بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

* « المورد الأوّل »

(١٢٥) قوله : ( الأوّل : في أنه هل يجوز ارتكاب جميع المشتبهات ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٦٦ )

هل يجوز إرتكاب الكل في الشبهة غير المحصورة أم لا؟

أقول : هذا هو المقام الآخر (١) المتعلّق بالمسألة الذي ذكرنا أنه لا بدّ من

__________________

(١) تقدم ان الكلام في الشبهة غير المحصورة يقع في مقامين : أوّلهما : وجوب الاحتياط وعدمه وثانيهما : في جواز المخالفة القطعيّة إن لم يجب الإحتياط.

وكان قد تقدم الكلام في الأول ، فأردفه بذكر الوجوه الستة التي دلّت على عدم وجوب الاحتياط ولا بأس بعرضها عليك سريعا :

١ ـ الإجماع القطعي الذي بالغ في الإصرار عليه الوحيد البهبهاني ولم يجزم به الشيخ الاعظم بالرغم من ذلك.

٢ ـ لزوم المشقّة والحرج في الإجتناب ، وقد خالف فيه بعض أفاضل المتأخرين.

٣ ـ الأخبار الدالة على حلّيّة كل ما لم يعلم حرمته.

٤ ـ الأخبار الدالة على أن مجرد العلم بوجود الحرام بين المشتبهات لا يوجب الإجتناب عن جميع ما يحتمل حرمته.

٥ ـ أصالة البراءة.

٥٢١

التكلم فيه بعد البناء على عدم وجوب الاحتياط والموافقة القطعيّة للخطاب المعلوم بالإجمال ، ومرجعه إلى أن إذن الشارع في الارتكاب هل هو متعلّق بتمام الأطراف حتى يكون حاصله إلقاء العلم الإجمالي في الشبهة الغير المحصورة وكونه كالشك البدوي ، أو متعلّق بما عدا مقدار الحرام المعلوم ، ولازمه رفع اليد عن الاحتياط الكلّي وتحصيل الموافقة القطعيّة لا الإذن في المخالفة القطعيّة ، فيكتفى في حكم العقل بالموافقة الاحتماليّة للخطاب المعلوم على ما عرفت في الجزء الأوّل من كونه آخر مراتب الامتثال عند العقل من غير أن يلزم على الشارع جعل المحتمل بدلا عن الحرام الواقعي حسبما هو ظاهر كلام شيخنا ، بل صريحه في غير موضع ، وإن كان بعض كلماته يساعد على ما ذكرنا.

ثمّ إن صور ارتكاب الكلّ كثيرة بحسب إرادة المرتكب وعدمها ؛ فإنه لا

__________________

٦ ـ غالبيّة عدم إبتلاء المكلّف إلاّ ببعض معيّن من محتملات الشبهة غير المحصورة وأمّا الباقي منها فهو خارج عن محلّ إبتلائه ، ولا يجب الاجتناب في مثله مع حصر الشبهة ، فكيف بما لو كانت غير محصورة؟!

الى أن خرج قدس‌سره بالنتيجة التالية قائلا : إن أكثرها لا يخلو من منع أو قصور ، لكنّ المجموع منها لعلّه يفيد القطع أو الظن بعدم وجوب الإحتياط في الجملة.

وبذلك أنهى الكلام في المقام الاول وما يتعلّق به تماما وشرع بالحديث في المقام الثاني الذي هو الكلام في « جواز المخالفة القطعيّة وعدمه » بعد عدم وجوب الاحتياط كما مرّ.

فقوله هاهنا : « الأوّل » انطلاق في شرح ما يتعلق بالمقام الثاني.

٥٢٢

يقصده من أوّل الأمر فيتّفق له ذلك ، وقد يقصده بنفسه من دون أن يجعله مقدّمة لارتكاب الحرام الواقعي ، وقد يقصد ارتكاب الحرام ويجعل ارتكاب الكلّ في قصده مقدّمة له.

والتحقيق : عدم الفرق في حكم الصور على القول بعدم تأثير العلم الإجمالي في تنجّز الخطاب في المقام وكونه كالشكّ ، وإن كان ربّما يستظهر من كلام شيخنا الفرق على هذا القول. وأما على القول بتأثيره فالفرق بين الصّور إنّما هو بتحقّق التجرّي من أوّل الأمر بقصده من حيث كونه قاصدا للمعصية في الصّورتين الأخيرتين من غير فرق بينهما إلاّ بالوضوح والخفاء ، وإن كان صريح شيخنا الفرق من جهة أخرى ، وبعدم تحقّقه في الصورة الأولى من أوّل الأمر وإن كان متجرّيا في ارتكاب مقدار الحرام وإن لم يصادف الواقع.

