الزّواج الموفّق

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي

الزّواج الموفّق

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: نور السجّاد
المطبعة: سرور
الطبعة: ٤
ISBN: 964-7163-97-5
الصفحات: ١٧٥

٤. أحسن إليها واعفوا عن ذنبها

الإحسان من كل محسن إلى كل أحد حسن ولكن من الزّوج إلى زوجته أحسن وهكذا العفو من ذنب كل مخطىء جميل وأما العفو من هفوات الزوجة وخطاياها أجمل وأفضل.

ومن مصاديق إلاحسان إلى الزّوجة أن يحترمها ويحسن المقال إليها ويشبعها ويكسوها.

قال : علي عليه‌السلام في جواب من شكى نساءه : فداروهن على كل حال ، وأحسنوا لهن المقال ، لعلهن يحسن الفعال. ١

وعن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا ؟

قال : يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها. ٢

وعنه أيضاً قال : جاءت إمرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن حق الزوح على المرأة فخبرها. ثم قالت : فما حقها عليه ؟

قال : يكسوها من العرى ويطعمها من الجوع ، وإذا أذنبت غفر لها.

قالت : فليس لها عليه شيء غير هذا ؟

قال : لا.

قالت : لا والله لاتزوجت أبداً ثم ولت.

__________________

١. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١٢٨.

٢. الكافي ، ج ٥ ، ص ٥١٠.

١٤١

فقال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ارجعي ، فرجعت فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : وان يستعففن خير لهن. ١

٥. العشرة الجميلة مع الزوجة

ومن أبرز مصاديق الإحسان إليها هي المعاشرة الجميلة التى أمرنا الله تبارك وتعالى بذلك مع النساء حيث يقول : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ . ٢ أي خالطوهن من العشرة التي هي المصاحبة بما أمركم الله به من أداء حقوقهن التي هي النصفة في القسم والنفقة والإجمال في القول والفعل وقيل المعروف أن لا يضربها ولا يسيء القول فيها ويكون منبسط الوجه معها ، وقيل : هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. ٣

وعلى الزّوج أن يترك الأخلاق السيئة ويحسن أخلاقه مع زوجته كما يكون بشر الوجه مع الآخرين.

وهذا مما أوصى به النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي قائلاً له : يا علي أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحب مع الناس ، تكتب عند الله في الدرجات العلى.٤

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحسن إيماناً ، أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ، وأنا ألطفكم بأهلي. ٥

__________________

١. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١١٨.

٢. سورة النساء ، الآية ١٩.

٣. مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٠.

٤. تحف العقول ، ص ١٥.

٥. عيون أخبار الرضا ، ج ٢ ، ص ٣٨.

١٤٢

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحسن الناس خلقاً مع أزواجه رغم عدم رعاية بعض زوجاته مكانة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحرمته. ولا شك ان سيء الخلق لا يعذب إلا نفسه. ١ وسوف يبتلى بالضمة والضغط في القبر نتيجة أخلاقه السيئة مع أهله ، كما ابتلي الصحابي الجليل سعد بن معاذ بالضمة في القبر. مع أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله حضر جنازته وترحم عليه وأخبر بأشياء ، ما تعجب منه من شيع جنازته من المسلمين ، حيث أخبر بأنه حضر جنازة سعد تسعون ألف ملك فيهم جبرئيل. ٢

ومع كل ذلك أخبر أيضاً بأنه سيصيبه ضمة في القبر لأنه كان في خلقه مع أهله سوء. ٣

٦. أكرم زوجتك ولا تضربها

إن من الموارد الصعبة التى تمرّ على الزّوجة ، لما ترى ان زوجها لا يكرمها بل يؤذيها ويستهين بكرامتها ، بل يرفع يده عليها ويضربها من دون أي دليل ومبرر شرعى لذلك. رغم ما أمره بالإمساك بالمعروف.

