بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

خصوص المتعارضين كالمقبولة ؛ من حيث اختصاصه بصورة التمكّن من تحصيل العلم وإزالة الشبهة.

ومنه يظهر الوجه في عدم جواز الاستدلال بصحيحة ابن الحجّاج (١) بناء على دلالتها على حكم المقام مع اختصاصها موردا بعدم النصّ من حيث تنقيح المناط كما في « الكتاب » ؛ نظرا إلى أن الوجه في إيجاب الاحتياط فيها هو تحيّر المكلّف في الحكم الشرعي من جهة عدم دليل عليه ، ووجود الدليل مع معارضته بمثله لا يجدي في رفع التحيّر والجهل بالحكم ، أو بالدلالة اللفظيّة ؛ نظرا إلى ما أسمعناك سابقا من الوجه في دلالتها على وجوب الاحتياط في مسائل الشكّ في التكليف ؛ فإنّها مختصّة أيضا كالمقبولة بصورة التمكّن من إزالة الشبهة هذا.

وأمّا الاستناد إلى المرفوعة القاضية بالاحتياط أوّلا ثمّ بالتخيير بعد عدم إمكانه التي يكون أخصّ من جميع أخبار التخيير ، فقد عرفت عدم جوازه في طيّ المسائل المتقدّمة من حيث عدم اعتبارها سندا ، مضافا إلى دلالتها على كون الاحتياط مرجّحا لا مرجعا ، والفرق بينهما بحسب الآثار ظاهر ، ولا يظنّ القول به من الأخباريين هذا.

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٤ / ٣٩١ باب « القوم يجتمعون على الصّيد وهم محرمون » ـ ح ١ ، وتهذيب الأحكام : ج ٥ / ٤٦٦ باب « من الزيادات في فقه الحج » ـ ح ٢٧٧ ، عنهما وسائل الشيعة : ج ١٣ / ٤٦ باب « ان اذا اشترك اثنان أو جماعة ... » ـ ح ٦.

١٨١

مع أن تخصيص أخبار التخيير بصورة عدم التمكّن من إزالة الشبهة من جهة المقبولة على ما عرفت وإن كان بعيدا يوجب انقلاب النسبة المذكورة ، فيمكن حملها على صورة التمكّن من إزالة الشبهة كما هو صريح المقبولة ، فلا يعارض أخبار التخيير في أمثال زماننا لو لم يكن هناك إجماع على عدم الفرق في حكم التخيير بحسب الأزمنة ، كما يكون على عدم الفرق في الرجوع إلى المرجّحات كما مال إليه شيخنا قدس‌سره فيما تقدّم من كلامه ؛ نظرا إلى كون التخيير المبحوث عنه وإن كان في المسألة الأصوليّة ، إلاّ أنه كالأصل فيمكن تخصيصه بصورة العجز فتدبّر ، هذا كله.

مضافا إلى دلالة التوقيع المروي في « الإحتجاج » عن الحميري على حكم المقام بالأولوية القطعيّة والإجماع على عدم الفرق ، مع أن مورده صورة التمكّن من إزالة الشبهة كما هو واضح.

(٤٣) قوله قدس‌سره : ( فإن الحديث الثاني وإن كان أخصّ من الأول ) (١). ( ج ٢ / ١٦٧ )

__________________

(١) قال المحقق الأصولي الشيخ هادي الطهراني قدس‌سره :

« وفيه مواقع للنّظر :

منها : انّ التخيير ربّما يوجب تعيّن الوجوب الذي ينفيه الأصل فكيف يستدلّ بأحدهما على الآخر وليس هذا إلاّ خلطا بين الإباحة والتخيير مع أنّ مجرى الأصل أولا هي المسألة الفقهيّة والتخيير إنّما يجري في المسألة الأصوليّة فإذا اختار ما دلّ على الوجوب لم يبق

١٨٢

أقول : أخصّيّة الثاني ممّا لا إشكال فيها كعدم الإشكال في ترتّب التخيير كالترجيح الراجعين إلى الطرح في الجملة على الجمع الذي يساعده العرف بين

__________________

مجال للأصل بل وكذا الحال فيما اذا اختار ما دلّ على البراءة فإنها حينئذ تثبت بالدليل الذي أنفذه بالإختيار وتخصيصه بالإخذ من باب التسليم وأين هذا من العمل بالأصل؟ فالتخيير يمنع جريان الأصل على كل تقدير.

