بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-280-7
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٥٥٧

(١٨٠) قوله قدس‌سره : ( وبإزاء هذا التّوهّم ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٥٩ )

أقول : وقد أشار إليه في « القوانين » (١) وأفسده بما لا يخلو عن المناقشة وهو بظاهره ممّا لا معنى له ؛ لأنّ قيام القاطع على حجيّة ظنّ ، لا يوجب خروجه عن عنوان الظّن ؛ ضرورة استحالة انقلاب الموضوع ، مضافا إلى استحالة تأثير المحمول المتفرّع على الموضوع في عدمه.

نعم ، لو كان الموضوع للحرمة عنوان التّشريع كان قيام الدّليل على اعتبار الظّن مخرجا له عن موضوع الحرمة على ما عرفت الإشارة إليه في الجواب الأوّل عن التّوهم الأوّل ، والفرق بينهما في كمال الوضوح فلا تغفل.

فلو اقتصر المتوهم في كلامه على الحكم بكون خروج الظّواهر من باب التخصّص من دون ذكر التّعليل لم يتوجّه عليه شيء كما لا يخفى.

__________________

(١) قوانين الأصول : ج ٢ / ١١٠.

٤٨١
٤٨٢

في حجية الظواهر بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه

(١٨١) قوله : ( وأمّا التّفصيل الآخر فهو الّذي يظهر من صاحب القوانين ... (١) (٢)

__________________

(١) قال سيّد العروة قدس‌سره :

قبل بيان التفصيل ينبغي التنبيه لأمرين :

الأوّل : أن التفصيل المذكور في القوانين لا يختص بظواهر الكتاب ، بل يعمّ جميع الظواهر ـ على ما هو صريح كلامه ـ حيث جعل الكتاب من جزئيات أحد شقّي التفصيل.

ولا ينافي ذلك تعبيره بخطاب المشافهة أحيانا في خلال الكلام بعد التصريح المذكور.

الثاني : ان التفاصيل المتصوّرة في المقام أربعة :

أحدها : التفصيل بين المشافه وغيره.

فيحكم بالحجّيّة في الأوّل سواء كان مخاطبا أم لا ، قصد إفهامه أم لا ، وربما يستظهر ذلك من كلام المعالم.

ثانيها : التفصيل بين المخاطب بالظواهر وغيره.

ويحكم بالحجّيّة في الأوّل سواء قصد إفهامه أم لا ، وعدم الحجّيّة في الثاني قصد إفهامه أم لا ، وربّما يحمل عليه كلام المعالم.

ثالثها : التفصيل بين من قصد إفهامه وغيره ، سواء كان مشافها أو مخاطبا أو غيرهما كالناظر إلى الكتب المصنّفة ، ويحكم بالحجّيّة في الأوّل دون الثاني. وهذا صريح كلام القوانين.

رابعها : التفصيل بين من لم يحصل اختلال الظواهر باختفاء القرائن ونحوه بالنسبة إليه وبين

٤٨٣

__________________

من ظن أو إحتمل احتمالا قريبا بحصول الإختلاف المذكور بالنسبة إليه.

ويظهر من المصنّف ( الشيخ الاعظم ) في أواخر توجيه كلام القوانين نسبة هذا التفصيل إليه.

وهو كذلك على ما يظهر من خلال كلامه أيضا.

ولعل ذلك خلط وإلاّ فقد عرفت صراحة كلام القوانين في التفصيل الثالث ، لكن القول بالتفصيل الرابع أولى وأقرب إلى القبول ؛ لأن بناء العقلاء الذي هو دليل حجيّة الظواهر مقصور على ما لم يحصل الاختلال فيها قطعا أو ظنّا ، وأمّا إذا ظنّ أو احتمل قويّا اختلالها فلا ريب أن بناء العقلاء في مثله التوقف عن العمل بالظواهر.

والظواهر مطلقا ـ كتابا وسنة ـ بالنسبة إلينا من هذا القبيل ، فينبغي القول بالتفصيل المذكور لينتج عدم حجّيّة الظواهر بالنسبة إلينا مطلقا فلا بد من ردّ هذا التفصيل من دليل ». إنتهى.

حاشية فرائد الأصول : ج ١ / ٣٤٩.

(٢) وقال المحقق الميرزا النائيني قدس‌سره :

وأنت خبير بما فيه [ التفصيل المزبور ] ؛ فإن جميع المحتملات التي تقتضي عدم إرادة المتكلم ظاهر كلامه منفيّة بالأصول العقلائيّة ولا إختصاص لاحتمال غفلة المتكلم عن نصب قرينة المراد ، بل احتمال نصب القرينة السابقة أو اللاحقة أو إحتمال قرينة الحال ـ وغير ذلك مما يفرض من الإحتمالات كلها مرجوحة في نظر العرف منفيّة بأصالة العدم التي عليها بناء العقلاء من غير فرق بين المخاطب وغيره. نعم احتمال القرينة المنفصلة بالنسبة إلى المتكلم الذي من عادته الإعتماد على القرائن المنفصلة يكون راجحا ، إلاّ أن ذلك إنّما يقتضي وجوب الفحص عنها لا سقوط ظاهر كلامه عن الإعتبار. مع أن نسبة الأخبار إلينا نسبة كتب التأليف والتصنيف ؛ فإن نقلة الروايات في مبدء السلسلة غالبا كانوا هم المخاطبين بالكلام ـ وقد اعترف ان ظاهر الكلام حجة في حقهم ـ وبعد ذلك اودعت تلك الروايات في الأصول ثم في الجوامع والكتب ولا بد وأن يكون الراوي عن الإمام يودع أو

