بحار الأنوار - ج ٣٠

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣٠

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

والضئيل : الحقير السخيف (١).

وخرج إلي منها .. أي تركها لي وسلمها إلي.

والتلمظ : تتبع بقية الطعام في الفم باللسان (٢) ، والمعنى لم يذق من حلاوتها أبدا.

والتصوب : النزول (٣) ، والمراد : قلبت هذا الأمر ظهرا لبطن ، وتفكرت في جميع شقوقه.

والإغضاء : ـ في الأصل ـ : إدناء الجفون (٤).

ونشب .. أي علق (٥) ، والمعنى لم أجد بدا من الصبر على الشدة كما يصبر الإنسان على قذى في عينه أو شجا في حلقه.

قوله : حتى فرغ منها .. في بعض النسخ : فغربها .. أي فتح فاه (٦).

والبشم ـ بالباء الموحدة والشين المعجمة ـ : التخمة. والسئام (٧) : .. أي لم يسلمها إلي إلا بعد استيفاء الحظ والسأم منها.

ونقم .. أي كره كراهة بالغة حد السخط (٨).

والدهاء : النكر وجودة الرأي (٩).

والشغف ـ بالغين المعجمة والمهملة ـ : شدة الحب (١٠).

__________________

(١) ذكر في مجمع البحرين ٥ ـ ٤٠٩ ، والقاموس ٤ ـ ٥ ، قالا : الضئيل : النحيف الدقيق الحقير.

(٢) جاء في الصحاح ٣ ـ ١١٧٩ ، ومجمع البحرين ٤ ـ ٢٩١ ، وغيرهما.

(٣) كما صرح به في الصحاح ١ ـ ١٦٥ ، وفي القاموس ١ ـ ٩٤ مثله في المعنى.

(٤) نص عليه في مجمع البحرين ١ ـ ٣١٨ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٤٨ ، ولا توجد فيهما : في الأصل.

(٥) كما في الصحاح ١ ـ ٢٢٤ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ١٧١ ، وغيرهما.

(٦) جاء في مجمع البحرين ٣ ـ ٤٤١ ، والصحاح ٢ ـ ٧٨٢.

(٧) قاله في الصحاح ٥ ـ ١٨٧٣ ، والقاموس ٤ ـ ٨٠ ، وزاد في الأخير : والسآمة ، بدلا من : السئام.

(٨) ذكر في مجمع البحرين ٦ ـ ١٨٠ ، وقريب منه في الصحاح ٥ ـ ٢٠٤٥.

(٩) صرح به في القاموس ٤ ـ ٣٢٩ ، والصحاح ٦ ـ ٢٣٤٤ ، وغيرهما.

(١٠) قال في مجمع البحرين ٥ ـ ٧٥ و ٧٦ ، وفي النهاية ٢ ـ ٤٨١ في مادة شعف ـ بالعين المهملة ـ ، ولسان العرب ٩ ـ ١٧٩ وفي الجميع ما يستفاد من مجموعه ما ذكره المصنف رحمه‌الله.

٤٦١

ويبلوني .. أي يمتحنني ويختبرني (١).

والأخمص : ما لم يصب الأرض من القدم (٢).

والوفز : العجلة ، والمستوفز : الذي يقعد قعودا منتصبا غير مطمئن (٣) .. أي أوجدني متهيئا للإقدام والنهوض منتظرا للفرصة غير غافل.

واختباها .. أي ادخرها (٤).

والغائلة : الداهية (٥).

والنظر الشزر : النظر بمؤخر العين (٦).

والأنفة : الاستنكاف (٧) وكراهة الشيء للحمية (٨) ولغيره (٩).

وأمد الشيء غايته (١٠).

والنواجذ : أقاصي الأسنان (١١) ، والعض عليها : كناية عن شدة التعلق والتمسك بالشيء (١٢).

ثم اعلم أن ابن أبي الحديد (١٣) ـ بعد ما ذكر كلام السيد رضي‌الله‌عنه

__________________

(١) ذكره في مجمع البحرين ١ ـ ٦٠ ، والقاموس ٤ ـ ٣٠٥ ، وغيرهما.

(٢) نص عليه في القاموس ٢ ـ ٣٠٢ ، ومجمع البحرين ٤ ـ ١٧٠ ، وغيرهما.

(٣) نص عليه في القاموس ٢ ـ ١٩٥ ، والصحاح ٣ ـ ٩٠١ ، وانظر : مجمع البحرين ٤ ـ ٤٠ ، وقد تقدم أن في المصدر : المتشوز ، وهو أيضا بمعنى ما في المتن ، كما في القاموس ٢ ـ ١٩٥.

(٤) قاله في مجمع البحرين ١ ـ ١١٩ ، والنهاية ٢ ـ ٣.

(٥) كما في القاموس ٤ ـ ٢٧ ، ولسان العرب ١١ ـ ٥٠٧ ، وغيرهما.

(٦) ذكره في مجمع البحرين ٣ ـ ٣٤٥ ، والقاموس ٢ ـ ٥٨.

(٧) جاء في القاموس ٣ ـ ١١٩ ، ومجمع البحرين ٥ ـ ٢٨ ، وغيرهما.

(٨) لا توجد : للحمية ، في (س).

(٩) في النهاية ١ ـ ٧٦ ، ولسان العرب ٩ ـ ١٥ ما يقرب من ذلك المعنى.

(١٠) نص عليه في مجمع البحرين ٣ ـ ٨ ، والصحاح ٢ ـ ٤٤٢.

(١١) صرح به في الصحاح ٢ ـ ٥٧١ ، ومجمع البحرين ٣ ـ ١٩٠ ، وغيرهما.

(١٢) ذكره في مجمع البحرين ٤ ـ ٢١٧ ، وقال في النهاية ٣ ـ ٢٥٢ : هذا مثل في شدة الاستمساك.

(١٣) في شرحه على النهج ٢ ـ ٣٥ ـ ٣٦ ، بتصرف.

٤٦٢

قال ـ ما حاصله ـ : إنه لا يبعد أن يقال : إن الرضا والسخط والحب والبغض وما شاكل ذلك (١) من الأخلاق النفسانية وإن كانت أمورا باطنة فإنها قد تعلم وتضطر الحاضرون إلى حصولها بقرائن أحوال يفيدهم العلم الضروري ، كما يعلم خوف الخائف وسرور المبتهج ... فغير منكر أن يقول قاضي القضاة إن المعلوم ضرورة من حال عمر تعظيم أبي بكر ورضاه بخلافته وتدينه بذلك ، فالذي اعترضه السيد به غير وارد عليه ، وأما الأخبار التي رواها عن عمر (٢) فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتب المدونة إلا في كتاب المرتضى وكتاب المستبشر (٣) لمحمد بن جرير الطبري ـ الذي هو من رجال الشيعة ـ .. وأنت تعلم حال الأخبار الغريبة التي لا توجد في الكتب المدونة ، كيف هي؟.

