بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فقال له (١) العباس : أنت وذاك يا ابن أبي قحافة.

فدعاه العباس ، فجاء أمير المؤمنين عليه‌السلام فجلس إلى جنب العباس.

فقال له العباس : إن أبا بكر استبطأك ، وهو يريد أن يسألك بما جرى.

فقال : يا عم ، لو دعاني لما أتيته.

فقال له أبو بكر : يا أبا الحسن! ما أرضى لمثلك هذا الفعال (٢).

قال : وأي فعل؟

قال : قتلك مسلما بغير حق ، فما تمل من القتل قد جعلته شعارك ودثارك.

فالتفت إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أما عتابك علي في قتل مسلم فمعاذ الله أن أقتل مسلما بغير حق ، لأن من وجب عليه القتل رفع عنه اسم الإسلام.

وأما قتلي الأشجع ، فإن كان إسلامك كإسلامه فقد فزت فوزا عظيما!!

أقول : وما عذري إلا من الله ، وما قتلته (٣) إلا عن بينة من ربي ، وما أنت أعلم بالحلال والحرام مني ، وما كان الرجل إلا زنديقا منافقا ، وإن في منزله صنما من رخام (٤) يتمسح به ثم يصير إليك ، وما كان من عدل الله (٥) أن يؤاخذني (٦) بقتل عبدة الأوثان والزنادقة.

وافتتح (٧) أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكلام ، فحجز بينهما المغيرة بن شعبة

__________________

(١) لا توجد : له ، في المصدر.

(٢) في المصدر : الفعل.

(٣) الواو محذوفة في ( ك‍ ) ، وفي المصدر : ما قلته.

(٤) من رخام ، لا يوجد في بعض النسخ.

(٥) في المصدر : من الله تعالى.

(٦) في ( ك‍ ) : تواخذني ، وهي نسخة.

(٧) في المصدر : فأفسح.

٦١

وعمار بن ياسر ، وأقسموا على علي عليه‌السلام فسكت ، وعلى أبي بكر فأمسك.

ثم أقبل (١) أبو بكر على الفضل بن العباس وقال : لو قدتك (٢) بالأشجع لما فعلت مثلها ، ثم قال : كيف أقيدك بمثله وأنت ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغاسله؟!

فالتفت إليه العباس فقال : دعونا ونحن حكماء أبلغ من شأنك ، إنك تتعرض بولدي (٣) وابن أخي ، وأنت ابن أبي قحافة بن مرة! ونحن بنو عبد المطلب ابن هاشم أهل بيت النبوة ، وأولو الخلافة ، تسميتم (٤) بأسمائنا ، ووثبتم علينا في سلطاننا (٥) ، وقطعتم أرحامنا ، ومنعتم ميراثنا ، ثم أنتم تزعمون أن لا إرث لنا ، وأنتم (٦) أحق وأولى بهذا الأمر منا ، فبعدا وسحقا لكم أنى تؤفكون.

ثم انصرف القوم ، وأخذ العباس بيد علي عليه‌السلام ، وجعل علي يقول : أقسمت عليك يا عم لا تتكلم (٧) ، وإن تكلمت لا تتكلم إلا بما يسر (٨) ، وليس لهم عندي إلا الصبر ، كما أمرني نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعهم وما (٩) كان لهم يا عم بيوم الغدير مقنع ، دعهم يستضعفونا جهدهم ، فإن الله مولانا وهو خير الحاكمين.

فقال له العباس : يا ابن أخي ، أليس قد كفيتك ، وإن شئت أعود إليه (١٠)

__________________

(١) في المصدر : أقام.

(٢) في المصدر : فقال لو قيدتك.

(٣) في المصدر : لولدي.

(٤) في المصدر : قد تسميتم.

(٥) في المصدر : في سلطاتنا.

(٦) في المصدر : ولا أنتم.

(٧) في المصدر : أن لا تتكلم.

(٨) في المصدر : فلا تتكلم إلا بما يسره.

(٩) الواو ، غير موجود في المصدر.

(١٠) في المصدر : حتى أعود إليه.

٦٢

فأعرفه مكانه ، وأنزع عنه سلطانه.

فأقسم عليه علي عليه‌السلام فأسكته (١).

بيان : قال الجوهري : الغطريس : الظالم المتكبر ، وقد تغطرس فهو متغطرس (٢).

وقال : ترحه تتريحا : أحزنه (٣).

وقال : التمطي : التبختر ومد اليدين في المشي (٤).

وقال : غافصت الرجل : أخذته على غرة (٥).

