بحار الأنوار - ج ٣٠

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣٠

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الطعن السابع :

ما رواه ابن أبي الحديد (١) وغيره (٢) : أن عمر كان يعس (٣) ليلة فمر بدار سمع فيها صوتا فارتاب وتسور فوجد رجلا عنده امرأة وزق (٤) خمر ، فقال : يا عدو الله! أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته؟!. فقال : لا تعجل يا أمير المؤمنين! إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث ، قال الله : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (٥) وتجسست ، وقال : ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (٦) وقد تسورت ،

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ١٢ ـ ١٧ ـ ١٨ [ ٣ ـ ٩٦ ] بتصرف ، وذكره في ١ ـ ١٨٢ [ ١ ـ ٦١ ] ولم يأت بذيله.

(٢) أورده محب الدين في الرياض ٢ ـ ٤٦ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ ـ ٩٣ ، وأوردها مفصلا وبشكل آخر في الفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ، والكامل لابن الأثير ٤ ـ ٢٨ ، وكنز العمال ٢ ـ ١٦٧ ، وجاء بها في نفس المجلد : ١٤١ بشكل آخر عن السدي مقتصرا على الفقرة الأولى.

وجاء شهاب الدين الأبشيهي في المستطرف ٢ ـ ١١٥ باب ٦١ بقضية غير ما مرت في عس عمر ومواجهة من نبهه على الخطايا الثلاث.

ونقل في العقد الفريد ٣ ـ ٤١٦ قضية ثالثة في عسه ورجوعه نادما ، وفيه : هم بتأديبهم فقالوا :يا أمير المؤمنين! نهاك الله عن التجسس تجسست ، ونهاك عن الدخول بغير إذن فدخلت. فقال :هاتين بهاتين وانصرف وهو يقول : كل الناس أفقه منك يا عمر.

أقول : انظروا إلى مصالحة الخليفة مع الأمة في الخطإ وما تبعت هذه المصالحة من الآثار.

وأخذ بتكرارها ولكن نصح له عبد الرحمن بن عوف فامتنع ، وقد جاء في سنن البيهقي ٨ ـ ٣٣٤ ، والإصابة ١ ـ ٥٣١ ، والدر المنثور ٦ ـ ٩٣ ، والسيرة الحلبية ٣ ـ ٢٩٣ ، والفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٤٧٢ : قال عمر : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب ، فما ترى؟. قال عبد الرحمن : أرى قد أتينا ما نهى الله عنه : « ولا تجسسوا » فقد تجسسنا فانصرف عنهم عمر وتركهم.

(٣) قال في النهاية ٣ ـ ٢٣٦ : وفي حديث عمر : أنه كان يعس بالمدينة .. أي يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهل الريبة.

(٤) قال في القاموس ٣ ـ ٢٤١ : الزق ـ بالكسر ـ : السقاء أو جلد يجز وينتف للشراب وغيره.

(٥) الحجرات : ١٢.

(٦) البقرة : ١٨٩.

٦٦١

وقال : ( فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا ) (١) وما سلمت. قال : فهل عندك من خير إن (٢) عفوت عنك؟. قال : نعم ـ والله ـ لا أعود. فقال : اذهب فقد عفوت عنك.

وفي رواية أخرى (٣) : فلحقه الخجل. وقد حكى تلك القصة في الصراط المستقيم (٤) ، عن الطبري (٥) ، والرازي ، والثعلبي ، والقزويني ، والبصري ، وعن الراغب في محاضراته ، والغزالي في الإحياء (٦) ، والمالكي في قوت القلوب.

وقال الشيخ الطبرسي رحمه‌الله في مجمع البيان (٧) : وروي (٨) عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب حدث أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر في بيته هو وأصحابه ، فانطلق عمر حتى دخل عليه ، فإذا ليس عنده إلا رجل ، فقال أبو المحجن : يا أمير المؤمنين! إن هذا لا يحل لك ، قد نهاك الله عن التجسس!. فقال عمر : ما يقول هذا؟. فقال زيد بن ثابت وعبد الله بن الأرقم : صدق يا أمير المؤمنين!. قال : فخرج عمر وتركه ، وخرج مع (٩) عمر بن الخطاب أيضا (١٠) عبد الرحمن بن عوف (١١) فتبينت لهما نار فأتيا واستأذنا ففتح الباب فدخلا ، فإذا رجل وامرأة تغني وعلى يد الرجل قدح ، فقال عمر : من هذه منك؟. قال : امرأتي. قال : وما في هذا القدح؟. قال : الماء ، فقال للمرأة ما الذي تغنين ، قالت : أقول :

__________________

(١) النور : ٦١.

(٢) في (س) : فإن.

(٣) جاءت في المغني للقاضي ٢٠ ـ ١٤ ـ القسم الثاني ـ حيث قال : وإنما لحقه على ما يروى في الخبر الخجل ..

(٤) الصراط المستقيم ٣ ـ ٢٠.

(٥) تاريخ الطبري ٥ ـ ٢٠ [ طبع مصر ].

(٦) إحياء العلوم ٢ ـ ٢٠١.

(٧) مجمع البيان ٩ ـ ١٣٥.

(٨) في (س) : روى ـ بلا واو ـ.

(٩) لا توجد : مع ، في المصدر.

(١٠) في مجمع البيان زيادة : ومعه.

(١١) في المصدر زيادة : يعسان.

٦٦٢

تطاول هذا الليل واسود جانبه

وأرقني إلا حبيب ألاعبه

فو الله لو لا خشية الله والتقى

لزعزع من هذا السرير جوانبه

ولكن عقلي والهواء (١) يكفني

وأكرم بعلي أن تنال مراكبه

فقال (٢) الرجل : ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين! قال الله تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (٣) ، فقال عمر : صدقت ، وانصرف (٤).

__________________

(١) في ( ك‍ ) نسخة بدل : الحياء.

(٢) في المصدر : ثم قال.

(٣) الحجرات : ١٢.

(٤) هذا ، وإن شرب الخليفة للخمر من المسلمات ، ألا ترى إلى ما ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار ٤ ـ ٥١ ـ ٥٢ ، باب اللهو واللذات والقصف واللعب ، والأبشيهي في المستطرف : ٢٦٠ [ ٢ ـ ٢٩١ ] .. وغيرهما في قصة تدرج نزول آيات النهي عن الخمر ، وفيها : حتى شربها عمر فأخذ لحى بعير فشج رأس عبد الرحمن بن عوف ، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن عبد يغوث [ أبي يعفور ، بن يعفور ] ، وفيها

أيوعدنا ابن كبشة (*) أن سنحيا

وكيف حياة أصداء وها

أيعجزأنيردالموت عني

وينشرني إذا بليت عظامي

ألا من مبلغ الرحمن عني

بأني تارك شهر الصيام

فقل لله يمنعني شرابي!

وقل لله يمنعني طعامي!

فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج مغضبا يجر رداءه ، فرفع شيئا كان في يده ليضربه .. وحرف القصة الطبري في تفسيره ٢ ـ ٢٠٣ بوضع كلمة رجل بدلا من : عمر ، وناقشها شيخنا الأميني ـ رحمه‌الله ـ في غديره ٦ ـ ٢٥١ ـ ٢٦١ بذكر موارد النقض وما يرد على الخليفة.

أقول : بعد نزول آية تحريم الخمر ، قال الخليفة : انتهينا انتهينا .. فلم نجده قد انتهى ، إذ ها هو يقول ـ كما في السنن الكبرى ٨ ـ ٢٩٩ ، والمحاضرات للراغب الأصفهاني ١ ـ ٣١٩ ، وكنز العمال للمتقي الهندي ٣ ـ ١٠٩ بألفاظ متعددة وغيرهم ـ : إنا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم

__________________

(*) قال ابن الأثير في النهاية ٤ ـ ١٤٤ ، في حديث أبي سفيان : لقد أمر ابن أبي كبشة .. كان المشركون ينسبون النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى أبي كبشة وهو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان وعبد الشعرى العبور فلما خالفهم النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في عبادة الأوثان شبهوه به ، وقيل : إنه كان جد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من قبل أمه فأرادوا أنه نزع في الشبه اليه.

٦٦٣

وأجيب (١) بأن للإمام أن يجتهد في إزالة المنكر بهذا الجنس من الفعل ، وإنما لحقه الخجل .. (٢) لأنه لم يصادف الأمر على ما ألقي إليه في إقدامهم على المنكر.

وأجاب السيد المرتضى (٣) رضوان الله عليه ب : أن التجسس محظور (٤) بالقرآن والسنة ، وليس للإمام أن يجتهد فيما يؤدي إلى مخالفة الكتاب والسنة ، وقد كان يجب ـ إن كان هذا عذرا صحيحا ـ أن يعتذر به إلى من خطأه في وجهه ، وقال له : إنك أخطأت السنة من وجوه ، فإنه بمعاذير نفسه أعلم من غيره (٥) ، وتلك الحال حال (٦) تدعو إلى الاحتجاج وإقامة العذر ، وكل هذا تلزيق وتلفيق. انتهى.

ولا يخفى أن قولهم : إنما لحقه الخجل لعدم مصادفته الأمر على ما ألقي إليه .. مخالف لما رواه ابن أبي الحديد (٧) وغيره كما عرفت.

__________________

الإبل في بطوننا أن تؤذينا ، فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء!. وأورد الهندي في كنزه ، والطبراني في الجامع الكبير ٦ ـ ١٥٦ ، وابن عبد البر في العقد الفريد ٣ ـ ٤١٦ ، وغيرهم أنه شرب وشرب إلى أن مات ، فها هم يقولون : وكان يشرب النبيذ الشديد إلى آخر نفس لفظه. قال عمر ابن ميمون : شهدت عمر حين طعن أتي بنبيذ فشربه .. ولاحظ ما أورده الجصاص في أحكام القرآن ٢ ـ ٥٦٥ ، بل جاء في جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ ـ ١٩٢ أنه كان يحب الشراب الشديد ، وعنه قوله في الخمر : هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه. وجاء في سنن النسائي ٨ ـ ٣٢٦ عنه : إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء .. وغيرها ، هذا مع تواتر نصوص الفريقين ـ كما في سنن أبي داود ٢ ـ ١٢٩ ، ومسند أحمد ٢ ـ ١٦٧ ، ٣ ـ ٣٤٣ ، وصحيح الترمذي ١ ـ ٣٤٢ ، وسنن ابن ماجة ٢ ـ ٣٣٢ ، وسنن النسائي ٨ ـ ٣٠ ، وسنن البيهقي ٨ ـ ٢٩٦ ، وغيرهم كثير ـ مع أن : ما أسكر كثيره فقليله حرام .. وغيره من نصوص الباب.

(١) والمجيب : هو القاضي في المغني ٢٠ ـ ١٤ ـ القسم الثاني ـ.

(٢) في المصدر زيادة : على ما روي في الخبر. وفي الأصل : على ما يروى.

(٣) في الشافي ٤ ـ ١٨٥.

(٤) في المصدر : فأما التجسس فهو محظور.

(٥) في (س) : من غيرها. وفي المصدر : من صاحب الكتاب.

(٦) لا توجد : حال ـ الثانية ـ ، في المصدر.

(٧) في شرح النهج ١٢ ـ ١٨.

٦٦٤

ثم إنهم عدوا من فضائل عمر (١) أنه أول من عس في عمله نفسه ، لزعمهم أن ذلك أحرى بسياسة الرعية ، وقد ظهر من مخالفته لصريح الآية أنه من جملة مطاعنه ، ولو كان خيرا لما تركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكان الله تعالى يأمر بذلك ، فعدهم ذلك من فضائله ترجيح لرأي عمر على ما قضى الله ورسوله به ، وهل هذا إلا كفر صريح؟!.

الطعن الثامن :

ما ورد في جميع صحاحهم ـ وإن لم يتعرض له أكثر أصحابنا ، وهو عندي من أفحش مطاعنه وأثبتها ـ وهو أنه ترك الصلاة لفقد الماء ، وأمر من أجنب ولم يجد الماء أن لا يصلي من غير استناد إلى شبهة ، كما روى البخاري (٢) ومسلم (٣) وأبو داود (٤) والنسائي (٥) وصاحب جامع الأصول (٦) ، عن شقيق قال : كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري ، فقال له أبو موسى (٧) : لو أن رجلا أجنب ولم يجد الماء شهرا (٨) أما كان يتيمم ويصلي؟! و (٩) كيف تصنعون بهذه الآية في سورة

__________________

(١) كما في كتاب الأوائل للعسكري : ١٠٥ ـ ١٠٨ ، وذكر قصصا ظريفة عن الخليفة ، كما وقد عد ابن الجوزي هذه المخزاة من مناقب وفضائل عمر! وتبعه شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية ، كما جاء في ديوانه المطبوع سنة ١٩٣٧ م.

(٢) صحيح البخاري ١ ـ ٣٨٥ كتاب التيمم باب إذا خاف الجنب على نفسه وأبواب أخر.

(٣) صحيح مسلم كتاب الحيض باب التيمم حديث ٣٦٨.

(٤) سنن أبي داود حديث ٣٢١ كتاب الطهارة باب التيمم.

(٥) النسائي ١ ـ ١٧٠ كتاب الطهارة باب تيمم الجنب.

(٦) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٤ حديث ٥٢٨٩ باختلاف أشرنا إلى غالبه.

(٧) في المصدر زيادة : أرأيت يا أبا عبد الرحمن.

(٨) هنا سقط جاء في المصدر وهو : كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله : لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا. فقال أبو موسى : فكيف بهذه .. ولا توجد فيه : أما كان يتيمم ويصلي وكيف تصنعون؟.

(٩) لا توجد الواو في ( ك‍ ).