وكيف ما كان لا بد من صرف الكلام إلى بيان حكم ارتكاب الكلّ ولما كان مقتضى الوجوه المتقدّمة لعدم وجوب الاحتياط مختلفا من الجهة المذكورة لم يكن مناص من بيان مقتضى كل وجه في ذلك ، وإن كان الحقّ عندنا هو الوجه الأوّل ليس إلاّ على ما عرفت في طي ذكر الوجوه.

مناقشة الوجوه الظاهرة في جواز المخالفة القطعيّة

فنقول : أما الوجه الذي اعتمدنا وهو الإجماع المحقّق فلا إشكال في عدم الجزم بانعقاده على جواز المخالفة القطعيّة وارتكاب جميع الأطراف ، بعد احتمال

٥٢٣

كون المراد مما ذكره في المقام من عدم وجوب الاحتياط في مقابل الشبهة المحصورة التي حكموا فيها بوجوب الاحتياط ، وإن كان من يذهب إلى جواز المخالفة القطعيّة في الشبهة المحصورة يقول بها في المقام أيضا ، لكنّه غير مفيد جزما هذا.

مضافا إلى تصريح بعض أفاضل من تأخّر بعدم الجواز حاكيا له عن غيره ، مع أنه على تقدير تسليم ظهور كلماتهم في الجواز لا بد من صرفها عن ظاهرها بحكم العقل القاطع بقبح الإذن في المعصية على الشارع فتدبّر.

ومنه يظهر : أن ظهور الأخبار على تقدير تسليم دلالتها على حكم المقام لا يجدي أيضا في مقابل العقل المستقل ، فلا بد من صرفها أيضا. نعم ، على تقدير القطع بالجواز من جهة الإجماع لا بد من التصرّف في الموضوع وجعل الجهل في المسألة مانعا من أصل تعلّق الخطاب ، لاستحالة حكم الشرع على خلاف ما يحكم به العقل القاطع كما هو ظاهر. لكنّه تقدير في تقدير ليس واقعا عندنا.

ومما ذكرنا كلّه يظهر : أنه على تقدير التمسّك في حكم المسألة بنقل الإجماع أيضا لم يجز الحكم من جهته بجواز المخالفة القطعيّة أيضا هذا.

وأمّا الوجه الثاني وهو عموم ما نفى الحكم الحرجي في الشريعة ، فلا إشكال في عدم دلالته على جواز ارتكاب الكلّ ؛ لاندفاع الحرج بتجويز ارتكاب

٥٢٤

ما عدا مقدار الحرام وليس في تحديده حرج قطعا حتى يقال بنفيه ، كما كان يلزم في تحديد وجوب الاجتناب بالحرج على ما عرفته من كلام بعض أفاضل من تأخّر ؛ حيث جعله دليلا على عدم وجوب الاحتياط من أوّل الأمر.

وبالجملة : لا إشكال في عدم اقتضاء هذا الوجه أصلا سواء جعل المدار على الحرج الشخصي أو الغالبي ، بل لو قيل : بأن مقتضاه رفع اليد عن الاحتياط بقدر ما يندفع به الحرج فيعمل في الباقي بمقتضى القاعدة العقليّة ، فالنتيجة بملاحظتهما التبعيض في الاحتياط ، لا مجرّد ترك مقدار الحرام كان حسنا بل متعيّنا على ما عرفته في نتيجة مقدّمات الانسداد ، إلاّ أنّ الظاهر عدم التزام أحد بذلك في المقام فتدبّر.

وأمّا الوجه الثالث ، فلا إشكال في اقتضائه جواز ارتكاب الكلّ إلاّ أنّ بقاءه على هذا الظهور ينافي حكم العقل المستقل ، فلا بد من صرفه إلى ما لا ينافيه. اللهمّ إلاّ أن يقال : بأن حمل الأخبار على إرادة غير مقدار الحرام غير ممكن ، فلا بد من الالتزام بحملها على الشبهة المجرّدة وهو خلف ؛ لأن الكلام في مقتضى الوجوه على تقدير تماميّتها فتأمل.

وأمّا الوجه الرابع ، فالظاهر من قوله عليه‌السلام : ( من أجل مكان واحد ) (١) وإن

__________________

(١) المحاسن : ج ٢ / ٤٩٥ ـ باب « الجبن » ـ ح ٥٩٧ وفيه أمن اجل ... ، عنه وسائل الشيعة : ـ ج ٢٥ / ١١٩ ـ باب « جواز أكل الجبن ونحوه مما فيه حلال وحرام ».