وقال الميداني : شق فلان عصا المسلمين : إذا فرق جمعهم ، قال أبو عبيد : معناه فرق جماعتهم ، قال : والأصل في العصا الاجتماع والائتلاف ، وذلك أنها لا تدعى عصا حتى تكون جميعا ، فإذا (٦) انشقت لم تدع عصا ، ومن ذلك قولهم للرجل إذا قام بالمكان واطمأن به واجتمع له فيه أمره : قد ألقى عصاه ، قالوا : وأصل هذا أن الحاديين يكونان في رفقة ، فإذا فرقهم الطريق شقت العصا التي معهما ، فأخذ (٧) هذا نصفها وذا نصفها ، فضرب مثلا لكل فرقة (٨).

والقسطل : الغبار (٩) ، وهو كناية عن الجم الغفير.

__________________

(١) في المصدر : فأقسم علي صلوات الله عليه ، فسكت.

(٢) الصحاح ٣ ـ ٩٥٦ ، وانظر : مجمع البحرين ٤ ـ ٩٠ ، تاج العروس ٤ ـ ٢٠٢ ، وغيرهما.

(٣) الصحاح ١ ـ ٣٥٧ وفيه : أي حزنه ، وفي لسان العرب ٢ ـ ٤١٧ ، وتاج العروس ٢ ـ ١٢٧ كما في المتن.

(٤) الصحاح ٦ ـ ٢٤٩٤ ، وكذا في مجمع البحرين ١ ـ ٣٩٥.

(٥) الصحاح ٣ ـ ١٠٤٧ ، وانظر : تاج العروس ٤ ـ ٤١٢ ، لسان العرب ٧ ـ ٦١.

(٦) في المصدر : فإن.

(٧) خ. ل : فأخذه.

(٨) مجمع الأمثال للميداني ١ ـ ٣٦٤ باختلاف يسير ، وانظر : فرائد اللئالي في مجمع الأمثال ١ ـ ٣١١.

(٩) مجمع البحرين ٥ ـ ٤٥٣ ، الصحاح ٥ ـ ١٨٠١ ، تاج العروس ٨ ـ ٨٠ ، لسان العرب ١١ ـ ٥٥٧.

٦٣

واللوثة ـ بالضم ـ : الاسترخاء والبطء ، ومس الجنون (١).

ويقال : نبا الشيء عني ينبو أي : تجافى وتباعد ، وأنبيته أنا أي : دفعته عن نفسي (٢) ، والنبوة : الرفعة. (٣)

قوله : عرج الضبع ، قال الفيروزآبادي : عرج وعراج معرفتين ممنوعتين : الضباع يجعلونها بمنزلة القبيلة ، والعرجاء : الضبع (٤).

وفي بعض النسخ : جوع : جمع جائع كركع.

والذباب في بعض النسخ بالهمزة ، وفي بعضها بالباء الموحدة.

وفي القاموس : الطلس : العدد الكثير ، أو هو خلق كثير النسل كالذباب والنمل والهوام ، أو كثرة كل شيء (٥).

وقال : خفق فلانا بالسيف : ضربه ضربة خفيفة ، وأخفق الرجل بثوبه : لمع به (٦).

والهبيد : الحنظل أو حبه (٧).

والبسبس : القفر الخالي (٨).

__________________

(١) الصحاح ١ ـ ٢٩١ ، لسان العرب ٢ ـ ١٨٥ و ١٨٦.

(٢) كما جاء في الصحاح ٦ ـ ٢٥٠٠ ، لسان العرب ١٥ ـ ٣٠٢.

(٣) في المصادر المذكورة آنفا : النبوة ما ارتفع عن الأرض ، وفي لسان العرب : الارتفاع.

(٤) القاموس ١ ـ ١٩٩ ، وانظر : تاج العروس ٢ ـ ٧٣ ، لسان العرب ٢ ـ ٣٢١.

(٥) لم نجد فيما بأيدينا من كتب اللغة معنى مناسبا لما ذكره قدس‌سره ، نعم جاء في القاموس ٢ ٢٢٧ ـ ٢٢٨ في مادة الطيس ما تعرض له المصنف طاب ثراه ، فراجع.

وأما معنى الطلس فقد ذكر في تاج العروس في مادة الطلس : الصحيفة أو الممحوة والوسخ من الثياب ، وجلد فخذ البعير إذا تساقط شعره ، والذئب الأمعط ، والطلس : الطيلسان الأسود.

(٦) القاموس ٣ ـ ٢٢٨ ، وقارن بتاج العروس ٦ ـ ٣٣٤.

(٧) انظر : القاموس ١ ـ ٣٤٧ ، لسان العرب ٣ ـ ٤٣١ ، تاج العروس ٢ ـ ٥٤٣.

