بحار الأنوار - ج ٣٠

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣٠

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وهذا يدل على أنه لم يكن يعرف الظاهر من الشريعة.

وقد اعترف قاضي القضاة (١) وابن أبي الحديد (٢) وسائر من تصدى للجواب عنه بصحته.

وقد حكى في كشف الغمة (٣) من مناقب الخوارزمي (٤) مرفوعا عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة مجنونة (٥) قد زنت ، فأراد أن يرجمها ، فقال له علي عليه‌السلام : يا عمر (٦)! أما سمعت ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟. قال : وما قال؟. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يبرأ ، وعن الغلام حتى يدرك (٧) ، وعن النائم حتى يستيقظ. قال : فخلى عنها.

وحكى في الطرائف (٨) ، عن أحمد بن حنبل في مسنده (٩) ، عن الحسن ، مثله.

قال : وذكر أحمد في مسنده ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان يتعوذ بالله

__________________

الأحقاف ، شرح الجامع الصغير للشيخ محمد الحنفي : ٤١٧ هامش السراج المنير ، وتذكرة السبط :٨٧ ، وفيض القدير ٣ ـ ٩٧ ، ومر في الطعن السابق ، وذكرنا هناك جملة أخرى من المصادر.

أقول : قد حرف الحديث ـ كأكثر ما ورد من الطعون ـ البخاري في ما سماه بالصحيح ، كتاب المحاربين ، باب لا يرجم المجنون والمجنونة ، وحذف صدر الرواية لما فيه من مس بكرامة خليفته.

(١) المغني ٢٠ ـ ١٣ ـ القسم الثاني ـ.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٢ ـ ٢٠٥ [ ٣ ـ ١٥٠ ].

(٣) كشف الغمة ١ ـ ١٤٩.

(٤) مناقب الخوارزمي : ٣٨.

(٥) في المصدرين زيادة كلمة : حبلى.

(٦) لا توجد : يا عمر ، في المناقب.

(٧) في مناقب الخوارزمي : يحتلم ، بدلا من : يدرك.

(٨) الطرائف ٢ ـ ٤٧٣.

(٩) مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ١٤٠ ، وقريب منه بإسناد آخر في ١ ـ ١٥٥ ، وبتحريف وإسقاط لأوله في ١ ـ ١٥٨.

٦٨١

من معضلة لم يكن لها أبو حسن (١).

وحكاه العلامة رحمه‌الله في كشف الحق (٢) من مسند أحمد (٣).

وأجاب عنه قاضي القضاة (٤) بأنه : ليس في الخبر أنه عرف جنونها ، فيجوز أن يكون الذي نبه عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام هو (٥) جنونها دون الحكم ، لأنه كان يعلم أن الحد لا يقام (٦) في حال الجنون (٧) ، وإنما قال : لو لا علي لهلك عمر ، لا من جهة المعصية والإثم ، لكن من جهة أن (٨) حكمه لو نفذ لعظم غمه ، ويقال في شدة الغم أنه هلاك ، كما يقال في الفقر وغيره ، وذلك مبالغة منه لما كان يلحقه من الغم الذي زال بهذا التنبيه ، على أن هذا الوجه مما لا يمتنع في الشرع أن يكون صحيحا ، وأن يقال إذا كانت مستحقة للحد فإقامته عليها صحيحة (٩) وإن لم يكن لها عقل ، لأنه لا يخرج الحد من أن يكون واقعا موقعه ، ويكون (١٠) قوله عليه‌السلام : رفع القلم عن ثلاثة .. يراد به (١١) زوال التكليف عنهم دون زوال

__________________

(١) كذا ، وفي المصدر المطبوع : وكان عمر يتعوذ من معضلة ليس بها أبو الحسن حاضرا ، يعني عليا عليه‌السلام.

أقول : وقد جاء الحديث في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٧ ، والاستيعاب ٣ ـ ٣٩ ، وذخائر العقبى :٨٢ ، وأسد الغابة ٤ ـ ٢٢ ، والإصابة ٢ ـ ٥٠٩ ، وغيرها.

(٢) كشف الحق ( نهج الحق وكشف الصدق ) : ٣٥٠.

(٣) وضع على : أحمد ، في مطبوع البحار رمز نسخة بدل.

(٤) المغني ٢٠ ـ ١٣ ـ القسم الثاني ـ.

(٥) لا توجد في المصدر : عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام هو.

(٦) في (س) : الحكم لا يقال.

(٧) كذا. وجاءت العبارة في المغني هكذا : إن في حال الجنون لا يقام الحد عليه ـ بتقديم وتأخير وزيادة وتغيير ـ.

(٨) لا توجد : من جهة أن ، في المصدر.

(٩) في المغني : يصح.

(١٠) في المصدر : ويقال.

(١١) في المغني : بذلك ، بدلا من : به.

٦٨٢

إجراء (١) الحكم عليهم ، وما هذه (٢) حاله لا يمتنع أن يكون مشتبها فيرجع فيه إلى غيره ، فلا يكون الخطأ فيه مما يعظم فيمنع من صحة الإمامة.

وأورد عليه السيد المرتضى (٣) رضوان الله عليه : بأنه لو كان أمر برجم المجنونة من غير علم بجنونها لما قال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما علمت أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق؟! بل كان يقول له بدلا عن (٤) ذلك : هي مجنونة ، وكان (٥) ينبغي أن يكون عمر لما سمع من التنبيه له على ما يقتضي الاعتقاد فيه أنه أمر برجمها مع العلم بجنونها ، يقول متبرئا من (٦) الشبهة : ما علمت بجنونها ، ولست ممن يذهب عليه أن المجنون لا يرجم ، فلما رأيناه استعظم ما أمر به وقال (٧) : لو لا علي لهلك عمر .. دلنا (٨) على أنه كان تأثم وتحرج بوقوع الأمر بالرجم ، وأنه مما لا يجوز ولا يحل (٩) ، وإلا فلا معنى لهذا الكلام.

وأما ما ذكره من الغم الذي كان يلحقه .. فأي غم يلحقه (١٠) إذا فعل ما له أن يفعله ، ولم يكن منه تفريط ولا تقصير (١١)؟. لأنه إذا كان جنونها لم يعلم به ، وكانت المسألة عن حالها والبحث لا يجبان عليه ، فأي وجه لتأمله (١٢) وتوجعه

__________________

(١) في (س) : أجراه.

(٢) في المصدر : هذا.

(٣) الشافي ٤ ـ ١٨١ ـ ١٨٣.

(٤) في المصدر : من ، بدلا من : عن.

(٥) في الشافي : ولكان أيضا ، ولا توجد فيه : ينبغي أن يكون عمر.

(٦) جاءت : عن ، بدل : من ، في المصدر.

(٧) في الشافي : وقوله.

