بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

الحكميّة وأخبار الترخيص أعمّ من الشبهتين فلا يلزم من إخراج الشبهة الغير المحصورة منها وإبقاؤها تحت أخبار المنع تخصيص أخبار الجواز بالفرد النادر فتأمل.

إلاّ أن يقال : إن المراد من أخبار الحل والجواز كما هو الظاهر من العبارة هو خصوص ما ورد في الشبهة الموضوعيّة لا ما ورد في الأعمّ من الشبهتين فلا ينفع ولا يفيد وجود الشكّ الابتدائي وكثرته في الشبهات الحكميّة في دفع ما ذكر.

لكن يتوجّه عليه : أنه على ما ذكر ينهدم أساس بعض الإيرادات والأجوبة السّابقة كالجواب بعدم شمول أخبار الحلّ للشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، والجواب بأخصّيّة أخبار الوقف ؛ لأن الأخصيّة غير مفيدة بعد لزوم المحذور من التخصيص كما لا يخفى.

نعم ، لا إشكال في أنه لا يوجب ارتفاع الأخصّيّة عن أخبار المنع بخروج الشبهة الابتدائيّة منها مطلقا وعلى كلّ تقدير ولو بملاحظة قيام الإجماع عليه وشمول أخبار الجواز والحلّ للشبهة الابتدائيّة الموضوعيّة ، كما أنه لا إشكال في انقلاب النسبة على التقدير المذكور على القول بشمول أخبار المنع للشبهة الحكميّة ، ولو كان خصوص ما اقترن بالعلم الإجمالي كالشكّ في المكلّف به من التباين إلى العموم من وجه فينهدم أساس بعض الأجوبة الأخر أيضا كما هو ظاهر.

والذي يسهل الأمر في المقام أنه قدس‌سره لا يقول بهذه المقالة التي ذكرها استدراكا كما يظهر من مجموع كلماته السابقة واللاحقة ، وإنّما ذكرها وجها من

٥٠١

غير اعتماد عليه.

ثمّ إن ما ذكر كلّه مبنيّ على القول بدلالة الأخبار العامة للتوقّف والاحتياط على المنع ووجوب الاجتناب

حتى يجوز التمسّك بها في المقام.

وأمّا على ما ذكرنا في بيان المراد منها تبعا لما أفاده شيخنا في تحقيق ذلك فلا معنى لهذه الكلمات أصلا لفساد التمسّك بها على هذا كما لا يخفى.

٥٠٢

(١٢٢) قوله : ( الرابع : بعض الأخبار الدالّة على أن مجرّد العلم بوجود الحرام ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٦٢ )

تقريب الاستدلال بالوجه الرابع (١)

أقول : تقريب الدلالة : إن الظاهر من الجواب (٢) حصول العلم للسّائل من أخبار المخبر ولو من جهة الاحتفاف بالقرينة الدّالة على صدقه بجعل الميتة في الجبن ، وتقريره عليه‌السلام لذلك ، لكن من المعلوم ضرورة عدم تعلّق إخبار المخبر إلاّ

__________________

(١) من الوجوه التي استدلوا بها على عدم وجوب الإحتياط في الشبهة غير المحصورة.

(٢) قال السيّد عبد الله الشيرازي قدس‌سره :

« لا يخفى ان هذا الحديث يؤيّد أو يشهد على أنّ الميتة تعم ما مات حتف أنفه أو ذبح من دون تحقّق الشرائط المعتبرة في التذكية ؛ إذ السائل يسأل عن وقوع الميتة في الجبن حيث أنه من البعيد جدّا أن يكون نظر السائل إلى وقوع خصوص ما مات حتف أنفه ، فكلام الإمام عليه‌السلام صريح في أن ما لم يسم عليه حال الذبح يحتمل وقوعه فى الجبن ، ومن الواضح انه عليه‌السلام على طبق سؤال السائل إستعمل الميتة في ما لم يسمّ عليه حال الذبح.

وبالجملة : هذا الخبر مؤيّد أو شاهد على ما هو التحقيق من أن الميتة مطلق غير المذكّي أعم مما مات حتف أنفه أو لم يتحقّق شرط من شروط التذكية فيه ويرتب عليه مطلق آثارها من حرمة الأكل بالنسبة إلى اللحم والشحم ونجاسة مثل الجلد كما هو المحقّق في محلّه وصرّح به المصنّف قدس‌سره قبل البحث عن الشبهة المحصورة فافهم » إنتهى.

أنظر عمدة الوسائل : ج ٢ / ١٦٦.