وأورد عليه أن الأمور الباطنة والصفات النفسانية لا ريب في أنها قد تظهر (٤) أحيانا بظهور آثارها وشهادة القرائن عليها ، لكن الاطلاع عليها ـ سيما على وجه العلم بها والجزم بحصولها ـ أمر متعسر ، سيما إذا قامت الدواعي إلى إخفائها وتعلق الغرض بسترها ، وأكثر ما يظن (٥) به العلم في هذا الباب فهو من قبيل الظن ، بل من قبيل الوهم ، وجميعها ـ وإن اشتركت في تعسر العلم بها ـ إلا أنه في بعضها سيما في بعض الأشخاص ، وفي بعض الأحوال أشد ـ وكثيرا ما يظن المخالطون لرجل وخواصه وبطانته في دهر طويل أنه يتدين بدين أو يحب أحدا أو يبغضه ثم يظهر خلافه ، والدواعي إلى إخفاء عمر بغض أبي بكر أو عدم التدين بخلافته أمر واضح لا سترة به ، فإنه كان أساسا لخلافته واصلا لإمارته ، ومع ذلك كانت

__________________

(١) لا توجد كلمة : ذلك ، في ( ك‍ ).

(٢) في ( ك‍ ) : من عمر.

(٣) كذا في المصدر أيضا ، والصحيح : كتاب المسترشد في الإمامة طبع في النجف ، راجع رجال النجاشي : ٢٦٦.

(٤) في (س) : نظر.

(٥) في (س) : نظن.

٤٦٣

خلافة أبي بكر وسيلة إلى ما هو مقصدهم الأقصى ، وقرة عيونهم من دفع أهل البيت عليهم‌السلام عن هذا المقام ، فكان قدح عمر في أبي بكر تخريبا لهذا الأساس ومناقضا لذلك الغرض ، ولم يكن كارها لخلافة أبي بكر إلا لأنه كانت خلافة نفسه أحب إليه وأقر لعينه ـ كما يظهر من كلام السيد رضي‌الله‌عنه ومن رواياته ـ.

ومن نظر بعين الإنصاف علم أن تعظيم عمر لأبي بكر وإظهاره الرضا بإمارته ـ مع كونها وسيلة لانتقال الأمر إليه وصرفه عن أهل البيت ـ لا دلالة فيه بوجه من الوجوه على تدينه بإمامة أبي بكر ، وكونها أحب إليه من خلافة نفسه ، وإن ما ادعوا من العلم الضروري في ذلك ليس إلا عتوا في التعصب وعلوا في التعسف.

لا يقال : إذا كانت خلافة أبي بكر أساسا لخلافة عمر وسببا لدفع علي عليه‌السلام عنها فكيف كان عمر ـ مع شدة حيلته ودهائه ـ يقول على رءوس الأشهاد :كانت بيعة أبي بكر فلتة ـ بالمعنى الذي زعمتموه؟ وكيف يظهر مكنون ضميره لأبي موسى والمغيرة وغيرهما ـ كما يدل عليه الروايات المذكورة؟!.

لأنا نقول : أما إفشاؤه ما أسر في نفسه إلى أبي موسى والمغيرة وابن عمر فلم يكن مظنة للخوف على ذهاب الخلافة ، إذ كان يعرفهم بحبهم له وثيق (١) بأنهم لا يظهرون ذلك إلا لأهله ، ولو أظهروه لأنكر عليهم عامة الناس ، فلم يبال بإفشائه إليهم.

وأما حكاية الفلتة ، فكانت بعد استقرار خلافته وتمكن رعبه وهيبته في قلوب الناس ، وقد دعاه إليها أنه سمع أن عمار بن ياسر كان يقول : لو قد مات عمر لبايعت عليا عليه‌السلام ـ كما اعترف به الجاحظ ، وحكاه عنه ابن أبي

__________________

(١) كذا ، والظاهر : يثق ـ بتقديم الياء المثناة على الثاء المثلثة ـ.

٤٦٤

الحديد (١) ـ قال : وقال غيره .. : إن المعزوم على بيعته لو مات (٢) عمر كان (٣) طلحة ابن عبيد الله (٤) ، ويدل على أن قصة الفلتة كانت لمثل ذلك ما في رواية طويلة رواها البخاري (٥) وغيره (٦) من قول عمر في خطبته أنه : بلغني أن قائلا منكم يقول : لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانا ، فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وتمت ، فلقد كان كذلك ، ولكن وقى (٧) الله شرها.

فخاف من بطلان ما مهدوه وعقدوا عليه العهود والمواثيق من بذل الجهد واستفراغ الوسع في صرف الأمر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ومنعه عنه ، ومع ذلك هاج الضغن الكامن في صدره فلم يقدر على إخفائه والصبر عليه ، فظهر منه مثل هذا الكلام.

وأما ما ذكره من أن الأخبار التي رواها السيد رضي‌الله‌عنه غير موجودة في الكتب ، فليس غرضه من إيرادها إلا نوع تأييد لما ذكره من أن ادعاءهم العلم الضروري من قبيل المجازفة ، ومن راعى جانب الإنصاف وجانب الاعتساف علم أن الأمر كما ذكره.

ثم قال ابن أبي الحديد (٨) : اعلم أن هذه اللفظة وأمثالها كان عمر يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة ، ولا حيلة له فيها ، لأنه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها. ولا ريب عندنا أنه كان يتعاطى أن

__________________

(١) في شرحه على نهج البلاغة ٢ ـ ٢٥.

(٢) في (س) : كان ، بدلا من : مات.

(٣) لا توجد : كان ، في شرح النهج.

(٤) في (س) : عبد الله ـ مكبرا ـ ، وهو سهو.

(٥) صحيح البخاري ٨ ـ ٢٠٨ ، كتاب المحاربين ، باب ٣١.

(٦) منهم أحمد بن حنبل في مسنده ١ ـ ٥٥ ، وابن هشام في سيرته ٢ ـ ٦٥٨ ، وابن الأثير في جامع الأصول ٤ ـ ٩٠ ، حديث ٢٠٧٦ ، ولاحظ كتاب الصراط المستقيم ٣ ـ ٣٠٢.

