بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-283-8
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٨٨

العبادات اتفاقا ، وهو يتوقف على العلم بالأمر تفصيلا أو إجمالا ، والمفروض انتفاؤه فلا يكون الاحتياط مشروعا من حيث توقّفه موضوعا على إتيان الواقع على تقدير ثبوته بجميع ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا ، والمفروض عدم إمكانه في المقام.

والقول : بأن الأمر المتوقّف عليه قصد التقرّب لا يلزم أن يكون واقعيّا ، بل يكفي العلم بالأمر الظاهريّ الشرعي ـ ومن هنا يقصد التقرّب بما يكون واجبا في مرحلة الظاهر من جهة قيام الطريق الشرعي عليه اجتهادا أو تقليدا ـ كما لا يلزم أن يكون أمرا وجوبيّا ، والفعل المأتي به بعنوان الاحتياط متعلّق بالأمر الندبي الظاهري الشرعي ، بعد فرض استقلال العقل بحسنه ورجحانه بملاحظة كشفه عن الأمر الشرعي بقاعدة التطابق والتلازم ، أو من جهة الأوامر الشرعيّة المتعلّقة به المحمولة على الاستحباب بعد الصّرف عن الوجوب ، ولو فرض كون حسنه العقلي فاعليّا لا يوجب رجحان الفعل والمدح عليه عقلا.

فاسد جدّا : من جهة أن الأمر المستكشف من قاعدة التلازم في المقام كالأوامر المتعلّقة بعنوان الاحتياط في الشرعيّات لا يكون أمرا مولويّا بل إرشاديا محضا ، فلا يوجب موافقته تقرّبا نظير الأوامر المتعلقة بعنوان الإطاعة ؛ فإن إطاعتها لا يوجب تقرّبا ولا يترتّب عليها الأجر والثواب ، بل حسن الاحتياط عند التحقيق من جهة كونه نحوا من الانقياد والإطاعة ومن مراتبها ، فكما أن الأمر بالإطاعة لا يصلح لجعل المأمور به عبادة بالمعنى الأخصّ من حيث انطباق

١٠١

الإطاعة عليه ، وإلاّ كان كل واجب واجبا عباديّا فكذلك الفعل المنطبق عليه الاحتياط لا يمكن أن يصير عبادة من جهة قصد التقرّب بإطاعة الأمر المتعلّق بعنوان الاحتياط.

وهذا هو المراد بقوله قدس‌سره : « كما أن إطاعة الأوامر المتحقّقة لم تصر عبادة » (١) وإن كانت العبارة لا يخلو عن شيء هذا.

واستدل للجواز تارة : بمنع توقف قصد التقرّب مطلقا على العلم بالأمر الشرعي المولوي بأحد الوجهين ، بل يكفي فيه احتماله ، بمعنى : أنه يلزم أن يجعل الداعي في العبادات المحققة امتثال الأمر اليقيني المتعلّق بها ، وفي العبادات المحتملة امتثال الأمر الاحتمالي المتعلّق بها كلّ على حسبه ، بل التحقيق على ما أسمعناك شرح القول فيه في الجزء الأول عند الكلام في الظن : أن الذي يقصد التقرّب بامتثاله فيما أدّى الطرق الشرعيّة إليه من العبادات : هو الأمر الواقعي الذي يحكي عنه الطرق لا أوامر الطرق ؛ حيث إنها غيريّة محضة لا يوجب إطاعتها قربا أصلا.

وأخرى : بمنع توقف العبادة وقصد التقرّب على جعل الدّاعي امتثال الأمر المتعلّق بها ولو احتمالا ، بل يكفي رجحانها وحسنها العقلي وإن لم يتعلّق بها أمر شرعي أصلا. ألا ترى أنه يصح الإتيان بالوضوء بعد دخول الوقت بداعي الغايات

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥١.

١٠٢

المستحبّة مع استحالة تعلّق الأمر الندبي به لأجلها من حيث تعلّق الأمر الوجوبي به المانع من تعلّق الأمر الندبي؟

ومن هنا قال ثاني الشهيدين قدس‌سرهما في « الروضة » وغيره في غيرها : إنّ الوضوء قبل الوقت لا يكون إلاّ مستحبّا وبعد الوقت لا يكون إلاّ واجبا ؛ نظرا إلى أن تعدّد غاياته لا يوجب الاختلاف فيه وتعدّد عنوانه (١). وهذا بخلاف الغسل ، ولذا قيل بتداخل الأغسال من حيث المسبّبات ، ولم نقل بذلك في الوضوء وإنّما التداخل فيه من حيث الأسباب.

