بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

بحر الفوائد في شرح الفرائد - ج ١

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


المحقق: السيّد محمّد حسن الموسوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-518-280-7
ISBN الدورة:
978-964-518-249-4

الصفحات: ٥٥٧

وقوله : ( ومع هذا العلم التفصيلي ) (١) إن كان المراد منه العلم التفصيلي بالحكم المتولّد من العلم الإجمالي بحرمة أحد الشيئين كما في الدّخول والإدخال ـ على ما يستظهر من جهة قياس المقام به ـ ففيه : أنّ العلم بوجوب الغضّ من إحدى الطّائفتين لا يرجع إلى العلم التّفصيلي ؛ ضرورة ثبوت التّردد في متعلّقه بالفرض.

وإن كان المراد منه العلم بالخطاب التّفصيلي ـ وإن كان متعلّقه مردّدا ـ ففيه : أنّه ليس هناك خطاب مفصّل إلاّ أن يقطع النّظر من تعلّقه ، وعليه يمكن إدراج غالب صور تردّد الخطاب في الخطاب المفصّل وهو كما ترى هذا.

مع أنّه مناف لقوله بعد ذلك : ( ويمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ) (٢).

وإن كان المراد العلم التفصيلي بإرادة الشّارع للغضّ ـ وإن كان الخطاب مردّدا ـ فليس هذا علما تفصيليّا بالحكم والخطاب هذا.

ولكنّك خبير بفساد التّوهم المذكور ؛ حيث إنّ كلامه صريح في إرادة الوجه الأخير ؛ فإنّ الخصم أراد إدراج المسألة في الخطاب المردّد ، حتّى يختار عدم وجوب الاحتياط ، فأجاب : بأنّ تردّد الخطاب لا يقدح في حكم العقل بوجوب الاحتياط بعد العلم التفصيلي بإرادة الغضّ الحاصل من أحد الخطابين كما يدلّ عليه قوله : ( ويمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ).

فحاصل هذا الجواب يرجع إلى ما اختاره في حكم الخطاب المردّد. والغرض من تشبيه المقام بالدّخول والإدخال : إنّما هو على تقدير إرادة الوجه

__________________

(١ و ٢) : فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.

(١ و ٢) : فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.

٣٠١

الأخير من المثال ، فلا يرد عليه النّقض : بأنّ الدّخول والإدخال يحصلان بحركة واحدة فيحصل العلم التّفصيلي بالحكم ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ علم الخنثى بتوجّه أحد الخطابين إليه لا يوجب حصول العلم التّفصيلي لها بشيء ، بل الحاصل لها : هو العلم الإجمالي ليس إلاّ.

ثمّ إنّ مراده من الأوّل ـ في قوله : ( والتّحقيق هو الأوّل ) (١) : هو وجوب الاحتياط على الخنثى ؛ حيث إنّ الخصم أراد نفيه من جهة كون الفرض من الخطاب الإجمالي فتدبّر هذا.

لكنّ الأحسن أن يقال : إنّ كونه من باب الخطاب الإجمالي لا ينفع في شيء ؛ لما قد عرفت : أنّه لا فرق في الحكم بوجوب الاحتياط بين العلم بالخطاب الإجمالي والتّفصيلي.

(١٠١) قوله : ( مع أنّه يمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٩ )

في عدم نفع إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد

أقول : لا يخفى عليك أنّه بعد جعل المناط الخطاب التّفصيلي في الحكم بوجوب الإطاعة لم ينفع إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد ؛ لأنّ هذا الإرجاع إنّما هو باعتبار من المكلّف لا باعتبار الورود في الشّرع ، وإلاّ لم يكن معنى للإرجاع كما لا يخفى ، ومن المعلوم ـ على هذا القول ـ عدم اعتبار الخطاب التفصيلي المنتزع من الخطابين بانتزاع المكلّف ، وإلاّ لأمكن إرجاع جميع الخطابات إلى خطاب واحد كما هو واضح ، فلا معنى إذا للتفصيل في المسألة هذا.

__________________

(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.

٣٠٢

ولكن يمكن أن يقال : إنّ مراده قدس‌سره من قوله المذكور أنّه ـ على تقدير الإغماض عمّا يقتضيه التّحقيق في الخطاب المردّد ـ لا يتعيّن الوجه الأوّل. بل يمكن اختيار الوجه الرّابع وجعل المدار على الخطاب المفصّل ولو بالإرجاع ، وإن كان الأوجه ـ على تقدير الإغماض عما يقتضيه التّحقيق ـ بطلان التّفصيل المذكور حسبما عرفت من كلامه.