(٧) في (س) : لقى.

(٨) في شرحه على النهج ٢ ـ ٢٧ ، بتصرف واختصار.

٤٦٥

يتكلف (١) وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة ، فينزع به الطبع الجاسي والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات ، ولا يقصد بها سوءا ولا يريد بها تخطئة ولا ذما (٢)! ، كما قدمناه في اللفظة التي قالها في مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكاللفظات التي قالها عام الحديبية .. وغير ذلك (٣) ، والله تعالى لا يجازي المكلف إلا بما نواه ، ولقد كانت نيته من أظهر (٤) النيات وأخلصها لله سبحانه والمسلمين ، ومن أنصف علم أن هذا الكلام حق.

ويرد عليه أن اقتضاء الطبيعة واستدعاء الغريزة ـ التي جعله معذرة له ـ إن أراد أنه بلغ إلى حيث لم يبق (٥) لعمر معه قدرة على إمساك لسانه عن التكلم بخلاف ما في ضميره ، بل كان يصدر عنه الذم في مقام يريد المدح ، والشتم في موضع يريد الإكرام ، ويخرج بذلك عن حد التكليف ، فلا مناقشة في ذلك ، لكن مثل هذا الرجل يعده العقلاء في زمرة المجانين ، ولا خلاف في أن العقل من شروط الإمامة.

وإن أراد أنه يبقى مع ذلك ما هو مناط التكليف فذلك مما ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) ، فإن إبليس استكبر على آدم بمقتضى الجبلة النارية ومع ذلك استحق النار وشملته اللعنة إلى يوم الدين ، والزاني إنما يزني بمقتضى الشهوة التي جبله الله عليها ولا حيلة له فيها ، ومع ذلك يرجم ولا يرحم.

ونعم ما تمسك به في إصلاح هذه الكلمة من قول عمر ـ في مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الرجل ليهذو ، أو إن الرجل ليهجر ـ ، ورده على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حسبنا كتاب الله ، كما سيأتي (٦) في مطاعنه مفصلاً

__________________

(١) في المصدر : أن يتلطف ..

(٢) في شرح النهج بعد قوله ولا ذما : ولا تخطئة ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٣) سيأتي بحثها في مطاعن عمر مفصلا مع مصادرها ، وانظر : الطرائف ٢ ـ ٤٧٩ ، وغيره.

(٤) في المصدر : أطهر ـ بالطاء المهملة ـ.

(٥) نسخة في ( ك‍ ) : أنه لم يبق.

(٦) سيأتي مفصلا كلامه ومصادره.

٤٦٦

إن شاء الله تعالى.

وهذا في الحقيقة تسليم لما ذكره السيد رضي‌الله‌عنه من أنه لا يخرج هذا الكلام من أن يكون طعنا على أبي بكر إلا (١) بأن يكون طعنا على عمر.

ثم قال ابن أبي الحديد (٢) : وقول المرتضى : قد يتفق من ظهور فضل غير أبي بكر ، وخوف الفتنة ما اتفق لأبي بكر فلا يستحق القتل ، فإن لقائل أن يقول : إن عمر لم يخاطب بهذا إلا أهل عصره ، وكان يذهب إلى أنه ليس فيهم كأبي بكر ، ولا من يحتمل له أن يبايع فلتة كما احتمل ذلك لأبي بكر ، فإن اتفق أن يكون في عصر آخر بعد عصره من يظهر فضله ، ويكون في زمانه كأبي بكر في زمانه فهو غير داخل في نهي عمر وتحريمه.

ويرد عليه ظاهر (٣) مثل هذا الخطاب عمومه لما بعد عصر الخطاب ، ولذلك لم يخصص أحد ما ورد في الأخبار من الأوامر والنواهي بزمان دون آخر.

ولو فرضنا اختصاص الحكم بأهل ذلك العصر نقول : من أين كان يعلم عمر أن مدة خلافته ـ والعياذ بالله ـ لا يمتد حينا من الدهر يظهر للناس من فضل رجل من أهل ذلك العصر مثل ما ظهر لأبي بكر حتى لا يستحق من دعا إلى بيعته القتل ، فإن ظهور الفضل الذي زعمه لأبي بكر لم يكن ثابتا له في جميع عمره ، بل إنما توهمه فيه من توهم بعد حين وزمان ، ولم يكن عمر خطب بهذه (٤) الخطبة عند علمه بموته حتى يعلم أنه ليس في أهل العصر من تمد إليه الأعناق مثل أبي بكر فإنه خطب بها أول جمعة دخل المدينة بعد انصرافه من الحج ، ولم يكن طعنه أبو لؤلؤة حتى يعلم أنه سيموت ولا يبقى زمانا يمكن فيه ظهور فضل رجل من أهل العصر فكان اللائق أن يقيد كلامه ببعض القيود ولا يهمل ذكر الشروط.

__________________

(١) كلمة : إلا ، هنا عاطفة.

(٢) في شرحه على النهج ٢ ـ ٣٧ ، بتصرف.

(٣) في (س) : أن ظاهر .. ووضع على : أن ، رمز الاستظهار وهو كذلك.

(٤) في (س) : هذه ، من دون الباء.

٤٦٧

ولا يخفى أن ما جعله ابن أبي الحديد عذرا لعمر ـ من أنه ليس فيهم كأبي بكر ـ باطل على مذهبه ، فإنه يرى (١) أمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل من أبي بكر (٢) ، على أن اشتراط بلوغ الفضل إلى ما بلغه أبو بكر ـ لو سلم له فضل ـ باطل من أصله ، إذ لا يشترط في الإمام ـ على رأي من شرط أفضلية الإمام ـ إلا كونه أفضل أهل زمانه لا كونه مثل من كان إماما في زمان من الأزمان ، وبطلان القول بأنه لم يكن في جملة المخاطبين حينئذ ـ وإن فرض تخصيص الخطاب بأهل ذلك العصر ـ من سبق غيره إلى الخيرات ، أظهر من أن يخفى على أحد.

وقال في جامع الأصول (٣) ـ في تفسير الفلتة ـ : الفجأة ، وذلك أنهم لم ينتظروا ببيعة أبي بكر عامة الصحابة ، وإنما ابتدرها عمر ومن تابعه.

قال : وقيل الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم فيختلفون فيها أمن (٤) الحل هي أم من الحرام فيسارع الموتور إلى درك الثار فيكثر الفساد ويسفك (٥) الدماء ، فشبه أيام رسول الله (ص) بالأشهر الحرم ، ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر من ارتداد العرب ، وتخلف الأنصار عن الطاعة ، ومنع من منع الزكاة ، والجري على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها.