(٨) في المصدر : يدل.

(٩) زيادة : له أن يأمر به ، جاءت في المصدر.

(١٠) وأما ذكره الغم فأي غم كان يلحقه؟! ، كذا جاء في الشافي ـ بتقديم وتأخير ونقص ـ.

(١١) في الشافي : تقصير ولا تفريط ـ بتقديم وتأخير ـ.

(١٢) كذا ، والظاهر : لتألمه ، كما في المصدر.

٦٨٣

واستعظامه لما فعله؟! وهل هذا إلا كرجم المشهود (١) عليه بالزنا في أنه لو ظهر للإمام بعد ذلك براءة ساحته لم يجب أن يندم على فعله ويستعظمه ، لأنه وقع صوابا مستحقا؟.

وأما قوله : إن (٢) كان لا يمتنع في الشرع (٣) أن يقام الحد على المجنون (٤) وتأوله الخبر المروي على أنه (٥) يقتضي زوال التكليف دون الأحكام .. فإن أراد أنه لا يمتنع في العقل أن يقام على المجنون ما هو من جنس الحد بغير استخفاف ولا إهانة فذلك صحيح كما يقام على التأديب (٦) ، وأما الحد في الحقيقة ـ وهو (٧) الذي يضامه الاستخفاف والإهانة فلا يقام إلا على المكلفين ومستحقي العقاب ، وبالجنون قد زال التكليف فزال (٨) استحقاق العقاب الذي يتبعه الحد.

وقوله : لا يمتنع أن يرجع فيما هذا حاله من المشتبه إلى غيره .. فليس هذا من المشتبه الغامض ، بل يجب أن يعرفه العوام (٩) فضلا عن العلماء ، على أنا قد بينا أنه (١٠) لا يجوز أن يرجع الإمام (١١) في جلي ولا مشتبه من أحكام الدين إلى غيره (١٢).

__________________

(١) في ( ك‍ ) : المشهور.

(٢) لا توجد : إن ، في الشافي.

(٣) في المصدر : العقل ، بدل : الشرع.

(٤) في الشافي : على المجنون الحد ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٥) جاءت في المصدر : بما ، بدلا من : على أنه.

(٦) في الشافي : على التائب.

(٧) في المصدر : فهو.

(٨) في (س) : فيزال.

(٩) في (س) : الإمام ، وهو خلاف الظاهر.

(١٠) في المصدر : أن الإمام.

(١١) جاءت : إلى غيره ، بدلا من : الإمام ، في الشافي.

(١٢) لا توجد في المصدر : إلى غيره.

٦٨٤

وقوله : إن الخطأ في ذلك لا يعظم فيمنع من صحة الإمامة .. اقتراح (١) بغير حجة ، لأنه إذا اعترف بالخطإ فلا (٢) سبيل للقطع (٣) على أنه صغير. انتهى كلامه قدس‌سره.

أقول : ويرد على ما ذكره من أن الأمر في حد المجنون مقام الاشتباه فلا طعن في جهل عمر به ، وأن يرجع فيه إلى غيره .. أنه لو كانت الشبهة لعمر ما ذكره ، لكانت القصة دليلا على جهله من وجه آخر ، وهو أنه إذا زعم عمر أن رفع القلم إنما يستلزم زوال التكليف دون إجراء الحكم (٤) ـ كما صرح به ـ كيف يكون تذكير أمير المؤمنين عليه‌السلام إياه بالحديث النبوي دافعا للشبهة ، وإنما النزاع حينئذ في دلالة الخبر على عدم جواز إجراء الحد عليه ، فرجوع عمر عند سماعه عما زعمه دليل واضح على غاية جهله ، فإن ذكر الرواية حينئذ ليس إلا من قبيل إعادة المدعى.

ثم اعلم أن الظاهر من كلام القاضي وغيره في هذا المقام عدم تجويز الخطإ الفاحش على الإمام وإن جوزوا عليه الخطأ في الاجتهاد ، ولعلهم لم يجوزوا ذلك لكونه كاشفا عن عدم أهلية صاحبه (٥) للاجتهاد ، إذ ليس أهلية الاجتهاد غالبا مما يقوم عليه دليل سوى الآثار الدالة عليها ، وظاهر أن الأوهام الفاضحة كاشفة عن عدم تلك الأهلية ، فهي معارضة لما يستدل به عليها ، ولذا تشبث القاضي في مقام الجواب بكون الأمر في رجم المجنونة مشتبها ، واستند إلى عدم دلالة قوله عليه‌السلام : رفع القلم عن المجنون .. على عدم إجراء الحكم ، إذ يمكن أن يكون المراد به زوال التكليف فقط ، وقد عرفت أن ذلك لا يصلح منشأ للاشتباه ، لكون

__________________

(١) في الشافي زيادة : فقد بينا أنه ، قبل كلمة : اقتراح.

(٢) لا توجد : فلا ، في (س).

(٣) في المصدر : إلى القطع.

(٤) في (س) : العلم ، بدل : الحكم ، وهو سهو.

(٥) في (س) : صاحب ـ بلا ضمير ـ ، وهو خلاف الظاهر.

٦٨٥

الخطأ حينئذ بالانتهاء عند سماع الخبر من دون إقامة دليل على وجه الدلالة فيه أفحش ، فظهر أنه لا يمكنهم الجواب في هذا المقام بأنه إنما كان خطأ عمر من قبيل خطإ المجتهد ، وليس يلحقه بذلك ذنب صغيرا وكبيرا ، ولذلك طووا كشحا عما هو معقلهم الحصين ـ بزعمهم ـ من حديث الاجتهاد ، وسلموا على تقدير علم عمر بجنونها كون الأمر بالرجم خطيئة.

فظهر ضعف ما أجاب به شارح المقاصد (١) عن الطعن برجم الحامل والمجنونة ومنع المغالاة في الصداق من : أن الخطأ في مسألة وأكثر لا ينافي الاجتهاد ، ولا يقدح في الإمامة ، والاعتراف بالنقصان هضم النفس ودليل على الكمال ..

وذلك لأنا لو تنزلنا عن اشتراط العصمة في الإمام وجوزنا له الاجتهاد في الأحكام ، فلا ريب في أن الخطأ الفاحش والغلط الفاضح مانع عن الإمامة ، وإنما لا يقدح ـ على فرض الجواز ـ ما لا يدل على الغباوة الكاملة والبلادة البالغة ، وعدم استيهال صاحبه لفهم المسائل واستنباط الأحكام ورد الفروع إلى الأصول ، فإذا تواتر الخبط وترادفت الزلة ـ لا سيما في الأمور الظاهرة والأحكام الواضحة ـ فهل يبقى مجال للشك في منعه عن استيهال الاجتهاد وصلوح الإمامة؟ وليت شعري ، من أين هذا اليقين الكامل والاعتقاد الجازم لهؤلاء القوم باجتهاد إمامهم وبلوغه في العلم حد الكمال ، مع (٢) ما يرون ويروون في كتبهم من خطبه وخطأه واعترافه بالزلة ، والعجز موطنا بعد موطن ، ومقاما بعد مقام (٣) ، وقد بذلوا مجهودهم في

__________________

(١) شرح المقاصد ٥ ـ ٢٨٢.