بل التحقيق : كون الوجه في عباديّته رجحانه النفسي ، وإلاّ فالأمر المتعلّق به سواء فرض كونه وجوبيّا أو ندبيّا ليس إلاّ غيريّا لا يصلح لجعله عبادة ، فليس المصحّح لكونه عبادة إلاّ رجحانه النفسي الذي لا يوجب تعلّق الأمر النفسي به دائما من جهة قضاء الضرورة بتضادّ الوجوب والاستحباب ، ولو كان أحدهما نفسيّا والآخر غيريّا.

بل التحقيق : استحالة اجتماع الاستحباب النفسي الغيري أيضا كما حققناه في محلّه ، وإن زعم بعض المحقّقين ممن قارب عصرنا خلاف ذلك ، وأن الاختلاف بالنفسيّة والغيرية يوجب رفع التضادّ بين الأحكام مطلقا حتى إذا كان أحدهما أمرا والآخر نهيا ، فأيّ مانع من أن يجعل المقرّب نفس عنوان الاحتياط الراجح ذاتا وإن كان الأمر المتعلق به إرشاديّا؟

__________________

(١) الروضة البهيّة : ج ١ / ٢٣ طبعة مكتب الإعلام الإسلامي.

١٠٣

ومناط هذا الوجه وإن لم ينفكّ عن الوجه الأول ؛ حيث إنّ جميع موارد الاحتياط لا ينفكّ عن احتمال الحكم الإلزامي الواقعي في محل البحث ، إلاّ أنّ الحيثيّة مختلفة.

بل التحقيق : أنّ الوجهين مختلفان من حيث الذات من غير أن يجتمعا مصداقا أصلا ، وإن كان في مورد وجود الاحتياط احتمال الأمر موجودا دائما فليس الاختلاف بينهما بمجرّد الحيثيّة فتدبّر.

ثمّ إن كلامه قدس‌سره في بيان وجه الجريان من حيث الاستناد إلى الوجه الأول ، أو الثاني ، أو هما معا ، لا يخلو عن تشويش ، وقد يستفاد منه اتحادهما ، وإن كان الظاهر منه بعد التأمّل الاستناد إلى الوجه الثاني ، وعليك بالتأمل في أطرافه.

ثمّ لا يخفى عليك أن ما حكاه عن الشهيد قدس‌سره في « الذكرى » (١) : من الاستدلال لحكم المقام ، أعني : مشروعيّة إتيان ما يحتمل الوجوب العبادي سواء كان من جهة اشتباه الحكم ، أو الموضوع وإن كان البحث المحرّر في « الكتاب » في الأول بالآيات المذكورة ، مبنيّ على إرادة معنى الاحتياط من التقوى ولو بقرينة قوله تعالى : ( حَقَّ تُقاتِهِ )(٢) وقوله : ( مَا اسْتَطَعْتُمْ )(٣) بحيث يشمل الشبهة الوجوبيّة.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ج ٢ / ٤٤٤.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) التغابن : ١٦.

١٠٤

وأمّا لو أريد منها ما يساوق الاحتياط في خصوص الشبهة التحريميّة وما يساوق الاجتناب عن المحرّمات ، فلا تعلّق للآيات بالمقام كما هو ظاهر.

(٣٥) قوله قدس‌سره : ( والتحقيق : أنه إن قلنا ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ١٥٢ )

في ان ما ذكر مستلزم للدور وجوابه النّقضي والحلّي

أقول : حاصل ما أفاده قدس‌سره من الاعتراض على الاستدلال بالآيات في المقام ـ الظاهر في الالتزام بتوقّف العبادة على العلم بالأمر تفصيلا أو إجمالا سواء كان واقعيّا أو ظاهريّا حيث إنّه على تقدير القول بكفاية مجرّد احتمال الأمر في مشروعيّة العبادة لا يكون ثمّة حاجة أصلا إلى التمسّك بتلك الآيات كما هو ظاهر ـ :

أنّ الاستدلال بظاهر أوامر التقوى كأوامر الاحتياط لإثبات المشروعيّة

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره الشريف :

« يرد على الإستدلال على شرعيّة إتيان المحتمل بالآيات المذكورة : أن حمل أوامر التقوى والمجاهدة على المولوي يوجب استعمال لفظ الأمر في معنيين ؛ لأنّ مفهوم التقوى ليس مجرّد إتيان المحتمل بل يشمل إتيان الواجبات المعلومة وترك المحرّمات المعلومة ، ولا ريب أنّ الأمر بالتقوى بالإضافة اليهما إرشادي محض ، فلو كان ذلك الأمر بعينه مولويّا باعتبار شمول التقوى لإتيان المحتمل لزم استعمال لفظ الأمر في المعنيين حيث لا جامع بين الطلب المولوي والإرشادي على ما حقّق في محلّه » إنتهى.

