بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عليه وآله بهم وبقتاله عليه‌السلام معهم.

كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١). الظاهر رجوع ضمير الجمع (٢) إلى الخلفاء الثلاثة لا إلى الطوائف ـ كما توهم (٣) ـ إذ الغرض من الخطبة ذكرهم لا الطوائف ، وهو المناسب لما بعد الآية ، لا سيما ضمير الجمع في سمعوها ووعوها (٤). والغرض تشبيههم في الإعراض عن الآخرة والإقبال على الدنيا وزخارفها للأغراض الفاسدة بمن أعرض عن نعيم الآخرة لعدم سماع الآية وشرائط الفوز بثوابها ، والمشار إليها في الآية هي الجنة ، والإشارة للتعظيم .. أي تلك الدار التي بلغك وصفها.

والعلو : هو التكبر (٥) على عباد الله والغلبة عليهم ، والاستكبار عن العبادة.

والفساد : الدعاء إلى عبادة غير الله ، أو أخذ المال وقتل النفس بغير حق ، أو العمل بالمعاصي والظلم على الناس ، والآية لما كانت بعد قصة قارون وقبله قصة فرعون فقيل إن العلو إشارة إلى كفر فرعون ، لقوله تعالى فيه (٦) : ( عَلا فِي الْأَرْضِ ) (٧) والفساد إلى بغي قارون لقوله تعالى : ( وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ ) (٨) ففي كلامه عليه‌السلام يحتمل كون الأول إشارة إلى

__________________

العرب ٧ ـ ٣٧٨ ، وتاج العروس ٥ ـ ٢٠٦.

(١) القصص : ٨٣.

(٢) أي قوله عليه‌السلام : لم يسمعوا ..

(٣) قال ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٢٦٦ : تنبيه لأذهان الطوائف الثلاث المذكورة [ أي الناكثين والقاسطين والمارقين ] ومن عساه يتخيل أن الحق في سلوك مسالكهم .. إلى آخره. ونظيره في شرح ابن أبي الحديد.

(٤) في ( ك‍ ) : ودعوها ، وهو غلط ، لما سيأتي.

(٥) كما نصت عليه كتب اللغة. انظر : مجمع البحرين ١ ـ ٣٠٢ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٣٥ ، وغيرهما.

(٦) لا توجد في (س) : فيه.

(٧) القصص : ٤.

(٨) القصص : ٧٧.

٥٤١

الأولين ، والثاني إلى الثالث ، أو الجميع إليهم جميعا ، أو إلى جميع من ذكر في الخطبة كما قيل.

بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ..

وفي رواية الشيخ (١) : بلى والله لقد سمعوها ولكن راقتهم دنياهم وأعجبهم زبرجها ..

وعى الحديث ـ كرمى ـ : فهمه وحفظه (٢).

وحلي فلان بعيني وفي عيني ـ بالكسر ـ : إذا أعجبك ، وكذلك حلى ـ بالفتح يحلو حلاوة (٣).

وراقني الشيء : أعجبني (٤).

والزبرج : الزينة من وشي (٥) أو جوهر أو نحو ذلك (٦) ، قال الجوهري : ويقال الزبرج (٧) : الذهب (٨) ، وفي النهاية : الزينة والذهب والسحاب (٩).

أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ..

وفي رواية الشيخ (١٠) : لو لا حضور الناصر ولزوم الحجة وما أخذ الله من

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ١ ـ ٣٨٣.

(٢) جاء في لسان العرب ١٥ ـ ٣٩٦ ، والنهاية ٥ ـ ٢٠٧ ، وفيهما : حفظه وفهمه.

(٣) صرح به في الصحاح ٦ ـ ٢٣١٨ ، ولسان العرب ١٤ ـ ١٩٦ ، وغيرهما.

(٤) كما في مجمع البحرين ٥ ـ ١٧٣ ، والصحاح ٤ ـ ١٤٨٦.

(٥) جاء في حاشية ( ك‍ ) : الوشي : نقش الثوب ويكون من كل لون. ( ق ).

انظر : القاموس ٤ ـ ٤٠٠.

(٦) ذكره في القاموس ١ ـ ١٩١ ، والصحاح ١ ـ ٣١٨.

(٧) لا توجد : الزبرج ، في (س).

(٨) الصحاح ١ ـ ٣١٨ ، ومثله في القاموس ١ ـ ١٩١.

(٩) النهاية ٢ ـ ٢٩٢ ، ومثله في القاموس ١ ـ ١٩١.

(١٠) أمالي الشيخ الطوسي ١ ـ ٣٨٣.

٥٤٢

أولياء الأمر ..

الفلق : الشق (١) ، وبرأ ... أي خلق ، وقيل : قلما يستعمل في غير الحيوان (٢) ، والنسمة ـ محركة ـ الإنسان أو النفس والروح (٣).

والظاهر أن المراد بفلق الحبة شقها وإخراج النبات منها.

وقيل : خلقها (٤).

وقيل : هو الشق الذي في الحب (٥).

وحضور الحاضر .. أما وجود من حضر للبيعة فما بعده كالتفسير له ، أو تحقق البيعة ـ على ما قيل ـ ، أو حضوره سبحانه وعلمه ، أو حضور الوقت الذي وقته الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للقيام بالأمر.

وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ..

كلمة ما مصدرية ، والجملة (٦) في محل النصب لكونها مفعولا لأخذ أو موصولة والعائد مقدر ، والجملة بيان لما أخذه الله بتقدير حرف الجر أو بدل منه أو عطف بيان له.

والعلماء : إما الأئمة عليهم‌السلام أو الأعم ، فيدل على وجوب الحكم بين الناس في زمان الغيبة لمن جمع الشرائط.

وفي الإحتجاج (٧) : على أولياء الأمر أن لا يقروا ..

__________________

(١) نص عليه في مجمع البحرين ٥ ـ ٢٢٩ ، وغيره.

(٢) صرح به في مجمع البحرين ١ ـ ٤٨ ، وغيره.

(٣) قال في النهاية ٥ ـ ٤٩ : النسمة : النفس والروح .. النسمة : النفس ـ بالتحريك ـ ، وراجع :الصحاح ٥ ـ ٢٠٤٠ ، والقاموس ٤ ـ ١٨٠ ، والمصباح المنير ٢ ـ ٣١٠.