٥٢٥

كان هو نفي وجوب الاحتياط عن جميع الأطراف فلا يقتضي الحكم بجواز ارتكاب الكلّ ، إلاّ أنّ مقتضى قوله عليه‌السلام : ( فما علمت منه ... الحديث ) (١) من حيث ظهوره في إناطة الحكم منعا وترخيصا بالعلم التفصيلي بالحرام هو الجواز. اللهمّ إلاّ أن يصرف عن هذا الظهور بملاحظة حكم العقل ، كما صرف عنه غيره بهذا الصارف العقلي.

وأمّا الوجه الخامس ، فمقتضاه جواز ارتكاب الكلّ بناء على ما عرفت في تقريبه أخيرا ، وأما بناء على ما أفاده شيخنا في تقريبه فيمكن الحكم بعدم الجواز ؛ نظرا إلى أن مبناه على عدم الاعتناء باحتمال الضرر الموهوم ، وأمّا القطع بالضّرر اللازم من ارتكاب الكلّ فالعقل مستقلّ بعدم جواز الإقدام عليه ، وهذا وإن كان مبنيّا على أصل فاسد عندنا ـ من التفكيك عند العقل بين الموافقة القطعيّة والمخالفة القطعيّة بحسب الحكم ـ إلاّ أنه بناء عليه يستقيم الحكم بعدم جواز ارتكاب الكلّ كما هو ظاهر.

وتحرير مقتضى الوجه بما عرفت أولى ممّا حرّر به في « الكتاب » ؛ لأنه

__________________

(١) المصدر السابق بالذات.

٥٢٦

حكم بأن مقتضاه جواز ارتكاب الكلّ بشرط عدم العزم عليه من أوّل الأمر (١) ، وإلاّ كان عاصيا بمصادفة الحرام وإن لم يرتكب الكلّ ، وأكّده بقوله : ( فالأقوى في المسألة ... إلى آخره ) (٢)(٣) وإن كان ظاهره الحكم بالمنع مع القصد مطلقا فيكون

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره :

« بل مع العزم أيضا ؛ لأنّ مناط الرّخصة وهو عدم الإعتناء بمثل هذا العلم الإجمالي عند العقل والعقلاء موجود في صورة العزم على ارتكاب الكل من أوّل الأمر تدريجا ، نعم لو كان غرضه من ارتكاب الجميع التوصّل إلى الحرام فانه يصدق به العصيان إذا صادف الحرام وهو كلام آخر يجري في الشبهات البدويّة أيضا على ما مرّ بيانه من أنّ مثل هذا الجهل المقارن لقصد التوصّل إلى الحرام لا يكون عذرا للمكلّف في ارتكاب الحرام الواقعي المقتضي للعقاب لو لا العذر ، وأخبار الحلّ أيضا منصرفة عن الفرض المزبور » إنتهى.

أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٣١.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٦.

(٣) وقال سيّد العروة أيضا : قد عرفت : أن الأقوى جواز الإرتكاب ونمنع صدق المعصية واستحقاق العقاب بعد دليل الترخيص على ما قرّرنا في الوجه الخامس ؛ فإنّه يعدّ العلم بالنسبة إلى جميع الأطراف بمنزلة العدم من أوّلها إلى آخرها بنسبة واحدة ، وما ذكره رحمه‌الله في توجيهه بقوله : ( والتحقيق عدم جواز إرتكاب الكل ... إلى آخره ) مدخول بما مرّ غير مرّه : من جواز ترخيص الشارع ارتكاب المحرّم الواقعي ظاهرا لعذر عقلي أو جعلي بمعنى عدم المؤاخذة عليه حتى في الشبهة المحصورة أيضا بل في صورة العلم التفصيلي أيضا في مثل القطّاع ونحوه ، وأن حكم العقل بالتنجّز حال العلم بالواقع إجمالا أو تفصيلا معلّق على عدم

٥٢٧

فرقه مع قوله بعد ذلك : ( والتحقيق : عدم جواز ارتكاب الكل ... إلى آخره ) (١) كونه مسوقا لبيان حكم صورة القصد ، وقوله الأخير مسوقا لبيان حكم أصل ارتكاب الكلّ لذاته ، أو مقدّمة ؛ حيث إنه جعل العقاب في الأول تابعا لمصارفة الحرام ، وفي الثاني حكم به بمجرّد الارتكاب مبنيّا على ملاحظة التجري في الثاني دون الأوّل ، لا أنّ التجرّي لا يتحقّق في الأوّل حتى يتوجّه عليه سؤال الفرق كما عرفت الإشارة إليه ، لكنه مع ذلك ليس على ما ينبغي ؛ لأنه ليس للعزم تأثير في المسألة أصلا.

