بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-284-5
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٥٩١

حكم الزيادة فيهما إلى الشكّ في مانعيّتهما.

(٥٣) قوله قدس‌سره : ( ونظير الاستدلال بهذا للبطلان في [ الضعف ](١) الإستدلال ... إلى آخره ) (٢). ( ج ٢ / ٣٧٢ )

فساد التمسّك باستصحاب صحّة الأجزاء السابقة عند الشك

أقول : الاستدلال باستصحاب الصحّة في محل البحث لإثبات عدم مانعيّة الزيادة وصحّة العمل الذي وقعت فيه وأمثاله وقع في كلام غير واحد من المتقدّمين والمتأخّرين : من جهة تخيّل عروض الشكّ في بقاء الصحّة المحقّقة اليقينيّة بعد عروض ما يشكّ في مانعيّته أو ترك ما يشكّ في جزئيّته المطلقة ، كما

__________________

( * ) أوردناها من نسخة الكتاب المطبوع.

(١) قال المحقق الأصولي الشيخ محمّد هادي الطهراني قدس‌سره :

« وفيه : ان الصحّة في كلّ شيء بحسبه والجزء لا بشرط عين الكل وهو المصحّح لقصد القربة ؛ فإن الفاعل لا يأتي إلاّ بالأجزاء والكلّ إنّما يتحقّق بعد الفراغ ، فالمتلبّس بالصّلاة يتقرّب بعمله ؛ لانه صلاة وإن كانت مراعاة ولا تستقرّ إلاّ بالإتمام ، ألا ترى أنّ أحكام السفر تترتّب على من شرع في طيّ المسافة ؛ فإنه سفر مراعى ، وكذا الحال في كل ما كان على هذا المنوال مع انّ الزيادة مخرجة للأجزاء عمّا كانت عليها من الصّلوح والتأهّل لحيلولة الزائد الممنوع عنه بينها وبين اللاحقة ، وعجز المكلّف مستند إلى ذلك ، فتوهّم بقاء الصحّة التأهّليّة بيّن الوهن ، والأمر بالجزء وضعي لا معنى لإمتثاله » إنتهى. أنظر محجة العلماء : ج ٢ / ٥٥.

٢٤١

عرفت حكاية الاستدلال به عن شيخنا قدس‌سره في المسألة السابقة وتحكيمه على أصالة العدم المقتضية للفساد.

وأنت خبير بعدم جريان استصحاب الصحّة في أمثال المقام أصلا ، سواء أريد بالمستصحب صحّة مجموع العمل الذي وقع الشكّ في إخلاله به في أثنائه ، أو ما أتى به من الأجزاء السابقة على وجود ما يشكّ في حكمه ، وهو المراد من عدم الجدوى للاستصحاب في « الكتاب » في قوله : ( فهي غير مجدية ) (١) وكونه غير محتاج إليه في قوله : ( فاستصحاب صحّة تلك الأجزاء غير محتاج إليه ) (٢).

ضرورة أنّه على تقدير الجريان مسّت الحاجة إليه لا محالة ، فعدم الحاجة إليه من جهة القطع ببقاء المستصحب يلازم لعدم جريانه ؛ إذ ليس المراد من عدم الحاجة الاستغناء عنه في المسألة فعلا من جهة وجود الدليل على طبقه ، حتى لا يمنع من جريانه في نفسه كما هو ظاهر ، بل المراد ما ذكرنا فيلازم عدم الجريان ، كما يشهد له تفريع قوله المذكور على القطع ببقاء الصحة ، وتعليله أيضا بالقطع ببقائها.

وكيف كان : لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب المذكور بكلا وجهيه واحتماليه ؛ لأنه إن أريد بالمستصحب صحة المجموع فليس هناك متيقّن سابق

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٧٢.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ / ٣٧٣.

٢٤٢

لامتناع وجود الصفة بدون الموصوف والعرض بدون المعروض كما هو ظاهر ، بل لو أريد بهذا المعنى الاستصحاب التعليقي والتقديري أيضا لم يكن له معنى ؛ إذ القطع بترتّب الصحّة على تقدير وجود جميع الأجزاء بدون تخلّل ما يشكّ في مانعيّته وقادحيّته لا يلازم الصحّة مع وجوده.

فإن شئت قلت : الصحّة بالمعنى المذكور لا يشكّ في بقائها أصلا ، لأن مرجعها إلى التلازم بين وجود ما له دخل في تحقّق المركّب وترتّب الأثر وسقوط الأمر وهو مما لا يعرضه شكّ أصلا ، ولو قطع بعدم وجود بعض ما له دخل ؛ لأنّ صدق الشرطيّة لا يتوقّف على صدق الشرط كما هو ظاهر وستعرف توضيحه على الوجه الكامل في الشق الثاني من الترديد.

