بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-249-4
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٦٥٢

وهي كما ترى لا دلالة لها على العموم ، بل ولا إيماء فيها إليه ؛ لأنّ المستفاد منها حصر العلم الموصوف بالصّفتين في الثّلاثة. وأمّا أنّ الواجب من الثّلاثة : هو العموم ، أو بعض أفرادها ، فالرّواية ساكتة عنه فتدبّر.

ثمّ إنّ المراد بالآية المحكمة : يحتمل أن يكون العقائد الحقّة وأصول الدّيانات ، وأن يكون الآيات المحكمات من الأنفس والآفاق الّتي تكون دلائل على وجود الصّانع جلّ شأنه وحكمته ، أو من القرآن ؛ إذ في غير موضع منه : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ ) (١) حيث يذكر دلائل المبدأ والمعاد.

وبالفريضة العادلة (٢) : علم الأخلاق الّتي محاسنها من جنود العقل ومساوئها من جنود الجهل والنّفس ؛ فإنّ التحلّي بالأول والتخلّي عن الثّانية فريضة شرعيّة في الجملة ، وواجبة خلقيّة مطلقا. وعدالتها كناية عن توسيطها بين طرفي الإفراط والتّفريط.

وبالسّنة القائمة : شرائع الأحكام ومسائل الحلال والحرام وانحصار العلوم الدّينيّة في الثّلاثة ، وكون ما سواها فضلا أو فضولا واضح ، على ما عرفت من

__________________

أقول : ويقرب منه ما في بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي ١ وفيه نظر واضح.

لاحظ البحار : ج ١ / ٢١١.

(١) يونس : ٦٧ والرّعد ٣ و ٤.

(٢) قلت : بل الأظهر أن المراد بالفريضة العادلة هي شرائع الأحكام ومسائل الحلال والحرام وأمّا السنّة القائمة فهي الأخلاق والسيرة النبويّة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٦١

الوجه في المعاني الثّلاثة.

(٦٤) قوله قدس‌سره : ( وفي وجوب الزّائد على ذلك من عصمتهم ، الوجهان ). ( ج ١ / ٥٦٧ )

أقول : المراد من العصمة في كلامه ما ذكره قبل ذلك في النّبوة من العصمة بالملكة من زمان تولّدهم ( صلوات الله عليهم ) إلى زمان ارتحالهم عن النّشأة الدّنيويّة عمّا يكون عصيانا في حقّ المكلّفين والخطأ والنّسيان والسّهو الّتي قد عرفت : أنّه لا إشكال في ثبوت العصمة عنها عند الإماميّة ، لا العصمة في الجملة ؛ فإنّه لا إشكال في اعتبارها في الإيمان بالمعنى الأخصّ ، كما يحكم بثبوتها ضرورة العقل ؛ فإنّ الحجّة من الله تعالى على الخلق وشاهده عليهم والدّليل لهم ، كيف يمكن أن يكون غير معصوم؟ وإلاّ لزم التّرجيح من غير مرجّح ؛ إذ لا يبقى بعد عدم اعتبار العصمة مزيّة للحجّة على الرّعيّة فافهم.

(٦٥) قوله قدس‌سره : وقد ورد في بعض الأخبار تفسير معرفة حق الإمام ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٥٦٧ )

أقول : روى في محكيّ « الكافي » في باب فرض طاعة الأئمّة عليهما‌السلام بسنده عن إسماعيل بن جابر قال : « قلت : لأبي جعفر عليه‌السلام أعرض عليك دين الله ( عزّ وجلّ ) قال : فقال : هات. فقلت : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وأنّ عليّا كان إماما فرض الله طاعته ، ثمّ كان من بعده الحسن إماما فرض الله طاعته ، ثمّ كان من بعده الحسين إماما فرض الله طاعته ، ثمّ كان عليّ بن الحسين إماما فرض الله طاعته

٢٦٢

بعدهم حتّى انتهى الأمر إليه. ثمّ قلت : أنت يرحمك الله. قال : فقال عليه‌السلام هذا دين الله ودين ملائكته » (١).