٥٠٣

بالجبن الذي يعمل في مكان مخصوص لعدم تعلّق رؤيته إلاّ بذلك ، فلو أخبر عن غيره كان إخباره مستندا إلى الحدس والقياس ، لا الإحساس كما هو ظاهر.

فالجواب مبنيّ على حصول العلم إجمالا بوجود ما لا يجوز شراؤه وأكله في كلّيّ الجبن ، فيدلّ على عدم مانعيّة العلم الإجمالي عن الحكم بالحلّيّة وترتيب آثار الحلال على أطراف الشبهة.

ويؤيّد ما ذكرنا من التقريب بل يدلّ عليه قوله عليه‌السلام أخيرا في الجواب : ( والله إني لأعترض السوق ... ) (١) الحديث فإن مثل ذلك القول إنّما يقال عرفا في مقام العلم بانتفاء متعلّق الظن ، وأنه لا يصلح تعلّق الظن به أبدا ، لا في مقام مجرّد عدم وجوب تحصيل الظن والإعلام بذلك كما هو ظاهر عند من حاول العرفيات.

وهذا الكلام وإن كان ظاهرا في عمل الإمام عليه‌السلام بالحكم الظاهري كسائر الناس ـ كما هو ظاهر بعض الأخبار الأخر أيضا ، مع كونه خلاف ما قضى به الدليل القطعيّ في باب علمهم ولو بالنسبة إلى الموضوعات ؛ حيث إن لازمه الوقوع في خلاف الواقع أحيانا المنافي لساحة شأنهم وكونهم خزّان علم الله ـ إلاّ أن هذا التعبير إنّما هو بحسب ما يزعمه كثير من أهل زمانهم من تجويز الجهل عليهم بالنسبة إلى الموضوعات الخارجيّة ككثير من أهالي سائر الأعصار والأزمنة ،

__________________

(١) المحاسن : ج ٢ / ٤٩٥ باب « الجبن » ـ ح ٥٩٧ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٥ / ١١٩ باب « جواز أكل الجبن ونحوه مما ... » ـ ح ٥.

٥٠٤

وليس المقام مقام شرح القول في ذلك ، وقد مضى بعض الكلام ممّا يتعلّق بالمقام في الجزء الأوّل من التعليقة (١) ، ولعلّنا نتكلّم فيه أيضا حسبما يساعدنا التوفيق ، وإن كانت الإحاطة بما لهم من الشأن محالا لغير خالقهم ( جلّ جلاله ).

ثمّ إن الرواية عند التأمّل ظاهرة في خصوص الشبهة الغير المحصورة ، وإن أبيت إلاّ عن ظهور قوله عليه‌السلام عقيب الاستفهام الإنكاري في مقام التحديد وإعطاء الضابطة ( فما علمت أنّ فيه الميتة ... إلى آخره ) (٢) في العلم التفصيلي وتجويز الارتكاب مع العلم الإجمالي ولو في الشبهة المحصورة ، فلا بد من صرفه عن ذلك بما دلّ على وجوب الاجتناب فيها ، هذا حاصل تقريب دلالة الرواية على المدّعى.

ويتوجّه عليه : ما أفاده بقوله : ( إلا أن يدّعى أن المراد ... إلى آخره ) (٣) الذي يرجع حاصله إلى أن الاستدلال بالرواية على ما ذكر في تقريب الاستدلال مبنيّ على كون الرواية مسوقة سؤالا وجوابا لبيان حكم الجبن الذي يحتمل كونه من أطراف العلم الإجمالي ، وليس الأمر كذلك ، بل هي مسوقة لبيان دفع توهّم كون مجرد العلم بجعل الميتة في مكان موجبا للاجتناب عن جبن غيره من الأمكنة الخارجة عن أطراف العلم لمجرد احتمال كونه مثل المكان المعلوم حاله.

__________________

(١) بحر الفوائد ج ١ / ، وأيضا : ج ٢ / ٦٠.

(٢) قد مرّ تخريجه آنفا.

(٣) فرائد الأصول ج / ٢٦٣.

٥٠٥

ويدلّ على ذلك ـ مضافا إلى كون هذا المعنى ظاهرا منها ـ : الاستفهام الإنكاري فإنه على الأوّل لا معنى للإنكار أصلا ، بل الاحتياط في محلّه ، وهذا بخلاف ما لو كان السؤال عن حكم مجرّد الاحتمال قياسا على مورد العلم الإجمالي فإن الإنكار في محلّه. ثمّ على تقدير مساواة هذا الاحتمال في الرواية للاحتمال الأوّل تسقط عن الاستدلال أيضا.