ومنها : ما التزم به من انّ الإمام عليه‌السلام نقل الحديث بالمعنى وأراد به شموله لحالة الإنتقال من القعود إلى القيام فإن هذا ينافي العصمة بل لا يصدر مثل هذا عمّن له أدنى خبرة بالمحاورات لأنّ الموجود في الرّواية أخصّ من الرّواية الأخرى وهو الذي حكم الإمام عليه‌السلام بالتخيير فلو كان المقصود إجراء هذا الحكم على المتباينين وكانت الروايتان على هذا الوجه فكيف يجوز نقل الرّواية إلى معنى فاقد لهذه النسبة مشتملة على خصوصيّة منافية؟ والإرادة من غير إظهارها بالكلام غير مفيدة.

والحاصل : ان النقل بالمعنى على هذه الكيفيّة نقض للغروض من غير داع ، ورمي الإمام عليه‌السلام بما ينافي العصمة ، بل الخبرة بالمحاورات لا يخلو عن إشكال ، وقد عرفت : انه لا حاجة إلى هذا التكليف الرّكيك وانه يمكن استفادة الإطّراد والتعميم في الواقع لحالة الإنتقال من التشهّد إلى القيام بقرينة الحكم بالتخيير بناء على اختصاص المتباينين به كما زعمه وقد عرفت : انه يجري مع إمكان الجمع إذا لم يكن محذور في تركه وان التخيير في مرحلة الأخذ من باب التسليم قد يجامع الجمع فتفطّن مع أن النصوصيّة والظهور أيضا وجه آخر للجميع.

واندفاع احتمال التخصيص لا يكفي في الحكم بعدم إمكان الجمع فيبقى معه إشكال عدم جريان التخيير مع إمكان الجمع » إنتهى. أنظر محجة العلماء : ج ٢ / ٢٣ ـ ٢٤.

١٨٣

المتعارضين ، فتجويز الإمام ( عجل الله فرجه وصلاته عليه وعلى آبائه الطاهرين ) الأخذ بهما تخييرا يكشف عن كونهما بمنزلة المتباينين في عدم تطرّق التخصيص ؛ نظرا إلى ثبوت التلازم بين أفراد العام بحسب الحكم ، فالتخصيص يوجب طرح العام رأسا فلا يمكن حصر الإرادة في غير مورد التعارض مع الخاص ، وهذا هو المراد بقوله قدس‌سره : « بحيث لا يتمكّن إرادة غير هذا الفرد منه » (١) أي : على وجه الحصر فتأمّل.

(٤٤) قوله قدس‌سره : ( ثم إن وظيفة الإمام عليه‌السلام وإن كانت إزالة الشبهة ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١٦٧ )

في ان الإرجاع إلى الحكم الظاهري خلاف منصب الإمامة

أقول : ما أفاده في كمال الوضوح والظهور ؛ حيث إن الإرجاع إلى الحكم الظاهري في القضايا الشخصيّة التي يسأل عنها من الإمام عليه‌السلام خلاف منصب الإمام المنصوب لحفظ الأحكام والمكلّفين عن الخطأ فيها ورفع جهلهم عما بيّنه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للوقائع عن الله تعالى ، إلاّ أنّه قد يقتضي المصلحة تقرير الجاهل على جهله وعدم بيان الواقع له ؛ ليعلم حكم صورة التعارض كلّيّة مع عدم إيجابه تفويت الواقع على المكلّف كما في مورد الرّواية ، بل ومع إيجابه ذلك إذا كانت مصلحة

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٦٧.

١٨٤

بيان الحكم الظاهري أقوى من مصلحة الواقع وليس فيه الإغراء بالجهل (١) أصلا ؛ ضرورة عدم الإغراء في عدم البيان وعلى تقديره نمنع قبحه من حيث هو ؛ فإن المسلّم منه ما إذا وجب تفويت الواقع.

ومن هنا ذهب المحقّقون إلى جواز تأخير القرينة عن وقت الخطاب ، وعلى تقدير تسليم قبحه في نفسه ومن حيث هو فإنّما هو فيما لم يزاحمه المصلحة الأقوى.

وبالجملة : حديث الإغراء بالجهل لا تعلّق له بالمقام أصلا ولو تصوّر بما في « الكتاب » في بيانه بتوضيح منّا : من أن الإرجاع إلى التخيير يوجب جواز الأخذ

__________________

(١) قال المحقق الطهراني قدس‌سره :

[ وفيه نظر : وذلك لأن ] نسبة الإغراء بالجهل إلى الإمام عليه‌السلام في غاية الإشكال وقد عرفت :

ان مقتضى اختيار ما دلّ على الوجوب هو الوجوب الظاهري فيتعيّن ويجب قصد الوجوب على القول به ، وامّا كفاية قصد القربة فلا موهم لها ، مع ان الحق انّه لا يعتبر في العبادات إلاّ التعبّد المعبّر عنه بقصد القربة على ما أوضحناه في صحفنا الفقهيّة » إنتهى.

أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٢٤.

* وقال المحقق الخراساني قدس‌سره :

« لا يخفى انه لا إغراء بالجهل أشدّ من ملازمة المكلّف ومداومته ما لا يلزم ويداومه لو لم يعتقد بوجوبه سيّما إذا لم يترتّب عليه ثواب الإطاعة كما إذا لم يكن بانيا على إمتثال هذا الأمر الشخصي كائنا ما كان ولو كان مستحبّا ، إلاّ انّه يعتقد وجوبه بحيث لا يدعوه إلى الإمتثال غير الإيجاب » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢٢٩.

١٨٥

بالخبر الدّالّ على الوجوب مع عدم وجوب التكبير في الواقع ، فيقصد وجوبه مع انتفاء الوجوب في نفس الأمر ، فيلزمه قصد الخلاف الممنوع عند أكثر القائلين بعدم اعتبار قصد الوجه ، فيوجب التخيير إيقاع المكلّف في هذا المحذور.

فيتوجّه عليه : بعدم لزوم المحذور بالملاحظة المذكورة أيضا أصلا ؛ حيث إن المجوّز على تقدير اختيار الخبر الدالّ على الوجوب هو قصد الوجه الظاهري ، وهو أمر ثابت في مرتبته بحسب الواقع لا قصد الوجه الواقعي فإنه غير جائز إلاّ على وجه الاحتمال.

وإن هو إلاّ نظير قصد الوجه الظاهري في جميع موارد قيام الأمارات الشرعيّة ؛ فإنه لا يتوهّم كون جعل الأمارات موجبا للإغراء بالجهل من الحيثيّة المذكورة وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا.

وأما دفع الإغراء بما في « الكتاب » : من كفاية قصد القربة ، فقد يناقش فيه : بأن القول بكفاية قصد القربة لا يمنع من قصد الوجه وإنّما يمنع لزومه ، والإغراء مترتّب على جوازه لا على لزومه. نعم ، لو كان القول بكفاية قصد القربة ملازما لعدم قدح قصد الخلاف ، جاز تعليل منع لزوم الإغراء به وليس الأمر كذلك ، كما يظهر من التتبع في كلماتهم.

ثمّ إن ما وقع من الكلمات في المقام إنّما هو بالنظر إلى ظاهر الرواية سؤالا وجوابا ، وإلاّ فالإجماع قائم على عدم وجوب غير تكبيرة الإحرام في الصلاة ، فلا بدّ أن يحمل الوجوب على مجرّد الثبوت ولو بعنوان الاستحباب ، فإذن لا يجوز

١٨٦

الاستدلال بالرّواية على حكم المقام إلاّ بضميمة عدم القول بالفصل بين موارد تعارض الأخبار في الأحكام الإلزاميّة وغيرها ؛ إذ لا أولويّة ظنيّة على التقدير المزبور ، فضلا عن القطعيّة كما هو ظاهر.

بل ربّما يقال : بأن الوجه في حكم الإمام بالتخيير في مورد الرّواية على تقدير الاستحباب هو عدم فوت الواقع على كل تقدير ؛ إذ على تقدير عدم الاستحباب لا يكون التكبير حراما نفسيّا ذاتيّا ، وإنّما يكون حراما تشريعيّا والإتيان به بعد اختيار الخبر الدال عليه يرفع موضوع التشريع ، وهذا بخلاف التخيير في المقام ؛ فإن له أن يختار الخبر الدّالّ على الإباحة فيترك الفعل مع وجوبه في نفس الأمر ، فتدبّر.

* * *

١٨٧

* المسألة الرابعة :

الشبهة الوجوبيّة من جهة إشتباه الموضوع

(٤٥) قوله قدس‌سره : ( ويدلّ على حكمه (١) جميع ما تقدّم في الشّبهة الموضوعيّة التحريميّة ). ( ج ٢ / ١٦٩ )

حكم الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة

أقول : لا يخفى عليك أن العموم المستفاد من لفظ الجميع إنّما يعتبر بالنسبة إلى نوع ما دلّ على حكم الشبهة الموضوعيّة التحريميّة ، أعني : الأدلة الأربعة لا أشخاص ما دلّ على الحكم في تلك الشبهة ؛ ضرورة اختصاص جملة من الأخبار المتقدّمة بالشبهة التحريميّة.

وأمّا المناقشة في الإجماع في الشبهة الموضوعية الوجوبيّة من جهة ذهاب أكثر المجتهدين إلى وجوب الاحتياط في الفائتة المردّدة بين الأقلّ والأكثر وعدم تجويزهم الرجوع إلى البراءة.

