بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

الأمر الشرعي بعد ابتنائه على التفضّل. نعم ، يلازم تعلّق الأمر الإرشادي من الشرع والعقل بالفعل ، لكنّه ليس مفيدا بالفرض ؛ لأن حاله حال أصل الأمر بالاحتياط في عدم الاستحباب الشرعي منه.

الثالث عشر : أنه لو ورد خبر ضعيف على اعتبار خصوصيّة في المستحبّات الثابتة في الشريعة كالزيارات والأدعية والنوافل كالوارد في اعتبار الغسل مثلا في الزيارة الجامعة ونحوه ، فهل يحمل المطلقات عليه مطلقا ، أو عند التمكّن من الخصوصيّة ، أو لا يحمل عليه مطلقا وإن حكم بأولويّة الأخذ به عند التمكّن؟ وجوه.

لا إشكال في تعيّن الأخير ، بناء على القول بانصراف أخبار الباب إلى ما يستفاد من قاعدة الاحتياط ، وفي تعيّن أحد الأوّلين بناء على استفادة حجيّة خبر الضعيف من أخبار الباب لو قيل بشمولها للمقام ؛ من حيث رجوع الخبر الضعيف إلى إثبات استحباب كيفيّة خاصّة للفعل ، فيما كان مدلوله نفي الاستحباب عند انتفاء الكيفيّة فتأمل.

وأمّا على ما استظهرنا منها : من دلالتها على استحباب كل فعل دلّ الخبر عليه ، فيشكل الحكم بالتقييد مطلقا ، وإن حكم باستحباب الكيفيّة الخاصّة فهو مستحبّ في مستحبّ حتّى فيما لو دلّ على نفي الاستحباب عند انتفاء الكيفيّة ؛ فإنه من الحيثية المذكورة لا يصدق عليه عنوان البلوغ ، بل يمكن القول بعدم التقييد فيما لو دلّ على تحريم الفعل ذاتا عند انتفاء الخصوصيّة ؛ نظرا إلى عدم

١٦١

حجّيته حتى يقاوم مطلقات العبادة المفروضة ، هذا فيما كان أصل استحباب الفعل بعنوان العموم والإطلاق ثابتا من الأدلة المعتبرة ، وورد الخبر الضعيف على اعتبار خصوصيّة فيه.

وأما لو عكس الأمر ؛ بأن كان أصل استحبابه مستندا إلى قاعدة التسامح ، وورد دليل معتبر على أخذ خصوصيّة فيه بحيث استظهر منه عدم مشروعيّة الفعل عند انتفائها وحرمته ، فالحكم بعدم اعتبار الخصوصيّة والحمل في غاية الإشكال ، وإن كانت الحرمة التشريعيّة لا تزاحم قاعدة التسامح قطعا ؛ نظرا إلى أن الظّاهر منه عدم تحقق امتثال الأوامر المطلقة مع انتفاء الخصوصيّة المفروضة ، فتدبّر.

وفي « الرسالة » في هذا الفرع ما لا يخلو عن إجمال فراجع إليه (١).

__________________

(١) رسالة في قاعدة التسامح في أدلة السنن : ١٦٧.

١٦٢

* التنبيه الثالث :

اختصاص أدلّة البراءة بالشك في الوجوب التعييني

(٣٧) قوله قدس‌سره : ( إن الظاهر اختصاص أدلّة البراءة ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ١٥٩ )

__________________

(١) قال المحقق الخراساني قدس‌سره الشريف :

« ظاهره وإن كان يوهم انه لا مجال لأصالة البراءة فيما لو شك في أصل توجّه الخطاب التخييري من أدلّة البراءة بين الوجوب التخييري والتعييني وإنّما المقصود انه لا مجال لها بعد العلم بتوجّه أصله لو شك في كيفيّته وأنه على التعيين بأن يكون متعلّقا بغير ما شك في وجوبه وإباحته ، أو على التخيير بأن يكون متعلّقا به أيضا » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢٢٧.

* وعلّق عليه الفاضل الكرماني قائلا :

« أقول : من الواضح الجلي أن قاعدة العقاب من غير بيان مجراه ما يحتمل العقاب في فعله أو تركه بأن يكون حراما في الواقع ، أو واجبا فيه ولم يبيّن ذلك للمكلف بدلالة معتبرة عنده من قبله قاطعه لعذر المكلّف ، فهذا هو مجرى القاعدة ، واحتمال العقاب فيما احتمل كونه واجبا تعيينيّا واضح.

