بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-284-5
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٥٩١

وأمّا لو فرض عدم تمكّنه من الفحص أصلا ، أو من المقدار الذي يعتبر في حقّه ، فلا إشكال في عدم سقوط شرطية الفحص في حقّه بحيث يجوز له الرجوع إلى البراءة حينئذ ؛ لأن شرطيّته بالنظر إلى دليله هي الشرطيّة المطلقة ، فإن تمكّن من تحصيل الظنّ بالحكم من أيّ سبب كان ، فهو المتعيّن في حقّه بعد فرض لزوم الحرج من الاحتياط ، وبعد اليأس عنه يرجع إلى البراءة.

وإن لم يتمكن من ذلك أيضا فيجب عليه الاحتياط في الوقائع ما لم يؤدّ إلى الحرج ، وبعد تأديته إليه يلزم عليه الموافقة الاحتماليّة على ما أسمعناك : من ترتيب مراتب الامتثال والإطاعة في الجزء الأول من التعليقة (١) ، هذا فيما لو فرض حصول العلم الإجمالي بالأحكام الإلزاميّة ، وإلاّ فيمكن القول بسقوط اعتبار الفحص عند العجز عنه ؛ لعدم الدليل عليه حتى في حقّ العاجز عنه مطلقا فتأمل.

* * *

__________________

(١) بحر الفوائد : ج ١ / ٤٤.

٤٨١

تذنيب

(٨٥) قوله قدس‌سره : ( ذكر الفاضل التوني لأصل البراءة شروطا ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٤٤٩ )

كلام الفاضل التوني في شروط الرجوع إلى البراءة

أقول : لا يخفى عليك أن المنقول في « الكتاب » وسائر كتب الأصحاب « رضوان الله عليهم » من كلام الفاضل التوني قدس‌سره ليس منقولا بلفظه بتمامه ، بل هو الملخّص عنه بحسب أنظارهم وإن كان مشتملا على بعض عباراته فربّما يتخيّل

__________________

(١) قال الشيخ موسى بن جعفر التبريزي قدس‌سره :

« لا يخفى ان جعل ما ذكره من شروط العمل بأصل البراءة مبني على عدم الفرق بينها واستصحاب العدم عندهم وإلاّ فأصالة عدم بلوغ الماء كرّا وأصالة عدم تقدّم الكرّيّة من قبيل الثاني دون الأوّل وهو واضح ولكن صريح صاحب الوافية عدم اختصاص ما ذكره من الشروط بأصالة البراءة ؛ لأنه قال :

« إعلم : أن لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة وبأصالة العدم وبأصالة عدم تقدم الحادث شروطا ... إلى آخر ما ذكره ».

وما نقله المصنّف رحمه‌الله عنه قد تبع فيه المحقق القمي ». أوثق الوسائل : ٤١٠.

٤٨٢

الناظر إلى ما نقلوه صدور الاشتباه منه ، وجعل أصل البراءة أعمّ من أصالة النفي وأصالة عدم تقدّم الحادث ، أو أنه تمحّل وتكلّف وجعل أصالة عدم البلوغ أو عدم تقدّم الكرّ نظير أصل البراءة في كلامه ، فلا بدّ أولا من نقل كلامه المتعلّق بالمقام بألفاظه ، ثمّ بيان المراد منه ثم تعقيبه بذكر ما يتطرّق إليه من المناقشات.

قال قدس‌سره ـ بعد بيان معنى الأصل وإطلاقاته وذكر جملة من الأصول ـ ما هذا لفظه :

« واعلم : أنّ هنا قسما من الأصل ، كثيرا مّا يستعمله الفقهاء ، وهو : أصالة عدم الشيء ، وأصالة عدم تقدّم الحادث ، بل هما قسمان.

والتحقيق : أن الاستدلال بالأصل بمعنى النفي والعدم ، إنّما يصحّ على نفي الحكم الشرعي ، بمعنى : عدم ثبوت التكليف لا على إثبات الحكم الشرعي ، ولذا لم يذكره الأصوليّون في الأدلّة الشرعيّة. وهذا يشترك فيه جميع أقسام الأصول المذكورة.

مثلا : إذا كان أصالة البراءة مستلزمة لشغل الذمّة من جهة أخرى ، فحينئذ لا يصحّ الاستدلال بها كما إذا علم نجاسة أحد الإناءين واشتبه بالآخر ؛ فإنّ الاستدلال بأصالة عدم وجوب الاجتناب من أحدهما بعينه لو صحّ يستلزم وجوب الاجتناب من الآخر ، وكذا في الثوبين المشتبه طاهرهما بنجسهما ، والزوجة المشتبهة بالأجنبيّة ، والحلال المشتبه بالحرام المحصور ونحو ذلك.