(٦٦) قوله قدس‌سره : ( ويكفي في التّصديق بما جاء به النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٥٦٧ )

في كيفية وجوب التصديق بما جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

أقول : الكلام في المقام يقع في موضعين ؛

أحدهما : في أنّه بعد العلم بثبوت شيء من النّبي تفصيلا ، سواء حصل العلم من التّواتر ، أو خبر الواحد المحفوف بالقرينة القطعيّة ، أو الإجماع ، أو الضّرورة الدّينيّة ، سواء كان من الأصول مطلقا أو الفروع ، من الأحكام الواقعيّة ، أو الظّاهريّة. فهل يجب على العالم به ، الإقرار به والتّصديق به ويكون إنكاره كفرا في حقّ العالم به أم لا؟

ثانيهما : في أنّه إذا ثبت شيء من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدّين من الضّرورة ، أو التّواتر ، أو غيرهما. فهل يجب على كلّ مكلّف الإقرار به وتصديقه ويكون إنكاره

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ١ / ١٨٨ باب « فرض طاعة الأئمة : ـ ح ١٣ ، وفي الحديث :أعرض عليك ديني الذي أدين الله عزّ وجلّ به؟ وأورده أيضا بطريق آخر ولفظ جامع في :ج ٢ / ٤٠٦ باب « المستضعف » ـ ح ٦ « طبع دار الأسوة ».

٢٦٣

كفرا؟ ولو في حقّ الجاهل به مطلقا ، وإذا ثبت من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق الضّرورة أو لا يكون كذلك.

أمّا الكلام في الموضع الأوّل ؛ فملخّصه : أنّه لا إشكال في لزوم التّصديق والتّديّن بكلّ ما علم ثبوته من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّ العالم به مطلقا ؛ لأنّه من فروع تصديق النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون إنكار العالم به كفرا. وهذا ممّا لم يخالف فيه أحد بل لا يعقل الخلاف فيه ؛ لأنّه إنكار للنّبوّة.

وأمّا الموضع الثّاني فالّذي يقتضيه التّحقيق وعليه المحقّقون ويستفاد من كلام شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره عدم لزوم التّصديق والإقرار بما ثبت عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّ الجاهل به ، بمعنى الحكم بكفره مع عدم الإقرار ، أو الإنكار بالنّسبة إلى غير المعاد الجسماني الّذي هو أصل مستقلّ عندهم كالتّوحيد ، بل الكلّ بالنّسبة إلى غير إنكار الضّروري ، بل لا معنى عند التّأمّل للقول بالكليّة المذكورة وأنّ كلّ غير مقرّ بما ثبت عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقعا أو منكر له ولو مع العلم بخلافه يحكم بكفره.

نعم ، كلماتهم في مسألة خصوص إنكار الضّروري مضطربة ؛ من حيث إنّ له سببيّة وموضوعيّة في الحكم بكفر منكره أو طريقيّة من حيث أدائه إلى إنكار النّبوة. ومن هنا اعتبر غير واحد بل الأكثر ؛ عدم احتمال الشّبهة في حقّ المنكر ؛ فيكون الحكم بالكفر عندهم من حيث إنّ الضّرورة طريق لعلمنا إلى علم المنكر حقيقة. وهذا هو الفارق بين الضّروري وغيره ممّا ثبت من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومن هنا

٢٦٤

يحكم بإيجاب إنكار ضروري المذهب لكفر منكره إذا كان من أهل المذهب لا مطلقا.

والحقّ ما عرفت : من أنّ الحكم بالكفر حتّى بالنّسبة إلى الضّروري في غير المعاد مشروط بالعلم ، وأمّا مع الشّك والجهل البسيط فضلا عن المركّب ، فلا يجب الالتزام والتّديّن تكليفا ، بل لا يجوز ولا يؤثّر بحسب الحكم الوضعي أيضا ؛ بمعنى :أنّه لا يحكم بكفر غير المستلزم بما ثبت عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو في الضّروريات ؛ مع علمنا بشكّه وجهله بل لا يضرّ إنكاره مع الالتزام الإجمالي بما جاء به النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان ظاهر بعض الأخبار إيجاب الجحود للكفر مطلقا ؛ لكنّه محمول على الإهمال بقرينة الأخبار ، سيّما ما ذكره في « الكتاب ».

