موسوعة الإمام الخوئي - ج ١٣

الشيخ مرتضى البروجردي

كما لا يخفى ، وبعد الغض عن أنّ مواردها هي التقية كما عرفت التي يكتفى فيها بالمعذورية حين العمل وإن ارتفع العذر بعدئذ ، فلا يتعدى إلى غيرها من بقية الأعذار ، فبعد الغض عن كل ذلك.

يتوجه عليه أوّلاً : أنّ الإطلاق في هذه الأخبار معارض بالإطلاق في موثقة عمار ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي على الثلج ، قال : لا ، فان لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلى عليه » (١) ، فانّ تعليق الانتقال إلى الثوب على عدم القدرة على الأرض بقول مطلق من غير تقييد بالعجز الفعلي ، يقتضي كون المعلّق عليه هو عدم القدرة على سبيل الإطلاق الشامل للأفراد العرضية والطولية ، إذ مع التمكن من الفرد الطولي لا يصدق أنّه غير قادر على الأرض كما لا يخفى.

وموردها وإن كان هو الثلج لكنه لا خصوصية له قطعاً ، بل الموضوع كلّ من لم يكن قادراً على السجود على الأرض إما لأجل الثلج أو لجهة أُخرى.

ويؤيّد الموثق : خبر علي بن جعفر قال : « سألته عن الرجل يؤذيه حرّ الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود ، هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كتّاناً؟ قال : إذا كان مضطراً فليفعل » (٢) وإن كان ضعيف السند لمكان عبد الله بن الحسن ، فإن إطلاق الاضطرار يعم الفرد الطولي كالعرضي.

وثانياً : أنّ الإطلاق المدعي لو تمّ لعمّ وشمل الأفراد العرضية كالطولية بمناط واحد ، فما هو الموجب لاختصاصه بالثانية.

فتحصل : أنّ التفصيل المزبور لا وجه له ، بل الصواب التفصيل بين الضيق والسعة على النهج الذي عرفت.

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٦٤ / أبواب مكان المصلي ب ٢٨ ح ٢.

(٢) الوسائل ٥ : ٣٥٢ / أبواب ما يسجد عليه ب ٤ ح ٩.

١٨١

[١٣٧٦] مسألة ٢٨ : إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز ، فان كان بعد رفع الرأس مضى ولا شي‌ء عليه (١) (١).

______________________________________________________

(١) هذا وجيه بناء على ما هو المشهور بينهم من أنّ الوضع على ما يصح السجود عليه واجب حال السجود ، بحيث يكون السجود ظرفاً للواجب على سبيل تعدد المطلوب ، وذلك لفوات المحل بمجرد رفع الرأس ، بعد أن كان المحل هو طبيعي السجود المنطبق على صرف الوجود المنقطع بالرفع المزبور ، إذ لا سبيل حينئذ للتدارك إلا بإعادة الصلاة المنفية بحديث لا تعاد ، لاندارج الواجب المذكور في عقد المستثنى منه من الحديث.

وأما بناء على ما هو الأصح من كونه قيداً فيه على نحو وحدة المطلوب ، بأن يكون السجود المأمور به حصة خاصة وهي المتقيّدة بذلك على ما هو شأن الارتباطية الملحوظة بين أجزاء المركب من تقيّد كل جزء بالمسبوقية أو الملحوقية أو المقارنة بما سبقها أو يلحقها أو يقارنها من سائر الأجزاء كما تقدم في مطاوي هذا الشرح غير مرّة فلا مناص حينئذ من إعادة السجود ، لمكان عدم انطباق المأمور به على المأتي به ، وإن كان الأحوط إعادة الصلاة أيضاً لاحتمال كونه من الزيادة العمدية.

هذا كله فيما إذا كانت الغلطة في سجدة واحدة.

وأما إذا كانت في السجدتين معاً ، فلا حاجة إلى الإعادة على مبنى الظرفية ، سواء كان التذكّر قبل الدخول في الركوع أم بعده ، لفوات المحل حسبما عرفت.

وأما على مسلك القيدية ، فقد يكون التذكر قبل الدخول في الركوع وقد يكون بعده.

__________________

(١) فيه إشكال ، والأحوط إعادة السجدة الواحدة حتى إذا كانت الغلطة في سجدتين ثم إعادة الصلاة.

١٨٢

وإن كان قبله جرّ جبهته (١) إن أمكن (١) ،

______________________________________________________

أمّا في الموضع الأوّل : فتارةً نبني على أنّ المراد من السجود في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد هو ذات السجود ، أعني ما صدق عليه السجود عرفاً ، المتحقق بمجرد وضع الجبهة على الأرض سواء كانت ممّا يصح السجود عليه شرعاً أم لا. وأُخرى نبني على أنّ المراد خصوص السجود الشرعي.

فعلى الأوّل ، وهو الأظهر على ما بيناه في محله (١) لا سبيل لإعادة السجدتين ، للزوم زيادة الركن. نعم لا محيص من إعادة السجدة الثانية خاصة ، لانكشاف فسادها مع بقاء محل التدارك وانتفاء المحذور المزبور ، وأما الأولى فيحكم بصحتها (٢) بمقتضى حديث لا تعاد بعد امتناع تداركها واندراجها في عقد المستثنى منه.