(١٠٢) قوله : ( ولكن يمكن أن يقال : إنّ الكفّ ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٩ )

في ان الإحتياط الكلّي يوجب العسر في حقها غالبا

أقول : لا يخفى عليك أنّ لزوم التعسّر من ترك نظر الخنثى إلى الطّائفتين ممّا لا ينبغي إنكاره ، كما أنّه لا ينبغي إنكاره في كثير من موارد الحكم بلزوم الاحتياط عليها كتركها لبس كل من لباسي الرّجل والمرأة ؛ لأن اللباس المشترك الكافي في غاية القلّة. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه يلزم عليه أن يخترع لباسا لا يماثل اللباس المختصّ بكلّ من الرّجل والمرأة.

ثمّ إنّه لا يخفى أن في كلّ مورد يلزم الحرج على الخنثى من الاحتياط عن جميع أطراف الشبهة ، لا يجوز له إلاّ مخالفة الاحتياط بقدر ما يندفع به الحرج ، ولا يجوز له المخالفة القطعيّة بترك الاحتياط رأسا ، حتّى لو قلنا بجوازها في الشّبهة الغير المحصورة ـ بناء على أنّ العلم الإجمالي فيها لا يؤثّر في تنجّز الخطاب في بناء العقلاء ـ نعم ، لو جعل المدرك في عدم وجوب الاحتياط فيها لزوم العسر منه أيضا كان الحكم فيها كما عرفت ـ على ما ستقف على تفصيل القول

٣٠٣

فيه في الجزء الثّاني من التّعليقة (١) ـ.

كما أنّه لا يخفى عليك أنّ التّخيير الثّابت للخنثى في مسألة النّظر أو اللّباس تخيير ابتدائي ؛ بمعنى أنّه يجب عليها أن تلتزم بحكم الرّجل دائما أو المرأة كذلك ، وليس لها أن تلتزم بحكم الرّجل في واقعة وبحكم المرأة في واقعة أخرى ؛ لعدم الدّليل على التّخيير الاستمراري ، بل الدّليل على خلافه ، لاستلزامه المخالفة القطعيّة من دون تدارك كما ستقف عليه في الشّبهة المحصورة.

(١٠٣) قوله : ( أو يقال إنّ رجوع الخطابين إلى خطاب واحد ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٩ )

أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره ( دام ظلّه ) لا يخلو عن المناقشة والنظر ؛ فإنّ التبعيض في إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد ـ بالنّسبة إلى الموافقة القطعيّة والمخالفة القطعيّة والحكم بأنّهما خطاب واحد بالنّسبة إلى الأولى وخطابان بالنّسبة إلى الثانية ـ ممّا لا معنى له ، ضرورة استحالة اعتبار الوحدة والتّعدّد بالنّسبة إلى شيء واحد.

فإن أراد منه الإرجاع الحكمي ـ بمعنى أنّ الخطابين في حكم خطاب واحد في بناء العقلاء ـ بالنّسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة بمعنى أنّ مخالفة أحدهما لا على التّعيين كمخالفة الخطاب المفصّل في بنائهم على عدم جوازها واستحقاق المخالف المؤاخذة عليها ـ وفي حكم خطابين بالنّسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة فلا يلتزمون بوجوبها.

ففيه : أنّ هذا أيضا ممّا لا معنى له أصلا ؛ لأنّ العقل والعقلاء إمّا بانيان على

__________________

(١) بحر الفوائد : ج ٢ / ١١٨ ط حجريّة.

٣٠٤

تنجّز الخطاب بمجرّد العلم الإجمالي بتوجّه خطاب إلى المكلّف سواء كان مفصّلا أو مردّدا أو غيرها تبني على ذلك فإن بنيا على الأوّل فلا معنى للتفصيل كما أنّه لو بنيا على الثّاني لا معنى للتّفصيل أيضا.

وبالجملة : التّفكيك بين حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة في حكم العقل والعقلاء ممّا لا معنى له ، وإن أردت شرح القول فيه فانتظر لما سيتلى عليك في الجزء الثّاني من التّعليقة (١).