(٤) نسب هذا القول إلى ابن عباس والضحاك قالا : فالق الحبة .. أي خالقه .. كما حكاه عنهما في شرح النهج لابن ميثم ١ ـ ٢٦٧.

(٥) قال ابن ميثم في شرح النهج ١ ـ ٢٦٧ : وهو الذي عليه جمهور المفسرين.

(٦) أي جملة : أن لا يقاروا على ..

(٧) الاحتجاج ١ ـ ٢٨٨.

٥٤٣

والمقارة ـ على ما ذكره الجوهري ـ : أن تقر مع صاحبك وتسكن (١). وقيل : إقرار كل واحد صاحبه على الأمر وتراضيهما به.

والكظة : ما يعتري الإنسان من الامتلاء من الطعام (٢) ، والسغب بالتحريك ـ الجوع (٣).

لألقيت حبلها على غاربها (٤)و لسقيت آخرها بكأس أولها ..

الضمائر راجعة إلى الخلافة ، والغارب : ما بين السنام والعنق (٥) أو مقدم السنام (٦) ، وإلقاء الحبل ترشيح (٧) لتشبيه الخلافة بالناقة التي يتركها راعيها لترعى حيث تشاء ولا يبالي من يأخذها وما يصيبها ، وذكر الحبل تخييل (٨). والكأس إناء فيه شراب أو مطلقا (٩).

وسقيها بكأس أولها تركها والإعراض عنها لعدم الناصر.

وقال بعض الشارحين : التعبير بالكأس لوقوع الناس بذلك الترك في حيرة تشبه السكر (١٠).

__________________

(١) الصحاح ٢ ـ ٧٩٠ ، ومثله في لسان العرب ٥ ـ ٨٥.

(٢) كما جاء في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٩٠ ، والصحاح ٣ ـ ١١٧٨ ، وغيرهما.

(٣) نص عليه في مجمع البحرين ٢ ـ ٨٣ ، والصحاح ١ ـ ١٤٧.

(٤) هذا مثل ، قال في مجمع الأمثال ١ ـ ١٩٦ : حبلك على غاربك .. الغارب : أعلى السنام ، وهذا كناية عن الطلاق .. أي اذهبي حيث شئت ، وأصله أن الناقة إذا رعت وعليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأت الخطام لم يهنئها شيء. ونحوه في فوائد اللئال ١ ـ ١٦٢ ، والمستقصى للزمخشري ٢ ـ ٥٦.

(٥) كما ذكره في مجمع البحرين ٢ ـ ١٣١ ، والقاموس ١ ـ ١١١.

(٦) صرح به في النهاية ٣ ـ ٣٥٠.

(٧) لأنه عليه‌السلام استعار الناقة للخلافة ثم فرع عليها ما يلائم الناقة من الغارب.

(٨) أي تخييل أن الخلافة من جنس الناقة بذكر الحبل الذي كان يخص الناقة.

(٩) كما في مجمع البحرين ٤ ـ ٩٩ ، والنهاية ٤ ـ ١٣٧ ، والقاموس ٢ ـ ٢٤٤.

(١٠) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ١ ـ ٢٦٨ ، بتصرف.

٥٤٤

ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي (١) عن عفطة عنز ..

وفي الإحتجاج (٢) : ولألفوا دنياكم أهون عندي ..

قوله عليه‌السلام : ألفيتم .. أي وجدتم (٣) ، وإضافة الدنيا إلى المخاطبين لتمكنها في ضمائرهم ورغبتهم فيها (٤) ، والإشارة للتحقير.

والزهد : خلاف الرغبة ، والزهيد : القليل (٥) ، وصيغة التفضيل على الأول على خلاف القياس كأشهر وأشغل.

والعنز ـ بالفتح ـ أنثى المعز (٦) ، وعفطتها : ما يخرج ما أنفها عند النثرة ، وهي منها شبه العطسة (٧) ، كذا قال بعض الشارحين (٨) ، وأورد عليه أن المعروف في العنز النفطة ـ بالنون ـ وفي النعجة : العفطة ـ بالعين ـ صرح به الجوهري (٩) والخليل في العين (١٠). وقال بعض الشارحين : العفطة من الشاة كالعطاس من الإنسان ، وهو غير معروف ، وقال ابن الأثير : أي ضرطة عنز (١١).

__________________

(١) لا توجد في (س) : عندي. وفي النهج : عندي من .. وهو الأنسب.

(٢) الاحتجاج ١ ـ ٢٨٨ ، وفيه : ولألفيتم دنياكم عندي أهون من عفطة عنز .. وفي الإرشاد للشيخ المفيد ١٥٣ : ولألفوا دنياهم أزهد عندي .. ونظيره في الأمالي للشيخ الطوسي ١ ـ ٣٨٣.

(٣) كما في مجمع البحرين ١ ـ ٣٧٧ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٨٤.

(٤) لا توجد في (س) : فيها.

(٥) جاء في مجمع البحرين ٣ ـ ٥٩ ، والصحاح ٢ ـ ٤٨١ ، وغيرهما.

(٦) قاله في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٧ ، والصحاح ٣ ـ ٨٨٧ ، وغيرهما.

(٧) قال في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٦١ : العفطة : عطسة عنز. وقال في لسان العرب ٧ ـ ٣٥٢ : قال الأصمعي : العافطة : الضائنة ، والنافطة : الماعزة ، وقال غير الأصمعي من الأعراب : العافطة :الماعزة إذا عطست .. وقيل : العفط والعفيط : عطاس المعز.

(٨) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١ ـ ٢٠٣ : وعفطة عنز : ما تنثره من أنفها .. وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة ، فأما العنز فالمستعمل الأشهر فيها : النفطة ... فإن صح أنه لا يقال في العطسة عفطة إلا للنعجة ، قلنا : إنه استعمله في العنز مجازا.

(٩) في صحاحه ٣ ـ ١١٤٣ و ١١٦٥.

(١٠) كتاب العين ٢ ـ ١٨.

(١١) النهاية ٣ ـ ٢٦٤ ، ونظيره في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٦١. أقول : إنهما ذكرا ذلك المعنى بعد ذكر جملة

٥٤٥

قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا (١) ، فأقبل ينظر فيه ، فلما فرغ من قراءته ، قال له ابن عباس رحمة الله

__________________

من هذه الخطبة الشريفة .. أعني قوله عليه‌السلام : ولكانت دنياكم هذه أهون علي من عفطة عنز ..