٤٨٣

وكذا أصالة العدم كأن يقال : الأصل عدم نجاسته هذا الماء ، أو هذا الثوب فلا يجب الاجتناب عنه ، إلاّ إذا كان شاغلا للذمّة كأن يقال في الماء الملاقي للنجاسة المشكوك كريّته : الأصل عدم بلوغه كرّا فيجب الاجتناب عنه. وكذا في أصالة عدم تقدّم الحادث فيصحّ أن يقال في الماء الذي وجد فيه نجاسة بعد الاستعمال ولم يعلم هل وقعت النجاسة قبل الاستعمال أو بعده : الأصل عدم تقدّم النجاسة فلا يجب غسل ما لاقى ذلك الماء قبل رؤية النجاسة ، ولا يصحّ إذا كان شاغلا للذمّة ، كما إذا استعملنا ماء ثمّ ظهر أن الماء كان قبل ذلك نجسا ، ثم طهر بإلقاء كرّ عليه دفعة ، ولم يعلم أن الاستعمال كان قبل تطهيره أو بعده ، فلا يصحّ أن يقال : الأصل

عدم تقدّم تطهيره ، فيجب إعادة غسل ما لاقى ذلك الاستعمال ؛ لأنه إثبات حكم بلا دليل ؛ فإن حجيّة الأصل في المنفي باعتبار قبح تكليف الغافل ووجوب إعلام المكلّف بالتكليف ، فلذا يحكم ببراءة الذمّة عند عدم الدليل فلو ثبت حكم شرعيّ بالأصل لزم إثبات حكم شرعي من غير دليل وهو باطل إجماعا » (١). انتهى كلامه رفع مقامه في المقام.

وقال في ذيل مسألة البراءة :

« واعلم أن لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة ، وبأصالة العدم ، وبأصالة عدم تقدّم الحادث شروطا : أحدها : ما مرّ من عدم استلزامه لثبوت حكم شرعي من

__________________

(١) الوافية : ١٨٦.

٤٨٤

جهة أخرى » (١). انتهى ما أردنا نقله من كلامه رفع مقامه.

وجعله أصالة تقدّم الحادث قسما في مقابل أصل العدم إنّما هو بملاحظة كون جريان الأصل فيما كان الشكّ في أصل وجود الشيء ، وفي الثاني فيما كان الشكّ في صفته من حيث التقدّم والتأخر بحسب زمانه ، أو بالإضافة إلى موجود آخر وإن كان في الحقيقة قسما من الأوّل ؛ حيث إنّ الأصل يجري حقيقته في وجوده ، فيحكم بعدمه في زمان الشكّ.

ومراده ممّا أفاده قدس‌سره : من أن الثابت بالأصلين وبسائر الأصول العدميّة من البراءة وغيرها هو مجرّد النفي دون الإثبات ، هو : أن مفادها في حكم الوجدان والشرع ذلك ليس إلاّ ؛ حيث إن معنى حكم الشارع بالبناء على عدم الشيء عند الشكّ في وجوده هو الحكم بعدمه عند الشكّ ، لا الحكم بوجود شيء آخر وإن كان لازما له ، وكذلك حكمه بالبناء على براءته عن التكليف المشكوك ليس إلاّ مجرّد الحكم بعدم وجوبه على المكلّف ، لا وجوب شيء آخر عليه.

فلو كان الحكم بعدمه ملازما لوجود آخر ، فلا بدّ من عدم الحكم بالعدم كما في الشبهة المحصورة ، ولأجله لم يذكره الأصوليّون في عداد أدلّة الأحكام ؛ حيث إن عدم الأحكام ليس حكما شرعيّا حتى يجعل مثبتة دليلا على الحكم كما هو ظاهر.

__________________

(١) المصدر السابق : ١٩٣.

٤٨٥

فالحكم بعدم تقدّم النجاسة على الاستعمال من جهة الأصل للحكم بعدم وجوب غسل الملاقي صحيح ، وأمّا الحكم بعدم تقدّم المتطهّر للحكم بوجوب إعادة غسل الملاقي فغير صحيح من حيث لزومه الإثبات وشغل الذمّة ، هذا كلامه ومحصّل مرامه.