فإنّ المراد من الإقرار بما جاء به ـ على ما عرفت ـ : هو الإقرار الإجمالي أو التّفصيلي بعد العلم بما جاء به. وهذا معنى ما أفاده قدس‌سره في « الكتاب » بقوله : « وأمّا التّدين بسائر الضّروريّات ففي اشتراطه ، أو كفاية عدم إنكارها ، أو عدم اشتراطه أيضا ؛ فلا يضرّ إنكارها ، إلاّ مع العلم بكونها من الدّين وجوه : أقواها : الأخير ، ثمّ الأوسط » (١).

وغلط بعض النّسخ بإسقاط كلمة الاستثناء أوقع غير واحد في حيص وبيص بل إساءة الأدب مع وضوح الغلط والسّقط ؛ فإنّه إذا لم يوجب إنكار

__________________

(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٦٨.

٢٦٥

الضّروري مع العلم بكونه عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكفر ، فأيّ شيء يوجبه؟

وهذا لا يظنّ صدوره عن جاهل فضلا عن مثله قدس‌سره الّذي صرف عمره في علم الشّريعة ؛ مع ما عليه من التفرّد في دقّة النّظر واستقامة الرّأي ، والاطّلاع على فتاوى الفقهاء ( رضوان الله عليهم ) في عصره فجزاه الله عن الإسلام خيرا وحشره في حظيرة قدسه مع نبيّه وآله الطّيبين الطّاهرين ( سلام الله عليهم أجمعين ).

ثمّ إنّه يدلّ على ثبوت الواسطة ـ مضافا إلى ما رواه في « الكتاب » ، وكون الكفر مترتّبا على الجحود والإنكار ـ كثير من الأخبار البالغة حدّ الاستفاضة ؛ ففي « الكافي » في باب « فرض طاعة الأئمّة عليهما‌السلام » أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « نحن الّذين فرض الله طاعتنا لا يسع النّاس إلاّ معرفتنا ولا يعذر النّاس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ومن أنكرنا كان كافرا ، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاّ ؛ حتّى يرجع إلى الهدى الّذي افترض الله تعالى عليه من طاعتنا الواجبة ، فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء » (١).

في « الكافي » أيضا في باب « الكفر » بسنده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ الله عزّ وجلّ نصب عليّا عليه‌السلام علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالاّ ومن نصب معه شيئا كان مشركا ومن جاء بولايته دخل

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ١ / ١٨٧ باب « فرض طاعة الأئمة عليهم‌السلام » ـ ح ١١.

٢٦٦

الجنّة ، ومن جاء بعداوته دخل النّار » (١). إلى غير ذلك من الأخبار.

ويمكن حمل ما دلّ على كفر المنكر ـ ولو عن جهل ـ على مثل التّوحيد والنّبوة ، فلا يشمل الضّروريات الدّينيّة مع الإذعان والتّدين والإقرار الإجمالي.

ويشهد له ما رواه محمّد بن مسلم الوارد في كفر الشّاك في الله والنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن الإمام قال ـ بعد الحكم بكفره في جواب السّائل مشيرا إلى زرارة ـ : إنّما يكفر إذا جحد (٢). وسيجيء نقله في « الكتاب » (٣).

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ١ / ٤٣٧ باب « فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية » ـ ح ٧.

(٢) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٩٩ باب « الشك » الحديث (٣).

(٣) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٧٧.

٢٦٧

(٦٧) قوله قدس‌سره : ( وبالجملة : فالقول : بأنّه يكفي ... إلى آخره ) (١). ( ج ١ / ٥٦٨ )

أقول : ظاهر ما أفاده كون البراءة من أعداء الأئمّة عليهما‌السلام معتبرا بالأصالة في الإيمان بالمعنى الأخصّ كما هو ظاهر بعض الأخبار (٢) ، لا من جهة كونها من لوازم الولاية كما هو ظاهر غير واحد من الأخبار. وفي بعض الأخبار بمضمون « من والانا فقد برىء من عدوّنا » (٣).