أنظر حاشية الفرائد : ج ٢ / ١٩٤.

١٠٥

يكون دوريّا ؛ حيث إن تحقّق موضوع التقوى كموضوع الاحتياط على القول بتوقّف مشروعيّة العبادة على العلم بالأمر ، يتوقّف على الإتيان بمحتمل العبادة بجميع ما له دخل فيه شطرا أو شرطا حتى قصد القربة المتوقف على العلم بالأمر كما هو المفروض. وليس هناك أمر محقّق بالفرض إلا الأمر بالتقوى المتوقف على التقوى المتوقّفة على الأمر ؛ حيث إن الأمر في مرتبة المحمول للمأمور به ، فيلزم توقّف الأمر بالتقوى عليها ، وتوقّفها عليه ، وهذا دور ظاهر.

فإن شئت قلت : إن مدلول الهيئة من عوارض مدلول المادّة الذي هو فعل المكلّف يتوقف عليه لا محالة ، فلو فرض توقفه على مدلول الهيئة يلزمه الدور الباطل ، ولا يلزم هذا على القول بكفاية مجرّد الاحتمال ؛ ضرورة وجود احتمال الأمر الواقعي مع قطع النظر عن مطلوبيّة الاحتياط هذا.

وحاصل ما أفاده في الجواب عن الاعتراض يرجع إلى وجهين :

أحدهما : النقض بالعبادات المحقّقة التي يعلم تعلّق الأمر بها في الشريعة ؛ حيث إن المفروض ثبوت مشروعيتها بتلك الأوامر المتوقّفة على قدرة المكلّف على الإتيان بها بجميع ما له دخل فيها شرطا أو شطرا التي منها قصد التقرب المتوقّف على العلم بالأمر. والمفروض أنه لا أمر هناك إلاّ تلك الأوامر فيتوقّف العبادة التي هي مدلول المادّة على الأمر الذي هو مدلول الهيئة العارضة على المادّة فيلزم الدور.

ثانيهما : الحلّ ، وبيانه : أن المراد من المأمور به الذي هو معروض الهيئة هو

١٠٦

الفعل الجامع لجميع ما يعتبر فيه بأحد الوجهين عدا نيّة التقرّب ، فلم يؤخذ قصد التقرّب المتوقّف على العلم بالأمر في المأمور به حتى يلزم الدور ؛ فإن قصد القربة ليس في عداد سائر الشرائط المأخوذة في المأمور به وفي عرضها ومرتبتها ، وإنما هي مأخوذة في الإطاعة المتأخرة عن الأمر. فكيف يعتبر في المأمور به المقدّم على الأمر فيقال : إنّ المراد من الصّلاة مثلا المتعلّقة بها الأمر هو الفعل الجامع لجميع الأجزاء والشرائط من غير أن يلاحظ فيها قصد التقرّب؟ وبعد قيام الدليل على كونها عبادة يحكم بوجوب إيجادها بعنوان العبادة وامتثال أمر الشارع المتوقف على الأمر ، المفروض تعلّقه بها مجرّدة عن قصد التقرّب.

وكذلك يقال في التقوى والاحتياط وإن المراد من عنوانهما المنطبق على العبادة المحتملة هو الفعل القابل للوجوب بجميع ما له دخل فيه عدا نيّة التقرّب ، فالفعل يتعلّق به الأمر الندبي مجرّدا عن قصد الامتثال ، فإذا فرض كون المحتمل عبارة على تقدير وجوبه يؤتى به بداعي امتثال أوامر التقوى والاحتياط ، والذي يشهد لما ذكر من تجريد الفعل عن قصد الأمر استقرار سيرة المجتهدين على الفتوى باستحباب الفعل المذكور وإن لم يعلم المقلّد بكونه محتمل الوجوب ، فضلا عن أن يوجبون (١) عليه الإتيان به لداعي امتثال الأمر المحتمل ، ولو أريد بالاحتياط معناه الظاهر لم يجز للمفتي أن يفتي باستحبابه على الوجه المزبور.