ويجوز أن يريد بالفلتة : الخلسة ، يعني أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس ولذلك كثر فيها التشاجر ، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي

__________________

(١) توجد كلمة : في ، بعد : يرى في ( ك‍ ).

(٢) حيث قال في خطبة شرحه : الحمد لله الذي قدم المفضول على الفاضل. وقد ورد عن طريق السنة أن عليا عليه‌السلام أفضل الصحابة ، وقامت نصوص متظافرة على أفضلية علي عليه‌السلام على سائر الصحابة ، وسنأتي عليها في حينها ـ ونذكر منها مصادر الفردوس ٣ ـ ٦١ ، حديث ٤١٧٠ ٤١٨٢ [ طبعة أخرى : ٣ ـ ٨٨ ، حديث ٣٩٨٩ ـ ٤٠٠١ ] ، وذكرت مصادر في الصراط المستقيم ٢ ـ ٦٨ ـ ٧٣ ، وكشف الغمة ١ ـ ١٤٨ ، ونوادر الأثر في كون علي (ع) خير البشر : ٣٣ ، وغيرها.

(٣) جامع الأصول ٤ ـ ٩٨ ، ذيل حديث ٢٠٧٦.

(٤) في المصدر : من ـ بلا همزة ـ.

(٥) في جامع الأصول : وتسفك.

٤٦٨

واختلاسا ، ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للفتن ، فعصم الله (١) من ذلك ووقى شرها ، وذكر مثل ذلك في النهاية (٢).

وأقول : إن سلمنا أن لفظة الفلتة لا تدل على الذم ، وأنه إنما أراد بها محض حقيقتها في اللغة ، وهو الأمر الذي يعمل فجأة من غير تردد ولا تدبر (٣) وكان مظنة للشر والفساد ، ففي قوله : وقى الله شرها ، وأمره بقتل من دعا إلى مثلها ، دلالة على أنه زلة قبيحة وخطيئة فاحشة ، فالمستفاد من اللفظة بمجردها ـ وإن كان أعم من الزلة والخطيئة ـ إلا أنه حمل عليها ، بل على أخص منها ، لما هو في قوة المخصصة له ، فليس كل زلة وخطيئة يستحق فاعلها القتل ، ومن له أدنى معرفة بأساليب الكلام يعلم أنهم يكتفون في حمل اللفظ على أحد المعاني في صورة الاشتراك بأقل مما في هذا الكلام ، وقول عمر : من دعاكم إلى مثلها فاقتلوه .. ومن عاد إلى مثلها فاقتلوه .. (٤) .. وإن لم يكن موجودا فيما حكاه في جامع الأصول (٥) عن البخاري (٦) إلا أن كونه من تتمة كلامه من المسلمات عند الفريقين ، واعترف به ابن أبي الحديد (٧) ، ولا يريب عاقل في أنه لو وجد المتعصبون منهم ـ كقاضي القضاة والفخر الرازي وصاحب المواقف وشارحه وصاحب المقاصد وشارحه وغيرهم ـ سبيلا إلى إنكاره لما فاتهم ذلك ، ولا احتاجوا إلى التأويلات الركيكة

__________________

(١) في جامع الأصول : فعصمهم الله.

(٢) النهاية لابن الأثير ٣ ـ ٤٦٧ ـ ٤٦٨.

(٣) وقد جاء في القاموس ١ ـ ١٥٤ ، والصحاح ١ ـ ٢٦٠ ، ولسان العرب ٢ ـ ٦٧ ، والنهاية ٣ ـ ٤٦٧. وقد مر.

(٤) وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ٢ ـ ٢٦.

(٥) جامع الأصول ٤ ـ ٩١ في حديث ٢٠٧٦.

(٦) صحيح البخاري ١٢ ـ ١٢٨ ـ ١٣٥ ، في مواطن متعددة في أبواب المحاربين ، الاعتراف بالزنا ، باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت ، كتاب الاعتصام وغيرها من الأبواب ، وذكر في صحيح مسلم مختصرا في باب الحدود ، حديث ١٦٩١ ، باب رجم الثيب.

(٧) في شرحه على النهج ٢ ـ ٢٦.

٤٦٩

الباردة.

ومن تتبع كتاب البخاري علم أن عادته في الروايات المشتملة على ما ينافي آراءهم الفاسدة إسقاطه من الرواية أو التعبير بلفظ الكناية تلبيسا على الجاهلين ، بل يترك الروايات المنافية لعقائدهم رأسا ، وقد قال ابن خلكان (١) في ترجمة البخاري أنه قال : صنفت كتابي الصحيح من ستمائة ألف حديث ، ونحوه قال في جامع الأصول (٢) ، وروى (٣) عن مسلم أنه أخرج صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ، وعن أبي داود (٤) أنه انتخب ما أورده في كتابه من خمسمائة ألف حديث.

ومن سنة القوم تسمية ما يخالف عقائدهم بغير الصحيح ، ولما كان اهتمام البخاري في هذا المعنى أكثر من سائر من زعموا أن أخبارهم من صحاح الأخبار ، فلذلك رفض المخالفون أكثر كتبهم في الأخبار ، وعظموا كتاب البخاري ـ مع رداءته في ترتيب الأبواب وركاكته في عنوانها ـ غاية التعظيم ، وقدموه على باقي الكتب ، ومع ذلك بحمد الله لا يشتبه على من أمعن النظر فيه وفي غيره من كتبهم أنها مملوة من الفضائح ، ومشحونة بالاعتراف بالقبائح.

وأما ما ذكره في تفسير الفلتة بآخر الأشهر الحرم وتوجيهه في ذلك ، فقد عرفت ما فيه ، وما ذكره من تفسيره (٥) بالخلسة فهو تفسير صحيح ، إلا أن الحق أنها خلسة وسرقة عن ذي الحق لا عن النفوس التي مالت إلى تولي الإمامة ، فإنهم كانوا ـ أيضا ـ من السارقين ، والأخذ من السارق لا يسمى اختلاسا ، وهو واضح.

__________________

(١) وفيات الأعيان ٤ ـ ١٩٠.

(٢) في مقدمة جامع الأصول ١ ـ ١٨٦.

(٣) ابن الأثير في جامع الأصول ١ ـ ١٨٨ ، وفي مقدمة صحيح مسلم ١ ـ ٢.

(٤) وروى عنه في جامع الأصول ١ ـ ١٩٠ ، وجاء في سنن أبي داود.