(١) قال ابن ميثم في شرحه على النهج ١ ـ ٢٦٩ ـ ٢٧٠ : قال أبو الحسن الكيدري ـ رحمه‌الله ـ وجدت في الكتب القديمة أن الكتاب الذي دفعه الرجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام كان فيه عدة مسائل :

أحدها : ما الحيوان الذي خرج من بطن حيوان آخر وليس بينهما نسب؟.

فأجاب عليه‌السلام : أنه يونس بن متى عليه‌السلام خرج من بطن الحوت.

الثانية : ما الشيء الذي قليله مباح وكثيره حرام؟.

فقال عليه‌السلام : هو نهر طالوت ، لقوله تعالى : « إلا من اغترف غرفة بيده ».

الثالثة : ما العبادة الذي [ كذا ] لو فعلها واحد استحق العقوبة وإن لم يفعلها استحق أيضا العقوبة؟.

فأجاب ب : أنها صلاة السكارى.

الرابعة : ما الطائر الذي لا فرخ له ولا فرع ولا أصل؟.

فقال : هو طائر عيسى عليه‌السلام في قوله : « وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني ».

الخامسة : رجل عليه من الدين ألف درهم وله في كيسه ألف درهم فضمنه ضامن بألف درهم ، فحال عليه الحول فالزكاة على أي المالين تجب؟.

فقال : إن ضمن الضامن بإجازة من عليه الدين فلا يكون عليه ، وإن ضمنه من غير إذنه فالزكاة مفروضة في ماله.

السادسة : حج جماعة ونزلوا في دار من دور مكة وأغلق واحد منهم باب الدار وفيها حمام فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدار فالجزاء على أيهم يجب؟.

فقال عليه‌السلام : على الذي أغلق الباب ولم يخرجهن ولم يضع لهن ماء.

السابعة : شهد شهداء أربعة على محضر بالزنا فأمرهم الإمام برجمه فرجمه واحد منهم دون الثلاثة الباقين ، ووافقهم قوم أجانب في الرجم فرجع من رجمه عن شهادته والمرجوم لم يمت ، ثم مات فرجع الآخرون عن شهادتهم عليه بعد موته ، فعلى من يجب ديته؟.

فقال : يجب على من رجمه من الشهود ومن وافقه.

الثامنة : شهد شاهدان من اليهود على يهودي أنه أسلم فهل تقبل شهادتهما أم لا؟.

فقال : لا تقبل شهادتهما لأنهما يجوزان تغيير كلام الله وشهادة الزور.

التاسعة : شهد شاهدان من النصارى على نصراني أو مجوسي أو يهودي أنه أسلم؟.

٥٤٦

عليه : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام! لو اطردت (١) مقالتك من حيث أفضيت. فقال له (٢) : هيهات يا ابن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

أهل السواد : ساكنو القرى (٣) ، وتسمى القرى سوادا لخضرتها بالزرع والأشجار ، والعرب تسمي الأخضر : أسود.

وناوله : أعطاه (٤).

ويحتمل أن يكون اطردت ـ على صيغة الخطاب من باب الإفعال ـ ونصب المقالة على المفعولية أو على صيغة المؤنث الغائب من باب الافتعال ، ورفع المقالة على الفاعلية ، والجزاء محذوف .. أي كان حسنا ، وكلمة لو للتمني ، وقد مر (٥)

__________________

فقال : تقبل شهادتهما لقول الله سبحانه : « ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى » ... الآية ، ومن لا يستكبر عن عبادة الله لا يشهد شهادة الزور.

العاشرة : قطع إنسان يد آخر فحضر أربعة شهود عند الإمام وشهدوا على قطع يده ، وأنه زنا وهو محصن ، فأراد الإمام أن يرجمه فمات قبل الرجم.

فقال : على من قطع يده دية يد حسب ، ولو شهدوا أنه سرق نصابا لم يجب دية يده على قاطعها.

والله أعلم.

(١) قال في الصحاح ٢ ـ ٥٠٢ : واطرد الشيء : تبع بعضه بعضا وجرى. وقال ـ قبل ذلك ـ : وفلان أطرده السلطان .. أي أمره بإخراجه عن بلده.

(٢) لا توجد في (س) : له. وقد وضع عليها رمز نسخة بدل في ( ك‍ ).

(٣) قال الجوهري في الصحاح ٢ ـ ٤٩٢ : سواد الكوفة والبصرة : قراهما ، وقال في القاموس ١ ـ ٣٠٤ :سواد البلدة : قراها. وقال ابن ميثم في شرحه على النهج ١ ـ ٢٦٩ : .. فأراد بأهل السواد سواد العراق.

(٤) كما جاء في الصحاح ٥ ـ ١٨٣٧ ، ومجمع البحرين ٥ ـ ٤٨٨ ، وغيرهما.

(٥) قد مر في صفحه : ٥٠٤ ، قال في النهاية ٢ ـ ٤٨٩ : الشقشقة : الجلدة الحمراء التي يخرجها الجمل العربي من جوفه ينفخ فيها فتظهر من شدقه [ أي من جانب فمه ] ولا تكون إلا للعربي .. ومنه حديث علي [ عليه‌السلام ] في خطبة له : تلك شقشقة هدرت ثم قرت. ومثله في مجمع البحرين ٥ ـ ١٩٥. وقال في الصحاح ٤ ـ ١٥٠٣ : والشقشقة ـ بالكسر ـ : شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج. ومثله في القاموس ٣ ـ ٢٥١ وزاد فيه : والخطبة الشقشقية العلوية لقوله لابن عباس .. إلى آخره.

٥٤٧

تفسير الشقشقة ـ بالكسر ـ.

وهدير الجمل : ترديده الصوت في حنجرته (١) وإسناده إلى الشقشقة تجوز.

وقرت .. أي سكنت (٢). وقيل : في الكلام إشعار بقلة الاعتناء بمثل هذا الكلام إما لعدم التأثير في السامعين كما ينبغي ، أو لقلة الاهتمام بأمر الخلافة من حيث إنها سلطنة ، أو للإشعار بانقضاء مدته عليه‌السلام ، فإنها كانت في قرب شهادته عليه‌السلام ، أو لنوع من التقية أو لغيرها.