__________________

(١) كذا والصحيح : أن يوجبوا.

١٠٧

هذا حاصل ما أفاده في دفع الإشكال والاعتراض على استدلال الشهيد قدس‌سره وهو كما ترى ، مبنيّ على الإغماض عمّا أفاده قدس‌سره : من كون الأمر بالاحتياط إرشاديّا محضا لا يوجب إطاعته تقرّبا والبناء على كونه أمرا شرعيّا مولويّا ، وإلاّ لم يكن الجواب المذكور مفيدا بالنسبة إلى أوامر الاحتياط أصلا كما لا يخفى ، بل الأمر بالنسبة إلى أوامر التقوى ونحوها كذلك ؛ فإن حالها حال أوامر الاحتياط من حيث كونها إرشاديّا محضة على ما هو الظاهر منها هذا.

وقد يناقش فيما أفاده من الجواب الحلّي ـ مضافا إلى منافاته لما عليه ظاهر الفقهاء ( رضوان الله عليهم ) واستظهره منهم من اعتبار النيّة في العبادات شرطا أو شطرا ـ : بأنه إذا فرض عدم دخل النيّة في العبادة بأحد الوجهين من حيث استحالة أخذها فيها كمّا وكيفا ، فما الفارق بينها وبين الواجب التوصّلي؟ مع أن كلماتهم تنادي بأعلى صوتها بانحصار الفارق بينهما بتوقف الصحة في العبادات على قصد التقرب ، وعدم توقفها عليه في الواجبات التوصّليّة.

فإن جعلت الفارق بينهما كون الإطاعة المتوقّفة على قصد الامتثال والمتقوّمة به مطلقا معتبرة في العبادات دون غيرها من التوصّليّات ، عاد الإشكال المذكور ؛ فإن اعتبار الإطاعة في العبادة مع استحالته لا بد أن يكون بأحد الوجهين.

فإن جعلت الفارق كون سقوط الأمر في العبادة موقوفا على الإطاعة دون غيرها ، يقال : إنه ـ بعد البناء على عدم أخذها في العبادة وعدم دخلها في المأمور

١٠٨

به أصلا ـ لا معنى لاعتبارها في سقوط الأمر ؛ إذ لا مقتضي له أصلا على هذا التقدير.

وهذا الإشكال كما ترى لا تعلّق له بخصوص المقام ، بل يجري في العبادات المحقّقة أيضا. كما أن التفصّي عنه يجري بالنسبة إليها أيضا على ما عرفته من كلام شيخنا قدس‌سره.

وجوه دفع المناقشة المزبورة

ويمكن دفع المناقشة المذكورة بوجوه :

أحدها : أنه كما يمكن أن يكون المراد من الأمر بالشيء والغرض منه والداعي عليه أعمّ منه ، مع قصور الأمر عن التعلّق به ـ كما هو مطّرد في الواجبات التوصّلية ؛ حيث إنه يسقط الأمر المتعلّق بها إذا وجدت من دون قصد واختيار ، بل كثيرا ما تسقط بفعل الغير ولو لم يكن مكلّفا مع استحالة تعلّق الأمر بالعنوان الأعمّ من الاختيار وغيره ، ومن فعل النفس وفعل الغير ، ويوجد أحيانا في العبادات أيضا ، كما في عبادة الناسي لما حكم بسقوط الأمر مع نسيانه من الأجزاء والشرائط والتارك جهلا لما حكم بسقوطه معه وغير ذلك ، وكما في الطهارة الحدثيّة فيما لم يتمكّن من إيجادها مباشرة في وجه ، وفي العبادة التبرعيّة من الميّت في القضاء عنه مع فرض وجوبها على الوليّ على تأمّل ظاهر في كونها من قبيل المقام ، وإن توهّمه بعض على خلاف التحقيق ؛ من حيث إن الأمر المتعلّق

١٠٩

بالولي من حيث كونه مأمورا بإبراء ذمة الميت توصّلي ـ كذلك يمكن أن يكون أخصّ من المأمور به بحيث يكون المأخوذ في حصوله ما لا يمكن أخذه في المأمور به لقصور تعلّق الأمر به مع أخذه كما في قصد القربة في العبادات.

وهذا المعنى وإن كان على خلاف ظاهر القضيّة اللفظية حيث إن ظاهرها انطباق الغرض والمقصود على ما تعلّق به الأمر ، إلاّ أنه لا بدّ من الالتزام به بعد قيام الدليل على كون الواجب عبادة.