وإن أريد به صحة الأجزاء المأتي بها على وجهها ـ كما هو المفروض ـ فليس هناك مشكوك لاحق للقطع ببقائها على كل تقدير ، سواء أريد بالصحة موافقة الأمر ، أو الامتثال ، أو ترتيب الأثر المقصود من الشيء على اختلاف مراتبها بحسب الأشياء الراجعين إلى حقيقة واحدة حقيقة ، وإن اختلفا بحسب الاعتبار والأنظار على ما تبيّن في محلّه وسبقت الإشارة إليه في مطاوي كلماتنا : من أن الصّحة التي يعبّر عنها بالفارسيّة بـ « درستى ودرست بودن » معنى محفوظ عند المتكلّمين والفقهاء في العبادات والمعاملات ، وإن وقع الاختلاف في التعبير عنها بحسب الأنظار والأغراض.

أما إذا أريد بها المعنى الأوّل فلأن المفروض وقوع الأجزاء السابقة على

٢٤٣

وجهها وعلى طبق الأمر المتعلق بها ، وإلاّ لم يكن هناك متيقّن سابق يجري الاستصحاب فيه وانقلابها عما وقع عليه مستحيل عقلا ولو مع القطع بإيجاد ما يكون مانعا أو إعدام ما يكون وجوده معتبرا في تحقق المأمور به ، فلا يعرضه شكّ حتى يجري الاستصحاب فيه.

وإن أريد بها المعنى الثاني فلا يعرضه شك أيضا ، فلا معنى لجريان الاستصحاب فيه أيضا ؛ لأن صحّة كل جزء من أجزاء المركّب في مرتبته ليست على وجه يوجب تحققه وجوده ، وإلاّ خرج عن كونه جزءا كما يخرج المركب عن كونه مركّبا ، بل يكون علّة تامّة ومعلوله أمرا بسيطا وهو خلف.

بل وجوده على صفة ووجه اعتبر في تماميّة جزئيّته يؤثّر في تحقّق الكل على تقدير انضمام تمام ما له دخل في تحقّقه في عرض الجزء المفروض في مقابل فساده بالمعنى المقابل للمعنى المذكور : من جهة خلل فيه في مرتبة جزئيّته ، فصحّته يرجع حقيقة إلى أهليّته وشأنيّته وصلاحيّته للانضمام إلى غيره ممّا يعتبر في تحقّق الكلّ ، وبعد تحقّقه على الصفة المذكورة لا يفرّق في قيامها به وبقائها له بين انضمام غيره إليه وعدمه ، فمع القطع بعدم الانضمام يكون صحّته باقية ؛ لأن مرجع الصحّة المزبورة حقيقة إلى الشرطيّة الصادقة مع كذب الشرط.

ومن هنا يظهر : أنّ الأمر في الجزء الأخير من العلل المركّبة والأجزاء السابقة على نهج سواء في الدّخل في تحقّق المركّب ، وأنّ للكلّ وجودا إعداديا وتأثيرا ناقصا بالنسبة إلى المعلول وإن لم ينفكّ وجود المعلول عن الجزء الأخير ،

٢٤٤

إلاّ أنّ التأثير التام مستند إلى المجموع ، من حيث المجموع فلكل جزء أثر ناقص في مرتبته بالنسبة إلى المعلول ، ولذا يعبّر عنه بالعلّة الناقصة وعن المجموع بالعلّة التامة ، وليس هذا المعنى مختصّا بأجزاء العبادات ، بل نسبته إليها وإلى أجزاء المعاملات بل المركّبات الخارجيّة على نهج سواء.

فصحّة الإيجاب يراد بها تحقّقه على وجه لو انضمّ إليه تمام ما يعتبر في ترتيب أثر العقد من القبول وغيره تعقّب الأثر المذكور : من قصد الإنشاء ، والعربيّة الصحيحة ، والماضويّة ، والتقدّم على القبول ، والصّراحة إلى غير ذلك ممّا يعتبر في تماميّة الإيجاب مادّة وهيئة في مقابل فساده الذي يراد به عدم وجوده على الوجه المزبور.

فإذا لم ينضم إليه القبول بعد وجوده على الوجه المعتبر في صحّته في مرتبته لم يتحقّق العقد ولم يترتّب أثره ، لكنّه لا يوجب عروض الفساد على الإيجاد بعد تحقّقه صحيحا ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى صحّة أجزاء المركّبات الخارجيّة كصحّة الخلّ الذي يكون جزءا للسّكنجبين على ما مثّل به في « الكتاب » ، فقد اتّضح من هذا البيان : الوجه فيما ذكرنا : من عدم جريان الاستصحاب في المقام من جهة عدم المشكوك اللاّحق.