٤٨٤

إلى آخره ). ( ج ١ / ١٦٠ )

أقول : الأولى نقل كلامه في أوّل الاجتهاد والتّقليد ، فإنّه قد أجمل الكلام في مسألة حجيّة ظاهر الكتاب وأوجزه ، قال قدس‌سره في مقام إثبات حجيّة ظنّ المجتهد من جهة دليل الانسداد ـ بعد جملة كلام له على الاستدلال لحرمة العمل بالظّن بظواهر ما دلّ من الكتاب عليه ـ ما هذا لفظه :

« فإن قلت : الدّليل عليه أنّه ظاهر الكتاب مثلا وهو حجّة إجماعا فالعام

__________________

ينقل ما سمعها من الكلام بما احتف به من قرائن الحال والمقال ؛ لأن الغرض من نقله هو إفهام الغير ، فتكون الكتب المودّعة فيها الروايات ككتب التأليف والتصنيف التي اعترف بحجّيّة ظواهرها أيضا لكل من نظر فيها.

فالإنصاف انه لا فرق في حجية الظواهر بين ظواهر الأخبار وغيرها وبين من قصد إفهامه وغيره. إنتهى فوائد الأصول : ج ٣ / ١٣٨.

وأورد المحقق العراقي على الميرزا النائيني بقوله :

[ إنما يصح الإستناد إلى الأصول العقلائية في المقام ] لو كان نظر المحقق [ القمي ] إلى احتمال وجود القرائن الخفية بينه و [ بين ] مخاطبه ، وأمّا لو كان نظره إلى عدم حجية الظهور إلاّ في صورة إحراز كون المتكلم في مقام تفهيم مرامه لكل أحد لا لشخص خاص ـ وإلاّ فلا مجال لغيره بحصول الظن بمرامه ولو نوعا ، الذي هو المدار في الدلالة التصديقيّة الذي هو موضوع الحجّيّة لدى العقلاء ـ فلا يفي بدفعه أصالة عدم القرينة الخفيّة لإثبات الحجّيّة كما لا يخفى.

وحينئذ لا محيص من أن يقال : إنه يكفي لحجّيّته محض إحراز كونه في مقام التفهيم ولو لشخص خاص بلا إحتياج إلى إحراز كونه في مقام تفهيم الكل ؛ لبناء العقلاء على إلزام الطرف بسماع الغير كلامه. إنتهى.

انظر فوائد الاصول : ج ٣ / ١٣٨ تعليق العراقي.

٤٨٥

الدّال على حرمة العمل بالظّن قطعي العمل فلا محال.

قلت : المسلّم من الإجماع هو حجيّة ما هو مراد من الكتاب ، لا ما هو ظاهر منه ؛ فإنّ حجيّة ظواهر الكتاب مسألة اجتهاديّة ، وانعقاد الإجماع عليها ممنوع ، لمخالفة الأخباريّين اعتمادا على أخبار كثيرة مذكورة في محلّها.

سلّمنا عدم الاعتناء بشأنهم وإمكان إخراج تلك الأخبار عن ظاهرها لمعارضتها بأقوى منها.

لكنّا نقول : المسلّم منه حجيّة ما هو متفاهم المشافهين المخاطبين ومن يحذو حذوهم ؛ لأنّ مخاطبته كان معهم ، والظن الحاصل للمخاطبين من جهة أصالة الحقيقة والقرائن المجازيّة حجّة إجماعا ؛ لأن الله تعالى أرسل رسوله وكتابه بلسان قومه. والمراد بلسان القوم : هو ما يفهمونه ، وكما أنّ التّفهيم يختلف باختلاف اللّسان ، كذلك يختلف باختلاف الزّمان ، وإن توافق اللّسان ، فحجّيّة متفاهم المتأخّرين عن زمن الخطاب وظنونهم يحتاج إلى دليل آخر ، غير ما دلّ على حجيّة متفاهم المخاطبين المشافهين ، لمنع الإجماع عليه بالخصوص.