اللهمّ إلا أن يقال : إن القدر المتيقّن من كلامهم صورة عدم القصد ، فيبقى صورة القصد تحت قاعدة العلم الإجمالي فارتكاب بعض الأطراف مع قصد ارتكاب الكلّ من أوّل الأمر مثل ارتكاب بعض أطراف الشبهة المحصورة فيعاقب مع المصادفة للحرام لا مطلقا ، إلاّ على القول بحرمة التجرّي مطلقا فيعاقب مطلقا ،

__________________

ترخيص الشارع ارتكابه ، ولمّا امتنع ذلك عند المصنّف للزوم التناقض على زعمه جعل التحقيق هنا عدم جواز ارتكاب جميع الأطراف ، بل عدم جواز ترخيص ارتكاب البعض أيضا إلاّ بجعل بعض آخر منها بدلا عن الحرام على ما بيّنه في الشبهة المحصورة.

ثم انه يستفاد من تحقيقه هذا عدم جواز ارتكاب الجميع مطلقا ولو لم يقصد ذلك من أوّل الأمر أيضا ، فلا يناسب جعله دليلا لعدم الجواز في خصوص فرض القصد إلى ارتكاب الجميع من أوّل الأمر » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٣٢.

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٦.

٥٢٨

لكنّه كما ترى لا يساعده كلماتهم في المقام فراجع هذا.

وأمّا الوجه السّادس ، فلا إشكال في اقتضائه جواز ارتكاب الكلّ ، لكن قد عرفت خروج مقتضاه عن محلّ البحث ، ولعلّه لذا لم يتعرّض لحكمه في « الكتاب » فتدبّر.

هذا حاصل ما يقتضيه الوجوه المذكورة ، وقد عرفت ما يلزم سلوكه عندنا في حكم المقام ووجهه ، وإن كان ما ذكر له في « الكتاب » من الوجه في طيّ التحقيق لا يخلو عن إجمال في تأدية المرام ، وقد تقدّم نظيره في بيان حكم الشبهة المحصورة.

٥٢٩

* المورد الثاني : ضابط المحصور وغير المحصور

(١٢٦) قوله قدس‌سره : ( الثاني : اختلف عبارات الأصحاب في بيان ضابط المحصورة وغيره ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٢٦٨ )

__________________

(١) قال السيّد عبد الحسين اللاّري قدس‌سره :

« إعلم أنّ انضباط المحصور وغيره بالصرف لمّا كان موجبا لإشكال إنطباق حكم كلّ منهما على موضوعه لا جرم كان انضباطهما بالرجوع إلى جريان دليل حكم كلّ منهما أقرب إلى الإنضباط فيرجع إليه.

ولكن يمكن الرجوع إلى الدليل الخامس وهو بناء العقلاء وملاحظة كل مورد لا يعبأ العقلاء باحتمال الضّرر فيه ، فيحكم بانّه من موارد غير المحصور وإلاّ فمن موارد المحصور كذلك يمكن الرجوع أيضا في انضباطهما إلى موارد لزوم العسر من الإجتناب وموارد عدم لزومه منه بناء على أنّ دليل [ عدم ] وجوب الإجتناب عن غير المحصور هو العسر والحرج وفي المحصور ما لا يستلزم ، [ كذا ].

والرجوع في ضبط موضوع المحصور وغيره إلى موارد جريان حكم العسر وعدمه وإن كان يوجب الإشكال نظرا إلى أنّ العسر وإن كان شخصيّا إلاّ انّ المدار فيه ليس على العسر الظاهر بالنسبة إلى كلّ شخص بحيث يكون المعيار في العسر وعدمه بالنسبة إلى كلّ شخص على نفسه فيتبدّل حكم العسر الوارد على الشخص المتعسّر بعدم العسر بالنسبة إلى غير هذا الشخص من أمثاله وأقرانه غير المتعسّر عليهم ذلك الحكم بسبب اعتياد نفوسهم بالرّياضات

٥٣٠

__________________

الموجبة لسهولة العسر.

ويتبدّل حكم عدم العسر الوارد على الشخص غير المتعسّر بالعسر بالنسبة إلى غيره من أمثاله وأقرانه المتعسّر عليهم ذلك بسبب اعتياد نفوسهم بالكسالة والوجل وقصور الهمّة حتى يستسهل ضبط موارد العسر وعدمه ، بل المدار إنّما هو على العسر الواقعي الشخصي بالنسبة إلى كلّ شخص بحيث لا يتبدّل حكم العسر بعدم العسر ولا العكس بخيال تبدّل الموضوع باعتياد النفس على خلاف المعتاد.