لا يقال : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مقام التفريع : ( فما علمت فيه الميتة ... ) (١) الحديث ظاهر في إناطة الجواز والمنع بعدم العلم التفصيلي ووجوده فما لم يعلم تفصيلا كون الجبن الخاصّ مما جعل فيه الميتة جاز أكله ولو كان من أطراف العلم الإجمالي ، غاية ما هناك قيام الدليل على خروج الشبهة المحصورة من هذه الكليّة المذكورة في مقام إعطاء الضابطة.

لأنّا نقول : إناطة المنع بالعلم التفصيلي بالحرمة على ما هو ظاهر القضيّة مسلّمة لا شبهة فيها ، إلاّ أنها لا تفيد في إثبات المدّعى أصلا ؛ من حيث إن قوله تعالى تفريع على إنكار كون العلم الإجمالي سببا للاجتناب عمّا ليس من أطرافه من الشبهات البدوية على ما عرفت من معنى الرواية ، فيستقيم إناطة المنع فيها بالعلم التفصيلي كما هو ظاهر لفرض فقد العلم الإجمالي بالنسبة إليها.

هذا حاصل ما يستفاد مما أفاده شيخنا قدس‌سره من الجواب عن الرواية بقوله :

__________________

(١) تقدم تخريجه آنفا.

٥٠٦

( إلا أن يدّعى أن المراد : أن جعل الميتة ... إلى آخره ) (١).

وهنا جواب آخر عن الاستدلال بالرواية ـ على تقدير تسليم ظهورها في تجويز التناول مع العلم الإجمالي وإناطة المنع بالعلم التفصيلي بالنسبة إلى أطرافه ـ وهو : أن محلّ الابتلاء من الجبن من المكان الذي يعلم بجعل الميتة فيه إنما هو بعض أطرافه لا جميعها ، وقد أسمعناك غير مرّة : أنه لا أثر للعلم الإجمالي والحال هذه مع حصر الشبهة ، فضلا عمّا إذا كانت غير محصورة ، فيستقيم إذن الإناطة المتفرّعة على الإنكار المذكور في الحديث ؛ ضرورة صحّة إناطة المنع بالعلم التفصيلي مع العلم الإجمالي المزبور.

كما أنه يظهر ممّا ذكرنا : استقامة قوله عليه‌السلام : ( والله إنّي لأعترض السّوق ... ) (٢). الحديث المذكور تأكيدا لما نبّه عليه قبل ذلك ؛ فإنه وإن كان ظاهرا في الشراء مع العلم الإجمالي بوجود الحرام في السوق على ما عرفت سابقا في تقريب الاستدلال مضافا إلى وجود العلم الإجمالي غالبا بوجود النجس والحرام في السّوق ، إلاّ أن من الظاهر عدم الابتلاء دفعة بتمام ما في السّوق فتدبّر.

نعم ، ما ذكر لا يستقيم بالنسبة إلى اللّحم ؛ فإن مقتضى الأصل عندنا وعند المشهور الحكم بحرمته عند الشكّ ، ولو لم يكن هناك علم إجماليّ أصلا ، فلا بد أن

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٣.

(٢) مرّ تخريجه آنفا فراجع.

٥٠٧

يكون المستند في الحكم بحلّيّة سوق المسلمين ويد المسلم الحاكمين على أصالة عدم التذكية ، فيكون مقصوده عليه‌السلام من ذكر هذه الفقرة : بيان مجرّد الإقدام على الشراء مع عدم العلم بالتذكية والحلّية ، بل مع عدم الظنّ بهما ، لا كون الحلّية مستندة إلى مجرّد الشكّ.

اللهم إلاّ أن يقال : بأن الأمارات كالأصول الشرعيّة لا يعتبر مع العلم الإجمالي بخلافها فلا يكون المسوّغ إلاّ عدم الحصر الشبهة (١) ، فيكون الأمارة معتبرة بالملاحظة المذكورة ، إلاّ أن يفرض قيام الأمارة على بعض أطراف الشبهة.

لكن يتوجّه عليه : ما عرفت ؛ من عدم الابتلاء بتمام الأطراف دفعة واحدة ، فيكون هذا هو المسوّغ للرجوع إلى الأمارة لا عدم حصر الشبهة ، وفي أمر شيخنا بالتأمّل إشارة إلى ذلك (٢).

__________________

(١) كذا وفي جميع النسخ والصحيح : إلاّ عدم حصر الشبهة.

(٢) قال السيّد المحقّق اليزدي قدس‌سره :

« لعلّه إشارة إلى منع عدم اعتبار سوق المسلمين مع العلم الإجمالي بوجود الحرام في السوق ولو مع الإنحصار ، بل السوق كالبيّنة أمارة الحلّيّة إلاّ مع العلم التفصيلي بالحرمة » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٢٨.