ولكنك خبير بأن ما ذكره قدس‌سره بظاهره لا يخلو عن مناقشة ؛ فإنه إذا فرض هناك حكم شرعيّ مترتّب على مجرى الأصول المذكورة وغيرها من الأصول العدميّة ترتّبا أوّليّا بحيث كان محمولا عليه شرعا من دون توسيط أمر آخر فأيّ مانع من الحكم بترتيبه ظاهرا بعد البناء على العدم؟ وأيّ فرق بين الأصل الوجودي والعدميّ في ذلك؟

فإنه لا معنى لحكم الشارع بالبناء على عدم الشيء في مرحلة الظاهر إلاّ جعل آثاره الشرعيّة في هذه المرحلة ولم يكن له معنى غير ذلك كما أنه لا معنى لحكم الشارع بالبناء على وجود الشيء إلاّ جعل آثاره الشرعيّة في مرحلة الظاهر إذا لم يكن نفسه من المجعولات الشرعيّة ، وجعل نفسه في مرحلة الظاهر إذا كان منها ، وإلاّ فلو فرض هناك أمر عدميّ ليس له أثر شرعي أصلا لم يكن معنى لجريان الأصل فيه أصلا ، كما هو الشأن في الوجودي أيضا إذا لم يكن حكما شرعيّا.

نعم ، لو كان هناك حكم مترتّب على ما يلزم مجرى الأصل العدمي لم يحكم

٤٨٦

بترتّبه عليه على القول بعدم اعتبار الأصول المثبتة سواء كان عدميّا كعدم وجوب الاجتناب أو وجوديّا كوجوب الاجتناب.

والحاصل : أنه إن أراد ممّا ذكره عدم ترتّب الحكم الشرعي الوجودي على الأصل العدمي مطلقا وإن كان من القسم الأوّل ـ كما يظهر من كلامه وتأييده ذلك بعدم ذكر الأصوليّين لها في عداد أدلّة الأحكام. نعم ، يترتّب عليه الأمر العدمي كعدم وجوب الاجتناب ـ.

ففيه : ما عرفت : من أنه لا محصّل له أصلا.

نعم ، لو كان هناك أصل في مرتبته بحيث يلزم من العمل بهما مخالفة عمليّة للخطاب المعلوم بالإجمال لم يحكم بجريانهما على أحد المسلكين في الشبهة المحصورة ، كما هو المختار عندنا على ما عرفته في محلّه ، أو يحكم بتعارضهما وتساقطهما والرجوع إلى غيرهما على المسلك الآخر. وهذا لا تعلّق له بعدم الجريان على الإطلاق ، ولم يفرّق فيما ذكر بين الأصل الوجودي والعدمي.

ومن هنا يحكم بعدم جريان استصحابي الطهارة في المشتبهين بالشبهة المحصورة فيما كانا مسبوقين بالطهارة ، أو يحكم بجريانهما وتساقطهما والرجوع إلى الاحتياط على الوجهين مع كونهما من الأصل الوجودي. فإذا أريد الحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي للماء المشكوك كريّته مع العلم بعدم كريّته سابقا لم يفرّق فيه بين أن يحكم به من جهة استصحاب القلّة بناء على كونها وجوديّا ، أو

٤٨٧

استصحاب عدم الكريّة.

كما أنّه لا يفرّق فيما أريد الحكم بعدم وجوب الاجتناب عنه فيما فرض الماء مسبوقا بالكريّة بين أن تسند إلى استصحاب الكريّة ، أو أصالة عدم أخذ ما يوجب نقصه عن الكريّة.

نعم ، هنا شبهة في بعض الصغريات والجزئيّات : من حيث إن الحكم الشرعي المترتّب على مجرى الأصل العدمي الجاري فيه هل هو مترتّب أوّلا وبالذات ، أو بواسطة أمر غير شرعي؟ وهو طلب آخر لا تعلّق له بما ذكرنا من الكلّيّتين.

مثلا قد يتوهّم : أنّ وجوب الحجّ المترتّب على أصالة البراءة عن الدّين من القسم الثاني ، وأنه نظير استصحاب بقاء الرّطوبة في الذّبابة الملاقية للثوب ، أو البدن ، أو غيرهما ، الذي لا يقتضي الحكم بتنجّسها من حيث ترتّب الحكم الشرعي على تأثّر الملاقى بالفتح ـ لا ـ على مجرّد ملاقاته مع الجسم الرطب النجس أو المتنجّس ، أو أصالة عدم المانع في محلّ الغسل والوضوء من حيث ترتّب الحكم الشرعي على إيصال الماء بالبشرة ، أو أصالة عدم المانع من وصول السّهم المرسل إلى الصيد أو الإنسان الثابتة بها التذكية ، أو القتل فيما لو علم بتحقّقهما على تقدير عدم المانع وهكذا.