(٢) لا توجد في (س) : مع.

(٣) ومنها : ما روي عن عبد الرحمن السلمي ، قال : أتى عمر بامرأة ـ أجهدها العطش ، فمرت على راع فاستسقته فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ، ففعلت ـ فشاور الناس في رجمها ، فقال علي : هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ، ففعل.

جاءت في سنن البيهقي ٨ ـ ٢٣٦ ، الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٦ ، ذخائر العقبى : ٨١ ، الطرق

٦٨٦

إظهار فضله فلم يظفروا له على استنباط لطيف واستخراج دقيق في مسألة واحدة يدل على جودة قريحته وذكاء فطرته ، وليس ما رووا عنه إلا من محاورات العوام ومحاضرات الأوغاد والطغام (١).

الطعن الحادي عشر :

ما رواه البخاري (٢) ومسلم (٣) وغيرهما (٤) بعدة طرق ، عن عبيد بن عمير وأبي موسى الأشعري ، قال : استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع ، فقال عمر : ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ، ائذنوا له ، فدعي له (٥) ، فقال : ما حملك على ما صنعت؟. فقال : إنا كنا نؤمر بهذا. فقال : فائتني على (٦) هذا ببينة (٧) أو لأفعلن بك (٨)! ، فانطلق إلى مجلس من الأنصار ، فقالوا : لا يشهد لك إلا أصاغرنا (٩) ، فقام أبو سعيد الخدري فقال : قد كنا نؤمر بهذا. فقال عمر :

__________________

الحكمية : ٥٣ ، وقريب منها في كنز العمال ٣ ـ ٩٦.

أقول : هناك جملة وقائع رائعة لقضاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ووقوفه أمام جهل الخلفاء وتعسفهم تجدها في الطرق الحكمية لابن القيم وغيره ، فراجع.

(١) الوغد : الأحمق الضعيف الرذل الدني ، أو الضعيف جسما ، وجمعه أوغاد ، كما في القاموس ١ ـ ٣٤٦. والطغام ـ كسحاب ـ : أوغاد الناس ، ذكره الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٤ ـ ١٤٤.

(٢) صحيح البخاري ٣ ـ ٨٣٧ [ طبعة الهند ].

(٣) صحيح مسلم ٢ ـ ٢٣٤ كتاب الآداب.

(٤) كما جاء في مسند أحمد بن حنبل ٣ ـ ١٩ ، وسنن الدارمي ٢ ـ ٢٧٤ ، وسنن أبي داود ٢ ـ ٣٤٠ ، ومشكل الآثار ١ ـ ٤٩٩ ، وغيرها.

(٥) في المصدر : به ، بدلا من : له.

(٦) لا توجد : على ، في (س).

(٧) في بعض المصادر : لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن. وفي لفظ : فو الله لأوجعن ظهرك وبطنك ، وفي لفظ الطحاوي : والله لأضربن بطنك وظهرك أو لتأتيني بمن يشهد لك.

(٨) في المصادر زيادة : فخرج.

(٩) جاءت العبارة في المصادر هكذا : لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا.

٦٨٧

خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ، ألهاني (١) الصفق بالأسواق (٢).

ولا خفاء في أن ما خفي على عمر من ذلك أمر متكرر الوقوع من العادة والسنن التي كان يعلمها المعاشرون له صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف خفي على هذا الرجل الذي يدعون أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يشاوره في الأمور ويستمد بتدبيره؟! ، فليس هذا إلا من فرط غباوته ، أو قلة اعتنائه بأمور الدين ، أو إنكاره لأمور الشرع مخالفة لسيد المرسلين.

الطعن الثاني عشر :

ما رواه ابن أبي الحديد (٣) ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر أول حجة حجها في خلافته ، فلما دخل المسجد الحرام ، دنا من الحجر الأسود فقبله واستلمه ، فقال : إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع (٤) ، ولو لا أني رأيت

__________________

(١) في المصادر زيادة : عنه.

(٢) قال النووي في شرحه : فمعناه أن هذا حديث مشهور بيننا معروف لكبارنا وصغارنا ، حتى أن أصغرنا يحفظه ، وسمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما حكاه الأميني في الغدير ٦ ـ ١٥٨ ـ ١٥٩ ، وعلق عليه بما هو جدير بالملاحظة.

(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ١٢ ـ ١٠٠ ـ ١٠١ [ ٣ ـ ١٢٣ ].

(٤) جاء قوله : للحجر بعبارات مختلفة وألفاظ متعددة في مصادر عديدة :

منها : ما ذكر المصنف ـ رحمه‌الله ـ في المتن ، وتجده في صحيح البخاري كتاب الحج باب ما ذكره في حجر الأسود بسنده عن عابس بن ربيعة ، وصحيح الترمذي ٢ ـ ١٦٣ ، وصحيح النسائي ٢ ـ ٣٧ ، سنن أبي داود في المجلد الحادي عشر باب تقبيل الحجر ، ومسند أحمد بن حنبل ١ ـ ١٦ و ٢٦ و ٤٢ ، سنن البيهقي في المجلد الخامس باب تقبيل الحجر.

وروى البخاري في صحيحه كتاب الحج باب الرمل في الحج والعمرة بسنده عن أسلم ، والبيهقي في سننه ٥ ـ ٨٢.

وأورده مسلم في صحيحه كتاب الحج باب استحباب تقبيل الحجر الأسود عن عبد الله بن سرجس ، وابن ماجة في صحيحه في أبواب المناسك باب استلام الحجر ، وأحمد بن حنبل في المسند

٦٨٨

رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] قبلك واستلمك لما قبلتك ولا استلمتك.

فقال له علي عليه‌السلام : بلى ـ يا أمير المؤمنين ـ إنه ليضر وينفع (١) ، ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول ، قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ

__________________

١ ـ ٣٤ و ٥٠. وأخرجه النسائي في صحيحه ٢ ـ ٣٨ عن طاوس بن عباس ، وقريب منه ما في مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٣٩.

ومنها : قوله : لو لا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قبلك ما قبلتك.

ومنها : قوله : إني لأعلم أنك حجر ولو لم أر حبيبي قبلك أو استلمك ما استلمتك ولا قبلتك. رواه أحمد في مسنده ١ ـ ٢١ ، وقريب منه ما ذكره فيه ١ ـ ٣٤.