وهذا هو المراد ممّا ذكره بعض أفاضل مقاربي عصرنا أو عاصرناه في بيان عنوان أخذ قصد التقرّب في العبادات من كونه مأخوذا في المأمور به الواقعي الظاهري (١) ؛ فإنّ المراد مما أمر به واقعا في كلامه في مقابل الظاهري حسب ما يفصح عنه كلماته ليس ما يتراءى من ظاهر اللفظين في باديء النظر بالنظر إلى المعنى المعروف ، بل المراد به ما تعلّق إرادة الشارع به واقعا ويحكي عنه الأوامر اللفظيّة بحسب الدلالة الالتزاميّة.

ثانيها : أن ما وجب في الشرع إنّما هو من جهة عنوان ينطبق عليه ، أو واجب عقلي متّحد معه وجودا ، ومن هنا ذكر المتكلمون من أصحابنا وغيرهم : أن الواجبات السمعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقلية.

وقد أشير إلى هذه المقالة في الكتاب العزيز ، يقول جل قائله وعز اسمه

__________________

(١) صاحب الفصول قدس‌سره.

١١٠

تبارك وتعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ )(١) ولمّا كان الغرض والعنوان المذكور معلوما في الواجبات التوصّلية فحكم بدوران سقوط الأمر مدار حصوله كيف ما اتفق وحصل ، ولو من غير اختيار المكلّف ، أو بفعل الغير.

ولمّا لم يكن حقيقته معلومة في الواجبات التعبّدية وإن علم إجمالا بوجوده واعتباره في سقوط الأمر المتعلّق بها ، فيحكم من جهة لزوم تحصيل القطع بوجوده ، بلزوم الإتيان بالمأمور به بعنوان الإطاعة والامتثال حتّى نقطع بحصوله من حيث احتمال توقّف وجوده على إيجاد الفعل بعنوان المباشرة والاختيار والامتثال وعدم كفاية وجود الفعل بعنوان الإطلاق في ترتّبه عليه وانطباقه معه ، وهذا أمر ممكن معقول ، فوجوب إيجاد الفعل بقصد الإطاعة والامتثال في العبادات إنّما هو من جهة توقّف القطع بسقوط الغرض الموجب لسقوط الأمر عليه ، ومن باب الاحتياط اللازم حقيقة لا من جهة دخله في المأمور به بأحد الوجهين في مرحلة الواقع ـ كما عرفت ـ أو الظاهر.

وهذا نظير الوجه الذي ذكروه لاعتبار قصد الوجه في العبادات على ما عرفت الكلام فيه ، ولعلّك تعرفه أيضا في بعض المسائل الآتية إن شاء الله تعالى. وقد ذكر المحقق القمي قدس‌سره في « القوانين » في بيان الفرق بين الواجب العبادي والتوصّلي ما يرجع إلى ما ذكرنا فراجع إليه.

__________________

(١) العنكبوت : ٤٥.

١١١

ثم إن هذا الذي أفاده قدس‌سره وإن لم يخل عن النقض والإبرام ، بل عن بعض المناقشات طردا وعكسا كما يظهر من الرجوع إلى « الفصول » ، بل لا يساعده كلماتهم بظواهرها ، إلاّ أنه لا ضير في الالتزام به في دفع المناقشة المذكورة في المقام إذا انحصر الوجه فيه ولم يكن هناك مدفع.

ثالثها : أنه قد قام في الواجب التعبّدي ما يقضي بمدخليّة حصول عنوان الإطاعة والامتثال في سقوط الأمر المتعلّق بذات الفعل مجرّدا عن اعتبار قصد القربة فيه ، ويعلم أن هناك جهة توجبه عند الشارع وإن لم نعلمها بعينها ولا يتوقف قصد التقرّب في إتيان الواجب على العلم التفصيلي بما أوجب اعتباره في سقوط الأمر المتعلّق به ، وهذا مطّرد في جميع الموارد حتى في مسألة نسيان ما لا يوجب بطلان العبادة أو الإخلال بما لا يوجبه جهلا ؛ لأن قصد الإطاعة مفروض من الناسي والجاهل مع غفلتهما عن مخالفة المأتي به للمأمور به كما ستقف على شرح القول فيه في محلّه ، وفي مسألة سقوط المباشرة في الطهارة الحديثة عن العاجز ؛ حيث إن الفعل لا يخلو عن قصد الامتثال من المكلّف ، أو عن المباشر ، أو هما معا على الخلاف. وهكذا في سائر ما توهّم الصحّة مع عدم القصد ، ولا يكاد يخفى عليك الفرق بين هذه الوجوه.