قال ابن عباس : فو الله ما أسفت على كلام قط كأسفي على ذلك الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه‌السلام بلغ منه حيث أراد ..

الأسف ـ بالتحريك ـ : أشد الحزن ، والفعل كعلم (٣) ، وقط من الظروف الزمانية بمعنى أبدا (٤).

وحكى ابن أبي الحديد ، عن ابن الخشاب (٥) أنه قال : لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له : وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه لتتأسف (٦)؟! والله ما رجع عن الأولين ولا عن الآخرين (٧).

أقول : إنما أطنبت الكلام في شرح تلك الخطبة الجليلة لكثرة جدواها وقوة الاحتجاج بها على المخالفين ، وشهرتها بين جميع المسلمين ، وإن لم نوف في كل فقرة حق شرحها حذرا من كثرة الإطناب ، وتعويلا على ما بينته في سائر الأبواب.

__________________

(١) كما في مجمع البحرين ٣ ـ ٥١٨ ، والصحاح ٢ ـ ٨٥٣ ، وفيهما : البعير ، بدلا من : الجمل.

(٢) جاء في مجمع البحرين ٣ ـ ٤٥٦ ، والقاموس ٢ ـ ١١٥ ، وغيرهما.

(٣) كما جاء في القاموس ٣ ـ ١١٧ وغيره.

(٤) قال في الصحاح ٣ ـ ١١٥٣ : وقط معناها : الزمان ، يقال ما رأيته قط. وقال في المصباح المنير ٢ ـ ١٩١ : ما فعلت ذلك قط .. أي في الزمان الماضي.

(٥) ابن الخشاب ، وهو أبو محمد عبد الله بن أحمد.

(٦) في المصدر : لم يبلغه في هذه الخطبة للتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد.

(٧) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ـ ٢٠٥ ، وجاء في ذيل كلامه : .. ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..!.

٥٤٨

٦ ـ شف (١) : من كتاب أحمد (٢) بن محمد الطبري المعروف بالخليلي ، عن أحمد (٣) بن محمد بن ثعلبة الخماني [ الحماني ] ، عن مخول (٤) بن إبراهيم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال ابن عباس : كنت أتتبع (٥) غضب أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا ذكر شيئا أو هاجه خبر ، فلما كان ذات يوم كتب إليه بعض شيعته من الشام يذكر في كتابه أن معاوية وعمرو بن العاص وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة ومروان اجتمعوا عند معاوية فذكروا أمير المؤمنين فعابوه وألقوا في أفواه الناس أنه ينتقص أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويذكر كل واحد منهم ما هو أهله ، وذلك لما أمر أصحابه (٦) بالانتظار له بالنخيلة فدخلوا الكوفة فتركوه (٧) ، فغلظ ذلك عليه وجاء هذا الخبر فأتيته (٨) بابه في الليل ، فقلت : يا قنبر! أي شيء خبر أمير المؤمنين؟ قال : هو نائم ، فسمع كلامي.

فقال (ع) : من هذا؟ قال (٩) : ابن عباس يا أمير المؤمنين.

قال : ادخل! فدخلت ، فإذا هو قاعد ناحية عن فراشه في ثوب جالس (١٠)

__________________

(١) كشف اليقين : ١٠٠ ـ ١٠٤ ، باختلاف في الإسناد والمتن نذكرهما.

(٢) في المصدر : فيما نذكره عن أحمد ..

(٣) في كشف اليقين : بالخليلي المقدم ذكره من كتابه المشار إليه من تسمية مولانا علي عليه‌السلام أمير المؤمنين في حياة النبي (ص) وأمره بالتسليم عليه بذلك ، فقال ما هذا لفظه : أخبرنا أحمد بن محمد ابن الطبري المعروف ب : الخليلي قال : أخبرنا أحمد ..

(٤) في المصدر : الحماني ، قال : حدثنا محول .. أي كلا اللفظين بالحاء المهملة.

(٥) في كشف اليقين : أتبع.

(٦) في المصدر : إخوانه ، بدلا من : أصحابه.

(٧) في المصدر ونسخة على ( ك‍ ) : وتركوه.

(٨) في كشف اليقين : فأتيت.

(٩) في المصدر : فقال.

(١٠) في المصدر : جائس ، وهو بمعنى الطالب كما في كتب اللغة مثل مجمع البحرين ٤ ـ ٦٠ ، والصحاح ٣ ـ ٩١٥ ، وغيرهما.

٥٤٩

كهيئة المهموم ، فقلت : ما لك يا أمير المؤمنين الليلة؟.

فقال : ويحك يا ابن عباس! وكيف تنام عينا (١) قلب مشغول ، يا ابن عباس! ملك جوارحك قلبك فإذا أرهبه (٢) أمر طار النوم عنه ، ها أنا ذا (٣) كما ترى مذ أول (٤) الليل اعتراني الفكر و (٥) السهر لما تقدم من نقض عهد أول هذه الأمة المقدر عليها نقض عهدها ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر من أمر من (٦) أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين فكنت أؤكد أن أكون كذلك بعد وفاته.

يا ابن عباس! أنا أولى الناس بالناس بعده ولكن أمور اجتمعت على (٧) رغبة الناس في الدنيا وأمرها ونهيها وصرف قلوب أهلها عني ، وأصل ذلك ما قال الله تعالى في كتابه (٨) : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (٩) ، فلو لم يكن ثواب ولا عقاب لكان بتبليغ (١٠) الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فرض على الناس اتباعه ، والله عز وجل يقول : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١١) ، أتراهم نهوا عني فأطاعوه (١٢)! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وغدا (١٣) بروح أبي القاسم صلى الله

__________________

(١) قوله : تنام عينا .. تنام فعل مبني للفاعل ، وعينا فاعل مضاف ، والقلب مضاف إليه.

(٢) في المصدر : أدهاه ، بدلا من : أرهبه.

(٣) كذا ، ولعله : أنا ذا ـ بألف بعد النون ـ.

(٤) في المصدر : من أول ..

(٥) لا توجد الواو في المصدر.

(٦) في المصدر : أمر أصحابه .. ، والظاهر سقوط كلمة : من ، منه ، ومن ( ك‍ ).