(٨) كما في القاموس ٢ ـ ٢٠١ ، تاج العروس ٤ ـ ١٠٩ ، وغيرهما.

٦٤

وبدا القوم : خرجوا إلى البادية (١).

والقوداء : الطويل الظهر (٢) ، وفي بعض النسخ بالعين المهملة أي : المسنة (٣).

وقد مر تفسير النافش.

والتأليب : التحريض (٤).

ولم نبالغ في تفسير هذا الحديث وشرحه ، لعدم اعتمادنا عليه لما فيه مما يخالف السير وسائر الأخبار.

٢٠ ـ ختص (٥) : محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم (٦) بن مسكين ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام لقي أبا بكر (٧) فقال له : أما أمرك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تطيع لي (٨)؟

قال (٩) : لا ، ولو أمرني لفعلت.

__________________

(١) جاء في القاموس ٤ ـ ٣٠٢ ، ولسان العرب ١٤ ـ ٦٧ ، وتاج العروس ١٠ ـ ٣٢.

(٢) ذكره في لسان العرب ٣ ـ ٣٧٠ بنصه ، وقاله أيضا في تاج العروس ٢ ـ ٤٧٨.

(٣) قال في لسان العرب : ٣ ـ ٣٢١ : العود : الجمل المسن ، والأنثى عودة ، ومثله في تاج العروس ٢ ـ ٤٣٦ ، والصحاح ٢ ـ ٥١٤ ، والقاموس : ١ ـ ٣١٨.

(٤) نص عليه في : لسان العرب : ١ ـ ٢١٦ ، والصحاح ١ ـ ٨٨.

(٥) الاختصاص : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

ومثله بنفس السند والمتن في بصائر الدرجات : ٢٩٦ ـ ٢٩٧ حديث ٩.

وأيضا في بصائر الدرجات : ٣٠١ ـ ٣٠٢ حديث ١٧ ، لكن في سنده : عن بكر ، بدلا من : عن الحكم بن مسكين ، فليلاحظ.

(٦) في البصائر : حدثني محمد بن الحسين ، عن الحكم.

(٧) في المصدر : أتى أبا بكر.

(٨) في المصدر : أن تطيعني.

(٩) في المصدر والبصائر : فقال.

٦٥

فقال : سبحان الله! أما أمرك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تطيع لي؟

فقال : لا ، ولو أمرني لفعلت.

قال : فامض بنا (١) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانطلق به إلى مسجد قبا ، فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي ، فلما انصرف قال له علي عليه‌السلام : يا رسول الله! إني قلت لأبي بكر : أما أمرك رسول الله (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تطيعني ، فقال : لا.

فقال رسول الله (٣) : قد أمرتك فأطعه.

قال : فخرج ولقي (٤) عمر ، وهو ذعر ، فقام عمر وقال له : ما لك (٥)؟

فقال له : قال رسول الله (٦) كذا ... وكذا.

فقال عمر : تبا لأمة (٧) ولوك أمرهم أما تعرف سحر بني هاشم (٨).

__________________

(١) لا يوجد في البصائر من : فقال سبحان الله ... ، إلى هنا ، والموجود : قال : فانطلق بنا ...

(٢) في البصائر : أمرك الله ورسوله.

(٣) في البصائر : أن يطيعني فقال رسول الله.

(٤) في البصائر : فلقي.

(٥) في البصائر : فقال له ، بدلا من : فقام عمر وقال له ما لك.

(٦) في البصائر : فقال لي رسول الله.

(٧) في البصائر : فقال تبا لأمته ، وفي الاختصاص : فقال له عمر تبا لأمة.

(٨) استدراكا لهذا الباب نشير إلى مصادر بعض الأحاديث التي لم ترد فيه :

بصائر الدرجات : ٢٩٧ حديث ١١ ، إثبات الوصية : ١٢٤ من دون تصريح باسم أبي بكر وعمر ، خصائص الأئمة : ٥٩ من دون تصريح باسميهما أيضا ، الاحتجاج : ٨٣ ـ ٨٤ ، الكافي ١ ـ ٤٤٨ حديث ١٣ ، وغيرها.

٦٦

٦ ـ باب

منازعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه

العباس في الميراث

١ ـ ج (١) : عن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن أبي رافع قال : قال (٢) ، إني لعند أبي بكر إذ اطلع علي والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي (ص).

فقال أبو بكر : يكفيكم القصير الطويل ، يعني بالقصير : عليا ، وبالطويل : العباس.

فقال العباس : أنا عم النبي ووارثه ، وقد حال علي بيني وبين تركته.

