بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

الارتداع ، لكنّه لا تعلّق له بما هو المقصود من البيان ؛ فإن النفع بهذا المعنى موجود بالنسبة إلى جميع موارد الرجوع إلى العقل في المسائل الاعتقادية كما هو ظاهر.

(١٣) قوله : ( المسألة الثانية : ما إذا كان دوران حكم الفعل ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١١٤ )

في دوران الأمر بين الحرمة وغير الوجوب

من جهة إجمال النّص

أقول : قد أسمعناك في أوائل هذا المقصد : أن من أسباب اشتباه الحكم الكلّي الصّادر من الشارع وموجباته : إجمال اللفظ المتكفّل لموضوع القضية الشرعيّة ، أو محمولها ؛ بمعنى عدم ظهور مراد الشارع منه بما هو المناط في باب الألفاظ ، من غير فرق بين الإجمال الاصطلاحي وغيره ، وأن يكون مستندا إلى هيئة النهي من جهة الاشتراك اللفظي ، أو المعنوي ، مع عدم ظهور بعض الأفراد ، أو كثرة الاستعمال في الكراهة مع الوضع للتحريم ؛ بحيث يوجب إجمال اللفظ ، أو غيرها ، أو مادّته ومعروضه ، بأحد موجبات عدم تبيّن المراد كالغناء إذا كان الاختلاف بحيث يرجع إلى الأقل والأكثر ؛ بحيث يكون هناك ما يعلم صدق الغناء عليه على كل تقدير ويعلم بكونه مرادا ، وإنّما الشكّ في إرادة بعض الأصوات من حيث عدم تبيّن حقيقة اللفظ عرفا بكنهه وحدّه وحقيقته ، كما هو الشأن في أكثر المفاهيم العرفيّة.

٤١

وأمّا إذا تبيّن المفهوم وشكّ في الإرادة من جهة أخرى ، ولم يوجد هناك شرائط التمسّك بالإطلاق كما فيما ذكره من مثال الخمر من باب مجرّد الفرض فأقلّ قليل.

وممّا ذكرنا كلّه يظهر : أنه لا تعلّق للمسألة بالشبهة الموضوعيّة العرفيّة التي تسمّى بالشبهة في طريق الحكم عند الأخباريّين (١) ، وقد وافقوا المجتهدين في

__________________

(١) قال المحقق الخراساني قدس‌سره :

« المراد بالشبهة في طريق الحكم هي الشبهة الموضوعيّة فلا يجب فيها الإحتياط ولو على مذهب الأخباريّين. ومنشأ التوهّم : أنّ منشأ الإشتباه فيها إنما هو عدم المعرفة بالوضع فيرتفع بالرجوع إلى العارف به وليس من شأن الشارع رفعه كما هو شأن جميع الشبهات الموضوعيّة.

وأمّا وجه الفساد : هو أنّ الملاك في الشبهة الحكميّة أن يكون الشك في مراد الشارع ولا ريب أن الشك ها هنا فيه وإن كان منشاؤه عدم المعرفة بالوضع ، ولا شبهة في انّ شأنه رفعه وتعيينه وإن كان قد يرتفع بالرّجوع إلى غيره من العارف بالوضع أو علائمه أيضا.

وبإزاء هذا التوهّم ، توهّم النّص ، فالإحتياط لازم ها هنا ولو على مذهب المجتهدين القائلين بالبراءة في تلك المسألة ، وهو أيضا فاسد ؛ فإن التكليف إنّما هو ثابت بالنسبة إلى ما كان الخطاب بيانا له وهو القدر المتيقّن منه. وأمّا بالنسبة إلى غيره فالتكليف بعد غير منجّز وإلاّ لزم العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان كما في صورة فقد النص بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى (١) ».

٤٢

الحكم بالإباحة فيها وإن سمّيت بالشبهة في الموضوع المستنبط ، وأطلقت عليها الشبهة في الموضوع بقول مطلق ؛ من حيث إن الموضوع الكلّي للحكم فيها غير معلوم ، إلاّ أن الإطلاق لا يؤثّر في إخراج المسألة عن الشبهة الحكميّة المنوط بعدم

__________________

(١) حاشية من الخراساني على حاشيته هنا :

وحاصل الدفع : أن التكليف بالإجتناب عن الطبيعة المنهي عنها وإن كان منجّزا يجب إحراز الإجتناب عنها لكن يكفي في ذلك إحرازه بأصالة العدم الجارية غالبا عند الإتيان بما يشك انه منها ؛ حيث إنّ المكلّف به ليس إلاّ الترك وهو محرز بالأصل ولو أتى بما احتمل حرمته.

