بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-249-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٥٢

بالاستصحاب على المشكوك أو لازمه ، لا على نفس الشك وعدم العلم ، وإلاّ لم يكن معنى لجريان الاستصحاب بالنسبة إليه ، فإذا فرض استقلال العقل بنفي المؤاخذة عند عدم العلم بالتكليف لم يكن معنى لاستصحاب عدم المنع والبراءة في حال الصغر ، المترتّب عليه عدم استحقاق العقوبة بواسطة إثبات الإذن بالواسطة فتدبّر.

ثمّ إن حاصل ما أفاده شيخنا قدس‌سره في الاعتراض على المتمسّك باستصحاب البراءة وعدم التكليف الثابت في حال الصغر ، يرجع إلى وجهين :

أحدهما : أن الاستصحاب المذكور بناء على القول به من باب الأخبار والتعبّد ، غير جار من حيث إن المقصود به نفي المؤاخذة واستحقاق العقوبة في الزمان اللاّحق ولا يمكن ترتّبه عليه جزما ؛ نظرا إلى عدم كونه من الأحكام الشرعيّة القابلة للجعل والتشريع ، وقد عرفت إجمالا مرارا وستعرف تفصيلا في باب الاستصحاب : أنه لا يترتّب على الاستصحاب ـ بناء على الأخبار ـ إلاّ ما كان من الأحكام والمحمولات الشرعيّة الأوليّة للمستصحب ، فلا يترتّب عليه ما لا يكون من الأحكام الشرعيّة من الأحكام واللوازم العقليّة ، أو العاديّة والعرفيّة ، أو ما كان من الأحكام الشرعيّة الغير المحمولة على المستصحب بالحمل الأوّلي ، بل بالحمل الثانوي وبواسطة لازم غير شرعيّ للمستصحب سواء كان بواسطة أو بوسائط ، فإذا لم يكن الأثر المذكور ممّا يقبل تعلّق الجعل به ـ والمفروض أن الأخبار الواردة في باب الاستصحاب من مقولة الإنشاء لا الإخبار ـ فلا محالة

٥٤١

يكون احتمال العقاب موجودا فيحكم العقل بلزوم الاحتياط ما دام الاحتمال باقيا ، فلا بدّ من التمسّك بذيل قاعدة القبح من غير بيان ، أو غيرها من أدلّة البراءة لنفي الاحتمال المذكور.

وهذا معنى قوله : « إن المطلوب هو القطع في الزمان اللاحق بعدم العقاب » (١) وهو لا يترتّب على الاستصحاب المذكور.

ومنه يظهر : أنه كما لا يمكن إثبات عدم العقاب بالاستصحاب المذكور كذلك لا يمكن إثبات الإذن بالاستصحاب المذكور ؛ حتى يترتب على ثبوته القطع بعدم العقاب من حيث منافاته للعقوبة في حكم العقل ، فإن الإذن في الفعل وإن سلّم كونه أمرا شرعيّا ، إلاّ أنّه ليس من أحكام المستصحب ومحمولاته الشرعيّة ، وإنّما هو لا ينفكّ عنه في حكم العقل ؛ من حيث إن عدم المنع عن الفعل في اللاحق ملازم لكونه مرخّصا فيه من جهة العلم بعدم خلوّ الواقعة عن أحد الحكمين ، أعني المنع أو الترخيص ، فهو من إثبات أحد الضدّين بنفي الآخر بالأصل.

فإن قلت : لم لا تجعل المستصحب نفس الإذن والترخيص الثابت في السّابق وتجعله ما يلازمه بحكم العقل حتى يلزمه التعويل على الأصل المثبت ، فلا إشكال في ثبوت الإذن في السابق ، كما أنه لا إشكال في ترتّب القطع بعدم

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٥٩.

٥٤٢

العقاب عليه ؛ لأن الإذن الشرعي ولو كان في مرحلة الظاهر ينافي العقاب في حكم العقل قطعا ، فثبوته الظاهري يلازم عدمه في مرحلة الواقع ، وليس هناك تعويل في نفس العقاب على الاستصحاب حقيقة ، وإنّما التعويل على القطع بعدمه ؛ نظرا إلى المقدّمة المذكورة.

قلت : لا معنى لاستصحاب الإذن والإباحة في المقام جدّا.

فإن المراد من الترخيص المستصحب إن كان هو الواقعي منه على ما هو معنى استصحابه ، ففيه : أنه لا قطع بثبوته في السابق ، وإن قلنا ثبوت الأحكام الغير الإلزاميّة في حق الصغير في الجملة ؛ إذ المفروض احتمال حرمة الموضوع في الشريعة والثابت في حق الصغير في محرّمات الشريعة ، ليس إلاّ رفع قلم التكليف والمؤاخذة لا الإذن الترخيص الشرعي كما هو ظاهر.