ففاسدة ؛ حيث إنّها بزعمهم من الأقلّ والأكثر ، لا الشبهة الموضوعية

__________________

(١) كذا وفي النسخ المطبوعة من الفرائد : « ويدل عليه جميع ما تقدم ... ».

١٨٨

الابتدائية ؛ فإن العلم الإجمالي فيها من حيث رجوع أمرها إلى الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين وإن لم يقتضي الاحتياط.

ومن هنا لم يلتزموا به في نظائر الفائتة المردّدة ، إلاّ أن مجرّده يكفي فارقا بين المسألتين موضوعا ، ومن هنا أجمعوا على عدم وجوب الاحتياط فيما احتمل فوت صلاة واحدة هذا كله.

مضافا إلى إمكان دعوى الإجماع على كون الأصل في الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة البراءة ما لم يكن هناك مخرج عنه ، وقد قام ما يقضي بالخروج عنه في الفائتة المردّدة بين الأقلّ والأكثر من بعض الأخبار التي سيمرّ عليك وإن لم يكن تامّا عندنا كما ستقف عليه ، فالإجماع المدّعى من الإجماع على القاعدة فتدبّر.

وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في عدم الفرق بين الشبهتين من حيث الحكم من جهة الأدلّة النقليّة ، كما أنه لا فرق بينهما من جهة الدليل العقلي على البراءة ثبوتا ومنعا عند التأمّل أيضا ، فإنا قد بيّنا لك في تقريب حكم العقل هناك : أن القاطع لعذر المكلّف في حكم العقل هو علمه بتوجّه الخطاب الإلزامي إليه تفصيلا أو إجمالا ، لا مجرد علمه بصدور الخطاب من الشارع وإن لم يتوجّه إليه أصلا.

فالبيان القاطع للعذر الموجب لصحة المؤاخذة وحسنها هو هذا المعنى الذي ذكرنا ، فمع انتفائه يقبح في حكم العقل المؤاخذة ، وإن اتفقت مخالفة العمل للواقع فإذا لم يعلم المكلّف بوجود الموضوع الذي تعلّق به الخطاب فلا يعلم بتوجّه الخطاب إليه ، وإن كان أصل تعلّقه في نفس الأمر تابعا لتحقّق موضوعه وإن

١٨٩

لم يعلم المكلّف به فلا فرق بينه من هذه الجهة وبين عدم علمه بصدور الخطاب من الشارع أصلا ؛ فإنه لا يمنع إلاّ من جهة توجّه الخطاب إليه.

وإلاّ فأصل تعلّق الخطاب لا يعقل توقّفه على العلم في الشبهات الحكميّة ، وإن أمكن في الشبهات الموضوعيّة بدعوى وضع اللفظ للمعلوم التفصيلي ، أو انصرافه إليه ، أو قيام الدليل والقرينة الخارجيّة عليه ، إلاّ أنه لا يفيد بعد كون الوقوع على خلافه كما بيّن في محلّه. ومن هنا يرجع إلى البراءة في المقامين فإنّه على التوهّم المذكور ، لم يكن معنى للرّجوع إليها في الشبهات الموضوعيّة أصلا كما لا يخفى.

وبالجملة : مناط الرجوع إلى البراءة في حكم العقل في الشبهة الحكميّة موجود في الشبهة الموضوعيّة مطلقا من غير فرق بين الموضوعيّة التحريميّة والوجوبيّة ، كما أن وجه منعه وحكمه بالاشتغال متحقق في الشبهتين من غير فرق ؛ فإنه كما يحكم العقل ـ في زعم المتوهّم بعد علم المكلّف بصدور الخطاب الإلزامي المتعلّق بالفعل مع تبيّن موضوعه ـ بوجوب تحصيل العلم بالبراءة عنه بفعل كلّ ما يحتمل كونه مصداقا لمتعلّق الخطاب ، كذلك يحكم ـ بعد علمه بصدور النهي عن الشارع وتعلّقه بالموضوع المبيّن مفهوما المشكوك وجوده في الخارج لوجوب تحصيل العلم بالانتهاء ـ بترك ما يحتمل كونه من مصاديق متعلّق النهي من غير فرق بينهما أصلا.