ولا يمكن إثبات ذلك إلاّ بأحد وجهين :

الأوّل : انحصار السّبيل إلى الحكم في العمل بتلك الظّنون ، ودلالة استحالة التّكليف بما لا يطاق عليه. وهو ما ذكرناه ؛ لأنّ ذلك هو مقتضى الدّليل العقلي المقتضي لحجيّة ما يصحّ السّبيل إليه من الظّنون من حيث هي ظنّ ، لا من حيث هي أنّه ظنّ خاصّ ؛ إذ الدّليل القطعي لا يدلّ على حجيّة ظنّ خاصّ. والمفروض : أنّ الإجماع غير مسلّم في الظّن الحاصل لغير المشافهين.

والثّاني : أنّ الكتاب العزيز من قبيل تأليف المصنّفين الّذين يقصدون

٤٨٦

بكتابهم بقاءه أبد الدّهر ليفهم منه المتأمّلون فيه بكرور الأيّام على مقدار فهمهم ويعملون عليه وكذلك المكاتيب والمراسيل الواردة من البلاد البعيدة سيّما مع مخالفة لسان المكتوب مع المكتوب إليه ، فإنّه لا ريب في جواز العمل للمدرّسين في التّأليفات والمتعلّمين والمتأمّلين فيها وحملها على مقتضى ما يفهمون بقدر طاقتهم ، ولا كذلك المكتوب إليهم المكاتيب فإنّه ممنوع ، سيّما فيما اشتمل على الأحكام الفرعيّة ؛ إذ الظاهر منها إلقاء الأحكام بين الأمّة وإعلام المخاطبين بالشرائع وإعلاؤها بينهم.

وذلك لا ينافي قصد عمل الآتين بعدهم ولو بعد ألف سنة بذلك ، لأجل حصول الطّريقة واستقرار الشّريعة بعمل الحاضرين مزاولتهم ونقلهم إلى خلفهم يدا عن يد. ولا ينافي ذلك أيضا تعلّق الغرض ببقائه أبد الدّهر ، لحصول الإعجاز وسائر الفوائد ؛ إذ ذلك يحصل بملاحظة البلاغة والأسلوب وسائر الحكم المستفاد منها مع قطع النّظر عن الأحكام الفرعيّة التي هي قطرة من بحار فوائده ».

إلى أن قال :

« والحاصل : أنّ دعوى العلم : بأنّ وضع الكتاب العزيز إنما هو على وضع المصنّفين سيّما في الأحكام الفرعيّة ، دعوى لا يفي بإثباتها بيّنة » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.

وهو كما ترى مشتبه المراد :

أمّا أوّلا : فلأنّه لم يعلم المراد من الجواب الأوّل عن السؤال فإنّ قصر قيام

__________________

(١) قوانين الاصول : ج ٢ / ١٠١.

٤٨٧

الإجماع على حجيّة المراد من الكتاب لم يعلم له معنى محصّل ؛ إذ المراد لا يمكن اتّصافه بالحجيّة وعدمها. وإنّما القابل للاتّصاف بها ما هو طريق إليه وكاشف عنه. اللهمّ إلاّ أن يكون مراده : تنزيل الإجماع على حجيّة النّصوص الكتابيّة في قبال الظّواهر ، بملاحظة استناد المنع إلى مخالفة الأخباريين فإنّ مخالفتهم في الظّواهر لا في النّصوص على ما أفاده جماعة منهم.

وأمّا ثانيا : فلأنّه لم يعلم المراد من قوله : ( والظّن الحاصل للمخاطبين ... إلى آخره ) (١) حيث إنّ قوله : ( إجماعا ) يحتمل أن يراد به : الاستدلال بالإجماع كون المراد من قوله : ( لأنّ الله أرسل رسولا ... إلى آخره ) (٢) الإشارة إلى سند المجمعين. فالمراد بالإجماع حينئذ معناه المصطلح. ويحتمل أن يراد منه : معناه اللّغوي أي : الاتفاق ؛ فكأنّه قال قولا واحدا ، فيكون المراد من قوله : ( لأنّ الله ... إلى آخره ) الاستدلال بحجيّة الظّن المستفاد من أصالة الحقيقة والقرائن في حقّ المشافهين ، وإن كان هذا التّرديد والاشتباه في كلامه غير قادح في أصل المطلب.

نعم ، يرد عليه ـ على كلّ تقدير ـ : أنّ الاستدلال بالآية الشّريفة على حجيّة الظن في حق المخاطبين من حيث الخصوص ، والاستناد إليها في إثبات ذلك ، استدلال بظاهر الكتاب ممّن لا يكون مخاطبا به وهو غير جائز. اللهم إلاّ أن يقال : بكونها نصّا في ذلك ، فتأمّل.

__________________

(١) قوانين الأصول : ج ٢ / ١٠١.

(٢) نفس المصدر.