(٧) كلمة : على هنا بمعنى : مع.

(٨) في المصدر : قال الله عز وجل في كتابه.

(٩) النساء : ٥٤.

(١٠) في كشف اليقين : لكان تبليغ.

(١١) الحشر : ٧.

(١٢) في المصدر : فأطاعوا ـ بلا ضمير ـ.

(١٣) قال في مجمع البحرين ١ ـ ٣١٤ : وغدا غدوا ـ من باب قعد ـ : ذهب غدوة ، هذا أصله ، ثم كثر

٥٥٠

عليه وآله إلى الجنة لقد قرنت (١) برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول عز وجل : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢) ، ولقد طال ـ يا ابن عباس ـ فكري وهمي وتجرعي غصة بعد غصة لأمر (٣) أو قوم على معاصي الله وحاجتهم (٤) إلي في حكم الحلال والحرام حتى إذا أتاهم من الدنيا (٥) أظهروا الغنى عني ، كأن لم يسمعوا الله عز وجل يقول : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (٦). ولقد علموا أنهم احتاجوا إلي ولقد غنيت عنهم ( أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ) (٧) فمضى من مضى قال علي بضغن القلوب وأورثها (٨) الحقد علي ، وما ذاك (٩) إلا من أجل طاعته في قتل الأقارب مشركين فامتلوا غيظا واعتراضا ، ولو صبروا في ذات الله (١٠) لكان خيرا لهم (١١) ، قال الله عز وجل : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (١٢) فأبطنوا من ترك الرضا (١٣) بأمر الله ، ما أورثهم النفاق! ،

__________________

حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان.

(١) في ( ك‍ ) نسخة : قربت.

(٢) الأحزاب : ٣٣. ولم يذكر في المصدر ذيل الآية : « ويطهركم تطهيرا ».

(٣) في ( ك‍ ) : لإصر.

(٤) في المصدر : تقديم وتأخير واختلاف ، والعبارة جاءت فيه هكذا : ورود قوم على معاصي الله وتجرعي غصة بعد غصة وحاجتهم ..

(٥) في كشف اليقين : أمن الدنيا.

(٦) النساء : ٨٣. وفي المصدر بعد لفظ : منهم ، توجد كلمة : الآية.

(٧) سورة محمد (ص) : ٢٤.

(٨) في المصدر : وأوريها. أقول : لعلها من وري الزند .. أي خرجت ناره ، والمراد من قوله عليه‌السلام : أنه أوقد نار الحقد علي في القلوب.

(٩) في كشف اليقين : وما ذلك.

(١٠) وضع في مطبوع البحار على : ذات الله ، رمز نسخة بدل.

(١١) لا توجد : لكان خيرا لهم ، في المصدر.

(١٢) المجادلة : ٢٢. وتوجد في المصدر إضافة كلمة الآية بعد : ورسوله.

(١٣) في المصدر : الرضى. أقول : أي جعلوا من ترك الرضى بأمر الله بطانة ، ما أورثهم النفاق؟!.

٥٥١

وألزمهم بقلة الرضا الشقاء (١)! وقال الله عز وجل : ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) (٢) فالآن ـ يا ابن عباس ـ قرنت بابن آكلة الأكباد وعمرو وعتبة والوليد ومروان وأتباعهم (٣) ، فمتى اختلج في صدري وألقي في روعي أن الأمر ينقاد إلى دنيا (٤) يكون هؤلاء فيها رؤساء (٥) يطاعون فهم (٦) في ذكر أولياء الرحمن يثلبونهم (٧) ويرمونهم بعظائم الأمور من أنك [ إفك ] (٨) مختلف (٩) ، وحقد قد سبق وقد علم المستحفظون (١٠) ممن بقي من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن عامة أعدائي ممن أجاب الشيطان (١١) علي وزهد الناس في ، وأطاع هواه فيما يضره (١٢) في آخرته وبالله عز وجل الغنى ، وهو الموفق للرشاد والسداد.

يا ابن عباس! ويل لمن ظلمني ، ودفع حقي ، وأذهب عظيم منزلتي ، أين كانوا أولئك وأنا أصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صغيرا لم يكتب علي صلاة وهم عبدة الأوثان ، وعصاة الرحمن ، وبهم توقد (١٣) النيران؟! فلما قرب إصعار الخدود ، وإتعاس الجدود (١٤) ، أسلموا كرها ، وأبطنوا غير ما أظهروا ، طمعا في ( أَنْ

__________________

(١) في (س) نسخة : الشقاق ، وفي المصدر : الشفاق.

(٢) مريم : ٨٤.

(٣) في المصدر زيادة : وصار معهم في الحديث.

(٤) في كشف اليقين : أن الانقياد إلى ربنا ، بدلا من : أن الأمر .. إلى آخره.

(٥) لا توجد : رؤساء ، في المصدر.

(٦) في المصدر : فيهم.

(٧) في كشف اليقين : يسلبونهم.

(٨) كذا ، والصحيح : إفك.

(٩) خ. ل : مختلق ، كذا في المصدر.

(١٠) في المصدر : من أنك مختلق وعقد قد سبق ولقد علم المحفوظون.

(١١) في كشف اليقين : ومن حارب الشيطان. أقول : الظاهر زيادة الواو وكون الشيطان منصوبا بنزع الخافض .. أي من حارب للشيطان علي.

(١٢) في المصدر : في نصرته.

(١٣) في كشف اليقين : ولهم يوقد.

(١٤) في كشف اليقين : وإصغار الحدود.

٥٥٢

يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ ) (١) وتربصوا انقضاء أمر (٢) الرسول وفناء مدته ، لما أطمعوا أنفسهم في قتله ، ومشورتهم في دار ندوتهم ، قال الله عز وجل : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) (٣) ، وقال (٤) : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) (٥) ( وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )

يا ابن عباس! ندبهم (٦) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في (٧) حياته بوحي من الله يأمرهم بموالاتي ، فحمل القوم ما حملهم مما حقد على أبينا آدم من حسد (٨) اللعين له ، فخرج من روح الله ورضوانه ، وألزم اللعنة لحسده (٩) لولي الله ، وما ذاك بضاري إن شاء الله شيئا.