وأمّا وجه جواز الإتيان به : فلعدم كون الخطاب والنهي عن الطبيعة بيانا للتكليف من غير ما علم تفصيلها أو إجمالا من أفراده فليفهم » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢١٩.

وعلّق عليه الشيخ الفاضل رحمة الله رحمه‌الله قائلا :

« أقول : المراد بالشبهة التي تعرّضوا لبيان حكمها سواء كان حكميّة أم موضوعيّة ما لم يكن للمكلّف طريق إلى رفعها ، فالشبهة البدويّة التي يقع المكلّف فيها حكميّة أو موضوعيّة ويمكن على إزالتها بالرّجوع إلى المدارك أو اللغة أو غيرها خارجة من المبحوث عنها ومنشأ التوهم وإن كان ما ذكر إلاّ أنّ فساده ليس كما زعمه الخراساني :

من أن الشبهة حكميّة وإن تمكّن المكلف من رفعها بالرّجوع إلى العارف بالوضع وغير ذلك ، بل وجه الفساد : أن التكليف معيّن في المقدار المتيقّن الإرادة من اللفظين وغيرهما ويبقى الشك في حرمة الزائد على المتيقّن فالشبهة في الزائد حكميّة وكذا الحال في كل موضوع تردّد أمره بين الناقص والزائد فالشك في المقدار الزائد على المتيقّن شك في ثبوت الحكم له فالشبهة حكميّة ولمّا أخذ النّعاس يحرّك رأس خطّاط القرطاس إقتصر على هذا القدر من الأساس حامدا مستغفرا » إنتهى. أنظر فرائد المحشّى : ٢١٩.

٤٣

تبيّن القضيّة الشرعيّة موضوعا ، أو محمولا ، أو هما معا ؛ لأن الحكم ـ على ما عرفت مرارا ـ ليس مجرّد المحمول ، وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا ، وإن وقع وهم هناك لبعض أوائل الطّلب.

ثمّ إن حكم المسألة ، حكم المسألة الأولى عند المجتهد والأخباري من غير فرق بينهما أصلا عند الفريقين.

(١٤) قوله قدس‌سره : ( وهذه الرّواية (١) وإن كانت أخص من أخبار التخيير ... إلى آخره ) (٢). ( ج ٢ / ١١٦ )

أخصّيّة الرّواية من أخبار التخيير

أقول : أخصّيّتها بظاهرها من أخبار التخيير لا تحتاج إلى البيان ، فإن ما دل على التخيير على ضربين :

__________________

(١) عوالي اللآلي : ٤ / ١٣٣ ـ ح ٢٢٩ ، عنه مستدرك الوسائل : ج ١٧ / ٣٠٣ باب « وجوب الجمع بين الأحاديث المختلفة » ـ ح ٢.

(٢) قال سيّد العروة قدس الله تعالى نفسه الزكيّة :

« وجه الأخصّيّة : أنه يستفاد من المرفوعة وجوب الإحتياط إذا كان أحدهما موافقا للإحتياط والآخر مخالفا له ، والتخيير إذا كانا موافقين للإحتياط أو مخالفين وأخبار التخيير شاملة لجميع الأقسام حتى ما لا يمكن فيه الإحتياط كأن يكون أحد الخبرين موجبا والآخر حاظرا » إنتهى. انظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ١٧١.

٤٤

أحدهما : ما حكم فيه بالتخيير ابتداء من دون اعتبار فقد المرجّحات.

ثانيهما : ما حكم به بالتخيير مع فقد المرجّحات مطلقا سواء أمكن الاحتياط أو لم يمكن ، كما في دوران الأمر بين المحذورين.

وظاهر أن كلاّ منهما أعمّ مطلقا من الرّواية ، فلو كانت معتبرة من حيث السند لزم تقديمها على أخبار التخيير والعمل بها ، وإن كان حملها على صورة عدم إمكان الاحتياط بعيدا ، إلاّ أنه لا مناص عنه بعد أخصيّة الرواية ، إلاّ أنها غير معتبرة سندا جدّا ، فلا تعارض أخبار التخيير.

وأمّا ما دلّ على التوقّف والاحتياط فهو على ضربين أيضا :

أحدهما : ما ورد في مطلق الشبهة وقد عرفت حاله ، مضافا إلى كونه أعمّ ، فلا تعارض ما دلّ على التخيير.