رابعها : ما يستفاد من كلام بعض الأفاضل ممّن عاصرناه :

« من أن غاية ما قضى به البرهان : هو التمكّن من الفعل والقدرة عليه عند إيجاده لا في زمان الأمر به ، والمكلّف قادر في العبادات على إيجادها بقصد

١١٢

الإطاعة في زمان الفعل المتأخّر عن زمان الأمر لفرض سبق الأمر به وإن لم يكن قادرا عليه في زمان الأمر ، ولا امتناع في تأثير الأمر في القدرة على متعلّقه في زمان وجوده ؛ إذ لا برهان يقضي باستحالته.

لا يقال : إن تصوّر الموضوع مقدّم على المحمول ، وكيف يتصوّر الموضوع المأخوذ فيه عنوان متأخر عن المحمول؟

لأنّا نقول : المتصوّر هو الفعل الذي يوجد بقصد القربة في الزمان المتأخر عن الأمر ، وهذا معنى معقول وإن توقف وجوده الخارجي على سبق الأمر » (١). وهو كما ترى ، لا محصّل له عند التأمّل.

وهنا بعض وجوه أخر في كمال الضعف والسقوط مثل :

أن الامتناع إنّما هو إذا كان الدليل على اعتبار القصد نفس الأمر لا الدليل الخارجي من إجماع وغيره.

فإنه كما ترى ؛ حيث إنّ برهان الامتناع كيف يعقل الفرق فيه بين اختلاف الدليل من حيث الداخل والخارج مع كون الخارج كاشفا عن المراد ومبيّنا للمأمور به؟

إلى غير ذلك ممّا يتلو الوجه المذكور في ظهور الضعف ، هذه غاية ما يقال في دفع الإشكال المذكور في المقام.

__________________

(١) لم نعثر عليه عجالة.

١١٣

لكنه كما ترى لا يقتضي تجريد عنوان الاحتياط عن حقيقته ، ورفع اليد عنه ، وحمله على إرادة مجرّد الإتيان بالفعل ولو لم يكن بداعي احتمال المطلوبيّة كما هو ظاهر ما أفاده شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » ، مع توقّفه على تمحّل ذلك في خصوص العبادات المحتملة ؛ إذ مبنى الوجه المزبور على ما عرفت على حمل الأمر المتعلّق بالاحتياط على الأمر الشرعي المولوي مع تجريد الاحتياط عن قصد التقرّب بامتثال الأمر المتعلّق به ، وهذا لا يقتضي تجريده عن الإتيان بالفعل حذرا عن مخالفة الواقع المحتمل الذي يتقوّم به حقيقة الاحتياط.

وأمّا ما استشهد به لذلك : من « استقرار سيرة أهل الفتوى على الفتوى باستحباب الفعل ... إلى آخر ما أفاده قدس‌سره » (١).

فقد يناقش فيه : بأن الإفتاء بالاستحباب على الوجه المذكور في الشبهة الحكميّة من جهة ورود خبر ضعيف في المسألة أو فتوى فقيه فيها ، ليس من جهة أخبار الاحتياط حتى يتوقّف على تجريده عن عنوانه على تقدير تعقّله وتسليمه ، وإنّما هو من جهة ما دلّ على التسامح في السنن عندهم من الأخبار الواردة في هذا الباب ؛ فإنّ دلالتها على ما زعموا وإن لم يخل عن إشكال سيّما عند شيخنا قدس‌سره على ما ستقف عليه عن قريب ؛ إلاّ أنهم لم يلتفتوا إلى هذا الإشكال ، أو لم يعتنوا به من جهة ضعفه ووهنه عندهم ، واعتقدوا الدلالة على ما ذهبوا إليه كما يظهر من

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥٣.

١١٤

عنوان المسألة في « الكتاب » عن قريب.

ومن هنا لم يفت أحد منهم باستحباب الفعل مجرّدا عن عنوان الاحتياط في الشّبهة الموضوعيّة ، بل قيّدوه بعنوان الاحتياط فيعلم من ذلك : أن قولهم بذلك ومصيرهم إليه في الشبهة الحكميّة من الجهة المذكورة لا من جهة ما ذكره قدس‌سره وإلاّ لم يكن معنى للفرق بين الشبهتين كما هو ظاهر فافهم.

