بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-284-5
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٥٩١

تفصيل القول فيه سابقا ، غاية ما في الباب ، كون ترك النصب منه قبيحا لو فرض عدم المصلحة فيه ، لكنه لا يرفع قبح ترك الاحتياط من العبد وحسن مؤاخذته على الواقع المتروك ؛ إذ لا ملازمة بينهما أصلا ، ولا دخل لأحدهما بالآخر جزما ؛ إذ مورد أحد القبيحين فعل العبد من غير أن يكون له دخل بفعل المولى ، ومورد الآخر فعل المولى من غير أن يكون له دخل بفعل العبد.

والحاصل : أنّ هنا قاعدتين لا دخل لأحدهما بالأخرى ولا ارتباط بينهما أصلا ، أحدهما : وجوب اللطف والبيان على المولى. الثانية : وجوب الاحتياط وتحصيل الإطاعة القطعيّة العلميّة على العبد بعد العلم الإجمالي بإرادة المولى ، وإن لم يعلم المراد تفصيلا : بأن تردّد بين أمرين ، أو أمور متباينة ، أو الأقلّ والأكثر ، فالتوهّم المذكور فاسد جدّا.

فقد تبيّن مما ذكرنا كلّه : عدم الارتياب في حكم العقل بالبراءة في المقام بالنظر إلى قاعدة قبح العقاب من غير بيان سواء جعل مورده الوجوب النفسي المحتمل المتعلّق بالأكثر ، أو الغيري المتعلّق بالجزء المشكوك بالنظر إلى ذاته من حيث توقف وجود الكل عليه ؛ من جهة كون تركه سببا لترك الكل ، أو عينه على ما عرفت الإشارة إليه سابقا ؛ لأن المعاقب عليه وإن كان ترك الكلّ إلاّ أن السبب له ترك الجزء الذي لم يبيّنه الشارع وهذا المقدار يكفي في جريان القاعدة وحكم العقل.

٤١

(٤) قوله قدس‌سره : ( فإن قلت : إن بناء العقلاء ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٣١٨ )

أقول : هذا السؤال إشارة إلى ما زعمه غير واحد وركن إليه في منع جريان قاعدة القبح في المقام وكون العقل مستقلاّ في الحكم بوجوب الاحتياط ؛ من جهة إلزامه دفع الضّرر المحتمل مستكشفا ذلك من بناء العقلاء على ذلك في الأوامر العرفيّة الصّادرة من الموالي بالنسبة إلى العبيد ، أو الأطبّاء بالنسبة إلى

المرضى ، فهو إيماء إلى ما عرفته في طيّ الاستدلال للقول بوجوب الاحتياط في المقام.

(٥) قوله : ( قلت : أمّا أوامر الطبيب فهي إرشاديّة ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣١٨ )

__________________

(١) قال الأصولي الجليل الشيخ موسى بن جعفر التبريزي قدس‌سره :

« حاصله : بيان الفرق بينما كان الغرض من الأمر إطاعة العبد لمولاه وبينما كان الغرض منه حصول شيء آخر ، وكان المأمور به مقدمة لحصوله بأن كان الأمر به إرشادا للمكلّف إلى تحصيل هذا الشيء بل كان هو المأمور به في الحقيقة بدعوى تقبيح العقلاء لمؤاخذة المولى لو عاقب العبد لأجل ترك الجزء المشكوك فيه في المقام الأوّل وحيث كان طريق الإطاعة والمعصية موكولة إلى طريقة العقلاء في أوامرهم العرفيّة يثبت بذلك حصول الإطاعة بالإتيان بالأقل وإن كان المأمور به عند المولى هو الأكثر بخلاف ما لو كان الغرض من المأمور به تحصيل شيء آخر بحيث كان حصوله موقوفا على حصول جميع أجزاء المأمور به الواقعي ؛ لأن بناءهم على الإحتياط عند الشك في بعض أجزائه وشرائطه إنما هو من جهة كون نفي جزئيّة المشكوك فيه أو شرطيّته منافيا للغرض المقصود من الأمر ، وأوامر الطبيب من هذا القبيل ، وما نحن فيه من قبيل الأوّل ولذا قلنا بوجوب الإحتياط عند الشك في بعض أجزاء الطهارات الثلاث أو شرائطها » إنتهى. أنظر أوثق الوسائل : ٣٦٢.

٤٢

في إبداء الفرق بين أوامر المقام وأوامر الأطباء

أقول : ما أفاده في الجواب عن السؤال يرجع إلى إبداء الفرق بين المقام وبين أوامر الأطبّاء مع تسليم وجوب الاحتياط في الثاني : بأن أوامرهم إرشاديّة محضة لا يقصد منها إلا تحصيل ما هو الثابت في المأمور به من الخواص والفوائد. ومن المعلوم ضرورة لزوم الاحتياط فيما إذا تعلق الغرض بتحصيل عنوان من الفعل يشكّ في حصوله بترك بعض ما يعلم بعدم كون فعله مضرّا ولم يزل بناء العقلاء على الالتزام بفعله ، ولو لم يكن هناك أمر من أحد أصلا ، على ما عرفت الإشارة إليه ؛ لئلا يلزم نقض الغرض.