ثانيهما : ما ورد في خصوص المتعارضين من الأخبار ، كمقبولة عمر بن حنظلة التي رواها المشايخ الثلاثة. فإنّه حكم فيها بالتوقّف والإرجاء بعد فقد المرجّحات ، إلاّ أنّ الحكم بالتوقّف فيها لمّا كان مختصّا بالتّمكّن من إزالة الشبهة بالرجوع إلى الإمام عليه‌السلام نوعا ، فتكون أخصّ من أخبار التخيير بهذه الملاحظة فيرجع إليها ، ويحكم في أمثال زماننا بالتخيير ، ولا إجماع على عدم الفصل بين الزمانين. كما أنه لا إجماع على اتّحاد حكم العلاج ترجيحا وتخييرا ، بل ظاهر المقبولة وغيرها إعمال المرجّحات في مورد التّمكّن ، بل هو موردها فتدبّر.

٤٥

ثمّ إنه قدس‌سره ليس في مقام التّحقيق في قوله : « ثم إذا لم نقل بوجوب الاحتياط ... الى آخره » (١) ، بل الغرض مجرّد الإشارة إلى الوجوه والأقوال ، وإلاّ فلا معنى لمرجّحيّة الأصل عنده ، ولا التّوقّف في الأخبار ؛ لأن المختار في تعارضها بعد التّكافؤ ، التخيير بين الخبرين ، وإنّما التّوقّف المراد به التساقط في مورد التعارض ، والرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما إن كان ، أو إلى التخيير إن لم يكن في غير الأخبار ، لا التساقط مطلقا والرجوع إلى الأصل كذلك.

(١٥) قوله قدس‌سره : ( بقي هنا شيء وهو : أن الأصوليّين ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١١٧ )

أقول : الكلام فيما يتعلّق بما أفاده يأتي إن شاء الله تعالى في الجزء الرابع من التعليقة (٢) وبزعمي : أن مسألة النّاقل والمقرّر أعمّ من مسألة المبيح والحاظر ، وتخطئة البعض أولى من جعل المسألتين متقابلتين ، كما أن خلافهم في المسألتين في تقديم الموافق أو المخالف مبني على الترجيح بالموافقة من حيث الاعتضاد بالأصل ؛ نظرا إلى اعتباره عندهم من باب الظنّ ، كما يقتضيه كلمات الأكثرين ، أو التعبّد بناء على جواز الترجيح بما لا يوجب أقربيّة أحد المتعارضين ، على خلاف التحقيق الذي تسمعه في محلّه ، أو المخالفة ؛ من حيث إن التأسيس أولى من التأكيد ، وإن بناء الشارع على تبليغ ما يخالف الأصل ، فالظنّ في جانب المخالف.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١١٦.

(٢) بحر الفوائد : ج ٤ / ٦٦.

٤٦

وأمّا حكمهم بالتخيير كما عليه المجتهدون ، أو الاحتياط كما عليه الأخباريّون ، فمفروض فيما لم يكن هناك مرجّح ، ولو كان أصلا من الأصول ، هذا بناء على التعدّي عن المرجّحات المنصوصة كما عليه الأكثرون ، وإلاّ فيحكم بالتخيير مع وجود الأصل في المسألة أيضا ، كما صرّح به الشيخ في « العدّة » (١).

وهذا الوجه وإن كان في ظاهر النّظر ممّا لا غبار فيه ، إلاّ أنه ربّما يأباه كلمات جماعة ، كما أن ما أفاده في « الكتاب » من تنزيل كلماتهم في المسألتين على التكلّم في حكم المسألة بحسب الأصول والقواعد ، مع قطع النظر عن أخبار التخيير ، وإلاّ فيحكمون به بالنظر إليها ربّما ينافيه أيضا بعض أدلّتهم ، بل كلماتهم ؛ فإن كلام جمع ينادي بالترجيح بالأصل فراجع ، وانتظر لبقيّة القول في ذلك في محلّه.

(١٦) قوله قدس‌سره : ( والظاهر عدم الخلاف في أن مقتضى الأصل فيه الإباحة ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١١٩ )

الكلام في توافق الأخباري مع المجتهد في الشبهة الموضوعية

أقول : لمكان اختصاص جملة ممّا دلّ على الحلّيّة في الشبهة التحريميّة بالشبهة الموضوعيّة منها مثل ما ذكره في « الكتاب » وما لم يذكره ، وافق

__________________

(١) عدّة الأصول : ج ١ / ١٥٢.