كما أنّه على الثاني لا محيص من إعادتهما معاً لعين ما ذكر ، ضرورة عدم الزيادة في السجود الشرعي الذي هو المدار في تحقق الركن حسب الفرض ، وإن كان الأحوط إعادة الصلاة بعد ذلك لاحتمال كونه من الزيادة العمدية حسبما سبق.

وأمّا في الموضع الثاني : فلا مناص من إعادة الصلاة ، للزوم زيادة الركن لو تدارك ، ونقيصته لو لم يتدارك كما لا يخفى.

(١) إلى ما يصح السجود عليه لبقاء المحل.

ولكنه لا يستقيم بناءً على ما هو الأصح من اعتبار الإحداث وإيجاد السجود بعد ما لم يكن ، وعدم كفاية الإبقاء.

__________________

(١) لا يبعد وجوب الرفع والوضع على ما يصح السجود عليه مع التمكن وسعة الوقت ، والأحوط إعادة الصلاة بعد ذلك.

(١) بعد المسألة [١٦٠٨] فصل في السجود.

(٢) ولكنه ( دام ظله ) ناقش في ذلك في مبحث السجود لاحظ [ المسألة ١٦١٨ ].

١٨٣

وإلا قطع الصلاة في السعة ، وفي الضيق (١) أتم على ما تقدم (١) (٢) إن أمكن ، وإلا اكتفى به.

______________________________________________________

ويعضده : أنّ لازم الكفاية جواز الجرّ حتى في صورة الالتفات والعمد ، بأن يسجد ابتداء على ما [ لا ] يصح عامداً ثم يجرّ ، وهو كما ترى.

نعم ، ثبت الجرّ في بعض الموارد بالنص الخاص (١) ، لكنه لمّا كان على خلاف القاعدة لم يكن بدّ من الاقتصار على مورده وعدم التعدي عنه.

(١) أي العجز عن إدراك ركعة واحدة جامعة للشرائط حسبما تقدم في المسألة السابقة.

(٢) وقد تقدم ما هو الأصح في كيفية الترتيب في المسألة الثالثة والعشرين فلاحظ (٢).

__________________

(١) على ما مرّ من جهة الترتيب ومعنى الضيق [ في المسألة ١٣٧١ ، ١٣٧٥ ].

(١) الوسائل ٦ : ٣٥٣ / أبواب السجود ب ٨ ح ١ ، ٢.

(٢) ص ١٦٧.

١٨٤

فصل

في الأمكنة المكروهة

وهي مواضع ، أحدها : الحمام وإن كان نظيفاً (١).

______________________________________________________

(١) على المشهور ، بل ادعي عليه الإجماع في بعض الكلمات وعن أبي الصلاح الحلبي الحرمة وإن تردد في فساد الصلاة (١).

ومستند الحكم جملة من النصوص تضمنت النهي عن الصلاة في الحمام غير أنّها برمّتها ضعيفة السند ما عدا رواية واحدة رواها الشيخ بإسناده عن عبيد بن زرارة قال « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة أو حمام » (٢) فإنّ الطريق وإن اشتمل على سليمان مولى طربال وقد وقع الكلام في اتحاده مع سليم الفراء الذي وثقه النجاشي صريحاً (٣) وعدمه ، إلا أنّه ثقة على التقديرين لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات (٤).

فلو كنا نحن وهذه المعتبرة لحكمنا بحرمة الصلاة كما يرتئيها أبو الصلاح ، إلا‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) الوسائل ٥ : ١١٨ / أبواب مكان المصلي ب ١ ح ٤ ، الإستبصار ١ : ٤٤١ / ١٦٩٩.

(٣) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٦.

(٤) وقد اشتمل أيضاً على القاسم بن محمد وهو الجوهري ولا توثيق له أيضاً إلا من جهة الكامل ، ولكنه لا ينفع حسب رأيه الأخير ( دام ظله ) لعدم كونهما من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة.

١٨٥

أنّ بإزائها بعض النصوص الظاهرة في الجواز كصحيحة علي بن جعفر « أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه‌السلام عن الصلاة في بيت الحمام فقال : إذا كان الموضع نظيفاً فلا بأس ، يعني المسلخ » (١).

ورواية عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في بيت الحمام قال : إذا كان موضعاً نظيفاً فلا بأس ». (٢) وقد عبّر عنها بالموثقة في كلمات القوم ، وليس كذلك ، فانّ في الطريق علي بن خالد ولم يوثق. وكيف ما كان فقد جمع المحقق الهمداني قدس‌سره بينهما بحمل الاولى على الموضع غير النظيف ، والأخيرتين على الموضع النظيف حسبما صرح فيهما بذلك (٣).

وفيه أوّلاً : أنّ لازم ذلك إلغاء عنوان الحمام وكون الاعتبار بنظافة المكان والتجنب عن كلّ موضع معرض للنجاسة ، ولعلّ من أبرز مصاديقه مذابح الحيوانات التي هي أشدّ نجاسة من الحمام ، فلا خصوصية لذكره. مع أنّ الظاهر أنّ للحمام خصوصية في هذا الحكم.