__________________

(١) قال الشيخ الأعظم ١ بعد ذلك بأسطر :« وأمّا التديّن بالضروريّات ففي اشتراطه أو كفاية عدم إنكارها مع العلم بكونها من الدين وجوه أقواها الأخير ثمّ الأوسط ».

* وعلّق عليه تلميذه الفحل السيّد علي القزويني قائلا :

« ومن العجب ما في كلام شيخنا هذا.

فأوّل ما يردّ عليه : عدم التغاير بين الوجه الأوّل والثاني ؛ فإنّ الإنكار عبارة عن عدم التديّن ، فعدمه بضابطة النفي في النفي عبارة عن التديّن إلاّ أن يقال بملاحظة ثبوت الواسطة وهو التوقّف بمنع الملازمة ؛ لأن عدم التديّن بمعنى الإنكار أعمّ من التديّن والتوقّف ، وعدم استلزام الأعمّ للأخص ضروري.

وثاني ما يرد عليه : أن ترجيح الوجه الأخير في معنى القول بأن إنكار ما جاء به النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقابل للإقرار به غير مضرّ في الدين والإسلام وهو خلاف النص والإجماع ». إنتهى.

أنظر تعليقة على معالم الأصول : ج ٥ / ٤٠٠.

(٢) كما هو الحق الذي لا محيص عنه.

(٣) لم نجد حديثا بهذا المضمون وأنظر الكافي الشريف : ج ٢ / ٤٠ ـ ح ٦ من باب

٢٦٨

كما أنّه يظهر منه في معرفة الله تبارك وتعالى ـ مضافا إلى الاعتقاد بوجوده وتوحيده ـ الاعتقاد بكونه جامعا لجميع الكمالات ومنزّها عن جميع النّقائص الخلقية كما ذكره سابقا أيضا. فإن كان المراد اعتبار ذلك على سبيل الإجمال ؛ بمعنى الاعتقاد بكونه تعالى ليس من جنس المخلوق ، فله وجه ، وإلاّ فاستفادة اعتبار ذلك من الأخبار المتقدّمة في غاية الإشكال والله العالم بحقيقة الحال.

(٦٨) قوله قدس‌سره : ( وهل هو كافر مع ظنّه بالحقّ؟ وجهان : من إطلاق ... إلى آخره ) ( ج ١ / ٥٧٠ )

الشاك غير الجاحد كافر أم لا؟

أقول : ممّا يدلّ على الوجه الأوّل : ما رواه في « الكافي » في باب « الكفر » عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من شك في الله وفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو كافر » (١).

وعن منصور بن حازم قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : من شك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : كافر. قلت : من شك في كفر الشّاك فهو كافر؟ فأمسك عنّي فرددت

__________________

« المستضعف » ، وكذا الوسائل : ج ٢٤ / ١٣٢ الباب «٩» ـ ح ١٠.

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٨٦ باب « الكفر » ـ ح ١٠.

٢٦٩

عليه ثلاث مرّات ، فاستبنت في وجهه الغضب (١).

وفي باب « دعائم الكفر » عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « بني الكفر على أربع دعائم : الفسق والغلوّ والشّك والشّبهة » (٢).

وفي باب « الشّك » عن أبي إسحاق الخراساني قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول في خطبته : « لا ترتابوا فتشكّوا ، ولا تشكّوا فتكفروا » (٣). إلى غير ذلك.

وممّا يدلّ على الوجه الثّاني :

ما رواه في « الكافي » في باب « الكفر » أيضا عن محمّد بن مسلم قال :سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « كلّ شيء يجرّه الإقرار والتّسليم فهو إيمان ، وكلّ شيء يجرّ الإنكار والجحود فهو الكفر » (٤). بناء على دلالته على الحصر.

وفي هذا الباب أيضا : ما رواه عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا » (٥).

وفيه : في باب الشّك أيضا عن محمّد بن مسلم قال : « كنت عند أبي عبد

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٨٧ الباب السابق ـ ح ١١.

(٢) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٩٤ ـ ح ١ « طبع دار الأسوة ».