٤٧

الأخباريون من أصحابنا المجتهدين في الحكم بالإباحة فيها ، وقد خرجوا بها عما اقتضى بزعمهم وجوب التّوقف في مطلق الشبهة الشاملة للشبهة الموضوعيّة بعمومها كأخبار التثليث ونحوها ، ومما استدلّ به غير واحد على الإباحة في الشبهة الموضوعيّة تبعا للعلامة قدس‌سره رواية مسعدة بن صدقة ، ولا إشكال في ظهورها صدرا وذيلا في المدّعى ، مع عدم استظهار التمثيل من الأمثلة المذكورة فيها للكليّة المذكورة فيها صدرا وذيلا سواء استظهر التقريب ، كما استظهره بعض أفاضل مقاربي عصرنا في « فصوله » (١) أو لم يستظهر شيء منها وحكم بإجمال الرواية من هذه الجهة ، في وجه توضيح ذلك :

أنه لا إشكال في أن الحلّيّة في الأمثلة المذكورة في الرواية ليست مستندة إلى نفس الشكّ في الحلّيّة ؛ إذ لو لا الأمارات المقتضية للحلّيّة فيها وكذا الأصول الموضوعيّة المقتضية لها الحاكمة على ما يقتضي التحريم فيها بالاتفاق الحاكم على أصالة الحلّيّة ، لم يحكم فيها بالحلّيّة ، فالحلّيّة مستندة إلى تلك ، لا إلى نفس الشّك ؛ فإن الثوب والعبد إن لم يلاحظا من حيث التصرّف واليد ، كان مقتضى الأصل الموضوعي وهو عدم تملّك البائع ـ مضافا إلى أصالة الفساد في المعاملات وأصالة الحريّة في الإنسان ـ فساد المعاملة الواقعة وحرمة التصرّف فيهما.

فالحكم فيهما بصحّة الشراء وحلّيّة التصرّف من جهة أصالة الصّحّة في اليد

__________________

(١) الفصول الغرويّة : ٣٦١.

٤٨

والتصرّف ، وكذا المرأة مع احتمال النّسب المانع من النكاح بينها وبين الزّوج ، أو تحقّق الرّضاع المحرّم بينهما إن لم يلاحظ فيها أصالة عدم تحقّق النّسب والرّضاع ، حكم فيها بالحرمة وفساد النكاح من جهة أصالة الفساد الراجعة إلى أصالة عدم تحقّق الزوجيّة بينهما.

لا يقال : إنّ الشك في الصّحة والفساد إذا كان مسبّبا عن احتمال وجود المانع لتأثير النكاح ، تعيّن إجراء أصالة عدم المانع الموافقة لأصالة الحليّة ، فالرجوع إليها رجوع إلى أصالة الحلّيّة حقيقة. نعم ، إذا كان الشك مسبّبا عن وجود المقتضي كما في المثالين الأوّلين ، كان مقتضى الأصل الأوّلي الحكم بالحرمة ، لو لا الأصل الحاكم.

لأنّا نقول : ما ذكر من الرجوع إلى أصالة عدم المانع :

إن أريد به ذات المانع ، أي : أصالة عدم النسب والرضاع ، فهو صحيح لا محيص عنه وهو معنى ما ذكرنا أوّلا ، إلاّ أن ما ذكر من أنّها في معنى الرجوع إلى أصالة الحلّيّة ممّا لا محصّل له أصلا ، وإن توافقتا من حيث المضمون.

وإن أريد عنوانه ، ففيه : أنه من الأصول المثبتة ، مضافا إلى رجوعه إلى الوجه الأول بعد التسليم ، والحاصل : أن الحكم بالحلّيّة من جهة أصالة عدم النسب المانع من تأثير العقد ، ليس حكما بها من جهة نفس الشكّ ؛ لأن الشكّ من جهة وجود السبب المحلل لا يقتضي الحكم بالحلّيّة ، بل مقتضاه الحكم بعدم وجود السبب والحرمة كما هو ظاهر ، فلا فرق في أمثلة الرواية من جهة عدم استناد

٤٩

الحلّيّة فيها إلى نفس الشكّ.

ثمّ إنّ من العجب ما حكي عن بعض السادة الأجلّة من أفاضل معاصرينا (١) في هذا المقام ؛ حيث زعم أن قوله عليه‌السلام « كلّ شيء لك حلال » في الرّواية بقرينة الأمثلة المذكورة فيها في مقام إعطاء الضّابطة والقاعدة للبناء على سببيّة الموجود المردد بين السبب وغيره ، نظير قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(٢) الدالّ على تشريع سببيّة البيع في الشرع ؛ إذ لا فرق بين قوله تعالى وقوله عليه‌السلام : « كلّ شيء لك حلال » إلاّ من حيث الموضوع.

فإن الآية مسوقة لبيان سببيّة خصوص البيع ، والرواية مسوقة لبيان سببيّة كلّ شيء شكّ في سببيّته في الشبهة الموضوعيّة ، وإلاّ فالمحمول في الموضعين هو التحليل. وقد أسري هذا المعنى في باب الشّكّ في وجود شرط الصّلاة ، من جهة الشكّ في لباس المصلّي من حيث إنه ممّا يجوز الصّلاة فيه أولا.