وهذا بخلاف المقام المفروض كون الأمر فيه مولويّا وإن كان له جهة إرشاد يتكلّم فيه ويبحث عنه : من حيث الإطاعة والمعصية ؛ فإن العقل مستقلّ في الحكم فيه بكفاية فعل الأقلّ في التخلّص عن تبعة العقاب وتحقّق الإطاعة التي لا واقعيّة لكيفيّتها وشؤونها إلاّ بملاحظة حكم العقل وإن لم يقطع بحصول الواجب الواقعي في ضمن ما يتحقّق به الإطاعة وهو فعل الأقلّ في مفروض البحث ؛ فإن هذا ليس شرطا في تحقق الإطاعة الموجب لاستحقاق الثواب ورفع العقاب.

إذ قد عرفت ـ من مطاوي كلماتنا السابقة في هذا الجزء وفي الجزء الأوّل من التعليقة غير مرّة ـ : أن الخطابات الواقعيّة والأحكام النفس الأمريّة ليس ممّا

٤٣

يقتضي بأنفسها وجوب الإطاعة وحرمة المعصية بحيث يترتّبان على وجودها النفس الأمري ويكون لهما كنفس الأحكام ثبوت واقعيّ ونفس أمريّته (١) ، بل هما من الأحكام العقليّة الوجدانيّة يختلف مراتبهما في حكم العقل بحسب اختلاف الموارد والحالات : فقد يحكم العقل في مقام بلزوم تحصيل العلم والقطع ، ولا يكتفى بغيره في مقام الإطاعة. وقد يحكم في مقام بلزوم تحصيل مرتبة من الظّن ، ولا يكتفى بغيره في حصول الإطاعة. وقد يحكم بكفاية مطلق الظنّ ولا يكتفى بغيره. وقد يكتفى في مقام الإطاعة ببعض محتملات الواقع ، هذا بالنسبة إلى أوامر الطبيب.

وأمّا الأوامر الصادرة من الموالي بالنسبة إلى عبيدهم :

فإن كانت مولويّة فنلتزم فيها بما التزمنا بالنسبة إلى الأوامر الشرعيّة : من قبح المؤاخذة على ترك الواقع المسبّب عن ترك الجزء المشكوك للمركّب الذي تعلّق به الأمر المولوي ، ودعوى حكم العقلاء على خلافه مكابرة بيّنة واضحة.

وإن كانت إرشادية محضة فحالها حال أوامر الأطبّاء.

__________________

(١) كذا والظاهر : « نفس أمريّة » والصحيح : « نفس أمريّ ».

٤٤

(٦) قوله قدس‌سره : ( نعم ، قد يأمر المولى بمركّب يعلم أن المقصود منه ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣١٩ )

أقول : ما استدركه إشارة إلى تسليم وجوب الاحتياط بفعل ما شكّ في مدخليّته وجزئيّته ، وحسن المؤاخذة من المولى على تركه فيما يفرض الأمر المولوي المتعلّق بالمركّب المردّد بين الأقلّ والأكثر منبعثا عن عنوان يشكّ في حصوله بفعل الأقلّ بحيث يكون هو المأمور به الحقيقي حقيقة ويكون الأمر بالفعل

__________________

(١) أورد المحقق الجليل الشيخ رحمة الله الكرماني قدس‌سره ها هنا شطرا من تعليق الفقيه المحقق آغا رضا الهمداني قدس‌سره السابق الذكر إلى قوله : « الموجبة لاستحقاق العقاب كما لا يخفى » ـ والتي أوردناها بكاملها قبل قليل ـ ثمّ علّق عليها قائلا :

« أقول : لا بد في طلب الشارع وأمره من وجود مصلحة إمّا في ( نفس ) الطلب كما في قضيّة إسماعيل ذبيح الله عليه‌السلام ؛ فإن المصلحة في أمر الخليل بالذبح كما يحصل للخليل والذبيح ( صلوات الله عليهما ) توطين النفس للإطاعة والإنقياد لأمر المولى الحقيقي ويحصل بذلك لهما مرتبة لم تكن لهما بدون ذلك وإن لم تكن مصلحة في نفس الذبح وإلاّ لم يمنع منه بعد ايجاد مقدّماته ويلوح من كلام الهمداني أن المصلحة في القسم الثاني أيضا في المأمور به إلاّ انه بلحاظ الأمر ، فإن أراد أنّ مصلحة الطلب توجد وتحصل مصلحة في المطلوب مع انه لم يكن فيه بوجه فذلك ضبط وإن أراد أن تعلّق الطلب به مع عدم المصلحة فيه باعتبار وجود المصلحة في الطلب فلا كلام فيه.