فلو قيل ما معنى الإمساك بالمعروف ؟

قلنا : فسّره الرضا عليه‌السلام بكفّ الأذى وإحياء النفقه كما سئله أبوالقاسم الفارسى قال : قلت للرضا عليه‌السلام جعلت فداك إن الله يقول في كتابه : فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ، وما يعنى بذلك ؟

__________________

١. راجع سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٤٢٤.

٢. سفينة البحار ، ج ١، ص ٦٢١.

٣. نفس المصدر ، ص ٤٢٤.

١٤٣

فقال : أما الإمساك بالمعروف ، فكفّ الأذى وإحياء النفقه ، وأما التسريح بإحسان فالطلاق على ما نزل به الكتاب. ١

إذاً فيستفاد من هذه الآية وبعض الروايات الواردة في المقام أنه لا يجوز للزّوج أن يستهين الزّوجة ولا يحق له أن يضربها أو يؤذيها ، والأمر يشمل الزّوجة أيضاً إذا استهانت بكرامة الزّوج أو آذته أو ضربته.

روى الصدوق في عقاب الأعمال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من كانت له إمرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ، ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه ، وإن صامت الدهر ، وقامت أعتقت الرقاب ، وأنفقت الأموال في سبيل الله ، وكانت أول من ترد النار.

ثم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الرجال مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذياً ظالماً. ٢

دفاع الإمام عن إمرأة مظلومة

وفي الإختصاص قال : ذكر الكوفيون أن سعيد بن القيس الهمداني رآه يوماً في شدة الحر في فناء حائط. فقال : يا أمير المؤمنين بهذه الساعة ؟!

قال : ما خرجت إلاّ لأعين مظلوماً أو أغيث ملهوفاً ، فبينا هو

__________________

١. وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، ص ٢٢٦.

٢. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١١٦ و ص ١٥٤.

١٤٤

كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا حتى وقفت عليه فقالت : يا أمير المؤمنين ظلمني زوجي وتعدّى علي وحلف ليضربني فاذهب معي إليه ، فطـأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول : لا والله حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع وأين منزلك ؟

قالت : في موضع كذا وكذا ، فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها ، فقالت : هذا منزلي.

قال : فسلم فخرج شاب عليه أزار ملونة.

فقال : إتق الله فقد أخفت زوجتك.

فقال : وما أنت وذاك ، والله لأحرقنّها بالنار لكلامك.

قال : وكان إذا ذهب إلى مكان أخذ الدّرّة بيده والسيف معلق تحت يده ، فمن حل عليه حكم بالدرة ضربه ، ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله ، فلم يعلم الشاب إلّا وقد أصلت السيف ، وقال له : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر ، وترد المعروف ؟ تب وإلا قتلتك.

قال : وأقبل الناس من السكك يسألون عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى وقفوا عليه ، قال : فأسقط في يد الشاب وقال : ياأميرالمؤمنين اعف عني عفى الله عنك ، والله لأكونن أرضاً تطأنى ، فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول : لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً. ١

__________________

١. الإختصاص ، ص ١٥١.

١٤٥

إذا فإيذاء الزّوجة أمر غير مطلوب بل مرغوب عنه في الشريعة المقدسة وخصوصاً إذا أدى هذا الإيذاء إلى الضرب والشتم.

فقد روى عنهم عليهم السلام ، فيمن ضرب امرأته ، روايات تدل على حقارة هذا الإنسان وإبتعاده عن واقع الإسلام.

وإليك ما ورد في هذا المجال :

١.قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأي رجل لطم إمرأته لطمة أمر الله عزوجل مالك خازن النيران فليلطمه سبعين لطمة في نار جهنم. ١

٢. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أخبركم بشرّ رجالكم ، فقلنا : بلى.