لكن هذا الإشكال غير ناشيء عن جعل المعيار في ضبط المحصور وغيره على مجرى العسر وعدمه بل هو من الإشكالات المستلزمة للعمل بحكم العسر والحرج سواء جعلت المعيار المذكور عليه أم لم تجعل بخلاف الإشكال اللازم من جعل المعيار في ضبطهما على العرف ، فإنّه :

أوّلا : مبنيّ على تحقّق كون المحصور وغير المحصور من الموضوعات المستنبطة بمجرّد وقوعه معقد الإجماعات المنقولة والشهرات المحصّلة كما اختاره استاذنا العلامة [ الفاضل الإيرواني ] وفاقا للشهيد والمحقق الثانيين والمدارك والميسي بدعوى الإستكشاف من اتّفاق من عبّر بتلك العبارتين أنّ المناط في حكم المعصوم على تلك العبارتين ، ودعوى القطع بانه لو سئل المعصوم عليه‌السلام عن المسألة لما عبّر إلاّ بتلك العبارتين : نظرا إلى أجمعيّتهما وأخصريّتهما من كلّ ما يمكن أن يعبّر عنهما.

وفيه : ما لا يخفى من انّ الإتّفاق على الحكم ـ على تقدير تسليمه واستناد الحكم إلى خصوصه ـ لا يكشف عن إناطة الحكم في كلام المعصوم بخصوص معقده.

٥٣١

__________________

ودعوى : القطع بانّه لو سئل المعصوم عليه‌السلام لعبّر بهما ، مبنيّ على انحصار التعبير فيهما ، وليس كذلك ؛ لأنّ إناطة الحكم بالمحصور وغير المحصور ليس بأولى من إناطته بالميسور والمعسور ، أو ببناء العقلاء أو بما وقع في الأخبار من قوله عليه‌السلام : « أمن أهل مكان واحد » الحديث.

وثانيا : بأنّ ما لا ينضبط من مصاديق المحصور وغير المحصور بالرجوع إلى العرف أكثر ممّا ينضبط به بأضعاف مضاعفة ، فيلزم من الرّجوع إلى العرف فيهما الرجوع في مصاديقهما المشكوكة الكثيرة التي لا تنضبط بالعرف إلى الظنّ إن وجد ، وإلاّ فإلى الأصل المختلف في المسألة باختلاف الرأي في ثبوت المقتضي للإجتناب عن الشبهة غير المحصورة كالمحصورة كما يقتضيه التمسك فيها بالعسر والحرج ، وكون الشك في المانع والأصل عدمه أو عدم المقتضى كما يقتضيه الوجه الخامس والمتمسّك به في المسألة حتى يكون الأصل في المشكوكات البراءة.

وحينئذ فالرّجوع إلى العرف فيما يلزم منه ذلك رجوع إلى ما هو قليل الجدوى وما يكون إثمه أكثر من نفعه ، وإناطة حكم الشارع بمثله بعيد.

وهذا بخلاف الرّجوع في الضابط إلى العسر والحرج ؛ فإنه مضافا إلى أنّ دليل العسر والحرج أقوى وجوه المسألة من حيث السند والدلالة أقرب إلى الإحتياط في المسألة ، وأضبط لمورد المسألة بحيث لم يبق منها مورد مشكوك يحتاج فيه إلى مرجع آخر.

وذلك لأنّ ضابطيّة العسر إن كان أعمّ من ضابطيّة غيره لمورد المسألة في الواقع فلا بأس في العمل بعمومه ؛ لحكومة دليله على جميع الأدلّة المثبتة للتكاليف وإن كان أخصّ فالإقتصار

٥٣٢

__________________

عليه مطابق للإحتياط.

فتبيّن أنّ الرّجوع في المسألة الى ضابطيّة العسر أقرب وأحوط وأقوى من الرجوع إلى غيره ، فالميزان المانع الجامع الضابط إنّما هو في إناطة الحكم بكون الإجتناب عن الشبهة ميسورا أو معسورا ، إلاّ انّ انضباط الميسور والمعسور منه لمّا كان في الغالب منوطا بالمحصور وغير المحصور كان للتعبير بهما وجه ولعلّه الوجه في انحصار تعبير القوم بهما » إنتهى.

أنظر تعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٠٧ ـ ٤٠٩.

* وقال المحقّق المؤسّس الطهراني قدس‌سره :

« الحق فيها جواز المخالفة القطعيّة فالعلم الإجمالي فيها كالجهل لا أثر له ؛ لأنّ المراد بها :

ما يبلغ كثرة الأطراف فيها مبلغا يوجب ضعف الإحتمال في كلّ واحد من أطراف الشبهة جدّا بمعنى انّه لا يوجب حدوث الخوف ، ومن المعلوم أنّ المنجّز مع الإجمال والتردّد إنّما هو الإحتمال المحدث للخوف ، وأثر العلم إنّما هو زوال المؤمن لحصول البيان ، فالتّنجّز مع العلم الإجمالي مستند إلى أمرين : العلم بالأمر المردّد ، والإحتمال في كلّ واحد بالخصوص الموجب لحدوث الخوف ، فالعلم وحده لا أثر له ؛ فإنّ كل واحد من الأطراف ليس معلوما بالفرض ، فلا بأس بالمخالفة القطعيّة وإن كان مقصوده من أوّل الأمر ارتكاب الحرام الموجود بين الأطراف ؛ لأن حال هذا النحو من العلم حال الجهل ، ومن المعلوم انه لا مانع من الإقدام على ارتكاب المشتبه في الشك البدوي وإن كان برجاء إصابة الحرام الواقعي.