(٣) الكافي الشريف : ج ١ / ٤٥ باب « استعمال العلم » ـ ح ٦.

(٤) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٨٧ باب « الكفر » ـ ح ١٥.

(٥) المصدر السابق نفس الباب ـ ح ١٩.

٢٧٠

الله عليه‌السلام جالسا عن يساره وزرارة عن يمينه ، فدخل عليه أبو بصير ، فقال : يا أبا عبد الله ما تقول فيمن شك في الله؟ فقال : كافر يا أبا محمّد. قال : فشك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال كافر. قال : ثمّ التفت إلى زرارة فقال : إنّما يكفر إذا جحد » (١). إلى غير ذلك.

ولا ريب أنّ مقتضى العلاج بين الطّائفتين من الأخبار بعد تعارضهما بالإطلاق والتّقييد ـ ولو باعتبار المنطوق والمفهوم في البعض ـ هو الأخذ بما دلّ على الوجه الثّاني ؛ حملا للمطلق على المقيّد كما هو واضح هذا.

مضافا إلى ما ذكره قدس‌سره في « الكتاب » : من دلالة الأخبار المستفيضة على ثبوت الواسطة بين الكفر والإيمان. وقد أطلق عليه في الأخبار الضّلال ؛ لكن أكثر الأخبار الدّالة على الواسطة مختصّة بالإيمان بالمعنى الأخصّ ... إلى آخر ما أفاده (٢).

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٣٩٩ باب « الشك » ـ ح ٣.

(٢) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٧١.

٢٧١

الأخبار الدّالة على ثبوت الواسطة بين الكفر والإيمان

فبالحريّ أن نذكر جملة ممّا أشار إليه تيمّنا

فمنها : ما رواه في « الكافي » في باب « المرجون لأمر الله » ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزّ وجل : ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ ) (١). قال : « قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين. ثمّ إنّهم دخلوا في الإسلام فوحّدوا الله وتركوا الشّرك ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة ، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النّار ، فهم على تلك الحال ، إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم » (٢). وهذه تدلّ على ثبوت الواسطة بين الإسلام والكفر (٣).

__________________

(١) التوبة : ١٠٦.

(٢) الكافي الشريف : ج ٢ / ٤٠٧ ـ ح ١ وزبدة الكلام في المقام : أن المرجون هنا لأمر الله قوم كانوا مشركين وقد قاموا بقتل أمثال حمزة سيّد الشهداء وجعفر الطيّار « صلوات الله عليهما » وأضرابهما من المؤمنين ثمّ منّ الله عزّ وجل عليهم بعد ذلك فدخلوا في الاسلام وتبرأوا من الشرك لكنهم وقفوا في هذا المنزل دون أن يرتقوا إلى الايمان فتجب لهم الجنة أو يرتدوا فتجب لهم النار وماتوا على ذلك فهم من المرجون لأمر الله تعالى.

(٣) بل تدل على ثبوت الواسطة بين الإيمان والكفر كما هو ظاهر ، ولعلّه وقع منه سهوا والله العالم.

٢٧٢

ومنها : ما رواه أيضا في باب « أصحاب الأعراف » : عن زرارة أيضا قال لي أبو جعفر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت : « ما هم إلاّ مؤمنون أو كافرون ، إن دخلوا الجنّة فهم مؤمنون ، وإن دخلوا النّار فهم كافرون. فقال : والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ، ولو كانوا مؤمنين دخلوا الجنّة كما دخلها المؤمنون ، ولو كانوا كافرين لدخلوا النّار كما دخلها الكافرون ؛ ولكنّهم قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم فقصرت بهم الأعمال وإنّهم كما قال الله عزّ وجل. فقلت : أمن أهل الجنّة هم أو من أهل النّار؟ فقال : أتركهم حيث تركهم الله. قلت : أفترجئهم؟ قال : أرجئهم كما أرجأهم الله ، إن شاء أدخلهم الجنّة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النّار بذنوبهم ولم يظلمهم » (١). وهذه مثل السّابقة في الدّلالة.