قال أبو بكر : فأين كنت يا عباس حين جمع النبي بني عبد المطلب وأنت أحدهم ، فقال : أيكم يوازرني ويكون وصيي وخليفتي في أهلي ، ينجز عدتي ، ويقضي ديني ، فأحجمتم عنها إلا عليا (٣) ، فقال النبي (ص) : أنت كذلك.

__________________

(١) الاحتجاج ١ ـ ٨٨. [ طبعة النجف : ١ ـ ١١٦ ـ ١١٧ ] ومثله عن أبي رافع أيضا في مناقب ابن شهرآشوب ٣ ـ ٤٩ باختلاف كثير ، وقد نقله عن العقد الفريد : ٢ ـ ٤١٢ ، فلاحظ.

(٢) لا يوجد : قال ، في المصدر.

(٣) في المصدر : علي.

٦٧

قال (١) العباس : فما أقعدك مجلسك (٢) هذا؟ تقدمته وتأمرت عليه.

قال أبو بكر : أعذرونا (٣) بني عبد المطلب (٤).

توضيح وتفضيح : لعله كان أغدرونا بني عبد المطلب ـ بتقديم المعجمة على المهملة ـ أي : أتنازعون وترفعون إلي للغدر (٥) ، وليس غرضكم التنازع (٦).

وظاهر أن منازعتهما كان لذلك ، ولم يكن عباس ينازع أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما أعطاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحضره ومحضر غيره.

__________________

(١) في المصدر : فقال.

(٢) في المصدر : في مجلسك.

(٣) في المناقب : أغدرا ، وفي المصدر : أعذروني يا بني.

(٤) هذه الرواية من الروايات المستفيضة عند العامة والخاصة ، نص عليها الأعلام ، انظر :

تاريخ الطبري ٢ ـ ٢١٧ ، تفسير الطبري ١٩ ـ ٧٤ ، الكامل لابن الأثير ٢ ـ ٢٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ ـ ٢٥٤.

وعد لها العلامة الأميني في الغدير ٢ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٤ جملة من المصادر ، وانظر الغدير أيضا ١ ٢٠٦ ـ ٢٠٧ ، و ٧ ـ ١٩٤.

أقول : جاءت في كتب العامة في الحديث والسير منازعة أمير المؤمنين عليه‌السلام وعمه العباس لو صحت ـ.

انظر : صحيح البخاري ١٢ ـ ٤ ـ ٥ كتاب الفرائض باب قول النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم :لا نورث ما تركناه صدقة ، وكتاب الجهاد باب المحن .. وأبوابا أخر ، وصحيح مسلم كتاب الجهاد حديث ١٧٥٧ باب حكم الفيء ، وسنن الترمذي كتاب السير حديث ١٦١٠ باب ما جاء في تركة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، وسنن أبي داود برقم ٢٦٩٣ و ٢٩٦٤ و ٢٩٦٥ و ٢٩٦٧ بأسانيد صحيحة عندهم ، وسنن النسائي ٧ ـ ١٣٦ ـ ١٣٧ قسم الفيء ، ومختصر المنذري حديث ٢٨٤٣ ـ ٢٨٤٧ ، وأوردها ابن الأثير في جامع الأصول ٢ ـ ٦٩٧ ـ ٧٠٤ حديث ١٢٠٢ وستأتي له مصادر أخر قريبا.

(٥) وفي (س) : العدر والظاهر سقوط النقطة عن العين ، وهو المناسب ، فالكلمة : للعذر ، أو للغدر ، فلاحظ.

قال في القاموس ٢ ـ ٨٧ : ضرب زيد فأعذر : أشرف به على الهلاك.

(٦) الظاهر : أن مراد أبي بكر : أنكم يا بني عبد المطلب أشرفتمونا على الهلاك بمنازعتكم على نحو التهديد والتحكم.

٦٨

ويؤيده (١) : ما روي أن يحيى بن خالد البرمكي سأل هشام بن الحكم بمحضر من الرشيد.

فقال : أخبرني يا هشام ، هل يكون الحق في جهتين مختلفتين؟

قال هشام : الظاهر لا.

قال : فأخبرني عن رجلين اختصما في حكم في الدين ، وتنازعا واختلفا ، هل يخلو من أن يكونا محقين ، أو مبطلين ، أو أن يكون أحدهما محقا والآخر مبطلا؟

فقال هشام : لا يخلو من ذلك.

قال له يحيى بن خالد : فأخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث ، أيهما كان المحق ومن المبطل؟ إذ كنت لا تقول أنهما كانا محقين ولا مبطلين!.