يا ابن عباس! أراد كل امرئ أن يكون رأسا مطاعا يميل (١٠) إليه الدنيا وإلى أقاربه فحمله هواه ولذة (١١) دنياه واتباع الناس إليه أن يغصب (١٢) ما جعل لي (١٣) ، ولو لا اتقاي (١٤) على الثقل الأصغر أن ينبذ (١٥) فينقطع شجرة العلم وزهرة الدنيا وحبل الله المتين ، وحصنه الأمين ، ولد رسول رب العالمين لكان طلب الموت

__________________

(١) في المصدر : نور الله بأفواههم.

(٢) في المصدر : انقضاء عمر ..

(٣) آل عمران : ٥٤.

(٤) لا توجد : قال ، في المصدر.

(٥) سورة التوبة ، آية : ٣٢.

(٦) في كشف اليقين : هداهم.

(٧) لا توجد : في ، في المصدر.

(٨) في المصدر : جسد ـ بالجيم ـ وهو اشتباه.

(٩) في (س) : لجسده ـ بالجيم ـ وهو أيضا سهو.

(١٠) في المصدر : تميل.

(١١) في كشف اليقين : ولدة. قال في القاموس ١ ـ ٣٤٧ : واللدة : الترب ، وهو الذي ولد معك أو تربى معك.

(١٢) في المصدر : إن نوزعت.

(١٣) في ( ك‍ ) : ولي ، والواو زائدة.

(١٤) في المصدر : اتقائي ، وهو الظاهر.

(١٥) في كشف اليقين : أن يبيد.

٥٥٣

والخروج إلى الله عز وجل ألذ عندي من شربة ظمآن ونوم وسنان ، ولكني صبرت وفي الصدر (١) بلابل (٢) ، وفي النفس وساوس ، ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ) (٣) ، ولقديما ظلم الأنبياء ، وقتل الأولياء قديما في الأمم الماضية والقرون الخالية ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ) (٤) ، وبالله أحلف ـ يا ابن عباس ـ إنه كما فتح بنا يختم بنا ، وما أقول لك إلا حقا.

يا ابن عباس! إن الظلم يتسق (٥) لهذه الأمة ويطول الظلم ، ويظهر الفسق ، وتعلو كلمة الظالمين ، ولقد أخذ الله على أولياء الدين أن لا يقاروا أعداءه (٦) ، بذلك أمر الله في كتابه على لسان الصادق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ( تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٧).

يا ابن عباس! ذهب الأنبياء فلا ترى نبيا ، والأوصياء ورثتهم ، عنهم أخذوا (٨) علم الكتاب ، وتحقيق الأسباب ، قال الله عز وجل : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ) (٩) ، فلا يزال الرسول باقيا ما نفدت [ ما نفذت ] (١٠) أحكامه ، وعمل بسنته ، وداروا حول أمره (١١) ونهيه ، وبالله أحلف ـ يا ابن عباس لقد نبذ الكتاب ، وترك قول الرسول إلا ما لا يطيقون تركه من حلال وحرام ، ولم

__________________

(١) في المصدر : وفي الصدور.

(٢) ذكر في مجمع البحرين ٥ ـ ٣٢٥ أن البلابل بمعنى الهموم والأحزان.

(٣) يوسف : ١٨.

(٤) التوبة : ٢٤.

(٥) الاتساق : الانتظام ، كما نص عليه في الصحاح ٤ ـ ١٥٦٦ وغيره.

(٦) قال في الصحاح ٢ ـ ٧٩٠ : قاره : قر معه وسكن.

(٧) المائدة : ٢. وفي المصدر زيادة : الآية ، بعد كلمة : العدوان.

(٨) لا يوجد لفظ : أخذوا ، في المصدر.

(٩) آل عمران : ١٠١. ولم تذكر الواو في أول الآية ، في المصدر.

(١٠) كذا ، ولعل الأظهر بالذال المعجمة.

(١١) في المصدر : ودار أحوال أمره.

٥٥٤

يصبروا (١) على كل أمر (٢) نبيهم (٣) : ( وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ ) (٤) ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) (٥) ، فبيننا وبينهم المرجع إلى الله : ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٦).

يا ابن عباس! عامل الله في سره وعلانيته (٧) تكن من الفائزين ، ودع من ( اتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) (٨) ، ويحسب معاوية ما عمل وما يعمل به من بعده ، وليمده ابن العاص في غيه ، فكأن عمره قد انقضى ، وكيده قد هوى ، وسيعلم الكافر ( لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ).

وأذن المؤذن فقال : الصلاة! يا ابن عباس لا تفت ، أستغفر الله لي ولك و ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قال ابن عباس : فغمني انقطاع الليل وتلهفت (٩) على ذهابه.

بيان :

ثلبه : تنقصه وصرح بعيبه (١٠).

قوله عليه‌السلام : وبهم توقد النيران ... أي نيران الفتن والحروب. وفي القاموس : صعر خده تصعيرا وصاعره وأصعره : أماله عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر وربما يكون خلقة (١١). وقال : التعس : الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد

__________________

(١) في كشف اليقين : ولم يصبر.

(٢) في (س) : أمر كل. بتقديم وتأخير.

(٣) في المصدر : بينهم ، بدلا من : نبيهم.

(٤) العنكبوت : ٤٣.

(٥) المؤمنون : ١١٥.

(٦) الشعراء : ٢٢٧.

(٧) في المصدر : وعلانية ـ بدون ضمير ـ.

(٨) الكهف : ٢٨. قال في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٦٤ : وأمر فرط : مجاوز فيه الحد.

(٩) لهف يلهف لهفا : حزن وتحسر ، وكذلك التلهف على الشيء ، قاله في صحاح اللغة ٤ ـ ١٤٢٩ ، وغيره.

(١٠) صرح به في الصحاح ١ ـ ٩٤ ، ولسان العرب ١ ـ ٢٤١ ، وغيرهما.

(١١) القاموس ٢ ـ ٦٩ ، وانظر : لسان العرب ٣ ـ ٤٥٦ ، وغيرهما.

٥٥٥

والانحطاط والفعل : كمنع وسمع ، وتعسه الله وأتعسه (١). انتهى.