فيقال في مثال الحجّ : إن الحكم مترتّب على المستطيع ، فإذا أريد إثبات

٤٨٨

وجوب الحج بأصالة عدم الدّين والبراءة عنه فلا بدّ أوّلا : من إثبات الاستطاعة ثم وجوب الحج ، وهو ما ذكر : من كونه من القسم الثاني ، ويلحق به ما لو كان الشكّ في وجوب الحج على من كان له مال يكفيه للحج مسبّبا من الشكّ في موانع أخر غير الدّين ؛ فإنه لا يترتّب ابتداء على عدم الموانع ، بل إنّما يترتّب عليه بعد إثبات موضوع الاستطاعة بنفيها ولو بالأصل هذا.

ولكنك خبير بفساد التوهّم المذكور ، ووضوح الفرق بين النظائر والمقام ؛ فإنه إذا فرض كون الشكّ في وجوب الحج بعد وجدان المقدار الوافي من المال مسبّبا عن الشك في الدّين لم يكن معنى لحكم الشارع بعدم الالتفات إلى احتمال الدّين ، لا جعل وجوب الحجّ على المكلّف ولو في مرحلة الظاهر. وهكذا إذا كان وجوبه مسبّبا عن احتمال موانع أخر غير الدّين ؛ فإنه لا معنى لعدم الاعتناء باحتمالها إلاّ البناء على وجوب الحجّ.

فالمقام نظير ما لو كان الشكّ في بقاء الطهارة في المتطهّر مسبّبا عن وجود الرافع لها أو كان بقاء التغيير في الماء مسبّبا عن احتمال الرّافع الشرعيّ له وهكذا ؛ فإنه لا معنى لحكم الشارع بعدم الاعتناء باحتمال الرّافع للطهارة أو التغيّر ، إلاّ البناء على ترتيب أحكامهما عند الشكّ ؛ فإنّه في معنى الحكم ببقاء الطهارة أو التغيّر شرعا باستصحابهما ، بل قد يقال بعدم جريان الاستصحاب الوجودي في أمثال المقام ؛ من حيث كون الشكّ في مستصحبه مسبّبا عن الشكّ في مستصحب الاستصحاب العدمي ، وإن قيل بتعيّن جريان الاستصحاب الوجودي ؛ نظرا إلى ما

٤٨٩

عرفت : من التوهّم وسيجيء تحقيق القول في ذلك وتفصيله في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.

وهذا بخلاف النظائر ؛ فإن حكم الشارع ببقاء الرطوبة على الذبابة من جهة عمومات الاستصحاب لا يجدي شرعا ، إلاّ فيما يترتّب شرعا على نفس الرطوبة لا على تأثير الملاقي وهكذا ، إلاّ فيما فرض كون الواسطة خفيّة كاستصحاب عدم المانع في محلّ الغسل والوضوء. وهذا بخلاف أصالة عدم المانع عن وصول السهم المرميّ ؛ فإنه لا يثبت بها القتل أو التذكية يقينا ؛ لوضوح الواسطة وكون الحكم متعلّقا بها.

نعم ، هنا توهّم آخر في خصوص أصالة البراءة من حيث إنّ مقتضاها الحكم بعدم العقاب ليس إلاّ ، وإن لم يترتّب عليه حكم شرعيّ أصلا ، وإن كان فاسدا عند التأمّل : من حيث إن المانع من وجوب الحج هو فعليّة خطاب الدّين المنفيّة بأصالة البراءة ، لا مجرّد شأنيّته فتدبّر هذا.

وإن شئت قلت ـ في دفع الإشكال المتقدّم وعدم كون أصالة البراءة عن الدّين وأمثالها من الأصول المثبتة ـ : إن الأصل الجاري في موضوع الحكم الشرعي أو جزئه أو شرطه أو مانعه ـ بعد إحراز سائر ما له دخل فيه ـ لا تعلّق له بالأصول المثبتة أصلا ؛ فإن معنى الأصل الموضوعي الرّاجع إلى جعل حكم الموضوع شرعا في مرحلة الظاهر ليس إجراء الأصل في تمام الموضوع. كيف؟

٤٩٠

وغالب الاستصحابات الموضوعيّة من الوجوديّة والعدميّة كاستصحاب الكريّة ، والعدالة ، والقلّة ، والطهارة ، والإطلاق ، والإضافة ، وغير ذلك يجري في قيد من قيود الموضوع.