وبالجملة : لمّا كان همّنا عدم الوقوع في معرض استحقاق العقاب طويت الكلام في المقام الثاني حامدا » إنتهى. أنظر حاشية رحمة الله على الفرائد المحشّي : ٢٧٣.

٤٥

غيريّا أو غرضا من الأمر بالفعل من غير فرق بين كون العنوان المذكور معلوما بالتفصيل ، أو مجهولا ؛ فإن تحصيل العلم بحصول العنوان المذكور لازم عند العقلاء في الصورتين ، وإن كان حكمهم به في الصورة الأولى أظهر وأوضح من حكمهم به في الصورة الثانية هذا. ولكنّك عرفت ما يتوجّه على ما أفاده في طيّ الجواب عن وجوه القول بالاحتياط ، وستمرّ الإشارة إليه في مطاوي كلماتنا بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

(٧) قوله قدس‌سره : ( فإن قلت : إن الأوامر الشرعيّة ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٣١٩ )

أقول : لمّا سلّم قدس‌سره وجوب الاحتياط فيما كان من الأمر المولوي العرفي المتعلّق بالمركّب قصد به عنوان ووجه يكون هو المكلّف به حقيقة ، أو غرضا للأمر به ، فقد تفطّن ورود سؤال على نفسه فيما بني الأمر عليه : من عدم وجوب الاحتياط في محل البحث من الشرعيّات. وقد عرفت : أنه من وجوه القائلين بالاحتياط في المقام.

ونقول توضيحا لما أفاده : أن من المسلّمات عند العدليّة : كون الأحكام الشرعيّة بأسرها مبنيّة على جهات الأفعال أو الأحكام ـ كما زعمه بعض ـ من المصالح والمفاسد وإن لم يعلم بها تفصيلا وبحقائقها. ومن هنا حكموا في مسألة الملازمة بثبوت التلازم من الطرفين ، وإنه كما يكون حكم العقل دليلا على حكم الشرع وكاشفا عنه يكون حكم الشرع أيضا كاشفا عن حكم العقل ولو كان بين

٤٦

الكشفين فرق من حيث الإجمال والتفصيل.

فالمصلحة : إمّا من قبيل العنوان والوجه للمأمور به كالطّهور المطلوب حقيقة من الأمر بإزالة الخبث ، والحدث بالوضوء والغسل الرافعين ، أو الغرض من الأمر به ، فلا بدّ إذن من الالتزام بوجوب الاحتياط في المقام وأمثاله ، ممّا يشكّ في حصول المصلحة بفعل بعض محتملات الواجب على ما وقع الاعتراف به سابقا.

والحاصل : أن الأوامر الشرعيّة بأسرها على قسمين :

أحدهما : ما يكون إرشاديّة محضة كأوامر الإطاعة والتوبة ـ على ما يقتضيه التحقيق ـ والإشهاد عند المعاملة ونحوها.

ثانيهما : ما يكون له جهتان : جهة مولويّة ، وجهة إرشادية إلى ما هو المكنون في المأمور به من المصلحة كأكثر الأوامر الواردة في الشريعة ، خلافا لبعض المدقّقين فيما حكي عنه في تعليقه على « المعالم » ؛ حيث ذهب إلى كون الأوامر الشرعيّة بأسرها إرشاديّة محضة ، في قبال الأشعري القائل بكونها مولويّة محضة. ولآخر ؛ حيث اكتفى بوجود المصلحة في الأمر. وليس لهما قسم ثالث عند العدليّة. فإذن لا بدّ من الالتزام بوجوب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به مطلقا بناء على الاستدراك المذكور. هذا حاصل ما أفاده في تقريب السؤال.

٤٧

وأما ما أفاده بقوله قدس‌سره : ( وبتقرير آخر (١) : المشهور بين العدليّة : أن الواجبات

__________________

(١) قال الشيخ موسى بن جعفر التبريزي قدس‌سره :

« هذا تقرير للسؤال على طرز آخر لا يبتني على قول الإماميّة والمعتزلة بكون الأحكام الشرعيّة ناشئة من المصالح والمفاسد الكامنة ، وقد سمعت من بعض مشايخي في تقريره :

أن شكر المنعم وإطاعته سبحانه وتعظيمه واجب بحكم العقل والمحصّل لهذه العناوين هي الواجبات الشرعيّة فهي لطف فيها بمعنى كونها مقرّبة للعبد إليها لأجل كونها مقدّمة لحصولها ، بل هذه العناوين قائمة بها فهي المأمور به في الحقيقة ، والأفعال المحصّلة لها مقدّمة لها ، أو هي أغراض مقصودة منها.