٤٨٨

وأمّا ثالثا : فلأنّه لم يعلم المراد من قوله : ( والمراد بلسان القوم ... إلى آخره ) من حيث إنّه هل يسلّم صدق العموم على غير المخاطبين من الموجودين في زمن الخطاب والموجودين بعده ـ ويتشبّث في الفرق في الحكم باختلاف الفهم وإن اتحد اللّسان حتّى يتوجّه عليه : بأنّ اختلاف الفهم قد يوجد بين المخاطبين في زمان واحد أيضا ، أو في زمانين ، مع اعترافه بالحجيّة من حيث الخصوص في الصّورة الأولى بل الثّانية على تقدير شمول الخطاب كما أنّه اعترف بها على تقدير تسليم كون الكتاب من قبيل تأليف المصنّفين مع تصريحه باختلاف الفهم مع تعدّد الزّمان واتّحاد اللّسان ـ أو يمنع من صدقه على غيرهم؟ حتّى يتوجّه عليه ـ مضافا إلى ظهور فساده ـ : بأنّه لا معنى إذن للحكم بالحجيّة من حيث الخصوص على تقدير كون الكتاب من قبيل تأليف المصنفين مع اختلاف الفهم. اللهم إلاّ أن يتشبّث على هذا التّقدير بذيل دليل آر غير الآية من الإجماع وغيره هذا.

المنع من ظواهر الكتاب في حق المعدومين

ثمّ إنّ المستفاد من كلامه ـ الّذي نقلناه وإن كان التّفصيل الّذي نسب إليه شيخنا الأستاذ العلاّمة إلاّ أن المستفاد منه ، صريحا في الجواب عن السّؤال الّذي أورده على نفسه ـ كما سيجيء نقله ـ : المنع من حجيّة ظواهر الكتاب في حقّ المعدومين ، وإن كان الكتاب من قبيل تأليف المصنّفين. حيث قال :

« سلّمنا أنّ الكتاب العزيز من باب تصنيفات المصنّفين ، لكن مقتضى ذلك أن يكون الظّن الحاصل منه حجّة ، من جهة أنّه ظنّ حاصل منه.

والمفروض : أنّ الظّنون الحاصلة اليوم من القرآن العزيز ليست ظنونا

٤٨٩

حاصلة منه فقط ؛ إذ الظّن الحاصل من اللّفظ إنّما هو من جهة وضع اللّفظ وحقيقته أو مجازه ، والاعتماد على أصل الحقيقة أو القرينة الظّاهرة في المعنى المجازي ونحو ذلك.

وأمّا الظّن الحاصل بعد ملاحظة المعارض والعلاج والسّوانح التي حصلت في الشّريعة ، فهو ظنّ حاصل للمجتهد بنفس الأمر ، بعد ملاحظة الأدلّة وجمعها وجرحها وتعديلها ، لا ظنّ حاصل من الكتاب ... إلى آخر ما أفاده قدس‌سره » (١).

وأنت خبير : بأنّ هذا صريح في خلاف التّفصيل الّذي نسبه شيخنا قدس‌سره إليه ، المستفاد منه : كما ترى أنّ الّذي جزم به في مطاوي كلماته السّابقة من حجيّة ظاهر ما كان من باب تأليف المصنّفين من حيث الخصوص ، إنّما هو بالنّسبة إلى غير الكتاب العزيز ممّا لا يحتاج في العمل بظاهره إلى إعمال قواعد التّعارض والعلاج.

وهذا وإن كان محلاّ للمناقشة والنّظر ـ حيث إنّ إعمال العلاج بين المتعارضات من الأدلّة والفحص عن شروط العمل بها لا يوجب إجمال دلالتها وخروج ظواهر ألفاظها عن مقتضى وضعها والقرينة ، إلاّ أن يفرض العلم الإجمالي بالصّرف عن الظّاهر في بعض الآيات بالخصوص ، وهذا لا اختصاص له بزماننا ، بل قد يتحقق بالنّسبة إلى المشافهين ، مضافا إلى أنّ عروض السّوانح المسطورة لا يفرّق فيها بين القول بشمول الخطاب للمعدومين وعدمه ، مع اعترافه بالحجيّة من حيث الخصوص ، على القول الأوّل ـ إلاّ أنّه صريح في رجوعه عمّا ذكره أوّلا ، أو

__________________

(١) قوانين الأصول : ج ٢ / ١٠١.

٤٩٠

كونه مبنيّا على الإغماض.

ثمّ إنّ الوجه فيما ذكره من التّفصيل وعدم الحجيّة من حيث الخصوص في حقّ غير المقصود بالتّفهيم والخطاب : هو كون الحجّة ـ بمقتضى إجماع أهل اللّسان والعقلاء والعلماء ـ الظّهور المستند إلى اللّفظ وكشفه عن المراد ، ولو بواسطة القرائن من دون إعمال أمور عارضة خارجة يوجب الظّهور وطريقيّة اللفظ.

وكشفه عن المراد بنفسه إنّما هو بالنّسبة إلى المقصود بالتّفهيم ولو بعنوان العموم. وأمّا بالنّسبة إلى غيره فلا طريقيّة للفظ في حقّه فلا ظهور هناك أصلا ، فلو فرض حصول ظنّ بالمراد لا يكون مستندا إلى اللّفظ فلا دليل على اعتباره من حيث الخصوص.