قال هشام : فنظرت فإذا إنني إن قلت إن عليا عليه‌السلام كان مبطلا كفرت وخرجت من مذهبي ، وإن قلت إن العباس كان مبطلا ضرب الرشيد عنقي ، ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت ، ولا أعددت لها جوابا ، فذكرت قول أبي عبد الله عليه‌السلام : يا هشام ، لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ، فعلمت أني لا أخذل ، وعن لي الجواب في الحال.

فقلت له : لم يكن لأحدهما خطأ حقيقة ، وكانا جميعا محقين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود عليه‌السلام ، يقول الله عز وجل : ( وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) (٢) إلى قوله : ( خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى

__________________

(١) ذكرت القصة في أكثر من مصدر ، منه : ما جاء في العقد الفريد ٢ ـ ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، باختصار ، ولم يصرح باسمي يحيى بن خالد البرمكي والرشيد. ومنه ما ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه ٣ ٤٩ ، إلا أنه لم يصرح باسم يحيى بن خالد البرمكي ، وغيرهما.

(٢) سورة ص : ٢١.

٦٩

بَعْضٍ ) (١) ، فأي الملكين كان مخطئا وأيهما كان مصيبا؟ أم تقول : إنهما كانا مخطئين ، فجوابك في ذلك جوابي.

فقال يحيى : لست أقول : إن الملكين أخطئا ، بل أقول : إنهما أصابا ، وذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة ولم يختلفا في الحكم ، وإنما أظهرا ذلك لينبها داود عليه‌السلام في الخطيئة ويعرفاه الحكم ويوقفاه عليه.

قال هشام : قلت له : كذلك علي عليه‌السلام والعباس ، لم يختلفا في الحكم ولم يختصما في الحقيقة ، وإنما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على خطئه ، ويدلاه على أن لهما في الميراث حقا ، ولم يكونا في ريب من أمرهما ، وإنما كان ذلك منهما على حد ما كان من الملكين.

فاستحسن الرشيد ذلك الجواب.

ثم اعلم أن بعض الأصحاب (٢) ذكر أن أبا بكر ناقض روايته التي رواها في الميراث ، حيث دفع سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبغلته وعمامته وغير ذلك إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) ، وقد نازعه العباس فيها ، فحكم بها لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

إما لأن ابن العم إذا كان أبوه عم الميت من الأب والأم أولى من العم الذي كان عم الميت من جانب الأب فقط (٤) ، لأن المتقرب إلى الميت بسببين أولى من المتقرب إليه بسبب واحد.

وإما لعدم توريث العم مع البنت ، كما هو مذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

__________________

(١) سورة ص : ٢٢.

(٢) كما ذكره شيخ الطائفة في تلخيص الشافي ٣ ـ ١٤٧ ـ ١٤٨.

(٣) كما في البداية والنهاية لابن الأثير ٦ ـ ٩ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٧ ، ومناقب ابن شهرآشوب ١ ـ ١٢٩ [ طبعة إيران ] ، والاحتجاج للطبرسي وغيرهم.

(٤) انظر روايات الباب في وسائل الشيعة ١٧ ـ ٥٠٨.

٧٠

وقد تنازعا عند عمر بن الخطاب فيما أفاء الله تعالى على رسوله وفي سهمه من خيبر وغيره ، فدفعها إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أو دفعها إليهما وقال : اقتصلا (١) أنتما فيما بينكما ، فأنتما أعرف بشأنكما (٢).

ثم إن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، ، وقد كان عثمان في زعمهم أحد الشهود على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا نورث ، ما تركناه صدقة (٤). كما سبق.

وحكى قاضي القضاة ، عن أبي علي أنه قال : لم يثبت أن أبا بكر دفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام على جهة الإرث.

قال : وكيف يجوز ذلك مع الخبر الذي رواه؟ وكيف يجوز لو كان وارثا (٥) أن يخصه بذلك ، ولا إرث له مع العم لأنه عصبة ، فإن (٦) كان وصل إلى فاطمة عليها‌السلام فقد كان ينبغي أن يكون العباس شريكا في ذلك وأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولوجب أن يكون ذلك ظاهرا مشهودا (٧) ، ليعرف أنهم أخذوا

__________________

(١) قال في القاموس ٤ ـ ٣٧ : قصله يقصله : قطعه ، كاقتصله.

(٢) كما جاء في صحيح مسلم ٣ ـ ١٣٧٧ ـ ١٣٧٩ حديث ٤٩ و ٥٠ ، وسنن النسائي ٧ ـ ١٣٦ ١٣٧ ، وسنن أبي داود ٣ ـ ١٣٩ ـ ١٤٠ حديث ٢٩٦٣ ، وأيضا سنن أبي داود ٣ ـ ١٤٢ ١٤٣ ضمن حديث ٢٩٧٠ ، وصحيح البخاري ٤ ـ ٩٦ ـ ٩٨ ، و ٧ ـ ٨١ ـ ٨٣.