وثانياً : أنّه بناء عليه لم يبق مدرك للكراهة ، ضرورة أن الموضع النظيف تجوز الصلاة فيه من غير كراهة ، وغيره لا يجوز فما هو مستند الكراهة (٤).

فالصحيح حمل الاولى على الكراهة بقرينة الأخيرتين مع الاختصاص بالموارد النظيفة (٥) ، وأمّا غيرها فلا يجوز ، فانّ هذا هو الأوفق في مقام الجمع بحسب النظر العرفي كما لا يخفى.

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٧٦ / أبواب مكان المصلي ب ٣٤ ح ١.

(٢) الوسائل ٥ : ١٧٧ / أبواب مكان المصلي ب ٣٤ ح ٢.

(٣) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٨٥ السطر ٣٣.

(٤) لو أراد المحقق الهمداني قدس‌سره من الموضع غير النظيف خصوص ما تكون نجاسته غير مسرية لم يرد عليه شي‌ء من الإشكالين كما لا يخفى.

(٥) ليت شعري كيف يجمع بين الحملين مع ارتفاع التعارض البدوي بأحدهما ، والمعروف بينهم أنّ الجمع بحسب المادة كالتخصيص مقدّم على الجمع بحسب الهيئة كحمل النهي على الكراهة.

١٨٦

حتى المسلخ منه عند بعضهم (١).

______________________________________________________

(١) كما عن النهاية (١) والأردبيلي (٢) استناداً إلى شمول الحمام الوارد في النص له ، ولكنّ المشهور أنكروا ذلك ، نظراً إلى تفسير بيت الحمام بالمسلخ ، ونفي البأس عنه في صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة.

وهو وجيه لو كان التفسير من الامام عليه‌السلام ، أو من الراوي ، ولكنه غير واضح ، لجواز كونه من الصدوق نفسه (٣) ، على ما هي عادته من إبداء نظره عقيب نقل الرواية.

ويعضده مضافاً إلى خلوّ موثقة عمار المتحدة مضموناً مع الصحيحة عن هذا التفسير أنّ الذي يكون معرضاً للنجاسة بحيث يحتاج إلى التقييد بالنظافة إنما هو المغتسل دون المسلخ ، ضرورة أنّ شأنه شأن سائر الأمكنة مما هو خال عن المعرضية. فلا يحسن التقييد بنظافة المكان الذي تضمنه النص ، وهذا خير شاهد على أنّ المراد من الحمام داخله لا مسلخه ومنزعه ، وأنّ التفسير المزبور اجتهاد من الصدوق نفسه. هذا ، ولا أقل من الإجمال لتطرق احتماله بلا إشكال ، فتسقط عن الاستدلال ، ونبقى نحن وإطلاق موثقة عمار وصحيحة عبيد الشامل للمسلخ وغيره والمعتضد بالانسباق العرفي ، حيث يطلق عليهما معاً في العصر الحاضر من غير تخصيص بأحدهما ، وقد عرفت أنّ مقتضى الجمع بينهما الحمل على الكراهة ، فتكون النتيجة ما ذكره في النهاية من شمول الكراهة لهما معاً ، هذا.

ولكن الذي يهوّن الخطب عدم ثبوت كلمة « أو حمام » في متن الصحيحة ، فإنّ الشيخ وإن رواها في الاستبصار كذلك حسبما تقدم (٤) ، ولكنه ( قدس‌سره )

__________________

(١) النهاية : ٩٩.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٣٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٦ / ٧٢٧.

(٤) في ص ١٨٥.

١٨٧

ولا بأس بالصلاة على سطحه (١). الثاني : المزبلة. الثالث : المكان المتخذ للكنيف ولو سطحاً متخذاً لذلك. الرابع : المكان الكثيف الذي يتنفر منه الطبع. الخامس : المكان الذي يذبح فيه الحيوانات أو ينحر. السادس : بيت المسكر (٢). السابع : المطبخ وبيت النار. الثامن : دور المجوس ، إلا إذا رشّها ثم صلى فيها بعد الجفاف. التاسع : الأرض السبخة.

______________________________________________________

رواها بعين السند والمتن في التهذيب (١) خالية عن هذه الكلمة ، فلم يعلم صدورها عن المعصوم عليه‌السلام.

وتقديم أصالة عدم الزيادة لدى الدوران بينها وبين النقيصة ، نظراً إلى غلبة السقط على التصرف الزائد ، مدفوع بأنّ غايته الظن ، وهو لا يغني عن الحق شيئاً.

إذن فالمنع عن الصلاة في الحمّام لم يثبت من أصله في رواية معتبرة كي تصل النوبة إلى الجمع بينه وبين دليل الجواز بالحمل على الكراهة. فلم يبق لدينا ما يدل على الكراهة إلا الروايات الضعيفة ، فإن بنينا على التسامح في أدلة السنن وعمّمناه للمكروهات ثبتت الكراهة في المقام ، وإلا فلا ، وحيث إنّ الأظهر هو الثاني كما بينّاه في الأُصول (٢) فالحكم غير ثابت من أصله.

(١) كما صرّح به جماعة ، لانصراف النص عنه فلا دليل على الكراهة بالإضافة إليه.

(٢) وعن بعضهم عدم الجواز ، ومستند الحكم موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر » (٣).