(١) قد جاء في فضل الحجر الأسود كثير من الروايات من طرق الخاصة والعامة ، ونحن نذكر نموذجا مما جاء من طرق العامة :

أخرج الترمذي في صحيحه ١ ـ ١٨٠ بسنده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في الحجر : والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق.

ورواه ابن ماجة في صحيحه باب استلام الحجر ، وأحمد بن حنبل في المسند ١ ـ ٢٤٧ و ٢٩١ و ٣٠٧ ، والبيهقي في سننه ٥ ـ ٧٥ ، وأبو نعيم في حليته ٤ ـ ٣٠٦ باختلاف في اللفظ ، وجاء في فيض القدير ١ ـ ٥٢٧ باختلاف يسير.

وأورد أحمد بن حنبل في المسند ١ ـ ٣٧٣ ، والخطيب البغدادي ٧ ـ ٣٦١ ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك.

وهو مذكور في فيض القدير ٤ ـ ٥٤٦.

وقد جاء في صحيح النسائي ٢ ـ ٣٧ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وكذا في مسند أحمد ابن حنبل ٣ ـ ٢٧٧ ، وفي سنن البيهقي ٥ ـ ٧٥ ، عن ابن عباس ، فقرة منه.

وقريب منه ما في صحيح الترمذي ١ ـ ١٦٦ ، ومسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٣٠٧ و ٣٢٩ ، فيض القدير ٣ ـ ٤٠٩ ، طبقات ابن سعد ١ ـ ١٢ ـ القسم الأول ـ ، وسنن البيهقي باب ما ورد في الحجر الأسود في المجلد الخامس ، وكون الحجر الأسود من الجنة أو من حجارة الجنة بنص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. نقله النسائي في صحيحه ٢ ـ ٣٧ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وأحمد بن حنبل في مسنده ٥ ـ ٧٥ ، وغيرهما.

٦٨٩

أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) (١) ، فلما أشهدهم وأقروا له بأنه (٢) الرب عز وجل وأنهم العبيد ، كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه هذا الحجر ، وإن له (٣) لـ ( عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ ) ، يشهد (٤) بالموافاة ، فهو أمين الله عز وجل في هذا المكان.

فقال عمر : لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن (٥).

ورواه الغزالي في كتاب إحياء العلوم (٦).

وروى البخاري (٧) ومسلم (٨) في (٩) صحيحهما ولم يذكرا تنبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام إياه.

واعتذر عنه في المنهاج (١٠) بأنه : إنما قال ذلك لئلا يغتر بعض قريبي العهد بالإسلام الذي قد ألفوا (١١) عبادة الأحجار وتعظيمها (١٢) رجاء نفعها وخوف

__________________

(١) الأعراف : ١٧٢.

(٢) في المصدر : أنه ـ من دون باء ـ.

(٣) في (س) : وأنه ـ من دون لام ـ.

(٤) في شرح ابن أبي الحديد : تشهد لمن وافاه.

(٥) وفي لفظ : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن!.

وأخرجه الحاكم في المستدرك ١ ـ ٤٥٧ ، والمتقي الهندي في الكنز ٣ ـ ٣٥ ، وابن الجوزي في سيرة عمر : ١٠٦ ، والأزرقي في تاريخ مكة ، كما في العمدة ، والقسطلاني في إرشاد الساري ٣ ـ ١٩٥ ، والعيني في عمدة القارئ ٤ ـ ٦٠٦ بلفظيه ، والسيوطي في الدر المنثور من سورة الأنعام ، وفي الجامع الكبير ـ كما في ترتيبه ـ ٣ ـ ٣٥ ، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٤٨٦ ، والفخر الرازي في تفسيره في تفسير سورة التين باختلاف في النقل. وهو كاشف عن جهل الخليفة بتأويل كتاب الله كجهله به.

(٦) إحياء علوم الدين ١ ـ ٢٤١ ـ ٢٤٢.

(٧) صحيح البخاري في كتاب الحج باب ما ذكر في الحجر الأسود ، وباب الرمل في الحج والعمرة ، وباب تقبيل الحجر.

(٨) صحيح مسلم كتاب الحج باب استحباب تقبيل الحجر الأسود.

(٩) لا توجد في (س) : في.

(١٠) المنهاج ( شرح صحيح مسلم للنووي ) ٩ ـ ١٦ ـ ١٧.

(١١) في شرح الصحيح : الذين كانوا ألفوا.

(١٢) في المصدر زيادة : واو ، هنا.

٦٩٠

ضررها (١).

وما رواه ابن أبي الحديد (٢) يبطل هذا الاعتذار ، إذ لو كان مراده ذلك لبين عذره ولم يقل : لا أبقاني الله بأرض لست بها ، إذ ظاهر أن هذا كلام المقر بالجهل المعترف بالخطإ ، وإنما حذفوا التتمة (٣) ليتمكنوا من مثل هذا الاعتذار.

الطعن الثالث عشر :

أشياء كثيرة وأحكام غزيرة تحير فيها وهداه غيره إلى الصواب فيها .. وهذا يدل على غاية جهله وعدم استئهاله للإمامة ، وسنورد أكثرها في أبواب علم أمير المؤمنين عليه‌السلام وقضاياه في المجلد التاسع (٤) ، وبعضها في كتاب القضاء (٥) ، وكتاب الحدود (٦).

ولنورد هاهنا قليلا منها من كتب المخالفين :

فمنها : ما رواه البخاري (٧) في صحيحه ، عن أنس ، قال : كنا عند عمر ، فقال : نهانا عن التكلف.

وقال ابن حجر في شرحه (٨) : ذكر الحميدي ، عن ثابت ، عن أنس : أن

__________________

(١) في المنهاج : وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها ..

أقول : إن هذا الاعتذار يستلزم تجهيل وغفلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والعياذ بالله ـ مع قرب عهده (ص) من الجاهلية.

(٢) في شرحه على النهج ١٢ ـ ١٠٢.

(٣) في (س) : السمة.

(٤) بحار الأنوار ٤٠ ـ ١٤٩ ـ ١٥٤ و ٢٢٥ ـ ٢٣٥ ، وغيرهما.

(٥) انظر : بحار الأنوار ١٠٤ ـ ٢١٦ ـ ٢٧٣.

(٦) بحار الأنوار ١٠٤ ـ ٤٠١.

(٧) صحيح البخاري كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال. وقال العلامة الأميني ـ رحمه‌الله ـ في الغدير ٦ ـ ١٠٠ ـ ١٠١ : هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه غير أنه سترا على جهل الخليفة بالأب حذف صدر الحديث وأخرج ذيله وتكلف بعد النهي عن التكلف ، ولا يهمه جهل الأمة عندئذ بمغزى قول عمر .. وكم وكم في صحيح البخاري من أحاديث لعبت بها يد تحريفه.