وأنت خبير بأنّ المعنى المذكور ـ مضافا إلى كونه موجبا لهدم بناء الفقه ، والقواعد المسلمة عند الفقهاء ـ في كمال البعد من الرواية.

وأعجب منه ما في كلام بعض المعاصرين في تقريب جعل ما في الرّواية مثالا للكلّيّة المذكورة فيها ، وكون الحلّيّة فيها مستندة إلى نفس الشك ؛ حيث قال :

__________________

(١) لم نعثر عليه عجالة.

(٢) البقرة : ١٧٥.

٥٠

« يمكن أن يقال : إن إجراء أصالة الإباحة في الثوب ، المشترى بملاحظة الشك في أن بائع الثوب هل كان بيعه حلالا باحتمال كونه مالكا أو مأذونا منه ، أو كان حراما باحتمال كونه سارقا وغاصبا ؛ فيشكّ في حلّيّة الشراء منه وحرمته ؛ فالشراء حلال ؛ حتى تعرف أنه سرقة وغصب ، وكذا الكلام في شراء المملوك فمع قطع النظر عن اليد ، هذا الشراء محتمل الحلّية والحرمة. وإذا جاء أدلّة النقل والانتقال فيما حلّ شراؤه انقطع أصالة بقاء الثوب على ملك مالكه ، وأصالة الحرّيّة. وكذا المرأة لها عنوانا يجوز نكاح أحد العنوانين ، وهي التي ليس بينها وبين الرجل نسب ورضاع ، وتحرم نكاح العنوان الآخر. فإذا شككنا في امرأة خاصّة أنها من أيّ العنوانين ؛ فيحلّ نكاحها إلى أن يعلم الحرمة.

ثمّ إن المرأة المفروضة تولّدت من امرأة قطعا ، وارتضعت من امرأة قطعا ، ولا يمكن تعيين أنّ الوالدة أمّ ، أو أخت للرجل ، أو أجنبيّة بالأصل ، وكذا المرضعة. سلّمنا جريان الأصل غاية الأمر تطابق الأصلين ، ثم إعمال أصالة حرمة التصرّف في المثالين الأوّلين ، وأصالة عدم تأثير العقد إن كان بعد ملاحظة عمومات البيع وعمومات النكاح فلا وجه له ، وإن كان قبل ملاحظتها ففي كون الحرمة هي الأصل الأوّلي تأمّل واضح ، بل الأصل الأوّلي هي الحلّيّة والحرمة إنما نشأت من أصل موضوعيّ فتدبّر جدّا » (١). انتهى كلامه.

__________________

(١) لم نعثر عليه.

٥١

إشارة إلى الايرادات الواردة على كلام المعاصر

وفيه كما ترى أنظار ظاهرة لمن كان له أنس بكلمات شيخنا الأستاذ العلامة قدس‌سره ومطالبه ، بل بكلمات القوم أيضا فلا فائدة كثيرة مهمّة في إيرادها ، إلاّ أنه لا بأس بالإشارة إليها لئلا يقع في الوهم بعض أوائل الطلبة. فنقول :

أوّلا : إن بيع مال الغير من حيث هو عقد لا حرمة فيه أصلا حتى مع العلم بالغصبيّة ؛ فإنّه ليس تصرّفا في ملك الغير ، وإنما هو تصرّف في جوارح البائع ، فأين حرمة بيع مال الغير حتى يشكّ في الحرمة عند الشكّ في عقد البيع؟

نعم ، التصرّف في الثمن والمثمن وترتيب الآثار على بيع مال الغير حرام ؛ من حيث كونه تصرّفا في ملك الغير. والشكّ بهذه الملاحظة عند الشكّ في المالكيّة ينشأ من الشكّ في سببيّة العقد ، ولم يقل أحد : إن الأصل ، السببيّة والصحّة في المعاملات ؛ فمرجع الحكم بالحلّيّة في الفرض إلى الحكم بتحقّق الوضع لا التكليف ، وهو كما ترى.

نعم ، لو فرض في مقام كون إيقاع نفس العقد من المحرّمات مع قطع النظر عن ترتيب الآثار بالحرمة النفسيّة كما قيل في باب الرباء ، وإيقاع العقد على الأمّ فشكّ في حرمته بهذا المعنى ، كان مقتضى الأصل الأوّلي الحليّة ، والفساد ، وحرمة ترتب الآثار ، لكنّه لا تعلّق له بالمقام.

٥٢

بقي هنا وجهان آخران لحرمة إيقاع العقد أيضا :

أحدهما : حرمته من حيث الإعانة على الإثم فيما كان سببا ولو بالسببيّة الناقصة لترتّب الآثار فيما كان فاسدا.