والغرض المهمّ إثبات عدم الفرق بين الشبهتين ، وإلاّ فقد أوضحنا فساد

١٩٠

الشبهة المذكورة في مطاوي كلماتنا بما لا مزيد عليه ، وأنه لا يعدّ مجرّد العلم بصدور الخطاب دليلا على الحكم مع الشكّ في الموضوع والصغرى كما هو الشأن في جميع القضايا ؛ فإن العلم بالنتيجة ، نتيجة العلم بالمقدّمتين لا العلم بالكبرى فقط وإن لم يتوقّف أصل وجود المحمول في نفس الأمر على العلم بتحقّق الموضوع كما لا يتوقّف على العلم بالكبرى أيضا ، وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا ، قد أوضحه شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره في « الكتاب » في هذا المقام وغيره.

ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرنا من جريان دليل البراءة في المقام بين عدم العلم بوجود موضوع الخطاب أصلا ورأسا وبين العلم بوجود موضوعه في الجملة مع تردّده بين الأقلّ المتيقّن والأكثر المشكوك بالشكّ المستقلّ ، كما إذا علم إجمالا بفوائت مردّدة بين الأقلّ والأكثر سواء علم بعينها ولم يعلم عددها ، كما إذا علم بفوت الصبح منه فقط ولكن لا يعلم عددها ، أو لم يعلم بعينها كما إذا علم بفوت إحدى الثنائية والثلاثية منه مع عدم علمه بالعدد ؛ فإنه لا يجب في حكم العقل والنقل الإتيان بالزائد المشكوك في جميع الصور ، كما أنه لا يجب الإتيان بالمشكوك فيما لم يعلم بالفوت أصلا.

كما أنه لا فرق في صورة العلم الإجمالي بين علم المكلّف بعلمه تفصيلا بالفوائت في زمان عقيب الفوت وطروّ النسيان له الذي أوجب تردّده ، وبين عدم علمه بذلك سواء علم بعدم علمه وغفلته ، أو لم يعلم ذلك أيضا ؛ فإن الحكم في جميع ذلك هو البناء على الأصل ونفي الزائد المشكوك فعلا بالأصل هذا.

١٩١

ولكن صريح الأكثرين وظاهر المشهور مخالفة الأصل المذكور في خصوص الفوائت الغير المعلوم عددها فالتزموا بوجوب الاحتياط بإتيان الأكثر ، إلاّ إذا بلغت الكثرة حدّا يوجب الحرج من إتيانه ، فاكتفوا بالظنّ بناء على الأصل الثابت عندهم من قيامه مقامه مطلقا فيما كان في تحصيله الحرج مع اقتضاء الدليل وجوبه من غير فرق بين الأحكام والموضوعات.

بل المحكيّ عن « التذكرة » (١) كما في « الكتاب » (٢) نسبة القول بعدم وجوب الاحتياط إلى الشافعيّة (٣) ولم يلتزموا برفع اليد عن الأصل المذكور في نظائر المسألة ، بل التزموا فيها به على ما حكاه عنهم شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره في « الكتاب » وإن لم أقف على الفرق عندهم بعد التتبّع بحسب وسعي وبضاعتي ، لكنّه قدس‌سره مصدّق في حكايته جدّا ؛ فإنه عالم بمواقع كلماتهم ومحالّها ، مع أنّ مثله يصدّق قطعا فيما كان إخباره عن حدس واستنباط أيضا ، وإن كان استدلالهم لوجوب الاحتياط في المسألة ـ كما هو ظاهر لمن راجع إلى كلماتهم ـ يقتضي عدم الفرق جدّا.

ويكفي في ذلك ملاحظة ما حكاه شيخنا قدس‌سره عنهم قدس‌سرهما في « الكتاب » سيّما ما

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ج ٢ / ٣٦١ طبعة آل البيت.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٧١.

(٣) انظر المجموع : ج ٣ / ٧٢.

١٩٢

حكى عن الشيخ قدس‌سره في « التهذيب » (١) ، فإنه ينادي بأعلى صوته بعدم الفرق كما هو ظاهر ، فيغلب على الظنّ كون مراد شيخنا قدس‌سره عدم وقوفه على حكمهم بوجوب الاحتياط في اشتباه المسألة بعد الفحص في كلماتهم ، فتأمل فيما أفاده في « الكتاب » وإن كان ظاهره استظهار الرجوع إلى البراءة في نظائر المسألة ، لكنّه يقبل الحمل على ما ذكرنا فتدبّر.

وجوه وجوب الإحتياط بالإتيان بالأكثر

ثمّ إنه قد يستدلّ لوجوب الاحتياط والإتيان بالأكثر في مفروض المسألة بوجوه.