(٨) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١٣ ـ ٢٣٠ ، بتصرف.

٦٩١

عمر قرأ : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) (١) ، فقال : ما الأب؟. ثم قال : ما كلفنا ـ أو قال : ما أمرنا ـ بهذا. ثم قال ابن حجر : قلت : هو عند الإسماعيلي (٢) من رواية هشام ، عن ثابت : أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) (٣) ، ما الأب؟. فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف .. وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري ، وأولى منه ما (٤) أخرجه أبو نعيم .. ، عن أنس ، قال : كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع يقرأ (٥) : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) (٦) ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها ، فما الأب؟. ثم قال : مه! نهينا عن التكلف (٧).

وقد أخرجه (٨) عبد بن حميد في تفسيره ، عن حماد بن سلمة ، وقال بعد قوله (٩) : فما الأب؟ ثم قال : يا ابن أم عمر! إن هذا هو التكلف ، وما عليك أن

__________________

(١) عبس : ٣١.

(٢) في ( ك‍ ) نسخة بدل : الإسماعيل.

(٣) عبس : ٣١.

(٤) لا توجد : ما ، في (س).

(٥) في المصدر : فقرأ.

(٦) عبس : ٣١.

(٧) وجاء بألفاظ متعددة في موارد مختلفة في المصادر الأصلية عند العامة ، ونكتفي بذكر لفظ آخر : قال أنس بن مالك : إن عمر قرأ على المنبر : « فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا » ( سورة عبس ) ، قال : كل هذا عرفناه فما الأب؟ ، ثم رفض عصا كانت في يده ، فقال :هذا ـ لعمر الله ـ هو التكلف ، فما عليك أن لا تدري ما الأب! اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه.

وتجد ما روي عن أنس في المتن في : تفسير ابن جرير ٣٠ ـ ٣٨ ، مستدرك الحاكم ٢ ـ ٥١٤ وصححه ، تاريخ بغداد ١١ ـ ٤٦٨ ، والكشاف ٣ ـ ٢٥٣ ، والرياض النضرة للطبري ٢ ـ ٤٩ ، والموفقات للشاطي ١ ـ ٢١ و ٢٥ ، وسيرة ابن عمر لابن الجوزي : ١٢٠ ، والنهاية ١ ـ ١٠ ، وأصول التفسير لابن تيمية : ٣٠ ، وتفسير ابن كثير ٤ ـ ٤٧٣ وصححه ، وكنز العمال ١ ـ ٢٢٧ ، وإرشاد الساري ١٠ ـ ٢٩٨ ، وعمدة القاري ١١ ـ ٤٦٨ ، وغيرها كثير.

(٨) أي ابن حجر في شرح صحيح البخاري.

(٩) في (س) : فقوله.

٦٩٢

لا تدري ما الأب! (١).

وعن عبد الرحمن بن يزيد : أن رجلا سأل عمر عن : ( فاكِهَةً وَأَبًّا ) (٢) ، فلما رآهم عمر يقولون ، أقبل عليهم بالدرة (٣).

ومن وجه آخر ، عن إبراهيم النخعي ، قال : قرأ أبو بكر الصديق : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) (٤) ، فقيل : ما الأب؟. فقيل : كذا .. وكذا ، فقال أبو بكر : إن هذا هو التكلف ، أي أرض تقلني؟ وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم!.

ومن طريق إبراهيم التميمي نحوه. انتهى مختصر كلام ابن حجر.

وقد ظهر مما رواه (٥) أن تفسير « الأب » كان عند الشيخين معضلة لم يوفقا للعلم به مع أنه يعرفها كل ، وقولهما : إن هذا هو التكلف .. لا يخلوا عن منافرة لقوله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ) (٦) ، وفي حذف البخاري حكاية الجهل بالأب دلالة على تعصبه وأنه لا يذكر في أكثر المواضع ما فيه فضيحة للخلفاء.

ومنها : ما رواه البخاري (٧) ومسلم (٨) وأبو داود (٩) والترمذي (١٠)

__________________

(١) وقريب منه ما ذكره ابن سعد في طبقاته ٣ ـ ٣٢٧ ، والحاكم في مستدركه ٢ ـ ٥١٤ عن أنس.

(٢) عبس : ٣١.

(٣) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ ـ ٨.

(٤) عبس : ٣١.

(٥) في المطبوع : روه ، ولعله : رووه ، وما أثبتناه أولى.

(٦) سورة محمد (ص) : ٢٤.

(٧) صحيح البخاري ١٢ ـ ٢٢٢ كتاب الديات باب جنين المرأة ، وفي كتاب الاعتصام باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله.

(٨) صحيح مسلم كتاب القسامة باب دية الجنين رقم الحديث ١٦٨٢.

(٩) سنن أبي داود كتاب الديات باب دية الجنين برقم ٤٥٦٨ و ٤٥٦٩ و ٤٥٧٠.

(١٠) سنن الترمذي كتاب الديات باب ما جاء في دية الجنين حديث ١٤١١.

٦٩٣

والنسائي (١) وصاحب جامع الأصول (٢) بأسانيدهم ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : سئل عمر بن الخطاب عن إملاص (٣) المرأة ـ وهي التي تضرب بطنها فيلقى (٤) جنينها ـ ، فقال : أيكم سمع من النبي (ص) فيه شيئا؟. قال : فقلت : أنا. قال :ما هو؟. قلت : سمعت النبي صلى الله عليه [ وآله ] يقول : فيه غرة عبد أو أمة ، قال : لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج مما قلت. فخرجت فوجدت محمد بن سلمة (٥) : فجئت به فشهد معي أنه سمع النبي صلى الله عليه [ وآله ] يقول فيه :غرة عبد أو أمة.

هذه رواية البخاري ومسلم ، وباقي الروايات على ما أورده في جامع الأصول (٦) قريبة منها.

ومنها :ما رواه في نهج البلاغة (٧) : أنه ذكر عند عمر بن الخطاب حلي الكعبة وكثرته ، فقال قوم : لو أخذت فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي؟. فهم عمر بذلك وسأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال :

إن القرآن أنزل على محمد (٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله والأموال الأربعة (٩) : أموال

__________________

(١) سنن النسائي ٨ ـ ٤٩ و ٥٠ و ٥١ كتاب القسامة باب دية جنين المرأة.

(٢) جامع الأصول ٤ ـ ٤٣١ ـ ٤٣٣ حديث ٢٥٠٩.

(٣) قال في النهاية ٤ ـ ٣٥٦ ، في حديث عمر : أنه سئل عن إملاص المرأة الجنين .. هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولادة. وفي صحاح اللغة ٣ ـ ١٠٥٧ : وأملصت المرأة بولدها : أسقطت.