٦٦٥

المائدة : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (١) ، فقال عبد الله : لو رخص لهم في هذا لأوشكوا (٢) إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد (٣). قلت : وإنما كرهتم هذا لذا (٤). قال : نعم. فقال له أبو موسى (٥) : ألم تسمع قول عمار لعمر : بعثني رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما يتمرغ (٦) الدابة (٧) ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه [ وآله ] ، فقال : إنما كان (٨) يكفيك أن تصنع هكذا .. فضرب بكفه (٩) ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح (١٠) ظهر كفه بشماله ، أو (١١) ظهر شماله بكفه ، ثم مسح بهما وجهه ، فقال عبد الله : ألم تر عمر لم يقنع بقول عمار (١٢).

قال البخاري (١٣) : وزاد يعلى ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : : كنت مع عبد الله وأبي موسى ، فقال له (١٤) أبو موسى : ألم تسمع قول عمار لعمر : إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بعثني أنا وأنت ، فأجنبت ، فتمعكت في الصعيد (١٥) فأتينا

__________________

(١) المائدة : ٦.

(٢) في جامع الأصول : لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك ..

(٣) في المصدر : بالصعيد.

(٤) لا توجد في صحيح مسلم : وإنما كرهتم هذا لذا.

(٥) في جامع الأصول : فقال أبو موسى لعبد الله.

(٦) في صحيح البخاري : تتمرغ ، وفي جامع الأصول : تمرغ.

(٧) هنا سقط جاء في المصادر : ثم أتيت النبي (ص).

(٨) لا توجد : كان .. في جامع الأصول. ووضع عليها رمز نسخة بدل في البحار.

(٩) في المصادر : وضرب بكفيه.

(١٠) في المصادر : ثم مسح بها.

(١١) في ( ك‍ ) : لو ، بدلا من : أو.

(١٢) ورد الذيل في صحيح البخاري ومسلم ، كما في الغدير ٦ ـ ٩١.

(١٣) صحيح البخاري ١ ـ ٩٦ كتاب التيمم باب التيمم بضربة.

(١٤) لا توجد : له ، في بعض نسخ صحيح البخاري.

(١٥) في المصدر : بالصعيد.

٦٦٦

رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فأخبرناه ، فقال : إنما (١) يكفيك هكذا .. ومسح وجهه وكفيه واحدة.

وروى البخاري (٢) ـ أيضا ـ في موضع آخر ، عن شقيق بن سلمة ، قال : كنت عند عبد الله وأبي موسى ، فقال له أبو موسى : أرأيت ـ يا أبا عبد الرحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع؟. فقال عبد الله : لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى : كيف (٣) تصنع بقول عمار حين قال له النبي صلى الله عليه [ وآله ] : كان يكفيك .. قال : ألم تر عمر لم يقنع بذلك! فقال أبو موسى : فدعنا من قول (٤) عمار ، كيف تصنع بهذه الآية؟ ، فما درى عبد الله ما يقول! ، فقال : إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم ، قال الأعمش : فقلت لشقيق : فإنها كره عبد الله لهذا. قال : نعم (٥).

وروى البخاري (٦) ـ أيضا ـ ، عن أبي وابل ، قال : قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود : إذا لم يجد الماء لا يصلي؟. قال عبد الله : لو رخصت لهم في هذا كان إذا وجد أحدهم البرد قال هكذا ـ يعني تيمم ـ وصلى ، قال : قلت : فأين قول عمار لعمر؟. قال : إني لم أر عمر قنع بقول عمار (٧).

وروى (٨) أيضا ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى

__________________

(١) في صحيح البخاري زيادة : كان ، بعد : إنما.

(٢) صحيح البخاري ١ ـ ٩٥ كتاب الطهارة باب إذا خاف الجنب على نفسه.

(٣) في المصدر : فكيف.

(٤) في (س) : بقول.

(٥) وأخرجه مسلم في صحيحه ١ ـ ١١٠ ، وأبو داود في سننه ١ ـ ٥٣ ، والبيهقي في سننه ١ ـ ٢٢٦ ، وقال في تيسير الوصول ٣ ـ ٩٧ : أخرجه الخمسة إلا الترمذي.

(٦) صحيح البخاري ١ ـ ٩٥ كتاب الطهارة ـ التيمم ـ باب إذا خاف الجنب.

(٧) وجاء في سنن البيهقي ١ ـ ٢٢٦ ، وتيسير الوصول ٣ ـ ٩٧.

(٨) البخاري في صحيحه ١ ـ ٩٢ ـ ٩٣ [ ١ ـ ٤٥ ] حديث ٢ في باب المتيمم هل ينفخ فيهما .. من كتاب الطهارة. وأورده في الأبواب التي بعده ، إلا أنه حرفه ودلس فيه صونا لمقام الخليفة وقدسيته ، فقد حذف الكلمة : لا تصل ، أو قوله : أما أنا فلم أكن لأصلي .. ذاهلا عن أن كلام عمار عندئذ

٦٦٧

عمر بن الخطاب ، فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء؟. فقال عمر : لا تصل. فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت فصليت ، فذكرت للنبي صلى الله عليه [ وآله ] ، فقال النبي صلى الله عليه [ وآله ] : إنما كان يكفيك هكذا .. فضرب النبي صلى الله عليه [ وآله ] بكفيه الأرض ونفخ فيهما ، ثم مسح بهما وجهه وكفيه (١).

وروى مسلم (٢) بالإسناد المذكور إلى قوله : ثم تمسح بهما وجهك وكفيك ، فقال عمر : اتق الله يا عمار!. فقال : إن شئت لم أحدث (٣) به.

وفي رواية (٤) أخرى لمسلم ، فقال عمر : نوليك ما توليت.

وفي رواية أخرى له (٥) ، قال عمار : يا أمير المؤمنين! إن شئت لما جعل الله علي من حقك ـ ألا أحدث به أحدا (٦).

__________________

لا يرتبط بشيء ، ولعل هذا عنده أخف وطأة من إخراج الحديث على ما هو عليه. ورواه مسلم في صحيحه باب التيمم بأربعة طرق. وذكره البيهقي محرفا في سننه ١ ـ ٢٠٩ نقلا عن الصحيحين ، وأخرجه النسائي في سننه ١ ـ ٦٠ وفيه مكان جواب عمر : فلم يدر ما يقول ، وأخرجه البغوي في المصابيح ١ ـ ٣٦ وعده من الصحاح غير أنه حذف صدر الحديث وذكر مجيء عمار إلى رسول الله (ص) فقط. وكذا حرفه الذهبي في تذكرته ٣ ـ ١٥٢. إلا أن ابن حجر في فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١ ـ ٣٥٢ قال : إن هذا مذهب مشهور من عمر. وأورده العيني في عمدة القاري ٢ ـ ١٧٢ ، وقال : إن عمر لم يكن يرى للجنب التيمم لتأدية اجتهاده إلى أن الآية مختصة بالحدث الأصغر. وأورد الواقعة العلامة الأميني في غديره ٦ ـ ٨٣ ـ ٩٢ وناقشها بما لا مزيد عليه.