وإن كان الظاهريّ منه الذي قضى بثبوته ما دلّ على إباحة غير معلوم الحرمة ، ففيه : بعد الإغماض عن اختصاصه بالمكلّفين فلا معنى لإثبات مفاده ومقتضاه قبل التكليف كما هو ظاهر ، أنه لا يعقل استصحابه للقطع بثبوته كما لا يخفى ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى التمسّك بدليل البراءة ، فالتمسّك بالاستصحاب في المقام أشبه شيء بالأكل من القفا.

فإن شئت قلت : إن الثابت في السّابق مطلق الترخيص الذي ليس حكما شرعيّا ، مضافا إلى أن ثبوته في السابق إنّما هو من جهة ثبوت التلازم بينه

٥٤٣

وبين نفي المنع ، فليس ثبوته ثبوتا بعنوانه ومستقلاّ حتى يجري فيه الاستصحاب ، فتأمل.

فإن قلت : نفي العقاب في زمان الشكّ مترتب على مجرّد ثبوت عدم المنع المستصحب ؛ ضرورة أنه يكفي في نفي الاستحقاق ولا يحتاج إلى إثبات الإذن فيه أصلا ، حتى يتوجّه عليه ما ذكر ؛ حيث إن الموجب لاستحقاق العقاب ، المعصية المترتبة على المنع ، فإذا حكم بعدمه في مرحلة الظاهر ثبت نفي العقاب عليه.

قلت : عدم المنع ليس حكما شرعيّا حتى يحكم من جهة الحكم بثبوته على ترتّب جميع اللوازم عليه من الشرعية والعقليّة وغيرهما ، وإلاّ كانت الأحكام عشرة لا خمسة ، فلا يجدي الحكم بعدم المنع في مرحلة الظاهر في نفي العقاب.

فإن قلت : إن الإذن الذي يراد إثباته في المقام من استصحابه أو من استصحاب عدم المنع ، والبراءة من التحريم ليس الإذن الخاصّ المتحقّق في ضمن الأحكام الأربعة حتى يمنع من ثبوته في السابق ، أو يقال : إن إثباته بالأصل من إثبات أحد الضدّين بنفي الآخر ، بل الإذن العام الذي هو جنس للأحكام الأربعة ، والمقصود وهو نفي العقاب في اللاحق يحصل بمجرّد إثبات الإذن بالمعنى الأعمّ.

قلت : ثبوت الإذن بالمعنى المذكور أيضا غير معلوم في الزمان السابق ، كيف! ولا وجود له إلاّ في ضمن الأحكام الخاصّة الأربعة ، فإذا فرض عدم العلم بها في السابق ، فكيف يعلم بتحقّقه؟ مع أن الجنس لا وجود له إلاّ في ضمن الفصل ،

٥٤٤

وكذلك إثباته باستصحاب عدم المنع لا يجوز قطعا ؛ حيث إنه ليس من محمولات المستصحب شرعا وإن لم يكن ضدّا للمنع ، مع أنّ اتصافه بالضّدين باعتبار ما يتحقّق في ضمنه من الحصص بالتبع والعرض ممّا لا غبار فيه أصلا ، كما لا يخفى ، هذا كلّه بناء على القول بالاستصحاب من باب التعبّد والأخبار.

وأمّا على القول به من باب الظّنّ ، فلا إشكال في جواز التمسّك بالاستصحاب في المقام مع قطع النظر عمّا يتوجّه عليه في الوجه الثاني.

ثانيهما : أنّ الاستصحاب المذكور غير جار مطلقا من غير فرق بين القول به من باب التعبد ، أو الظنّ ؛ لتغيّر موضوع المستصحب وعدم بقائه في الزمان اللاحق ؛ حيث إن عدم المنع كان ثابتا في حق الصّغير وبوصف عدم البلوغ.

نعم ، الأمر على القول به من باب الظّن أظهر ، من حيث توجّه هذا الاعتراض ؛ فإنه لا معنى لحصول الظّنّ بقسميه من النوعي والشخصي مع تغيّر الموضوع. وأمّا على التعبّد فيكون دعوى صدق النقض بعد حكم العرف ببقاء الموضوع مسامحة بناء على الرجوع إليه في تميز الموضوع وتشخيصه على ما تسمعه في محلّه ومن هنا أمر قدس‌سره بالتأمل (١) ؛ فإن إرجاعه إلى بعض ما تقدّم من

__________________

(١) قال السيّد المجدّد الشيرازي قدس‌سره :

« لعله إشارة إلى أن إحراز الموضوع في موارد الاستصحاب ـ بناء على اعتبار الاستصحاب

٥٤٥

الأسئلة على الوجه الأوّل مما لا وجه له أصلا كما لا يخفى.