أمّا إذا تردّد أمر بين أن يكون مباحا أو واجبا تخييريّا بأن يكون أحد أفراد الواجب المخيّر ، فليس مجرى القاعدة ؛ لعدم احتمال العقاب في تركه ؛ لأنه إن كان مباحا فواضح وكذلك اذا كان واجبا تخييريّا ؛ لأن ترك أحد أفراد الواجب والمخيّر لا يستلزم العقاب بل المستلزم له

١٦٣

أقول : محلّ الكلام فيما ثبت الوجوب قطعا وتيقّن تعلّقه بأحد الفعلين ، وشكّ في تعلّقه بالآخر ؛ بحيث لو تعلّق به كان واجبا تخييريّا. فالمسألة من دوران الأمر بين التخيير والتعيين ، إلاّ أن الكلام فيها في المقام إنّما هو من حيث جريان الأصل في نفي التخيير ، لا في جريانه في نفي التعيين ؛ حتى يترتب عليه ثبوت التخيير ، فإنه كلام آخر لا تعلّق له بالمقام أصلا ، سيجيء عنوانه في « الكتاب ».

ثمّ إن الكلام في محل البحث ، قد يقع من حيث جواز الرجوع إلى أصالة البراءة في نفي التخيير الذي هو المقصود بالبحث في مسائل البحث ، وقد يقع من حيث الرجوع إلى سائر الأصول.

أمّا الكلام من الجهة الأولى ؛ فحاصله : أنه لا ينبغي الإشكال في عدم جريان دليل البراءة بالنسبة إلى نفي الوجوب التخييري مع بقائه على عنوانه وعدم خروجه عنه بالعرض.

أما العقل فعدم جريانه ظاهر واضح ؛ حيث إنه ليس هناك مؤاخذة مشكوكة

__________________

ترك مجموع الأفراد ففي ترك هذا المحتمل للوجوب التخيري ليس احتمال العقاب حتى تجرى فيه القاعدة.

نعم ، احتماله على تقدير أن يترك سائر الأفراد أيضا ومفروضنا هذا الفرد المحتمل له وللإباحة فهذا معنى قول المصنّف : « فلا تجري فيه أدلّة البراءة ».

وأمّا ما ذكره الخراساني فذره في سنبله يكن خيرا لك » إنتهى.

أنظر الفرائد المحشّى : ٢٣١.

١٦٤

محتملة يقصد دفعها بحكم العقل على كل تقدير ؛ فإنه على تقدير الإتيان بما هو المتيقّن وجوبه ، يقطع بعدم العقاب ولو كان المحتمل واجبا تخييريّا. وعلى تقدير تركه يقطع بالعقاب مع ترك المحتمل ولو لم يكن واجبا في الواقع. فليس هنا صورة شكّ يحتمل فيها المؤاخذة يدفع احتمالها بحكم العقل.

نعم ، على تقدير تعذر الإتيان بما تيقّن وجوبه ، يحتمل المؤاخذة على تركه مع قطع النظر عن دليل البراءة ، لكن الوجوب المحتمل في هذا الفرض تعييني لا تخييريّ.

أمّا النقل فانتفاء الإجماع في المقام مما لا شبهة فيه ، وأمّا الكتاب والسنة ؛ فما كان من الآيات والأخبار مساقه مساق حكم العقل ظاهرا في نفي المؤاخذة على الحكم المجهول ، فقد ظهر حاله ممّا ذكرنا في بيان عدم جريان حكم العقل في المقام.

وما لم يكن منهما كذلك فالظاهر منهما ـ بعد التأمّل على ما هو المستفاد من أكثرها ـ هو نفي التكليف المجهول فيما كان ثبوته موجبا لضيق على المكلف فيختصّان بما كان كذلك ، وليس الأمر كذلك في المقام ؛ ضرورة عدم ضيق في الوجوب التخييري في مفروض البحث ، بل فيه سعة على المكلّفين. وما كان له إطلاق يشمل المقام في باديء النظر ينصرف عنه لا للتنافي ؛ لانتفائه قطعا ، بل لوحدة السياق المنساقة من آيات الباب وأخباره كما هو ظاهر للمتأمّل فيهما هذا.

وأمّا الكلام من الجهة الثانية ؛ فقد يقع في إجراء أصالة العدم بالنسبة إلى

١٦٥

الوجوب التخييري المشكوك والطلب المتعلّق بالفعل ، وقد يقع بالنسبة إلى الأمر الوضعي المترتب عليه وهو سقوط المتيقّن به فيما كان السقوط مترتبا على الوجوب ، وقد يقع بالنسبة إليه فيما شكّ فيه على تقدير عدم وجوبه ، وإن كان هذا الفرض خارجا حقيقة عن مسائل البحث ؛ فإنه يفرض مع القطع بعدم الوجوب أيضا.