* وقال السيد عبد الحسين اللاّري قدس‌سره :

« لعلّه إشارة إلى أن عدم مقاومة اعتبار سوق المسلمين إنّما هو في مقابل العلم الإجمالي

٥٠٨

__________________

المعتبر وأنّى بثبوت الإعتبار في الشبهة غير المحصورة.

أو إشارة إلى أن مقتضى العلم الإجمالي مطلقا ولو كان معتبرا إنّما هو أصل الإحتياط غير المقاوم قطعا لسوق المسلمين الذي هو كالبيّنة من الأمارات الواقعيّة المعتبرة شرعا » إنتهى.

أنظر حاشية على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٠٥.

* وقال صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٤٨٤ ) :

« أقول : لعلّه إشارة إلى أن الغالب في السوق وجود العلم الإجمالي بالحرام والنجس فيه وكون العلم الإجمالي مسقطا له مستلزم لعدم إعتباره إلاّ في موارد نادرة.

ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ الترخيص في الرّواية ليس من جهة كون الشبهة غير محصورة بل من جهة عدم وجود مناط الإحتياط في موردها لأن مناطه إنّما هو تعارض الأمارات وهذا غير موجود فيه ؛ لأن موردها إنّما هو سوق المسلمين والغالب فيه إنّما هو تصرّف البائع وتصرّفه هذا أمارة الحلّ وليس له تصرّف آخر حتى يحصل التعارض بينهما فيؤثر العلم الإجمالي أثره.

نعم لو حصل له تصرّف آخر بالنسبة إلى هذا المشتري فهو من موارد التعارض لكنّه خلاف المتعارف » إنتهى.

* وقال المحقّق آغا رضا الهمداني قدس‌سره :

« أقول : لعلّه إشارة إلى أنّ عدم الإعتناء بالإحتمال الموهوم إنّما هو في المضارّ الدنيويّة التي يجوز عقلا توطين النفس على تحمّلها على تقدير المصادفة لبعض الأغراض العقلائيّة لا بالنسبة إلى العقاب فإنّ التحرّز من محتمله لازم عقلا وإن كان احتماله في غاية البعد فلا

٥٠٩

ومنه يظهر : أن قول شيخنا : ( وأمّا قوله : ما أظن أن كلّهم يسمّون ... الى آخره ) (١). ليس متمّما لقوله في مقام الجواب : ( إلا أن يدّعى ... إلى آخره ) (٢) بل إشارة إلى ما ذكرنا أخيرا من الجواب ، وإلاّ كان منافيا للجواب المذكور سيّما بملاحظة الاستدراك الذي ذكره بعد بقوله : ( إلاّ أن يقال : إن سوق المسلمين غير معتبر ... إلى آخره ) (٣).

__________________

يجوز أن يكون بعد الإحتمال منشأ للقطع بالعدم كما هو مناط الرّخصة في حكم العقل.

ولكن للمستدلّ أن يقول : إنّ المحتمل إنّما هو حصول مخالفة ذلك التكليف المعلوم بالإجمال بهذا الفعل وهي ليست علّة تامّة لإستحقاق العقاب حتى يلزمه احتمال العقاب كي يتمشى معه قاعدة حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل ، بل هي علّة لذلك على تقدير تنجّز ذلك التكليف وعدم كون المكلّف معذورا في مخالفته وهو موقوف على أن يكون احتمال حصول مخالفته بهذا الفعل إحتمالا معتنى به لدى العقلاء وإلاّ فعلمه الإجمالي بثبوت حرام في العالم لا يصلح أن يكون بيانا لحكم هذا الفعل الذي يحتمل مصادفته لذلك الحرام إحتمالا بعيدا غير معتدّ به لدى العقلاء فيكون حينئذ عقابا بلا بيان فتأمّل » إنتهى.

أنظر حاشية فرائد الأصول : ٢٢٦.

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٣.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ / ٢٦٣.

(٣) نفس المصدر أيضا.

٥١٠

(١٢٣) قوله : ( الخامس : أصالة البراءة بناء على أن المانع من إجرائها ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٦٣ )

تقريب الإستدلال بالوجه الخامس (*)

أقول : حاصل ما أفاده قدس‌سره في بيان هذا الوجه وتقريبه : هو أن المدرك لوجوب الاحتياط عند العلم الإجمالي بالتكليف على ما عرفته مرارا هو حكم العقل به ؛ نظرا إلى حكمه بوجوب دفع الضّرر المحتمل الأخروي ؛ من حيث إن العلم الإجمالي يوجب في حكمه تحقّق الاحتمال المزبور في كل ما يكون طرفا له.