(٤) في المصدر : فتلقى. وهو الظاهر.

(٥) في المصدر : محمد بن مسلمة.

(٦) وانظر : جامع الأصول ٤ ـ ٤٢٨ ـ ٤٣٧ حديث ٢٥٠٨ ـ ٢٥١٣.

وأورده في مسند أحمد ٤ ـ ٢٤٤ و ٢٥٣ ، وسنن البيهقي ٨ ـ ١١٤ ، وتذكرة الحفاظ ١ ـ ٧ ، الإصابة ٢ ـ ٢٥٩ ، تهذيب التهذيب ٣ ـ ٣٦ ، وغيرها.

(٧) نهج البلاغة ٣ ـ ٢٠١ حكمه عليه‌السلام ، وفي طبعة صبحي الصالح : ٥٢٣.

(٨) في المصدر : إن هذا القرآن أنزل على النبي ..

(٩) في النهج : أربعة. وهو الظاهر.

٦٩٤

المسلمين فقسمها بين الورثة في الفريضة (١) ، والفيء فقسمه على مستحقه (٢) ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله ، ولم يتركه نسيانا ، ولم يخف عليه مكان (٣) ، فأقره حيث أقره الله ورسوله. فقال (٤) عمر : لولاك لافتضحنا ، وترك الحلي بحاله.

وروى البخاري (٥) ، بإسناده عن أبي وائل ، قال : جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة ، فقال : لقد جلس هذا المجلس عمر ، فقال : لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلت : إن صاحبيك لم يفعلا. قال : هما المرءان أقتدي بهما.

وروى في جامع الأصول (٦) ، عن شقيق ، قال : إن شيبة بن عثمان قال له :قعد عمر مقعدك الذي أنت فيه. فقال : لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة. قلت :ما أنت بفاعل. قال : بلى ، لأفعلن. قلت : ما أنت بفاعل. قال : لم؟. قلت : مضى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وأبو بكر (٧) وهما أحوج منك إلى المال فلم يخرجاه ، فقام وخرج. قال : أخرجه أبو داود (٨).

__________________

(١) في المصدر : في الفرائض.

(٢) في النهج : مستحقيه.

(٣) في المصدر : مكانا ـ بالنصب ـ.

(٤) زيادة : له ، جاءت في المصدر.

(٥) صحيح البخاري ٣ ـ ٨١ [ ٢ ـ ١٨٣ ] كتاب الحج باب كسوة الكعبة ، وجاء في كتاب الاعتصام أيضا.

وجاء اجتهاد الخليفة في حلي الكعبة في : سنن أبي داود ١ ـ ٣١٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ ـ ٢٦٩ ، وسنن البيهقي ٥ ـ ١٥٩ ، فتوح البلدان للبلاذري : ٥٥ ، وفتح الباري ٣ ـ ٣٥٦ ، وكنز العمال ٧ ـ ١٤٥ بألفاظ متعددة وأسانيد متنوعة.

(٦) جامع الأصول ٩ ـ ٢٨٢ ، حديث ٦٨٩٣.

(٧) في الجامع : قلت : لأن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] قد رأى مكانه وأبو بكر ..

(٨) سنن أبي داود ١ ـ ٣١٧ كتاب المناسك باب في مال الكعبة حديث ٢٠٣١ ، وقريب منه رواه

٦٩٥

ومنها : ما رواه ابن أبي الحديد (١) ، قال : مر عمر بشاب من الأنصار (٢) وهو ظمآن فاستسقاه فماص (٣) له عسلا ، فرده ولم يشرب ، وقال : إني سمعت الله سبحانه (٤) يقول : ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) (٥) وقال الفتى (٦) : إنها والله (٧) ليست لك (٨) ، اقرأ يا أمير المؤمنين (٩) ما قبلها :

__________________

البخاري في صحيحه ١٣ ـ ٢١١ و ٢١٢ في الاعتصام ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، وفي الحج ، باب كسوة الكعبة.

أقول : ونظير هذا موارد :

منها : ما عن نافع وغيره : كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحتها بيعة الرضوان فيصلون عندها ، فبلغ ذلك عمر فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت. كما أوردها جمع من أعلامهم كابن الجوزي في سيرة عمر : ١٠٧ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ـ ١٧٨ ، ٣ ـ ١٢٣ [ ١ ـ ٦٠ أربع مجلدات ] ، والسيرة الحلبية : ٣ ـ ٢٩ ، وابن حجر في فتح الباري ٧ ـ ٣٦١ ، وإرشاد الساري ٦ ـ ٣٣٧ ، والدر المنثور ٦ ـ ٧٣ ، وغيرها.

ومنها : ما أورده ابن الجوزي في سيرة عمر : ١٠٧ ، وابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ٣ ـ ١٢٢ ، والعسقلاني في فتح الباري ١ ـ ٤٥٠ ، وغيرهم في نهيه عن الصلاة في مسجد صلى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومنها : تزهده وتظاهره أمام المسلمين بالتقشف والتقوى مع ما له من قصة مفصلة في هدية ملك الروم له التي أوردها في الفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٤١٣.

(١) في شرح النهج ١ ـ ١٨٢ [ ١ ـ ٦١ ].

(٢) في المصدر : ومر يوما بشاب من فتيان الأنصار.

(٣) في (س) : فماض له. وفي المصدر : فجدع .. أي خلط. والمض : المص أو أبلغ منه كما في القاموس ٢ ـ ٣١٨. وجاء فيه ٢ ـ ٣٤٤ : مض الشيء مضيضا : شرب ..

(٤) وجاءت العبارة في شرح النهج هكذا : فجدح له ماء بعسل فلم يشربه وقال : إن الله تعالى ..

(٥) الأحقاف : ٢٠. ولم يذكر ذيلها في المصدر.

(٦) في الشرح زيادة : له ، قبل الفتى ، وأمير المؤمنين ، بعدها.

(٧) لا توجد : والله ، في المصدر.

(٨) في الشرح زيادة : ولا لأحد من هذه القبيلة ..

(٩) لا توجد في المصدر : يا أمير المؤمنين.

٦٩٦

( .. وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ) (١) نحن منهم؟ فشرب (٢) ، وقال (٣) : كل الناس أفقه من عمر (٤).

أقول : لعله كان في رجوعه أبين خطأ من ابتدائه ، فتدبر.

والأخبار في ذلك كثيرة في كتبنا وكتبهم لا نطيل الكلام بإيرادها (٥).

__________________

(١) الأحقاف : ٢٠.

(٢) لا توجد في شرح النهج : فنحن منهم فشرب.

(٣) في المصدر : فقال عمر.