(١٠٤) قوله : ( وقد يقال بالتّخيير مطلقا من جهة ما ورد ... إلى آخره ) ( ج ١ / ١٠٠ )

في نقل كلام صاحب الفصول والإعتراض عليه

أقول : لا يخفى عليك أنّه قد جزم بهذه المقالة بعض أفاضل من تأخّر قال في « فصوله » ـ بعد ذكر الوجه لوجوب الاحتياط على الخنثى في الأحكام المختصّة بكلّ من الرّجل والمرأة ما هذا لفظه ـ :

« وينبغي أن يستثنى من الحكم الأوّل كلّ حكم يعذر فيه الجاهل ، كالجهر والإخفات في مواضعهما فلا يجب عليه الاحتياط في ذلك بل يتخيّر عند عدم سماع الأجانب صوتها لجهله بالحكم ، فيقطع بالبراءة بدون الاحتياط ». ثمّ قال : « وهذا هو السّر في التزام الشّهيد رحمه‌الله في « الذّكرى » ـ : بوجوب الاحتياط في مسألة السّتر ولبس الحرير (٢) ومسيره إلى التّخيير في مسألة الجهر

__________________

(١) أنظر بحر الفوائد : ج ٢ / ١٢٨ و ١٣٤ و ١٣٥ ط حجريّة.

(٢) ذكرى الشيعة : ج ٣ / ٤٦ المسألة السادسة.

٣٠٥

والإخفات (١) ـ فلا تدافع بين الحكمين أصلا كما زعمه الفاضل المعاصر (٢) في كلامه » (٣) انتهى كلامه رفع مقامه.

وأنت خبير بضعف هذا التّوهّم :

أمّا أوّلا : فلأنّ صريح الأخبار إنّما هو في الجهل من حيث الحكم ـ لا الجهل من حيث الموضوع ولا الأعمّ منهما ـ كما هو ظاهر لمن راجع إلى ما دلّ على معذوريّة الجاهل في مسألة الجهر والإخفات. والمفروض علم الخنثى بحكم كلّ من الرّجل والمرأة في مسألة الجهر والإخفات ، أو يفرض الكلام في هذا الفرض ، فلا دخل لما دلّ على معذوريّة الجاهل بمسألة الجهر والإخفات في الشّرع بالمقام.

والقول : بأنّا نفرض الكلام في الخنثى الجاهل بحكم المسألة ثمّ يلحق العالم به بالإجماع المركّب وعدم القول بالتّفصيل ، فيه ما لا يخفى على الجاهل فضلا عن العالم.

وأمّا ثانيا : فلأنّ صريح الأخبار إنّما هو في الجاهل المركّب لا الجاهل البسيط ، مضافا إلى قيام الإجماع على بطلان صلاة من جهر في الصّلاة أو أخفى فيها متردّدا شاكّا في صحّة عمله ، حتّى لو جهر في موضع الجهر وأخفى في موضع الإخفات فضلا عن صورة مخالفة عمله للواقع.

__________________

(١) المصدر نفسه : ص ٣٢٢.

(٢) قوانين الأصول : ج ٢ / ٤١.

(٣) الفصول الغروية : ٣٦٣.

٣٠٦

والحاصل : أنّ المنساق ممّا دلّ على معذوريّة الجاهل في المسألة هو سقوط الإعادة والقضاء عمّن صلّى جهرا أو إخفاتا معتقدا كون الواجب عليه ما أتى به لو كان غير معذور في هذا الاعتقاد ، وأين هذا من معذوريّة الجاهل بالحكم التّكليفي في الشّبهة الموضوعيّة الرّاجعة إلى التّخيير بزعم القائل؟ فالمقام يفارق مورد الدّليل المذكور من وجوه فافهم.

وبالجملة : ما أفاده رحمه‌الله في المقام في كمال الوضوح من الفساد. ومنه يظهر فساد ما أورده على الفاضل القمي رحمه‌الله : من عدم التّدافع بين كلامي الشّهيد في المسألتين على تقدير كون مراد الشهيد ما ذكره.

نعم ، يمكن أن يقال : إنّ حكم الشّهيد رحمه‌الله بالتخيير لعلّه كان من جهة الدّليل الوارد ولو من جهة الإجماع المدّعى على عدم وجوب تكرار الصّلاة عليها ، لا من جهة اقتضاء نفس الشّك في المسألة حتّى يتوجّه عليه ما أورده عليه الفاضل القمّي رحمه‌الله.

(١٠٥) قوله : ( وأمّا تخيير قاضي الفريضة المنسيّة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠١ )

أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره دفع لما قد يورد على ما ذكره في دفع التّوهم الّذي توهّمه بعض أفاضل المتأخّرين ـ : من أنّ المراد بالجاهل في الأخبار ـ هو الجاهل بالحكم بالجهل المركّب (١) ـ من أنّه لو كان المراد بالجاهل هو الّذي ذكره الأستاذ العلاّمة لزم (٢) الحكم بعدم تخيير قاضي الفريضة المنسيّة بين الجهر

__________________

(١) هذا هو توهم صاحب الفصول.