ومن المعلوم اختلاف مراتب الاحتمال بحسب الحكم عند العقل والعقلاء من جهة القوّة والضعف ، فربّما تبلغ الاحتمال من جهة كمال الضعف والبعد مرتبة يعدّون الاعتناء به سفاهة ، واحتمال الضّرر في الشبهة الغير المحصورة من هذا القبيل ؛ ضرورة إيجاب كثرة الاحتمالات المتعارضة ضعف الاحتمال.

وإن كنت شاكّا فيما ذكرنا فارجع إلى عقلك وبناء العقلاء في الضّرر المحتمل الدنيوي فيما ذكره شيخنا في « الكتاب » من الأمثلة في مسألة وجود

__________________

(*) حاصله : ان العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة لا يمنع من الرجوع إلى أصالة البراءة.

٥١١

السمّ (١) والقذف والإخبار بالموت ونظائرها ؛ فإنك لا ترتاب في الحكم بعدم الاعتناء مع عدم حصر الشبهة.

ومن هنا ذكروا في باب الغيبة : بأن ذكر بعض أهل بلد بهذا العنوان الغير المعيّن بما فيه من السّوء لا يكون غيبة ، بخلاف ذكر غالب أهل البلد بالسوء. فإذا لم يحكم العقل بوجوب دفع الضّرر مع عدم حصر الشبهة فيكون العقاب بارتكاب بعض المحتملات مع مصادفة الواقع وتحقّق المخالفة في نفس الأمر عقابا من دون بيان من جانب الشرع والعقل ، فيكون قبيحا كارتكاب الشبهة البدويّة وهذا معنى

__________________

(١) قال المحقق النحرير آغا ضياء العراقي قدس‌سره :

« ما أفيد من عدم إعتناء العقلاء بالضّرر مع كثرة الأطراف يتم في مثل المضارّ الدنيويّة وذلك أيضا فيما يجوز توطين النفس على تحمّلها لبعض الأغراض ، لا ما يكون مورد الإهتمام التام عندهم كالمضارّ النفسيّة وإلاّ ففيها يمنع إقدامهم على الإرتكاب بمحض كثرة الأطراف لو علم بوجود سمّ قاتل في كأس مردد بين ألف من [ ال ] كؤوس أو أزيد يرى انه لا يقدم أحد على ارتكاب شيء من تلك الكؤوس وإن بلغت الأطراف في الكثرة ما بلغت ، لا في المضارّ الأخرويّة التي يستقل العقل فيها بلزوم التحرّز عنها ولو موهوما ؛ فإن في مثله لا بد في تجويز العقل للإرتكاب من وجود مومّن يوجب القطع بعدم العقوبة على ارتكابه ولو بإخراجه عن دائرة المفرغ بجعل ما هو المفرغ غيره من الأطراف الأخر ، وإلاّ فبدونه لا بدّ من الإحتياط بالإجتناب عن كلّ ما يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليه ولو موهوما ؛ نظرا إلى مساوقة الإحتمال المزبور لاحتمال الضّرر والعقوبة المحكوم بحكم العقل بوجوب دفعه والتحرّز عنه » إنتهى. أنظر نهاية الأفكار : ج ٣ / ٣٢٩.

٥١٢

جريان البراءة في المقام.

فإن شئت قلت : ملاك البراءة والاحتياط على حكم العقل بوجوب دفع [ الضّرر ] المحتمل وعدمه ، لا على كون الشكّ في التكليف ، أو المكلّف به ، فربّما يحكم العقل بالاحتياط مع كون الشكّ في التكليف كما هو الشّأن في الشبهة الحكميّة قبل الفحص ، وربّما يحكم بالبراءة مع كون الشكّ في المكلّف به حتّى مع حصر الشبهة على ما عرفت فيما كان بعض أطرافه خارجا عن محلّ الابتلاء.

فإن قلت : إن ما ذكر من عدم اعتناء العقلاء باحتمال الضّرر إذا كان بعيدا في الغاية مسلّم بالنسبة إلى الضّرر الدنيوي ولو مع العلم الإجمالي ، ولذا يذمّ العقلاء من يترك المسافرة إلى الحجّ ، أو التجارة باعتذار علمه بموت بعض في الطريق ، أو مكّة ، أو البلد الذي يريد المسافرة إليه ، أو نهب أموال بعض الناسكين ، أو المسافرين إلى البلد ، أو غير ذلك لا يكون معذورا شرعا في ترك الحجّ بمجرّد الاحتمال المذكور. وأمّا بالنسبة إلى الضّرر الأخروي فلا نسلّم حكم العقل والعقلاء بعدم وجوب دفعه.