وغير خفي أنّ بين العنوان الثابت في المتن والوارد في النص عموماً من‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٥٩ / ٧٢٨.

(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٣١٩.

(٣) الوسائل ٥ : ١٥٣ / أبواب مكان المصلّي ب ٢١ ح ١.

١٨٨

العاشر : كل أرض نزل فيها عذاب أو خسف. الحادي عشر : أعطان الإبل وإن كنست ورشّت (١).

______________________________________________________

وجه ، لظهور بيت المسكر فيما أُعدّ لصنعه أو الادخار فيه ، سواء أكان المسكر موجوداً فيه بالفعل أم لا على العكس مما هو الظاهر من بيت فيه مسكر ، إلا أنّه يتعدى عن مورد النص إلى الأوّل لمكان التعليل الوارد في ذيله وهو قوله عليه‌السلام : « لأن الملائكة لا تدخله » (١) ، فإن الملائكة إذا لم تدخل بيتاً فيه خمر لا تدخل ما أُعدّ لصنعه أو ادخاره بمناط واحد لو لم يكن أقوى. ومنه تعرف وجه الحكم بالكراهة بالرغم من ظهور النهي في التحريم ، إذ التعليل المزبور يناسب الكراهة كما لا يخفى ، فالقول به ساقط.

(١) يقع الكلام في تفسير الموضوع أوّلاً ثم في بيان الحكم.

أما الموضوع ، فالذي يظهر من اللغويين اختصاص المعاطن بمبارك الإبل حول الماء ، أي المحل الذي تمكث فيه للشرب. قال في الصحاح : العطن والمعطن واحد الأعطان والمعاطن ، وهي مبارك الإبل عند الماء ، لتشرب علا بعد نهل (٢). وفي القاموس العطن محرّكة وطن الإبل ومنزلها حول الحوض (٣).

لكن الذي يظهر من غير واحد أنّه في عرف الفقهاء أوسع من ذلك ، فقد صرّح ابن إدريس في السرائر بعد تفسير المعطن بما ذكر بما لفظه « هذا حقيقة المعطن عند أهل اللغة ، إلا أنّ أهل الشرع لم يخصصوا بمبرك دون مبرك (٤).

إذن فلا يختص بموضع الشرب ، بل يعمّ المبارك التي تأوي الإبل إليها‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٧.

(٢) الصحاح ٦ : ٢١٦٥.

(٣) القاموس ٤ : ٢٤٨.

(٤) السرائر ١ : ٢٦٦.

١٨٩

وتستريح دائماً ، وهذا هو الصحيح ويشهد له أمران :

أحدهما : أنّ المنسبق من النصوص الناهية عن الصلاة في معاطن الإبل أنّ الوجه فيه استقذار المكان لأجل تلوّثه بالبول والروث ، وهذا المناط يشترك فيه الموضعان ، بل لعلّه في مواطن الاستراحة أقوى وأشدّ من مواضع الشرب.

ثانيهما : ما سيأتي في النصوص من تجويز الصلاة في أعطان الإبل لدى خوف ضياع المتاع ، فانّ من الواضح أنّ هذا الخوف إنّما هو في مساكن الإبل ومقرّها الدائمي حيث يوضع المتاع هناك غالباً ، فيكون معرضاً للضياع ومقصداً للصوص ، دون مواضع الشرب التي تبرك الإبل فيها قليلاً ثم تعود.

وكيف ما كان ، فلا ينبغي الإشكال في عموم الموضوع في اصطلاح الشرع.

وأما الحكم ، فالمشهور كراهة الصلاة فيها. وعن أبي الصلاح (١) ، وظاهر المقنعة (٢) التحريم ، أخذاً بظاهر النهي الوارد في جملة من الروايات كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته ... إلى أن قال ـ : لا تصلّ في أعطان الإبل الا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشّه بالماء وصلّ فيه » (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في أعطان الإبل ، قال : إن تخوّفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه ... » إلخ ونحوهما موثقة سماعة ، وصحيحة علي بن جعفر (٤).

ولكن الصحيح لزوم حمله على الكراهة كما فهمه المشهور ، لعدم كشف النهي المزبور عن خساسة في المحل مانعة عن صحة الصلاة ، وإلا لما ارتفعت بالكنس والرش ، وإنما هو من أجل استقذاره وتلوثه بالبول والروث ، وحيث‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) المقنعة : ١٥١.

(٣) الوسائل ٥ : ١٤٥ / أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ٢.

(٤) الوسائل ٥ : ١٤٤ / أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ١ ، ٤ ، ٦.

١٩٠

الثاني عشر : مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم (١). الثالث عشر : على الثلج والجمد (٢).

______________________________________________________

لا يحتمل بطلان الصلاة في المكان القذر ، فلا جرم يحمل النهي على التنزيه باعتبار أنّ الصلاة عبادة ينبغي الإتيان بها في مكان نظيف.

ويعضده : أنّ المسألة عامّة البلوى وكثيرة الدوران لا سيما في الأزمنة السالفة فلو كان المنع ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع ، فكيف لم يذهب إليه إلا نفر يسير ممّن عرفت.