__________________

من باب الاخبار ـ إنّما هو موكول إلى نظر العرف وهم لا يجعلون مثل ذلك التغاير منشأ لتبدّل الموضوع ، بل مع ذلك يحكمون بأنّ هذا هو الذي كان قبل ، ويتسامحون في ذلك التغاير ، فلا يبنون على مغايرة المجنون ـ إذا أفاق ـ له حال المجنون ، بل يقولون انه حينئذ هو ، وكذا لا يبنون ولا يحكمون بمغايرة الصبي ـ اذا بلغ ـ له حال الصغر ، بل يحكمون باتحاد الموضوع بالنسبة إلى تينك الحالتين » إنتهى. أنظر تقريرات المجدّد الشيرازي : ج ٤ / ٦٢.

* قال الشيخ موسى التبريزي في ( الأوثق / ٢٧٢ )

« الأمر بالتأمل إشارة إلى بقاء الموضوع في زمان الشك في محل الفرض بالمسامحة العرفية وإن كان مرتفعا بالمداقة العقليّة ولكون بلوغ الصبي وإفاقة المجنون عند أهل العرف من قبيل تغيّر حالات الموضوع لا من قبيل تغيّر نفس الموضوع » إنتهى. انظر الفرائد المحشّى : ٢٠٥.

* وقال السيّد المحقّق اليزدي قدس‌سره :

« لعلّ وجهه منع عدم بقاء الموضوع المعتبر في الاستصحاب فإن عنوان البالغ وإن كان مباينا لعنوان الصغير مفهوما إلاّ انّ الموصوف بالعنوانين أعني ذات الشخص المتّصف بهما متّحد عرفا وهو المناط في موضوع الاستصحاب ؛ فإن شخص زيد مثلا بعد زمان بلوغه بساعة لا يعدّ مغايرا لنفسه بالنسبة إلى ما قبل بلوغه بساعة » إنتهى.

أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ١٢٦.

* وقال صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٣٥٥ ) :

« لعلّه إشارة إلى ما يأتي في مسألة عدم حجّيّة الإستصحاب في الأحكام العقليّة من انّ المستصحب هو البراءة الثابتة في حال الصّغر بحيث يكون حال الصّغر ظرفا ، لا انّه جزء الموضوع ومناط الحكم » إنتهى.

٥٤٦

(١١٩) قوله : ( وفيه : أن تعسّره ليس إلاّ من حيث كثرة موارده ) (١). ( ج ٢ / ٦١ )

__________________

(١) قال صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٣٥٥ ) :

« أقول : إن مرجعه إلى منع الصغرى وملخّصه : أنّ تعسّر الإحتياط ليس إلاّ من حيث كثرة موارده ، وهي ممنوعة ؛ لإنّ محلّ الكلام في المقام إنّما هو ما لا نصّ فيه وهو يختلف بين الأخبارييّن والمجتهدين حيث انّه عند الفرقة الأولى عبارة عمّا لم يرد على طبقه خبر ، وعند الثانية عبارة من موارد فقد الظنون الخاصّة وهو على التقديرين ليس بحيث يفضي الإحتياط فيه إلى الحرج ولو فرض لبعضهم قلّة الظنون الخاصّة فلا بد له من العمل بالظنّ المطلق في المظنونات وتبعيض الإحتياط في غيرها لئلا يلزم الحرج.

ويمكن المناقشة فيه : بأنه لو فرض قلّة الظنون الخاصّة فلا شبهة حينئذ في ان العمل بالاحتياط في موارد فقدها مستلزم للحرج والمصنّف رحمه‌الله إن أراد إبطال الإحتياط من جهة لزوم الحرج فهذا عين الإعتراف بالإستدلال ، وإن أراد إبطاله من جهة كون الظنّ المطلق حجّة فهذا دور بيّن ؛ لان حجّيّة الظنّ المطلق موقوف على بطلان الإحتياط ولذا جعل من إحدى مقدّمات دليل الإنسداد فلو كان بطلان الإحتياط أيضا موقوفا عليها فيلزم الدور.

وتحقيق المقال بحيث يهذّب به حال التمسّك بهذه القاعدة أن يقال : إنّ الحرج تارة ينشأ من اجتماع أفعال كثيرة بحيث يكون منشأ الحرج هو وصف الاجتماع والكثرة دون كل فرد ، وأخرى كون التكليف بنفسه حرجيّا.

أمّا الأوّل : فهو من باب المزاحمة حيث تزاحم فيه تكاليف متعدّدة بعضها مع بعض ولا بد من سلوك أحد الوجهين : إمّا الإجتهاد الذي هو عبارة أخرى عن العمل بالظنّ ، أو العمل بالبراءة.