ومن هنا لا يفرّق في الحكم بوجوب الاحتياط مع حصر الشبهة بين كون احتمال التحريم في بعض المشتبهين مساويا لاحتمال التحريم في الآخر ، أو مختلفا معه في القوّة والضعف ولو كان في غاية الضعف والبعد ، بل لم يعهد التفصيل في المسألة بحسب الشدّة والضعف من أحد من العلماء أيضا ، فلو كان بعد الاحتمال موجبا للفرق في الحكم عند العقلاء والعلماء لحكموا بالفرق مع حصر

٥١٣

الشبهة ؛ إذ مناط الفرق بعد الاحتمال كما أن العقلاء لم يفصّلوا أيضا في حكمهم بعدم وجوب الاحتياط مع عدم حصر الشبهة بين مراتب الاحتمال ؛ إذ ربّما يكون تحقق الحرام في ضمن بعض المحتملات مظنونا في الشبهة الغير المحصورة.

قلت : حكم العقل بلزوم التحرّز إذا كان مبنيّا على رفع احتمال الضرر فلا معنى للفرق في حكمه بين الضررين ، ألا ترى أن العبد إذا احتمل مؤاخذة المولى على فعل أو تركه مع كمال بعد الاحتمال لا يلتفت إليه أصلا ولا يلزمه العقل والعقلاء على الفعل والترك مع أن المحتمل العقوبة؟ فتأمل.

والأولى في تقرير هذا الوجه أن يقال : بعدم احتمال الضّرر الأخروي مع عدم حصر الشبهة من حيث إن العلم الإجمالي مع كثرة أطرافه لا يوجب تنجّز الخطاب في حكم العقل والعقلاء ، فيكون الشكّ في كل طرف منه كالشكّ البدوي في عدم احتمال الضّرر الأخروي لا بوجوده وضعفه وحكم العقل بعدم وجوب دفعه ؛ فإنه فاسد جدّا ؛ ضرورة ثبوت الفرق عند العقل والعقلاء بين الضّررين.

ودعوى : حكم العقل والعقلاء بعدم إلزام العبد بالاحتياط في المثال المذكور ، ممنوعة ؛ لأنه إنّما يستقيم فيما لم يعلم إجمالا بالتكليف أصلا ؛ فإنه لا يحتمل العقوبة مع احتمال التكليف ، وأمّا مع علمه إجمالا بالتكليف عن جانب المولى مع عدم حصر الشبهة ، فيمنع عدم إلزام العقل والعقلاء العبد على الاحتياط مع الالتزام بوجود احتمال العقوبة هذا.

ولكنّ الشأن في ثبوت هذا ، ودون إثباته خرط القتاد ؛ لأن دعوى : كون

٥١٤

العلم الإجمالي مع عدم حصر الشبهة مع فرض الابتلاء دفعة بجميع أطرافه كالشكّ البدوي لا يؤثر في تنجّز الخطاب واحتمال العقوبة ، كما ترى ، ومن هنا نلتزم ـ فيما سيتلى عليك ـ بعدم جواز المخالفة القطعيّة في المقام ، مع أنه بناء على ما ذكر من الوجه أخيرا لا بد من الالتزام بجوازها على ما يلتزم به شيخنا بعد ذلك.

وإن كان صريحه في المقام على ما يستفاد من قوله في آخر هذا الوجه ( فعلم من ذلك أن الآمر اكتفى ... إلى آخره ) (١) الفرق بينهما وعدم تجويز المخالفة القطعيّة ، وإن كان توصيف العلم بالتفصيلي في كلامه ربّما يوهم في باديء النّظر تجويز المخالفة القطعيّة في المقام ، لكنّه ليس مراده جزما سيّما بملاحظة قوله : ( ولم يعتبر العلم بعدم إتيانه ) (٢) مع أن القيد المذكور ليس في بعض النسخ الصحيحة.

لكنك خبير بما فيه من المناقشة لما أسمعناك مرارا : من ثبوت الملازمة في حكم العقلاء بين المخالفة القطعيّة والموافقة القطعيّة ، فإذا لم يلتزموا في مورد بوجوب الثانية لم يلتزموا بحرمة الأولى.

وأمره قدس‌سره بالتأمّل (٣) ؛ إمّا إشارة إلى فساد الفرق المذكور ، أو إشارة إلى فساد

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٥.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ / ٢٦٥.