٢٤٥

(٥٤) قوله قدس‌سره : ( نعم (١) حكم الشارع على بعض الأشياء بكونه قاطعا ... إلى آخره ) (٢). ( ج ٢ / ٣٧٤ )

__________________

(١) كذا وفي نسخ الكتاب : ( نعم ، إنّ حكم الشارع ... إلى آخره ).

(٢) قال المحقّق آغا رضا الهمداني قدس‌سره :

« أقول : وأولى بجريان استصحاب الصحّة عند الشك في وجود القاطع ، الشك في وجود الناقض لا من حيث قطعه للهيئة الإتصاليّة ، بل من حيث تأثيره في إزالة أثر الأجزاء السابقة ، كما لو شك في ناقضيّة الحدث الأصغر في أثناء الغسل ؛ فانه لا يتطرّق في هذا النوع من استصحاب الصحّة شيء من المناقشات التي يتطرّق في سائر الموارد ؛ لأن الشك لم يتعلّق في الفرض إلاّ بخروج الأجزاء السابقة عن الصفة التي كانت عليها ، وهي تأثيرها في رفع الحدث الأكبر ، على تقدير ضمّ سائر الأجزاء ، فيستصحب هذا الحكم الشرعي التعليقي ، فيحكم بثبوته بعد حصول المعلّق عليه ، ومن هذا القبيل ما لو شك في خروج البول أثناء الوضوء ، أو خرج منه المذي وشك في ناقضيّته كما لا يخفى » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٢٧٠.

* وقال الشيخ موسى بن جعفر التبريزي قدس‌سره :

« أنت خبير بأن إطلاق القاطع والناقض على ما يشمل المانع سيّما في المركّبات التي يكون المطلوب فيها الإتيان بالمركّب من حيث مجموعه شائع ، كيف لا! وقد منعنا في محلّه دلالة قوله عليه‌السلام : « لا تنقض اليقين بالشك » على اختصاص حرمة النقض بما كان الشك فيه في المانع دون المقتضي فضلا عما نحن فيه وحينئذ يشكل التمييز بين الناقض والمانع بالتعبيرات المذكورة فلا يبقى محلّ لاستصحاب الهيئة الإتّصاليّة » إنتهى. أنظر أوثق الوسائل : ٣٨١.

٢٤٦

في الفرق بين القاطعيّة والمانعيّة

أقول : لا يخفى عليك الأمر : أن القاطع قسم من الرّافع ، كما أنه قسم من المانع حقيقة ؛ فإن المانع إن أضيف إلى الوجود الأوّلى للشيء يسمّى دافعا ، وإن أضيف إلى الوجود الثانوي له ـ الذي يعبّر عنه بالبقاء ـ يسمّى رافعا ؛ ضرورة امتناع تعلّق الرّفع بالموجودات بالنسبة إلى أزمنة وجودها ، وإلاّ لزم اجتماع النقيضين كما هو ظاهر.

والمراد بالقاطع : هو الرّافع للهيئة الاتصاليّة والوضع المخصوص المعتبر للأجزاء والمركّبات الشرعيّة الاعتباريّة فيما قام هناك دليل على اعتبارها ، فإن لم يعتبر في أجزاء المركّب في مرتبتها وجودها على وضع خاص اعتبر في تركيب المركّب منه في نظر الشارع ، وليس مما يعرفه العرف ولا اطّراد في رفعه في الشرعيّات بمعنى : لزوم رفعه ببعض الأشياء مع رفعه بغيره ، وإنما استكشف من اعتباره في الصّلاة من جهة يعتبر الشارع عن بعض المبطلات بالقاطع ؛ فإنه يستكشف منه أنّ لأجزائها ـ مضافا إلى ما يعتبر في جزئيّتها في مراتبها وذواتها ـ وضعا مخصوصا لا يعرف حقيقته إلاّ الشارع الذي اخترع التركّب للمركّبات الاعتباريّة التي لا يجتمع أجزاؤها في الوجود الخارجي أصلا ، فعدمه معتبر في بقاء الأجزاء على الوضع المخصوص ، فإذا وجد ارتفع ذلك الوضع ، فيفسد الجزء

٢٤٧

بعد وجوده على صفة الأهليّة ، فلا يتحقّق الكل من جهة عروض الفساد للجزء بعد وجوده على الوجه الصحيح القابل.