(١) وجاءت في سنن أبي داود ١ ـ ٥٣ ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٢٠٠ ، مسند أحمد بن حنبل ٤ ـ ٢٦٥ و ٣١٩ ، وسنن النسائي ١ ـ ٥٩ ، ٦١.

(٢) صحيح مسلم كتاب الطهارة باب التيمم. وجاء في سنن ابن ماجة ١ ـ ٢٠٠.

(٣) في ( ك‍ ) زيادة : أحدا ، بعد : أحدث ، وفي صحيح مسلم : لم أحدث به.

(٤) صحيح مسلم كتاب الطهارة باب التيمم.

(٥) صحيح مسلم كتاب الطهارة باب التيمم.

(٦) وأورده والسابق أبو داود في سننه ١ ـ ٥٣ ، وابن ماجة في صحيحه : ٤٣ ، وأحمد في مسنده ٤ ـ ٢٦٥ و ٣١٩ ، والنسائي في سننه ١ ـ ٥٩ و ٦٠ و ٦١. وجاءا في سنن البيهقي ١ ـ ٢٠٩ بطرق عديدة ، وشرح معاني الآثار للطحاوي ١ ـ ٦٧.

٦٦٨

وقال في جامع الأصول (١) ـ بعد حكاية رواية البخاري ومسلم : ـ وفي رواية أبي داود أنه قال : كنت عند عمر فجاءه رجل ، فقال : إنا نكون بالمكان الشهر والشهرين ، فقال عمر : أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء. قال : فقال عمار :يا أمير المؤمنين! أما تذكر (٢) إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة ، فأما أنا فتمعكت فأتيت النبي صلى الله عليه [ وآله ] فذكرت ذلك (٣) ، فقال : إنما يكون (٤) يكفيك أن تقول هكذا .. وضرب بيديه الأرض (٥) ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع. فقال عمر : يا عمار! اتق الله. فقال : يا أمير المؤمنين! إن شئت والله لم أذكره أبدا. فقال عمر : كلا! والله لنولينك من ذلك ما توليت .. ثم ذكر أربع (٦) روايات في ذلك عن أبي داود.

وروى (٧) عن النسائي أيضا أخبار (٨) قريبة المضامين من الأخبار الأخيرة (٩).

والتمعك : (١٠) التمرغ (١١).

__________________

(١) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ذيل حديث ٥٢٩٠.

(٢) في (س) : ما تذكر.

(٣) في المصدر : ذلك له.

(٤) في جامع الأصول : إنما كان .. وهو الظاهر.

(٥) في المصدر : إلى الأرض.

(٦) في جامع الأصول عندنا : خمسة ، يظهر من خامستها أنها في نسخة من جامع الأصول.

(٧) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٦.

(٨) كذا ، والظاهر : أخبارا ـ بالنصب ـ ، لأنها رويت عن جامع الأصول.

(٩) انظر : النسائي ١ ـ ١٧٠ كتاب الطهارة باب تيمم الجنب باب التيمم في الحضر مرة ، وفي السفر أخرى ، وكل منهما باختلاف يسير في اللفظ. ورواه أبو داود في صحيحه باب التيمم بطرق ، وأحمد ابن حنبل في مسنده ٤ ـ ٣١٩ ، وقريب منه ما ذكره في ٤ ـ ٢٦٥ بطريقين ، وكذا في ٤ ـ ٣٢٠ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٥ ـ ١٤٣ وقال : أخرجه عبد الرزاق. ولاحظ : مسند الطيالسي ٣ ـ ٨٨ و ٨٩ بطرق عديدة.

(١٠) توجد الواو في (س) هنا قبل : التمرغ.

(١١) نص عليه الطريحي في مجمع البحرين ٥ ـ ٢٨٨ ، وابن الأثير في النهاية ٤ ـ ٣٤٣ ، والفيروزآبادي في

٦٦٩

وقال في جامع الأصول (١) في قوله (٢) : نوليك ما توليت .. أي نكلك إلى ما قلت ، ونرد إليك ما وليته نفسك ورضيت لها به.

فإذا وقفت على هذه الأخبار التي لا يتطرق للمخالفين فيها سبيل إلى الإنكار فنقول :

لا تخلو الحال من أن يكون عمر حين أمر السائل بترك الصلاة لفقدان الماء وعدم إذعانه لقول عمار ، وقوله : أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء .. عالما بشرعية التيمم ووجوب الصلاة على فاقد الماء ، متذكرا للآية وأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو جاهلا بذلك غير متذكر للكتاب والسنة.

فإن كان الأول ـ كما هو الظاهر ـ كان إنكاره التيمم ردا صريحا على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس تخصيصا أو تقييدا للنص بالاجتهاد ، بل رفعا لحكمه رأسا لظن استلزامه الفساد ، وهو إسناد للأمر بالقبيح إلى الله عز وجل وتجهيل له ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وذلك كفر صريح.

وإن كان الثاني ، كان ذلك دليلا واضحا على غاية جهله وعدم صلوحه للإمامة ، فإن من لم يعلم ـ في أزيد من عشرين سنة ـ مثل هذا الحكم الذي تعم بلواه ولا يخفى على العوام ، وكان مصرحا به في موضعين من كتاب الله عز وجل ، ولعله لعمله تعالى بإنكار هذا اللعين كرره في الكتاب المبين وأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير موطن ، كما يظهر بالرجوع إلى رواياتهم المنقولة في جامع الأصول وسائر كتبهم ، واستمر عليه عمل الأمة في تلك المدة مع تكرر وقوعه ، كيف يكون أهلا للإمامة صالحا للرئاسة العامة؟! لا سيما وفي القوم صادق مصدق يقول : سلوني قبل أن تفقدوني (٣) فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق

__________________

القاموس ٣ ـ ٣١٩.

(١) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٩.

(٢) هنا في (س) زيادة كلمة : تعالى ، وقد خط عليها في ( ك‍ ).

(٣) أخرجه إمام الحنابلة أحمد ، وقال : روى عنه نحو هذا كثير ، وجاء في ينابيع المودة : ٢٧٤ ، وفي

٦٧٠

الأرض.

__________________

فرائد السمطين عن أبي سعيد.

قال سعيد بن المسيب : لم يكن أحد من الصحابة يقول : سلوني .. إلا علي بن أبي طالب. أخرجه أحمد بن حنبل في المناقب ، والبغوي في المعجم ، وأبو عمر في العلم ١ ـ ١١٤ ، وفي مختصره : ٥٨ ، والطبري في الرياض ٢ ـ ١٩٨ ، وابن حجر في الصواعق : ٧٦ ، والحافظ العاصمي في زين الفتى شرح سورة هل أتى ، والقالي في أماليه ، والحصري القيرواني في زهر الأدب ١ ـ ٣٨ ، والسيوطي في جمع الجوامع ـ كما في ترتيبه ـ ٥ ـ ٢٤٢ ، والزبيدي الحنفي في تاج العروس ٥ ـ ٢٦٨ نقلا عن الأمالي ، وغيرهم في غيرها.