(٣) انظر : صحيح مسلم ٣ ـ ١٣٧٩ حديث ٥١ ، وسنن أبي داود ٣ ـ ١٤٤ ـ ١٤٥ حديث ٢٩٧٦ و ٢٩٧٧.

(٤) يمكن استنتاج ذلك من سياق مراجعة : مسند أحمد ١ ـ ٦٠ ، صحيح مسلم ٣ ١٣٧٧ و ١٣٧٩ حديث ٤٩ و ٥١ ، سنن أبي داود ٣ ـ ١٣٩ ـ ١٤٠ حديث ٢٩٦٣ ، صحيح البخاري ٤ ـ ٩٧ و ٧ ـ ٨٢ ، وانظر : الغدير ٦ ـ ١٩٠ عن عدة مصادر.

(٥) في المصدر : إرثا.

(٦) في المصدر : بالعصبة ، وإن.

(٧) في المصدر : مشهورا.

٧١

نصيبهم من غير ذلك أو بدله ، ولا يجب إذا لم يدفع إليه أبو بكر على جهة الإرث أن لا (١) يحصل في يده ، لأنه قد يجوز أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحله (٢) ويجوز أيضا أن يكون أبو بكر (٣) رأى الصلاح في ذلك أن يكون في يده (٤) ، لما فيه من تقوية الدين ، وتصدق ببدله (٥) بعد التقويم ، لأن للإمام أن يفعل ذلك (٦).

قال : وأما البردة والقضيب فلا يمتنع أن يكون جعله عدة (٧) في سبيل الله وتقوية على المشركين ، فتداولته الأئمة (٨) ، لما فيه من التقوية ، ورأى أن ذلك أولى من أن يتصدق به إن ثبت أنه عليه‌السلام لم يكن قد نحله غيره في حياته (٩).

ثم أجاب قاضي القضاة من طلب الأزواج الميراث وتنازع أمير المؤمنين عليه‌السلام والعباس بعد موت فاطمة : بأنه يجوز أن يكونوا لم يعرفوا رواية أبي بكر وغيره للخبر.

قال : وقد روي أن عائشة لما عرفتهن الخبر أمسكن ، وقد بينا أنه لا يمتنع في مثل ذلك أن يخفى على من يستحق الإرث ويعرفه من يتقلد الأمر ، كما يعرف العلماء والحكام من أحكام المواريث ما لا يعرفه أرباب الإرث (١٠).

__________________

(١) في المصدر : ألا.

(٢) في المصدر : نحله إياه.

(٣) في المصدر : أبا بكر.

(٤) في المصدر : في أن يكون ذلك بيده.

(٥) في المصدر : ببذله.

(٦) ثم قال في المصدر : وكل ذلك يبطل ما تعلقوا به.

(٧) في المصدر : عنده.

(٨) في المصدر : الأمة.

(٩) المغني ٢٠ ـ ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، القسم الأول ، بتصرف يسير.

(١٠) جاء في المصدر : من يتقلد الأمر ، كما يعرف العلماء والحكماء من أنه لا يمتنع في مثل ذلك أن تخفى أحكام المواريث ما لا يعلمه أرباب الإرث.

المغني ٢٠ ـ ٢٣٢ ، القسم الأول ، بتصرف يسير.

٧٢

وقال السيد الأجل المرتضى رضي‌الله‌عنه : أما قول أبو علي (١) : وكيف يجوز ذلك مع الخبر الذي رواه .. إلى آخره.

فما نراه زاد على التعجب ، ومما عجب (٢) منه عجبنا! ، ولم نثبت (٣) عصمة أبي بكر فتنفى (٤) عن أفعاله التناقض.

وقوله : ويجوز أن يكون رأى الصلاح في أن يكون ذلك (٥) في يده ، لما فيه من تقوية الدين ، أو أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحله (٦).

فكل ما ذكره جائز ، إلا أنه قد كان يجب أن يظهر أسباب النحلة والشهادة بها والحجة عليها ، ولم يظهر شيء من ذلك (٧) فنعرفه.

ومن العجائب أن تدعي فاطمة عليها‌السلام فدك نحلة وتستشهد على قولها أمير المؤمنين عليه‌السلام وغيره ، فلا يصغى إليها وإلى قولها ، ويترك السيف والبغلة والعمامة في يد أمير المؤمنين عليه‌السلام على سبيل النحلة بغير بينة ظهرت ولا شهادة قامت ، على أنه كان يجب على أبي بكر أن يبين ذلك ويذكر وجهه بعينه أي شيء كان لما نازع العباس فيه ، فلا وقت لذكر الوجه في ذلك أولى من هذا الوقت.

