الزّواج الموفّق

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي

الزّواج الموفّق

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: نور السجّاد
المطبعة: سرور
الطبعة: ٤
ISBN: 964-7163-97-5
الصفحات: ١٧٥



٦

الزواج مع الأقرباء

يحترز الكثير من الناس من الزواج بالأقرباء لجهتين :

الأولى : أخذاً بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول : لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاوياً ١ أي نحيفاً.

قال الفيض الكاشاني في المحجة : الثامنة ، أن لا تكون من القرابة القريبة فإن ذلك يقلل الشهوة وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً أي نحيفاً ، وذلك لتأثيره في تضعيف الشهوة ، فإن الشهوة إنما ينبعث بقوة الإحساس بالنظر واللمس وإنما يقوى الإحساس بالأمر الغريب الجديد ، فأما المعهود الذي دام النظر إليه مدة فإنه يضعف الحس عن تمام إدراكه والتأثر به فلا ينبعث به الشهوة. ٢

__________________

١. المحجة البيضاء ، ج ٣ ، ص ٩٤.

٢. المحجة البيضاء ، ج ٣ ، ص ٩٤.

٤١

الثانية : عملا بقول بعض الأخصائيين ، فيظن هؤلاء بأنّه لو تزوّج الإنسان مع أقاربه سوف يبتلى بأولاد مرضى وناقصي الخلقة. في حين أن هذه النظرية لم تثبت كلياً. فلا كل من تزوج بالأقارب إبتلي بأولاد ناقصي الخلقة ولا كل من تزوج مع الأجنبية أصبح عنده أولاد أصحاء وغير مرضى.

فالأفضل الإحتراز إذا كانت المسئلة حادة وعلى الخصوص إذا كانت القرابة قريبة ، لأنّه لم يكن إصرار من هذه الناحية في هذه الحالة من قبل المعصومين على الزواج مع الأقرباء رغم كثرة هذه المصاهرات بينهم.

ـ منها زواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع زينب بنت جحش ، إبنة عمته. ١

ـ ومنها زواج الإمام علي عليه‌السلام مع فاطمة بنت رسول الله التي كانت إبنة إبن عمه.

ـ ومنها زواج كثير بن عباس بن عبدالمطلب مع أم كلثوم إبنة الإمام أمير المؤمنين.

ـ ومنها زواج مسلم بن عقيل مع ابنة عمه بنت الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ـ ومنها زواج قاسم بن محمد بن جعفر مع أم كلثوم بنت زينب بنت علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

__________________

١. راجع سفينة البحار.

٤٢

ـ ومنها زواج عبد الله بن الحسن مع إبنة عمه سكينة بنت الحسين.

ـ ومنها زواج عبد الله بن جعفر مع زينب ، بنت عمّه.

ـ ومنها زواج الحسن المثنى مع فاطمة إبنة عمه.

ـ ومنها زواج الإمام زين العابدين عليه‌السلام مع إبنة عمه ، بنت الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام. وغير ذلك من هذه المصاهرات التي اتفقت بين المعصومين وأبناءهم. ١

وظنّي أنّ لذلك أسباباً أخر ، منها عدم رعاية كل من الزّوج والزّوجة ما قرّره النبي والمعصومين حين إتخاذ الولد.

فمن أراد أن يسلم ولده من العمى والخرس والسقط والخبل و النقص في الخلقة وغير ذلك فعليه بمراجعة بعض الكتب المخصصة في ذلك. ٢ حيث لا فرق في ذلك بين الأجنبية والقرابة القريبة والبعيدة.

* * *

__________________

١. للتوسع في الموضوع يراجع « بحار الأنوار » للعلامة المجلسي و « تنقيح المقال » للمامقانى.

٢. راجع كتاب وسائل الشيعة وكتاب مكارم الاخلاق.

٤٣
٤٤

٧

وحق الفتاة أيضاً

ومن حق الفتاة أيضاً ، أن تدرس مكانة الشاب الذي يخطبها دراسة كاملة وشاملة تشمل أفكاره وأفعاله وأخلاقه وما يدين به ، فلا يحقّ لها أن تتزوّج مع كل شاب بمجرد رؤية بعض المؤهّلات فيه ، فمن المهمّ جداً أن الفتاة تتعرف على أخلاقيات الشاب وعلى إيمانه.