(١٨٢) قوله : ( ويمكن توجيه هذا التفصيل ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٦٠ )

أقول : لا يخفى عليك أنّ ما أفاده قدس‌سره في توجيه مرامه ، شرح ما لخّصناه أجملناه في بيانه.

وحاصله : أنّ مدرك اعتبار أصالة الحقيقة والظّهور ـ عند العقلاء وأهل اللّسان واعتمادهم عليها في استكشاف المراد ـ إنّما هو قاعدة قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر مع إرادة خلافه من دون نصب دلالة يصرف عن الظّهور وقرينة على إرادة خلافه في وقت الحاجة إذا لم يكن هناك مصلحة توجب تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ومقتضى هذه القاعدة كما ترى ، وإن كان القطع بالمراد فيما علم عدم المصلحة في تأخير البيان كما هو الغالب ـ فيكون دلالة اللّفظ بهذه الملاحظة قطعيّة ، وإن كانت بالنّظر إلى اللّفظ لو خلّي وطبعه ظنيّة.

٤٩١

ومن المعلوم ضرورة : أنّ هذه القاعدة إنّما تجري في حقّ من قصد إفهامه بالخطاب ؛ إذ نقض الغرض اللاّزم ـ على تقدير تأخير البيان ـ إنّما هو في حقّه لا مطلقا ، فلو كان هناك بين المتكلّم ومن قصد إفهامه ما يوجب تفهيم إرادة خلاف الظّاهر من القرائن الحاليّة أو المقاليّة السّابقة ، فلا يلزم هناك نقض غرض وقبح على المتكلّم بترك نصب ما يدلّ غيره على إرادة خلاف الظّاهر من الخطاب كما هو واضح.

فالسّبب في كون اللّفظ ظاهرا في حقّ المقصود بالتّفهيم ـ مع ما عرفت من اقتضاء القاعدة حصول القطع بالمراد ـ إنّما هو احتمال حصول الغفلة والسّهو والاشتباه للمتكلّم في كيفيّة الإفادة ؛ بحيث لا يقع الملقى إليه في خلاف مقصوده أو احتمال حصول الأمور المذكورة للملقى إليه الخطاب في الالتفات إلى ما اكتنف به في غير الخطابات الشّرعيّة ، وأمّا بالنّسبة إليها فينحصر السّبب في الثّاني.

وهذه الأمور وإن كانت كثيرة الوجود في الإنسان حتّى قيل : إنّها بمنزلة الطبيعة الثّانية له ـ إذا لم يكن معصوما ـ إلاّ أنّ احتمالها في الإنسان الملتفت الغير الخارج عن المتعارف مرجوح في نفسه ؛ نظرا إلى غلبة خلافها فيه. ومن هنا اتّفق العقلاء والعلماء على عدم الاعتناء باحتمالها في جميع الموارد والأمور ، حتّى أنّهم يكذّبون من يدّعي أحدها إذا لم يكن له شاهد صدق.

وأمّا احتمال تأخير البيان عمدا عن وقت الحاجة للمصلحة فيما يحتمل ذلك ، فهو على خلاف وضع الكلام للتّفهيم ؛ ولذا لا يعتنون به. وبالجملة : اللاّزم على المتكلم إلقاء الكلام فيما يرجع إلى اختياره على وجه لا يقع الملقى إليه ـ الّذي قصد تفهيمه به ـ على خلاف مرامه ، ولو بالاعتماد على ما يكون صارفا عن

٤٩٢

مقتضى الوضع ممّا يكون معهودا بينهما ، لا غيره ممّن لا يقصد تفهيمه به.

فاحتمال اعتماد المتكلّم بما يكون معهودا لا واقع له في حقّ الغير فلا يكون للّفظ ظهور بالنّسبة إليه ، ولو فرض حصول الظّن بعدم القرائن رأسا من الخارج ، فلا دخل له بالظّن المستند إلى اللّفظ ـ الّذي قام الدّليل على حجيّته بالخصوص ـ هذا.

ما أفاده من التفصيل غير نقيّ عن المناقشة

ولكنّك خبير : بأنّ ما أفاده في وجه التّفصيل من حيث ابتنائه على كون المدرك لأصالة الحقيقة عندهم منحصرا في قاعدة القبح على ما عرفت مفصّلا بضميمة مرجوحيّة احتمال الغفلة من المتكلّم والمخاطب غير نقيّ عن المناقشة ، كما صرّح به شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره.

أمّا أوّلا : فلمنع انحصار المدرك فيما ذكره ؛ لأنّ عدم اعتناء العقلاء وأهل اللّسان بل العلماء باحتمال إرادة خلاف الظّاهر مع عدم الشّاهد عليه ، إنّما هو من جهة أنّ الغرض من وضع الألفاظ تفهيم المقاصد ، إمّا بالوضع الأصلي أو بالوضع النّوعي العارض بملاحظة القرائن. فالتّوقّف باحتمال وجود الصّارف ، على خلاف الغرض المقصود من وضع الألفاظ ، ولا دخل له بقاعدة القبح هذا.