والقول في البردة والقضيب إن كان نحلة أو على الوجه الآخر يجري مجرى

__________________

(١) كذا ، والظاهر : قول أبي علي ، إلا أن يكون على سبيل الحكاية.

(٢) في (س) : بأعجب.

(٣) في ( ك‍ ) : لم تثبت ، وفي المصدر : لم يثبت.

(٤) في المصدر : فننفي. وفي ( ك‍ ) : فينفى.

(٥) قوله : رأى الصلاح في أن يكون ذلك ، لا توجد في المصدر ، وحكاه هناك عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ١٦ ـ ٢٦١.

(٦) في المصدر : وتصدق ببدله ، بدل : أو أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحله.

(٧) في المصدر : من ذلك شيء.

٧٣

ما ذكرناه : في وجوب (١) الظهور والاستشهاد ، ولسنا نرى أصحابنا (٢) يطالبون نفوسهم في هذا الموضع بما يطالبونا بمثله إذا ادعينا وجوها وأسبابا وعللا مجوزة ، لأنهم لا يقنعون منا بما يجوز ويمكن ، بل يوجبون فيما ندعيه الظهور والاشتهار (٣) وإذا كان ذلك عليهم نسوه أو تناسوه.

فأما قوله : ـ إن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما طلبن الميراث لأنهن لم يعرفن رواية أبي بكر للخبر ، وكذلك إنما نازع العباس أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد موت فاطمة عليها‌السلام في الميراث لهذا الوجه ـ فمن أقبح ما يقال في هذا الباب وأبعده من الصواب.

وكيف لا يعرف أمير المؤمنين عليه‌السلام رواية أبي بكر وبها دفعت زوجته عن الميراث؟!

وهل مثل ذلك المقام الذي قامته (٤) وما رواه أبو بكر في دفعها يخفى على من هو في أقاصي البلاد ، فضلا عمن هو في المدينة شاهدا حاضرا يعتني (٥) بالأخبار ويراعيها؟! إن هذا [ لخروج ] (٦) في المكابرة عن الحد.

وكيف يخفى على الأزواج ذلك حتى يطلبنه مرة بعد أخرى ، ويكون عثمان المترسل لهن ، والمطالب عنهن؟ وعثمان ـ على زعمهم ـ أحد من شهد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يورث ، وقد سمعن ـ على كل حال ـ أن بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تورث ماله ، ولا بد أن يكن قد سألن عن السبب في دفعها ، فذكر

__________________

(١) في المصدر : من وجوب.

(٢) أي : المعتزلة ، وكلامه قدس‌سره هنا من قبيل « قال له صاحبه وهو يحاوره » وإن كانت العادة أن يقصد من كلمة : أصحابنا ، أصحاب القائل في المذهب والاعتقاد ، فتفطن.

(٣) في المصدر : والاستشهاد.

(٤) في ( ك‍ ) : قامته فاطمة عليها‌السلام.

(٥) في المصدر : حاضر شاهد يعني.

(٦) في النسخة : الخروج ، والمثبت من المصدر.

٧٤

لهن الخبر ، فكيف يقال : [ إنهن ] (١) لن يعرفنه؟

والإكثار في هذا الموضع يوهم أنه موضع شبهة ، وليس كذلك (٢) ، انتهى كلامه ، رفع مقامه.

__________________

(١) في النسخة : إنهم ، والمثبت من المصدر.

(٢) الشافي ٤ ـ ٨٢ ـ ٨٤.

٧٥
٧٦

٧ ـ باب

نوادر الاحتجاج على أبي بكر

١ ـ ج (١) : روى رافع بن أبي رافع الطائي ، عن أبي بكر ـ وقد صحبه في سفر ـ قال : قلت له : يا أبا بكر! علمني شيئا ينفعني الله به.

قال : كنت (٢) فاعلا ولو لم تسألني : لا تشرك بالله شيئا ، وأقم الصلاة ، وآت الزكاة ، وصم شهر رمضان ، وحج البيت ، واعتمر ، ولا تتأمرن (٣) على اثنين من المسلمين.

قال : قلت له : أما ما أمرتني به من الإيمان والصلاة والحج والعمرة والزكاة (٤) فأنا أفعله ، وأما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى والعز والمنزلة عند رسول الله إلا بها.

قال : إنك استنصحتني فأجهدت نفسي لك.

__________________

(١) الاحتجاج : ٨٩ [ طبعة النجف : ١ ـ ١١٧ ].

والقصة بأكملها مروية في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ ـ ٤١ ـ ٤٢ بإسناد يصل إلى رافع بن أبي رافع الطائي.