١. الإيمان والتقوى

فأوّل شرط يجب أن تنظر فيه الفتاة أو من يتعهّد ذلك من قبَلها هو إيمان الشاب وتقواه وخوفه من الله تبارك وتعالى.

فلو جمعت كلّ الصّفات الحسنة في شابّ ولم يكن مؤمناً تقياً يخاف الله ، فليس بأهلٍ أن يزوّج. ولا يجوز للفتاة أن تتخذ هذا الشاب الذي لا يخاف من الله بعلاً لها كائناً من كان.

٤٥

روى الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الحسن عليه‌السلام أنّه جاء رجل إليه يستشيره في تزويج إبنثه. فقال : زوّجها من رجل تقيّ ؛ فإن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. ١

٢. أن يكون أميناً

ومن الموارد المهمّة التي يجب تحقيق ذلك من ناحية الزّوجة أن تعرف أمانة الشاب الذي خطبها ، فلو لم يكن الشّاب أميناً ، معناه يكون خائناً والخائن لا يؤتمن حتّى على المال ، فكيف بالعرض ؟ لأنّ الزّوجة أمانة عنده ، فلو لم يكن أميناً ، لا يكون أهلاً لذلك.

روى الحسين بن بشار الواسطي ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام أسأله عن النكاح فكتب الى : من خطب إليكم فريضتم دينه وأمانته فزوّجوه. إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ . ٢

٣. أن يكون عفيفاً

أكّد الإمام الصادق عليه‌السلام على عفّة الشّاب وبيّن أنّ ذلك من الكفويّة بحيث إذا لم يكن عفيفاً فليس بكفوٍ.

روى الصدوق في معاني الأخبار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الكفو أن يكون عفيفاً وعنده يسار. ٣ والمقصود بالعفّة هي حصول

__________________

١. مكارم الأخلاق ، ص ٢٠٤.

٢. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥١.

٣. معاني الأخبار ، ص ٢٣٩.

٤٦

حالة للنّفس تمنع بها عن غلبة الشهوة.

قال القمي : ويطلق في الأخبار غالباً على عفة البطن والفرج ، وكفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة. ١

٣. لا يكون سيّء الأخلاق

وعلى الشاب أيضاً أن يترك عاداته من عهد الطفولة والحداثة ، ويترك الأخلاق السيئة والحدة والعصبية ، فلا شك أن الأخلاق الذميمة تح من قيمة الرجل تماماً.

وفي النهاية نقول : أنّه لا يتوقّع الشاب أن يزوّجوه وهو سيّء الأخلاق لأنّ الشرع المقدّس منع الفتاة من الزّواج بهذا الشاب.

روى الصدوق بسنده عن إبن بشّار الواسطي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرّضا عليه‌السلام أنّ لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه سوء.

قال : لا تزوّجه إن كان سيّء الخلق. ٢

فلو تأمّلنا فيما قاله الرضا عليه‌السلام لابن بشّار وما ركّز عليه : أنّ العلّة في منعه زواج إبنته مع الشاب الذي كان من أقاربه هي الأخلاق السيئة التي مانت في هذا الشاب.

٤. لا يكون شارب الخمر

ومن جملة المؤهلات التي يجب أن يتّصف الشاب الذي يريد

__________________

١. سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٢٠٧.

٢. من لا يحضره الفقيه ، ج ٢ ، ص ١٣١.

٤٧

الزّواج هو الإبتعاد عن كل ما يشينه ويسقطه عن أعين الناس.

فإنّ الشاب كل ما تقرب الى أفعال الشيطان ومنوياته إبتعد عن الأخلاق الكريمة ؛

منها : إدمانه الخمر. فلذلك لا يحقّ لأيّ والد مسلم مؤمن أن يزوّج كريمته شارب الخمر والمدمن عليه لأنّه ليس بأهل لذلك.