أحدها : قاعدة الاشتغال بالبيان الذي ذكره الشيخ قدس‌سره وتبعه غيره وقد عرفت الإشارة إليه ولما كان الاستدلال بها بعد خروج الوقت ومرجع الشكّ بالنسبة إلى الزائد بعد الوقت إلى الشكّ في أصل التكليف المستقلّ ؛ من جهة انحلال العلم الإجمالي بالقياس إلى طرفيه في مفروض البحث إلى معلوم الإلزام ومشكوكه رأسا ، فلا معنى لجريان قاعدة الاشتغال بالنسبة إليه جدّا.

فالاستدلال بها في كمال الفصاحة أراد به شيخنا قدس‌سره تصويرا لمطلبهم بتطبيقه على قاعدة الاشتغال المسلّمة عندنا وعند الكلّ ، على القول بكون القضاء بالفرض

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ / ١٩٨.

١٩٣

الجديد ؛ إذ على القول بكونه بالفرض الأوّل ومن مقتضيات الخطاب المتعلّق بالفعل في الوقت ، لم يكن هناك إشكال في جريان قاعدة الاشتغال إذا شكّ بعد الوقت على هذا القول ، نظير الشكّ في الوقت في إتيان المأمور به ، ولا إشكال ولا خلاف في كون مقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الإتيان به إذا شكّ فيه قبل خروج الوقت.

وحاصل ما أفاده في التطبيق بقوله : « وإن شئت تطبيق ذلك على قاعدة الاحتياط اللازم ... الى آخره » (١) يرجع إلى أن ملاك الفرق بين القولين في باب القضاء من حيث كونه بالفرض الأوّل أو الجديد.

ومنشأ الاختلاف بينهما ـ بعد الاتفاق على كون الفعل في خارج الوقت مطلوبا بالأمر الأوّل على كل تقدير ـ هو أن الدّالّ على إرادة هذا المعنى من الأمر الأوّل وكونه مطلوبا مطلقا ، وفي الوقت مطلوبا آخر ؛ بمعنى لزوم الإتيان به في خصوص الزّمان المعيّن بإرادة مستقلّة من غير أن يكون مقيّدا للأمر بالطبيعة المطلقة المشتركة ، نظير الأمر بالطبيعة المطلقة ، والأمر بتعجيلها وفوريّة الإتيان بها للدّليل الخارجي على القول بكونه بالفرض الجديد ، ونفس الأمر الموقّت على القول بكونه بالفرض الأول.

فالاختلاف إنّما هو في الدالّ على المعنى المذكور ، لا في نفس المعنى وإلاّ

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٧٤.

١٩٤

فالدّليل الخارجي أيضا يكشف عن استمرار مطلوبيّة الطبيعة ، وأن الأمر بها في الوقت من جهة الاهتمام بشأن الوقت ؛ من حيث إن الطبيعة المشتركة ذات مصلحة ملزمة مطلقا وفي الوقت ذات مصلحة ملزمة أيضا ، فهي في الوقت مطلوبة في مطلوب من غير أن يكون ارتباط بين المصلحتين بحيث يوجب التقييد في المطلوبيّة مطلقا ، كما هو الشأن في الشرائط المطلقة.

وهذا هو الفارق بين المسألة ونظائرها من الدين المردّد ونحوه من غير الموقّتات التي لا يجري قاعدة الاشتغال فيها ، ولم يلتزموا بوجوب الاحتياط فيما دار أمره بين الأقلّ والأكثر.

فإن قلت : مقتضى ذلك وجوب الاحتياط فيما شكّ في أصل فوت صلاة بعد الوقت ، مع أنّهم لا يلتزمون به قطعا.

قلت : مقتضى الأصل والقاعدة وإن كان عدم الفرق بين المقام والفرض المزبور ، إلاّ أنّ مقتضى ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد خروج الوقت الفرق بينهما ؛ نظرا إلى انصرافه إلى صورة عدم العلم الإجمالي بالفوت ، فلا يقال : إن مقتضاه أيضا عدم الفرق بين الصورتين. هذا حاصل ما يستفاد من إفاداته قدس‌سره في تقريب جريان قاعدة الاشتغال في خصوص المقام.

وربّما يتمسّك في مورد القاعدة بالاستصحاب أيضا كما في « الكتاب » ، لكنّه كما ترى مبنيّ على مذاقهم من الجمع في موارد القاعدة بينها وبين الاستصحاب ، وهو بمكان من الضعف عند شيخنا قدس‌سره كما عرفت مرارا.

١٩٥

وجوه المناقشة في تقريب جريان قاعدة الإشتغال

وكيف كان لا إشكال في ضعف التقريب المذكور لجريان القاعدة كما أشار إليه في « الكتاب » أيضا.