وفيه نظر ، يظهر وجهه بالتأمّل فيما حكي عن المحقق الثاني في جامعه عند بيان نيّة وجه الوجوب والندب في الوضوء قال :

« المراد بوجه الوجوب والندب السبب الباعث على ايجاب الواجب وندب المندوب فهو على ما قرّره جمهور العدليين من الإماميّة والمعتزلة : « أن السمعيّات ألطاف في العقليّات » ومعناه : أن الواجب السمعي مقرّب من الواجب العقلي أي : إمتثاله باعث على إمتثاله ؛ فإن من امتثل الواجبات السمعيّة كان أقرب إلى امتثال الواجبات العقليّة من غيره ، ولا معنى للطف إلاّ ما يكون المكلّف معه أقرب إلى الطاعة ، وكذا الندب السمعي مقرّب من الندب العقلي أو مؤكّد لإمتثال الواجب العقلي فهو زيادة في اللطف والزيادة في الواجب لا يمتنع أن يكون ندبا ولا نعني أن اللطف في العقليّات منحصر في السمعيّات ؛ فإن النبوّة والإمامة ووجود العلماء والوعد والوعيد ، بل جميع الآلام تصلح للألطاف فيها وإنّما هي نوع من الألطاف » إنتهى.

٤٨

الشرعيّة ... إلى آخر ما أفاده ) (١) فليس معناه عند التحقيق : كون الواجبات السّمعيّة منطبقة على الواجبات العقليّة بحيث يحكم العقل بها تفصيلا على تقدير علمه بجهات الأحكام وكاشفة عنها بهذه الملاحظة على وجه الإجمال ، بل كونها مقرّبة إلى الواجبات العقليّة التي استقل العقل بها مع قطع النظر عن الشارع كردّ الوديعة ونحوه ، كما يشير إليه قوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٢) وإن كان تقريبها إليها من جهة اشتمالها على ما يوجب كمال النفس والتشبّه بالروحانيّين فلعلّه قدس‌سره لاحظ الجهة المذكورة فتأمل.

وكيف كان : الظاهر من القضيّة المذكورة في كلمات المتكلّمين ما ذكرنا ، كما صرّح به قدس‌سره في مجلس البحث.

(٨) قوله قدس‌سره : ( قلت : أوّلا : إن مسألة البراءة والاحتياط ... إلى آخره ) (٣). ( ج ٢ / ٣١٩ )

__________________

وعلى كل تقدير فمبنى التقرير الأوّل على كون الغرض من الأوامر تحصيل المصالح الكامنة ، ومبنى الثاني على كون الغرض منها كون العبد قريبا من امتثال الواجبات العقليّة » إنتهى. انظر أوثق الوسائل : ٣٦٢.

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣١٩.

(٢) العنكبوت : ٤٥.

(٣) قال المحقّق آغا رضا الهمداني قدس‌سره :

٤٩

__________________

« ما ذكره أوّلا : إشارة إلى ما نبّهنا عليه آنفا : من أن الكلام في هذا المقام إنّما هو في بيان ما يقتضيه الأصل في مقام الخروج عن عهدة التكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر من البراءة والإحتياط.

وأمّا أنّ الصلاة التي يشك في جزئيّة السورة لها مثلا هل هي من جزئيات هذه المسألة أو أنّها مقدّمة لواجب عقلي يجب تحصيله لقاعدة الملازمة؟

فهو أجنبي عن ذلك ؛ إذ بعد تسليم المقدّميّة ننقل الكلام في ذلك الواجب فنقول : إن علم عنوانه تفصيلا فقد وجب الإتيان بذلك المعلوم ، وإن تردّد بين أمور متباينة وجب الإتيان بمحتملاته ، وإن تردّد بين الأقلّ والأكثر اندرج في موضوع هذه المسألة فلاحظ وتأمّل ».

إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٢٤٨.

* قال السيّد عبد الحسين اللاري قدس‌سره :

« أقول : لا يخفى أنّ كلاّ من جوابيه المذكورين لا يتمّ إلاّ على بعض الأقوال الضعيفة التي لا يقول بها المجيب هو أيضا.

والعجب كلّ العجب من المصنّف في المقام كيف اقتصر في جواب المعترض عليه بجوابين لا يتم شيء منهما على المذهب المشهور ولا على مذهبه هو أيضا.

أمّا جوابه الأوّل : فلإبتناءه على ما صرّح به من مذهب الأشاعرة دون العدليّة أو على مذهب الفصول وهو بشيء منهما لا يقول.

وأمّا جوابه الثاني : فلإبتناءه أيضا على القول باعتبار نيّة الوجه في العبادات الذي لا يقول به هو أيضا.