قال الصادق عليه‌السلام : من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها. ١

وعنه أيضاً قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب. ٢

وعنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شارب الخمر لا يزوّج إذا خطب. ٣

٥. لا يكون فاسقاً

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زوّج كريمته من فاسق نزل عليه كل يوم ألف لعنة. ٤

قال الفيض الكاشاني : ويجب على الولي أيضاً أن يراعي خصال

__________________

١. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥٣.

٢. نفس المصدر.

٣. نفس المصدر.

٤. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ١٩٢.

٤٨

الزّوج ، وينظر لكريمته فلا يزوّجها ممن ساء خلقه أو خلقه أو ضعف دينه أو قصر عن القيام بحقها أو كان لا يكافيها في نسبها ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : النكاح رقّ فلينظر أحدكم أن يضع كريمته ، والإحتياط في حقها أهمّ لأنّها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها ، فالزوج قادر على الطلاق بكل حال ، ومهما زوّج إبنته من ظالم أو فاسق أو مبتدع أو شارب خمر فقد جنى على دينه وتعرض لسخط الله بما قطع من الرحم بسوء الإختيار ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها. ١

* * *

__________________

١. المحجة البيضاء ، ج ٣ ، ص ٩٤.

٤٩
٥٠



٨

علل ترك الزواج

لقد مرّ بنا سابقاً أنّ مسئلة الزواج أمر مهمّ في حياتنا ومجتمعنا بحيث لا نجد لذّة العيش إلّا بهذا الأمر المقدس. والدليل على ذلك عدّه النبى من سننه وفرض على الراغب عن سنته بأنّه ليس منه. ومع ذلك نرى الكثير من الشبان لا يرغبون إلى الزّواج ، فلو فتشنا عن علة ذلك لوصلنا إلى هذه النتائج كما يلي :

١. مخافة الفقر

إنّ من أهمّ العلل المؤدّية إلى عدم رغبة الشباب إلى الزّواج ، هو مخافة الفقر وعدم اليسار في حين أن هذه الفكرة هي سوء الظن بالله عزوجل حيث يقول : وَأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَليِمٌ . ١

__________________

١. سورة النور ، الآية ٣٢.

٥١

ولا شك إنّ الذي يأمر بشيء سوف يهيأ أسبابه ولوازمه ويبقى على الشاب أن يسعى لذلك. إذاً فلا يترك الزّواج مخافة الفقر لأنّ الله يضمن ذلك ولو كان فقيراً فإنّه سوف يصبح غنياً من أجل الخضوع لما يحبّه الله ، فكم من فقير أقدم على هذا الأمر فصار غنياً بفضل الله ورحمته.

قال الصادق عليه‌السلام : من ترك التّزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله عز وجل ، إنّ الله يقول : إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ . ١

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من ترك التّزويج مخافة العيلة فقد ساء ظنّه بالله ، انّ الله عزوجل يقول : إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ . ٢

٢. عدم اليسار

والعلّة الثانية هي عدم اليسار ونقصد بذلك الفقر ، فنقول : فبعض الشباب يفضّل أن لا يقدم على هذا الأمر في حين أنّ الله يقول : إن يكونوا فقراء يغنهم الله ، يعني وإن كنت فقيراً ، فإقدم على الزّواج لأنّ في الزّواج بركة وتوسعة في الرزق من الله تعالى.

لذلك نرى إنّ النّبي أمر ذلك الشاب الذي جاء يشكو حاجته ، أن يتزوّج ، كما رواه لنا الصادق عليه‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شاب من الأنصار فشكا اليه الحاجة فقال له : تزوّج.

__________________

١. الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٨ ، ص ١١٧.

٢. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٢٤.

٥٢

فقال الشاب : إنّي لأستحيي أن أعود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فلحقه رجل من الأنصار ، فقال : إنّ لي بنتاً وسيمة فزوّجها إيّاه.

قال : فوسّع الله عليه ، فأتى الشاب النّبي فأخبره ، فقال رسول الله : يا معشر الشباب عليكم بالباه. ١

وعن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الحديث الذي يرويه الناس حق ؛ أنّ رجلاً أتى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه الحاجة فأمره بالتّزويج ففعل ، ثم أتاه فشكا إليه الحاجة فأمره بالتّزويج حتى أمره ثلاث مرات ؟

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : نعم هو حق ثم قال : الرّزق مع النساء والعيال. ٢

* * *

__________________

١. نفس المصدر ، ج ١٤ ، ٢٤.