ونظيره في عروض الفساد لبعض الأجزاء في المركّبات الخارجيّة خل (١) تام في مرتبة جزئيّته ، وقع فيه بعد وجوده على الوجه الصحيح القابل ما أفسده وأخرجه عن القابليّة والشأنيّة الثابتة له بالفرض ، فالقاطع في المقام أيضا يخرج الجزء عما كان عليه من القابليّة المفروضة الثابتة فيه إذا تخلّل بين الأجزاء ، فيخرج كلاّ من السابق واللاحق من قابلية الانضمام ، فعدمه وإن كان معتبرا في تحقّق المركّب المأمور به ، إلاّ أنّ اعتباره ليس من جهة قدحه ابتداء ومنعه عن وجود المركّب بالذات حتى يكون اعتباره في عرض اعتبار الأجزاء وشرائط المأمور به وفي مرتبته ـ كما هو الشأن في المانع عن وجود المركّب ـ بل من جهة قدحه في وضع الأجزاء ابتداء ، فيوجب فساد المأمور به من جهة تأثيره في فساد الجزء ، ففساد المركّب مستند إلى فساد جزءه ، وفساده مستند إلى القاطع ، وهذا هو الفرق بين القاطع والمانع كما نبّه عليه في « الكتاب » أيضا على وجه واف بأداء الفرق بينهما كما لا يخفى على من تأمّل فيه ، هذا هو الفرق المفهومي بين القاطع والمانع في المقام.

__________________

(١) كذا وفي نسخة أخرى « حمل » وفي ثالثة « حل » ولعلّ الصحيح : « خلل قام في مرتبة جزئيّته ». كما هو المناسب للعبارة والله أعلم.

٢٤٨

وقد عرفت : أن تحقّق القاطع بالنسبة إلى أجزاء المركّب وتعيين مصداقه موكول إلى حكم الشارع الجاعل للمركّبات الشرعيّة بالمعنى الذي عرفته في مطاوي كلماتنا السابقة ، وأمّا حكمه من حيث جريان الاستصحاب عند الشكّ في وجوده أو صفته من جهة الشبهة الحكميّة والموضوعيّة فقد بني الأمر في هذا الجزء من « الكتاب » ـ والجزء الثالث المتعلّق بالاستصحاب ـ على جريانه ، وإن منع منه في مطلق الشكّ في المانع على ما عرفت توضيحه.

وتقريب جريانه على ما في « الكتاب » بوجهين :

أحدهما : أن تجعل المستصحب صحة الأجزاء بمعنى قابليتها وشأنيتها ؛ لأن تصير أجزاء فعليّة للمركّب ويترتّب وجوده على وجودها بعد حقيقتها في الخارج ؛ حيث إن وجودها على الصفة المذكورة كان متيقّنا يشكّ في بقائه من جهة الشك في وجود الرّافع ، فيحكم بالبقاء من جهة الاستصحاب.

ثانيهما : أن يجعل المستصحب الاتصال القائم بالأجزاء السابقة وما يلحقها من الأجزاء اللاحقة والجزء الصوري الملحوظ للمركّب الذي يعرض مواد الأجزاء ويتقوّم بها وقد يعبّر عنه بالهيئة الاتصاليّة بين الأجزاء بعضها مع بعض ، وهذا المعنى وإن لم يتحقّق فعلا بين الجزءين اللذين تخلّل ما يحتمل قاطعيّته بينهما ؛ ضرورة استحالة قيامه بالموجود والمعدوم ، إلاّ أنه لما كان في معرض الوجود باعتبار ركنه اللاّحق ، فألحق بالموجود عرفا في باب الاستصحاب ، وليس مثل استصحابه إلاّ مثل استصحاب الأمور التدريجيّة من الزمان

٢٤٩

والزمانيّات كالتكلم ، والمشي ، والحيض بمعنى سيلان الدم والنبع والجريان ، ونحو ذلك هذا.

وقد ناقش شيخنا في « الكتاب » في كل من التقريرين للاستصحاب.

أمّا في التقرير الأوّل : فبأنّه من الأصول المثبتة ؛ حيث إن الحكم الشرعي مترتّب على فعليّة الاتصال وتحقّق الجزء الصوري لأجزاء المركّب ووجوده لا على مجرّد القابليّة وشأنية الأجزاء لأن تصير جزءا فعليّا للمركّب ، فلا بدّ من أن يثبت ببقاء القابليّة تحقّق الفعليّة المترتّبة عليه الحكم ، وهذا معنى كونه مثبتا.

وتفصّى عن المناقشة المذكورة فيه : بأن الحكم الشرعي في مفروض البحث وإن ترتب على المستصحب بواسطة ، إلاّ أنه لمكان خفائها يمكن القول باعتبار الاستصحاب فيه على ما ستقف عليه في باب الاستصحاب : من اعتبار الأصل المثبت فيما كانت الواسطة خفيّة في نظر العرف ، بحيث يجعلون الحكم الشرعي من محمولات نفس المستصحب بلا واسطة أمر آخر.