ثانيهما : حرمته من حيث التشريع ؛ أمّا الأول : فلا يجري الأصل فيه ؛ لأنه تابع لحرمة ترتيب الآثار ، والأصل الحرمة كما عرفت.

والثاني : لا يتصوّر فيه شكّ حتّى يرجع فيه إلى الأصل ؛ لأنّه مع الشكّ في سببيّة العقد كان إيجاده بعنوان السببيّة على تقدير تصوّر التشريع القصدي تشريعا محرّما قطعا فلا شكّ فيه حتّى يرجع إلى أصالة الحلّيّة هذا. مضافا إلى أن أصالة عدم السببيّة تثبت الموضوع في مرحلة الظاهر ، فلا معنى للرجوع إلى أصالة الحلّيّة.

فإن شئت قلت : إن الحرمة التشريعيّة كما تثبت قطعا مع القطع بعدم السببيّة ، كذلك تثبت قطعا مع الشكّ في السببيّة فافهم.

ومنه يظهر : أن قوله : « وإذا جاء أدلة النقل والانتقال ... الى آخره » (١) لا محصّل له ؛ لأن الشكّ في الحلّيّة نشأت من الشكّ في الملكيّة ، فلا يجوز الحكم بالحلّيّة بعد الحكم بعدم الملكيّة حتى يجيء أدلّة النقل والانتقال.

وبعبارة أخرى : الشكّ إنّما هو في موضوع دليل النقل ، فإذا كان مقتضى

__________________

(١) كلام المعاصر.

٥٣

الأصل عدم تحقّق الموضوع فأين دليل النقل والانتقال؟ هذا.

وثانيا (١) : سلّمنا حرمته كما توهّمه بعض ، لكن يتعيّن في المقام الحكم بالحرمة أيضا ؛ من حيث إن الشك فيه كالشك في حرمة ترتيب الآثار مسبّب عن الشك في الملكيّة ، فإذا حكم بعدمها بمقتضى الأصل الموضوعي فلا يبقى محل للرجوع إلى الأصل الحكمي ، فالشكّ في حرمة العقد في الفرض على هذا القول أيضا لا يوجب الرجوع إلى أصالة الحليّة.

وأمّا ما ذكرناه سابقا من الجمع بين الحكم بحلّيّة إيقاع العقد والحكم بفساده ؛ فإنما هو فيما لم يكن الشكّ في الحلّية والحرمة مسبّبا عن الشك في الصحّة والفساد ، بل من حكم الشارع في نفسه ، فإنه ربّما يكون المعاملة فاسدة ، ونقطع بأنّ إيقاعها مباح فتدبّر.

وممّا ذكرنا يظهر : أن ما ذكره بقوله : « وكذا المرأة لها عنوانان » (٢) لا محصّل له أيضا ؛ لأنّ وجود العنوانين للمرأة من حيث تأثير العقد وعدمه ، لا يجدي فيما إذا شكّ في وجود العنوان المؤثر مع كون الأصل الفساد وعدم تأثير العقد مع قطع النظر عن أصل موضوعيّ يقتضي خلوّ المحلّ عن تأثير النكاح المقتضي لتأثير العقد وصحّته.

__________________

(١) عطف على قوله : « أوّلا » فيما سبق.

(٢) كلام المعاصر.

٥٤

وثالثا : أن العلم الإجمالي الذي جعله مانعا من الرجوع إلى الأصل الموضوعي بتولد المرأة من والدة ورضاعها من مرضعة ، لم يعلم له معنى صحيح أيضا ؛ لأنّه لا يترتّب على توليدها من غير والدة الزوج ، وكذا رضاعها من غير مرضعة أثر أصلا ، وإنّما الغرض نفي النسب والرضاع بينها وبين الزوج. نعم ، لو قيل بالأصل المثبت ، أمكن فرض التعارض في المقام ، لكنه بمكان من الضعف والسقوط سيّما في مثل المقام.

ورابعا : أن قوله : « سلّمنا جريان الأصل ... الى آخره » (١) مبنيّ على ما عرفت فساده في غير موضع من عدم جواز الجمع بين الأصل الموضوعي والحكمي ، سواء تعارضا أو تعاضدا.

وخامسا : أن قوله : « ثم إعمال أصالة حرمة التصرّف في المثالين ... الى آخره » (٢) مبنيّ على جواز التمسّك في الشبهات الموضوعيّة بالعمومات والإطلاقات ، وهو في كمال الضعف والسقوط أيضا ؛ لأن الرجوع إلى الأصل اللفظي إنّما هو في الشكّ في المراد ، ولا يتصوّر شك فيه بالنسبة إلى الشبهات الموضوعية كما هو ظاهر.