فقال : إنّ من شرّ رجالكم ... الضارب أهله وعبده. ٢

٣. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني أتعجب ممن يضرب إمرأته وهو بالضرب أولى منها ، لا تضربوا نساءكم بالخشب فإن فيه القصاص ... ٣

٤. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله أيما رجل ضرب إمرأته فوق ثلاث ، أقامه الله يوم القيامة على رؤس الخلائق فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأوّلون والآخرون. ٤

٥. وروي عن الباقر عليه‌السلام أيضرب أحدكم المرأة ثم يظل معانقها. ٥

__________________

١. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ص ٢٥٠.

٢. تهذيب الأحكام ، ج ٧ ، ص ٤٠٠.

٣. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٥١ ؛ جامع الأخبار ، ص ١٨٤.

٤. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١١٩ ؛ كنز العمال ، ج ١٦ ، ص ٣٧٧.

٥. نفس المصدر.

١٤٦

وحكم الفقهاء على الذي يؤذي زوجته أو يضربها من دون أيّ دليل ومبرر ، بالتعزير ، إن لم يرفع يد الضرب عنها.

قال الشهيد في اللمعة الدمشقية : فإن أساء خلقه وإذاها بضرب وغيره بلا سبب صحيح ، نهاه ـ الحاكم ـ عن ذلك فإن عاد إليه عزّره بما يراه ... ١

٧. رضا الرّب في تعليم الزوجة

ومن الوصايا المهمّة التي وصّى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الزّوج هو الإهتمام بتعليم الزوجة معالم دينها وهي المسائل الدينية والأخلاقية والأحكام الشرعية وغير ذلك.

منها ما روي عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : إنّ الله عزّوجل خلق آدم من طين ثم ابتدع له حواء ... فقال آدم : ياربّ ما هذا الخلق الحسن فقد آنسني قربه والنظر إليه. فقال الله : يا آدم هذه أمتي حواء أفتحبّ أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعاً لأمرك؟

فقال : نعم يا ربّ ولك بذلك عليّ الحمد والشكر ما بقيت ، فقال الله عزّ وجلّ : فاخطبها إليّ ، فانّها أمتي وقد تصلح لك أيضاً زوجة للشهوة وألقى الله عليه الشهوة وقد علمّه قبل ذلك المعرفة بكلّ شيء.

فقال : يا ربّ فإني أخطبها إليك ، فما رضاك لذلك ؟

فقال الله عزوجل : رضاي أن تعلمها معالم ديني.

__________________

١. اللّمعة الدّمشقية ( الطبعة الحجرية ) ، ج ٢ ، ص ١١٣.

١٤٧

فقال : ذلك لك عليّ يا رب إن شئت ذلك لي.

فقال الله عزّوجل : وقد شئت ذلك وقد زوّجتكها فضمّها إليك. ١

٨. وقاية الزوجة من النار

أمر الله جل وعلا في كتابه الكريم ، الأزواج بحفظ الأهل والأولاد من غضب الجبار ومن ناره وعذابه. فقال : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصَونَ الله ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ٢

قال الصادق عليه‌السلام : لما نزلت هذه الآية ، جلس رجل من المسلمين يبكي وقال : أنا عجزت عن نفسي كلّفت أهلي.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك. ٣

٩. أمر الزوجة بالصلاة والزكاة

وشكر الله جلّ وعلا في كتابه ، نبيّه إسماعيل على أمره أهله بالصلاة والزكاة قائلا : وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ٤

قال الطبرسي : وقيل إنّه كان يأمر أهله بصلاة الليل

__________________

١. من لا يحضره الفقيه ، ج ٢ ، ص ١٢١.

٢. سورة التحريم ، الآية ، ٦.

٣. مكارم الأخلاق ، ص ٢١٧.

٤. سورة مريم ، الآية ٥٥.

١٤٨

وصدقة النهار. ١

قال أبو سعيد الخدري : لما نزلت آية : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها ٢ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي باب فاطمة وعلى تسعة أشهر عند كل صلاة فيقول الصلاة رحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ٣

ب. وصايا النبي إلى الزوجة

لقد مر بنا كثير من وصايا النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الزّوج من حفظ الزّوجة والإحسان إليها وحسن المعاشرة معها وعدم إيذاءها إلى غير ذلك من الوصايا الأخلاقية إليه ، ووصى الزّوجة أيضاً بوصايا للحفاظ على كرامة الزّوج والإعتناء بشؤن الزّوجية من دون أي تساهل وتسامح.