(٣) قال السيّد عبد الحسين اللاّري قدس‌سره :

٥١٥

__________________

« إشارة إلى إمكان استناد الفرق المذكور في دفع الضّرر المحتمل وبين المحصور وغيره إلى خصوص الضّرر الدنيوي وأمّا الضّرر الأخروي الذي نحن فيه فلم يفرّق العقل في وجوب دفعه بين المحصور وغيره ». أنظر التعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٠٥.

* وقال السيّد المحقّق اليزدي قدس‌سره :

« لعله إشارة إلى الفرق بين الضّرر الدنيوي والأخروي ؛ فإن احتمال الضرر الدنيوي إذا كان بعيدا لا يعتنى به عند العقلاء بخلاف الضّرر الأخروي أي العقاب ، فيحكم العقل بلزوم التحرّز عن إحتماله وإن كان بعيدا في الغاية لعظم خطره ، بل الضّرر الكثير العظيم الخطر الدنيوي أيضا نمنع عدم اعتناء العقلاء باحتماله ولو كان بعيدا.

فالأولى إبدال هذا الدليل بدليل آخر يمكن إرجاعه اليه أيضا وهو أن يقال : ان العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة لا يعدّ علما في العرف والعادة ، بل يسمى الشبهة في كل من أطرافه شبهة بدويّة وحينئذ قوله عليه‌السلام : ( كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام ... ) لا يشمل هذا العلم الإجمالي لأنه لا يسمّى علما في العرف بل يعدّ شكّا وهذا المعنى أيضا ميزان حدّ الشبهة غير المحصورة على التحقيق لا الوجوه الأخر الآتية في المتن » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٢٩.

* وقال صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٤٨٦ ) :

« أقول : لعلّه إشارة إلى أن لازم هذا هو عدم الإلتزام بجواز المخالفة القطعيّة في الشبهة المحصورة ويحتمل أن يكون إشارة إلى المناقشة في الأمثلة المرقومة في كلام المستدل تقريبا لإستدلاله.

٥١٦

أصل الوجه المبنيّ على عدم الفرق بين الضّررين فيما كانا مختلفين ببعد الاحتمال وقربه ، لما عرفت من وضوح الفرق بينهما عند العقل والعقلاء ، وكون الظن بالسّلامة من المضارّ الدّنيويّة ممّا عليه مدار معاشهم كالظّنّ بالمضارّ الدنيويّة ، وهذا بخلاف الظن المتعلّق بالسّلامة من المضرّة الأخرويّة مع عدم قيام دليل من الشارع على اعتباره ، وإلاّ كان مقتضى الأصل الأوّلي حجيّة الظن سواء تعلّق بالحكم الإلزامي ، أو غيره ، مع أنك قد عرفت فساده بما لا مزيد عليه في الجزء الأوّل من التعليقة.

__________________

وبيانها مبني على ذكر دقيقة وهي : أن القبح في باب الضرر إن لوحظ بالنسبة إلى الغير مثل الإشمئزاز الحاصل للمطيع من قتل الحبيب والصديق وكذلك الحسن مثل الإستعجاب الحاصل له من قتل العدو ليسا بالحسن والقبح العقليين وإنّما هو بمعنى موافقة الطبع ومنافرته.

وإن لوحظ بالنسبة إلى النفس فله جهتان : جهة استعجاب واشمئزاز عقلي وهو محل الكلام في المقام وجهة استعجاب واشمئزاز طبعي ومن هذه الجهة ملحق بالأوّل.

مثلا : إعطاء جميع الأموال ليس فيه اشمئزاز عقلي وانّما كان اشمئزازه من قبل الطبع ، إذا عرفت هذه فاعلم : أن الأمثلة المرقومة أجنبيّة عن المقام ؛ ضرورة أنّ القبح فيها لكون الضّرر ملحوظا بالنسبة إلى الغير إنما هو بمعنى منافرة الطبع ومحل الكلام هو القبح العقلي.

نعم ، مثال السمّ لكون الضّرر فيه راجعا إلى النفس من هذا القبيل.

لكن قد عرفت : إنّ مثل هذا له جهتان والإختلاف في التأثّر فيه إنّما هو من غير جهة القبح العقلي ـ أعني جهة الإشمئزاز الحاصل للطبع ـ فلا ربط له بمحلّ الكلام أيضا ، هذا » إنتهى.

٥١٧

وبالجملة : لا إشكال في فساد هذا الوجه ، وإن كان ولا بدّ من التمسّك به فليقرّر بما عرفته منا من عدم تأثير العلم الإجمالي في المقام أصلا ، لكن كلام شيخنا مبنيّ على الوجه الأوّل في تقريره ، وإن كان ربّما يستظهر من قوله : ( وإن شئت قلت ... إلى آخره ) (١) ما ذكرنا ، لكنّه مناف لقوله بعد ذلك : ( وحاصل هذا الوجه أن العقل إذا لم يستقل ... إلى آخره ) (٢) فإنه صريح في وجود احتمال العقاب وعدم الاعتناء به لضعفه.