ومنها : ما في « الكافي » في « باب الضّال » عن هاشم صاحب البريد ، قال :

« كنت أنا ومحمد بن مسلم وأبو الخطّاب مجتمعين ، فقال [ لنا ] أبو الخطّاب : ما تقولون فيمن لم يعرف هذا الأمر؟ فقلت : من لم يعرف هذا الأمر فهو كافر. فقال أبو الخطّاب : ليس بكافر حتّى تقوم عليه الحجّة ، فإذا قامت عليه الحجّة ولم يعرف فهو كافر. فقال له محمّد بن مسلم : سبحان الله! ما له إذا لم يعرف ولم يجحد يكفر؟

ليس بكافر إذا لم يجحد.

قال : فلمّا حججت دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فأخبرته بذلك. فقال : إنّك

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٤٠٣ ـ ح ٢ باب « الضلاّل ».

٢٧٣

قد حضرت وغابا ، ولكن موعدكم اللّيلة عند الجمرة الوسطى بمنى فلمّا كانت اللّيلة اجتمعنا عنده وأبو الخطّاب ومحمد بن مسلم فتناول وسادة فوضعها في صدره فقال (١) : أمّا ما تقولون في خدمكم ونسائكم وأهلكم ، أليس يشهدون أن لا إله إلاّ الله؟ قلت : بلى. قال : أليس يشهدون أنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال :أليس يصلّون ويصومون ويحجّون؟ قلت : بلى. قال : ويعرفون ما أنتم عليه؟ قلت :لا. قال : فما هم عندكم؟ قلت : من لم يعرف هذا الأمر فهو كافر. قال : سبحان الله! أما رأيت أهل الطريق وأهل الماء؟ قلت : بلى.

قال : أليس يصلّون ويصومون ويحجّون؟ أليس يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله؟ قلت : بلى. قال : أيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت : لا. قال :فما هم عندكم؟ قلت : من لم يعرف فهو كافر. قال : سبحان الله! أما رأيت الكعبة [ والطّواف ] وأهل اليمن وتعلّقهم بأستار الكعبة؟ قلت : بلى.

قال عليه‌السلام : أليس يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويصلّون ويصومون ويحجّون؟ قلت : بلى. قال : فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت : لا. قال : فما تقولون فيهم؟ قلت : من لم يعرف فهو كافر قال سبحان الله! هذا قول الخوارج. ثمّ قال : إن شئتم أخبرتكم. فقلت (٢) : بلى. فقال : أما إنّه شرّ عليكم أن

__________________

(١) وفي المصدر : ثمّ قال لنا : ما تقولون في خدمتكم ... إلى آخره.

(٢) في المصدر : « لا » بدل « بلى ».

٢٧٤

تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا. قال : فظننت أنّه يريد (١) ما على قول محمّد بن مسلم » (٢). الحديث.

ولعلّ المراد من ذيله : أنّه ظنّ من قول الإمام أخيرا إرادة قول محمد بن مسلم ؛ حيث حكم بكفر من لم يعرف مع عدم سماعه من الإمام عليه‌السلام (٣) وهذه تدل على ثبوت الواسطة بين المؤمن بالمعنى الأخصّ والكافر.

ومنها : ما رواه في « الكافي » أيضا عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل إلى أن قال ـ في مقام جواز التّزويج ـ : « ولكن العواتق اللّواتي لا ينصبن كفرا ولا يعرفن ما تعرفون. قال زرارة : قلت : وهل تعدو أن تكون مؤمنة أو كافرة فقال : تصوم وتصلّي وتتقي الله ولا تدري ما أمركم. فقلت : قد قال الله عز وجلّ

__________________

(١) في المصدر : يديرنا على قول محمّد بن مسلم.

(٢) الكافي : ج ٢ / ٤٠٢ ـ ح ١ باب « الضلاّل ».

(٣) لعلّه يقصد : ان هاشما حكم بكفر من لم يعرف إمامة أهل البيت الثابتة لهم بأمر الله عزّ وجل ، من دون ان يكون قد سمع بمتعلق حكمه من الامام المعصوم ، والمفروض ان المؤمن ينبغي له أن لا يدين الله تعالى بشيء متى ما لم يسمع بذلك من الشارع كما ورد أن من سرّه ان يستكمل الايمان كلّه فليقل : القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد فيما أسرّوا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني. انظر الكافي الشريف : ج ١ / ٣٩١ باب « التسليم وفضل المسلّمين » ـ ح ٦.