وقد ورد بألفاظ مختلفة تؤدي هذا المعنى :

منها : قوله عليه‌السلام : سلوني قبل أن لا تسألوني ولن تسألوا بعدي مثلي. أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ ـ ٤٦٦ ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه.

ومنها : قوله عليه‌السلام : لا تسألوني عن آية في كتاب الله ولا سنة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أنبأتكم بذلك. أخرجه ابن كثير في التفسير ٤ ـ ٢٣١ من طريقين ، وقال : وثبت أيضا من غير وجه.

ومنها : قوله صلوات الله عليه : سلوني والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فو الله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل. نقله أبو عمر في جامع بيان العلم ١ ـ ١١٤ ، والمحب الطبري في الرياض ٢ ـ ١٩٨ ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ١٢٤ ، والإتقان له ٢ ـ ٣١٩ ، وابن حجر في فتح الباري ٨ ـ ٤٥٢ ، وتهذيب التهذيب ٧ ـ ٣٣٨ ، والعيني في عمدة القاري ٩ ـ ١٦٧ ، ومفتاح السعادة ١ ـ ٤٠٠.

ومنها : قوله سلام الله عليه : ألا رجل يسأل فينتفع وينفع جلساءه. أورده أبو عمر في جامع بيان العلم ١ ـ ١٤٤ ، وفي مختصره : ٥٧.

ومنها : قوله عليه‌السلام : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت ، وأين نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سئولا. جاء في حلية الأولياء ١ ـ ٦٨ ، ومفتاح السعادة ١ ـ ٤٠٠.

ومنها : قوله صلوات الله عليه : سلوني ولا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به.

أورده البخاري في صحيحه ١ ـ ٤٦ و ١٠ ـ ٢٤٠ ، ٢٤١ ، وأحمد في مسنده ١ ـ ٢٧٨ ، وأبو داود في مسنده : ٣٥٦.

قال ابن عباس حبر الأمة : والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم ، وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر. حكاه في الاستيعاب ٣ ـ ٤٠ ، والرياض ٢ ـ ١٩٤ ، ومطالب السئول :٣٠.

٦٧١

ويقول : لو ثنيت لي الوسادة (١) لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، حتى يزهر كل إلى ربه ويقول إن عليا قضى فينا بقضائك ، ويقول : علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألف باب يفتح من كل باب ألف باب. ويشهد له الرسول الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه : باب مدينة العلم (٢) ، وأقضى الأمة (٣).

والعجب أنه ... لم يكن يجوز خلافة عبد الله ابنه عند موته معتلا بأنه لم يعرف كيف يطلق امرأته (٤) ، ومن يجهل مثل ذلك لا يصلح للإمامة! فكيف يجوز اتباعه و (٥) إمامته مع جهله مثل هذا الحكم البين المنصوص عليه بالكتاب والسنة؟!

ولا يخفى على المتأمل الفرق بين الأمرين من وجوه شتى :

__________________

(١) قوله عليه‌السلام هذا تجده في مصادر كثيرة من الخاصة ، وانظر مثالا : بحار الأنوار ٢٦ ـ ١٨٢ ، ٢٨ ـ ٤ ، ٣٥ ـ ٣٨٧ ـ ٣٩١ ، ٤٠ ـ ١٣٦ ، ١٥٣ ، ١٧٨ ، ٩٢ ـ ٨٧ و ٩٥ ، وإحقاق الحق ٧ ـ ٥٧٩ ٥٨١ و ٦١٥ ، ولاحظ ما ذكره فيه من مصادر العامة.

(٢) مرت مصادره في أول تحقيقاتنا ، وانظر : الغدير ٣ ـ ٩٥ ـ ١٠١ ، وغيره.

(٣) قد ورد بلفظ : أقضى أمتي علي ، في مصابيح البغوي ٢ ـ ٢٧٧ ، الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٨ ، ومناقب الخوارزمي : ٥٠ ، وفتح الباري ٨ ـ ١٣٦ ، وبغية الوعاة : ٤٤٧ ، وغيرها.

وبلفظ : أقضاكم علي ، في الاستيعاب ٣ ـ ٢٨ ـ هامش الإصابة ـ ، ومواقف للإيجي ٣ ـ ٢٧٦ ، ومطالب السئول : ٢٣ ، تمييز الطيب من الخبيث : ٢٥ ، كفاية السنقيطي : ٤٦ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٢ ـ ٢٣٥.

وقريب منه في حلية الأولياء ١ ـ ٦٦ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٩٨ ، ومطالب السئول : ٣٤ ، وكفاية الكنجي : ١٣٩ ، وكنز العمال ٦ ـ ١٥٣ ، وغيرها. وكفاك فيه ما ذكره فضل بن روزبهان ردا على العلامة ـ ذيل هذه الأحاديث ـ : وأما ما ذكره المصنف ـ من علم أمير المؤمنين ـ فلا شك في أنه من علماء الأمة والناس محتاجون إليه فيه ، وكيف لا وهو وصي النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف ، فلا نزاع لأحد فيه! ..

(٤) ستأتي مصادره في الطعن الثامن عشر.

(٥) لا توجد الواو في (س).

٦٧٢

منها : أن الطلاق أمر نادر الوقوع ، والصلاة بالتيمم أكثر وقوعا.

ومنها : أن الصلاة أدخل في الدين من النكاح والطلاق.

ومنها : أن بطلان هذا النوع من الطلاق لم يظهر من الكتاب والسنة ظهور وجوب التيمم.

ومنها : أن فعل ابنه كان في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبدو نزول الحكم ، وإنكاره كان بعد ظهور الإسلام وانتشار الأحكام.

ومنها : أن جهل ابنه ارتفع بالتنبيه ، وهو قد أصر بعد التذكير والإعلام.

وفي الفرق وجوه أخر تركناها للمتدبر.

والحق أن ادعاء الجهل منه في مثل تلك المسألة الضرورية المتكررة الوقوع ليس من ادعاء الشبهة المحتملة ، بل يجب الحكم بكفره بمجرد ذلك الإنكار ، ويدل على أن إنكاره لم يكن للجهل ، بل كان ردا على الله سبحانه وتعالى وتقبيحا لحكمه ، إنه لو كان للجهل لسأل غيره من الصحابة حتى يظهر له صدق ما ذكره عمار أو كذبه ، فيحكم بعد ذلك بما كان يظهر له ، فإن ترك الخوض في تحقيق الحكم ـ مع كون الخطب فيه جليلا لإفضائه إلى ترك الصلاة التي هي أعظم أركان الدين ، مع قرب العهد وسهولة تحقيق الحال ـ ليس إلا تخريبا للشريعة وإفسادا (١) في الدين.

وقال بعض الأفاضل : يمكن أن يستدل به [ عليه ] بوجه أخص ، وهو أنه لا خلاف في أن من استحل ترك الصلاة فهو كافر ، ولا ريب في أن قوله : أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء ، بعد قول الرجل السائل : إنا نكون بالمكان الشهر والشهرين .. ونهيه السائل عن الصلاة ـ كما في الروايات الأخر ـ استحلال لترك الصلاة مع فقد الماء ، وهو داخل في عموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك

__________________

(١) في (س) : أو فسادا.