٥٠

__________________

والصواب في الجواب هو :

أن يجاب عن ذلك الإعتراض :

أوّلا ـ على وجه المعارضة والإجمال ـ : بأنّ استتباع الأوامر الشرعيّة للمصالح النفس الأمريّة لو كان مقتضيا للإحتياط لانسدّ باب العمل بما عداه من سائر الأصول العمليّة حتى في مورد الشك في التكليف ودوران الأمر بين الأقل والأكثر الإستقلالي بل وفي الشبهات الموضوعيّة من الشك في التكليف والحال ان اللازم باطل بالإتفاق والوفاق فالملزوم مثله.

وثانيا ـ على وجه التفصيل والحلّ ـ بأن أمر الشارع وترخيصه الرجوع إلى البراءة في مشكوكات الوجوب من الأجزاء والشروط كاشفة وحاكية :

إمّا عن عدم استتباع الأوامر الشرعيّة للخواص والمصالح كما هو مذهب الأشاعرة وإن كان باطلا عندنا.

وإمّا عن كون المصلحة والخاصّيّة قد تكون في الأمر دون المأمور به كما هو مذهب الفصول [ ص ١١١ ] وغيره من بعض الفحول مستشهدا له بالأوامر الإمتحانيّة والإبتدائيّة.

وإمّا عن كون المصلحة والخاصّيّة في المأمور به ليست بذاتيّة لا يتخلّف ، بل هي قابلة للإختلاف بالوجوه والإعتبارات التي من جملتها جهل المأمور وعلمه كما هو المشهور والمنصور ، وعلى ذلك فتتبدّل المصلحة والخاصّيّة الكائنة الكامنة في تمام الأجزاء بالنسبة إلى العالم بها بمصلحة وخاصّيّة أخرى في ناقص الأجزاء بالنسبة إلى الجاهل بما عداها مثل المصلحة والخاصّيّة الأولى الكامنة في تمام الأجزاء.

وإمّا كاشفه عن كون المصلحة والخاصّيّة الكائنة الكامنة في المأمور به ممّا لا يتغيّر بنقصانها

٥١

أقول : قد يناقش فيما أفاده : بأن ابتناء الكلام في المسألة على مذهب الأشعري ـ مضافا إلى ما فيه ـ لا يجامع التمسّك للقول بالبراءة في مفروض البحث بقاعدة قبح العقاب من غير بيان عقلا. نعم ، التمسّك بالدليل العقلي ممّا لا غبار فيه على مذهبهم.

نعم ، ما أفاده يستقيم على ما ذهب إليه بعض المتأخرين ممن قال بوجوب الاحتياط في المقام ، إلاّ أنه بنى المسألة على جريان قاعدة الاشتغال من غير التفات إلى ما ذكر من الوجه.

(٩) قوله قدس‌سره : ( وثانيا : أن نفس الفعل ... الى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٢٠ )

__________________

عن الجزء المشكوك بالنسبة إلى الجاهل كخواصّ بعض المعاجين غير المتغيّرة بنقصان بعض أجزاءها.

وإمّا كاشفه عن كون الفائت من المصلحة والخاصّيّة بواسطة العمل بالبراءة عن الجزء المشكوك في عهدة الآمر المرخّص للعمل بالبراءة فيتدارك ويتلافى ما يفوت من مصلحة المأمور به بواسطة العمل بما جعله أصلا ومرجعا للجاهل كما هو لازم كلّ حكيم يجعل لكيفيّة الوصول إلى أمره سبيلا من عنده فإنّ ما يفوت من مصلحة أمره بسلوك السبيل المجعول له إنّما هو في عهدته وهو الضامن لتداركه وتلافيه » إنتهى.

أنظر التعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٢١.

(١) قال المحقّق آغا رضا الهمداني قدس‌سره :

« أقول : قد تبيّن شرحه مفصّلا فراجع وتأمّل فيما حرّرناه حتى يرتفع عن ذهنك ما تراه في

٥٢

__________________

عبارة الكتاب من التشويش والإضطراب! » إنتهى. حاشية فرائد الأصول : ٢٤٩.

* وقال المحقّق الخراساني قدس‌سره :

« لا يخفى ان ما أفاده قدس‌سره من الجوابين لا يجدي مثله ممن كان بناءه على ابتناء الأحكام على المصالح والمفاسد في الأشياء وعدم اعتباره قصد الوجه في حصول الإطاعة ، مع ان احتمال عدم اعتباره في حصول الغرض كاف في استقلال العقل على تقدير تنجّز الأمر بلزوم الإتيان بجميع ما يحتمل مدخليّته في حصول غرضه وعدم التخلّص من تبعة مخالفته إلاّ بذلك ؛ حيث إن الإطاعة التي تكون واجبة وموجبة للتخلّص عنه عبارة عن إمتثال الأمر على نحو يحصل أيضا ما هو الغرض وهو نفس المأمور به ، وليس لتحصيل الغرض منه او تفويته مقام ، ولا طاعته أو معصيته مقام آخر تنجّز بالنسبة إلى أحدهما دون الآخر ، بل ليس في البين إلا مقام واحد وهو لزوم الإمتثال على نحو لو كان هناك غرض لحصل وسقط ، فالأمر مع احتمال عدم التمكّن من امتثاله كذلك إن كان منجّزا فلا محيص عن الإتيان بجميع ما فيه احتمال المدخليّة مما شك في اعتباره جزءا أو شرطا وإلاّ فلا وجه للإتيان بما علم اعتباره.