وأمّا الكلام في إجراء الأصل بالنسبة إلى الحكم التكليفي ، أعني : الوجوب التخييري ، فقد يفرض فيما لو كان الشك فيه مسبّبا عن احتمال إرادته من الأمر بالكلي المشترك بين الفرد المشكوك والفرد المتيقن إرادته ؛ بحيث يقطع بعدم أمر في الشريعة إلاّ بالكلّي المفروض ، مع فرض عدم إطلاق له يجوز التمسّك به ، والحكم بإرادة المشكوك منه والعلم بإرادة الفرد الآخر على كل تقدير بحيث يكون متيقنا كذلك فيكون هنا خطاب واحد حقيقة ، مردّد من حيث المتعلّق في نفس الأمر بين الكلّي بما هو كلّي والطبيعة المطلقة والفرد الذي علم وجوبه وإرادته على كل تقدير ، وإن كان المتعلّق بحسب صورة القضيّة الكلّي. ومن هنا يكون هذا القسم خارجا حقيقة عن الشكّ في الوجوب التخييري المصطلح.

وقد يفرض فيما لو كان الشكّ فيه مسبّبا عن احتمال تعلق أمر بالفرد المشكوك بالخصوص كما تعلّق بالفرد الآخر المتيقّن وجوبه مع العلم بكونه تخييريا على تقدير تعلّقه.

١٦٦

أما الفرض الأوّل (١) : فقد استشكل شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » في جريان الأصل فيه ؛ نظرا إلى ما عرفت وإليه يرجع ما أفاده في وجهه ـ بقوله : « إذ ليس هنا إلاّ وجوب واحد » (٢)(٣) ـ : من أن متعلّق التكليف حقيقة مردّد بين الكلّي بما هو

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره :

( توضيحه : أنه في هذا الفرض أصل الوجوب ثابت بالعلم وإنّما الشك في متعلّقه وأنه الكلي الشامل للمعيّن وغيره ، أو خصوص الفرد المعيّن ، فأصالة عدم وجوب غير المعيّن مرجعها إلى أصالة عدم تعلّق الوجوب بالكلي ، وهي معارضة بأصالة عدم تعلّقه بالمعيّن.

مثلا : علمنا إجمالا بوجوب العتق وشككنا في تعلّقه بمطلق الرّقبة أو خصوص المؤمنة ، فأصالة عدم وجوب عتق الكافرة التي مرجعها إلى أصالة عدم تعلّق الوجوب بعتق مطلق الرقبة معارضة بأصالة عدم تعلّقه بعتق خصوص المؤمنة فلا أصل هذا.

ولكن التحقيق جريان أصل عدم وجوب عتق الكافرة بتقريب آخر :

وهو أن يقال : إنا نعلم في المثال بوجوب عتق المؤمنة في الجملة إمّا عينا وإمّا لكونها فردا للمطلق ؛ فإنّ الوجوب العارض للطبيعة عارض لأفرادها بالعرض لسريان الكلي في أفراده ، وأما وجوب عتق الكافرة فمشكوك فيستصحب عدمه ، ولا يقدح فيه كون شكّه ناشئا عن الشك في تعلّق الوجوب بالمطلق ، ولا يجري الأصل في الشك السببي لمكان معارضته بأصل عدم تعلّق الوجوب بالمقيّد ، وذلك لما تقرّر عند المصنّف وغيره في محله : من أنه لو لم يجر الأصل بالنسبة إلى الشك في السبب لا مانع من جريان الأصل في الشك في المسبب ، نعم لو جرى الأصل بالنسبة إلى السبب لم يبق محلّ لجريان الأصل في المسبّب على ما بيّن في محله ) إنتهى. أنظر حاشية الفرائد : ج ٢ / ٢٠٧.

(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥٩.

١٦٧

كلّي والفرد بما هو فرد ، وليس هناك قدر متيقّن من حيث متعلّق الخطاب ، وإن كان تعلّق الوجوب المردّد بين التعيين والتخيير بالفرد الآخر يقينيّا فتعلّقه بالكلّي في مرتبة تعلّقه بالفرد ، فنفي أحد التعلّقين بالأصل معارض بنفي الآخر فهو في الحقيقة يرجع إلى نفي أحد الحادثين مع العلم بحدوث أحدهما إجمالا ، فيكون من تعيين الحادث بالأصل إن أريد منه التعيين ، فيعارض كما عرفت مضافا إلى كونه أصلا مثبتا ، وإن أريد منه مجرّد النفي دون الإثبات فيقع التعارض بينهما كما عرفت هذا.

ولكن يمكن أن يقال بعدم التعارض بينهما ؛ نظرا إلى العلم بتعلق الإرادة الحتمية بالفرد المتيقن وجوبه وإن لم يعلم كونها بعنوان التعيين ، أو التخيير فنفي الوجوب بالنسبة إلى الكلّي بالأصل فيما ترتب أثر شرعا عليه لا يعارض بنفيه بالنسبة إلى الفرد للعلم بوجوبه على كل تقدير.