نعم ، لو لم يجر الأصل في موضوع الحكم أصلا ، بل أريد من إجرائه في مفهوم كلّي ـ وجودي أو عدمي ـ تطبيقه على الموضوع الخارجي الجزئي أو الكلّي كان من الأصول المثبتة ، سواء كان وجوديّا كاستصحاب بقاء الكرّ في المحلّ الذي أريد به إثبات كرية الماء ، واستصحاب بقاء الوقت فيما كان مردّدا شرعا الذي يراد به إثبات كونه الزائد على المقدار المتيقّن ، أو عدميّا كاستصحاب عدم تحقق المانع الذي أريد به إثبات عدم مانعيّة الموجود المردّد. وليكن هذا في ذكر منك لينفعك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

فقد ظهر مما ذكرنا كلّه : أن الحكم بوجوب الاجتناب عن الماء ونجاسته فيما كان مسبوقا بعدم الكريّة عند ملاقاته للنجس باستصحاب عدم الكريّة ممّا لا مناص عنه أصلا ، وإن أمكن فيه استصحاب القلّة أيضا على تقدير إناطة الانفعال بها ، وكونها أمرا وجوديّا ضدّ الكريّة ، ولا يعارضه استصحاب طهارة الماء من حيث كون الشك فيها مسبّبا عن الشكّ في حصول الكريّة. كما أنه لا يعارض أصل البراءة عن الدّين بأصل البراءة عن وجوب الحجّ من حيث كون الشكّ في وجوبه مسبّبا عن الشكّ في اشتغال الذمّة بالدّين.

٤٩١

هذا على القول بحكومة الأصل الحاكم على المحكوم وعدم التعارض بينهما أصلا ، كما هو الحق وعليه المشهور ـ كما ستقف على تفصيل القول فيه في باب الاستصحاب ـ ظاهر لا سترة فيه.

وأمّا على القول بالعمل بهما كلّ في مورده ـ على ما زعمه المحقّق القمّي قدس‌سره ـ فاللازم الحكم بطهارة الماء ، وعدم وجوب الحجّ في المثال ، إلاّ أنّه لم يلتزم بمقتضى الأصل الذي بنى عليه في مثال الحجّ والتزم بوجوبه من جهة أصالة البراءة عن الدّين ، والتزم به في مثال استصحاب عدم الكريّة ، واستصحاب نجاسة الماء فيما كان مسبوقا بها وشكّ في ارتفاعها ، فحكم بطهارة الماء في الأول والملاقي في الثاني ، مع أنه ليس هنا فارق بينهما أصلا كما لا يخفى.

فالمتعيّن الحكم بنجاسة الماء في المسبوق بعدم الكريّة ، ونجاسة ملاقي المسبوق بالنجاسة ، كما أنه يتعيّن الحكم بطهارة المغسول بالماء المحكوم بالكريّة من جهة استصحابها فيما كان الماء مسبوقا بها ولا يعارضه استصحاب نجاسة المغسول به ، هذا فيما لو كانت الحالة السّابقة للماء معلومة.

وأمّا لو لم يكن معلومة فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب بالنسبة إليه أصلا ، وأولى بعدم جريان الاستصحاب ما لو علم بعدم الحالة السابقة له أصلا ، كالماء الذي يوجد في المحل دفعة مع عدم العلم بمقداره ؛ فإنه لا شبهة في عدم تصوّر الاستصحاب بالنسبة إليه بعد فقد الحالة السّابقة له ، فهل يحكم بنجاسته على

٤٩٢

تقدير ملاقاة النجس له ـ بناء على اعتبار سبق الكريّة في الاعتصام والمفروض عدمه ـ ولو بإعانة الأصل وكون الملاقاة مقتضية للانفعال ، أو طهارته من جهة أصالة الطهارة ، بل استصحابها فيما كان مسبوقا بالطهارة من جهة الشكّ في وجود العلّة التامّة للانفعال ؛ حيث إن مجرّد كون الملاقاة مقتضية له لا يقتضي بتحقق الانفعال إلاّ بعد إحراز عدم كريّة الماء ولو بالأصل ، والمفروض عدم جريان الأصل بالنسبة إليه لفقد الحالة السابقة أو عدم العلم بها ، وأصالة عدم تحقّق المانع لا يجدي في الحكم باتصاف المحلّ به على ما عرفت : من نفي الأصول المثبتة ، واحتمال الكرّيّة والقلّة في الفرض متساويان لا يمكن نفي واحد منهما بالأصل.

فإن شئت قلت : إن الشكّ في المقام في صدق مفهوم قوله : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم يحمل خبثا » (١) أو « لم ينجّسه شيء » (٢) ؛ لأن المفروض عدم العلم بالحال لا العلم بأنّه غير كرّ هذا.

وأمّا لو علم بحدوث الكريّة وملاقاة الماء للنجاسة بحيث لا يرفعها كريّته

__________________

(١) غوالي اللئالي : ج ١ / ٧٦ ، ـ ح ١٥٦ وج ٢ / ١٦ ـ ح ٣٠ ، عنه مستدرك الوسائل : ج ١ / ١٩٨ باب « عدم نجاسة الكر من الماء الراكد بملاقاة النجاسة بدون التغيير » ـ ح ٦.