١. أعظم الناس حقاً على الزوجة

ولتعرف الزّوجة إن حق زوجها أعظم عليها من حقها عليه.

روى الكليني عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جائت إمرأة إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : يا رسول الله ما حق الزّوج على المرأة ؟

فقال لها : أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدق عن بيته إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه

__________________

١. مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٨٠٠.

٢. سورة طه ، الآية ١٣٢.

٣. مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٥٩ والآية في سورة الأحزاب / ٣٣.

١٤٩

وإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها.

فقالت : يارسول الله : من أعظم الناس حقاً على الرجل ؟

قال : والداه.

قالت : فمن أعظم الناس حقاً على المرأة ؟

قال : زوجها.

قالت : فما لي عليه من الحق مثل ما له عليّ ؟

قال : لا ولا عن كل مائة واحدة ... ١

٢. لو جاز السجود لبشر ، لأمرت

ولتعلم الزّوجة أيضاً إن الله أوصاها بالزّوج كما أوصى الزّوج.

قال السيد الإصفهانى : لكل واحد من الزّوجين حق على صاحبه ، يجب عليه القيام به ، وإن كان حق الزّوج أعظم حتى أنه قد ورد عن سيد البشر : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ... ٢

٣. أوّل ما تسئل المرأة

وعن أنس بن مالك عن رسول الله قال : أوّل ما تسئل المرأة يوم القيامة عن صلاتها ثم عن بعلها كيف عملت إليه. ٣

__________________

١. ذرايع البيان ، ج ١ ، ص ٢١٤.

٢. الوسيلة الكبرى ، ج ٢ ، ص ٣٥٠ ؛ ذرايع البيان ، ج ١ ، ص ٢١٢.

٣. كنز العمال ، ج ١٦ ، ص ٣٩٩.

١٥٠

٤. لا تؤدي حق ربّها حتى ...

وعن عبد الله بن أبي أوفى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربّها حتى تؤدي حق زوجها كلّه. ١

٥. لا تخرجي بغير إذن زوجك

ونهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شيء تمرّ عليه من الجنّ والإنس حتى ترجع إلى بيتها. ٢

٦. لا تتزيّنى لغير زوجك

ونهى أيضاً أن تتزيّن الزّوجة لغير زوجها وقال : فإن فعلت كان حق على الله أن يحرقها بالنار. ٣

وعن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أي امرأة تتطيب ثم خرجت من بيتها فهى تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت. ٤

وعنه أيضاً : أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها ، لم يقبل الله منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها. ٥

__________________

١. كنز العمال ، ج ١٦ ، ص ٣٣٣ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ٢١٥ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٥٧.

٢. ذرايع البيان ، ج ١ ، ص ٢١٥.

٣. نفس المصدر.

٤. عقاب الأعمال ، ص ٢٣١.

٥. الكافي ، ج ٥ ، ص ٥٠٧ ؛ ذرايع البيان ، ج ١ ، ص ٢١٥.

١٥١

٧. لا تحملي على زوجك ما لا يطيق

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن كانت له إمرأة ولم توافقه ولم تصبر على ما رزقه الله وشقت عليه وحملته ما لم يقدر ، لم يقبل الله لها حسنة تتقي بها الناس وغضب الله عليها ما دامت كذلك. ١

٨. لا تؤذي زوجك ولا تسخطيه

روى الدّيلمي في إعلام الدّين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من كان له إمرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها ، حتى تعينه وترضيه ، وإن صامت الدهر وقامت وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله وكانت أوّل من ترد النار ... ٢

٩. أطيعي زوجك

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج في بعض حوائجه فعهد على إمرأته أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم قال : وأنّ أباها قد مرض فبعثت المرأة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تستأذنه أن تعوده.