مع أنّ اعتماد المتكلّم بالصّارف المعهود بينه وبين المخاطب لمّا كان قليلا في الغاية ؛ فلذا يكون احتماله موهونا كاحتمال الغفلة ، فيكون اللفظ بنفسه ظاهرا في المراد وكاشفا ظنيّا عنه بالنّظر إلى ذاته. ومن هنا اتّفق العلماء بل جميع العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال وجود القرينة الصّارفة مطلقا من غير فرق بين

٤٩٣

المخاطب وغيره كما يظهر من الأمثلة المذكورة في كلام شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره.

وأمّا ثانيا : فلأنّ لازم ما ذكر من التّوجيه تخصيص الحجيّة من حيث الخصوص بمن كان مشافها حاضرا في مجلس الخطاب وعدم اعتباره على هذا الوجه في حقّ غيره ممّن كان غائبا أو معدوما وإن فرض شمول الخطاب له أو كون الكلام في حقّه من قبيل تأليف المصنّفين ؛ ضرورة عدم احتمال الغفلة عن القرينة في حقّه ، وإنّما يكون احتمال إرادة خلاف الظّاهر بالنّسبة إليه ، من جهة احتمال وجود القرينة في زمان صدور الخطاب واختفائها عنه.

فإن شئت قلت : الظّن الخاصّ إن كان الحاصل من المشافهة في مقابل احتمال الغفلة عن الالتفات إلى ما اكتنف به الكلام الموجود تدريجا من الصّوارف فلا يوجد موضوعه في حقّ غيره وإن قيل بشمول الخطاب له ، وإن كان الحاصل بالنّظر إلى مقتضى الوضع مع الشّك في وجود الصّارف ، فهو موجود في حق غيره من غير فرق بين القول بشمول الخطاب له وعدمه.

٤٩٤

(١٨٣) قوله قدس‌سره : ( وممّا يمكن أن يستدلّ به أيضا ... إلى آخره ) (١). ( ج ١ / ١٦٦ )

__________________

(١) قال سيد العروة قدس‌سره :

لا يخفى أن الاستدلال المذكور يتوقف على مقدمات ثلاثة :

الأولى : العلم بأن ما يكون عندنا ظاهرا من هذه الأخبار يكون ذلك بعينه ظاهرا منها عند المخاطبين المشافهين وإلاّ فلقائل أن يقول :

إن ما نفهمه منها ظهورها في حجّيّة الكتاب لعلّه لم يكن ظاهرا عندهم ، بل كانوا يفهمون منها غير ما نفهمه.

لكن هذا الاحتمال ضعيف جدّا.

ودعوى : العلم بموافقة الظاهر عندنا للظاهر عندهم قريبة ، بل يمكن أن يقال : إنا نقطع بصدور هذا المضمون عنهم عليهم‌السلام ولا يهمّنا إثبات موافقة الظاهرين من بعد ذلك.

الثانية : ان تكون أدلّة الإشتراك في التكليف جارية في المسائل الأصوليّة كجريانها في المسائل الفقهيّة لتشمل ما نحن فيه من حجية ظاهر الكتاب ، والظاهر انه كذلك فيما كان مما يتوقف عليه استنباط المسائل الفرعيّة على ما هو المحقّق في محلّه.

الثالثة : العلم بأن حالنا بالنسبة إلى ظواهر الكتاب كحالهم ، فلو احتمل أنهم كانوا يجدون قرائن تصرفهم عما هو ظاهر عندنا إلى غيره ونحن فاقدون لها ، لم تجر أدلّة الإشتراك لاختلاف الموضوع.

لكن لا يبعد دعوى العلم هنا أيضا ؛ فإنه لم يكن لهم قرينة تصرفهم عن ظاهر الكتاب سوى أصولهم المشتملة على الروايات التي رووها عن أئمتهم عليهم‌السلام وهي موجودة عندنا أيضا. بل يمكن أن يدّعى أن القرائن الموجودة عندنا أكثر ؛ لأن كل واحد من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام لم يكن عنده جميع الأصول ، بل كان عنده أصل واحد أو إثنان أو ثلاثة ، ونحن بحمد الله اجتمعت عندنا كتب منها كبيرة الحجم قد جمعت من الاصول الكثيرة المتشتتة عندهم. إنتهى. حاشية فرائد الاصول : ج ١ / ٣٥٥.

٤٩٥

في دلالة الأخبار المتواترة على حجية ظواهر الكتاب

في حق غير المشافه

أقول : دلالة الأخبار المتواترة المفيدة للقطع بحجيّة ظواهر الكتاب في قبال الأخباريّين على حجيّة ظواهر الكتاب من حيث الخصوص في حقّ غير المشافهين بالكتاب ممّا لا يخفى على أحد ؛ فإنّ المخاطب بهذه الأخبار المتواترة المتأخّر عن زمن الخطابات الكتابية لم يكن مشافها بالكتاب كأمثالنا بالنّسبة إلى الكتاب العزيز ، فيتمّ المدّعى : من قيام الدّليل الخاصّ على حجيّة ظواهر الكتاب في حقّ غير المشافه به. غاية الأمر توقّف تسرية الحكم الأصولي الثابت بهذه الأخبار ـ على وجه القطع في حقّ المخاطبين بها إلينا ـ على انضمام دليل الاشتراك كما هو الشّأن في تسرية سائر الأحكام إلينا.