وأمّا الثاني : فهو أيضا بين قسمين :

٥٤٧

__________________

أحدهما : ما يصل حرجه إلى مرتبة تقرب من مرتبة التكليف بما لا يطاق ، مثاله في غير الأحكام الفقهيّة أمر الجليل الخليل بذبح ولده ، وفي الأحكام الفقهيّة قضاء الصلاة على القول بالمضايقة.

والفرق بينه وبين ما لا يطاق : أن المكلف لا يقدر على إيجاد الثاني كالطيران في الهواء بخلاف الأوّل فإنه قادر عليه لكن على حرج شديد وضيق أكيد وحرج هذا القسم شخصي لا محالة ولا شبهة في انّه موجب لارتفاع التكليف للآيات والأخبار والإجماع وحكم العقل بقبح مثل هذا التكليف.

والثاني : ما لا يصل حرجه إلى هذه المرتبة وهذا القسم من الحرج :

تارة : يكون نوعيّا ونعني به ما يكون حرجا على نوع المكلّفين وإن لم يكن حرجا على بعض الأفراد النّادرة منهم كالإجتناب عن الحديد.

وأخرى : شخصيّا ونعني به ما يكون حرجا على بعضهم دون البعض الآخر كغسل دم القروح والجروح في الصلاة فانّه لم يكن حرجا على الحمّامي ومن صنعته في الحمام وحرج على غيرهم.

ومقتضى التحقيق في هذا القسم بقسيمه : انه غير موجب لارتفاع التكليف في غير مورد الحرج بل يقتصر في دفعه على من كان هذا التكليف في حقّه حرجيّا وذلك لأن القدر المتيقّن من عمل الاصحاب والآيات والأخبار الدالّة على إثبات هذه القاعدة إنّما هو القسم الأوّل الذي يصل حرجه إلى مرتبة ما لا يطاق دون القسم الثاني بقسميه وليس موجب لارتفاع التكليف فيه في غير مورد الحرج ، مضافا إلى انه خلاف الإحتياط.

٥٤٨

أقول : ما أفاده : من استناد تعسّر الاحتياط في محل البحث إلى كثرة موارده المسبّبة عن كثرة الشبهات التحريميّة الحكميّة الممنوعة عند الأخباريّين القائلين بحجّيّة أكثر الأخبار ، بل تمام الموجود في الكتب المعتمدة ، وعند المجتهدين القائلين بانفتاح باب العلم كما عليه السيّد وأتباعه ، أو بحجّيّة الظنون الخاصّة الكافية كما عليه أكثرهم ، أو المطلقة من جهة عدم كفايتها مع اختلاف مشاربهم من حيث كون النتيجة حجيّة الظّن في الفروع أو الأصول أو هما معا كما عليه جمع من المتأخرين منهم ، ممّا لا ينبغي الارتياب فيه.

إلاّ أن ما أفاده قدس‌سره بقوله : « ولو فرض بعضهم قلّة الظنون الخاصّة ... الى آخره » (١) مبني على ما سلكه القائلون بحجيّة مطلق الظّنّ من كون نتيجة دليل الانسداد هي حجيّة الظّنّ لا التبعيض في الاحتياط على ما عرفته من شيخنا قدس‌سره.

وأما على ما سلكه فلا يلزم التعسّر من الاحتياط في المشكوكات أيضا لقلّتها ، كما أنه لا يلزم أيضا على ما سلكنا في نتيجة المقدمات على تقدير تماميّتها من حجيّة خصوص الظنّ القوي الاطمئناني حسبما عرفت تفصيل القول فيه.

فالاستدلال المذكور ساقط على كل قول في باب الطريق إلى الأحكام.

__________________

نعم لو وصل نصّ خاص على رفع التكليف مطلقا ـ كما في العفو عن دم الجروح والقروح فنلتزم به هذا » إنتهى.

(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٦١.

٥٤٩

(١٢٠) قوله قدس‌سره : ( وفيه ما لا يخفى ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦١ )

أقول : توجّه الإيراد إلى الوجه المذكور من الأمور الواضحة عند كل أحد ؛ ضرورة أنّ محلّ الكلام في وجوب الاحتياط فيما أمكن فيه لا فيما لا يمكن فيه ، فكيف يظنّ بأحد القول بوجوب الاحتياط في دوران الأمر بين المحذورين مع عدم إمكان الاحتياط فيه؟ وأمّا على القول بتقديم جانب احتمال التحريم فيه فليس من جهة الاحتياط ، بل لما سيجيء من الوجه في محلّه.

قال الشيخ الحرّ (١) العاملي ـ في « باب وجوب التوقف والاحتياط » بعد إيراد رواية الحجب (٢) ـ ما هذا لفظه : « هذا مخصوص بالوجوب ، وأنه لا يجب الاحتياط بمجرّد احتمال الوجوب ، بخلاف الشّكّ في التحريم فيجب الاحتياط ، ولو وجب الاحتياط في المقامين لزم التكليف بما لا يطاق (٣) ؛ إذ كثير من الأشياء يحتمل الوجوب والتحريم » (٤). انتهى كلامه (٥) رفع مقامه.