وسادسا : أن قوله : « وإن كان قبل ملاحظتها ... إلى آخره » (٣) لا محصّل له أيضا ؛ لأن كون مقتضى الأصل الأوّلي ـ مع قطع النظر عن أصالة الفساد المتّفق

__________________

( ١ و٢ و٣ ) كلام المعاصر.

٥٥

عليها ـ الحلّيّة مع تعيّن الرجوع إلى الأصل المذكور المقتضي للحرمة لا فائدة فيه ، ولا يمكن تنزيل الرواية عليه.

فقد ظهر ممّا ذكرنا كلّه : أنّه لا مناص من جعل ذكر المذكورات في الرواية من جهة التقريب والتنظير ، لا التمثيل وكونها من جزئيّات الكليّة المذكورة فيها.

ثمّ إنّه قد علم من مطاوي ما ذكرنا من المقصود من رواية مسعدة بن صدقة وغيرها مما دل على حليّة المشتبه مطلقا ، أو في خصوص الموضوع إثبات الحلّيّة عند احتمال التحريم الذاتي ، بل قد عرفت سابقا : أنه المراد من جميع صور دوران الأمر بينه وبين غيره ، فإذا شكّ في لباس أنه من جنس ما يصلّى فيه أم لا؟

فإن كان المنع عن الصّلاة فيه من حيث احتمال تحريم لبسه نفسا وذاتا ، فيجوز الرجوع فيه إلى أصالة الحلّيّة والحكم من جهتها بصحة الصلاة فيها. وإن كان من جهة أمر وضعيّ من مانعيّة لبسه للصّلاة مثلا مع جواز لبسه بحيث لا يحرم فيه الصلاة ، إلاّ من حيث بطلانها به ، فيحرم تشريعا إن فرض التشريع ، فلا معنى للرجوع إلى أصالة الحلّيّة ، والحكم بجواز الصّلاة فيه الذي هو في معنى الحكم بالصحّة ، وثبوت الأمر الوضعي ، بل مقتضى ما دلّ على الشرطيّة أو المانعيّة ، إحراز حال اللباس والحكم ببطلانها مع الشك كما هو ظاهر الفقهاء.

وقد أشرنا إلى ذلك فيما قدّمناه لك وأعدنا القول فيه وكرّرناه من جهة ما رأينا من بعض أفاضل أهل العصر من سلوك خلافه.

٥٦

(١٧) قوله قدس‌سره : ( وتوهّم : عدم جريان قبح التكليف بلا بيان ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١٢١ )

أقول : ما ذكره قدس‌سره مجرّد توهّم ؛ نظرا إلى ما أفاده : من أن البيان الذي هو من وظيفة الشارع ، قد صدر منه ووصل إلى المكلف في الفرض ، فلا يحكم العقل بقبح المؤاخذة على تقدير مصادفة الحرام ، لا مطلقا ، وإلاّ فلا يظنّ وقوع أحد في هذا الوهم ؛ نظرا إلى أنّ مناط القاعدة ليس قبح ترك البيان على الشارع حتى يدفع بصدوره ووصوله ، بل علم قبح مؤاخذة من لا يعلم بتوجّه الخطاب إليه وتنجّزه في حقّه سواء لم يبيّنه الشارع أصلا ، أو بيّنه ولم يصل إليه ، أو وصل إليه ولم يعلم بتوجّهه إليه ؛ من جهة عدم العلم بوجود موضوعه في واقعة لا تفصيلا ولا إجمالا.

ومجرّد تعلق الخطاب بالموضوعات النفس الأمريّة وتبعيّة الحكم للواقع وإن جهل المكلف به ، لا يوجب شيئا على المكلّف في حكم العقل والشرع ؛ لأن النتيجة تابعة للعلم بالمقدّمتين ، ولا يكفي مجرّد العلم بالكبرى ، وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا.

نعم ، قد وقع في هذا الوهم بعض في الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة كما سيجيء الكلام فيها ، وإن كان الحقّ عدم الفرق بين الشبهتين ووضوح فساد التوهّم المذكور هذا.

٥٧

المناقشة في النقض المذكور

وأمّا ما أفاده قدس‌سره من النقض بجريان التوهّم المذكور في الشبهة الحكميّة أيضا بقوله : « وما ذكر من التوهّم جار فيه أيضا » (١).