(٢) الكافي الشريف : ج ٣ / ٢ باب « الماء الذي لا ينجسه شيء » ـ ح ١ ، أو الفقيه ج ١ / ٩ ـ ح ١٢ ، والتهذيب : ج ١ / ٣٩ باب « آداب الاحداث الموجبة للطهارة » ـ ح ٤٦ ، والإستبصار : ج ١ / ٦ باب « مقدار الماء الذي لا ينجسه شيء » ـ ح ١ ، عنه الوسائل : ج ١ / ١٥٨ باب « عدم نجاسة الكر من الماء الراكد بملاقاة النجاسة بدون التغيير » ـ ح ١.

٤٩٣

على تقدير سبق النجاسة فهو من مسألة الشكّ في الحادثين من حيث التقدم والتأخّر ، وهو المراد من قول شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » : ( ولو لم يكن مسبوقا بحال ... إلى آخره ) (١) فإن المراد به ما يقابل الصورتين ، أي : المسبوق بالكريّة أو عدمها الذي فرض فيه العلم بالحادثين مع الشكّ في التقدّم والتأخّر.

فأراد به بيان حكم ما ذكره الفاضل التوني في الصّورة الأخيرة على ما حكاه عنه : من جعله أصالة عدم تقدّم الكرّيّة مثبتة لنجاسة الماء ، فمنع من إجرائها بناء على أصله الذي أسّسه : من عدم جواز الإثبات بالأصل العدمي ؛ فإن الحالة السّابقة في الفرض وإن كانت عدم الكرّيّة ، لكنّها لا تجدي بعد العلم بزوالها فتدبّر.

ولا تغفل عن المراد من القول المذكور ؛ فإن في العبارة قرائن واضحة على ما ذكرنا في بيان المراد منها ، فلا بدّ أن يفرض انتفاء العلم بزمانهما وإلاّ فلا يفرض الشكّ في التقدّم والتأخّر كما هو ظاهر ، فله صور ثلاثة : أحدها : ما لو لم يعيّن زمان حدوث شيء منهما ، ثانيها وثالثها : ما لو عيّن زمان حدوث أحدهما بالخصوص وكان الآخر غير معيّن ، والصورة الأولى ينقسم إلى قسمين :

أحدهما : ما لا يحتمل فيه تقارن الحادثين أي : الكرّيّة وورود النجاسة في الماء.

ثانيهما : ما يحتمل فيه تقارنهما وجودا.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٥٢.

٤٩٤

ثم إن قبل بيان حكم الأقسام لا بدّ من التعرّض لأمرين :

الأوّل : أنه لا ريب ولا إشكال في أنّ نفس التقدّم والتأخّر ليس مما يجري فيهما الأصل وجودا أو عدما ، فالمراد من أصالة تقدّم الحادث ـ سواء لوحظ بالنسبة إلى زمان وجوده أو بالنسبة إلى حادث آخر كما في المقام ـ عدم وجوده في زمان يشكّ في وجوده فيه ، فمرجع أصالة عدم تقدّم أحد الحادثين على صاحبه إلى أصالة عدم وجوده في زمان وجود الآخر ، فلا يخلو الأمر :

من أنه إمّا أن لا يكون هناك أثر شرعيّ بلا واسطة على هذا المنفي أصلا بالنسبة إلى شيء منهما فيما كانا مجهولي التاريخ ، أو بالنسبة إلى المجهول فقط فيما فرض الآخر معلوم التاريخ ، أو يكون هناك أثر شرعي بالنسبة إلى المنفي في الصورتين.

وإمّا أن يكون هناك أثر شرعيّ كذلك بالنسبة إلى أحدهما دون الآخر فيما لو كانا مجهولي التاريخ.

وعلى الثاني : لا يخلو الأمر : إمّا أن يلزم من العمل بالأصلين طرح خطاب إلزاميّ منجّز بحسب العمل ، أو لا يلزم ذلك.

لا إشكال في عدم جريان الأصل في الصورة الأولى ، كما أنه لا إشكال في جريان الأصلين والعمل بهما في الثانية من الصورة الثانية. كما أنه لا إشكال عندنا في عدم جريانهما في الأولى من الصورة الثانية وتعارضهما وتساقطهما عند من

٤٩٥

يقول بتعارض الأصول والتساقط فيما كان علم إجماليّ بالخطاب المنجّز على ما عرفت : من المسلكين في مطاوي كلماتنا ؛ لعدم الإشكال عند كلّ أحد في جريان ما له أثر لا غير في الصورة الثالثة.