(٤) وقد كرر قوله هذا في أكثر من مورد ، وقد أشرنا إلى جملة من هذه الموارد وإليك مورد آخر : أخرج جمع من الحفاظ : أن رجلا قال عند عمر : اللهم اجعلني من القليل. فقال عمر : ما هذا الدعاء؟. فقال الرجل : إنما سمعت الله يقول : « وقليل من عبادي الشكور ». فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل. فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر.

تفسير السيوطي ٥ ـ ٢٢٩ ، وفي لفظ القرطبي في تفسيره ١٤ ـ ٢٧٧ : كل الناس أعلم منك يا عمر ، وفي تفسير الكشاف ٢ ـ ٤٤٥ : كل الناس أعلم من عمر. وفي قصة مرت جاء في آخرها :كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر .. كما وردت في الرياض النضرة ٢ ـ ٥٧ ، والفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٤٠٨ ، ونور الأبصار : ٦٥ ، وغيرهم. وهناك ألفاظ أخر مرت وستأتي.

(٥) ونحن تبعا لشيخنا العلامة أعلى الله مقامه نستدرك جملة مما جهله معدن الجهل وجوهره وأس الانحراف وأساسه ، بعد أن استدركنا الكثير عليه في مطاعنه السالفة ، وسنأتي على غيرها في آخره بإذن الله ، فنقول :

ومنها : جهله لما لا يجهله الصبيان والعوام وهي معاني الألفاظ ، وهي كثيرة جدا نعرض عن ذكرها وندرج بعض مصادرها.

منها : ما ذكره الزمخشري في تفسيره الكشاف ٢ ـ ١٦٥ ، والقرطبي في تفسيره ١٠ ـ ١١٠ ، والبيضاوي في تفسيره ١ ـ ٦٦٧ ، وغيرهم.

ومنها : ما ذكره ابن كثير في تفسيره ١ ـ ١٧٥ ، وتفسير الخازن ٢ ـ ٥٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ٣ ـ ٤٥ ، والهندي في كنز العمال ١ ـ ٢٨٥ ،. وذكر واقعة أخرى في كنزه ١ ـ ٢٥٧ ، وقصة رابعة أوردها الحاكم النيسابوري في مستدركه ٣ ـ ٣٠٥ .. وغيرهم وغيرها مما يخجلنا نقلها وسردها ، فراجعها.

ومنها : ما أورده ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية : ٤٦ من جهل الخليفة بمعاريض الكلم وفي أكثر من قصة ، وذكرت لها عدة موارد أورد بعضها الكنجي في الكفاية : ٩٦ ، وابن

٦٩٧

__________________

الصباغ المالكي في الفصول المهمة : ١٨ ، ونظيرها في نور الأبصار للشبلنجي : ٧٩ ، ومقارب لها في تفسير الكشاف ٢ ـ ٤٤٥ ، وتفسير السيوطي ٥ ـ ٢٢٩ ، وتفسير القرطبي ١٤ ـ ٢٧٧ ، وحكى بعض مواردها الدولابي في الكنى والألقاب ١ ـ ١٩٢ ، والجاحظ في الأذكياء : ٤٩ ، ١٤٢ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ ـ ١٠٥ ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ٩٦ ، وابن حجر في الإصابة ٣ ـ ٣١٥ .. وغيرهم.

ومن جهل الألفاظ ومعاريض الكلام كيف ينتظر منه دركه لمعاني القرآن أو أحكام الله سبحانه وسنة نبيه و ..!؟.

ومنها : حكم الخليفة الثاني في التحليل من الإحرام في الحج ، ونقض الصحابة طرا عليه ، كما جاء في الموطإ لمالك : ٢٨٥ ، وصحيح الترمذي ١ ـ ١٧٣ ، وسنن البيهقي ٥ ـ ٢٠٤ ، وجامع بيان العلم ٢ ـ ١٩٧ ، والإصابة للزركشي : ٨٨ ، وغيرهم كثير.

ومنها : ما ارتآه الخليفة في الحائض بعد الإفاضة ، فعن ابن عمر أنه قال : طافت امرأة بالبيت يوم النحر ثم حاضت ، فأمر عمر بحبسها بمكة بعد أن ينفر الناس حتى تطهر وتطوف البيت. كما أخرجها البخاري في صحيحه ـ كتاب الحج ـ باب إذا حاضت المرأة ، وكتاب الحيض باب المرأة تحيض بعد الإفاضة ، وكتاب الحج باب المرأة إذا حاضت بعد الإفاضة. كما وأخرجها مسلم في صحيحه في تلك الأبواب. وقد خان الشيخان هنا إذ أسقطا ذيل الرواية التي ذكرها في فتح الباري ٣ ـ ٤٦٢ في قولة عمر هنا : يكون آخر عهدها بالبيت!. وأورد القصة الدارمي في سننه ٢ ـ ٦٨ ، وأبو داود في سننه ١ ـ ٣١٣ بشكل آخر وإسناد مغاير ، وقالها الترمذي في سننه ١ ـ ١٧٧ ، وابن ماجة في كتابه ٢ ـ ٦٨ ، والبيهقي في سننه ٥ ـ ١٦٢ ، والبغوي في مصابيح السنة ١ ـ ١٨٢ ، وغيرهم.

ومنها : جهله بكفارة بيض النعم ، إذ جاء في الرياض النضرة ٢ ـ ٥٠ و ١٩٤ ، وذخائر العقبى :٨٢ ، والكفاية للشنقيطي : ٥٧ ، وغيرهم في قصة حاصلها : أن قوما أصابوا بيض النعم وسألوا الخليفة وجهل الحكم ، ثم رجعوا إلى باب مدينة العلم سلام الله عليه ، فقال : يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض فما نتج منها أهدوه. قال عمر : فإن الإبل تخرج. قال علي عليه‌السلام : والبيض يمرض. فلما أدبر ، قال عمر : اللهم لا تنزل بي شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي!.

ومنها : جهل الخليفة بحكم المجوس ، وقوله : ما أدري ما أصنع بالمجوس وليسوا أهل الكتاب .. ، وفي لفظ آخر : ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ .. فقال له عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب. قاله مالك في الموطإ ١ ـ ٢٠٧ ، والبخاري في صحيحه ـ كتاب الجهاد ـ باب الجزية ٦ ـ ١٥٨ ، وأحمد بن حنبل في مسنده ١ ـ ١٩٠ ـ ١٩١ ، والترمذي في الجامع ١ ـ ١٩٢ [ طبعة أخرى : ١ ـ ٣٠٠ ] وقد أورده بعدة طرق مصححة ،

٦٩٨

__________________

والدارمي في سننه ٢ ـ ٢٣٤ ، وأبو داود في سننه ٢ ـ ٤٥ ، والجصاص في أحكام القرآن ٣ ـ ١١٤ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٨ ـ ٢٤٨ ، ٩ ـ ١٨٩ ، وتيسير الوصول ١ ـ ٢٤٥ ، وسيرة عمر لابن الجوزي : ١١٤ وما بعدها .. وغيرهم. وهذا حكم جهله إلى سنة قبل موته كما نص عليه الخطيب التبريزي : ٣٤٤ وجمع.