والجدود ـ جمع الجد بالفتح ـ وهو الحظ والبخت ، أو بالكسر وهو الاجتهاد في الأمور (٢) ، فيمكن أن يكون إصعار الخدود من المسلمين كناية عن غلبتهم ، وإتعاس الجدود للكافرين ، أو كلاهما للكافرين .. أي اجتمع فيهم التكبر والاضطرار ، ويكون المراد بالإصعار (٣) صرف وجوههم عما قصدوه على وجه الإجبار ، والأول أظهر. والوسنان عن غلبة النوم (٤).

قوله عليه‌السلام : فلا يزال الرسول .. يدل على عدم اختصاص الآية بزمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قوله : يحسب معاوية .. أي يكفيه ، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة فتكون زائدة ، قال في النهاية : في قوله صلى الله عليه [ وآله ] : يحسبك أن تصوم في (٥) كل شهر ثلاثة أيام .. أي يكفيك ، ولو روي ( بحسبك أن تصوم ) .. أي كفايتك أو كافيك كقولهم بحسبك قول السوء ، والباء زائدة لكان وجها (٦) انتهى. والأمر في قوله وليمده للتهديد (٧).

٧ ـ شا (٨) : روى العباس بن عبد الله العبدي ، عن عمرو بن شمر ، عن رجاله قال : قالوا : سمعنا أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ما رأيت منذ بعث الله

__________________

(١) القاموس ٢ ـ ٢٠٣ ، وقريب منه في لسان العرب ٦ ـ ٣٢.

(٢) ذكره في مجمع البحرين ٣ ـ ٢١ ، والصحاح ٢ ـ ٤٥٢.

(٣) لا توجد : بالإصعار ، في (س).

(٤) قال في القاموس ٤ ـ ٢٧٥ : الوسن : شدة النوم ، أو أوله ، أو النعاس ، ووسن ـ كفرح ـ فهو وسن ووسنان. وقال في لسان العرب ١٣ ـ ٤٤٩ بعد ذكره ما في القاموس ـ : وسن فلان : إذا أخذته سنة النعاس. ووسن الرجل فهو وسن .. أي غشي عليه من نتن البئر مثل : أسن.

(٥) في المصدر : من ، بدلا من : في.

(٦) النهاية ١ ـ ٣٨١ ، وانظر : لسان العرب ١ ـ ٣١٢.

(٧) يحتمل ـ قويا ـ أن يكون قوله : وليمده .. إخبارا لا إنشاء ، وتكون اللام فيه لام الابتداء والتأكيد ، أي والحال يمده في غيه.

(٨) إرشاد الشيخ المفيد : ١٥١.

٥٥٦

محمدا (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله رخاء ، والحمد لله ، والله لقد خفت صغيرا (٢) وجاهدت كبيرا ، أقاتل المشركين وأعادي المنافقين حتى قبض الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فكانت الطامة (٣) الكبرى فلم أزل حذرا رجلا أخاف (٤) أن يكون ما لا يسعني معه المقام ، فلم أر ـ بحمد الله ـ إلا خيرا ، والله ما زلت أضرب بسيفي صبيا حتى صرت شيخا ، وإنه ليصبرني على ما أنا فيه إن ذلك كله في الله (٥) ، وأنا أرجو أن يكون الروح عاجلا قريبا ، فقد رأيت أسبابه.

قالوا : فما بقي بعد هذه المقالة إلا يسيرا حتى أصيب عليه‌السلام.

٨ ـ شا (٦) : روى عبد الله بن بكير الغنوي ، عن حكيم بن جبير ، قال : حدثنا من شهد عليا بالرحبة يخطب ، فقال فيما قال : : أيها الناس! إنكم قد أبيتم إلا أن أقول! أما ورب السماوات والأرض لقد عهد إلي خليلي أن الأمة ستغدر بك (٧).

٩ ـ شا (٨) : روى نقلة الآثار أن رجلا من بني أسد وقف على أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فقال (٩) : يا أمير المؤمنين (ع)! العجب منكم (١٠) يا بني هاشم ، كيف عدل هذا (١١) الأمر عنكم وأنتم الأعلون نسبا (١٢) ونوطا بالرسول صلى الله عليه

__________________

(١) في المصدر : محمد .. ـ بالرفع ـ وهو سهو.

(٢) في ( ك‍ ) : خفت الله صغيرا.

(٣) الطامة : الداهية ، كما في مجمع البحرين ٦ ـ ١٠٧ ، والقاموس ٤ ـ ١٤٥.

(٤) في المصدر : وجلا أخاف ، وهو أظهر.

(٥) في المصدر : في الله ورسوله.

(٦) إرشاد الشيخ المفيد : ١٥١.

(٧) في المصدر : بك من بعدي.

(٨) إرشاد الشيخ المفيد : ١٥٦.

(٩) في المصدر : وقف على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له ..

(١٠) في الإرشاد : العجب فيكم ..

(١١) في المصدر : عدل بهذا ..

(١٢) في الإرشاد : نسبا وسببا ..

٥٥٧

وآله ، وفهما للكتاب؟!. فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا ابن دودان! إنك لقلق الوضين ، ضيق المخزم ، ترسل من غير (١) ذي مسد ، لك ذمامة (٢) الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم ، كانت أثرة سخت بها نفوس قوم وشحت عليها نفوس آخرين ( فدع عنك نهبا صيح في حجراته ) وهلم الخطب في أمر ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه ، ولا غرو ، بئس (٣) القوم ـ والله ـ من خفضني وهيني (٤) وحاولوا الإدهان في ذات الله ، هيهات ذلك مني (٥)! فإن تنحسر عنا محن البلوى أحملهم من الحق على محضه ، وإن تكن (٦) الأخرى ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ) ولا ( تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) (٧) ..

١٠ ـ د (٨) : في كتاب الإرشاد لكيفية الطلب في أئمة العباد تصنيف محمد ابن الحسن الصفار ، قال : وقد كفانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه المئونة (٩) في خطبة خطبها ، أودعها من البيان والبرهان ما يجلي الغشاوة عن أبصار متأمليه ، والعمى عن عيون متدبريه ، وحلينا هذا الكتاب بها (١٠) ليزداد المسترشدون في هذا الأمر بصيرة ، وهي منة الله جل ثناؤه علينا وعليهم يجب شكرها .. خطب صلوات الله عليه فقال : ما لنا ولقريش! وما تنكر منا قريش غير أنا أهل بيت شيد الله فوق بنيانهم بنياننا ، وأعلى فوق رءوسهم رءوسنا ، واختارنا الله عليهم ، فنقموا على الله

__________________

(١) في المصدر : ضيق المخرم ترسل غير ..