(٢) هذا هو الايراد على الدفع الذي أبداه الشيخ الاعظم ، للتوهم الصادر من الفصول.

٣٠٧

والإخفات في الرّباعيّة ، مع أنّه جاهل بالموضوع بالجهل البسيط.

وحاصل ما ذكره ( دام ظلّه ) في دفعه (١) : هو أنّ الحكم بالتّخيير في المسألة ليس من جهة ما ورد في تخيير الجاهل بحكم الجهر والإخفات ، بل إنّما هو من جهة حكم العقل به بعد قيام الدّليل على اكتفائه بالصّلوات الثّلاث على خلاف القاعدة ، فإنّ لازم الاكتفاء بها سقوط اعتبار الجهر والإخفات ، فتخييره بين الجهر والإخفات حقيقة ليس تخييرا شرعيّا بل تخيير عقلي ، بل يمكن أن يقال : إنّه ليس تخييرا عقليّا بل هو إسقاط محض كما هو واضح.

(١٠٦) قوله : ( وفيه : أنّ عموم وجوب الغضّ على المؤمنين وعلى المؤمنات إلاّ عن نسائهنّ أو الرّجال المذكورين في الآية ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠١ )

في ان استفادة العموم من الآية لا يخلو من مناقشة ونظر

أقول : قال الله تعالى ـ في محكم كتابه الكريم ومبرم خطابه العظيم في سورة النّور مخاطبا لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَ )(٢) ... إلى آخر الآية.

__________________

(١) وهذا هو دفع الايراد المزبور.

(٢) سورة النور : ٣٠ ـ ٣١.

٣٠٨

لا يخفى عليك أنّ استفادة العموم من الآية إنّما هي باعتبار حذف المتعلّق في الآيتين وإن تأيّد في الآية الثّانية بالاستثناء ولكنّها محلّ نظر ؛ ضرورة أنّه لا يمكن ادّعاء وجوب الغضّ عن كلّ شيء إلاّ ما خرج فتدبّر.

ثمّ على تقدير تسليم العموم ، قد يستشكل في جواز الاستدلال بهما في المقام بناء على عدم كون الخنثى واسطة على ما هو قضيّة التحقيق والفرض ، فإنّ المفروض أنّ جواز النّظر إلى المماثل قد ثبت بمقتضى الكتاب والسنّة والإجماع.

والشّك في حكم الخنثى إنّما هو من جهة الشكّ في الموضوع ، وقد ثبت عند المحقّقين أن التمسّك بالعمومات لا يجوز في الشّبهات الموضوعيّة وقد اعترف به الأستاذ العلاّمة في غير موضع من كلامه هذا.

كلام في الذبّ عن الإشكال المتقدّم

ولكن قد يذبّ عن الإشكال المذكور : بأنّ التمسّك بالعمومات إنّما لا يجوز في الشّبهات الموضوعيّة فيما لم يكن هناك أصل موضوعيّ يقتضي إدخال المشكوك تحت المخصّص بالفتح وإخراجه عن المخصّص بالكسر ، كما أنّ جواز التمسّك بها عند من يرى الجواز إنّما هو فيما إذا لم يكن أصل موضوعيّ يقتضي عكس ما عرفت.

ومن المعلوم أنّ أصالة عدم المماثلة من الأصول الموضوعيّة المعتبرة المقتضية لكون الخنثى غير مماثل لكلّ من الرّجل والمرأة ولزوم المخالفة القطعيّة من العمل بالأصلين ممّا لا ضير فيه كما لا يخفى وجهه على الأوائل فضلا عن الأواخر.

٣٠٩

ومعارضة أصالة عدم المماثلة بأصالة عدم غير المماثلة ومعارضة أصالة عدم كونها مرأة بأصالة عدم كونها رجلا وبالعكس ممّا لا يجدي في شيء ؛ لأنّ أصالة عدم كونها غير المماثل لا يترتّب عليها أثر شرعي.

نعم ، لو أثبت بالأصل المذكور كونها مماثلة ، صحّت المعارضة المذكورة ، لكنّه إنّما يتمّ على القول باعتبار الأصول المثبتة ، وهو في محلّ المنع على ما ستقف على تفصيل القول فيه في الجزء الثّالث من التعليقة (١). فهو تقدير على تقدير غير مسلّم هذا.