(١) أمّا مرابض الحمير فلم ترد إلا في مقطوعة سماعة « قال : لا تصلّ في مرابط الخيل والبغال والحمير » (١) فلا يعتمد عليها بعد عدم إسنادها إلى المعصوم عليه‌السلام على أنّ في عثمان بن عيسى الراوي عنه كلاماً ، وإن كان الأظهر وثاقته ، بل قيل إنّه من أصحاب الإجماع ، ولكنه لم يثبت.

وأمّا مرابض البقر والغنم فقد وردت كأعطان الإبل في موثقة سماعة المتقدمة (٢) وقد عرفت الحال فيها.

وأمّا مرابض الخيل والبغال فقد ورد النهي عنها مطلقاً في تلك الموثقة أيضاً ، ولكنه إما محمول على التقية ، لما يرتؤونه من نجاسة بولهما وروثهما ، أو على الكراهة من أجل استقذار المكان. على أنّ المسألة عامّة البلوى وكثيرة الدوران ، فلا يحتمل في مثلها الحرمة حسبما عرفت آنفاً.

(٢) أما السجود عليهما فقد مرّ سابقاً (٣) عدم جوازه ، فإنهما ماء منجمد ، ولا يصح السجود على غير الأرض ونبتها.

وأمّا الصلاة فقد ذهب المشهور إلى الكراهة ، استناداً إلى موثق عمار في حديث قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي على الثلج ،

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٥ : ١٤٥ / أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ٣ ، ٤.

(٣) في ص ١٧٠.

١٩١

الرابع عشر : قرى النمل وأوديتها وإن لم يكن فيها نمل ظاهر حال الصلاة. الخامس عشر : مجاري المياه وإن لم يتوقع جريانها فيها فعلاً ، نعم لا بأس بالصلاة على ساباط تحته نهر أو ساقية ، ولا في محلّ الماء الواقف. السادس عشر : الطرق وإن كانت في البلاد ما لم تضر بالمارّة (١).

______________________________________________________

قال : لا ، فإن لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلى عليه » (١) ، بل قيل إنّه لولا الإجماع على عدم الحرمة لقلنا بها ، لظهور النهي في التحريم.

لكن الظاهر أنّ الرواية أجنبية عن المقام ولا دلالة لها على الكراهة فضلاً عن الحرمة التي لا قائل بها. وإنما تعرّضنا لهذا الفرع دفعاً لهذا التوهم ، وذلك لأن الظاهر أنّ السؤال عن الصلاة باعتبار السجود على الثلج لا مجرد إيقاع الصلاة عليه ، إذ لا مقتضي لتوهم المنع في الثاني بخلاف الأوّل حيث ذهب العامة إلى جوازه ، فالموثق سؤالاً وجواباً ناظر إلى السجود دون أصل الصلاة.

ويشهد لما ذكرناه قوله عليه‌السلام في الذيل « فان لم يقدر على الأرض بسط ثوبه » فإنّ الصلاة على الثوب جائزة مطلقاً من دون توقف على العجز عن الأرض بالضرورة ، بخلاف السجود عليه ، فإنه مشروط بفقد ما يصح السجود عليه من الأرض ونباتها كما مرّ سابقاً (٢).

وبالجملة : وزان الموثق وزان بقية الأخبار الدالة على جواز السجود على الثوب لدى العجز عن الأرض ، فهي أجنبية عن محلّ الكلام بالكلية.

(١) على المشهور خلافاً لجمع منهم الصدوق (٣) والمفيد (٤) والشيخ (٥) حيث ذهبوا إلى الحرمة ، ومستند الحكم روايات عديدة :

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٦٤ / أبواب مكان المصلي ب ٢٨ ح ٢.

(٢) في ص ١٦٧.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٦.

(٤) المقنعة : ١٥١.

(٥) النهاية : ١٠٠.

١٩٢

منها : صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث « قال : لا بأس أن تصلي بين الظواهر ، وهي الجوادّ جوادّ الطريق ، ويكره أن تصلي في الجوادّ » (١).

وصحيحة الحلبي : « سألته عن الصلاة في ظهر الطريق ، فقال : لا بأس أن تصلي في الظواهر التي بين الجواد ، فأمّا على الجواد فلا تصلّ فيها » (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الصلاة في السفر ، فقال : لا تصل على الجادة واعتزل على جانبيها » (٣).

وظاهر هذه النصوص هو الحرمة ، لكنّها محمولة على الكراهة ، لأنّ مناسبة الحكم والموضوع تقضي بأن النهي لم يكن لأجل منقصة ذاتية في الطريق مانعة عن صحة الصلاة ، وإنّما هو لأحد أمرين على سبيل منع الخلو :

إمّا المزاحمة للمارّة أو لكونه معرضاً للخطر وتوجه الضرر كما قد يؤيّد الثاني ما في رواية الخصال : « ثلاثة لا يتقبل الله لهم بالحفظ : رجل نزل في بيت خرب ، ورجل صلى على قارعة الطريق ... » إلخ (٤) فلو أمن المصلي من كلا الأمرين لم يكن محذور في البين. إذن فالمنع مستند إلى المعرضية لأحد الأمرين ، فيكون مناسباً للكراهة.