(٥) في ( ك‍ ) : تفسيرها.

٤٧٠

الطعن الخامس :

أنه ترك إقامة الحد والقود في خالد بن الوليد وقد قتل مالك بن نويرة وضاجع امرأته من ليلته ، وأشار إليه عمر بقتله وعزله ، فقال : إنه سيف من سيوف الله سله الله على أعدائه (١). وقال عمر مخاطبا لخالد : لئن وليت الأمر لأقيدنك له.

وقال القاضي في المغني (٢) ـ ناقلا عن أبي علي ـ إن (٣) الردة قد ظهرت من مالك ، لأن في الأخبار أنه رد صدقات قومه عليهم لما بلغه موت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] كما فعله سائر أهل الردة ، فاستحق القتل (٤).

قال أبو علي : و (٥) إنما قتله لأنه ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : صاحبك ، وأوهم بذلك أنه ليس بصاحب له ، وكان عنده أن ذلك ردة ، وعلم

__________________

(١) وقد جاءت قصة قتل خالد مالك بن نويرة في تاريخ ابن جرير ٢ ـ ٥٠٢ ، والإصابة لابن حجر ٢ القسم الأول ـ ٩٩ ، وغيرهما. وانظر : الصراط المستقيم ٢ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، وغيره.

ولكشف رأي الخليفة في قصة مالك انظر : الغدير ٧ ـ ١٥٨ ـ ١٩٦ ، وقد حكى القصة مفصلا عن جملة من المصادر ، ولاحظ : تاريخ أبي الفداء ١ ـ ١٥٨ ، تاريخ الطبري ٣ ـ ٢٤١ [ طبعة أخرى : ٤ ـ ٦٦ ـ ٦٨ ] ، تاريخ ابن الأثير ٣ ـ ١٤٩ [ طبعة أخرى : ٢ ـ ٥٣٦ ] ، تاريخ ابن العساكر ٥ ـ ١٠٥ ـ ١١٢ ، تاريخ ابن كثير ٦ ـ ٣٢١ ، تاريخ الخميس ٢ ـ ٢٣٣ ، تاريخ ابن شحنة ـ المطبوع في هامش الكامل ـ ٧ ـ ١٦٥ ، أسد الغابة ٤ ـ ٢٩٥ ، خزانة الأدب ١ ـ ٢٣٧ ، الإصابة ١ ـ ٤١٤ و ٣ ـ ٣٥٧.

والخليفة الأول هو أول من فتح باب التأويل والاجتهاد ، وقدس ساحة المجرمين والبغاة ، ومحاباة رجال الجرائم والانحرافات في عمله في قصة خالد ، إذ نزهه بأعذار مفتعلة عن دنس آثامه الخطيرة ، ودرأ عن الحد بذلك ، وتلك طامة لحقتها طامات ، وبلية ما أكثر ما لقينا منها من بليات إلى يومك هذا.

(٢) المغني ٢٠ ـ القسم الأول ـ : ٣٥٥.

(٣) في المصدر : وهو أن ..

(٤) وقد جاء : فاستحق القتل ، في المغني في الصفحة : ٣٥٤.

(٥) لا توجد الواو في المصدر.

٤٧١

عند (١) المشاهدة المقصد ـ وهو أمير القوم ـ فجاز أن يقتله ، وإن كان الأولى أن لا يستعجل وأن يكشف الأمر في ردته حتى يتضح ، فلهذا لم يقتله (٢).

وبهذين الوجهين أجاب الفخر الرازي في نهاية العقول (٣) وشارح المواقف (٤) وشارح المقاصد (٥).

ثم قال قاضي القضاة (٦) : فإن قال قائل : فقد (٧) كان مالك يصلي؟ قيل له (٨) : وكذلك سائر أهل الردة ، وإنما كفروا بالامتناع من الزكاة واعتقادهم إسقاط وجوبها دون غيره.

فإن قيل : فلم أنكر عمر؟.

قيل (٩) : كان الأمر إلى أبي بكر فلا وجه لإنكار عمر ، وقد يجوز أن يعلم أبو بكر من الحال ما يخفى على (١٠) عمر.

فإن قيل : فما معنى ما روي عن أبي بكر من : أن خالدا تأول فأخطأ.

قيل : أراد تأول في عجلته عليه بالقتل (١١) ، فكان الواجب عنده على خالد

__________________

(١) في المغني : إن ، بدلا من : عند.

(٢) لا توجد : في المصدر : فلهذا لم يقتله. ولا معنى لها ، فتدبر.

(٣) نهاية العقول : مخطوط.

(٤) شرح المواقف للجرجاني ٨ ـ ٣٥٨.

(٥) لم نجدهما في شرح المقاصد للتفتازاني.

(٦) المغني ٢٠ ـ القسم الأول ـ : ٣٥٥.

(٧) في ( ك‍ ) : لقد.

(٨) من قوله : فإن قال .. إلى قيل له ، لا توجد في المصدر ، وجاءت في الشافي ٤ ـ ١٦١ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١٧ ـ ٢٠٣.

(٩) في المغني : فإن قيل : فلم أنكر عليه عمر؟. قيل له .. ، ولا توجد : له ، في الشافي ، وما جاء في شرح النهج كالمتن.

(١٠) نسخة جاءت في (س) : عن ، بدلا من : على. وجاءت العبارة في المصدر هكذا : وقد يجوز أنه علم من حاله ما يخفى عن عمر.

(١١) في المصدر : بالقول ، بدلا من : بالقتل.

٤٧٢

أن يتوقف للشبهة (١).

واستدل أبو علي على ردة مالك بأن أخاه متمم بن نويرة لما أنشد عمر مرثية أخيه (٢) قال له عمر : وددت أني أقول الشعر فأرثي زيدا كما رثيت أخاك. فقال له متمم : لو قتل أخي على مثل ما قتل عليه أخوك لما رثيته. فقال له عمر : ما عزاني أحد كتعزيتك (٣) ، فدل هذا على أنه لم يقتل على الإسلام (٤).

ثم أجاب عن تزويجه بامرأته بأنه إذا قتل على الردة في دار الكفر جاز ذلك عند كثير من أهل العلم وإن كان لا يجوز أن يطأها إلا بعد الاستبراء ، فأما وطئه لامرأته (٥) فلم يثبت عنده ، ولا يجوز (٦) أن يجعل طعنا في هذا الباب.