نعم ، لا يجوز إثبات الوجوب التعيّني للفرد المذكور بالأصل المزبور ؛ لأنه مضافا إلى كونه مثبتا معارض بنفي التعيين للفرد بالأصل. ومن هنا استشكل شيخنا قدس‌سره في جريان الأصل في الفرض ولم يجزم به هذا.

مع أنه قد يقال : إن المنفي بالأصل في الفرض هو الوجوب بالنسبة إلى الفرد المشكوك ، لا بالنسبة إلى الكليّ. وإن كان شكه مسبّبا عن احتمال تعلّق الأمر

__________________

(٣) أقول : وللسيّد المجدّد الشيرازي قدس‌سره :

هاهنا تعليقة جيّدة أنظر : ج ٤ / ١٣٢ من تقريراته.

١٦٨

بالطّبيعة الكلّيّة وليس وجوبه عين تعلّق الطلب بها وإن كان حاصلا منه فيرجع إليه بعد سقوط الأصل في الشكّ السببي لمكان التعارض أو عدم جريانه لمكان العلم الإجمالي لما ستقف عليه في محله : من عدم كون الأصل في الشك المسبّب في مرتبة الأصل في الشكّ السبب.

ولكنّه محلّ مناقشة : من حيث إن تعلّق الطّلب بالطبيعة الكلّيّة عين تعلّقه بالأفراد ذاتا حقيقة وإن افترقا بالإجمال والتفصيل وبحسب العنوان فليست هنا إرادتان يتبع إحداهما الأخرى على وجه العلّيّة والمعلوليّة ، فمعنى أصالة عدم وجوب الفرد حقيقة ، أصالة عدم تعلّق الأمر بالطبيعة الكليّة فافهم.

ثمّ إن ما ذكرنا من جواز الرجوع إلى الأصل في الفرض على ما عرفت الإشارة إليه إنما هو فيما ترتب أثر شرعي على مورده ومجراه من دون واسطة ، كما أن الحكم بالتعارض أيضا مبني على ذلك ، وإلاّ لم يكن معنى لحكم الشارع بنفي الوجوب في مرحلة الظاهر كما هو ظاهر.

والقول : بأن اعتبار ذلك في جريان الاستصحاب إنّما هو في الاستصحاب الجاري في الموضوع لا في الحكم ، فإنه يترتّب عليه جميع ما لا ينفك من المستصحب من اللوازم مطلقا ـ كما ستقف عليه في باب الاستصحاب ـ فاسد جدّا ؛

لأنّ الحكم الشرعي إنّما هو الوجوب ، وأمّا عدمه فليس حكما وإلاّ كانت الأحكام عشرة لا خمسة على ما نبّهنا عليك في مطاوي ما قدّمناه لك هذا.

١٦٩

وأمّا الفرض الثاني : فلا إشكال في جريان الأصل بالنسبة إلى المشكوك فيما ترتب عليه أثر شرعيّ وعدم جريانه بالنسبة إلى المتيقّن وجوبه حتى يعارض الأصل في المشكوك.

وممّا ذكرنا يظهر لك : أن مراده قدس‌سره من قوله : « وفي جريان أصالة عدم الوجوب تفصيل » (١) هو فرق القسمين من حيث جريان الأصل عدمه من حيث الوضوح والخفاء لا في أصل الجريان وعدمه ، وإن كان ما ذكرنا خلاف ظاهر العبارة في باديء النظر ، هذا بعض الكلام في جريان أصل العدم بالنسبة إلى الحكم التكليفي.

وأما الكلام في جريانه بالنسبة إلى لازمه الوضعي وهو سقوط الواجب المعلوم إجمالا بفعل المشكوك فيما فرض ترتّبه على وجوبه.

فحاصله : أن الظاهر من شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » بل صريحه في وجه جريانه بالنسبة إليه في الفرضين ، لكن قد يناقش فيما أفاده ـ لا من جهة أن نفي التكليف بالأصل يلزمه نفي ما يترتب عليه من الأثر الوضعي ، فلا معنى لإجراء أصل آخر في الأثر الوضعي ، بل ـ : من جهة أن مرجع الشك في السقوط إلى الشك في حصول البراءة عن التكليف النفسي بفعل المشكوك ، والعقل مستقل بعدم جواز الاقتصار عليه فالحكم بعدم السقوط ممّا يستقلّ به العقل عند الشكّ ، فهو من

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥٩.