وتعضدها : موثقة الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام « قال : كل طريق يوطأ فلا تصلّ عليه ، قال قلت له : إنه قد روي عن جدّك أن الصلاة في الظواهر لا بأس بها ، قال : ذاك ربما سايرني عليه الرجل ، قال : قلت فان خاف الرجل على متاعه؟ قال : فان خاف فليصلّ » (٥) فانّ من الواضح أنّ التحريم لا يرتفع بمصاحبة الرجل ومسايرته في الطريق ، فيظهر أنّ النهي‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٥ : ١٤٧ / أبواب مكان المصلي ب ١٩ ح ١ ، ٢.

(٣) الوسائل ٥ : ١٤٨ / أبواب مكان المصلّي ب ١٩ ح ٥.

(٤) الوسائل ٥ : ١٤٨ / أبواب مكان المصلي ب ١٩ ح ٧ ، الخصال : ١٤١ / ١٦١.

(٥) الوسائل ٥ : ١٤٨ / أبواب مكان المصلي ب ١٩ ح ٦.

١٩٣

وإلا حرمت وبطلت (١). السابع عشر : في مكان يكون مقابلاً لنار مضرمة أو سراج (٢).

______________________________________________________

تنزيهي مستند إلى أحد الأمرين المزبورين ، ومن ثمّ يرتفع بوجود المصاحبة الموجب لحصول الأمن.

أضف إلى ذلك : أنّ المسألة عامة البلوى وكثيرة الدوران ، فلو كان التحريم ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع. فكيف ذهب المشهور الى خلافه ، فلا مناص من الالتزام بالكراهة.

(١) ينبغي التفصيل بين الطرق الواقعة في الأراضي المتسعة الباقية على إباحتها الأصلية ، فإنّه لا حرمة حينئذ ولا بطلان ، لجواز الانتفاع منها لأيّ أحد كيف ما شاء بعد أن كان الناس كلهم فيها شرعاً سواء. فكما يحق للمارّة المرور عليها فكذا للمصلين الصلاة فيها ، ولغيرهم الانتفاع بشكل آخر من غير أحقيّة لأحد بالإضافة إلى غيره.

وبين الطرق الواقعة في المدن الحضارية التي تحدثها الحكومة لغرض الاستطراق بحيث يستوجب حقاً عرفياً للمارّة مع فرض بقائها على الإباحة الأصلية ، فإنّ المزاحمة وإن حرمت حينئذ كما لا يخفى ، إلا أنّها لا تستوجب البطلان بعد افتراض إباحة المكان.

نعم ، لو فرض أنّ تلك الطرق موقوفة لهذه الغاية ولم تكن من المباحات الأصلية بطلت الصلاة حينئذ أيضاً ، لأنّ حكمها حكم الصلاة في الأرض الغصبية التي حكمنا فيها بالبطلان من جهة اتحاد المأمور به مع المنهي عنه حال السجود ، وامتناع التقرب بالمبغوض حسبما سبق في محله (١).

فتحصّل أن الصور ثلاث : فقد يثبت الحكم التكليفي والوضعي معاً ، وقد يثبت أحدهما دون الآخر ، وقد لا يثبت شي‌ء منهما.

(٢) لنصوص عمدتها صحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن ( عليه‌السلام )

__________________

(١) في ص ٧.

١٩٤

الثامن عشر : في مكان يكون مقابله تمثال ذي الروح ، من غير فرق بين المجسّم (١) وغيره ، ولو كان ناقصاً نقصاً لا يخرجه عن صدق الصورة والتمثال ، وتزول الكراهة بالتغطية.

______________________________________________________

قال : « سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة؟ قال : لا يصلح له أن يستقبل النار » (١).

وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في حديث « قال : لا يصلي الرجل وفي قبلته نار أو حديد ، قلت : إله أن يصلي وبين يديه مجمرة شبه؟ قال : نعم ، فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحّيها عن قبلته. وعن الرجل يصلي وبين يديه قنديل معلّق فيه نار إلا أنّه بحياله ، قال : إذا ارتفع كان أشر لا يصلي بحياله » (٢).

وقد ذهب أبو الصلاح الحلبي إلى الحرمة أخذاً بظاهر النهي الوارد في النص (٣). ولكن الصحيح ما عليه المشهور من المصير إلى الكراهة ، فإن الصحيحة غير ظاهرة في الحرمة ، بل في الجامع بينها وبين الكراهة المصطلحة كما مرّ غير مرّة.

وأما الموثقة فهي وإن كانت ظاهرة فيها في بادئ الأمر ، لكن يوهنه عطف الحديد ، حيث لم يفت أحد بحرمة استقباله في الصلاة ، كما أنّ التعبير بالأشرّية الكاشف عن اختلاف المرتبة مما يناسب الكراهة. فهذا التعبير مع قرينة اتحاد السياق يستوجب رفع اليد عن الظهور المزبور ، والحمل على الكراهة.

ثم إن مقتضى إطلاق النص عدم الفرق في النار بين المضرمة وغيرها ، فالتقييد بها في المتن غير ظاهر الوجه.

(١) لصحيحة محمد بن مسلم قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أُصلّي‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٥ : ١٦٦ / أبواب مكان المصلي ب ٣٠ ح ١ ، ٢.

(٣) حكاه عنه في الحدائق ٧ : ٢٢٨.

١٩٥

التاسع عشر : بيت فيه تمثال وإن لم يكن مقابلاً له (١).