وأمّا في الثاني : فلأن المستصحب لمكان قيامه بالفرض المتّصلين الّذين لم يتحقّق أحدهما لم يوجد يقينا ، فكيف يحكم ببقائه بالاستصحاب المتوقف على العلم بوجود المستصحب في السّابق؟

وتفصّى عن المناقشة فيه أيضا : بأن مبنى الاستصحاب وإحراز موضوع المستصحب إن كان على المداقّة العقليّة في باب الاستصحاب لم يكن للسؤال

٢٥٠

المذكور والإيراد المزبور جواب ودافع أصلا ، وإن كان على المسامحة العرفيّة ـ كما هو مبناه في كثير من الاستصحابات المسلّمة بينهم كاستصحاب كريّة الماء وقلّته ونحوهما على ما هو المختار في باب الاستصحاب ـ لم يتوجّه على الاستصحاب المذكور شيء.

فإنه كما يقال في استصحاب الكريّة مثلا في الجواب عن الإشكال في جريانه : بأنه إن كان الموضوع هو الماء الموجود فلا يتيقّن الكرية في السّابق ، فكيف يشكّ في بقائه على الكريّة؟ وإن كان الماء الموجود في السابق الذي أخذ منه مقدار فلا معنى لاستصحاب كرّيّته ؛ لعدم الشكّ في كريّته أصلا ، فعدم الكريّة في اللاّحق مستند إلى عدم موضوعه ؛ لأن الموجود من الماء بلغ ما بلغ موضوع وموجود واحد قامت صفة الكريّة بمجموعه ، فإذا نقص بعض أجزائه فقد انعدم موضوع الكريّة بأن الموضوع هذا الماء الموجود فعلا مسامحة في كونه غير الماء الموجود سابقا الذي قام به صفة الكريّة تنزيلا للجزء المأخوذ منزلة الموجود.

كذلك يقال في الجواب عن إشكال جريان الاستصحاب في المقام : بأن المراد من المستصحب وهو الاتصال إن كان هو الاتصال بين الأجزاء السابقة بعضها مع بعض فهو متيقّن البقاء ، وإن كان بين الجزء السابق على وجود ما يشكّ في قاطعيّته واللاحق عليه ، فإن لم يفرض وجود الجزء بعد وجوده فهو مقطوع العدم من أول الأمر. وإن فرض وجوده فهو مشكوك الحدوث ، فكيف يحكم ببقائه : بأن موضوع الاتصال والمستصحب في المقام أيضا هو الأجزاء السابقة

٢٥١

بقول مطلق من غير نظر إلى كون موضوعه هو خصوص الأجزاء السابقة ، أو ما تخلّل ما يشكّ في قاطعيّته بينهما من السابق واللاحق.

هذا بعض الكلام فيما يتعلّق بالمقام ، وستقف على تمام القول فيه في الجزء الثالث من التعليقة إن شاء الله تعالى.

وأمّا ما أورده على استصحاب الصحّة في « الفصول » (١) كما حكاه عنه في « الكتاب » بقوله : ( ولربّما يرد استصحاب ... إلى آخره ) (٢) فلمّا كان مبناه على وقوع الشكّ وطروّه في صحة الأجزاء مطلقا ـ من غير فرق بين الشكّ في القاطع والمانع وعدم الجدوى في استصحابها على تقدير ، وابتنائه على اعتبار الأصول المثبتة على تقدير آخر غير مجد في حكم المقام ـ فردّه في « الكتاب » : بأنه إن كان المفروض في كلامه الشكّ في المانع فلا يعرض شكّ في بقاء الصحّة من جهته حتى يبنى اعتبار الاستصحاب فيه على الأصل المثبت ، وإن كان الشكّ في القاطع فلا مانع من الاستصحاب فيه بعد دفع المناقشة عنه على ما عرفت.

__________________

(١) الفصول الغرويّة : ٥٠.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٧٥.

٢٥٢

(٥٥) قوله قدس‌سره : ( فإن حرمة الإبطال إيجاب ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٧٦ )

أقول : الاستدلال مبنيّ على إرادة حرمة الإبطال نفسا الكاشفة عن كون الشروع في العمل ملزما ومعيّنا لاختيار الفرد في مقام امتثال الأمر بالطبيعة ، والآية على تقدير إرادة حرمة الإبطال بالحرمة الشرعيّة منها ظاهرة في هذا المعنى من غير حاجة إلى ضمّ الإجماع المركّب ، كما يصرّح بذلك فيما بعد في ردّ الجواب عن الآية بقوله : « وفيه نظر ؛ فإنّ البراءة اليقينيّة ... إلى آخره » (٢) فتأمل.