لكنّك قد عرفت فساده أيضا كالوجه الأوّل هذا كله. مضافا إلى دلالة بعض الأخبار المقتضي لوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة على حكم المقام أيضا.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٤.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ / ٢٦٤.

٥١٨

(١٢٤) قوله : ( السّادس : أن الغالب عدم ابتلاء المكلّف إلاّ ببعض ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٢٦٥ )

تقريب الإستدلال بالوجه السادس

أقول : لا إشكال ولا كلام فيما أفاده : من عدم الابتلاء غالبا إلاّ ببعض معيّن

__________________

(١) قال المحقّق الخراساني قدس‌سره :

« وقد عرفت ان ما كان بعض اطرافه خارجا من محلّ الإبتلاء خارجا عن محلّ الكلام ومورد النقض والإبرام وانه مع الإغماض عمّا يجوز الإقتحام من غير جهة كثرة الأطراف وعدم انحصارها من الجهات فتفطن » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢٤٨.

* وقال السيد المحقق اليزدي قدس‌سره :

« يرد عليه ـ مضافا إلى منع كون عدم الإبتلاء مانعا عن تنجّز العلم ـ : أنه يبقى الحكم في غير الغالب محتاجا إلى الدليل.

فإن قلت : انه يتم الإجماع المركّب.

قلت : إن الإجماع إن تمّ فإنه اجماع بسيط يستدل به على أصل المسألة ولا يكون هذا الدليل السادس دليلا آخر بضميمة ذلك الإجماع فتدبّر فيه.

والتحقيق : أنّ صورة عدم الإبتلاء ببعض الأطراف خارجة عن موضوع المسألة ؛ لأنه لا كلام في عدم منجّزيّة العلم حينئذ حتى مع إنحصار الشبهة فضلا عن الشبهة غير المحصورة لكنه على مذاق المصنف من الفرق بين الإبتلاء وعدمه.

وكيف ما كان الصواب من هذه الوجوه الستة هو الوجه الخامس لكن على التقريب الذي ذكرنا [ وقد مرّ في بيان التأمّل الذي مرّ في التعليق السابق منا ] لا على ما قرّره المصنّف وقد عرفت وجهه » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٢٩.

٥١٩

من أطراف الشبهة مع عدم حصر الشبهة وكون الحكم في مثله عدم وجوب الاحتياط حتى مع حصر الشبهة على ما عرفت مرارا ، لكنّه لا يفي بتمام المطلب بل محل الكلام أصلا ؛ لأنك قد عرفت : أن محل البحث في الشبهتين ما كان جميع الأطراف منهما محلاّ ؛ للابتلاء المكلّف دفعة واحدة ، غاية ما هناك : كون عدم الابتلاء مع عدم حصر الشبهة غالبيّا ومع حصره اتفاقيّا ، لكنّه لا يفيد بالنسبة إلى محلّ البحث.

نعم ، لو كان عدم الابتلاء دائميّا مع عدم حصر الشبهة كان التكلم في حكمه فرضيّا غير لائق بشأن العلماء لكن الأمر ليس كذلك ، ودعوى الإجماع المركّب وعدم الفصل في حكم الشبهة مع عدم الحصر بين صورها وإتمام الدليل بهذه الملاحظة ، كما ترى.

ثمّ ما أفاده قدس‌سره في حكم المقام بعد الفراغ عن ذكر الوجوه بقوله : ( لكن المجموع منها لعلّه يفيد القطع أو الظن ... إلى آخره ) (١) وقد عرفت الإشارة إليه في مطاوي كلماتنا السابقة ، وأنه لا شبهة في تحقّق الإجماع على عدم وجوب الاحتياط ، واحتمال حصول القطع لا يفيد في المسألة كالظن إلاّ إذا قيل بحجيّة مطلق الظنّ في الأحكام الشرعيّة ، وعلى تقدير القول به لا فرق بين المسألة الفرعيّة والأصوليّة العمليّة على ما عرفت تفصيل القول فيه.

كما أنك قد عرفت ما هو الحقّ من حجّيّته وعدمها فيما قدّمناه لك ؛ فإن الظنّ المذكور ليس حاصلا من اللفظ ولو بتراكمه ؛ حتى يقال : بكونه لفظيّا ليس يبنى اعتباره على القول بحجيّة الظنّ المطلق.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٦٥.

٥٢٠