______________________________________________________

والتماثيل قدّامي وأنا أنظر إليها ، قال : لا ، اطرح عليها ثوباً » (١) ونحوها غيرها ، ولكنّها محمولة على الكراهة ، لعدم احتمال الحرمة في مسألة عامّة البلوى قد ذهب المشهور إلى خلافها كما مرّ غير مرّة.

(١) لم تثبت كراهة ذلك فضلاً عن الحرمة ، بل قد ورد الأمر بالجواز في ذيل الصحيحة المتقدمة من غير معارض لكي يحمل على الكراهة.

نعم ، يظهر من بعض النصوص كراهة وجود التماثيل في البيوت صُلي أم لا ، معلّلاً بعدم دخول الملائكة فيها التي منها صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : إنّ جبرئيل عليه‌السلام قال : إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب ، يعني صورة إنسان ، ولا بيتاً فيه تماثيل » (٢).

إذن لا بأس بالالتزام بكراهة الصلاة فيها تجوّزاً من باب كراهة المكث فيها لا لخصوصية في الصلاة نفسها ، هذا.

وأمّا الصلاة على بساط فيه تماثيل ، فقد تضمّنت صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (٣) جواز ذلك ، ونحوها غيرها ، إلا أنّ بإزائها ما يظهر منه خلافه ، وهي رواية سعد بن إسماعيل عن أبيه قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن المصلي والبساط يكون عليه التماثيل أيقوم عليه فيصلّي أم لا؟ فقال : والله إنّي لأكره ، وعن رجل دخل على رجل عنده بساط عليه تمثال ، فقال : أتجد هاهنا مثالاً؟ فقال : لا تجلس عليه ولا تصل عليه » (٤).

وهي إن تمّت سنداً حملت على الكراهة ، ولكنه لم يتم ، لأنّ سعداً لم يوثق لا هو ولا أبوه.

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٧٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣٢ ح ١.

(٢) الوسائل ٥ : ١٧٥ / أبواب مكان المصلي ب ٣٣ ح ٢.

(٣) ، (٤) الوسائل ٥ : ١٧٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣٢ ح ١ ، ٣.

١٩٦

العشرون : مكان قبلته حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها أو كنيف (١) وترتفع بستره.

______________________________________________________

وهناك روايات تضمّنت التفصيل بين العين والعينين كمرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي ، قال إن كان بعين واحدة فلا بأس وإن كان له عينان فلا » (١).

ومرفوعته قال : « لا بأس بالصلاة والتصاوير تنظر إليه إذا كانت بعين واحدة » (٢).

وما رواه الصدوق بإسناده عن ليث المرادي « ... إن كان لها عين واحدة فلا بأس ، وإن كان لها عينان وأنت تصلي فلا » (٣).

ولكنها بأجمعها ضعيفة السند. أمّا الأُوليان فظاهر ، وأمّا الأخيرة فلجهالة طريق الصدوق إلى ليث المرادي.

(١) لروايات منها : ما رواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي حمزة عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام « قال : إذا ظهر النزّ من خلف الكنيف وهو في القبلة ، يستره بشي‌ء » (٤).

ومنها : مرسلة البزنطي « عمّن سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها ، فقال : إن كان نزّه من البالوعة فلا تصلّ فيه ، وإن كان نزّه من غير ذلك فلا بأس » (٥).

ومنها : ما عن البحار عن كتاب الحسين بن عثمان أنه قال : « روي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا ظهر النزّ إليك من خلف الحائط من كنيف في‌

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٧١ / أبواب مكان المصلي ب ٣٢ ح ٦.

(٢) الوسائل ٥ : ١٧٣ / أبواب مكان المصلي ب ٣٢ ح ١٣.

(٣) الوسائل ٥ : ١٧٢ / أبواب مكان المصلي ب ٣٢ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٢.

(٤) الوسائل ٥ : ١٤٦ / أبواب مكان المصلي ب ١٨ ح ١ ، الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٧.

(٥) الوسائل ٥ : ١٤٦ / أبواب مكان المصلي ب ١٨ ح ٢.

١٩٧

وكذا إذا كان قدّامه عذرة (١). الحادي والعشرون : إذا كان قدّامه مصحف أو كتاب مفتوح أو نقش شاغل بل كل شي‌ء شاغل (٢).

______________________________________________________

القبلة سترته بشي‌ء » (١).

والكل ضعيف ، أمّا الأُولى فلجهالة طريق الصدوق إلى محمد بن أبي حمزة.

وأمّا الثانية فللإرسال. وأمّا الثالثة فلضعف طريق البحار. إذن فلا دليل على الكراهة إلا من باب التسامح لو قلنا بشموله للمقام.

(١) لرواية الفضيل بن يسار قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أقوم في الصلاة فأرى قدّامي في القبلة العذرة ، قال : تنحّ عنها ما استطعت ولا تصلّ على الجواد » (٢) ولكنّها ضعيفة بسهل بن زياد (٣).

(٢) يستدل له بروايتين :

إحداهما : موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قلت في الرجل يصلّي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته ، قال : لا ، قلت فان كان في غلاف ، قال : نعم » (٤).