١٧٠

الأحكام العقليّة لنفس الشكّ والاحتمال ، وليس حكما شرعيّا للمشكوك حتى يحكم بثبوته في مرحلة الظاهر بإجراء أصل العدم.

اللهمّ إلاّ أن يكون مراده قدس‌سره من أصالة عدم سقوط ذلك الفرد المتيقّن الوجوب بفعل المشكوك هو البناء على العدم من جهة قاعدة الاشتغال لا الاستصحاب فتدبّر.

ومما ذكرنا يظهر : أنه لا ريب في الحكم بعدم إسقاطه للواجب فيما شكّ فيه مع القطع بعدم وجوبه لعدم الفرق في حكم العقل ، لكنّه خارج عن فروض محل البحث كما هو ظاهر ، وأما لو قطع بكونه مسقطا وشكّ في كونه واجبا تخييريّا مسقطا ، أو مباحا مسقطا كالسفر المباح المسقط لوجوب الصوم فلا إشكال في عدم جريان الأصل بالنسبة إلى هذا الأثر بأيّ معنى كان.

نعم ، يجري أصل العدم بالنسبة إلى وجوبه فيما حكم بجريانه فيه من الفرضين بالنسبة إلى ما يترتّب عليه من الآثار الشرعيّة ، كما أنه لا إشكال في جريان أصل البراءة بالنسبة إلى وجوبه التعيّني بالعرض فيما فرض تعذّر المتيقّن وجوبه في الفرض كما أنه لا إشكال في جريانها بالنسبة إليه عند تعذّره فيما شك في كونه مسقطا في الفرضين أيضا. وتخصيص الصورة بجريان أصل البراءة مع حكمه بجريانه مطلقا عند الشك في الوجوب التعيّني ولو بالعرض فيما تقدم ليس الغرض منه التخصيص حقيقة ونفي جريانها في غير الفرض ، بل لنكتة توهم وجوب الإتيان به عند التعذّر من جهة العلم بكونه مسقطا فتدبّر.

١٧١

(٣٨) قول الفخر المحكي في الكتاب : ( والمنشأ : أن قراءة الإمام بدل أو مسقط؟ (١) ) (٢). ( ج ٢ / ١٦١ )

__________________

(١) ايضاح الفوائد : ج ١ / ١٥٤.

(٢) قال السيّد المجدّد الشيرازي قدس‌سره :

« ومنشأ تخيّله انه لاحظ الإسقاط بين قراءة الإمام وقراءة المأموم ، مع أنه ليس كذلك بل الصّلاة جماعة مسقطة للقراءة عن المأموم وهي فرد من الصلاة الواجبة فالمسقط هي ، لا قراءة الإمام حتى يكون المسقط مباينا للواجب فافهم » إنتهى.

تقريرات السيد المجدد : ج ٤ / ١٣٧.

* وقال المحقق المؤسّس الطهراني قدس‌سره :

« ومن الغريب توهّم : انه بدل ؛ ضرورة ان عمل الإمام إنّما يجب عليه فلا يقع إلاّ عن نفسه ووقوعه مع ذلك عن غيره مستحيل خصوصا مع عدم القصد بل قصد الخلاف حيث أوقع على هذا الوجه لا سيّما مع الكثرة ، وما يظهر من الأخبار من تحمّل الإمام لصلاة المأمومين ليس معناه ما يتوهّم من تحمّل القراءة ...

وبما حققناه ظهر ما فيما أفاده الأستاذ قدس‌سره قال : وربّما يتخيّل من هذا القبيل ما لو شك في وجوب الإئتمام على من عجز عن القرائة ... إلى قوله : يحتاج إلى دليل. [ ج ٢ / ١٦٠ من الفرائد ].

وفيه : ان كون الايتمام مستحبّا مسقطا لا معنى له فإن الواجب لا يسقط إلاّ بالإمتثال أو بالعذر او تبدّل الموضوع وإنّما الأمر دائر بين كون قراءة الإمام بدلا أو مسقطا كما هو صريح كلام فخر المحقّقين قدس‌سره :

١٧٢

أقول : ابتناء المسألة على ما أفاده قدس‌سره في كمال الاستقامة ، والظاهر مما ورد في تحمّل الإمام عن المأموم القراءة فيما أدركه المأموم في الركعة التي يقرأ فيها كون قراءته بدلا عن قراءة المأموم ، فكأنّ المأموم قار في صلاته.