وممّا ذكرنا ـ من كون دلالة الأخبار المذكورة على حجيّة ظواهر الكتاب في قبال الأخباريّين قطعيّة ـ يظهر : النّظر في الجواب عن السؤال الّذي أورده المحقّق القميّ قدس‌سره على نفسه في قانون الاجتهاد والتّقليد وما أفاده في آخر مسألة حجيّة ظاهر الكتاب من التقسيم.

__________________

أقول : وفي كلامه الأخير نظر ؛ لأنه إنما يصح بالنسبة إلى الرواة العاديين من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام ومن تأخّر عنهم.

وأمّا بالنسبة إلى الفقهاء الأعاظم من أصحابهم عليهم‌السلام أو من تأخر عنهم ، أمثال : زرارة ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب ويونس بن عبد الرحمن ممن كان عنده ثلاثون ألفا من الأحاديث وأكثر أو أمثال هارون بن موسى التلعكبري الذي روى جميع أصول أصحابنا ومصنفاتهم فلا.

٤٩٦

قال ـ في باب الاجتهاد بعد جملة كلام له ـ :

« فإن قلت : أنّ أخبار الثقلين وما دلّ على عرض الأخبار على الكتاب يدلّ على أنّ الكتاب من هذا القبيل.

قلت : بعد قبول علميّة تلك الأخبار صدورا كما هو ظاهر بعضها ، نمنع أوّلا : دلالتها على التّمسك بمتفاهم اللّفظ من حيث هو متفاهم اللّفظ. لم لا يكون المراد لزوم التّمسك بالأحكام الثّابتة والمرادات المعلومة عنه؟ كما هو ثابت في أكثرها وكذلك ما دلّ على عرض الأخبار على الكتاب.

وثانيا ـ بعد تسليم ذلك ـ نقول : إنّ دلالتها على التّمسك بالألفاظ والعرض عليها يعني بظواهرها على ظواهرها ، ظنيّة ؛ إذ ذهب جماعة من الأخباريّين إلى أنّ المراد : التمسّك بما فسّرها الأئمّة عليهم‌السلام بها ، والعرض على ما فسّروه به وإن كان خلاف الظاهر.

فحينئذ ننقل الكلام إلى هذه الأخبار ونقول : دلالتها على ما نحن فيه حينئذ إنّما يتمّ لو قلنا بالعلم بأنّ تلك الأخبار أيضا من قبيل تأليف المصنّفين ... إلى آخر ما أفاده قدس‌سره » (١).

وقد عرفت وجه النّظر فيما أفاده في الجواب الثاني ، كما أنك تعرف بالأولويّة وجه النظر في الجواب الأوّل عن غير أخبار الثقلين.

وأمّا ما أفاده في الجواب عنها ـ مع أنّه لا حاجة لنا في المقام بها ـ فيتوجّه عليه : أنّ التّمسك بالكلام الّذي لا يكون قطعيّا ظاهر ، إن لم يكن نصّا في التمسّك

__________________

(١) قوانين الأصول : ج ٢ / ١٠٤.

٤٩٧

بظاهره. وهذا بخلاف التمسّك بالعترة عليهم‌السلام فإنّ له معنى آخر هذا.

وأمّا حمل التمسّك بالكتاب على التمسّك به في الجملة ـ من غير أن يكون له إطلاق يشمل التمسك بظواهره ، فلا يأبى عن إرادة خصوص النّصوص كما عليه جمع من أصحابنا الأخباريّين ـ ففيه : ما لا يخفى ؛ إذ ذلك إنّما يصحّ فيما لو كثر النّصوص في آيات الأحكام لا فيما قلّ وشذّ بحيث يعدّ حمل اللّفظ عليه مستهجنا عرفا.

وممّا ذكرنا تعرف النّظر : فيما أفاده شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره بقوله : ( وأمّا خبر الثقلين فليس له ظهور ... إلى آخره ) (١). كما أنّك تعرف ـ ممّا حكينا عن المحقّق القميّ قدس‌سره ـ : النّظر فيما أورده شيخنا قدس‌سره عليه : بقوله : ( توضيح النّظر ... إلى آخره ) (٢) ، فإنّه قدس‌سره تعرّض في السؤال الّذي أورده على نفسه لحال غير خبر الثّقلين أيضا. كما أنّه أجاب عنهما بقوله : ( قلت : ... إلى آخره ) (٣).

والجواب الّذي أورده وإن كان منظورا فيه بما أفاده قدس‌سره وما عرفته ، إلاّ أنّ الغرض عدم اقتصاره في كلامه بحال خصوص خبر الثّقلين سؤالا وجوابا.