ثانيهما : رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه وهو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في المصحف ، أو في كتاب في القبلة؟ قال : ذلك نقص في الصلاة وليس يقطعها » (٥).

لكنّ الأُولى قاصرة الدلالة ، لجواز كون النهي من أجل بقاء القرآن معطّلاً وبلا قراءة ، وهو نوع هتك له ، ولذا جوّزه عليه‌السلام لو كان في غلاف ،

__________________

(١) [ لم نجده في البحار وإنما وجدناه في المستدرك ٣ : ٣٣٨ / أبواب مكان المصلي ب ١٣ ح ١ ].

(٢) الوسائل ٥ : ١٦٩ / أبواب مكان المصلي ب ٣١ ح ١.

(٣) نعم ، ولكنها مروية في المحاسن [ ٢ : ١١٣ / ١٠٩ بطريق صحيح لا غمز فيه ].

(٤) الوسائل ٥ : ١٦٣ / أبواب مكان المصلي ب ٢٧ ح ١ ، ٢.

(٥) الوسائل ٥ : ١٦٣ / أبواب مكان المصلي ب ٢٧ ح ١ ، ٢.

١٩٨

الثاني والعشرون : إذا كان قدّامه إنسان مواجه له (١). الثالث والعشرون : إذا كان مقابله باب مفتوح (٢). الرابع والعشرون : المقابر (٣).

______________________________________________________

وليس ذلك من جهة الحزازة في الصلاة نفسها ، فلا يمكن الاستدلال بها للكراهة في محل الكلام.

وأما الثانية : فهي ضعيفة السند بعبد الله بن الحسن. نعم لا بأس بذلك بناء على قاعدة التسامح لو قيل بها وبشمولها للمقام.

(١) لرواية علي بن جعفر قال : « وسألته عن الرجل يكون في صلاته ، هل يصلح أن تكون امرأة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة؟ قال : يدرؤها عنه ، فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته » (١).

وما في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام « أنه كره أن يصلي الرجل ورجل بين يديه قائم » (٢) وحيث إنّ سنديهما ضعيف كما لا يخفى ، فالحكم مبني على قاعدة التسامح.

(٢) ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي (٣) ، ولكنه لم يظهر له أيّ مستند كما اعترف به غير واحد ، منهم صاحب الحدائق (٤). ومن ثم التجأ المحقق في المعتبر (٥) إلى القول بأنّه أي أبو الصلاح أحد الأعيان ، فلا بأس باتباع فتواه ، وغرضه قدس‌سره بذلك التمسك بقاعدة التسامح بناءً على التعدي إلى قول الفقيه.

(٣) نصوص المقام على طوائف ثلاث :

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٨٩ / أبواب مكان المصلي ب ٤٣ ح ٣.

(٢) المستدرك ٣ : ٣٣٢ / أبواب مكان المصلي ب ٤ ح ٢ ، دعائم الإسلام ١ : ١٥٠.

(٣) حكاه عنه في التذكرة ٢ : ٠٤١١‌

(٤) الحدائق ٧ : ٢٣٨.

(٥) المعتبر ٢ : ١١٦.

١٩٩

الاولى : ما تضمّن نفي البأس مطلقاً كصحيحة علي بن جعفر « عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال : لا بأس به » (١).

وصحيحة علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ قال : لا بأس » (٢).

الثانية : ما تضمّن نفي البأس شريطة عدم اتخاذ القبر قبلة كصحيحة معمّر ابن خلاّد عن الرضا عليه‌السلام « قال : لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة » (٣). وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قلت له الصلاة بين القبور ، قال : بين خللها ولا تتخذ شيئاً منها قبلة ... » إلخ (٤).

الثالثة : ما تضمّن المنع إلا إذا كان الفصل بعشرة أذرع من كل جانب ، كموثقة عمّار « عن الرجل يصلي بين القبور ، قال : لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه ، وعشرة أذرع من خلفه ، وعشرة أذرع عن يمينه ، وعشرة أذرع عن يساره ثم يصلي إن شاء » (٥) هذا.

والمشهور حملوا النهي في الأخيرة على الكراهة ، جمعاً بينها وبين نفي البأس الثابت في الأولتين على اختلاف مراتب الكراهة من حيث استقبال القبر وعدمه.

ولكن صاحب الحدائق (٦) خصّ الجواز بما عدا صورة الاستقبال ، فالتزم بالتحريم في هذه الصورة بعد استثناء قبور الأئمة عليهم‌السلام لما يرتئيه من أنّ ذلك هو مقتضى الجمع بين الطائفتين الأُوليين ، حملاً للمجمل على المفصّل والمطلق على المقيد.

__________________

(١) الوسائل ٥ : ١٥٨ / أبواب مكان المصلي ب ٢٥ ح ١.

(٢) ، (٣) الوسائل ٥ : ١٥٩ / أبواب مكان المصلي ب ٢٥ ح ٤ ، ٣.

(٤) الوسائل ٥ : ١٦١ / أبواب مكان المصلي ب ٢٦ ح ٥.

(٥) الوسائل ٥ : ١٥٩ / أبواب مكان المصلّي ب ٢٥ ح ٥.

(٦) الحدائق ٧ : ٢٢٦.

٢٠٠