__________________

ومنه يظهر : فساد قوله : لأن صلاة الجماعة فرد من الصلاة فإنه من البديهيّات ولكن الأمر ليس دائرا بين وجوب الصلاة وكونها مسقطة كما زعمه وإنّما الأمر دائر بين كون الواجب هي القراءة مع عدم اعتبار المباشرة حتى يسقط بقراءة الإمام وبين وجوبها على الشخص تعيّنا واستنادا سقوطها عن المأموم إلى تبدّل الموضوع واختصاص غير التابع في صلاته بالحكم ، وأعجب من ذلك منعه تحقّق العجز فإنّ التمكّن من الصلاة بغير قراءة عبارة أخرى عن العجز عن القراءة ، والصلاة ليست أحد طرفي الشبهة ، بل إنما الشك في القراءة وأنّها هل تجب على المصلّي مطلقا ومع الإيتمام تقوم قراءة الإمام مقام قراءة الماموم او يختصّ غير المأموم بهذا الحكم من أوّل الأمر فتسقط بالإيتمام لا كسقوط التكاليف بالاعذار ، بل بالمعنى الأعم.

وظهر بما حقّقناه : فساد قوله قدس‌سره : ( فتعيّن أحد المسقطين يحتاج إلى دليل ).

فإنه لا معنى لوجوب السقط على الشخص ولا يحتمل أحد تعيّنه بل لا معنى له ؛ لأنّه لم يكن واجبا على البدل مع التمكّن حتى يتعيّن مع العجز وكيف يتعقّل دوران الأمر في المقام بين المسقطين؟

فالعجز مسقط ولا معنى لوجوبه تخييرا أو تعيينا ولا يدور الأمر بينه وبين غيره لتحقّقه والصّلاة من غير قراءة ليست مسقطة ، بل فاقدة لما يحتمل سقوطها عن المصلّي.

والحاصل : ان التعذّر أحد المسقطين باعترافه ودوران الأمر بينه وبين الإيتمام لا معنى له وكأنّه سهو من قلمه الشريف قدّس الله نفسه » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٢١.

١٧٣

وإليه أشار بقوله في أوّل كلامه في وجه تقريب والده قدس‌سرهما وجوب الائتمام على العاجز ، وجه القرب : تمكّنه من صلاة صحيحة القراءة. وشرح الكلام فيما يتعلّق بالمسألة يطلب من الفقه (١).

(٣٩) قوله قدس‌سره : ( ثم إن الكلام في الشكّ في الوجوب الكفائي ... إلى آخره ) (٢). ( ج ٢ / ١٦١ )

__________________

(١) أنظر المبسوط : ج ١ / ١٥٤ ، وتذكرة الفقهاء : ج ٤ / ٢٩١.

وتحرير الأحكام : ج ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، والذكرى : ج ٤ / ٤٦٨.

ومفتاح الكرامة : ج ٣ / ٤٨٥ ، وجواهر الكلام : ج ٥ / ١٨٧ ـ ١٨٨ طبعة دار المؤرّخ العربي.

(٢) قال السيّد المجدّد الشيرازي قدس‌سره :

« إعلم انّ الشك في الوجوب الكفائي يتصوّر على وجوه :

الأوّل : أن نشك في أصله فحينئذ لا إشكال في جريان أصالة عدم الوجوب.

وأمّا أصالة البراءة فتختص جريانها بما إذا تعيّن مورد ذلك الواجب المشكوك فيه ، فيه.

الثاني : أن نشك في تعيين مورده بعد العلم الإجمالي بثبوت وجوب كفائي مردّد بينه وبين غيره بأن لم يكن هو أو صاحبه متيقن الدخول فيه فحينئذ لا تجري أصالة البراءة أيضا إلاّ فيما إذا لم يقم عليه صاحبه ، وأمّا أصالة عدم الوجوب فالظاهر جواز إجراءه في حق نفسه ولا يعارضه أصالة عدم الوجوب في حق صاحبه فإنها لا حكم لها في حق الشاك فلا تصلح للمعارضة.

الثالث : أن نشك في دخوله فيمن ثبت ذلك في حقّهم كما إذا صلّى [ سلّم ] على جماعة وهو منهم وهو يعلم بكون غيره مقصودا بالسلام ولكن نشك في كون نفسه أيضا مقصودا فحينئذ

١٧٤

أقول : الكلام في المسألة قد يقع في جريان أصالة البراءة في حق الشاكّ في ثبوت الوجوب الكفائي بالنسبة إليه ، وقد يقع في جريان أصالة عدم الوجوب في حقّه ، وقد يقع في جريان أصالة عدم سقوط الواجب في حقّ العالمين بالتكليف بفعل الشاك.