ومنها : ما رواه الطبري في تفسيره ٦ ـ ٦٨ ، وابن كثير في تفسيره ٣ ـ ٢٣٩ ، والقرطبي في تفسيره ١٢ ـ ١٠٧ ، وغيرهم في قصة حاصلها : أن امرأة تسررت غلامها ، فذكر ذلك لعمر ، فسألها : ما حملك على ذلك؟. قال : كنت أراه يحل لي بملك يميني كما يحل للرجل المرأة بملك اليمن ، فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالوا : تأولت كتاب الله عز وجل على غير تأويله ، لا رجم عليها. فقال عمر : لا جرم ، والله لا أحلك لحر بعده أبدا!!.

ومنها : ما أخرجه أبو داود في سننه ٢ ـ ٢٤٢ في حديث : جلد أبو بكر في الخمر أربعين ، ثم جلد عمر صدرا من إمارته أربعين ، ثم جلد ثمانين في آخر خلافته ، وجلد عثمان الحدين كليهما ثمانين وأربعين! ، ثم أثبت معاوية الحد على الثمانين!. وأورده في السنن ٢ ـ ٢٤٠ عن أنس بن مالك بشكل آخر ـ من أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين ، وفعل أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون! فأمر به عمر .. وجاء بصور متعددة وبطرق متضافرة. انظر : صحيح مسلم ـ باب حد الخمر ـ ٢ ـ ٣٨ ، ٥٢ ، سنن الدارمي ٢ ـ ١٧٥ ، سنن أبي داود ٢ ـ ٢٤٠ ، مسند أبي داود الطيالسي : ٢٦٥ ، سنن البيهقي ٨ ـ ٣١٩ ، ٣٢٠ ، تيسير الوصول ٢ ـ ١٧ ، كنز العمال ٣ ـ ١٠٢ ، وغيرهم.

ومنها : جهله في حد الأمة ، فقد رواه الشافعي في كتاب الأم ١ ـ ١٣٥ ، وأورد بعض وجوه الحديث في هامشه ٧ ـ ١٤٤ ، وحكاه بطرقه البيهقي في السنن الكبرى ٨ ـ ٢٣٨ ، وكتاب العلم لأبي عمر : ١٤٨ وغيرهم. وقال الأول : فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما ـ وهو الرجم ـ ، وخالف عثمان لا يحدها بحال ، وجلدها مائة وغربها عاما .. وقد ناقش الواقعة شيخنا الأميني في غديره ٦ ـ ١٧٤ ـ ١٧٥ بشكل رائع ، فلاحظ.

ومنها : ما ورد من أنه أتي عمر بامرأة قد نكحت في عدتها ، ففرق بينهما ، وجعل مهرها في بيت المال ، وقال : لا يجتمعان أبدا ، فبلغ عليا عليه‌السلام ، فقال : إن كان جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها ، ويفرق بينهما ، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب. فخطب عمر وقال : ردوا الجهالات إلى السنة ، فرجع إلى قول علي عليه‌السلام ، وفي لفظ الخوارزمي في مناقبه : ٥٧ : ردوا قول عمر إلى علي. وفي التذكرة ـ لسبط ابن الجوزي ـ : ٨٧ : فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر ...

٦٩٩

__________________

وجاءت الواقعة بألفاظ عديدة ، وقد فصلها الجصاص في أحكام القرآن ١ ـ ٥٠٤ ، وأوردها البيهقي في السنن الكبرى ٧ ـ ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، وجاءت في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٦ ، وذخائر العقبى : ٨١ ، وغيرها.

ومنها : ما أورده المتقي الهندي في كنز العمال ٥ ـ ١٦١ عن قتادة ، من أنه سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الإسلام تطليقة ، فقال : لا آمرك ولا أنهاك. فقال عبد الرحمن : لكن آمرك ، ليس طلاقك في الشرك بشيء. وجاء في هامش مسند أحمد بن حنبل ٣ ـ ٤٨٢.

ومنها : ما أورده جمع من الحفاظ منهم في حكم الخليفة في المتسابين ، أوردها العلامة الأميني في غديره ٦ ـ ١٤٤ ـ ١٤٦ وناقشها بما لا مزيد عليه.

ومنها : ما حكاه في السنن الكبرى ٨ ـ ٢٥٢ عن جمع من أعلامهم من قول ابن عمر : كان عمر يضرب الحد في التعريض .. مع ما تواتر عن الفريقين من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادرءوا الحدود بالشبهات.

ومنها : ما جاء عن أبي عمر الشيباني أنه قال : خبر عمر بن الخطاب برجل يصوم الدهر ، فجعل يضربه بمخفقته ويقول : كل يا دهر يا دهر.

هذا مع أن جمعا من أعلامهم عرفوا بذلك ، وقامت عليه النصوص من العامة والخاصة ، وناقشها صاحب الغدير مفصلا ٦ ـ ٣٢٢ ـ ٣٢٥.

ومنها : جهله بالصلاة بعد العصر ، فعن وبرة قال : رأى عمر تميما الداري يصلي العصر فضربه بالدرة! ، فقال تميم : لم يا عمر! تضربني على صلاة صليتها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فقال عمر : يا تميم! ليس كل الناس يعلم ما تعلم!!.

وعن السائب بن يزيد أنه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر.

وعن الأسود : أن عمر كان يضرب على الركعتين بعد العصر .. وغيرها. انظر : صحيح مسلم ١ ـ ٣١٠ ، مسند أحمد ٤ ـ ١٠٢ ، ١١٥ ، موطأ مالك ١ ـ ٩٠ ، مجمع الزوائد ٢ ـ ٢٢٢ ، تيسير الوصول ٢ ـ ٢٩٥ ، فتح الباري ٢ ـ ٥١ و ٣ ـ ٨٢ ، كنز العمال ٤ ـ ٢٢٥ ، شرح الموطإ للزرقاني ١ ـ ٣٩٨ ، سنن أبي داود ١ ـ ٢٠١ ، سنن الدارمي ١ ـ ٣٣٤ ، سنن البيهقي ٢ ـ ٤٥٨ .. وقد جاء الحكم بألفاظ مختلفة في وقائع متعددة.

ومنها : ما أورده البيهقي في السنن الكبرى ٨ ـ ٢٧٤ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣ ـ ١١٨ وغيرهما من حكم الخليفة في قطع رجل سارق أقطع اليد والرجل قد سرق ، وما أرشده مولى الكونين أبو الحسن عليه‌السلام لحكم المسألة.

٧٠٠