وهو عجيب من مثله.

__________________

(١) المحدّث الجليل الشيخ محمّد بن الحسن المعروف بالحرّ ـ نسبة الى جدّه الحرّ الشهيد بالطّف مع أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ـ العاملي المتوفّي سنة ١١٠٧ ه‍.

(٢) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٦٣ باب « وجوب التوقف والاحتياط » ـ ح ٣٣.

(٣) كذا وفي الأصل : « لزم تكليف ما لا يطاق ».

(٤) أنظر الوسائل : ج ٢٧ / ١٦٣ باب « وجوب التوقف والاحتياط » ذيل الحديث رقم (٣٣).

(٥) أقول : كلامه هنا طويل إختار المحقّق الميرزا الآشتياني قدس‌سره هذا المقطع منه.

٥٥٠

(١٢١) قوله قدس‌سره : ( ولا يرد ذلك على أهل الاحتياط ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦٢ )

استدلال الاخباريين على حكم ما لا نصّ فيه بالآيات

أقول : لا يخفى عليك : أن استدلال الأخباري بالكتاب مع قوله بعدم حجيّة ظواهره ؛ إمّا من جهة صراحة الآيات المذكورة عنده ، وإمّا من جهة الإلزام ، وإمّا من جهة موافقتها للنقل ، فتدبّر.

ثمّ إنّ ظاهر سكوته عن توجّه هذا الإيراد والمعارضة في الجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة من الآيات تسليم عدم وروده كما يظهر من بعض كلماته الآتية ، مع أنه لا إشكال في وروده كما هو صريح بعض كلماته الأخر التي ستمرّ عليك.

ضرورة أن البحث مع الأخباري ليس إلاّ في حكم الشبهة التحريميّة لا في دواعي الترك والفعل ؛ فإنها ليست ممّا يعنون في الكتب ويتكلّم فيه العلماء ، فلو كان القول بوجوب الترك من الأخباري قولا يعلم من جهة دليل وجوب الاحتياط ، كان القول بجواز الفعل من المجتهد اعتمادا على دليل البراءة قولا يعلم أيضا.

وبالجملة : مفاد هذه الطائفة من الآيات ممّا لا ينكره أحد ، فإنها تدل على قضيّة كليّة ثابتة عند كلّ أحد ؛ لأنها ممّا يحكم به ضرورة العقل. مضافا إلى تطابق الأدلة الثلاثة عليه ، فالمجتهد إنّما يحكم بالإباحة الظاهريّة لما دلّ عليها من الأدلّة

٥٥١

القطعيّة من العقلية والنقليّة فليس قوله بها قولا بغير علم ، فهو مثل قول الأخباري بوجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية الحكميّة بزعمه ، وقوله بالبراءة في الشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة مطلقا.

وممّا ذكرنا يظهر : المراد من قوله قدس‌سره في الجواب الحلّي عن الطائفة الأولى : « فبأن فعل الشيء المشتبه حكمه ... الى آخره (١) » (٢) فإن المراد منه : فعله بعنوان

__________________

(١) قال المحقّق الخراساني قدس‌سره :

« بل الحكم عليه بانه مما لا حرج عليه ليس قولا بغير علم للقطع بقبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان ، نعم الحكم عليه بالاباحة شرعا ولو ظاهرا من دون إتّكال على ما يدلّ عليه يكون من ذلك » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٢٠٨.

وعلّق المحقق الفاضل الكرماني على كلام الشيخ الخراساني قائلا :

« أقول : لما كان موضوع البحث الآن هو ما لم يثبت ببيان من الشرع حرمته ولا إباحته ، بل كان حكمه الواقعي مردّدا بين الأمرين محتملا لهما لم يكن القول في هذا الموضوع بالإباحة الشرعيّة أو الحرمة الشرعيّة ؛ لأنه خروج عن موضوع البحث إلى موضوع آخر.

فالمقصود الآن هو أنّ هذا الموضوع الكذائي هل العقل يرخّص في فعله أم لا؟

ثم ينظر في الآدلة الشرعيّة فإن وجدنا دليلا قاطعا للعذر بثبوت اعتباره على ان حكم هذا الموضوع الكذائي ذي الوصف العنواني بهذا الوصف المحقق لموضوع البحث هو كذا ، كان هو المعوّل وما أثبته هو الحكم الظاهري له. وإن لم نظفر به كان الحكم العقلي من الترخيص أو الوقف هو المتّبع.