هذا كلّه مضافا إلى ان هذا الجواب لو تمّ لما عمّ ما هو بصدده حسبما اعترف رحمه‌الله فيما علّقه على الهامش من اختصاص هذا الجواب بالأوامر التعبّديّة فلاحظ وتدبّر جيّدا » إنتهى. درر الفوائد : ٢٥٢.

* وقال السيّد المحقّق اليزدي قدس‌سره :

« فيه أوّلا : أنه أخصّ من المدّعى ؛ إذ لا ينحصر الأقلّ والأكثر الإرتباطي في العبادات فلا يتم

٥٣

__________________

في الواجب التوصّلي.

وثانيا : لا يتم الجواب بناء على عدم اعتبار قصد الوجه كما هو مذهب المصنّف وجلّ المتأخرين بل كلّهم.

فإن قلت : إنهم لم يعتبروا قصد الوجه ؛ لعدم الدليل عليه ولم ينفوا إحتماله ، واحتماله كاف فيما أراده من عدم إمكان الإحتياط والعلم بحصول اللطف.

قلت : إنّا نعلم بعدم اعتبار الوجه وإلاّ لشاع وذاع في الأخبار والآثار عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ولا إشارة إليه في خبر أو آية في عبادة من العبادات على كثرتها وكثرة الإبتلاء بها في جميع الأعصار ويبعد كلّ العبد عدم تعرّضهم عليهم‌السلام لهذا الواجب الكذائي لو كان واجبا بحيث يلحق بالمحال العادي.

وثالثا : لا شك انه بناء على اعتبار قصد الوجه التفصيلي لا يسقط الواجب بالمرّة عند تعذّره ، بل تبقى بقيّة الأجزاء على الوجوب وحينئذ نقول ـ بناء على القول بتبعيّة الأوامر للمصالح في نفس المأمور به ـ لا بد أن يكون في بقيّة الأجزاء في هذا الحال مصلحة اقتضت وجوبها وإلاّ سقط الوجوب عنها بالمرّة ، وهو خلاف الفرض ، وتلك المصلحة إمّا من قبيل العنوان في المأمور به وإمّا من قبيل الغرض ، ويلزمه وجوب الإحتياط بالنسبة إلى الجزء المشكوك كما قرّر في السؤال ، وهكذا يقرّر في كلّ جزء من المركّب عند تعذّره ، فتجب بقيّة الأجزاء ولو بدليل قاعدة الميسور ، فلا بد أن تكون مشتملة على مصلحة في هذه الرّتبة ويلزم إحرازها بالإحتياط ؛ لكونها عنوانا للمأمور به أو غرضا منه.

اللهم إلاّ أن يقال : انّ القدر المسلّم تبعيّة الأحكام الأوّليّة للمصالح في المأمور به دون

٥٤

__________________

الواجبات البدليّة ؛ فإنّ وجوب بقيّة الأجزاء من باب البدل عن الواقع وإلى هذا المعنى يشير في آخر كلامه بقوله : ( فلم يبق عليه إلاّ التخلّص من تبعة مخالفة الأمر ... إلى آخره ).

وفيه ما لا يخفى ؛ لأنّ دليل دوران الأحكام مدار حسن المأمور به لو تمّ عمّ ، ولا فرق في حكم العقل في الواجب الأصلي الأوّلي والبدل.

ورابعا : سلّمنا أنّ المشتمل على المصلحة هو الواجب الأصلي لكن يحتمل عدم اعتبار قصد الوجه التفصيلي في المأمور به كما يحتمل اعتباره فيكون صاحب المصلحة نفس الأجزاء فيجب في حكم العقل إحرازها بالإحتياط بالنسبة إلى الأجزاء المشكوكة بناء على التحقيق : من وجوب إقدام المكلّف على امتثال الأمر بالإشتغال بالمأمور به ومقدّماته وما يحتمل أن يكون هو المأمور به إلى أن يعلم بعجزه وتعذّره ، ولا يشترط العلم بقدرته على إتيان المأمور به على وجهه فيبقى أصل الإشكال بحاله.