٢٧٥

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) (١) لا والله لا يكون أحد من النّاس ليس بمؤمن ولا كافر. قال : فقال : أبو جعفر عليه‌السلام قول الله أصدق من قولك يا زرارة أرأيت قول الله عزّ وجلّ : ( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) (٢) فلمّا قال : عسى ، فقلت : ما هم إلاّ بمؤمنين أو كافرين. قال : فقال عليه‌السلام :فما تقول في قول الله عزّ وجل ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) (٣) إلى الإيمان. فقلت : ما هم إلاّ بمؤمنين أو كافرين. فقال : والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين. ثمّ أقبل علي ، فقال : ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت : ما هم إلاّ مؤمنين أو كافرين ؛ إن دخلوا الجنّة فهم مؤمنون ، وإن دخلوا النّار فهم كافرون. فقال : والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين » (٤). الحديث.

وهذه الرّواية كما ترى تدلّ على الواسطتين صدرا وذيلا.

ومنها : ما رواه في « الكافي » أيضا في باب « المستضعف » عن عمر بن أبان قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستضعفين فقال عليه‌السلام : هم أهل الولاية فقلت : أيّ ولاية فقال : أمّا إنّها ليست بالولاية في الدّين ، ولكنّها الولاية في المناكحة

__________________

(١) التغابن : ٢.

(٢) التوبة : ١٠٦.

(٣) النساء : ٩٨.

(٤) الكافي الشريف : ج ٢ / ٤٠٣ ـ ح ٢ من باب « الضلاّل » ، « ط دار الأسوة ».

٢٧٦

والموارثة والمخالطة وهم ليسوا بالمؤمنين وليسوا بالكفّار ومنهم المرجون لأمر الله عزّ وجلّ » (١) إلى غير ذلك من الأخبار.

فيما يترتّب على الواسطة من الأحكام

ثمّ إنّ الواسطة بين الإيمان بالمعنى الأعم ـ وهو الإسلام ـ والكفر ، لا يترتّب عليه حكم كلّ من الكافر والمسلم (٢) ؛ فمثل النّجاسة لا يترتّب عليه ، بل يحكم بطهارته ؛ لأنّ النّجاسة من أحكام الكفر. كما أنّ جواز النّكاح والتّوارث من أحكام الإسلام. وهل يحكم بصحّة عباداته أم لا؟ وجهان ؛ أوجههما الثّاني ؛ لأنّ ظاهرهم اعتبار الإسلام في صحّة العبادات لا مانعيّة الكفر.

__________________

(١) المصدر السابق : ج ٢ / ٤٠٦ باب « المستضعف » ـ ح ٥ « ط دار الأسوة ».

(٢) أقول : التعبير لا يخلو من مسامحة ؛ فانه إذا لم يترتّب عليه حكم المسلم كيف حكم له بالطهارة؟ وأنت تعلم بان الحكم بطهارة هؤلاء وجواز نكاحهم وتوارثهم وما إلى ذلك من أحكام إنما يتبع الحكم بإسلامهم ولعلّ ما صدر منه كان سهوا من القلم وإلاّ فإن الواسطة المذكورة إنما هي بين الكفر والإيمان.

وأما الواسطة بين الإسلام ـ الذي عبّر عنه بالإيمان بالمعنى الأعم ـ والكفر فشيء لا دليل عليه ولم يثبت من طريق الأخبار وإنما هو نسيج الخيال ، على ان الواسطة بين الإسلام والكفر ـ لو سلّم ـ هي ما عليه أهل الكتاب ولهم أحكامهم والبحث أجنبي عنهم تماما وشرحه يطلب من محلّه.