واعترض عليه السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه في الشافي (٧) بقول : أما صنيع (٨) خالد ـ في قتل مالك بن نويرة واستباحة ماله وزوجته لنسبته إلى الردة التي لم تظهر ، بل كان الظاهر خلافها من الإسلام ـ فعظيم ، ويجري مجراه في العظم تغافل من تغافل عن أمره ولم يقم فيه حكم الله تعالى وأقره على الخطإ الذي شهد هو به على نفسه ، ويجري مجراهما من أمكنه أن يعلم الحال فأهملها ولم يتصفح ما

__________________

(١) جاءت العبارة في المغني والشافي : فكان عنده الواجب أن يتوقف للشبهة ، وفي المغني زيادة لفظ : الاستنابة ، بعد كلمة : للشبهة.

(٢) في المصدر : مرثيته أخاه.

أقول : وقد جاء قول متمم في الصراط المستقيم ٢ ـ ٢٨١ أيضا.

(٣) في المغني : بتعزيتك ، وفي شرح النهج : بمثل تعزيتك.

(٤) في المصدر والشافي وشرح النهج زيادة : كما قتل زيد ، بعد : الإسلام.

(٥) لا توجد في المغني : لامرأته.

(٦) في المصدر والشافي وشرح النهج : ولا يصح ، بدلا من : ولا يجوز.

(٧) الشافي ٤ ـ ١٦٢ ـ ١٦٧. وفي الحجرية منه : ٤٢٢ ـ ٤٢٣. وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد ١٧ ـ ٢٠٤ ـ ٢٠٧.

(٨) في المصدر : أما صنع. وفي شرح النهج : أما منع ..

٤٧٣

روي من الأخبار في هذا الباب ، وتعصب لأسلافه (١) ومذهبه (٢) ، وكيف يجوز عند خصومنا على مالك وأصحابه جحد الزكاة مع المقام على الصلاة ، وهما جميعا في قرن (٣)؟! لأن العلم الضروري بأنهما من دينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشريعته على حد واحد ، وهل نسبة مالك إلى الردة ـ بعد (٤) ما ذكرناه ـ إلا قدح في الأصول ونقض لما تضمنته من أن الزكاة معلومة ضرورة من (٥) دينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟.

وأعجب من كل عجيب قوله : وكذلك سائر أهل الردة ـ يعني أنهم كانوا يصلون ويجحدون الزكاة ـ؟! لأنا قد بينا أن ذلك مستحيل غير ممكن ، وكيف يصح ذلك وقد روى جميع أهل النقل أن أبا بكر وصى (٦) الجيش الذين أنفذهم بأن يؤذنوا ويقيموا ، فإن أذن القوم بأذانهم وأقاموا (٧) كفوا عنهم ، وإن لم يفعلوا أغاروا عليهم؟! فجعل إمارة الإسلام والبراءة من الردة الأذان والإقامة ، وكيف يطلق في سائر أهل الردة ما يطلقه من أنهم كانوا يصلون؟! وقد علمنا أن أصحاب مسيلمة وطليحة وغيرهما ممن ادعى النبوة وخلع الشريعة ما كانوا يصلون (٨) ولا شيئا مما جاءت به شريعتنا ، وقصة مالك معروفة عند من تأملها من كتب النقل والسيرة ، وأنه قد كان (٩) على صدقات قومه بني يربوع واليا من قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما بلغته وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمسك عن أخذ

__________________

(١) في ( ك‍ ) : لإسلامه ، والمذكور هنا أورده هناك نسخة بدل.

(٢) لا توجد في المصدر : وتعصب لأسلافه ومذهبه ، ولكن أوردها ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١٧ ـ ٢٠٢.

(٣) جاء في حاشية ( ك‍ ) ما يلي : القرن ـ بالتحريك ـ : حبل يجمع به البعيران. منه قدس‌سره.

انظر : القاموس ٤ ـ ٢٥٨ ، والصحاح ٦ ـ ٢١٨٠ ، وغيرهما.

(٤) في المصدر وشرح النهج : مع ، بدلا من : بعد.

(٥) لا توجد كلمة : من ، في ( ك‍ ).

(٦) في الشافي وشرح النهج : لما وصى ..

(٧) في الشافي وشرح النهج : كأذانهم وإقامتهم.

(٨) في المصدر وشرح النهج : ما كانوا يرون الصلاة ..

(٩) في الشافي : عند من تأملها من أهل النقل لأنه كان ..

٤٧٤

الصدقة من قومه ، وقال لهم : تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وننظر ما يكون من أمره ، وقد صرح بذلك في شعره حيث يقول :

وقالت رجال سدد اليوم مالك

وقال رجال ، مالك لم يسدد

فقلت دعوني لا أبا لأبيكم

فلم أخط (١) وأيا (٢) في المقال ولا اليد.

وقلت خذوا أموالكم غير خائف

ولا ناظر فيما يجيء به غدي (٣)

فدونكموها إنما هي مالك

مصررة (٤) أخلافها لم تجدد

سأجعل نفسي دون ما تحذرونه

وأرهنكم يوما بما قلته يدي

فإن قام بالأمر (٥) المجدد (٦) قائم

أطعنا وقلنا الدين دين محمد

فصرح ـ كما ترى ـ أنه استبقى الصدقة في أيدي قومه رفقا بهم وتقربا إليهم إلى أن يقوم بالأمر من يدفع ذلك إليه.

وقد روى جماعة من أهل السير (٧) وذكره الطبري في تاريخه (٨) أن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات وفرقهم ، وقال : يا بني يربوع! إن كنا قد عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين ، وبطأنا الناس عليه (٩) فلم نفلح ولم ننجح ، وإني قد نظرت في هذا الأمر فوجدت الأمر يتأتى لهم بغير سياسة ، وإذ الأمر لا يسوسه الناس فإياكم ومعاداة قوم يصنع لهم ، فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم ،

__________________

(١) لعله يقرأ في البحار : فلم أحظ ، بمعنى : لم أفضل ، كما في الصحاح ٦ ـ ٢٣١٦ ، وغيره.

(٢) في المصدر وشرح النهج : رأيا ، والوأي : الوعد ، كما نص عليه في الصحاح ٦ ـ ٢٥١٨.

(٣) في الشافي : به عندي. وروي : من الغد.

(٤) في (س) : مصردة. وهي بمعنى مقللة ، كما في لسان العرب ٣ ـ ٢٤٩ ، ومصررة .. أي مجتمعة ، قد ذكره في اللسان ٤ ـ ٤٥٢.

(٥) في ( ك‍ ) : بالأمن.

(٦) في المصدر : المحدث.

(٧) كابن الأثير في كامله ٢ ـ ٣٥٨.