وتوهّم : انه تجرّ ناش عن الغفلة عن عدم المنجّز وزعم انّ العلم منجّز ومؤثر فيما ليس فيه إلاّ

٥٣٣

__________________

الإحتمال ، مع أنّ من المعلوم انّ قوام وجوب الإحتياط بقاعدة الإحتياط المتقوّمة بوجوب دفع الضّرر المحتمل » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٤٤.

* وقال السيّد علي القزويني قدس‌سره :

« ربّما يشتبه الفرق بينها وبين المحصورة فيصعب على النّظر تشخيص مصاديق إحداهما عن الأخرى ولذا أحاله جمع من الأصحاب إلى نظر الفقيه ، فما ترجّح عنده كون الشبهة فيه محصورة يلحق به حكمها وما ترجّح عنده كونها فيه غير محصورة يلحقه حكمها ، وما لم يترجّح في نظره شيء يرجع في حكمه الى القواعد والأصول.

وهذا أحسن من إحالة التشخيص إلى العرف كما قد يسبق إلى الوهم ويستشم من بعض العبائر ...

إلى أن قال :

وعليه : فأمكن تعريف الشبهة المحصورة : بما كان الترديد حاصرا لجميع محتملات المعلوم بالإجمال.

وغير المحصورة : بما لم يكن الترديد حاصرا لجميع محتملاته لعدم استحضاره الجميع ذهنا أو خارجا » إنتهى. أنظر تعليقة على معالم الأصول : ج ٦ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

* وقال الميرزا النائيني قدس‌سره :

« الأولى أن يقال : إن ضابط الشبهة غير المحصورة هو أن تبلغ أطراف الشبهة حدّا لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال من أكل أو شرب أو لبس أو نحو ذلك وهذا يختلف حسب اختلاف المعلوم بالإجمال.

٥٣٤

__________________

إلى أن قال :

فليس العبرة بقلّة العدد وكثرته فقط ؛ إذ ربّ عدد كثير تكون الشبهة فيه محصورة كالحقّة من الحنطة ، كما انه لا عبرة بعدم التمكّن العادي من جمع الأطراف في الإستعمال فقط ؛ إذ ربّما لا يتمكّن عادة من ذلك مع كون الشبهة فيه أيضا محصورة كما لو كان بعض الأطراف في أقصى بلاد المغرب بل لا بد في الشبهة غير المحصورة عمّا تقدّم في الشبهة المحصورة من اجتماع كلا الأمرين : وهما كثرة العدد وعدم التمكّن من جمعه في الإستعمال وبهذا تمتاز الشبهة غير المحصورة [ عن المحصورة ] من انه يعتبر فيها إمكان الإبتلاء بكل واحد من أطرافها ؛ فإنّ إمكان الإبتلاء بكل واحد غير إمكان الإبتلاء بالمجموع ، والتمكّن العادي بالنسبة إلى كلّ واحد من الأطراف في الشبهة غير المحصورة حاصل ، والذي هو غير حاصل التمكّن العادي من جمع الأطراف لكثرتها.

إلى أن قال :

ومما ذكرنا من الضابط يظهر حكم الشبهة غير المحصورة : وهو عدم حرمة المخالفة القطعيّة وعدم وجوب الموافقة القطعيّة.

إلى أن قال :

فالتفصيل بين المخالفة القطعيّة والموافقة القطعيّة بحرمة الأولى وعدم وجوب الثانية ـ كما يظهر من الشيخ قدس‌سره ـ ليس في محلّه ؛ لأنّ حرمة المخالفة القطعيّة فرع التمكّن منها ومع التمكّن لا تكون الشبهة غير محصورة » إنتهى. أنظر فوائد الأصول : ج ٤ / ١١٦ ـ ١١٩.

* وقال المحقّق الحائري قدس‌سره :

٥٣٥

__________________

« غاية ما يمكن أن يقال ـ في وجه وجوب الإحتياط ـ : هو أن كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال كون الحرام مثلا في طرف خاص بحيث لا يعتني به العقلاء ويجعلونه كالشك البدوي ، فيكون في كل طرف يقدم الفاعل على الإرتكاب طريق عقلائي على عدم كون الحرام فيه.