__________________

(١) قال المحقق المؤسس الطهراني قدس‌سره :

« انّ الإبطال الإختياري يتوقّف على الصحّة ولا إشكال في عدم جواز إبطال الصّلاة الصحيحة ومن المحال إثبات الموضوع بأدلة الأحكام ، وكون وجوب المضيّ من لوازم الصحّة يدفعه التخلّف في الحج مع ان العمل الذي يترتّب عليه الآثار وثبت له الأحكام هو المركّب ، وإبطاله إنّما هو بما ينافيه بعد التمام كالشرك بالنسبة إلى جميع العبادات ، والمنّ والأذى بالنسبة إلى الصّدقات ، مع انّ حرمة الإبطال لا مورد لها إلاّ ما فيه الإحرام ، وبعد ثبوته لا حاجة إلى النهي.

وظهر مما حققناه جريان استصحاب وجوب الإتمام المترتّب على تحقّق الإحرام ، والشك في العجز مسبّب عن الشك في طروّ المفسد والإنقطاع والحيلولة ، والأصل العدم فيحكم بأنّ الإتيان بالباقي إتمام ويتحقّق الإتّصال والإنضمام ولا معنى للصحّة إلاّ ذلك ؛ ضرورة انّ وجوب الإتمام في الصلاة مرجعه إلى تعيّن العمل في كونه صلاة ، وليست من قبيل الحجّ كي يمكن التفكيك ... إلى آخر ما ذكره ». أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٥٥ ـ ٥٦.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٨١.

٢٥٣

مع أن الواجب على الصائم إذا أفسد صومه هو الإمساك لا إتمام الصوم ، وفي الحج أيضا كلام مذكور في محلّه : في أن الفرض هو الأول والثاني عقوبة أو العكس فراجع (١).

(٥٦) قوله قدس‌سره : ( والنهي على هذين الوجهين ظاهره الإرشاد ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٣٧٨ )

بيان محتملات قوله تعالى ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (٢)

أقول : لا إشكال فيما أفاده من كون النهي على الوجهين الأولين يعني :

إحداث البطلان في العمل الذي وقع صحيحا بعجب ونحوه ـ على القول بكون العجب مبطلا للعمل ـ أو إيجاده على وجه باطل ، ظاهرا في الإرشاد إلى عدم جعل العمل لغوا وعدم إيجاده على الوجه الباطل اللغو ، وإن كان الثاني حراما تشريعيّا أيضا ، إذا تحقّق معه التشريع والفعل الموجب للإبطال حراما ذاتيّا كالعجب على الأول ؛ إذ الكلام في حرمة الإبطال لا ما يحصل به أو ما يقارن معه ، فلو جعل العمل أعمّ من الجزء والكل يكون المراد من إحداث البطلان في الجزء الذي وقع صحيحا إيجاد ما يرفع قابليّته للانضمام ، أو إيجاد ما يمنع من تحقّق سائر ما يعتبر في وجود المركب مسامحة في إطلاق البطلان على الجزء ، فلا ينافي ما ذكره في

__________________

(١) أنظر الجواهر : ج ٧ / ٤٢٨ « ط دار المؤرّخ العربي ».

(٢) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ٣٣.

٢٥٤

الجواب عن السؤال المتقدّم بقوله : « نعم ، ولا ضير في التزام ذلك ... إلى آخره » (١).

ثمّ إنه لا إشكال فيما أفاده أيضا من كون المعنى الأوّل أظهر بقوله : « وكيف كان : فالمعنى الأول أظهر ... إلى آخره » (٢) لموافقته لوضع باب الأفعال وموافقته لآية النهي عن إبطال الصدقات بالمن والأذى ، وظهور سياق نفس الآية بملاحظة الآية السّابقة عليها ؛ من حيث إن تعقيب إطاعة الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنهي عن الإبطال ظاهر في إرادة عدم إبطالها بعد وجودها هذا.

مضافا إلى ظهور النهي المتعلّق بالأعمال بصيغة الجمع في إرادة جميعها فينزل على الإبطال بالكفر والشرك بعد الإيمان والإتيان بالأعمال ؛ فإن الإبطال به اتفاقيّ وإن سمّي إحباطا ؛ فإن الإحباط بمعنى الموازنة موافق للعقل والشرع بالنسبة إلى جميع الطاعات والمعاصي ، ولمّا كان الكفر لا يوازن به شيئا من الطاعات من حيث إن أثره الخلود في النار إتّفقوا على الإحباط به.

وأمّا غيره من المعاصي فلا يعلم بغلبته على الطاعة ، إلاّ علاّم الغيوب ومن أفاضه علم ذلك من رسله وأوليائه صلواته عليهم ، فلا يحكم بكونه موجبا للحبط بالمعنى المذكور والموافق للعقل ، فإذا كان المراد من الإبطال والإحباط هذا المعنى فلا يخالف حكم العقل بامتناع عروض الفساد على العمل الصحيح المؤثر واستحقاق الأجر والثواب من حيث استلزامه لاجتماع النقيضين على ما عرفت

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٧٤.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٧٨.