أمّا أوّلا : فلأن ما أفاده من الفرق بين القولين لا محصّل له أصلا ؛ فإن مرجع القول بكون القضاء بالأمر الأول ، كون الفعل في خارج الوقت أيضا مرادا منه سواء كان الدّالّ عليه نفس الدليل الموقّت ، أو دليل ثبوت القضاء الكاشف في زعمه عن استمرار مطلوبيّة الفعل ، بل التعيّن على هذا القول عند التحقيق الالتزام بالثاني ؛ إذ لا معنى لجعل نفس دليل الموقّت دليلا على مطلوبيّة الطّبيعة في خارج الوقت عند عدم الإتيان به في الوقت كما هو ظاهر.

ومرجع القول بكونه بالفرض الجديد إلى أن مطلوبيّة الفعل في الوقت لمكان مدخليّة الوقت فيها على وجه الإطلاق قد انقطعت بخروج الوقت ، غاية ما هناك قيام الدليل على وجوب تداركه بعد فوته ، فالقضاء واجب آخر لا تعلّق له بالأداء. وإن جعلت بدلالة في الشرع فالفعل في خارج الوقت ، مطلوب بأمر آخر متعلّق بتدارك ما فات عن المكلّف في وقته لا أن يكون مطلوبا بنفس الأمر الأول وكان الدليل القائم على القضاء كاشفا عنه ، فالاختلاف بين القولين راجع إلى الاختلاف في المعنى تعدّد الواجب وعنوانه حقيقة على القول بكون القضاء بالفرض الجديد كما استظهره شيخنا قدس‌سره من كلماتهم.

١٩٦

وأمّا ثانيا : فلأن ما ذكر من منع جريان دليل عدم الالتفات بالشك بعد خروج الوقت في المقام وانصرافه إلى صورة عدم العلم بالفوت أصلا لا شاهد له أصلا ، بعد انحلال العلم الإجمالي في الفرض إلى المعلوم والمشكوك على ما عرفت ، فلا مانع من التمسّك به بالنسبة إلى المشكوك أصلا.

وأمّا ثالثا : فلأنه منقوض بما لو علم الولي الذي يجب عليه القضاء عن الميّت بفوت صلوات كثيرة عنه مردّدة بين الأقلّ والأكثر ، فإنّ ظاهرهم كما في « الكتاب » عدم الالتزام بوجوب الاحتياط على الوليّ في الفرض ، مع أنّه لا فرق بينه وبين المقام أصلا.

نعم ، لو علم الوليّ بتردّد الميّت قبل فوته فيما فات عنه بين الأقلّ والأكثر ، وأهمل في القضاء ، أو غفل عنه ، التزموا بوجوب الاحتياط على الولي بفعل الزائد من حيث كونه واجبا على الميّت في زعمهم ، فيجب على الوليّ من حيث كونه مكلّفا بقضاء ما وجب على الميّت ولو ظاهرا.

ثانيها (١) : أصالة عدم الإتيان بالأكثر في الوقت فيجب قضاؤه في خارجه ، فإنه وإن قلنا بكون القضاء بالأمر الجديد ، إلاّ أنّ الأصل المذكور يحكم بتحقّق موضوع الأمر الجديد وهو فوت الواجب عن المكلّف في وقته.

والقول : بعدم جواز إثبات الفوت بالأصل المذكور ؛ نظرا إلى كونه من الأصول المثبتة.

__________________

(١) ثاني وجوه الإستدلال وجوب الإحتياط بإتيان الأكثر.

١٩٧

فاسد ؛ حيث إن الفوت ليس أمرا وجوديّا لازما لمجرى الأصل المذكور ، بل هو عين عدم الإتيان بالفعل في الوقت الذي هو مجرى الأصل ، فليس من الأصول المثبتة.

والنّقض بالشبهة الابتدائية ، والجواب عنه جاريان بالنسبة إلى هذا الوجه أيضا ؛ ضرورة عدم الفرق في جريان الأصل المذكور بين الشبهتين ، أي : الابتدائيّة والمقرونة بالعلم الإجمالي ، كما أن الجواب بتحكيم قاعدة الشّكّ بعد خروج الوقت على الأصل المذكور كورودها على قاعدة الاشتغال جار في هذا الوجه كالوجه السّابق. والفرق في القاعدة بين الشبهتين بدعوى الانصراف ، جار بالنسبة إلى الوجه المذكور أيضا حرفا بحرف هذا.

ويتوجّه عليه ـ بعد تسليم خروج الأصل المذكور عن الأصول المثبتة ـ أوّلا : بأنه لا وجه لمنع تحكيم قاعدة عدم الالتفات بالشكّ بعد خروج الوقت على الأصل المذكور كما أسمعناك في الوجه السّابق.