أمّا الكلام من الجهة الأولى ؛ فحاصله : أنه لا ينبغي الإشكال في جريان البراءة في حقّه عند ترك العالمين متعلّق الوجوب بهم من غير فرق بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة ، لوجود احتمال المؤاخذة على تركه والحال هذه على تقدير طلب الفعل منه كفاية لو لا دليل البراءة ، فالوجوب الكفائي من هذه الجهة نظير الوجوب العيني لا فرق بينهما أصلا ، فلا يقاس بالوجوب التخييري المشكوك بالنسبة إلى بعض الأفراد في عدم تحقّق المؤاخذة على مخالفته على كل تقدير

__________________

جريان أصالة البراءة أيضا تختص بصورة عدم قيام غيره بردّ السلام ، وأمّا أصالة عدم الوجوب فلا إشكال بوجه حينئذ في جريانها لعدم معارضتها بشيء أصلا فإن الشك فيه حينئذ بدوي كما لا يخفى » إنتهى. أنظر تقريرات السيّد المجدّد : ج ٤ / ١٣٧ ـ ١٣٨.

* وقال المحقّق الخراساني قدس‌سره :

« مجمل الكلام في الوجوب الكفائي : انه لا اشكال في جريان أصالة عدم الوجوب مطلقا في حق الشاك فيه ولو مع علمه بأصل الوجوب لكن مع تحيّره في تعلّقه به أو بغيره أو مع العلم بتعلّقه بغيره ، لكن مع الشك في تعلّقه به أيضا وكذا في جريان أصالة البراءة عند قيام الغير به ، كما لا إشكال في جريان استصحاب بقاء الوجوب وقاعدة الإشتغال في حق الشاك في سقوطه بعد ثبوته في حقّه فتدبّر جيّدا » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢٢٨.

١٧٥

على ما عرفت.

فما يظهر من « الكتاب » في ابتداء النظر : من كونه كالوجوب التخييري المشكوك من حيث عدم جريان البراءة فيه كما ترى. اللهم إلاّ أن يحمل ظهور الكلام في الوجوب الكفائي من حيث جريان البراءة من الكلام في الوجوب التخييري من حيث عدم الجريان ؛ نظرا إلى عدم تطرّق الوجه المذكور لعدم الجريان فيه في الوجوب الكفائي لكنّه كما ترى ، لا يخلو عن تكلّف وتمهّل.

أمّا الكلام من الجهة الثانية : فلا إشكال في كون حكمه من هذه الجهة أيضا حكم الوجوب العيني من غير فرق بينهما أصلا. فلو فرض ترتّب حكم شرعيّ على خصوص الوجوب الكفائي ، أو مطلق الوجوب غير جواز الفعل في مرحلة الظاهر المترتّب على الشكّ في التكليف بمقتضى دليل البراءة يترتّب على الأصل المذكور ، فحينئذ لا يجوز له الجواب عن السّلام في فرض « الكتاب » حال الصّلاة على تقدير قصد ردّ التحيّة منه.

نعم ، لو قصد الدعاء خرج عن الفرض ويكون جوازه مبنيّا على جواز مطلق الدعاء في الصلاة.

وأمّا الكلام من الجهة الثالثة : فلا إشكال في عدم جواز القناعة بفعله لمن علم بتوجّه الخطاب الكفائي إليه ، لا من جهة أصالة العدم ، بل لما عرفت من ترتّب الحكم بعدم السّقوط في مرحلة الظاهر على مجرّد احتمال عدمه وإن كان الاستناد فيه إلى أصالة عدم الوجوب ، بل إلى البراءة الجاريتين في حقّه ربّما يكون جائزا في وجه.

١٧٦

* المسألة الثانية :

الشبهة الوجوبيّة من جهة إجمال النّص

(٤٠) قوله قدس‌سره : ( قال في « الحدائق » بعد ذكر وجوب التوقّف ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١٦٢ )

أقول : وأنت خبير بأنه لم يعهد من أحد جعل البراءة مرجّحة للاستحباب في الفرض ؛ حتى يتوجّه عليه ما ذكره ثانيا (١) ، مع أنّه لا محصّل له عند التأمّل على تقدير الترجيح بالبراءة ؛ فإنّ حاصله يرجع إلى أنه يظنّ بملاحظة أصالة البراءة كون الحكم الواقعي الاستحباب فيما دار الأمر بينه وبين الوجوب ، وأين هذا من

__________________

(١) قال المحقق الشيخ رحمة الله الكرماني قدس‌سره :

« أقول : لا يخفى أن اللفظ اذا كان مجملا مردّدا بين الوجوب والإستحباب مثلا بدون قرينة على أحدهما فمطلق الطلب متيقّن ، والمنع من النقيضين أمر زائد مشكوك فيه نعرفه بمقتضى قبح التكليف بلا بيان ، ولازم رفعه جواز النقيض فيتم بذلك جنس الإستحباب وفصله ، فحكم به حكما ظاهريّا مع اعترافنا باحتمال أن يكون الحكم الواقعي الوجوب إلاّ أنا لسنا مكلّفين بمقتضى القاعدة المذكورة بالزائد على ذلك وأين هذا من الحكم بأن الحكم الواقعي المجعول للعباد غير المقيّد بالعلم والجهل الإستحباب لموافقته للبراءة الأصليّة » إنتهى. أنظر الفرائد المحشّى : ٢٣٢.