(٢) في المصدر : قد كنت.

(٣) في المصدر : ولا تأمرن.

(٤) في المصدر : الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة.

٧٧

فلما توفي رسول الله واستخلف [ أبو ] (١) بكر جئته وقلت له : يا أبا بكر! ألم تنهني أن أتأمر على اثنين؟

قال : بلى.

قلت : فما لك (٢) تأمرت على أمة محمد؟

قال : اختلف الناس ، وخفت عليهم الضلالة ، ودعوني فلم أجد من ذلك بدا!.

__________________

(١) في النسخة : أبا ، والمثبت من المصدر.

(٢) في المصدر : فما بالك.

٧٨

٨ ـ باب

احتجاج سلمان وأبي بن كعب وغيرهما على القوم

١ ـ ج (١) : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : خطب الناس سلمان الفارسي رحمة الله عليه ـ بعد أن دفن النبي عليه وآله السلام بثلاثة أيام ـ فقال فيها : .. ألا أيها الناس اسمعوا عني حديثي ثم اعقلوه عني ، ألا إني (٢) أوتيت علما كثيرا ، فلو حدثتكم بكل ما أعلم من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام [ لقالت ] (٣) طائفة منكم : هو مجنون ، [ وقالت ] (٤) طائفة أخرى : اللهم اغفر لقاتل سلمان.

ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا ، ألا وإن عند علي بن أبي طالب عليه‌السلام المنايا (٥) والبلايا ، وميراث الوصايا ، وفصل الخطاب ، وأصل الأنساب على منهاج هارون بن عمران من موسى عليهما‌السلام ، إذ يقول له رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) الاحتجاج : ١١٠ ـ ١١٢ [ طبعة النجف ١ ـ ١٤٩ ـ ١٥٢ ].

(٢) في المصدر : وإني.

(٣) في مطبوع البحار : لقال ، والمثبت من المصدر.

(٤) في مطبوع البحار : وقال ، والمثبت من المصدر.

(٥) في المصدر : ألا وإن عند علي عليه‌السلام علم المنايا.

٧٩

وآله وسلم : أنت وصيي في أهلي (١) وخليفتي في أمتي (٢) وبمنزلة (٣) هارون من موسى (٤).

ولكنكم أخذتم سنة بني إسرائيل ، فأخطأتم الحق ، تعلمون فلا تعملون (٥) ، أما والله ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) على سنة بني إسرائيل (٦) ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة (٧).

أما والذي نفس سلمان بيده لو وليتموها عليا عليه‌السلام لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم (٨) ، ولو دعوتم الطير في جو السماء لأجابتكم ، ولو دعوتم الحيتان من البحار لأتتكم ، ولما عال ولي الله ، ولا طاش لكم سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله.

ولكن أبيتم فوليتموها غيره ، فابشروا بالبلاء (٩) ، واقنطوا من الرخاء ، وقد نابذتكم على سواء ، فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء.

__________________

(١) في المصدر : في أهل بيتي.

(٢) انظر : الغدير ٢ ـ ٢٨٢ و ٢٨٤ ، ٥ ـ ٣٤٥ ، مع اختلاف يسير عن مصادر جمة. وسنرجع له.

(٣) في المصدر : وأنت مني بمنزلة.

(٤) انظر الغدير ١ ـ ١٩٧ و ٢٩٧ ، ٤ ـ ٦٣ و ٦٥ ، ٥ ـ ٢٩٥.

وجاء الحديث بإضافة : إلا أنه لا نبي بعدي ، أو : ولكن لا نبي بعدي في الغدير أيضا ١ ٣٩ و ١٨٩ و ٢٠٨ و ٢١٢ ، ٢ ـ ١٠٨ ، ٣ ـ ٢٠٠ و ٢٠١ ، ٦ ـ ٣٣٣.

(٥) في المصدر : ولكنكم وأخذتم ... فأنتم تعلمون ولا تعملون.

(٦) لا يوجد في المصدر : على سنة بني إسرائيل.

(٧) قال في مجمع الأمثال للميداني ١ ـ ١٩٥ : حذو القذة بالقذة ، أي : مثلا بمثل ، يضرب في التسوية بين الشيئين ، ومثله : حذو النعل بالنعل.

والقذة لعلها من القذ ، وهو القطع ، يعني به قطع الريشة المقذوذة على قدر صاحبها في التسوية ، وهي فعلة بمعنى مفعولة كاللقمة والغرفة ، والتقدير حذيا حذو ، ومن رفع أرادهما حذو القذة.

(٨) في المصدر : أقدامكم.

(٩) في المصدر : بالبلايا.

٨٠