(٣٦) قوله قدس‌سره : ( ثم إن منشأ احتمال الوجوب إذا كان خبرا ضعيفا لا حاجة إلى أخبار الاحتياط ... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ١٥٣ )

الكلام في قاعدة التسامح في أدلة السنن

أقول : تحقيق المقام وتوضيحه على وجه يرفع به غواشي الأوهام ، يحتاج إلى بسط في الكلام ، فلا بد أوّلا من نقل تمام ما وصل إلينا من الأخبار التي استدلوا بها على مسألة التسامح في السنن ، ثم التكلم ثانيا فيما يستفاد منها ، والجهات التي وقع البحث عنها في كلماتهم.

__________________

(١) قال السيد المحقق الفقيه اليزدي قدس‌سره :

« لا يخفى ان إثبات الإستحباب الشرعي باخبار التسامح أشدّ كلفة من إثباته باخبار الإحتياط عند الماتن حيث أورد عليها عين الإيراد الذي أورده على أوامر الإحتياط والتقوى ودفعه بما دفع به هناك ، وأضاف اليه إيرادين آخرين قد دفع أحدهما وسلّم الآخر ، ومع ذلك كيف لا يحتاج اثبات الإستحباب بها إلى الكلفة التي يحتاج إليها أخبار الإحتياط؟ » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ١٩٦.

١١٥

الأخبار الواردة في المقام

منها : ما رواه في « المحاسن » في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيء من الثواب فعمله ، كان أجر ذلك له ، وإن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقله (١).

وعن « البحار » ـ بعد ذكره ـ : أن الخبر من المشهورات رواه العامة والخاصّة بأسانيده (٢).

ومنها : ما في « الوسائل » ، نقلا عن « المحاسن » أيضا بسنده عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له ذلك الثواب وإن كان النبي لم يقله.

ومنها : في « الوسائل » أيضا نقلا عن « عدّة الداعي » لابن فهد الحلي ، قال :

روى الصدوق عن محمّد بن يعقوب بطرقه عن الأئمّة عليهم‌السلام : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وإن لم يكن الأمر كما نقل إليه (٣).

__________________

(١) المحاسن : ج ١ / ٢٥ ، باب « حسن الظن بالله » ـ ح ٢ ، عنه وسائل الشيعة : ج ١ / ٨١ باب « استحباب الاتيان بكل عمل مشروع روي له ثواب عنهم عليهم‌السلام » ـ ح ٣.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢ / ٢٥٦ باب « من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل به ... » ـ ح ٣.

(٣) وسائل الشيعة : ج ١ / ٨٢ ، باب « تأكيد الاستحباب حب العبادة ... » ـ ح ٨ ، انظر عدة ـ

١١٦

ومنها : ما في « الوسائل » أيضا عن كتاب « الإقبال » لعليّ بن موسى بن جعفر ابن طاوس عن الصادق عليه‌السلام ، قال عليه‌السلام : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك وإن لم يكن الأمر كما بلغه (١).

ومنها : ما في « الوسائل » أيضا عن كتاب « ثواب الأعمال » لمحمّد بن علي بن بابويه بسنده عن صفوان البصري (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به كان له أجر ذلك ، وإن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقله (٣).

ومنها : ما عن « الكافي » بسنده الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال عليه‌السلام : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه ، كان له إن لم يكن على ما بلغه (٤).

ومنها : ما عن « الصافي » أيضا عن محمد بن مروان قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب ،

__________________

الداعي : ٩.

(١) المصدر السابق بالذات ـ ح ٩ ، انظر اقبال الأعمال : ٦٢٧.

(٢) وفي الكتاب عن عنوان البصري والصحيح ما أثبتناه ، على انّه ليس في المصدر لفظ البصري بل ليس صحيحا قطعا.

(٣) وسائل الشيعة : ج ١ / ٨٠ باب « استحباب الاتيان بكل عمل مشروع » ـ ح ١ ، انظر ثواب الأعمال : ١٣٢. ثواب من سنّ سنّة هدى.

(٤) الكافي الشريف : ج ٢ / ٨٧ باب « من بلغه ثواب من الله على عمل » ـ ح ١.

١١٧

أوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه (١).

ومنها : ما عن طرق العامّة عن عبد الرحمن الحلواني رفعا إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بلغه من الله فضيلة ، فأخذ بها وعمل بها إيمانا بالله ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك (٢).

هذه ما وصلت إلينا من الأخبار ووقفنا عليه.