٦٧٣

الصلاة متعمدا فقد كفر (١) .. ولم (٢) يخصصه أحدا (٣) إلا بالمستحل (٤).

__________________

(١) هذا من ضروريات مذهب الإمامية ، والروايات عليه عند العامة متضافرة. انظر : صحيح الترمذي كتاب الإيمان باب ٩ حديث ٤٠ ، وسنن النسائي كتاب الصلاة باب ٨ ، وسنن ابن ماجة كتاب الإقامة : ٧٧ ، ومسند أحمد بن حنبل ٥ ـ ٣٤٢ ، وغيرها.

(٢) في (س) : فلم.

(٣) كذا ، والظاهر : أحد ـ بالرفع ـ.

(٤) أقول : إن اجتهاد عمر وجهله في باب الصلاة أكثر من أن يذكر هنا ، ونضيف إلى ما ذكره المصنف ـ رحمه‌الله ـ اثنين :

أحدهما : اجتهاده في قراءة الصلاة.

فعن عبد الرحمن بن حنظلة بن الراهب : أن عمر بن الخطاب صلى بنا المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى ، فلما كانت الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين ، فلما فرغ وسلم سجد سجدتي السهو.

أخرجه ابن حجر في فتح الباري ٣ ـ ٦٩ وقال رجاله ثقات وكأنه مذهب لعمر. وذكره البيهقي في السنن الكبرى ٢ ـ ٣٨٢ ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في كنز العمال ٤ ـ ٢١٣ عن جمع من الحفاظ باختلاف في اللفظ. وقريب منه ما في سنن البيهقي ٢ ـ ٢٨١ ، ٣٤٧ و ٣٨٢ ، وترتيب جمع الجوامع ٤ ـ ٢١٣ ، وكنز العمال ٤ ـ ٢١٣ ، وفتح الباري ٣ ـ ٦٩ ، وغيرها.

وقد أورد العلامة الأميني ـ رحمه‌الله ـ في غديره ٦ ـ ١٠٨ ـ ١٠٩ روايات عن مصادر عدة ، وقال في آخرها : يظهر من هذه الموارد وتكرر القصة فيها أن الخليفة لم يستند في صلاته هاتيك إلى أصل مسلم ، فمرة لم يقرأ في الركعة الأولى فيقضيها في الثانية ويسجد سجدتي السهو قبل السلام أو بعده ، وأخرى اكتفى بحسن الركوع والسجود عن الإعادة وسجدتي السهو ، وطورا نراه يحتاط بالإعادة ، أو أنه يرى ما أتى به باطلا فيعيد ويعيدون .. فهل هذه اجتهادات وقتية ، أو أنه لم يعرف للمسألة ملاكا يرجع إليه؟!. والعجب من ابن حجر أنه يعد الشذوذ عن الطريقة المثلى مذهبا.

الثاني : جهله في أحكام الشكوك في الصلاة.

فقد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ١ ـ ١٩٢ ، وبلفظ آخر في ١ ـ ١٩٠ و ١٩٥ ، وذكره البيهقي في سننه ٢ ـ ٣٣٢ بعدة طرق ـ واللفظ مختلف والمعنى واحد ـ من أنه سئل عنها ، فقال : لا أعرف ، مع أنه مبتلى بها في اليوم والليلة خمسا ، وهو إمام للمسلمين جماعة وخليفة لهم ومرجع!!.

وها هو خليفة المسلمين وإمامهم يروي عنه محمد بن سيرين ـ كما في طبقات ابن سعد ٣ ـ ٢٨٦ قال : كان عمر بن الخطاب قد اعتراه نسيان في الصلاة ، فجعل رجل خلفه يلقنه ، فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل.

٦٧٤

تنبيه :

اعلم أنه يظهر من تلك الواقعة ضعف ما يتشبث به المخالفون في كثير من المواضع من ترك النكير ، فإن بطلان هذا الحكم ومخالفته للإجماع أمر واضح ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة إنكار ذلك عليه ، وقد قال عمار ـ بعد تذكيره بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : إن شئت لم أحدث به أحدا .. خوفا من أن يلحقه ضرر بالرد عليه والإنكار لفتياه ، ولم يكن عمار في شك من روايته حتى يكون تركه الإنكار لفتياه ، ولم يكن عمار في شك من روايته حتى يكون تركه الإنكار تصويبا لرأي عمر وتصديقا له ، وإذا كان ترك الإنكار في أمر التيمم ـ مع عدم تعلق الأغراض الدنيوية به للخوف أو غير ذلك ـ مما لا يدل على التصويب ، فأمور الخلافة والسلطنة أحرى بأن لا يكون ترك الإنكار فيها حجة على صوابها ..

الطعن التاسع :

إنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ ، وقال : إن يكن لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها ، فرجع عن حكمه ، وقال : لو لا معاذ لهلك عمر (١).

__________________

(١) وقد جاء بأكثر من لفظ في مصادر عديدة نذكر منها مثالا : سنن البيهقي ٧ ـ ٤٤٣ ، وكتاب العلم لأبي عمر : ١٥٠ ، وكنز العمال ٧ ـ ٨٢ عن ابن أبي شيبة ، وفتح الباري لابن حجر ١٢ ـ ١٢٠ وقال فيه : أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقات ، والإصابة ٣ ـ ٤٢٧ نقلا عن فوائد محمد بن مخلد العطار ، وأوعز إليه في التمهيد : ١٩٩. وقال ابن أبي الحديد في شرحه ١٢ ـ ٢٠٤ [ ٣ ـ ١٥٠ ] ـ بعد نقل القصة وقول السيد المرتضى فيها ـ : وأما قول المرتضى : كان يجب أن يسأل عن الحمل ، لأنه أحد الموانع من الرجم .. فكلام صحيح لازم ، ولا ريب أن ترك السؤال عن ذلك نوع من الخطإ ..

أقول : قد تكرر هذا من عمر ونبهه على خطئه أكثر من واحد ـ كما مر وسيأتي ـ.

منها : ما جاء في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٦ ، وذخائر العقبى : ٨٠ ، ومطالب السئول : ١٣٩ والأربعين للفخر الرازي : ٤٦٦ : من أن عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ما بال هذه ـ المرأة الحامل ـ؟. فقالوا : أمر عمر برجمها. فردها علي وقال : هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها ولعلك انتهرتها أو أخفتها؟. قال : قد كان ذلك. قال : أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : لا حد على معترف بعد بلاء ، إنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له.

٦٧٥

ومن جهل هذا القدر لا يجوز أن يكون إماما ، لأنه يجري مجرى أصول الشرائع ، بل العقل يدل عليه ، لأن (١) الرجم عقوبة ، ولا يجوز أن يعاقب من لا يستحق.