ولكنّك خبير بفساد ما ذكر ؛ لعدم حالة سابقة للموضوع المردّد في المقام حتّى يجري الأصل فيه كما هو واضح هذا. مضافا إلى ما عرفت مرارا : من أنّ الأصل الموضوعي في مورد جريانه يكون بمعنى جعل الحكم للموضوع المردّد في مرحلة الظّاهر ، وأين هذا من التمسّك بالعموم؟

كيف! وقد عرفت سابقا : أنّه غير معقول هذا.

ومن هنا أمر قدس‌سره بالتّأمّل فيما أفاده : من التمسّك بالعموم في المقام كما وجّهه به في حاشية منه ، وإن وجّه لزوم الاحتياط على كلّ من الطّائفتين بعد التّوجيه بأنّ إرجاعهما إلى البراءة مناف للغرض المقصود من تحريم مخالطة الأجنبيّ مع الأجنبيّة ؛ من حيث إيجابه العلم بفوته وترتيب الفساد المترتب على مخالطته معها على مخالطتهما معها ، فلا يقاس المقام بمطلق الشّبهة الموضوعيّة وإن كان ما أفاده محلّ تأمّل.

__________________

(١) بحر الفوائد : ج ٣ / ١٢٨.

٣١٠

هذا كلّه حكم معاملة كلّ من معلومي الذّكوريّة والأنوثيّة مع الخنثى.

وأمّا حكم خنثى الآخر معها ، فلا إشكال في عدم جواز نظرها إليها أيضا ؛ لكونها من أطراف الشّبهة ، والقول : بأنّ الدّوران من الأقلّ والأكثر في الفرض ، كما ترى.

(١٠٧) قوله : ( وأمّا التّناكح فيحرم بينه وبين غيره قطعا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠١ )

في الإشكال في التمسك بالأصل في المقام

أقول : لا يخفى عليك أنّ أصل عدم جواز التّناكح بين الخنثى وغيره من معلوم الذّكورية والأنوثيّة ومجهولهما ممّا لا إشكال فيه ، بل لا خلاف فيه عدا ما يستظهر من عبارة الشّيخ رحمه‌الله وبعض تابعيه ، إلاّ أنّ الإشكال فيما ذكره الأستاذ العلاّمة من التمسّك بالأصل في المقام ، حيث إنّه قد يقال : بعدم جريان الأصل فيه وفي أمثاله ؛ من جهة أنّ مجرد الشّك في الذّكورية والأنوثيّة محقّق لموضوع الحرمة فلا معنى لإجراء الأصل الموضوعي هذا. مضافا إلى ما عرفت عن قريب من عدم حالة سابقة للموضوع المردّد في المقام حتى يجري فيه الأصل هذا.

ولكنّه دفع الإشكال عن كلامه بجعل الأصل الموضوعي في محلّ البحث بمعنى أصالة الفساد وعدم ترتّب أثر العقد بقوله : ( بمعنى عدم ترتّب الأثر المذكور (١) ... إلى آخره (٢) ) (٣) فافهم.

__________________

(١) قال السيّد المحقّق اليزدي « فقيه العروة » :

قد ألحق المصنّف [ الأنصاري ] في بعض النسخ المتأخّرة بعد قوله : « لأصالة عدم

٣١١

__________________

ذكوريّته » قوله : « بمعنى عدم ترتّب الأثر المذكور من جهة النكاح ووجوب حفظ الفرج إلاّ عن الزوجة وملك اليمين » إنتهى.

والظاهر أنه أشار بالعبارة الملحوقة إلى ما هو التحقيق عنده : من أنّه لا معنى لإجراء الأصل في الموضوعات إلاّ ترتيب آثارها الشرعيّة ، لا ما توهّم : من أنّه يريد إجراء الأصول في نفس الآثار الشرعيّة ، فتدبّر. حاشية فرائد الأصول للسيّد اليزدي : ج ١ / ٢٣٩.

(٢) كذا وفي نسخ الفرائد المطبوعة : عدم ترتّب أثر الذكوريّة ... إلى آخره. انظر فرائد الأصول : ج ١ / ١٠١.

(٣) نفس المصدر.