وهذا التقريب أحسن مما أفاده شيخنا المرتضى قدس‌سره : من أن وجه عدم وجوب الإحتياط كون الضّرر موهوما ؛ فإن جواز الإقدام على الضّرر الأخروي الموهوم ـ لو سلّم ـ لا يوجب القطع بكونه غير معاقب كما لا يخفى.

هذا ولكن فيما ذكرنا أيضا تأمّل ؛ فإن الإطمئنان ـ بعدم الحرام في كل واحد بالخصوص ـ كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدم خروجه عنها ، وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئيّة مع الظّن بالسلب الكلّي؟ فحينئذ إن تمّ الإجماع في المسألة فهو ، وإلاّ فالقول بعدم وجوب الإحتياط مشكل ؛ لعين ما ذكر في الشبهة المحصورة من دون تفاوت ، ولا يبعد أن يكون حكمهم بعدم وجوب الإحتياط في الشبهة غير المحصورة من جهة مقارنتها غالبا مع فقد بعض شروط التنجيز ؛ وعلى هذا لا خصوصيّة لها في الحكم المذكور » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ج ٢ / ٤٧١.

* وقال المحقّق العراقي ـ بعد ان ناقش الشيخ وجماعة بالإضافة إلى الميرزا فيما أفادوه ـ :

« فالأولى أن يقال في تحديد كون الشبهة غير محصورة أن الضابط فيها :

هو بلوغ الأطراف في الكثرة بمثابة توجب ضعف احتمال وجود الحرام في كلّ واحد من الأطراف بحيث إذا لوحظ كلّ واحد منها منفردا عن البقيّة يحصل الإطمئنان بعدم وجود

٥٣٦

الأمور التي يتوقّف بيان ضابط الشبهة المحصورة وغيرها عليها

أقول : توضيح القول في المقام بحيث يرفع الحجاب عن وجه المرام يتوقف على تقديم أمور :

الأوّل : لا إشكال في أن بحث الفقيه عن معنى اللفظ إنّما هو إذا وقع موضوعا للحكم الشرعي في الكتاب والسنّة ، أو معقد الإجماع أهل الحلّ والعقد بحيث علم كون مورده معنى اللفظ ، وإلاّ فالفقيه من حيث هو فقيه لا يتعلّق له غرض بالبحث عن معنى اللّفظ من حيث هو.

نعم ، قد يبحث عن معنى اللفظ مع عدم تعلّق الحكم الشرعي الكلّي به فيما وقع موردا للأحكام الجزئيّة في باب « العقود » و« الأقارير » و« الوصايا » ، لكنه خارج عن فنّه ، ولا يكون تشخيصه حجّة في حق غيره ، إلاّ من باب « الشهادة » ، أو « الحكم » و« القضاء » فيما إذا فرض محلّ النّزاع والترافع إلى من عين المراد من محلّ الخصومة ، ومن هذا الباب عنوانهم لمعاني كثير من الألفاظ في باب « الوقف » و« الوصية » و« الإقرار » وغيرها.

الثّاني : أن الرجوع إلى العرف فيما لم يعلم مراد الشارع إنّما هو في

__________________

الحرام فيه الملازم للإطمئنان بكون الحرام المعلوم في بقيّة الأطراف » إنتهى.

أنظر نهاية الأفكار : ج ٣ / ٣٣٠ ، وكذا مقالات الأصول : ج ٢ / ٢٤٢.

٥٣٧

تشخيص الوضع العرفي ، أو اللغوي بضميمة أصالة عدم النقل ، وأمّا الرجوع إليهم في تشخيص مصداق معنى اللفظ المبيّن مفهوما فلا تعلّق له بما هو المسلّم المفروغ عنه عندهم من حجّية فهم العرف في باب الألفاظ.

نعم ، قد يرجع إليهم في ذلك إذا اجتمع فيهم شروط الشهادة مثلا : إذا شكّ في معنى الكلب وأنه الأعمّ من البحري ، فيرجع في ذلك إلى العرف. وأمّا إذا شكّ في موجود خارجي أنه كلب برّيّ أو بحريّ بعد تعيين معنى الكلب وأنّه البرّي ليس إلاّ ، مع تبيّن مفهوم البرّيّ أيضا فلا معنى للرجوع إلى حكم العرف إلاّ مع الشرط المذكور ، أو حصول القطع من شهادتهم.

وهكذا الأمر في غير المثال المذكور ، وهذا مع وضوحه قد تبيّن مستقصى في محلّه وإن اشتبه الأمر مع ذلك على بعض طلبة عصرنا.