الثاني : أن قوله عليه‌السلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (١) أو « لم يحمل خبثا » (٢) ـ كما في بعض الأخبار ـ مشتمل على قضيّتين منطوقيّة ومفهوميّة. والقاعدة في أخذ المفهوم من القضيّة الشرطيّة ـ على ما تقرّر في محلّه ـ تبديل الشرط بنقيضه لا بضدّه ، وتبديل الجزاء بنقيضه.

فالمفهوم من الحديث الشريف : أنه إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه كلّ شيء لا ما إذا كان قليلا كما توهّم ، ولمّا كان المعلول وهو الجزاء في القضيّة المنطوقيّة عدم الانفعال والتنجّس ، والعلّة وهي القضيّة الواقعة في حيّز الشرط التي علّل بها الجزاء أمرا وجوديّا وهو البلوغ قدر الكرّيّة فلا محالة يستفاد منه : كون الملاقاة مقتضية للانفعال ، والكرّيّة مانعة عنه ، وقد استفاد شيخنا قدس‌سره من القضيّة من حيث رجوع الضمير المنصوب في قوله عليه‌السلام : « لم ينجّسه شيء » إلى الكرّ المفروغ كريّته ، كون سبق الكرّيّة مانعا عن الانفعال لا مجرّد وجوده ولو مقارنا للنجاسة ، فوجودها الخاصّ مانع لا مطلق وجودها.

فعلى ما أفاده قدس‌سره يدخل صورة تقارن حدوث الكرّيّة وورود النجاسة على

__________________

(١ و ٢) مرّ تخريجهما آنفا.

(١ و ٢) مرّ تخريجهما آنفا.

٤٩٦

الماء في المفهوم فيحكم بالانفعال ، وهذا بخلاف ما لو جعل الملاقاة مقتضية ووجود الكرّيّة مانعا ؛ فإن مقتضاه دخولها في المنطوق فيحكم بعدم الانفعال ؛ ضرورة استحالة تأثير السبب المجامع لوجود المانع وجودا في المسبّب كالسبب المسبوق بوجود المانع في المحلّ.

مع أنه على تقدير خروجها عن المنطوق والمفهوم معا وسكوتهما عن بيان حكمها لا بدّ من الحكم بالطهارة من جهة العمومات الاجتهاديّة المقتضية للطهارة الذاتيّة للماء من حيث كون الشبهة حكميّة ، أو الاستصحاب بعد الإغماض عن العمومات ، أو القاعدة بعد الإغماض عن الاستصحاب لجريانها في الشبهة الحكميّة أيضا على ما هو الحق وعليه المشهور.

وما أفاده لا يخلو من تأمّل ؛ لأن الظاهر من القضيّة إثبات التلازم بين الكرّيّة وعدم الانفعال أينما تحقّقت ولو تقارن وجودها لوجود الملاقاة.

إذا عرفت ما ذكرنا لك من الأمرين تمهيدا لبيان حكم المقام فنقول :

قد عرفت : أن الصّور المتصوّرة ثلاثة :

الأولى : ما لو كان حدوث كلّ من الكرّيّة في الماء وورود النجاسة مجهولا بحسب الزمان بحيث يحتمل تقدّم كلّ منهما على الآخر وتأخّره عنه ، وعرفت أيضا : أنّها تنقسم إلى قسمين أحدهما : ما لا يحتمل تقارنهما وجودا. ثانيهما : ما يحتمل فيه ذلك.

أمّا القسم الأوّل : فقد يقال : بأن مقتضى القاعدة الحكم فيه بالطهارة ، بل

٤٩٧

نسب إلى الأكثر ؛ نظرا إلى عدم العلم بكون الملاقاة فيه مؤثّرة ؛ لاحتمال سبق الكريّة كاحتمال سبق الملاقاة ، فلا يعلم به تنجّس الماء ، فلا مقتضى لرفع اليد عن الطهارة الثابتة له. ونفي وجود الكريّة قبل الملاقاة بالأصل معارض بنفي وجود الملاقاة قبل الكريّة ، فيتساقطان فيرجع إلى استصحاب الطهارة ، أو القاعدة.

وهذا هو الذي ذكرنا : من أن مقتضى القاعدة الحكم بالطهارة وقد يقال بأن مقتضي القاعدة الحكم بالنجاسة ؛ نظرا إلى وجود المقتضي للانفعال أيضا على ما هو المفروض ، وإنّما الشك في وجود المانع وهو : تحقق الكريّة قبل الملاقاة ، ولا يلتفت إليه بعد إحراز المقتضي ، إمّا لبناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال المانع بعد إحراز المقتضى في أمورهم ، فهو في حكم العلم بالعدم. وإمّا لكونه مدفوعا بالأصل.