١٧٧

القول بأن الله تبارك وتعالى حكم بالاستحباب من جهة موافقة البراءة؟!

(٤١) قوله قدس‌سره : ( نعم ، الأخبار المتقدّمة في من بلغه الثواب لا تجري هنا (١) ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١٦٤ )

أقول : لا إشكال في عدم العلم بصدق العنوان المأخوذ في أخبار التسامح عند احتمال الإباحة أو الكراهة ، وقد أشرنا عند الكلام في مسألة « التسامح » إلى فساد من زعم جريانه من جهة الأخبار في باب ضعف الدلالة وإجمالها وقصورها ، مع أنه على هذا الزعم الفاسد إنّما يمكن التمسّك بها في دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب والإباحة ، أو الوجوب والإباحة لا في دوران الوجوب والاستحباب والكراهة ، أو الوجوب مع الكراهة على ما عرفت شرح القول فيه عند الكلام في المسألة.

كما أنه لا إشكال في عدم الحاجة إلى الأخبار لإثبات أصل الرجحان في دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب من حيث كونه قطعيّا بعد العلم الإجمالي بوجود إحدى الخصوصيتين ، فيحكم بترتّب الحكم المترتّب على مطلق الرجحان في الفرض من غير حاجة إلى شيء ، بل يحكم بترتّب الحكم المترتّب على العلم

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره :

( يعني بالقياس إلى هذا الخبر المجمل وأمّا بالقياس إلى ورود خبر آخر ضعيف ـ لو فرض ـ فتجري أخبار التسامح كما لا يخفى ) إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٢١٣.

١٧٨

بوجود إحدى الخصوصيّتين ولو إجمالا لتحقّقه بالفرض.

فلو قيل بتوقّف صحّة العبادة على تقدير الأمر ولو إجمالا ، وعدم كفاية قصد مطلق الرجحان الذي هو بمنزلة الجنس للوجوب والاستحباب ، حكم بالصحّة في المقام عند قصد امتثال الأمر الواقعي المردّد بينهما. نعم ، لا يجوز ترتّب الحكم المترتّب على أحد الخصوصيّتين بخصوصها لعدم المعين لها.

والقول : بأنه يثبت الاستحباب بنفي المنع من الترك بالأصل الذي هو فصل الوجوب كما زعم.

فاسد جدّا ؛ من حيث كونه أصلا مثبتا كفساد إثباته بما ورد في « باب التسامح » من حيث إن المستفاد من مساقه غير ما علم ثبوت الأمر من الشارع ولو إجمالا ، فما أفاده قدس‌سره في « الكتاب » بقوله : « ولو دار بين الوجوب والاستحباب ... الى آخره » (١) يراد به نفي الاحتياج من حيث إثبات الاستحباب كما لا يخفى.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٦٤.

١٧٩

* المسألة الثالثة :

الشبهة الوجوبيّة من جهة تعارض النصّين

(٤٢) قوله قدس‌سره : ( المسألة الثالثة : فيما اشتبه حكمه الشرعي ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١٦٥ )

أقول : حكم ما تعارض فيه النصّان المتكافئان في جميع مسائل البحث من الشكّ في التكليف والمكلّف به من حيث القاعدة ، والأصل الأوّلي حكم ما لا نصّ فيه ، وما أجمل فيه النصّ منها من حيث الرجوع إلى البراءة أو الاحتياط سيّما إذا جعل الغاية في المرسلة ورود النهي والأمر السليمين على ما عرفت الكلام فيه ، حتى لو قيل بكون مقتضى الأصل التخيير في تعارض النصّين ؛ نظرا إلى القول باعتبارهما من باب السّببيّة لا الطريقيّة ـ على ما ستقف على شرح القول فيه في الجزء الرابع من التعليقة ـ فإنه بالملاحظة الثانوية أيضا فتدبّر.

كما أنه يغايرهما من حيث الحكم عندنا في جميع المسائل بالنظر إلى الأخبار القاضيّة بالتخيير بين النصّين المتكافئين ـ كما ستقف على شرح القول فيه في محلّه ـ فإذن لا معنى للحكم بوجوب الاحتياط في المسألة إستنادا إلى ما اقتضاه في عموم الشبهة لما عرفت حاله في المسائل المتقدّمة.

كما أنه لا يجوز الحكم به من جهة ما دلّ على التوقّف والاحتياط في

١٨٠