الثالث : إذا وقع لفظ في معقد الإجماع المحقّق بمعنى وقوعه موضوعا للحكم في فتاوي جميع المجمعين ، أو المنقول فإن ثبت لهم عرف خاص واصطلاح بالنسبة إليه فلا إشكال في لزوم حمله عليه عند عدم القرينة ، وإن لم يثبت لهم اصطلاح فلا إشكال في حمله على المعنى العرفي. فإن لم يختلف الناقل والمنقول إليه فيه فلا إشكال ، وإن اختلفا فإن رجع اختلاف الناقل إلى المصداق فلا إشكال في عدم متابعته.

وإن رجع إلى الاختلاف في المفهوم فهل يلزم متابعته اعتقاد الناقل فيه فيما كان راجعا إلى الطريقيّة إلى المعنى العرفي بحيث علم كون نقله متعلّقا بالمعنى

٥٣٨

العرفي وإن اعتقده المعنى الفلاني على خلاف اعتقاد المنقول إليه لا ما إذا تعلّق نقله بمعتقده؟ وجهان ، بل قولان.

والذي اختاره شيخنا قدس‌سره فيما تعلّق بفروع الإجماع في مجلس البحث متابعة المنقول إليه لاعتقاده في مفهوم اللفظ ، لا اعتقاد الناقل نظير اختلاف الراوي والمروي له في معنى لفظ الرواية ؛ فإنه لا معنى لمتابعة الراوي فيه أصلا ، بل لا دليل على حجيّة فهمه عند عدم الاختلاف فضلا عن صورة الاختلاف. نعم ، فهمه سيّما إذا ظنّ في حقّه التلقّي عن المروي عنه أمارة على إرادة ما زعمه في المراد عن الرواية ، لكن لا دليل على حجيّتها كما فصّل في محلّه ، وهذا هو الأقوى.

نعم ، لو فرض تعلّق نقله بمعتقده لا من حيث كونه عنوانا للواقع ومرآة إليه ، بل من حيث كونه موضوعا لم يكن إشكال في لزوم متابعته فيما يترتّب على نقله أثر ويكون معتبرا ، والوجه فيه أيضا ظاهر لا يحتاج إلى البيان.

الرّابع : أنه لا كلام في عدم ذكر من المحصور وغيره في الكتاب والسنة وعدم تعلّق حكم بهذين المفهومين فيهما وإنّما وقع ذكرهما في كلمات الأصحاب في الفتوى ونقل الإجماع ، كما أنه لا شبهة في اختلاف كلمتهم في تعريف اللفظين بما يرجع إلى الاختلاف المفهومي ، لكن لا إشكال في رجوع اختلافهم إلى الاختلاف في لازم المعنى لا حقيقته العرفيّة حتى ما أفاده شيخنا ( دام ظلّه العالي ) في بيان الضابطة ؛ فإنه راجع إلى الأخذ باللازم كما ستقف عليه.

الخامس : أنه لا إشكال في كون مقتضى الأصل الأوّلي عند دوران الأمر بين

٥٣٩

الأمرين في شبهة وجوب الاحتياط ومراعاة العلم الإجمالي ، لأنك قد عرفت مرارا : أن العلم الإجمالي ، فيما كان جميع أطرافه محلاّ لابتلاء المكلّف دفعة واحدة منجّز للخطاب بحكم العقل من غير فرق بين حصر الشبهة وعدم حصرها ، إلاّ فيما أوجب الاحتياط الكلّي اختلال النّظم ، أو قيام الدليل الشرعي على جواز تركه ولو من جهة لزوم الحرج الغير البالغ حدّ الاختلال ، فينتقل الأمر إلى الاحتياط الجزئي.

فإن علم عدم حصر الشبهة حكم بعدم وجوب الاحتياط من جهة العلم بإذن الشارع في تركه الموجب للعلم بارتفاع ما هو المناط في حكم العقل بوجوبه من احتمال الضّرر ، وإن لم يعلم بذلك فقضيّة حكم العقل من جهة وجود احتمال الضّرر هو لزوم الاحتياط.

هذا كلّه بناء على ما عرفت تحقيقه في المسألة من عدم الفرق بين الشبهتين في نظر العقل ، وأمّا بناء على ما عرفته في الوجه الخامس ، فلا إشكال في كون قضيّة الأصل عند الدوران الحكم بعدم وجوب الاحتياط لرجوع الشكّ على هذا الوجه عند دوران الأمر في الشبهة بين القسمين إلى الشكّ في أصل الخطاب المنجّز.

السّادس : أنه لا إشكال في كون أكثر المفاهيم العرفيّة بل جلّها إن لم يكن كلّها مما لا نعلمها بكنهها وحقيقتها بحيث لا يبقى لنا شكّ في مصداق مما يوجد في الخارج من جهة الشكّ في المفهوم ورجوع الشكّ دائما إلى الشكّ من جهة

٥٤٠