ غُفرَانَكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعطِني سُؤلي وَبَلِّغني أَمَلِي وَاجبُر فَقري ، وَارحَم عِصيَاني ، وَاعفُ عَن ذُنُوبي ، وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ المَظَالِم لِعِبَادِكَ رَكِبَتني وَقَوِّ ضَعفِي وَأَعِزَّ مَسكَنَتي وَثَبِّت وَطأَتي وَاغفِر جُرمي وَأَنعِم بَالي وَأَكثِر مِنَ الحَلالِ مَالي ، وَخِر لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَفعَالي ، وَرضِّني بِهَا وَارحَمني وَوَالِدَيَّ وَمَا وَلَدا مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِمَاتِ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدَّعَوَاتِ مِن بِرِّهِمَا مَا أَستَحِقُّ بِهِ ثَوَابَكَ وَالجَنَّةَ ، وَتَقَبَّل حَسَنَاتِهِمَا ، وَاغفِر سَيِّئَاتِهِمَا ، وَاجزِهِمَا بِأَحسَنِ مَا فَعَلا بِي ثَوَابَكَ وَالجَنَّةَ.

إِلهي وَقَد عَلِمتُ يَقِيناً أَنَّكَ لاَ تَأمُرُ بِالظُّلمِ وَلاَ تَرضَاهُ ، وَلاَ تَمِيلُ إِلَيهِ وَلاَ تَهوَاهُ ، وَلاَ تُحِبُّهُ وَلاَ تَغشَاهُ ، وَنَعلَمُ مَا فِيهِ هؤُلاءِ القَومِ مِن ظُلمِ عِبَادِكَ وَبَغيِهِم عَلَينَا ، وَتَعَدَّيهِم بِغَيرِ حَقٍّ وَلاَ مَعرُوفٍ بَل ظُلماً وَعُدوَاناً وَزُوراً وَبُهتَاناً ، فَإِن كُنتَ جَعَلتَ لَهُم مُدَّةً لابُدَّ مِن بُلُوغِهَا أَو كَتَبتَ لَهُم آجَالاً يَنَالُونَهَا ، فَقَد قُلتَ وَقَولُكَ

٢١٩

الحَقُّ وَوَعُدُكَ الصِّدقُ (يَمحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ) (١) فَأَنَا أَسأَلُكَ بِكُلِّ مَا سَأَلَكَ بِهِ أَنبِيَاؤُكَ المُرسَلُونَ وَرُسُلُكَ.

وَأَسأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ وَمَلائِكَتُكَ المُقَرَّبُونَ أَن تَمحُوَ مِن أُمِّ الكِتَابِ ذَلِكَ ، وَتَكتُبَ لَهُم الإِضمِحلاَلَ وَالمَحَقَ حَتَّى تُقَرِّبَ آجَالَهُم وَتَقضي مُدَّتَهُم وَتُذهِبَ أَيَّامَهُم وَتُبَتِّرَ أَعمَارَهُم وَتُهلِكَ فُجَّارَهُم وَتُسَلِّطَ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ حَتَّى لاَ تُبقِيَ مِنهُم أَحَداً وَلا تُنَجِّيَ مِنهُم أَحَداً وَتُفَرِّقَ جُمُوعَهُم ، وَتُكِلَّ سِلاَحَهُم وَتُبَدِّدَ شَملَهُم وَتُقَطِّعَ آجَالَهُم وَتُقَصِّرَ أَعمَارَهُم وَتُزَلزِلَ أَقدَامَهُم وَتُطَهِّرَ بِلاَدَكَ مِنهُم وَتُظهِرَ عِبَادِكَ عَلَيهِم ، فَقَد غَيَّرُوا سُنَّتَكَ وَنَقَضُوا عَهدَكَ وَهَتَكُوا حَريمَكَ وَأَتَوا عَلَى مَا نَهَيتَهُم عَنهُ وَعَتَوا عُتُوَّاً كَبيراً وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأذَن لِجَمعِهِم بِالشَّتَاتِ وَلَحِيِّهِم بِالمَمَاتِ وَلأَزوَاجِهِم بِالنَّهَبَاتِ وَخَلِّص عِبَادَكَ مِن ظُلمِهِم وَأَقبِض أَيدِيَهُم عَن هَضمِهِم وَطَهِّر أَرضَكَ مِنهُم وَأذَن بِحَصدِ نَبَاتِهِم وَاستِيصَالِ شَأفَتِهِم وَشَتَاتِ شَملِهِم وَهَدمِ بُنيَانِهِم يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ.

وَأَسأَلُكَ يَا إِلهي وَإِلهَ كُلِّ شَيءٍ وَرَبِّي وَرَبَّ كُلُّ شَيءٍ ، وَأَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ عَبدَاكَ وَرَسُولاَكَ وَنَبِيَّاكَ وَصَفِيَّاكَ مُوسى وَهَارُونَ عليهما‌السلام حِينَ قَالاَ دَاعِيَينِ لَكَ رَاجِيَينِ لِفَضلِكَ : (رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَموَالاً فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطمِس عَلَى أَموَالِهِم وَاشدُد عَلَى قُلُوبِهِم فَلا يُؤمِنُوا حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمِ) (٢) فَمَننتَ وَأَنعَمتَ عَلَيهِمَا بِالإِجَابَةِ لَهُمَا إِلى أَن قَرَعتَ سَمعَهُمَا بِأَمرِكَ ، فَقُلتَ اللّهُمَّ رَبِّ : (قَد أُجِيبَت دَعوَتُكُمَا فَاستَقِيمَا وَلاَ تَتّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعلَمُونَ) (٣) أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَطمِسَ عَلَى أَموَالِ هؤُلاءِ الظَّلَمَةِ وَأَن تَشدُدَ عَلَى قُلُوبِهِم وَأَن تَخسِفَ بِهِم بَرَّكَ وَأَن تُغرِقَهُم فِي بَحرِكَ ، فَإِنَّ السَّماَوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا فِيهِمَا لَكَ ، وَأَرِ الخَلقَ قُدرَتَكَ

__________________

١ ـ (٣٩ / الرعد / ١٣).

٢ ـ (٨٨ / يونس / ١٠).

٣ ـ (٨٩ / يونس / ١٠).

٢٢٠