٥٥٢

الجواز الظاهري اتّكالا على دليله من العقل والنقل ، وإن كان ربّما يناقش في توصيف حكم العقل بالقبح بالاتفاق الذي ذكره من حيث استدلال الأخباري في المسألة بحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فإنه لا يجامع تسليمه حكم العقل المذكور فتأمّل.

(١٢٢) قوله قدس‌سره : ( ونحوهما في الدلالة على وجوب الاحتياط ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦٣ )

أقول : دلالة الآية الأولى (١) على وجوب الاحتياط : إنّما هي بالنظر إلى

__________________

والحاصل : انّ الإباحة أو الحرمة الشرعيّتين لا يجامع هذا الموضوع كيما يحكم بالثبوت أو النفي بمعنى انه اذا فرض أحدهما خرج عن كونه موضوعا لهذا المبحث فافتهم واغتنم » إنتهى. أنظر الفرائد المحشّى : ٢٠٥.

* وقال صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٣٥٧ ) :

« أقول : إن الأوضح منه ما يقال : إنّ الدليل الذي أقيم على ثبوت الترخيص في المقام بين عقل ونقل وعلى كلّ منهما لا يكون قول المجتهدين قولا بغير علم.

أمّا على الأوّل : فلأنه بعد حكم العقل المستقل بقبح العقاب بلا بيان لا معنى لعدّه من غير علم فهو وارد على الآيات المذكورة.

وأمّا على الثاني : فإن كان مفاده قطعيّا ـ بأن يكون من النصوص ـ فهو أيضا كذلك. وإن كان ظنّيّا ـ بأن يكون من الظواهر ـ فهو وإن لم يكن علميّا لكنه بعد ملاحظة دليل اعتباره يكون بحكم العلمي فهو حاكم عليها » إنتهى.

فرائد الأصول : ج ٢ / ٦٣.

(٣) التغابن : ١٦.

٥٥٣

ظاهر هيئة النهي ، كما أن ظاهر دلالة سائر الآيات أيضا إنّما هي بالنظر إلى هيئة الأمر ، أو النهي أيضا.

وأما الآية الثانية (١) : فلأن المراد من التنازع فيها هو التردّد والشكّ لا مجرّد الاختلاف في حكم المسألة مع جزم كلّ فريق من المختلفين بما حكم به كما بيّن ذلك في مسألة الإجماع.

(١٢٣) قوله قدس‌سره : ( وأمّا عمّا عدا آية التهلكة ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦٣ )

أقول : قد يناقش فيما أفاده من الجواب عن الطائفة الثانية :

أوّلا : بأن ارتكاب المشتبه مناف للتقوى والمجاهدة قطعا وإن بني على إباحته في مرحلة الظاهر ، اللهم إلا أن يقال باختصاصها بترك الحرام المحقق والواجب كذلك فتدبّر.

نعم ، ارتكاب المباح الواقعي لا ينافي التقوى والمجاهدة جزما ، فلو سلّمت دلالة الآيات على الوجوب لم ينفع الجواب المذكور ، فالأولى التشبّث بذيل ما أفاده ثانيا بعد النقض بما وافقنا الأخباري على البراءة فيه ؛ من ظهور المادّة في الاستحباب سيما بملاحظة قوله : ( حَقَّ تُقاتِهِ ) (٢) ( حَقَّ جِهادِهِ ) (٣) فيصرف

__________________

(١) النساء : ٥٩.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) الحج : ٧٨.

٥٥٤

ظهور الهيئة أو يوجب إجمالها.

وثانيا : بأن ما أفاده لا ينفع في الجواب عن قوله تعالى ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ ) (١) فإنه ليس فيه ما يصرفه عن الظهور ، فلا بدّ من أن يجاب عنه : بأنه لا تردّد لنا في الإباحة الظاهريّة وإنّما التردّد في الحكم الواقعي ، فيجب ردّه إلى الله ورسوله.

نعم ، النقض عليهم بالشبهة الموضوعية لا يتوجّه بالنسبة إلى هذه الآية كما هو ظاهر فتدبّر.

(١٢٤) قوله قدس‌سره : ( وأمّا عن آية التهلكة ... الى آخره ) (٢). ( ج ٢ / ٦٣ )

__________________

(١) النساء : ٥٩.

(٢) قال في قلائد الفرائد ( ج ١ / ٣٥٨ ) :

« أقول : تقريب الإستدلال بها : أن محتمل الحرمة مهلكة وكل ما هو من المهالك يجب الإجتناب عنه. أمّا الكبرى : فبالآية ، وأمّا الصغرى : فلأنّ مفاد الآية إنّما هو وجوب الإجتناب عمّا هو في عرضة الهلاكة وارتكاب محتمل الحرمة ممّا هو في عرضها.