إذا عرفت ذلك فنقول : إن المشهور بين الأصحاب ، بل العامة : ثبوت التسامح في أخبار السنن ؛ بمعنى إثباتها بما لا يجتمع فيه شرائط حجيّة الخبر ، كل على مذهبه فيها ، بل عن غير واحد نقل الإجماع على ذلك.

فعن « الذّكرى » : أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم (٣).

وعن « عدّة الدّاعي » لأحمد بن فهد ـ بعد نقل الروايات المتقدّمة ـ ما هذا لفظه : « فصار هذا المعنى مجمعا عليه بين الفريقين » (٤). وعن الشيخ البهائي قدس‌سره في « أربعينه » نسبته إلى فقهائنا (٥).

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٨٧ الباب السابق ـ ح ٢ ، عنه الوسائل : ج ١ / ٨٢ باب « استحباب الاتيان بكل عمل مشروع روى له ثواب » ـ ح ٧.

(٢) أنظر تاريخ بغداد : ج ٨ / ٢٩٦ ، ورواه عن طريقهم في عدة الداعي آخر المقدمة : ١٣.

(٣) ذكرى الشيعة : ج ٢ / ٣٤ ـ أحكام الميّت ، كيفية الدفن.

(٤) عدة الداعي لابن فهد الحلّي ـ آخر المقدّمة : ١٣.

(٥) الأربعون حديثا ـ الحديث الحادي والثلاثين : ١٩٥.

١١٨

وعن « الوسائل » نسبته إلى الأصحاب مصرّحا بشمول المسألة لأدلّة المكروهات أيضا (١). وعن بعض الأصحاب نسبته إلى العلماء المحقّقين (٢) ، إلى غير ذلك من كلماتهم الظاهرة في دعوى الإجماع.

وخالف فيه العلامة في الموضعين من محكي « المنتهى » (٣) وبعض الأخباريّين على ما حكي عنه طاعنا على الأصحاب ؛ من حيث ذهابهم إلى إثبات الاستحباب والكراهة بالأخبار الضعيفة عندهم ، مع أنه لا تفصيل في مدرك الأحكام. وصاحب « المدارك » حيث قال في أوّل كتابه ـ بعد ذكر جملة من الوضوءات المستحبّة ، وذكر ضعف مستندها ـ ما لفظه :

« وما يقال من أن أدلة السنن يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها ، فمنظور فيه ؛ لأن الإستحباب حكم شرعي يتوقّف على دليل شرعيّ » (٤). انتهى كلامه رفع مقامه.

بل ربّما يستظهر المنع من الصدوق وشيخه ابن الوليد ، قال الصدوق ـ في كتاب الصّوم من « الفقيه » على ما حكي ـ ما هذا لفظه : « وأمّا خبر صلاة غدير

__________________

(١) وانظر مفاتيح الاصول للسيّد المجاهد : ٣٤٦.

(٢) انظر المصدر السابق.

(٣) حكاه السيّد المجاهد في المفاتيح : ٣٤٦.

(٤) مدارك الأحكام : ج ١ / ١٣.

١١٩

خم والثواب المذكور لمن صامه ؛ فإن شيخنا محمد بن الحسن بن [ ال ] وليد لا يصحّحه ، ويقول : إنه من طريق محمّد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة ، وكلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.

إذ لو جوّز التسامح لم يكن لهما داع إلى ردّ الخبر المذكور.

وأمّا المانعون فيكفيهم عدم الدليل على ما أشار إليه في « المدارك » (٢) ، ولا يحتاج إلى التمسّك باستصحاب العدم ، أو أصالة العدم ، أو عدم الدليل دليل العدم ؛ لأن الغرض ليس الحكم بعدم الاستحباب ، بل عدم الحكم به ، ويكفي فيه الأصل الأوّلي في غير العلم حقيقة ، وإليه يرجع ما في « المدارك » ، لا إلى التمسّك بالأصول المذكورة.

أدلة المثبتين لإستحباب الفعل وما فيها

وأمّا المثبتون فيستدلّ لهم بوجوه :

أحدها : ما عن الوحيد البهبهاني قدس‌سره (٣) وتبعه جماعة (٤) ؛ من حسن

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ / ٩٠.

(٢) مدارك الأحكام : ١ / ١٣.

(٣) مصابيح الظلام : ج ٢ / ١٢٣ في شرح قوله : ويكره السفر بعد طلوع الفجر قبل الزوال [ في يوم الجمعة ].

١٢٠