فقال : لا إجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.

فمات أبوها فبعثت إليه ، إنّ أبي قد مات فتأمرني أن أصلّي عليه ؟

فقال : لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.

__________________

١. نفس المصدر.

٢. إعلام الدّين ، ص ٤١٤.

١٥٢

قال : فدفن الرجل فبعث إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك. ١

١٠. ما أحسن شيء للنساء ؟!

وعن علي عليه‌السلام قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أخبروني أي شيء خير للنساء ؟ فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا. فرجعت إلى فاطمة فأخبرتها بالذي قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وليس أحد منّا علمه وعرفه.

فقالت : ولكني أعرفه ؛ خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال.

فرجعت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سألتنا عن أي شيء خير للنساء ؛ خير لهنّ أن لا يرين الرجال ولا يراهنّ الرجال.

فقال : من أخبرك ؟ فلم تعلمه أنت عندي. فقلت : فاطمة.

فأعجب ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : إنّ فاطمة بضعة منّي. ٢

وصايا النّبي لحولاء العطارة

وقد رأينا من المناسب أن نختم البحث في الوصايا النّبي إلى الزّوجة ما أوصى به حولاء العطارة :

روى النوري في المستدرك قصة امرأة كانت تُسمى حولاء

__________________

١. وسائل الشيعة ، ج ١٤، ص ١٢٥.

٢. كشف الغمة ، ج ٢ ، ص ٩٢.

١٥٣

وكانت عطارة لآل الرسول. فأمرها زوجها يوماً فأنترته ، فأمسى وهو ساخط عليها. فلما عرفت أنه ساخط عليها ، لطمت وجهها وعفّرت خدّها وبكت بكاءاً شديداً ورجفت نفسها مخافة رب العالمين وخوفاً من نار جهنّم يوم وضع الموازين.

قلم تذق تلك الليلة نوماً وكانت أطول عليها من يوم الحساب لسخط زوجها عليها وما أوجب الله عليها من الحق.

ولمّا كانت هذه القصة طويلة اقتطفنا منها بعض الفقرات رعاية للإختصار :

قال : فلمّا أصبح الصباح تبرقعت وأخذت على رأسها رداء وخرجت سائرة إلى دار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا وصلت أنشأت تنادي : ألسلام عليكم يا آل بيت النبوة ومعدن العلم والرسالة ومختلف الملائكة أتأذنوا لي بالدخول عليكم ، رحمكم الله.

فسمعت أمّ سلمة كلامها فعرفتها فقالت لجاريتها : أخرجي فافتحي لها الباب ، ففتحه لها فدخلت.

فقالت أم سلمة : ما شأنك يا حولاء ؟ وكانت من أحسن أهل زمانها.

فقالت : يا ستّي خائفة من عذاب ربّ العالمين ، غضب زوجي علي فخشيت أن أكون مبغضة.

فقالت لها أم سلمة : اقعدي لا تبرحي حتى يجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥٤

فجلست حولاء تتحدّث مع أم سلمة ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّي لأجد الحولاء عندكم ، فهل طيّبتكم منها بطيب ؟

فقالوا : لا والله يا نبي الله صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين ، بل جاءت سائلة عن حق زوجها.

ثم قصّت له القصّة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله :

١ ـ ما من إمرأة ترفع عينها إلى زوجها بالغضب إلا كحّلت برماد من نار جهنّم.

٢ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ، ما من إمرأة ترد على زوجها وعلّقت يوم القيامة بلسانها وسمّرت بمسامير من نار.

٣ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ، ما من امرأة تمدّ يدها تريد أخذ شعرة من زوجها أو شقّ ثوبه ، إلاّ سمر الله كفّيها بمسامير من نار.