والتحقيق في جوابه أن يقال :

لو سلّمنا دوران الأحكام مدار حسن المأمور به وأن عنوان المأمور به أو الغرض منه هو نفس المصلحة الواقعيّة لم يقتض ذلك أيضا وجوب الإحتياط بالنسبة إلى أجزاء المركّب الذي يحصل به تلك المصلحة إذا كان هذا المحصّل أمرا تعبّديّا كما فيما نحن فيه ، بل يحكم العقل بالبراءة عن الجزء المشكوك فيه بقبح العقاب بلا بيان ، ولا فرق في حكم العقل بالبراءة بين كون المشكوك جزء نفس الواجب أو جزء ما يحصل به عنوان الواجب ويحقّقه بعد اشتراكهما في أنّ بيان تلك الأجزاء وظيفة الشارع.

نعم ، لو لم يكن بيان المحصّل والمحقّق وظيفة الشارع بأن كان من الأمور العقليّة والعرفيّة

٥٥

أقول : حاصل ما أفاده ثانيا : هو أن للأمر الشرعي جهتين : جهة ابتنائه على المصلحة وكون الواجب لطفا في غيره على مذهب العدليّة وهي الجهة الإرشاديّة في الأوامر ، وجهة المولويّة المستتبعة لوجوب الإطاعة وحرمة المعصية.

ولمّا تعذّر تحصيل القطع بالجهة الأولى في المقام : من جهة احتمال اعتبار قصد الوجه في حصول الإطاعة المعتبرة في تحقّق المصلحة اتفاقا من حيث كون الفعل عبادة لا يترتّب عليه أثر بدون الامتثال ؛ فإنّ من صرّح من العدليّة : بكون الواجبات السمعيّة ألطافا في الواجبات العقليّة التزم باعتبار قصد الوجه ، أو معرفته في حصول الإطاعة ، والمفروض عدم إمكانهما من جهة تردّد الواجب بالفرض ، ولم يقتض الجهة الثانية إلاّ التخلّص عن تبعة العقاب والتضرّر بحكم العقل وهو يأمن المكلّف من العقاب بالنظر إلى قاعدة القبح ، فيحكم بالبراءة والاكتفاء بفعل الأقلّ هذا حاصله.

__________________

إقتضى وجوب الإحتياط ، وليس فليس » إنتهى. حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٦٦.

* أقول : وأنظر تعليقة صاحب قلائد الفرائد في المقام المرقّمة برقم ٣٤١ من المجلّد الأوّل من قلائده : ٥٣٢ ـ ٥٤٠.

٥٦

مناقشة ما أفاده المصنّف قدس‌سره

وقد يناقش فيه : أوّلا : بأن النزاع والبحث في المقام يجري في التوصّليّات أيضا كالتعبّديّات لا في البحث عن حكم مطلق الواجب المردّد ، غاية الأمر : وقوع التمثيل في كلماتهم بالتعبّديات ، وهو لا يكون مختصّا كما هو ظاهر.

وما أفاده لا يجري في التوصّليّات قطعا ؛ لعدم اعتبار حصول الإطاعة في ترتب المصلحة الموجبة لوجوبها وإن اعتبر في استحقاق الثواب عليها لفرض كونها توصّليّة لا يعتبر فيها قصد القربة ، فضلا عن قصد الوجه. وتتميم المدّعى فيها بعدم القول بالفصل وإجماع المركّب مع كونه معارضا بالمثل مما لا معنى له أصلا كما لا يخفى.

ودعوى : أن الواجب العقلي في جميع الواجبات الإطاعة ، إلاّ أنه في التوصّلي يرتفع موضوع الأمر إذا أتى به بغير قصد الطاعة ، كما أن الأمر كذلك في بعض الموارد في التعبّدي أيضا ، لا ينفع فيما هو المقصود بالمقام على تقدير تسليمها كما لا يخفى.

وثانيا : بأن بناء جماعة وإن كان على اعتبار قصد الوجه في صحة العبادة إلاّ أنه يخالف ما بنى قدس‌سره عليه الأمر وفاقا للمحقّقين : من عدم اعتباره ـ على

٥٧

ما أسمعناك وأسمعك في الجزء الأول من « الكتاب » ـ حتى مع العلم التفصيلي بالوجه.

ودعوى : كون ما أفاده من باب الإلزام على الخصم ، فاسدة ؛ فإنّه إنّما يتمّ فيما لو كان الخصم ممن يذهب إلى اعتبار قصد الوجه وليس الأمر كذلك ؛ إذ كثيرا ممّن التزم بوجوب الاحتياط في المقام رأيناهم لا يلتزمون باعتباره فراجع إلى كلماتهم.