٣١٢

المقصد الثاني :

في الظن

إمكان التعبّد بالظن

وقوع التعبّد بالظن

حجّيّة ظواهر الكتاب

حجّية الظواهر بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه

حجّيّة قول اللغوي

٣١٣
٣١٤

إمكان التعبّد بالظّن (١)

__________________

(١) قال السيّد المجدد الشيرازي قدس‌سره :

إنّ المراد بالإمكان المتنازع فيه إنما هو الإمكان العام وهو المقابل للإمتناع فالغرض إنما هو مجرّد نفي الإمتناع الأعم من وجوب التعبّد بالظن في بعض الموارد ، ومرجع القولين إلى دعوى حسن التعبّد به وعدمها فيرجع النزاع إلى أنه هل يحسن من الشارع التعبّد به أو يقبح؟ كما يظهر من دليل مدّعي الإمتناع ، والظاهر أنه إنّما يدّعى الإمتناع العرضي لا الذّاتي كما يظهر من احتجاجه عليه بلزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال ... فعلى هذا لا ينفع مدّعي إمكانه إثباته بالنّظر إلى ذاته ، بل عليه إمّا دفع ذلك الإستلزام أو منع قبح اللازم.

ثمّ المراد بالتعبّد بالظن هنا ليس اعتباره والحكم بالأخذ به من باب الموضوعيّة ؛ لأنّه بهذا المعنى لا يرتاب أحد في إمكانه ... بل إنّما هو إعتباره على وجه الطريقيّة لمتعلّقه ؛ بمعنى جعله حجّة في مؤدّاه كالعلم وتنزيله منزلته بإلغاء احتمال خلافه في جميع الآثار العقليّة الثابتة للعلم من حيث الطريقيّة.

وبعبارة أخرى : جعله طريقا إلى متعلّقه كالعلم الذي هو طريق عقلي إلى متعلّقه ، والمعاملة معه معاملة العلم الطريقي وترتيب آثار طريقيته عليه من معذوريّة المكلّف معه في مخالفة التكليف الواقعي على تقدير إتفاقها بسبب العمل به ... ويكون الفرق بينهما بمجرّد كون حجّيّة العلم بهذا المعنى بحكم العقل وكون حجّيّته بحكم الشارع وجعله فيكون كالعلم قاطعا لقاعدتي الإشتغال والبراءة العقليّتين إذا قام على خلافهما انتهى. تقريرات المجدد الشيرازي : ج ٣ / ٣٥١.

٣١٥

(١٠٨) قوله : ( ويظهر من الدّليل المحكيّ عن ابن قبة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠٥ )

بعض الكلام في الوجهين اللّذين تمسّك بهما ابن قبة

أقول : لا يخفى عليك أن الّذي يقتضي العموم إنّما هو الوجه الثّاني من الوجهين اللّذين ذكرهما لا الوجه الأوّل ، حسبما يستفاد من كلام الأستاذ العلاّمة.

بل المستفاد منه : عموم المنع لجعل مطلق الحكم الظّاهري وإن لم يكن في مورد الأمارات ، كما في موارد الأصول العمليّة بالنّسبة إلى ما كان مفاده حكما شرعيّا لا عذرا محضا ؛ فإنّ نقض الغرض المتوهّم المانع من جعل الأمارة لازم جعل مطلق الحكم الظّاهري وهو أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا.

ثمّ إنّه كما توهم امتناع التّعبّد بالخبر الغير العلمي كذلك توهم وجوب التّعبد

__________________

* وقال السيّد اليزدي فقيه العروة : « الظاهر من الإمكان الذاتي هو الواقعي لا الإحتمالي وكذا الظاهر من الإمكان الوقوعي أيضا هو الواقعي فالذي يمكن أن يكون محلاّ للنّزاع في مسألتنا هو الإمكان الواقعي بأحد المعنيين أو كليهما.

فالمثبت يقول : أنا أعلم بعدم إستحالة التعبّد بالظن ذاتا وأعلم بعدم قبحه من جهة نقض الغرض أو خلاف اللطف أو العبث أو غيره ممّا يدّعيه المنكر ». إنتهى حاشية فرائد الأصول للسيّد اليزدي : ج ١ / ٢٤١.

* وقال المحقق الميرزا النائيني قدس‌سره :

المراد من الإمكان المبحوث عنه في المقام هو الإمكان التشريعي بمعنى أنّ التعبّد بالأمارة هل يلزم منه محذور في عالم التشريع أم لا؟

وليس المراد منه الإمكان التكويني المختص بالأمور الخارجيّة حتى يبحث في أن الأصل العقلائي هل هو الحكم بالإمكان حتى يثبت الإمتناع أم لا؟ كما هو واضح. أجود التقريرات : ج ٣ / ١٠٩ ـ وانظر فوائد الأصول : ج ٣ / ٨٨.