(٢) في (س) : زمانة ..

(٣) في المصدر : ويئس ، بدلا من : بئس.

(٤) في المصدر : من حفضي ومنيتي. وفي ( ك‍ ) : من خفضي وهنيتي ، وتقرأ ما في ( ك‍ ) : وهينتي. قال في القاموس ٢ ـ ٣٢٨ : حفضه : ألقاه وطرحه من يديه .. والعود : حناه وعطفه.

(٥) في المصدر : وهيهات ذلك مني وقد جدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا ..

(٦) في ( ك‍ ) : وإن لم تكن.

(٧) فاطر : ٨ ، المائدة : ٦ ، وفي المصدر : فلا تأس.

(٨) العدد القوية : ١٨٩ ـ ١٩٩ ، حديث ١٩.

(٩) في المصدر : المئونة. والمعنى واحد.

(١٠) في ( ك‍ ) توجد تحت كلمة ( بها ) لفظة : خطبة. ولعلها لبيان مرجع الضمير.

٥٥٨

أن اختارنا عليهم ، وسخطوا ما رضي (١) الله ، وأحبوا ما كره الله (٢) ، فلما اختارنا الله (٣) عليهم شركناهم في حريمنا ، وعرفناهم الكتاب والنبوة ، وعلمناهم الفرض والدين (٤) ، وحفظناهم الصحف والزبر ، وديناهم الدين والإسلام ، فوثبوا علينا ، وجحدوا فضلنا ، ومنعونا حقنا ، وألتونا أسباب أعمالنا وأعلامنا ، اللهم فإني أستعديك على قريش فخذ لي بحقي منها ، ولا تدع مظلمتي لديها ، وطالبهم ـ يا رب ـ بحقي ، فإنك الحكم العدل ، فإن قريشا صغرت عظيم أمري (٥) ، واستحلت المحارم مني ، واستخفت بعرضي وعشيرتي ، وقهرتني على ميراثي من ابن عمي (٦) وأغروا بي (٧) أعدائي ، ووتروا بيني وبين العرب والعجم ، وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدي (٨) ، ومنعوني ما خلفه أخي وجسمي (٩) وشقيقي ، وقالوا : إنك لحريص متهم! أليس بنا اهتدوا من متاه (١٠) الكفر ، ومن عمى الضلالة وعي (١١) الظلماء (١٢) ، أليس أنقذتهم (١٣) من الفتنة الصماء ، والمحنة العمياء؟ ويلهم (١٤)! ألم أخلصهم من نيران الطغاة ، وكرة العتاة ،

__________________

(١) في المصدر : ما رضا.

(٢) لا يوجد لفظ الجلالة في (س).

(٣) لا يوجد لفظ الجلالة في (س).

(٤) في ( ك‍ ) : الفرائض والسنن والدين.

(٥) في ( ك‍ ) نسخة : قدري.

(٦) في (س) نسخة : وأبي ، وخط عليها في ( ك‍ ) ، وهو الظاهر.

(٧) في المصدر : وأعزوا بي. وفي (س) : وأغزوا ..

(٨) في (س) : ووكدي.

(٩) في نسخة في ( ك‍ ) : وحميمي.

(١٠) جاء رمز نسخة بدل على كلمة : متاه. وتعرض المصنف رحمه‌الله لها في بيانه الآتي.

(١١) العي : التحير في الكلام ، كما في مجمع البحرين ١ ـ ٣١١. وقال في القاموس ٤ ـ ٣٦٨ : عي بالأمر : لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق أحكامه .. وعيي في المنطق عيا : حصر.

(١٢) نسخة في ( ك‍ ) : الجهالة.

(١٣) في (س) الكلمة مشوشة ، ولعلها انقذتهم أيضا.

(١٤) في المصدر : وبلهم. كذا.

٥٥٩

وسيوف البغاة ، ووطأة الأسد ، ومقارعة الطماطمة ، ومماحكة (١) القماقمة (٢) ، الذين كانوا عجم العرب ، وغنم الحروب ، وقطب الإقدام ، وجبال القتال ، وسهام الخطوب (٣) ، وسل السيوف ، أليس بي (٤) كان يقطع الدروع الدلاص ، وتصطلم الرجال الحراص ، وبي كان يفري جماجم البهم ، وهام الأبطال ، إذا فزعت (٥) تيم إلى الفرار ، وعدي إلى الانتكاص؟! أما وإني لو أسلمت قريشا للمنايا والحتوف ، وتركتها فحصدتها سيوف الغوانم ، ووطأتها خيول (٦) الأعاجم ، وكرات الأعادي ، وحملات الأعالي ، وطحنتهم سنابك الصافنات ، وحوافر الصاهلات ، في مواقف الأزل (٧) والهزل في ظلال الأعنة (٨) وبريق الأسنة ، ما بقوا لهضمي ، ولا عاشوا لظلمي ، ولما قالوا : إنك لحريص متهم! اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل ، اللهم ( افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ ) ، فإني مهدت مهاد نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورفعت أعلام دينك ، وأعلنت منار رسولك ، فوثبوا علي وغالبوني ونالوني وواتروني ..

فقام إليه أبو حازم الأنصاري فقال : يا أمير المؤمنين (ع)! أبو بكر وعمر ظلماك؟ أحقك أخذا؟ وعلى الباطل مضيا؟ أعلى حق كانا؟ أعلى صواب أقاما؟ أم ميراثك غصبا؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك؟ أو نعلم حقهما من حقك؟

__________________

(١) في ( ك‍ ) نسخة : ومجادلة.

(٢) في المصدر : القمامة.

(٣) في المصدر : الخطاب.

(٤) هنا سقط جاء في المصدر : تسموا الشرف ، وبي نالوا الحق والنصف. ألست آية نبوة محمد (ص) ودليل رسالته ، وعلامة رضاه وسخطه؟ أليس بي .. وفي ( ك‍ ) : أليس في.

(٥) في (س) : فرغت.

(٦) لا توجد : خيول في المصدر.

(٧) في (س) : الأراذل.

(٨) الأعنة ـ جمع العنان ـ للفرس كما في الصحاح ٦ ـ ٢١٦٦.

٥٦٠