وأجاب عنه قاضي القضاة (٢) بأنه ليس في الخبر أنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل ، لأنه ليس ممن يخفى عليه هذا القدر ـ وهو أن الحامل لا ترجم حتى تضع وإنما ثبت عنده زناها فأمر برجمها على الظاهر ، وإنما قال ما قال (٣) في معاذ لأنه نبهه على أنها حامل.

قال : فإن قيل : إذا لم يكن (٤) منه معصية فكيف يهلك لو لا معاذ؟!.

قلنا (٥) : لم يرد الهلك من جهة العذاب (٦) ، وإنما أراد أن يجري (٧) بقوله : قتل من لا يستحق القتل ، كما يقال للرجل هلك من الفقر ، وصار سبب القتل (٨) خطأ. ويجوز أن يريد بذلك تقصيره في تعرف حالها (٩) ، لأن ذلك لا يمتنع أن

__________________

فخلى سبيلها ثم قال : عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب ، لو لا علي لهلك عمر.

ويأتي في صفحة : ٦٦٦ ، عن المناقب للخوارزمي : ٤٨.

ومنها : ما أخرجه الحافظ محب الدين الطبري في الرياض ٢ ـ ١٩٦ ، والحافظ الكنجي في الكفاية : ١٠٥. وقال في ذخائر العقبى : ٨١ ـ بعد نقله ـ : هذه غير تلك القضية ـ القضية السابقة لأن اعتراف تلك كان بعد تخويف فلم يصح فلم ترجم ، وهذه رجمت.

(١) في (س) : لأنه.

(٢) المغني ٢٠ ـ ١٢ ـ القسم الثاني ـ ، وجاء بعينه في الشافي ٤ ـ ١٧٩ ـ ١٨٠ ، ونقله أيضا في شرح ابن أبي الحديد ١٢ ـ ٢٠٣ [ ٣ ـ ١٥٠ ].

(٣) لا توجد في المصدر : ما قال.

(٤) في الشافي : لم تكن.

(٥) في المغني : قيل له.

(٦) في المصدر : لهلك عمر من جهة العقاب.

(٧) في المغني : يجزي ـ بالزاي المعجمة ـ.

(٨) جاءت العبارة في المصدر هكذا : هلك إذا افتقر أو صار سببا لقتل ..

(٩) في المغني : في تعرفه حاله.

٦٧٦

يكون خطيئة وإن صغرت.

وأورد عليه السيد المرتضى (١) رضوان الله عليه بأنه : لو كان الأمر على ما ظنه (٢) لم يكن تنبيه معاذ على هذا الوجه ، بل كان يجب أن ينبهه بأن يقول (٣) : هي حامل ، ولا يقول له : إن كان لك عليها سبيل (٤) فلا سبيل لك على ما في بطنها ، لأن ذلك (٥) قول من عنده أنه يرجمها مع العلم بحالها (٦) ، وأقل ما يجب ـ لو كان الأمر كما ظنه (٧) ـ أن يقول لمعاذ : ما ذهب علي (٨) أن الحامل لا ترجم ، وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها ، فكان ينفي بهذا القول عن نفسه الشبهة. وفي إمساكه عنه ـ مع شدة الحاجة إليه ـ دليل على صحة قولنا ، وقد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم ، فإذا علم انتفاؤه (٩) أمر بالرجم ، وصاحب الكتاب قد اعترف بأن ترك المسألة عن ذلك تقصير وخطيئة (١٠) ، وادعى أنهما (١١) صغيرة ، و (١٢) من أين له ذلك ولا دليل عنده يدل (١٣) في غير الأنبياء عليهم‌السلام أن معصيته بعينها صغيرة.

__________________

(١) الشافي ٤ ـ ١٨٠.

(٢) في المصدر : ظننته.

(٣) جاءت زيادة : له ، في الشافي.

(٤) في المصدر : سبيل عليها ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٥) هذا ، بدلا من : ذلك ، في المصدر.

(٦) في الشافي : أنه أمر برجمها مع العلم بأنها حامل.

(٧) في المصدر : كما ظنه صاحب الكتاب.

(٨) أي ما خفي علي.

(٩) في الشافي : ارتفاعه .. أي الحمل.

(١٠) في (س) : تقصيره وخطيئته.

(١١) في المصدر : أنها. وهو الظاهر.

(١٢) لا توجد الواو في ( ك‍ ).

(١٣) في الشافي : يدل عنده ـ بتقديم وتأخير ـ.

٦٧٧

فأما إقراره بالهلاك لو لا تنبيه معاذ .. فهو يقتضي التفخيم والتعظيم (١) لشأن الفعل ، ولا يليق ذلك إلا بالتقصير الواقع ، إما في الأمر برجمها مع العلم بأنها حامل ، أو ترك البحث عن ذلك والمسألة عنه ، وأي لوم (٢) في أن يجري بقوله قتل من لا يستحق القتل إذا لم يكن ذلك عن تفريط ولا تقصير. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

ومما يؤيده (٣) هذه القصة ، ما رواه الشيخ المفيد رحمه‌الله في الإرشاد (٤) أنه أتي عمر بحامل قد زنت فأمر برجمها ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : هب أن لك سبيلا عليها ، أي سبيل لك على ما في (٥) بطنها؟! والله تعالى يقول : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) (٦). فقال عمر : لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن (٧).

__________________

(١) في الشافي : التعظيم والتفخيم.

(٢) جاءت زيادة : عليه ، في المصدر.

(٣) كذا ، والظاهر زيادة الضمير.

(٤) الإرشاد : ١٠٩.

(٥) لا يوجد في المطبوع من البحار : في.

(٦) جاءت هذه الآية مكررة في سور : الأنعام : ١٦٤ ، الإسراء : ١٥ ، فاطر : ١٨ ، الزمر : ٧.

(٧) وقد تكرر من عمر قوله في ذيل القصة في غير مورد بألفاظ مختلفة نشير إلى بعضها :

منها : قوله : اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب. كما في تذكرة السبط : ٨٧ ، مناقب الخوارزمي : ٥٨ ، ومقتله ١ ـ ٤٥.

ومنها : قوله : لا أبقاني الله بأرض لست فيها يا أبا الحسن!. ذكره في إرشاد الساري ٣ ـ ١٩٥.

ومنها : قوله : لا أبقاني الله بعدك يا علي!. أورده في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٧ ، ومناقب الخوارزمي : ٦٠ ، وتذكرة السبط : ٨٨ ، وفيض القدير ٤ ـ ٣٥٧.

ومنها : قوله : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو الحسن لها. كما رواه ابن كثير في تاريخه ٧ ـ ٣٥٩ ، والفتوحات الإسلامية ٢ ـ ٣٠٦.