وثانيا : بأنه منقوض بما لو علم الوليّ بفوت صلوات كثيرة عن الميّت مردّدة بين الأقلّ والأكثر ونحوه.

والقول : بأن أصالة عدم إتيان الميّت بالمشكوك فوته ، لا يثبت وجوب إتيانه على الوليّ من حيث كونه أصلا مثبتا ؛ حيث إن تكليف الولي متفرّع على تكليفه ، فلا بدّ من أن يحكم أوّلا بمقتضى الأصل المذكور على وجوب إتيانه على الميّت ، حتى يحكم بوجوبه على الوليّ هذا. مضافا إلى احتمال علم الميّت

١٩٨

بما فات عنه وكونه الأقل ، فكيف يحكم بوجوب الإتيان بالأكثر على الوليّ.

فاسد جدّا ؛ فإن العامل بالأصل والمكلّف بإجرائه ، الولي الشاكّ في كميّة ما فات عن أبيه لا الميّت ؛ حتى يقال بعدم العلم بشكّه وتكليفه ، وإن كان متفرّعا على تكليف الميّت إلاّ أنّه محكوم في ظاهر الشرع بمقتضى الأصل المذكور بالبناء على فوت الأكثر منه ، وأنه كان مكلّفا بإتيانه فوجوب الإتيان بالأكثر في حقّه الثابت بالأصل ، موضوع لتكليف الوليّ فليس أصلا مثبتا لما سننبّه عليه في باب الاستصحاب : من أن الحكم الشرعي الثابت بالأصل ـ من غير فرق بين إجراء الأصل فيه ، أو في موضوعه الراجع إلى جعله في مرحلة الظاهر ـ يترتّب عليه جميع لوازمه وآثاره المحمولة على مطلق الحكم الشرعي ، سيّما إذا كان من الأحكام الشرعيّة فتدبّر.

ثالثها : النصّ الوارد في كيفيّة قضاء النوافل الفائتة المردّدة : من أنّ « من عليه من النافلة ما لا يحصيه من كثرته ، قضى حتى لا يدري كم صلّى من كثرته » (١) والتقريب كما في « الكتاب » بوجهين :

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٣ / ٤٥٣ باب « تقديم النوافل وتأخيرها و ... » ـ ح ١٣ ، عنه تهذيب الأحكام : ج ٢ / ١١ باب « المسنون في الصلاة » ـ ح ٢٥ ، والفقيه : ج ١ / ٥٦٨ باب « من كان عليه من صلاة النوافل ... » ـ ح ١٥٧٣ ، عنها وسائل الشيعة : ج ٤ / ٧٦ باب « تأكد استحباب قضاء النوافل ... » ـ ح ٢.

١٩٩

أحدهما : أن المستفاد منه كونه طريقا لتدارك ما فات مع عدم إحصائه من غير فرق بين النافلة والفريضة ، وإن كان مورده النافلة.

ثانيهما : دلالته على حكم المقام بالفحوى من حيث إن مطلوبية الاحتياط بإتيان الأكثر إنّما هي من جهة الاهتمام بشأن المطلب ، ومن المعلوم أن الاهتمام بشأن الفريضة آكد وأقوى فيكون الإتيان بالأكثر فيها مطلوبا بطريق أولى.

وفيهما ما لا يخفى ؛ لأنّ دعوى كون المستفاد منه كونه طريقا للتدارك مطلقا ممنوعة ، وأشدّ منعا دعوى الفحوى والأولويّة.

لأنه إن أريد أولويّة الإتيان بالأكثر في الفريضة الفائتة المردّدة ، فلا نمنعها لاستقلال العقل بحسن الاحتياط ، لكنّه ليس مدّعى المدّعي جزما.

وإن أريد لزوم الإتيان بالأكثر في الفريضة الفائتة المردّدة كما هو المدّعى ؛ فيتوجّه عليه : أنّ مطلوبيّة الاحتياط في النافلة لا يوجب مشقّة على المكلّف ، وهذا بخلاف إلزامها في الفريضة المردّدة. ومن هنا أمر قدس‌سره بالتأمّل عقيب الوجه المذكور ، ويمكن إرجاعه إلى الوجه الأوّل أيضا ؛ لأن المنع متوجّه إليهما معا.

وبمثل ما حرّرناه ينبغي تحرير المقام فإن نظمه في « الكتاب » لا يخلو عن اضطراب في الجملة.

فقد تبيّن ممّا ذكرنا كلّه : أنه ليس هنا ما يصحّ الاعتماد إليه للقول بوجوب الاحتياط في الفائتة المردّدة بين الأقلّ والأكثر كما عن الأكثر ، بل المشهور ، ومن

٢٠٠