٢٧٧

نعم ، لا يجوز استرقاقه قطعا ؛ لأنّه من أحكام الكفر. كما أنّه يحكم بسقوط القضاء عنه بعد الإسلام ؛ فإنّه من أحكامه. وبالجملة : لا بدّ من تشخيص كون الحكم مترتّبا على الكفر أو الإسلام ، وهو بنظر الفقيه (١).

وأمّا الواسطة بين المؤمن بالمعنى الأخصّ والكافر فيجري عليه حكم المسلم القائل بالإيمان الأخصّ ولا يترتّب عليه حكم كلّ من الكافر والمؤمن (٢) فمثل حقن الدّماء والميراث وجواز النّكاح فيما كانت الواسطة امرأة وأراد المؤمن نكاحها يترتّب عليه. وأمّا نكاحها (٣) المؤمنة ونحوه ممّا رتّب في الشّرع على الإيمان بالمعنى الأخصّ فلا يترتّب عليه. ويدلّ على ما ذكرنا الأخبار السّابقة وكثير من الأخبار الأخر.

منها : ما رواه في « الكافي » في باب « أنّ الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان » عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ وصدّقه العمل بالطّاعة لله والتّسليم لأمره. والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الّذي عليه جماعة النّاس كلّها ، وبه حقنت الدّماء وعليه جرت المواريث وجاز النّكاح واجتمعوا على

__________________

(١) لم نعرف لهذه الفروع محصّلا بعد عدم وضوح الواسطة المتصوّرة بين الإسلام والكفر حيث كان الحديث عن الواسطة بين الإيمان والكفر لا غير.

(٢) لا يخلو من تهافت صدرا وذيلا فلاحظ.

(٣) كذا والظاهر ان الصحيح : وأمّا نكاحه المؤمنة.

٢٧٨

الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ وخرجوا بذلك عن الكفر واطلعوا إلى الإيمان. والإسلام لا يشرك الإيمان ، والإيمان يشرك الإسلام ، وهما في الفعل والقول يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ، ليس في الكعبة ، وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.

وقد قال الله عزّ وجلّ : ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) فقول الله عزّ وجلّ أصدق القول.

قلت : فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال : لا ، هما يجريان في ذلك مجرى واحد ، ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله عزّ وجلّ.

قلت : أليس الله عزّ وجل يقول : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) (٢) وزعمت أنّهم مجتمعون على الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ مع المؤمن؟ قال :أليس قد قال الله عزّ وجلّ ( فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) (٣) فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله عزّ وجل حسناتهم لكلّ حسنة سبعين ضعفا ، فهذا فضل المؤمن ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه أضعافا كثيرة ويفعل الله بالمؤمنين

__________________

(١) الحجرات : ١٤.

(٢) الأنعام : ١٦٠.

(٣) البقرة : ٢٤٥.

٢٧٩

ما يشاء من الخير.

قلت : أرأيت من دخل في الإسلام ليس هو داخلا في الإيمان؟ قال : لا ، ولكنّه قد أضيف إلى الإيمان وخرج عن الكفر ، وسأضرب لك مثلا تعقل به فضل الإيمان على الإسلام ؛ أرأيت لو أبصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد أنّك رأيته في الكعبة؟ قلت : لا يجوز لي ذلك قال فلو أبصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا أنّه قد دخل المسجد الحرام قلت : نعم. قال : وكيف ذلك؟ قلت : لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد. قال : أصبت وأحسنت. ثمّ قال كذلك الإيمان والإسلام » (١).

وبمضمونه جملة من الرّوايات وظاهره وإن كان ترتّب الثّواب على أعمال جميع الفرق من المسلمين ، إلاّ أنّه مطلب آخر لا دخل له بما كنا نحن في صدد بيانه ، مع كونه معارضا بأظهر منه يدلّ على إناطة الثّواب بالإيمان بالمعنى الأخصّ. مثل ما رواه في « الكافي » في « باب دعائم الإسلام » : عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضى الرّحمن ، الطّاعة للإمام عليه‌السلام بعد معرفة أنّ الله عزّ وجل يقول : ( مَنْ

__________________

(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٢٦ باب « أن الإيمان يشرك الإسلام والاسلام لا يشرك الإيمان » ـ ح ٥.

٢٨٠