وجاء بألفاظ متقاربة في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٤ و ١٩٧ ، ومنتخب كنز العمال في هامش مسند أحمد ٢ ـ ٣٥٢ ، وفيض القدير ٤ ـ ٣٥٧ ، وأخرجه ابن البختري كما في الرياض ٢ ـ ١٩٤ ، وأحمد في المناقب ، والدارقطني عن أبي سعيد ، يوجد في الاستيعاب ـ هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٣٩ ، صفوة الصفوة ١ ـ ١٢١ ، تذكرة الخواص : ٨٥ ، طبقات الشافعية للشيرازي : ١٠ ، الإصابة ٢ ـ ٥٠٩ ،

٦٧٨

وحكى في كشف الغمة (١) من مناقب الخوارزمي (٢) أنه قال : أتي عمر في ولايته بامرأة حاملة فسألها عمر فاعترفت بالفجور ، فأمر بها عمر أن ترجم ، فلقيها علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : ما بال هذه؟. فقالوا : أمر بها عمر أن ترجم ، فردها علي عليه‌السلام ، فقال : أمرت بها أن ترجم؟!. فقال : نعم ، اعترفت عندي بالفجور. فقال : هذا سلطانك عليها ، فما سلطانك على ما في بطنها؟. ثم قال له علي عليه‌السلام : فلعلك انتهرتها أو أخفتها. فقال : قد كان ذاك. قال : أوما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا حد على معترف بعد بلاء (٣) ، إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له. فخلى عمر سبيلها ،. ثم قال : عجزت النساء أن يلدن (٤) مثل علي بن أبي طالب (ع) (٥) ، لو لا علي لهلك عمر (٦).

__________________

الصواعق : ٧٦ ، ترجمة علي بن أبي طالب : ٧٩ ، حاشية شرح العزيزي ٢ ـ ٤١٧ ، مصباح الظلام ٢ ـ ٥٦ ، وغيرها من المصادر الكثيرة جدا.

(١) كشف الغمة ١ ـ ١٤٩ ـ ١٥٠ ، باختلاف يسير.

(٢) مناقب الخوارزمي : ٣٩ و ٤٨ بألفاظ مقاربة ، ولها نظائر هناك. وقد مرت الرواية في هامش صفحة (٦٧٥) قريبا بمصادر أخرى باختلاف يسير.

(٣) جاء في بعض نسخ المصدر : البلاء.

(٤) في كشف الغمة : تلد.

(٥) وقد جاءت هذه الفقرة باختصار في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٦ ، وذخائر العقبى : ٨٠ ، ومطالب السئول : ١٣ ، والأربعين للفخر الرازي : ٤٦٦.

(٦) قولة عمر : لو لا علي لهلك عمر .. جاءت بألفاظ متعددة وموارد كثيرة وفي أكثر من واقعة ، فقد قالها عند ما نهاه عليه‌السلام عن رجم امرأة ولدت لستة أشهر مستدلا بآية الرضاع مع آية الحمل والفصال كما أخرجه الحافظان ابن أبي حاتم والبيهقي وكذا الكنجي والنيسابوري.

وجاء في لفظ سبط ابن الجوزي وجمع : اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب ، انظر من المصادر : السنن الكبرى ٧ ـ ٤٤٢ ، ومختصر جامع العلم : ١٥٠ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٩٤ ، وذخائر العقبى : ٨٢ ، وتفسير الفخر الرازي ٧ ـ ٤٨٤ ، وأربعين الرازي : ٤٦٦ ، وتفسير النيسابوري : ٣ ـ سورة الأحقاف ـ ، والكفاية للكنجي : ١٠٥ ، ومناقب الخوارزمي : ٥٧ ، وتذكرة سبط ابن الجوزي : ٨٧ ، والدر المنثور ١ ـ ٢٨٨ ، ٦ ـ ٤٠ ، وكنز العمال ٣ ـ ٩٦ و ٢٢٨ نقلا عن

٦٧٩

وستأتي الأخبار في ذلك في باب قضاياه (١) عليه‌السلام.

الطعن العاشر :

أنه أمر برجم المجنونة فنبه أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : إن القلم مرفوع (٢) عن المجنون حتى يفيق. فقال : لو لا علي لهلك عمر (٣).

__________________

غير واحد من أئمة الحديث والحفاظ ، وأشار إليه في الاستيعاب ٢ ـ ٤٦١.

وجاء بيان العجز العلمي للخليفة وفقره لباب مدينة العلم بألفاظ كثيرة جدا ومواقع لا تعد كثرة.

منها : قول عمر : أبا حسن! لا أبقاني الله لشدة لست لها ، ولا في بلد لست فيه ، كما أورده المتقي الهندي في كنز العمال ٣ ـ ١٧٩ ، والجرداني في مصباح الظلام ٢ ـ ٥٦ وغيرهما ، في قصة عجيبة حرية بالتأمل. وجاء في الكنز ٣ ـ ١٧٩ قولة عمر : يا ابن أبي طالب! فما زلت كاشف كل شبهة وموضح كل حكم ..

وانظر جملة من مراجعات الخليفة الثاني لأبي الحسنين سلام الله عليه وآله في مسائل كثيرة جدا ، ذكر جملة منها ابن حزم في المحلى ٧ ـ ٧٦ في مسألة الموقف في الحج ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٩٥ ، وذخائر العقبى : ٧٩ ، وقد عد الطبري في اختصاص أمير المؤمنين عدة روايات في إحالة جمع من الصحابة عند جهلهم عليه. وانظر الغدير ٦ ـ ٣٢٧ ـ ٣٢٨ في بيان مصادر قولة عمر : لو لا علي لهلك عمر ، واختلاف ألفاظها. ولاحظ الغدير ٦ ـ ٣٠٢ ـ ٣٠٨.

(١) بحار الأنوار ٤٠ ـ ٢١٧ ـ ٢١٨.

(٢) في (س) : موضوع.

(٣) قضاء الخليفة على مجنونة قد زنت قد ورد عن ابن عباس وغيره في صور متعددة :

منها : أنه أمر عمر برجم زانية فمر عليها علي بن أبي طالب عليه‌السلام في أثناء الرجم فخلصها ، فلما أخبر عمر بذلك قال : إنه لا يفعل ذلك إلا عن شيء ، فلما سأله قال : إنها مبتلاة بني فلان فلعله أتاها وهو بها ، فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر.

أورده أبو داود في سننه بعدة طرق ٢ ـ ٢٢٧ ، وابن ماجة في سننه ٢ ـ ٢٢٧ ، والحاكم في المستدرك ٢ ـ ٥٩ ، و ٤ ـ ٣٨٩ وصححه ، والبيهقي في سننه ٨ ـ ٢٦٤ بعدة طرق ، والطبري في الرياض النضرة ٢ ـ ١٩٦ ، والقسطلاني في إرشاد الساري ١٠ ـ ٩ ، وابن الجوزي في تذكرته : ٥٧ ، وابن حجر في فتح الباري ١٢ ـ ١٠١ ، والعيني في عمدة القاري ١١ ـ ١٥١ ، والمناوي في فيض القدير المجلد الرابع ، والمتقي في كنز العمال المجلد الثالث.

وتجد قول عمر : لو لا علي لهلك عمر ، في الاستيعاب ٣ ـ ٣٩ ، وتفسير النيسابوري في سورة

٦٨٠