لا يقال : قد ذكرت أن إجراء الأصل في عنوان المانع لا يترتّب عليه شيء بناء على نفي الأصول المثبتة ، فلا بدّ من إجرائه في ذات المانع فيحتاج إلى إجراء أصالة عدم الكريّة ونفي وجودها قبل الملاقاة وفي زمان وجودها ، وهي معارضة بأصالة عدم تحقّق الملاقاة قبل الكريّة وفي زمان وجودها ، فالمانع من التمسّك بأصالة عدم تقدّم الكريّة في المقام هي المعارضة ، لا ما ذكره الفاضل التوني : من كونها مثبتة للحكم الوجودي ، فلا وجه لما ذكره من الأصل في المثال الأخير ؛ لما ذكرنا لا لما ذكره.

٤٩٨

وهذا هو المراد بقول شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » : « وأمّا أصالة عدم تقدّم الكرّيّة ... إلى آخره » (١) فقد أراد ـ بعد بيان أن التقدّم ليس مما يجري فيه الأصل كما هو مقتضى ظاهر كلام الفاضل ـ أن المانع من جريان الأصل المذكور في المقام هو التعارض لا ما ذكره من الإثبات من جهة أخرى.

لأنا نقول : إجراء الأصل بالنسبة إلى وجود الكريّة قبل الملاقاة وفي زمان حدوثها لا يعارض بأصالة عدم وجود الملاقاة قبلها ، إلاّ بناء على الأصول المثبتة ليثبت بها كون الملاقاة بعدها ليحكم بالطهارة سيّما على ما أفاده شيخنا قدس‌سره : من لزوم إثبات سبق الكريّة في الحكم بعدم الانفعال ، وليس المقام إلاّ نظير ما لو علم بوقوع النجاسة في الماء وشكّ في أصل حدوث الكريّة قبله مع عدم العلم بالكرّيّة أصلا ، فكأن شيخنا قدس‌سره في المقام أغمض عمّا بنى عليه الأمر ، وعن التحقيق الذي عنده : من نفي اعتبار الأصول المثبتة ، وجرى الكلام على ما عليه بناء الأكثر : من اعتبارها من حيث ابتناء الأصول عندهم على الظّنّ لا التعبّد.

فقد تبيّن ممّا ذكرنا : أن مقتضى القاعدة في هذا القسم هو الوجه الثاني ، كما أن مقتضاها عند العلم بتوارد الحدث والطهارة ، أو المطهّر والمنجّس على المحلّ مع الشّكّ في التقدّم والتأخّر الحكم بلزوم التطهير من جهة قاعدة الشغل على ما فصّلناه في كتاب الطهارة من الفقه.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٥٣.

٤٩٩

وأمّا القسم الثاني : فالحكم فيه هو الحكم في القسم الأوّل على القول بكون التقارن وجوديّا وعدم كونه واسطة خفيّة ، أو القول باعتبار سبق الكريّة في الاعتصام. وأمّا على القول بعدم اعتبار سبقه وكونه عدميّا ، وهو مجرّد عدم تقدّم أحد الحادثين على الآخر ، أو وجوديّا مع كونه واسطة خفيّة ، فحكمه تغاير الحكم في القسم الأوّل ، فيحكم فيه بالطهارة. نظير ما لو علم بتقارنهما ولعلّه الوجه فيما اختاره الشيخ قدس‌سره في « الفصول » : من إثبات التقارن بالأصل في الفرض والحكم بالطهارة ، مع مصيره إلى عدم اعتبار الأصول المثبتة (١). وقد أشار إليه شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » بقوله : « وقد يفصّل ... إلى آخر ما ذكره » (٢) فإن ظاهره كون التقارن أمرا عدميّا وإن كان خلاف ما يقتضيه التحقيق عندنا ، وإن تأملنا في كونه واسطة خفيّة أيضا. ولعلّنا نتكلّم في ذلك في الجزء الثالث من التعليقة.

فقد تحصّل ممّا ذكرنا كلّه : الوجه فيما استظهره شيخنا من المشهور : من الحكم بالطهارة في مجهولي التاريخ من حيث إنّه لا يمكن نفي الكريّة في زمان الملاقاة وقبله ؛ لمكان المعارضة ، فلا يعلم بوجود سبب التنجّس للماء ؛ نظرا إلى كون السبب هي الملاقاة المقدّمة على الكريّة ، فيحكم بالطهارة لعدم العلم بوجود الرّافع لها. وهذا بخلاف ما لو تمّم الماء النجس كرّا بطاهر ؛ فإن الشكّ فيه في كفاية

__________________

(١) الفصول الغرويّة : ٣٦٥.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٥٣.

٥٠٠