قد يناقش فيه : بأن ما يفرض من الشبهة الحكميّة من جزئيّات المسألة الثانية ، أي : إجمال النصّ الذي هو محلّ النقض ، فالقياس عليه في غير محلّه ؛ لأنّ البيان التام لم يصل إلى المكلّف بالفرض ؛ إذ المفروض عدم تبيّن الموضوع الشرعي وعدم وضوح المراد من اللفظ لإجماله ، وما لا مدخل فيه كمطلق الشبهة الحكميّة من حيث الشكّ في دخولها في قوله تعالى : ( ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )(٢)( وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ )(٣) ونحو ذلك فيتوجّه عليه :

أن هذه الخطابات لا تؤثر في ذمّة المكلّف شيئا ؛ لأنّها خطابات إرشاديّة كما هو ظاهر ، فالنقض لا توجّه له على كلّ تقدير.

فإن شئت قلت : إن قياس المقام بالشبهة الحكميّة في جريان حكم العقل بالبراءة فيهما ـ من حيث إناطته بعدم توجّه الخطاب إلى المكلّف سواء لم يعلم

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٢٢.

(٢) الحشر : ٧.

(٣) الانفال : ٤٦.

٥٨

بالخطاب أصلا ، أو علم وكان مجملا ، أو كان مبيّنا معارضا بما كان مكافئا له ، أو علم به وكان مبيّنا سليما عن المعارض ، ولكن شك في تحقق موضوعه ووجوده ، أو كون الموجود من مصاديق موضوعه ـ في كمال الاستقامة ؛ نظرا إلى عدم علم المكلّف بتوجّه خطاب الشارع إليه في جميع الصور المذكورة.

إلاّ أن قياسه بها في جريان القياس المغالطي لحكم العقل بالاشتغال ـ من حيث وصول البيان الذي كان من وظيفة الشارع إلى المكلّف في المقامين ، فيجب من أجله الاحتياط وتحصيل القطع بالاجتناب عن جميع ما يحتمل تعلّق الخطاب المبيّن به ؛ من حيث إن الموضوع الكلّي الذي يشكّ في تحريمه كشرب التّتن مثلا وإن كان الشك فيه شكّا في الحكم الكلّي الإلهي من حيث هو ، إلاّ أنه يرجع إلى الشكّ في صدق الخبيث عليه الذي ثبت تحريمه في الكتاب ، أو صدق عنوان المنهيّ عليه الذي ثبت وجوب الانتهاء عنه في الكتاب ؛ فهو بهذا الاعتبار يرجع إلى الشك في الموضوع ، ومتعلّق الخطاب مع تبيّن نفس الخطاب فيجب الاحتياط فيه بهذه الملاحظة والحيثيّة ـ غير مستقيم.

أمّا أوّلا ؛ فلأن وجوب الانتهاء عما نهى الشارع عنه إرشاديّ محض ، لا يوجب اشتغالا ولا احتياطا في حكم العقل ، نظير وجوب الإطاعة وحرمة المعصية ، بل هو هو.

وأما ثانيا ؛ فلأن الشكّ في صدق الخبيث على شرب التتن مثلا إن كان من

٥٩

جهة الشك في المفهوم ، وإن كان له أفراد واضحة ـ كما هو الشأن في غالب المفاهيم العرفيّة ، بل الأمر كذلك فيما حكموا بوضوحه ولم يتعرّضوا له كالماء مثلا ؛ حيث إنه بحدّه وكنهه وحقيقته غير معلوم ، وإن كان له أفراد واضحة ، ومن هنا قد يشك في صدقه على بعض المائعات والموجودات من جهة الشك في حقيقته ومفهومه كما هو ظاهر ـ فلا يجوز قياس المقام به ؛ ضرورة ثبوت الفرق بين المقامين من جهة تبيّن القضيّة الشرعيّة ووصولها إلى المكلف في الشبهة الموضوعية ، فيوهم جريان قاعدة الاشتغال فيها وعدم تبيّنها في الشبهة الحكميّة ، فلا مانع من الرجوع إلى حكم العقل بالبراءة ، ولو بني على القياس والحال هذه ، لجاز القياس بالمسألة الثانية من مسائل الشبهة التحريميّة الحكميّة من غير تكلّف أصلا.

وإن كان من جهة الشك في الأمور الخارجيّة مع تبيّن الخبيث مفهوما ؛ بحيث لم يكن فيه شك أصلا من حيث المفهوم والمراد من اللفظ ، ولم يكن هناك شكّ في حكم شرب التتن مثلا إلاّ من حيث الشكّ في صدق الخبيث عليه من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة ، وإن كان في كمال البعد ، فيرجع إلى المقام فلا معنى للتفصيل والقياس ؛ إذ لا فرق بعد رجوع الشكّ في حكم الموضوع إلى الشك فيه من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة مع تبيّن القضيّة الشرعيّة موضوعا ومحمولا بين كون الموضوع المردّد أمرا جزئيا حقيقيّا وبين كونه كليّا في نفسه.

٦٠