٣١٦

به في الشّرعيّات من حيث كون العمل عليه موجبا لدفع الضّرر المظنون وليس القول بكلّ منهما منافيا لما ذكرنا سابقا ـ من كون الظن ممكن الحجيّة في قبال العلم والشّك ـ حيث إنّ مرجع القول بالامتناع ـ كما ترى ـ إلى أنّ في التّعبّد بالخبر محذورا يوجب قبحه ، كما أنّ مرجع القول بالوجوب إلى أنّ في التعبّد بالخبر عنوانا يوجب حسنه ولزومه فلا ينافي إمكانه الذّاتي هذا.

وستقف على بعض الكلام في وجوبه ـ عند تعرّض شيخنا الأستاذ العلاّمة قدس‌سره له ـ فالمقصود في المقام إثبات الإمكان بالمعنى الأعمّ في قبال الامتناع ، لا الإمكان بالمعنى الأخصّ المقابل لكلّ من الامتناع والوجوب.

(١٠٩) قوله : ( إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيته حراما ... إلى آخره ) (١). ( ج ١ / ١٠٦ )

أقول : لا يخفى عليك أنّ مقتضى هذه العلّة ليس هو إيجاب العمل بالخبر أو

__________________

(١) قال المحقق المؤسس الطهراني أعلى الله تعالى مقامه الشريف ـ بعد أن ذكر عبارة معارج المحقّق وكلام الحاجبي في المقام ـ :

تقرير الأستاذ العلاّمة لهذا الدليل بهذا الوجه لا يخلو عن غرابة ؛ فإنك قد عرفت ما بين الخوف من الوقوع في المفسدة الذي جعله المحقق قدس‌سره مناطا لاستدلالهم وبين لزوم تحليل الحرام وعكسه الذي جعله الحاجبي مناطا وتبعه غيره من الفرق ، فالجمع بينهما وتعليل أحدهما بالآخر غريب فإن عدم الأمن من مخالفة الواقع لا تأثير له فيها بالضرورة وكيف يدلّ الخوف عن الشيء على تحقّقه؟!

فالخوف لا يقتضي وقوع المخوف ولا ملازم له ، مع أن العمل لا يوجب جعل الحرام حلالا وبالعكس ، والذي توهّمه الحاجبي أن محصّل الإستدلال : ان جعل الظن حجّة موجب لذلك ، ولهذا فسّر بعض الأفاضل التعبّد بإتّخاذ الشخص عبدا وصرفوه عمّا يتراءى منه من العمل بالظن انتهى. محجّة العلماء : ج ١ / ٥١.

٣١٧

بمطلق غير العلم للوقوع في خلاف الواقع على سبيل الجزم حسبما هو ظاهر المعلول كما هو واضح.

فالأولى أن يقال ـ في تقرير المدّعى ـ : إنّ العمل بالخبر الواحد في معرض الوقوع في خلاف الواقع ، فالأمر به ينافي الغرض ، فيقبح من الحكيم.

أو يقال : إنّ تجويز تحليل ما يحتمل أن يكون حراما على الحكيم مستلزم لتجويز تحليل الحرام الواقعي عليه ؛ ضرورة ثبوت التّلازم بينهما وهو ممّا يشهد ضرورة العقل بقبحه وعدم جوازه على الحكيم.

فمنه يندفع ما قد يتوهم ـ في الجواب عن هذا الدّليل ـ بأنّ العمل بالخبر الواحد مستلزم لاحتمال الوقوع في خلاف الواقع. وهو ممّا لا ضير فيه أصلا.

ثمّ إنّ القول بمنع الإمكان ليس مختصّا بابن قبة (١) من أصحابنا بل عليه

__________________

(١) قال الأصوليّ المؤسس الشيخ هادي الطهراني قدس‌سره :

« التحقيق : أنّه لم يذهب إبن قبة قدس‌سره إلى ما رمي به ، وأن غرضه إنّما هو تأسيس الأصل وأنّ الظّنّ لا يجوز الرّكون إليه ما لم يقم دليل على إعتباره ». محجّة العلماء : ج ١ / ٥٣

* وقال في موضع آخر :

« جميع ما دلّ على الحث على طلب العلم والحكمة وأن العلماء ورثة الأنبياء وأنهم خلفاء النبيين وسادات البريّة أجمعين وان مدادهم أفضل من دماء الشهداء وما دلّ على مراتب فضل العالم على العابد يكشف عن ان حفظ النواميس والخبرة بها حيث إنّها من شؤون النبوّة لا تقاس بالعمل ، وإن كان الغرض الأصلي منها العمل كما هو الحال في الوظائف الواقعيّة والظاهريّة مع أن كون الشرع والدين بتلك المثابة من القضايا التي قياساتها معها ، هذا هو الحال في مرحلة الإستكشاف ولا ينافي ذلك إعذار الجاهل بعد ما بذل وسعه ولم ينكشف

٣١٨

جماعة من علماء الكلام من العامّة (١) [ أيضا ].