(٨) تاريخ الطبري ٣ ـ ١٧٦ [ ٣ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ] حوادث سنة ١١ ه‍ ، بتصرف واختصار.

(٩) في المصدر : عنه ، بدلا من : عليه.

٤٧٥

ورجع مالك إلى منزله ، فلما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام ، وأن يأتوه بكل من لم يجب ، وأمرهم (١) إن امتنع أن يقاتلوه ، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني يربوع ، واختلفت السرية في أمرهم ، وفي السرية (٢) أبو قتادة الحرث بن ربعي ، فكان (٣) ممن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا ، فلما اختلفوا فيهم أمر بهم خالد فحبسوا ، وكانت ليلة باردة لا يقوم لها شيء ، فأمر خالد مناديا ينادي : أدفئوا أسراءكم ، فظنوا أنه أمرهم (٤) بقتلهم ، لأن هذه اللفظة تستعمل في لغة كنانة للقتل ، فقتل ضرار بن الأزود (٥) مالكا ، وتزوج خالد زوجته أم تميم بنت المنهال.

وفي خبر آخر (٦) : أن السرية التي بعث بها (٧) خالد لما غشيت القوم تحت الليل راعوهم (٨) فأخذ القوم السلاح ، قال : فقلنا : إنا لمسلمون. فقالوا : ونحن المسلمون. قلنا : فما بال السلاح؟. قالوا لنا : فما بال السلاح معكم؟. قلنا : فضعوا السلاح. فلما وضعوا ربطوا أسارى ، فأتوا بهم خالدا ، فحدث أبو قتادة خالد بن الوليد بأن القوم نادوا بالإسلام (٩) وأن لهم أمانا ، فلم يلتفت خالد إلى

__________________

(١) لا توجد في الشافي : أمرهم.

(٢) في المصدر : فيهم ، وفيهم أبو قتادة .. ، بدلا من : في أمرهم وفي السرية. وما هنا جاء في شرح النهج.

(٣) في الشافي : وكان.

(٤) وضع في المطبوع من البحار على : هم ، رمز نسخة بدل.

(٥) في المصدر : ضرار بن الحارث بن الأزور.

(٦) أورده الطبري في تاريخه ٣ ـ ٢٨٠ ، وغيره.

(٧) في الشافي : فيها.

(٨) جاءت في المصدر زيادة : له ، قبل : راعوهم. وفي حاشية ( ك‍ ) ما يلي :راعوهم .. أي أفزعوهم ، وخاف القوم منهم. منه قدس‌سره.

انظر : مجمع البحرين ٤ ـ ٣٤٠ ، والصحاح ٣ ـ ١٢٢٣.

(٩) في ( ك‍ ) : الإسلام ـ بلا باء ـ.

٤٧٦

قوله وأمر بقتلهم وقسم سبيهم ، فحلف أبو قتادة أن لا يسير تحت لواء خالد في جيش أبدا ، وركب فرسه شادا (١) إلى أبي بكر وأخبره (٢) بالقصة ، وقال له : إني نهيت خالدا عن قتله فلم يقبل قولي ، وأخذ بشهادة الأعراب الذين غرضهم الغنائم ، وأن عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر (٣) ، وقال : إن القصاص قد وجب عليه ، فلما (٤) أقبل خالد بن الوليد قافلا دخل المسجد وعليه قباء له عليه (٥) صدأ (٦) الحديد ، معتجرا (٧) بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما (٨) ، فلما دخل (٩) المسجد قام إليه عمر فنزع الأسهم عن رأسه فحطمها ، ثم قال : يا عدي نفسه! أعدوت على امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته ، والله لنرجمنك (١٠) بأحجارك .. وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر مثل ما رأى عمر فيه ، حتى دخل إلى (١١) أبي بكر واعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه ، فخرج خالد ـ وعمر جالس في المسجد فقال : هلم إلي يا ابن أم شملة (١٢) ، فعرف عمر أن أبا

__________________

(١) في الشافي : فركب فرسه شاذا ، أي مفردا ، وهو الظاهر.

(٢) في المصدر : وخبره.

(٣) جاء في الشافي : وأكثر.

(٤) في (س) من البحار وفي شرح النهج : ولما.

(٥) وضع في ( ك‍ ) على : عليه ، رمز نسخة بدل.

(٦) قال في مجمع البحرين ١ ـ ٢٦١ : صدأ الحديد : وسخه.

(٧) في ( ك‍ ) : معتجزا. وما أثبتناه هو الظاهر. والاعتجار : لف العمامة على الرأس ويرد طرفها على وجهه ، ولا يجعل شيئا تحت ذقنه ، قاله في مجمع البحرين ٣ ـ ٣٩٧. وأما الاعتجاز فلم يستعمل ، ومجرده إما من العجز أو التعجز ، ويقال : تعجزت البعير .. أي ركبت عجزه.

(٨) في المصدر : سهما.

(٩) في الشافي : فلما أن دخل. وهي نسخة جاءت في ( ك‍ ).

(١٠) في المصدر : لأرجمنك.

(١١) في الشافي : على ، بدلا من : إلى ، وهو الظاهر.

(١٢) جاء في حاشية ( ك‍ ) : ما يلي : الشملة : كساء يشتمل به ، كأنه عير عمر بأن أمها [ كذا ] كانت تلبسه لفقرها ، وأم شملة : كنية للدنيا وللخمر أيضا ، فلعله عيره بهما ، وعلى الأخيرين يحتمل أن يكون خطابا لنفسه يتحما [ كذا ] بإقبال الدنيا عليه وحصول سكر الدولة له. منه قدس‌سره.

أقول : ما ذكره للشملة وأم شملة من المعنى جاء في القاموس ٣ ـ ٤٠٣ في مادة شمل.

٤٧٧

بكر قد رضي عنه فلم يكلمه ودخل بيته.

وقد روى ـ أيضا ـ أن عمر لما ولي جمع من عشيرة (١) مالك بن نويرة ـ من وجده منهم ـ واسترجع (٢) ما وجد عند المسلمين من أموالهم ونسائهم وأولادهم (٣) فرد ذلك جميعا عليهم (٤) مع نصيبه (٥) كان فيهم.

وقيل : إنه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق ـ وبعضهن حوامل فردهن على أزواجهن.