وثالثا : بأنه لا يتمّ حتى على مذهب القائلين باعتبار قصد الوجه ؛ ضرورة كون اعتباره عندهم مشروطا بالتمكّن من تحصيل الوجه ولو ظنّا ، وسقوطه في ظاهر كلماتهم بل مقطوعها في صورة عدم التمكّن ؛ لأن أحدا لم يذهب إلى إنكار حسن الاحتياط في المقام ، بل صريحها الإطباق على ذلك. فكيف ذلك عن الشرط المذكور؟

والقول بإمكان قصد الوجه في المقام إجمالا أو تفصيلا ـ ولو كان هو الوجه الظاهري على كلا القولين والمذهبين في المقام مضافا إلى ما فيه ـ هدم لما أفاده من الجواب كما لا يخفى.

ورابعا : بأن احتمال اعتبار قصد الوجه في مفروض البحث لا يجامع القطع بوجوب الواجب ؛ ضرورة كون قضيّة احتمال اعتباره مطلقا مع فرض ابتناء الحكم على المصلحة التي لا يعلم بحصولها عدم حصول القطع بالوجوب المعلول لها فيشكّ في أصل الوجوب ، فيرجع إلى البراءة بالنسبة إليه ، وهو خلف.

٥٨

إلى غير ذلك من المناقشات ، فالأولى في الجواب عن السؤال : التشبّث بذيل ما ذكرنا سابقا في الاستدلال بهذا الوجه ؛ فإنه لا مناص عنه.

(١٠) قوله قدس‌سره : ( نختار هنا : أن الجهل مانع عقليّ ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٢١ )

أقول : لا يخفى عليك أن المراد من توجيه التكليف : هو فعليّته المقتضية لاستحقاق العقوبة والمؤاخذة على المخالفة لا مجرّد التعلّق الواقعي ؛ فإنه غير منكر في المقامين ، بل في الشكّ في التكليف أيضا ؛ ضرورة استحالة اشتراط تعلّق التكليف الواقعي بالعلم على ما عرفت الكلام فيه مرارا. مضافا إلى أنه أمر لا سترة فيه أصلا ، من غاية وضوحه.

كما أن ما أفاده : من استقلال العقل في الحكم بقبح توجيه التكليف به بالنسبة إلى الجزء المشكوك بحيث يورث تركه العقاب على ترك الكل المسبّب عنه على تقدير جزئيّته في نفس الأمر ممّا لا غبار ولا شبهة فيه عند من لم يسبق ذهنه بالشبهات ـ على ما عرفت بعض القول فيه ـ مثل وضوح ما أفاده : في فساد المعارضة بقبح المؤاخذة على ترك الأقل من حيث الجهل بوجوبه النفسي ؛ فإنه من القضايا الأوليّة عند ذوي الأفهام المستقيمة ؛ ضرورة أن المحرّك العقلي والباعث على حكمه بلزوم الإقدام على الفعل هو دفع العقاب المترتّب عند ترك الإقدام.

__________________

(١) انظر تعليقة العلامة القمي في قلائد الفرائد : ج ١ / ٥٤١ ـ التعليقة رقم ٣٤٣.

٥٩

وأمّا حيثيّة كون العقاب على ترك نفس المتروك ، أو ترك ما هو مسبّب عن تركه فملقاة في نظر العقل قطعا ، وإن هو إلاّ نظير المائع الذي يقطع الشخص بأن شربه يوجب هلاكه ، لكن لا يعلم أن هلاكه من جهة تأثير نفسه في ذلك ، أو من تأثير يكون شربه سببا له ؛ فإنه لا شبهة في إلزام العقل بترك شربه مع عدم علمه بأن الهلاكة المترتبة من معلولات نفسه. وهذا أمر ظاهر لمن له وجدان سليم.

(١١) قوله قدس‌سره : ( أما الأوّل : فلأن عدم جواز المخالفة القطعيّة ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٢٢ )

أقول : عدم جريان ما ذكر سندا لمنع كون الجهل مانعا في المتباينين من

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره :

« لا يخفى ما فيه من سوء التأدية ، وكان الأولى أن يقول :

( أمّا الأوّل : فلأن العلم الإجمالي فيما نحن فيه ينحلّ إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ والشك البدوي بوجوب الأكثر الرّاجع إلى الشك في وجوب الجزء المشكوك فيه ).

ويعلّله بقوله :

( فإنّ وجوب الأقلّ بمعنى استحقاق العقاب بتركه معلوم تفصيلا ... إلى آخر ما ذكره ).

ويضمّ إليه :

( وهذا بخلاف الأكثر ؛ فإنّ استحقاق العقاب على ترك الأكثر أي : الجزء المشكوك لكونه غير معلوم الوجوب منفي بقبح العقاب بلا بيان ).

وكيف كان : فالأمر سهل بعد وضوح مراده » إنتهى. حاشية فرائد الأصول : ٢ / ٣٦٨.

* أقول : وانظر : أوثق الوسائل : ٣٦٣.

٦٠