٢. الكافي ، ج ٥ ، ص ٣٣٠.

٥٣
٥٤



٩

معلومات عامة حول الزوجة

صدرت من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمعصومين عليهم‌السلام وصاياً أخلاقية هامة إلى المتزوّجين طيلة حياتهم الزّوجية ، ليعرف كل من الزّوجين مكانته في نظام العائلة ، ويحفظ كل منهما إثر قراءة هذه المعلومات والتوصيات كرامته ولا يضيّع حق الآخر ولا يستهين بكرامته. وإليك بعضها :

١. الزوجة أمانة الله

جعل الله تبارك وتعالى بعض الأشياء أمانة في الأرض وأراد من البشر الإحتفاظ بذلك وعدم تضييعه والخيانة به. منها الإمامة الكبرى كما جاء في تفسير الآية المباركة : إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤدُّوا الأمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا . ١

__________________

١. سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٤١ ، والآية في سورة نساء / ٥٨.

٥٥

ومنها الزّوجة : فهي أيضاً وديعة الله تعالى وأمانته عند الزوج لأنّه على كتابه تزوجها ، فعليه أن يحتفظ بها ولا يخون بهذه الوديعة الإلهية. كما صرّح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّها أمانة قائلاً : أخبرني جبرئيل ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننت أن لا يحل لزوجها أن يقول لها أف. يا محمد : إتّقوا الله عزوجل في النساء فإنهنّ عوان بين أيديكم أخذتموهن على أمانات الله عزّ وجلّ ١ وصرّح الإمام أميرالمؤمنين عليه‌السلام بأنّها أمانة ، قائلاً : إنّ النساء عند الرجال لا يملكن لأنفسهن ضراً ولا نفعاً وأنهن أمانة الله عندكم ، فلا تضارّوهن ولا تعضلوهن. ٢

وكما بيّن الصّادق ذلك لأبي بصير قائلاً له : فإذا أدخلت عليه فليضع يده على ناصيتها ويقول : اللّهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها ... ٣

٢. الزوجة من نعم الله

بيّن الأمام زين العابدين عليه‌السلام في رسالته في الحقوق ، جانباً من حقوق الزّوجة وأنّها من النعم الإلهية على الإنسان حيث قال : وأما حق الزّوجة فأن تعلم أن الله عزّوجل جعلها لك سكناً وأنساً ، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها. ٤

__________________

١. دعائم الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢١٧.

٢. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٥١.

٣. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٧٩.

٤. مكارم الأخلاق ، ص ٤٢٠.

٥٦

٣. الزوجة سكن للزوج

صرّح القرآن الكريم بالنسبة إلى بعض الأشياء بأنّه سكن كآية اللّيل ؛ حيث يقول : وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ، أي يسكن فيه الناس سكون راحة ١ أي يرتاح الناس في ظل الليل.

وجعل الله صلاة النّبي على المؤمنين أيضاً سكن لهم. أي يجدون الناس الراحة والطمأنينة إثر دعاء الرسول لهم ، بقوله : وَصَلَّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ، أي دعواتك يسكنون إليها وتطمئنّ قلوبهم. ٢

ولذلك قال الإمام الباقر عليه‌السلام لميسّر : يا ميسّر ، تزوّج بالليل فإنّ الله جعله سكناً ولا تطلب حاجة بالليل فإنّ الليل مظلم. ٣

وقال الرضا عليه‌السلام : من السّنة التزويج بالليل ، لأنّ الله جعل اللّيل سكناً والنساء إنّما هنّ سكنٌ. ٤

٤. الزوجة لباس الزوج

وليعلم الشاب المتزوّج أيضاً أنّ زوجته هي لباس له كما أنّه هو لباس لها. فكما أنّ الإنسان لا يستر بدنه الاّ باللّباس ولا يتزيّن الرجل إلاّ به ؛ فكذلك الزوج والزوجة كل بالنسبة إلى الآخر حكمهما حكم اللّباس.