فالأمر ظاهر في خطإ خالد وخطإ من تجاوز عنه ، وقول صاحب المغني (٦) إنه يجوز أن يخفى على عمر ما يظهر لأبي بكر ـ ليس بشيء ، لأن الأمر في قصة خالد لم يكن مشتبها ، بل كان مشاهدا معلوما لكل من حضر ، وما تأول به في القتل لا يعذر لأجله ، وما رأينا أبا بكر حكم فيه (٧) بحكم المتأول ولا غيره ، ولا تلافى خطأه وزلله ، وكونه : سيفا من سيوف الله ـ على ما ادعاه ـ لا يسقط عنه الأحكام ، ولا يبرئه من الآثام.

فأما قول متمم : لو قتل أخي على ما قتل عليه أخوك لما رثيته .. (٨) فإنه لا يدل على أنه كان مرتدا ، وكيف يظن عاقل أن متمما يعترف بردة (٩) أخيه وهو

__________________

(١) في الشافي : جمع من بقي من عشيرة ..

(٢) لا توجد في (س) : من وجده منهم.

(٣) جاء في المصدر بتقديم وتأخير : وأولادهم ونسائهم .. وجاء في ( ك‍ ) : فرد ذلك عليهم جميعا بتقديم وتأخير ـ.

(٤) في ( ك‍ ) : عليهم جميعا.

(٥) في الشافي : مع نصيبه الذي ..

(٦) في المصدر : صاحب الكتاب.

(٧) في المصدر : وتأوله في القتل إن كان تأول لا يعذره وما رأيناه حكم فيه ..

(٨) الذي مر قريبا صفحة ٤٧٣ ، وحكاه في الصراط المستقيم ٢ ـ ٢٨١ ، وغيره.

(٩) في الشافي : اعترف بردة ، وفي (س) : يعترف ردة.

٤٧٨

يطالب أبا بكر بدمه والاقتصاص من قاتله ورد سبيه ، فإنما (١) أراد في الجملة التقرب إلى عمر بتقريظ (٢) أخيه.

ثم لو كان ظاهر القول كباطنه (٣) لكان إنما يفيد تفضيل قتلة زيد (٤) على قتلة مالك ، والحال في ذلك أظهر ، لأن زيدا قتل في بعث المسلمين ذابا عن وجوههم ، ومالك قتل على شبهة ، وبين الأمرين فرق.

فأما قوله في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صاحبك .. فقد قال أهل العلم إنه أراد القرشية ، لأن خالدا قرشي ، وبعد فليس في ظاهر إضافته إليه دلالة (٥) على نفيه له عن نفسه ، ولو كان علم من مقصده الاستخفاف والإهانة ـ على ما ادعاه صاحب المغني (٦) ـ لوجب أن يعتذر خالد بذلك (٧) عند أبي بكر وعمر ، ويعتذر به أبو بكر لما (٨) طالبه عمر بقتله ، فإن عمر ما كان يمنع من قتل قادح في نبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن كان الأمر على ذلك فأي معنى لقول أبي بكر : تأول فأخطأ؟! ، وإنما تأول فأصاب ، إن كان الأمر على ما ذكر (٩).

وأورد عليه ابن أبي الحديد (١٠) : بأنه لا ملازمة بين القول بوجوب الصلاة وبين القول بوجوب الزكاة ، لأنه لا تلازم بين العبادتين في الوجود ، وكونهما متشاركين في العلم بهما من الدين ضرورة لا يقتضي امتناع سقوط أحدهما بشبهة ، فإنهم قالوا

__________________

(١) في المصدر : وإنما.

(٢) أي بمدح أخيه ، كما جاء في القاموس ٢ ـ ٣٩٨.

(٣) في الشافي : هذا القول كما ظنه ، بدلا من : القول كباطنه.

(٤) في المصدر : تفضيل زيد وقتلته ..

(٥) في الشافي : دلالته ..

(٦) في المصدر : صاحب الكتاب.

(٧) هنا تقديم وتأخير في الشافي ، أي : بذلك خالد.

(٨) في المصدر زيادة : له ، قبل : لما.

(٩) في الشافي : على ما ذكره ، وفي شرح النهج : على ما ذكر ـ بلا ضمير ـ. وحكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٧ ـ ٢٠٢ ـ ٢٠٧ بألفاظ متقاربة.

(١٠) شرح نهج البلاغة ١٧ ـ ٢٠٨ ، باختلاف واختصار كثير.

٤٧٩

إن الله تعالى قال لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ) ... (١) الآية. قالوا (٢) : فوصف الله الصدقة بأنها من شأنها أن يطهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس ويزكيهم بأخذها منهم ، ثم عقب ذلك بأن فرض عليه ـ مع أخذ الزكاة منهم ـ أن يصلي عليهم صلاة تكون سكنا لهم. قالوا : وهذه صفات لا تتحقق في غيره ، لأن غيره لا يطهر الناس ولا يزكيهم بأخذ الصدقة ، ولا إذا صلى على الناس كان صلاته سكنا لهم ، فلم يجب علينا دفع الزكاة إلى غيره.

والجواب : إن كلام قاضي القضاة صريح في أن مالكا وأصحابه كفروا بالامتناع من الزكاة ، واعتقادهم إسقاط وجوبها ، ولو كان الحال كما ذكره من أنهم اعتقدوا سقوطها لشبهة ولم ينكروا وجوبها مطلقا لم يلزم كفرهم لإنكار أمر معلوم من الدين ضرورة ، وفي كلام ابن أبي الحديد (٣) اعتراف بذلك ، حيث قال : إنهم ما جحدوا وجوبها ، ولكنهم قالوا : إنه وجوب مشروط ، وليس يعلم بالضرورة انتفاء كونها مشروطة ، وإنما يعلم ذلك بنظر وتأويل.

فبطل جواب القاضي ويتوجه إيراد السيد عليه.

وقد صرح غير ابن أبي الحديد ـ من أهل الخلاف ـ بأن مالكا وأصحابه لم يكفروا بمنعهم الزكاة ، حكى شارح صحيح مسلم في المنهاج (٤) في كتاب الإيمان

__________________

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢) لا توجد : قالوا ، في (س).

(٣) في شرحه على النهج ١٧ ـ ٢٠٨.

(٤) المنهاج ( وهو شرح صحيح مسلم للنووي ) ، ولم نجد نص العبارة ، والذي فيه ١ ـ ٢٠٢ نقلا عن الخطابي في شرح كلام أبي بكر ، قال : مما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين :صنف ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة ، وعادوا إلى الكفر ، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله : وكفر من كفر من العرب ، وهذه الفرقة طائفتان : إحداهما : أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوا على دعواه في النبوة .. والطائفة الأخرى : ارتدوا عن الدين ، وأنكروا الشرائع ، وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور

٤٨٠