وفيه : انه إن أريد الهلاك بمعنى العقاب فهو مقطوع العدم بحكم العقل والنقل كما تقدم. وإن اريد بمعنى غيره من سائر المفاسد فللمنع فيه سبيل بالنسبة إلى كلّ من الصغرى والكبرى المأخوذة في الدليل.

أمّا الصغرى : فبما في المتن : من ان الهلاك بمعنى غير العقاب يكون الشبهة موضوعيّة لا يجب فيه الإحتياط بالإتفاق ، لكن فيه ما مضى سابقا فراجع.

وأمّا الكبرى : فبأن المراد من التهلكة إن كان هو الدنيويّة فلا ربط لها بالمقام وإن كان ما هو

٥٥٥

في الجواب عن الاستدلال بآية التهلكة

أقول : لا يخفى أن الاستدلال بالآية في المقام مبنيّ على شمولها لموارد احتمال الهلاكة ، وإلاّ فلا يجوز الاستدلال بها جدّا وقد مضى شطر من الكلام في ذلك في الجزء الأوّل من التعليقة.

ثمّ إن حاصل ما أفاده في الجواب عن الاستدلال بالآية الشريفة : أن مفادها إثبات كبرى الكليّة ، ونحن نمنع صغراها في محلّ النزاع بالنظر إلى الضرر الأخروي ؛ حيث أن العقاب من دون بيان أصلا مقطوع الانتفاء ، ولا يمكن جعل نفس الآية بيانا ؛ للزوم الدّور الظاهر ، والمفروض عدم بيان آخر ؛ حيث إن المقصود الاستدلال بالآية ، وإلاّ لم يحتج إليها ولم يستدل بها هذا. مضافا إلى النقض بالشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة.

وبالجملة : حال الآية على تقدير دلالتها على حكم المقام حال حكم العقل

__________________

أعمّ منها ومن الأخرويّة فوجوب الإجتناب عن الأخيرة تكليفا في محلّ المنع ، غاية ما في الباب كونه إرشاديّا ولا نتحاشى عنه.

ونتيجة هذا ثبوت الحذر من حيث احتمال المفسدة والبراءة من حيث ترتّب العقاب وحينئذ يكون المستعمل فيه في الآية ما هو أعمّ من التكليفي والإرشادي.

أمّا الأوّل : فبالنسبة إلى المفاسد الدنيويّة.

وأمّا الثاني : فبالنسبة إلى غيرها من المفاسد » إنتهى.

٥٥٦

بوجوب دفع الضّرر المحتمل ، وسيجيء ما في الاستناد إليه في المقام وأشباهه ، هذا بالنسبة إلى الضّرر الأخروي.

وأمّا الضّرر الدنيوي المحتمل في موارد احتمال الحكم الإلزامي ، فلا يجب دفعه باعتراف الأخباريّين ؛ من حيث كون الشبهة من هذه الجهة موضوعيّة ؛ حيث إن المحرّم عندهم عنوان المضرّ الدنيوي ، والمفروض الشكّ في صدقه ، والبناء على وجوب دفعه من جهة الآية ، هدم لما بنوا عليه : من عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعيّة والتفصيل في حكم احتمال الضّرر الناشىء من احتمال التحريم والضّرر ابتداء.

مضافا إلى [ أنّ ] ورود النقض عليهم بالشبهة التحريميّة الموضوعيّة والوجوبيّة مطلقا لا دليل عليه أصلا بعد عموم الآية ، فلا بدّ من حمل الآية ـ على تقدير تسليم دلالتها على حكم المقام مع كمال ضعفها ـ على الطلب القدر المشترك الإرشادي فلا يجوز الاستدلال بها كما لا يخفى.

(١٢٥) قوله قدس‌سره : ( وظاهر التوقّف المطلق السكون ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦٤ )

أقول : ما أفاده في بيان المراد من التوقّف في الأخبار المشتملة عليه ، وأنه كناية عن السكون عند الشبهة وعدم الحركة إليها ، واندفاع ما أورده غير واحد من المتأخّرين على الاستدلال بها ، منهم : المحقق القمي قدس‌سره في « القوانين » في كمال الوضوح والظهور ، إلاّ أن تخصيصه بعدم الحركة بارتكاب الفعل يوجب تخصيصه

٥٥٧

بالشبهة التحريميّة ، فلا يتوجّه النقض على المستدلّ بها بالبراءة في الشبهة الوجوبيّة.