٢٥٥

الإشارة إليه هذا. وقد تقدّم بعض الكلام فيما يتعلّق بالمقام في الجزء الأوّل من التعليقة (١).

مضافا إلى ظهور بعض الأخبار الواردة في الاستشهاد بالآية الشريفة في المعنى الأوّل ، وهو المرويّ في « الكتاب » (٢) عن « الأمالي » (٣) و « ثواب الأعمال » (٤) ، والغرض من الاستدلال به : إثبات كون الظاهر من الآية المعنى الأوّل مع قطع النظر عن ظهورها في إبطال الجميع فلا تنافي بين الاستدلالين فتدبّر هذا كلّه.

مضافا إلى أن المعنى الثالث الذي هو مبنى الاستدلال ـ كما هو ظاهر ـ موجب لتخصيص الأكثر المستهجن ، إلاّ أن يكون المراد منه العهد أي : خصوص العبادات الواجبة ؛ فإنه سالم عن تخصيص الأكثر ، وإن لم يسلم عن التخصيص في الجملة كما هو ظاهر ، ولا شاهد لهذا المعنى أصلا.

(٥٧) قوله قدس‌سره : ( فإذا ثبت ترجيح المعنى الأوّل ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٣٨٠ )

أقول : قد يناقش فيما أفاده : بأن استظهار الإرشاد على تقدير إرادة المعنى

__________________

(١) بحر الفوائد : ج ١ / ٣٣.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٧٩.

(٣) أمالي الصّدوق : ٤٨٦ ـ المجلس ٥٨ ، الحديث : ١٤.

(٤) ثواب الأعمال : ١١.

٢٥٦

الأول على ما ذكره سابقا ينافي الاستدلال بها على حرمة القطع في الأثناء على تقدير إرادة المعنى الأعمّ من الأعمال ؛ إذ لا يجوز الجمع بين إرادة المعنيين منها قطعا فتدبّر.

ثمّ إنه لا إشكال فيما أفاده : من عدم جواز الاستدلال بالآية الشريفة على حكم المقام حتى على إرادة المعنى الثالث منها ؛ نظرا إلى رجوع الشكّ في المقام إلى الشكّ في موضوع الإبطال وإن كانت الشبهة حكميّة ؛ فإنه لا يعلم بعد عروض ما يشكّ في مانعيّته أن رفع اليد عن العمل قطع له أو انقطاع. ومن المعلوم ضرورة عدم جواز التمسّك بالعموم في الشبهات الموضوعيّة ؛ لعدم رجوع الشك فيها إلى الشكّ في المراد من اللفظ كما هو ظاهر.

كما أنه لا إشكال فيما أفاده : من عدم جريان استصحابي حرمة القطع ووجوب الإتمام ، وظهور أمر عدم جريانهما مما أفاده في عدم جواز التمسّك بالآية في المقام على تقدير إرادة المعنى الثالث : من رجوع الشكّ إلى الشكّ في الموضوع ؛ فإنّه مع الشكّ المفروض يشكّ في صدق موضوع النقض المنهي بأخبار الاستصحاب ، فيرجع الشكّ بالنسبة إليها إلى الشكّ في الموضوع أيضا ، ومن هنا اعتبر في جريان الاستصحاب إحراز الموضوع.

نعم ، قد يناقش فيما أفاده : من أضعفيّة الاستصحاب الثاني (١) من

__________________

(١) قال المحقق آغا رضا الهمداني قدس‌سره :

٢٥٧

الاستصحاب الأوّل ، مع أنه علّله بما جعله وجها لمنع جريان الاستصحاب الأول : من رجوع الشّكّ إلى الشك في الموضوع ، اللهم إلاّ أن يجعل الوجه كون وجوب الإتمام مانعا لحرمة القطع ومتولّدا منها ؛ إذ ليس هنا تكليفان قطعا. أحدهما : حرمة القطع. ثانيهما : وجوب الإتمام ، فإذا لم يحكم بالحرمة ، فكيف يحكم بالوجوب؟ فتدبّر.

__________________

« أقول : قد عرفت أيضا إمكان استصحاب الوجوب الفعلي المنجّز المتعلّق بباقي الأجزاء ، فإن أريد من استصحاب وجوب الإتمام ، استصحاب وجوب الأجزاء الباقية التي ينتزع منها عنوان الإتمام ، لا يتوجّه عليه الإعتراض المذكور.

وإن أريد استصحاب وجوب نفس هذا العنوان فالإعتراض في محلّه » إنتهى.

أنظر حاشية فرائد الأصول : ٢٧١.