٤ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ما من امرأة تخرج من بيتها بغير إذن زوجها تحضر عرساً إلا أنزل الله عليها أربعين لعنة عن يمينها، وأربعين لعنة عن شمالها ، وترد اللعنة عليها من قدامها ، فتغمرها حتى تغرق في لعنه الله من فوق رأسها إلى قدمها ويكتب الله عليها بكل خطوة أربعين سنة ، فإن أتت أربعين سنة كان عليها بعدد من سمع صوتها وكلامها ، ثم لا يستجاب لها دعاء حتى يستغفر لها زوجها بعدد دعائها له وإلا كانت تلك اللعنة إلى يوم تموت وتبعث.

١٥٥

٥ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ، ما من امرأة تثقل على زوجها المهر ، إلا ثقل الله عليها سلاسل من نار جهنم.

٦ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ، ما من امرأة تصوم بغير إذن زوجها تطوعاً لا لغرض شهر رمضان وغيره من النذر ، إلا كانت منت الآثمين.

٧ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً لا ينبغي للمرأة أن تتصدق بشيء من بيت زوجها إلا بإذنها ، فان فعلت كان له الأجر وعليها الوزر.

٨ ـ يا حولاء : ما من امرأة صلت صلاتها ولزمت بيتها وأطاعت زوجها ، إلا غفر الله لها ذنوبها ما قدمت وما أخرت.

٩ ـ يا حولاء : لا يحل للمرأة أن تكلف زوجها فوق طاقته ، ولا تشكوه إلى أحد من خلق الله لا قريب ولا بعيد.

١٠ ـ يا حولاء : يجب على المرأة أن تصبر على زوجها على الضر والنفع وتصبر على الشدة والرخاء كما صبرت زوجة أيوب المبتلى ، صبرت على خدمته ثمانية عشر سنة ، تحمله على عاتقها مع الحاملين وتطحن مع الطاحنين وتغسل مع الغاسلين ، وتأتيه بكسرة يأكلها ويحمد الله عزوجل ، وكانت تلقيه في الكساء وتحمله على عاتقها ، شفقة وإحساناً إلى الله وتقرباً إليه عزوجل.

١١ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً كل امرأة صبرت

١٥٦

على زوجها في الشدة والرخاء وكانت مطيعة له ولأمره ، حشرها الله تعالى مع إمرأة أيوب.

١٢ ـ يا حولاء : لا تحل لامرأة أن تظهر معصمها وقدمها لرجل غير بعلها وإذا فعلت ذلك لم تزل في لعنة الله وسخطه وغضب الله عليها ولعنتها ملائكة الله ، وأعد لها عذاباً أليماً.

١٣ ـ يا حولاء : للمرأة على زوجها أن يشبع بطنها ، ويكسو ظهرها ويعلمها الصلاة والصوم والزكاة ، إن كان في مالها حق ولا تخالفه في ذلك.

١٤ ـ يا حولاء : من كانت منكنّ تؤمن بالله واليوم الآخر ، لا تجعل زينتها لغير زوجها ولا تبدى خمارها ومعصمها ، وأيما امرأة جعلت شيئاً من ذلك لغير زوجها فقد أفسدت دينها وأسخطت ربّها عليها.

١٥ ـ يا حولاء : لا تحلّ لامرأة أن تدخل بيتها من قد بلغ الحلم ولا تملأ عينها منه ، ولا عينه منها ، ولا تأكل معه ، ولا تشرب إلاّ أن يكون محرماً عليها وذلك بحضرة زوجها.

١٦ ـ يا حولاء : ما من امرأة تستخرج ما طيبت لزوجها إلاّ خلق الله في الجنة من لون فيقول لها : كلي واشربي بما أسلفت في الأيام الخالية. ( وكأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أشار إلى آية ٢٤ من سورة الحاقة )

١٧ ـ يا حولاء : ما من امرأة تحمل من زوجها كلمة إلاّ كتب الله لها من الأجر ما للصائم والمجاهد في سبيل الله.