__________________

١. مجمع البحرين ، ص ٥٠٩ ؛ والآية في سورة الأنعام / ٩٦.

٢. مجمع البحرين ، ص ٥٠٩ ؛ والآية في سورة التوبة / ١٠٣.

٣. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٦٢.

٤. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٦٢.

٥٧

وعلى رغم ما فسّر اللّباس في الآية الشريفة : هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ . ١ وآية : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسَاً .٢ بالسكن ، وقيل أي هنّ سكن لكم وأنتم سكن لهنّ. ٣ ولكن للسيد الطباطبائي بيان جميل في ذيل هذه الأية ، قال : الجملتان من قبيل الإستعارة ، فإنّ كلاً من الزّوجين يمنع صاحبه عن إتباع الفجور وإشاعته بين أفراد النوع ، فكأنّ كلّ منهما لصاحبه لباساً يواري به سوأته ويستر به عورته. ٤

٥. الزوجة خير كنز

وهكذا روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حول الزّوجة الصالحة من أنّها خير كنز يكنزه في حياته. قال : ألا أخبركم بخير ما يكنز ؟

المرأة الصالحة إذا نظر إليها تسرّه وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته. ٥

٦. الزوجة الصالحة خير ربح

وروي عنه أيضاً حول أفضل ما يربحه الإنسان بعد الإسلام قائلاً : ما استفاد امرء مسلم بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر أليهما وتطيعه إذا أمرها وتحفظه عنها في نفسها وماله. ٦

__________________

١. سورة البقرة ، الآية ١٨٧.

٢. سورة النباء ، الآية ١٠.

٣. مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٥٠٤.

٤. الميزان في تفسير القرآن ، ج ٢ ، ص ٤٤.

٥. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ١٧١.

٦. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١٦١ ؛ كنز العمال ، ج ١٥ ، ص ٨٥٤.

٥٨



١٠

الإستشارة والإستخارة

كان من دأب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والعترة الطاهرة ـ أن يستشيروا في مهامّ الأمور مع أنهم أكمل الخلق وأفضلهم وأعلمهم وليس هذا إلاّ للعمل بقول الله عزوجل في كتابه الكريم حيث يقول : وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ١ وقوله : وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ . ٢

فإن قيل كيف يأمر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمشورة مع أنه أكمل الخلق بإتفاق أهل الملّة وأحسنهم رأياً وأوفرهم عقلاً وأحكمهم تدبيراً ، وكان المواد بينه وبين الله تعالى متصلة ، والملائكة تتواتر عليه والوحى ينزل ؟

قلنا : إن ذلك كان على وجه التطيب لنفوس أصحابه والتآلف لهم

__________________

١. سورة الشورى ، الآية ٣٨.

٢. سورة آل عمران ، الآية ١٥٨.

٥٩

والرفع من أقدارهم ، وليقتدى به أمته في المشاورة ولا يرونها نقصاً وعيباً لهم وليمتحنهم ويتميّز الناصح من الغاش إلى غير ذلك من الأمور. ١ وكان النّبي أيضاً يستشير أصحابه في بعض حروبه كغزوة بدر وأحد والأحزاب وغيره.

واستشار الإمام أمير المؤمنين أصحابه في المسير إلى صفين واستشار الرضا عليه‌السلام بعض خدمه كما روي عنه أنّه ربما شاور الأسود من سودانه ، فقيل له تشاور مثل هذا ؟

فقال : إن شاء الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه ... ٢

واستشار الإمام علي عليه‌السلام ، عقيلاً في الزّواج بامرأة ولدته الشجعان فأشار إليه بفاطمة بنت حزام الكلابية.

فقال له أبغني إمرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فراساً.

فقال له : أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنّه ليس في العرب أشجع من أباءها ولا أفرس.٣

وقد مرّ عليك إنّ رجلاً إستشار الحسين عليه‌السلام في تزويج إمرأة فنهاه الإمام ولكن خلف الحسين في ذلك فافتقر.

وهكذا استشار الكرخي الصادق عليه‌السلام فأجابه بما قرأته سابقاً.

__________________

١. راجع سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٧١٨.

٢. نفس المصدر.

٣. إبصار العين ، ص ٥٦.

٦٠