(١٨٤) قوله قدس‌سره : ( ثمّ إنّ لصاحب المعالم في هذا المقام كلاما ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٦٨ )

أقول : عدم جزمه قدس‌سره بإرادة صاحب « المعالم » من كلامه المحكي التفصيل

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ١ / ١٦٨ بنسخ مختلفة فراجع.

(٢) فرائد الأصول : ج ١ / ١٦٧.

(٣) قوانين الأصول : ج ٢ / ١٠٤.

٤٩٨

الّذي حكاه عن المحقّق القميّ قدس‌سره : من حجيّة ظواهر الألفاظ من حيث الخصوص في حقّ من قصد إفهامه وإن لم يكن مخاطبا كما في النّاظر إلى الكتب المصنّفة. وعدم حجيّتها من حيث الخصوص في حقّ من لم يقصد إفهامه بنفس الكلام وإن فرض توجّه الخطاب بالنّسبة إليه وإن كان الغالب فيما فرض توجّه الخطاب إلى شخص إرادة تفهيمه بنفس الخطاب.

ومن هنا أطلق القول بحجيّة الظّواهر في حقّه من حيث الخصوص ، من جهة احتمال إرادته تفصيلا آخر غير التّفصيل المذكور : وهو حجيّة الظّاهر في حقّ من خوطب به بالخصوص ، وهو الّذي يتوهّم كون الخطاب قطعيّ الدّلالة بالنّسبة إليه ؛ بملاحظة مقدّمة خارجيّة وهي قاعدة القبح الّتي أشار إليها في « المعالم » مع كونه ظنيّا بملاحظة ذاته ، مع قطع النّظر عن تلك الملاحظة وعدم حجيّته في حقّ غيره وإن كان مقصودا بالتّفهيم فتدبّر.

(١٨٥) قوله قدس‌سره : ( ولا يخفى أنّ في كلامه قدس‌سره على إجماله واشتباه المراد منه كما يظهر من حواشيه مواقع للنّظر والتّأمّل ). ( ج ١ / ١٦٩ )

نقل كلام المولى محمد صالح المازندراني في المقام

أقول : فالأولى أوّلا : نقل جملة من عبارات الحواشي المتعلّقة بالمقام حتّى يعلم حقيقة ما أفاده من إجمال المراد ، ثمّ تعقيبه ببيان مواقع النّظر والتّأمّل قال الفاضل الطّبرسي قدس‌سره (١) في تعليقه على قول المصنّف (٢) في الجواب عن

__________________

(١) هو الآخوند المولى حسام الدين محمد صالح المازندراني صهر المجلسي الأوّل على ابنته

٤٩٩

الاعتراض بقوله قدس‌سره : ( لأنّا نقول : أحكام الكتاب كلّها من قبيل المشافهة ) (٣) ـ ما هذا لفظه :

« أجاب عن المنع بتمهيد ثلاث مقدّمات :

أوّلها : أنّ أحكام الكتاب كلّها من باب خطاب المشافهة.

وثانيها : أنّ خطاب المشافهة. يختصّ بالموجودين في زمانه وقد مرّ في البحث عن صيغ العموم.

وثالثها : أنّ ثبوت حكمه في حقّنا بالإجماع والضّرورة الدّالين على مشاركتنا لهم في التّكليف.

إذا عرفت هذا فنقول : يجوز أن يقترن ببعض تلك الظّواهر ما يدلّهم على خلافها قطعا ، وصرف ظاهر الكتاب بالدلالة القطعية جائز اتّفاقا. ثمّ لاشتراك

__________________

الفاضلة آمنة بيكم ـ كان من مشاهير العلماء وحملة الحديث وله تصانيف : منها : ١ » شرح أصول الكافي والروضة ٢ » شرح زبدة الاصول ٣ » حاشية المعالم ٤ » شرح من لا يحضره الفقيه ٥ » حاشية على شرح اللمعة. توفي سنة ١٠٨١ ه‍ قلت : وقد انحدرت من هذه العائلة الكريمة ثلة من العلماء والأفاضل والفحول من رجال الدين ولعلنا لا نبالغ إن قلنا : بان هذه العائلة ومن انحدر منها واتصل بها بما فيهم بيت المجلسي « أعلى الله مقامه الشريف » ، من أكبر بيوت الشيعة بركة ، وممن له صلة وثيقة بهذا البيت الشريف الوحيد البهبهاني وكذلك آباء السيد بحر العلوم والسيد علي صاحب الرياض وعشرات غيرهم. أنظر الفيض القدسي تصنيف المحدّث الشهير الميرزا النوري الطبرسي المتوفى سنة ١٣٢٠ ه‍ صاحب المستدرك « أعلى الله تعالى مقامه ».

(٢) صاحب المعالم في معالمه.

(٣) معالم الدين وملاذ المجتهدين : ١٩٣.

٥٠٠