* وقال السيّد عبد الحسين اللاري قدس‌سره :

« وجه الأضعفيّة : ان العموم مع قوّته اللفظية إذا لم يشخّص الموضوع ، فاستصحاب وجوب الإتمام أولى بعدم تشخيصه موضوع التماميّة المشكوك فيها ؛ بل لا بد في الإستصحاب من إحراز بقاء موضوعه.

هذا ولكن فيه : ان العبرة في إحراز بقاء موضوع المستصحب على المسامحة العرفيّة لا المداقّة الفلسفيّة ، ومن المعلوم عرفا : أن موضوع إتمام الصّلاة المركّبة من الأجزاء العديدة لا يتغيّر عرفا بتخلل زيادة جزء من أجزاءه كما لا يتغيّر موضوع قلّة الماء وكثرته بالنقص والزيادة الكثيرة ولا بزوال تغيّره المنجّس من قبل نفسه أو الرّياح » إنتهى.

أنظر التعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٤٧.

٢٥٨

(٥٨) قوله قدس‌سره : ( وربّما يجاب عن حرمة الإبطال ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٨١ )

مبنى الجواب عن حرمة الإبطال والمناقشة فيه

أقول : مبنى الجواب المذكور على أن حرمة الإبطال بالحرمة النفسيّة لا يلازم صحة العمل ، فيجمع بين مقتضى الاستصحابين وأصالة الاشتغال المقتضية لإعادة العمل من حيث عدم العلم بأن المكلف به إتمام العمل أو إعادته ، فيكون الأمر دائرا بين المتباينين فيجب الاحتياط بالجمع بينهما.

لكنّك قد عرفت : عدم جريان الاستصحاب في المقام ، وإن كان الحكم وجوب الإتمام على القول بدلالة الآية أو قيام الإجماع عليه ؛ من حيث إن الشكّ في الموضوع كان مسبّبا عن مانعيّة الزيادة في الشرع ، فإذا حكم بعدمها ولو من

__________________

(١) أقول : ولاحظ تعليقة المحقق الأصولي الجليل الشيخ موسى بن جعفر التبريزي في كتابه النفيس أوثق الوسائل فإنها لا تخلو من فوائد بطولها وتفصيلها أنظر ص ٣٨٣ من الكتاب المزبور.

* وقال صاحب قلائد الفرائد قدس‌سره في قلائده ( ج ١ / ٦٠٩ ) :

« أقول : حكي هذا الجواب عن صاحب الرياض وغيره وملخّصه :

أن غاية ما يدل عليه الأصلان إنّما هو وجوب الإتمام وحرمة القطع دون صحّة العمل ، فيجمع بينهما وبين أصالة الإشتغال بوجوب إتمام العمل تمسكا بهما ووجوب الإعادة تمسكا بقاعدة الإشتغال ، هذا » إنتهى.

٢٥٩

جهة أصالة البراءة تعيّن الحكم بوجوب إتمام العمل في مرحلة الظاهر ، فيلزمه جواز الاقتصار عليه وعدم وجوب إعادته فيرتفع موضوع أصالة الاشتغال ؛ لانتفاء احتمال الضّرر بناء على ما عرفت ونبّه عليه شيخنا قدس‌سره : من أن حرمة الإبطال مستلزمة لصحّة العمل.

وتوهّم : عدم جواز إثبات موضوع الحرمة بأصالة البراءة في مانعيّة الزيادة ـ نظرا إلى أن الإبطال ليس حكما شرعيّا وإن كان ملازما لمجرى البراءة ، فالحرمة مترتّبة عليه بواسطة إثبات الإبطال ، فيكون من الأصول المثبتة فيبقى أصالة البراءة عن حرمة القطع والإبطال سليمة عن الأصل الحاكم عليها ، ومن هنا ذكر في « الكتاب » في ردّ الجواب : بأنه على تقدير عدم العمل بالاستصحاب وتحصيل البراءة اليقينيّة بالقطع والاستئناف ويدفع احتمال حرمته بأصالة البراءة ـ فاسد.

فإنه لا معنى لحكم الشارع بعدم الاعتناء باحتمال المانعيّة ، إلاّ أنه يجب البناء على صحة العمل وحرمة قطعه ، نظير حكمه بالبراءة عن احتمال الدّين المانع عن تحقّق الاستطاعة ، أو احتمال سائر حقوق الناس من الخمس والزكاة وغيرهما ، مع كون المال في نفسه بقدر الاستطاعة وحكمه بالبراءة عن الدّين المانع عن الخمس في فاضل المؤونة وغير ذلك فتأمل.

وأمّا ما أفاده في الإيراد عن الجواب فهو مبني على الإغماض عما ذكرنا

٢٦٠