اللهم إلاّ أن يكون تخصيصه مبنيّا على كونها محل البحث في المقام ، وإلا فأصل الوقوف عند الشبهة كناية عن عدم ارتكاب الشبهة ، فعلا كان أو تركا فيشمل الشبهتين ، ولا ينافي ذلك اختصاص موارد جملة ممّا اشتمل على التعليل بالوقوف عند الشبهة ، بالشبهة التحريميّة. كما لا ينافيه اختصاص جملة منها بالشّبهة الحكمية ؛ لأن العبرة بعموم التعليل مع ورود بعضها في الشبهة الوجوبيّة الحكميّة ، وبعضها في الشبهة الموضوعيّة ، ومنه ينقدح عدم جواز إستدلال الأخباري بعمومها من جهة امتناع تخصيص المورد. وهذا كما ترى ، لا تعلّق له بالجواب النقضي الذي يشير إليه في « الكتاب ».

ثم إنه كان عليه قدس‌سره أن يذكر عنوان الطائفة الثانية « ما دلّ على وجوب التوقّف بظاهره أو ما يرجع بحسب المعنى إليه » فإن جميع ما يذكر في الطائفة الثانية لا يشتمل على لفظ التوقّف كما لا يخفى لمن راجع إليها.

٥٥٨

(١٢٦) قوله : ( وزاد فيها : إن على كلّ حق حقيقة ... الى آخره ). ( ج ٢ / ٦٤ )

كلام صاحب الوسائل في صحيحة جميل بن درّاج

أقول : رواها في « الوسائل » في « باب وجوه الجمع بين الأحاديث » (١) من « رسالة (٢) سعد بن هبة الله الراوندي » (٣) كروايات الزهري (٤) ، وعبد الأعلى (٥) ، والسّكوني (٦) ؛ فإنها مرويّة في « الوسائل » أيضا.

والغرض منها الحثّ على ترك الحديث الذي لم يصل إلى المكلّف من طريق معتبر عملا أو رواية ، وإن كان التفصيل قرينة على إرادة روايته ، وورود صحيحة جميل (٧) في المتعارضين كالمقبولة ، لا ينافي العموم لكلّ شبهة مع عموم الكلية المستفادة منها سيّما في الصحيحة التي جعل الأخذ فيها بما وافق الكتاب تفريعا على الكلّية ، فالكتاب هو النور والحقيقة والميزان للحقّ والباطل عند

__________________

(١) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٠٦.

(٢) الظاهر ان هذه الرّسالة مفقودة اليوم.

(٣) هو الشيخ قطب الدين ابو الحسين سعيد بن هبة الله الرّاوندي المتوفى سنة ٥٧٣ ه‍ والمدفون بحرم السيّدة المعصومة عليها‌السلام بقم.

(٤) الكافي الشريف : ج ١ / ٥٠ باب « النوادر » ـ ح ٩ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٥٥ باب « وجوب التوقف والاحتياط ... » ـ ح ٢.

(٥ و ٦) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٧١ باب « وجوب التوقف والاحتياط » ـ ح ٥٧.

(٥ و ٦) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٧١ باب « وجوب التوقف والاحتياط » ـ ح ٥٧.

(٧) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١١٩ باب « وجوه الجمع بين الأحاديث » ـ ح ٣٥.

٥٥٩

التعارض ، فبموافقته يرتفع الشبهة الحاصلة بسبب التعارض.

وفي محكي « الوسائل » ـ بعد نقل رواية السّكوني ، وعبد الأعلى ـ : « التفضيل في أمثال هذا على وجه الممارات والمماشات مع الخصم ، كما ورد في أحاديث كثيرة : « قليل من سنّة خير من كثير في بدعة » (١) وأمثال ذلك في الحديث وفي الكلام الفصيح كثير (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.

ويشهد له ما رواه شيخنا قدس‌سره في « الكتاب » ، فلفظ الخبر وإن لم يكن ظاهرا في الإلزام ، بل كان ظاهرا في غيره في باديء النظر ، إلاّ أنّه ظاهر فيه بملاحظة ما أفاده في « الكتاب » في تقريب دلالة الأخبار المذكورة في « الكتاب » وفي « الوسائل » ممّا لم نذكره في « باب وجوب التوقّف في القضاء والفتوى والعمل على وجوب التوقّف » (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ / ١٣٧ باب « الصلوات في شهر رمضان والتراويح » في ضمن حديث ١٩٦٤ ، التهذيب ج ٣ / ٦٩ باب « فضل شهر رمضان والصلاة فيه ... » ـ ح ٢٩ برقم ٢٢٦ ، ورواه أيضا في الإستبصار : ج ١ / ٤٦٧ باب « الزيادات في شهر رمضان » في ضمن الحديث ٢٠ برقم ١٨٠٧ ، عنها وسائل الشيعة ج ٨ / ٤٥ باب « عدم جواز الجماعة في النوافل ... » ـ ح ١.

(٢) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٧٢ باب « وجوب التوقف والاحتياط » في ذيل ـ ح ٥٧.

(٣) وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٥٤ الباب « ١٢ من أبواب صفات القاضي » ، وعنوان الباب هكذا :

٥٦٠