١٥٧

١٨ ـ يا حولاء : ما من امرأة تشتكي زوجها ، إلاّ غضب الله عليها ، وما من امرأة تكسو زوجها إلاّ كساها الله يوم القيامة سبعين خلعة من الجنّة. كلّ خلعة منها مثل شقايق النعمان والريحان وتعطى يوم القيامة أربعين جارية تخدمها من الحور العين.

١٩ ـ يا حولاء : والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ومبشراً ونذيراً ، ما من امرأة تحمل من زوجها ولداً إلاّ كانت في ظل الله عزّ وجلّ حتى يصيبها طلق ، يكون لها بكلّ طلقة عتق رقبة مؤمنة ، فإذا وضعت حملها وأخذت في رضاعه ، فما يمصّ الولد مصة من لبن أمّه إلاّ كان بين يديها نوراً ساطعاً يوم القيامة ، يعجب من رآها من الأولين والآخرين وكتبت صائمة قائمة وإن كانت مفطرة ، كتب لها صيام الدهر كله وقيامه ، فإذا فطمت ولدها قال الله جلّ ذكره : يا أيّتها المرأة قد غفرت لك ما تقدّم من الذنوب فاستأنفي العمل رحمك الله.

فقالت الحولاء : يا رسول الله ، صلى الله عليك ، هذا كلّه يعود للرجل ؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم.

قالت : فما للنساء على الرجال ؟

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرني جبرئيل ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننت أن لا يحلّ لزوجها أن يقول بها أف. يا محمد : إتقوا الله في النساء فإنهنّ عوان بين أيديكم ، أخذتموهنّ على أمانات الله

١٥٨

عزوجل ، لما استحللتم من فروجهنّ بكلمة الله وكتابه من فريضتي وسنتي وشريعة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ لهنّ عليكم حقّاً واجباً لمّا استحللتم أجسامهنّ وبما واصلتم من أبدانهنّ ويحملن أولادكم في أحشائهنّ حتى أخذهنّ الطلق من ذلك ، فأشفقوا عليهنّ وطيّبوا قلوبهنّ حتى تقفن معكم ولا تكرهوا النساء ولا تسخطوا بهنّ ولا تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئاً إلا برضاهنّ وإذنهنّ ... ١.

وصايا الفزاري لإبنته

ولقد أجاد أسماء بن خارجة الفزّاري حيث قال لإبنته عند التزويج : إنّك خرجت من العش الذي فيه درجت وصرت إلى فراش لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أرضاً يكون لك سماءاً ، وكوني له مهاداً يكون لك عماداً ، وكوني له أمة يكون لك عبداً ، لا تلحقي به فيقلاك ٢ ولا تباعدي عنه فينساك ، إن دنا فاقربي منه ، وإن نأى فابعدي عنه ، واحفظي أنفه وسمعه وعينه ، لا يشمّ منك إلاّ طيباً ، ولا يسمع إلاّ حسناً. ٣

وقال رجل لزوجته :

خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

__________________

١. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٣٨.

٢. أي يبغضك.

٣. المحجة البيضاء ، ج ٣ ، ص ١٣٥.

١٥٩

ولا تنقريني نقرك الدف مرة

فإنك لا تدرين كيف المغيب

فاني رأيت الحب في القلب والأذى

إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب ١

فيذهب ما لا تستطيعين رده

كما لا يطاق الصدع في الصخر يشعب

وفي الختام أسئل الله جلّ وعلا أن يحفظ شبابنا ويمنّ عليهم بزوجة صالحة تعينها في أمر الدنيا والاخرة. إنّه سميع مجيب.

* * *

تم الكتاب والحمد لله



ملاحظة : نرجوا من القارىء الكريم إن كان

لديه أي سؤال أو إقتراح في هذا الموضوع فليرسل

ذلك بالعنوان التالي :

J-TABASI٢٠٠٠@YAHOO.COM

__________________

١. نفس المصدر ، ص ١٣٦.

١٦٠