(١١٠) قوله : ( وفي هذا التقرير نظر إذ القطع بعدم لزوم المحال ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠٦ )

كلام صاحب الفصول

أقول : وإليه يرجع ما أفاده بعض أفاضل من تأخّر في المقام في ردّ دليل القول بالإمكان ، وإن كان فيه بعض مناقشات من جهات. قال صاحب « الفصول »

__________________

له شيء.

نعم لو بلغ أمر من الأمور هذا المبلغ في مرحلة العمل أيضا وجب الإحتياط والتحفّظ التام كما هو الحال فيما يتعلّق بالنفوس والأعراض ؛ فإن الجاهل هاهنا ليس معذورا وإن كانت الشبهة موضوعيّة ومع ذلك فجواز الركون فيها إلى الظنون بل إلى الأوهام تناقض صرف وتهافت بحت وإلى هذا يرجع ما أفاده ابن قبة رحمه‌الله في دليل الإمتناع : من أنه لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيّته حراما وبالعكس ولا حاجة إلى ما أوّلنا به كلامه فيما تقدّم من صرفه إلى تأسيس الأصل الذي يخرج عنه بالدليل.

ومحصّله : ان الإهتمام ينافي التسامح لا ما توهّموه من أن الحكم الظاهري ينافي الحكم الواقعي فهو من قبيل إعذار العالم ؛ فانه وإن لم يكن منافيا لنفس الحكم ؛ ضرورة اختلاف الموضوع والمحمول إلاّ أنه يؤول إلى التناقض باعتبار آخر ، فالجاهل إعذاره عن عدم إمعان النظر والإهتمام في الإطلاع على الواقع كالعالم في الإعذار وكلاهما مستحيلان.

إلى أن قال قدس‌سره :

فالظان جاهل وكذا من قام عنده الخبر ولم يحصل له به العلم بل هو أولى بأن يكون جاهلا ... إلى آخره. محجّة العلماء : ج ١ / ٢٥٤

(١) كأبي علي الجبّائي وولده أبي هاشم.

٣١٩

في هذا المقام ما هذا لفظه :

« والتّحقيق : أنّ القائلين بالجواز إن أرادوا به الجواز ـ بمعنى عدم حكم العقل فيه بالامتناع والقبح الواقعيّين كما يظهر من احتجاجهم عليه بالضّرورة ـ فالحقّ هو الجواز ، والمستند ما ذكروه. وإن أرادوا به الجواز الواقعي ـ بمعنى أنّ العقل يحكم بأنّه لا قبح في العمل به واقعا وأنّه لا يمتنع عنه تعالى بمقتضى الحكمة إن تكلّفنا به كما يظهر من بعض المعاصرين (١) ـ فالحق بطلان القول بالجواز كالقول بالامتناع ؛ إذ ليس العمل بالخبر الواحد ممّا يدرك العقل جهاته الواقعيّة حتّى يحكم فيه بجواز أو امتناع.

وإن أرادوا الجواز الظّاهري ـ بمعنى عدم القبح ما لم ينكشف الخلاف ـ فإن اعتبر مطلقا فالحق خلافه ؛ لأنّ العقل لا يستقلّ بجواز الاعتماد بخبر الواحد في معرفة الأحكام ولو مع التّمكن من العلم ، ولو خصّ بصورة الانسداد فلا ريب في ثبوت الجواز. لكن يبعد جدّا التزام المانع بالمنع فيها ». ثمّ اختار كون محلّ النّزاع بينهم هو الوجه الأوّل وحرر البحث فيه » (٢).

ولكنّك خبير بأنّ ظاهرهم خلاف ما استفاده ، ولذا أورد عليهم الأستاذ العلاّمة : بأنّ الأولى قلب الدّليل ؛ فإنّه غير نقيّ عن الإيراد ، مع أنّ ظاهر الوجه الأوّل ليس القول بالإمكان أصلا ، بل هو منع لحكم العقل بالإمكان والامتناع معا (٣) ، وهو كما ترى لا يجامع كلام القائلين بالإمكان كما هو واضح هذا. اللهمّ إلاّ

__________________

(١) القوانين : ج ١ / ٤٣٢.

(٢) الفصول : ٢٧١.

(٣) فرائد الاصول : ج ١ / ١٠٦.

٣٢٠